Telegram Web
يخجل المرء أن يأسف على الحجارة وقد كان البذل أحمرَ إلى هذا الحدّ.
أخجل أن أفصح عن دموعي الّتي انهمرت عندما رأيت هذا الرّكام، كأنّه هبط على قلبي..

في هذا المكان،
تركت طفولتي وذكرياتي وضجيجهما..

تركتها معلّقةً على الجدران الّتي هبطت، تركت أصابعي مغروسةً في التّراب الّذي حفرت فيه عميقًا ذات يوم.
وتركت جسدي فوق سياج البيت الّذي تسلّقته مرارًا ومرارًا، وتركت صوتي معلّقًا بأطراف السّماء..

كم صرخت هنا، كم ضحكت، كم بكيت، كم شاكست، كم قفزت وركضت..


ثمّ بقيت حفنة التّراب هذه، عصيّة على النّسيان والاندثار، عنيدةً، صلبةً كالجنوب..

يا ربّ، كلّ هذا البذل والقهر بعينك وفداءٌ لما نؤمن به...

*الصّورة من "بيت جدّي" في عيترون الصّامدة القاهرة للاحتلال..

-مريم قوصان
لكنّني لست "إبراهيم" لتكون النّار الّتي في قلبي عليك "بردًا وسلامًا"..

مريم.
كان سؤالًا تركته لأيّام فوق شفتي
مثل خّيط مُنفلت في سترتي المُفضلّة
لم أستطع مُقاومة سحبه
رغم يقيني بأنّها قد تنحلّ كُلّها
من حولي؛

"هل تُحِبُني" ؟

مبهوتًا رَفعتَ رأسك عن فنجان قهوتك
تصلّبت تعابير وجهك
في ترددك وجدتُ اجابتي.

-لانج لييف
"إنّني وبطريقةٍ ما، أشعر بأنّي أودّ التّعبير عن شيءٍ لا يُعبّر، لا يمكنني أن أعامله على هيئة حديث، يبدو وكأنّه وُجد ليكون شعورًا فقط، تشعر به، يمرّ من خلالك، ولا يمكنك أن تراه أو تكتبه أو حتّى تشاركه كنوع من التّخفيف."
أربعون ألف سنةٍ من لغة الإنسان ولا يمكنك أن تجد حرفًا واحدًا يصف الشّعور الّذي بداخلك تمامًا.

-إميل سيوران
يبقى ألمًا، وإن اعتدت عليه.
لم يبق خمر من دماء رفاقي
صبّي دمشق الكاس من أحداقي

الجهل جيشٌ لم يميّز جمعهُ
بين الجِمال وبين عِير نياقِ

ظنّوا دخول الفاتحين وإنّما
قد شرّعوا الأبواب للسُّرَّاقِ

وتوهّموا صون الحرائرِ بل هُمُ
قد عرّضوا الأستار بالأسواقِ

يا شام..إن الجرح يفري مُهجتي
أنّي مضيتُ ورحتُ دون عناقِ

وتركت زينبَ.. آهِ زينبُ كيف لي
نظرٌ بعينكِ دونما استحقاقِ

أترى سنرجعُ..بل وحقّك إننا
سنعود حتماً فوق جنحِ براقِ

والله نرجع لو لقاها مصرعي
وكذا تكون مصارعُ العشاقِ

-عمار الكوفي
سألوا : لماذا لم تعد تحكي لنا
قصص الهوى بشقاوة العشرينِ !؟

- من أطفأ الزيت انتظاراً لم يجد
ما يشتهيه بقصفة الزيتون ِ

من افرغَ البستان من أزهاره
لن يملأ الصحراء بالدحنونِ

من لم يجد فنّاً سوى فنّ السكون
يموت بالحركات والتنوينِ

ما عدت أدري من أنا ! من أي طين قد خلقت بلحظة التكوينِ !؟

أنا كل أوجاع الذين رأيتهم
أنا دمعة من دمع كل حزينِ

أصبحتُ لا حسٌّ ولا خبرٌ لهم
من بعد ما داريتهم بعيوني

ديّنتهم قلبي ، وخانوا ، كيف أحيا دون قلب؟!
من يردّ ديوني !؟

من يسأل السنوات كيف عبرتُها
يعرف بأني ما عبرتُ سنيني

ما زلتُ علقانا بضحكة من أرى
بطريق وادي الليل بالطيونِ

لم يوقدوا غير الغياب ليخبزوا
دمعي ورجفة خافقي المجنون

طعّمتِ نيساناً بتشرينٍ !
فكيف أعيش
تشرينين من تشريني؟؟

مذ صار بيت الشعر يسكنه جنّاكِ ؛ الحزن والفقد.
خرّبتِ أبياتي وكل ثمينِ

خرّبتِ أحلامي وكنه حقيقتي
وطفيتِ نار مشاعري وجنوني

محمد حسن دهيني
"أبيع عمري كُلّه،
لمن يعرف في لياليِّ الحزينة،
أن يُصالحني على الأشياء،
ويُطمئنني معه على نفسي."
Forwarded from دفء، زينب قاروط (زَينَب)
إنّ أثمن وأعذب وأكثر الماء زَلالاً هو “ ماء الوجه ”.
يا فُقر من لم يكن في وجههِ ماء.
حتى أنّي بحثتُ عن طريقةٍ
أضع بها رأسي على كتفي وأبكي.

- عبدالله الإحيمر.
"أنا لا أجيد الحبّ القليل، كلّ جراحي هذه من كثرة حبّي."
"كنت حديقة الملح الّتي سرتُ نحوها حاملًا كلّ جراحاتي."
كل ما هَرهِر الدمعة
بتعترض، بتقوم :
" شو اللي بكي؟ "
" و لَيْش البكي ؟ ".
شاطر ع حزني تلوم،
كنّو خطيّة هالدّمع
ومْجَرَّم المحزون ؟

بوقّف بكي
بس رجّع اللي غابوا ...
وأمّن عليهم ... وصّلن
كل مين عند حبابو

بوقّف بكي بس خبّر الموت
ياخد نفس،
يسدل عن زنودو،
و حاج ... حاج يكشّر عن نيابو

-زينب موسى
في الهندسة المُقدّسة،
‏تستَنِدُ الجُدرانُ على صُورة.
نعيت في هذه الحرب ذاكرة طفولتي عدّة مرّات. سلبتنا هذه الأيّام الثّقال كثيرًا ممّن نحبّ وممّا نحبّ.

أكثر من شهرين ونحن نتأرجح بين خبرٍ وآخر، واحدٌ وسبعون يومًا وقلبنا يخاف حتّى أن يقرأ لك "الفاتحة" رغم أنّ كفّة استشهادك كانت أرجح من عودتك، لكنّه "الأمل"؛
-ما يبقينا على قيد الحياة-..
لكنّهم قالوا اليوم إنّك لن تعود...

هكذا إذًا؟
لله هذا الفقد، ما أوجعه..

كيف أرثي طفولتي، ذاكرتي، حنيني، وحفنة الأيّام الّتي لا تنسى بكلّ ما فيها..
كيف يمحو المرء من قلبه رائحة الجدران الّتي لعب حولها، والأزقّة الّتي ركض فيها، كيف يمحو المرء صوت النّداءات من رأسه، وأثر الأمس عن جلده؟

لا سامح الله هذا الغياب..

ننعى إلى صاحب الزّمان السّعيد جهاد مصطفى برجاوي (ابن خالتي) على طريق القدس. مقدامًا شجاعًا، كرّارًا غير فرّار، مواجهًا حيدريًّا، تحكي الجبهات ويحكي الرّفاق بطولاته وشجاعته..

لهفي على الأجساد في الفلوات، أو ربّما على الرّاحلين بلا أثر..
لهفي على من واسوا الحسين وفاطمة سلام الله عليهم..

لهفي على من لا أثر لهم ولا خبر...
2024/12/24 01:09:58
Back to Top
HTML Embed Code: