رمضان وتربية المجتمع على الصدق ..!!
الحمدُ لله معطي الجزيلَ لمنْ أطاعه ورَجَاه، وشديد العقاب لمن أعرضَ عن ذكره وعصاه، اجْتَبَى من شاء بفضلِهِ فقرَّبَه وأدْناه، وأبْعَدَ مَنْ شاء بعَدْلِه فولاَّه ما تَولاَّه، ... منْ تعدّى حدوده وأضاع حقُوقَه خسِر دينَه ودنياه،ومن التزم حدوده وأطاعه وفقه في الدنيا وحقق في الآخرة مناه أحْمدُه على ما تفضَّل به من الإِحسانِ وأعطاه، وأشْكره على نِعمهِ وفضله وما أوْلاه، وعد الصادقين بمغفرته وهداه وتفضل عليهم بمحبته ورضاه وأشهد أنْ لا إِله إلاَّ الله وحده لا شريك له الكاملُ في صفاتِهِ المتعالي عن النُّظَراءِ والأشْباءه، وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه اختاره ربه على البشر واصْطفاه، صلَّى الله عليه وعلى آلِهِ وأصحابه والتابعينَ لهم بإِحسانٍ ما انْشقَّ صبحُ وأشْرقَ ضِياه، وسلَّم تسليماً كثيراً أما بعــــد : -
عبــــــــاد الله :- إن من ثمرات الصيام وأهدافه أن يتربي المسلم على معاني الصدق في الأقوال والأفعال والنيات فالصوم يغرس في نفسه هذه القيمة العظيمة لتكون سلوكاً في حياته وصفة من صفاته .. فالصائم يدع طعامه وشرابه وشهوته طاعة لله ويستطيع أن يأكل ويشرب ويظهر لمن حوله أنه صائم لكن منعه من ذلك الصدق مع الله ... وقد يمتنع الصائم عن الطعام والشراب وسائر المفطرات وهذا لا يكفي حتى يسمى صائم ويكون صومه صحيح بل عليه كذلك أن يسعى لأن تصوم جوارحه ومن يفعل ذلك يكون صادقاً مع الله وصومه صحيح يقول الإمام ابن قيم الجوزية-رحمه الله-في كتابه «الوابل الصيب من الكلم الطيب» (ص46) وهو يصف الصائم الحق فقال:والصائمُ هو الذي صامت جوارحُه عن الآثام، ولسانُه عن الكذب والفحش وقول الزور، وبطنُه عن الطعام والشراب، وفرجُه عن الرَّفث، فإن تكلَّم لم يتكلم بما يجرحُ صومَه، وإن فعل لم يفعل ما يفسد صومَه، فيخرج كلامه كلُّه نافعًا صالحًا، وكذلك أعماله فهي بمنزلة الرائحة التي يَشُمها من جَالس حامل المسك، كذلك مَن جالس الصائم انتفع بمجالسته، وأَمِن فيها من الزُّور والكذب والفجور والظلم، هذا هو الصومُ المشروع لا مجرد الإمساك عن الطعام والشراب، ….اهـ .. ولأهمية الصدق واثر الصوم في تربية المسلم عليه فقد ربط صلى الله عليه وسلم بين صدق اللسان وسلامة المنطق وبين الصيام الحقيقي فقال:(مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) (رواه البخاري (1903) وكم من محروم لم يدرك ثمرة الصوم وغايته في تهذيب النفوس وعلاج الإختلالات في السلوك فالله سبحانه وتعالى لا يحتاج منك إلى ترك الطعام والشراب ولم تترك سوء الأخلاق والتي منها الكذب وقول الزور وتحريف الكلام وطمس الحقائق .. قال جابر بن عبد الله-رضي الله عنه-: ((إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَبَصَرُكَ وَلِسَانُكَ عَنِ الْكَذِبِ، وَدَعْ عَنْكَ أَذَى الْخَادِمِ، وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ سَكِينَةٌ وَوَقَارٌ، وَلَا تَجْعَلْ يَوْمَ صَوْمِكَ وَيَوْمَ فِطْرِكَ سَوَاءً)) البيهقي في «شعب الإيمان» (3374).
فما أحوجنا اليوم إلى أن نعود إلى خلق الصدق ونستفيد من رمضان ومن عبادة الصيام في تربية النفوس عليه في زمن أصبح هذا الخلق غريب ومفقود في كثير من جوانب حياتنا إلا من رحم الله .. و الصدق هو قول الحق والالتزام به ومطابقة الكلام للواقع وقد أمر الله -تعالى- بالصدق، فقال: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة: 119] ووصف الله نفسه بالصدق وكفى به شرفا قال تعالى: {ومن أصدق من الله قيلا} [النساء: 122] فلا أحد أصدق من الله قولا، ولا حديثاً ولا وعدا قال تعالى على لسان عباده في الدنيا وهم يجدون صدق الله في وعده: {هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله} [الأحزاب: 22] وفي الآخرة يقولون (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) (الزمر74) والصدق فيه النجاة في الدنيا والآخرة وفيه الثناء والذكر الحسن عند الله وعند الناس قال صلى الله عليه وسلم ( عليكم بالصدق ، فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق ، حتى يكتب عند الله صديقا ، وإياكم والكذب ، فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب ، حتى يكتب عند الله كذابا ) (رواه مسلم) فمن يحب أن يكتب عند الله كذاباً فيفضح عند أهل الأرض وعند أهل السماء ؟ والله تعالى يقول عنهم ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) (الزمر:60) والصدق مرتبط بالإيمان فقد فقد سأله الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: (يا رسول الله أيكون المؤمن جبانـًا ؟ قال : " نعم " ، فقيل له : أيكون المؤمن بخيلاً ؟ قال :
الحمدُ لله معطي الجزيلَ لمنْ أطاعه ورَجَاه، وشديد العقاب لمن أعرضَ عن ذكره وعصاه، اجْتَبَى من شاء بفضلِهِ فقرَّبَه وأدْناه، وأبْعَدَ مَنْ شاء بعَدْلِه فولاَّه ما تَولاَّه، ... منْ تعدّى حدوده وأضاع حقُوقَه خسِر دينَه ودنياه،ومن التزم حدوده وأطاعه وفقه في الدنيا وحقق في الآخرة مناه أحْمدُه على ما تفضَّل به من الإِحسانِ وأعطاه، وأشْكره على نِعمهِ وفضله وما أوْلاه، وعد الصادقين بمغفرته وهداه وتفضل عليهم بمحبته ورضاه وأشهد أنْ لا إِله إلاَّ الله وحده لا شريك له الكاملُ في صفاتِهِ المتعالي عن النُّظَراءِ والأشْباءه، وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه اختاره ربه على البشر واصْطفاه، صلَّى الله عليه وعلى آلِهِ وأصحابه والتابعينَ لهم بإِحسانٍ ما انْشقَّ صبحُ وأشْرقَ ضِياه، وسلَّم تسليماً كثيراً أما بعــــد : -
عبــــــــاد الله :- إن من ثمرات الصيام وأهدافه أن يتربي المسلم على معاني الصدق في الأقوال والأفعال والنيات فالصوم يغرس في نفسه هذه القيمة العظيمة لتكون سلوكاً في حياته وصفة من صفاته .. فالصائم يدع طعامه وشرابه وشهوته طاعة لله ويستطيع أن يأكل ويشرب ويظهر لمن حوله أنه صائم لكن منعه من ذلك الصدق مع الله ... وقد يمتنع الصائم عن الطعام والشراب وسائر المفطرات وهذا لا يكفي حتى يسمى صائم ويكون صومه صحيح بل عليه كذلك أن يسعى لأن تصوم جوارحه ومن يفعل ذلك يكون صادقاً مع الله وصومه صحيح يقول الإمام ابن قيم الجوزية-رحمه الله-في كتابه «الوابل الصيب من الكلم الطيب» (ص46) وهو يصف الصائم الحق فقال:والصائمُ هو الذي صامت جوارحُه عن الآثام، ولسانُه عن الكذب والفحش وقول الزور، وبطنُه عن الطعام والشراب، وفرجُه عن الرَّفث، فإن تكلَّم لم يتكلم بما يجرحُ صومَه، وإن فعل لم يفعل ما يفسد صومَه، فيخرج كلامه كلُّه نافعًا صالحًا، وكذلك أعماله فهي بمنزلة الرائحة التي يَشُمها من جَالس حامل المسك، كذلك مَن جالس الصائم انتفع بمجالسته، وأَمِن فيها من الزُّور والكذب والفجور والظلم، هذا هو الصومُ المشروع لا مجرد الإمساك عن الطعام والشراب، ….اهـ .. ولأهمية الصدق واثر الصوم في تربية المسلم عليه فقد ربط صلى الله عليه وسلم بين صدق اللسان وسلامة المنطق وبين الصيام الحقيقي فقال:(مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ) (رواه البخاري (1903) وكم من محروم لم يدرك ثمرة الصوم وغايته في تهذيب النفوس وعلاج الإختلالات في السلوك فالله سبحانه وتعالى لا يحتاج منك إلى ترك الطعام والشراب ولم تترك سوء الأخلاق والتي منها الكذب وقول الزور وتحريف الكلام وطمس الحقائق .. قال جابر بن عبد الله-رضي الله عنه-: ((إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَبَصَرُكَ وَلِسَانُكَ عَنِ الْكَذِبِ، وَدَعْ عَنْكَ أَذَى الْخَادِمِ، وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ سَكِينَةٌ وَوَقَارٌ، وَلَا تَجْعَلْ يَوْمَ صَوْمِكَ وَيَوْمَ فِطْرِكَ سَوَاءً)) البيهقي في «شعب الإيمان» (3374).
فما أحوجنا اليوم إلى أن نعود إلى خلق الصدق ونستفيد من رمضان ومن عبادة الصيام في تربية النفوس عليه في زمن أصبح هذا الخلق غريب ومفقود في كثير من جوانب حياتنا إلا من رحم الله .. و الصدق هو قول الحق والالتزام به ومطابقة الكلام للواقع وقد أمر الله -تعالى- بالصدق، فقال: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة: 119] ووصف الله نفسه بالصدق وكفى به شرفا قال تعالى: {ومن أصدق من الله قيلا} [النساء: 122] فلا أحد أصدق من الله قولا، ولا حديثاً ولا وعدا قال تعالى على لسان عباده في الدنيا وهم يجدون صدق الله في وعده: {هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله} [الأحزاب: 22] وفي الآخرة يقولون (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) (الزمر74) والصدق فيه النجاة في الدنيا والآخرة وفيه الثناء والذكر الحسن عند الله وعند الناس قال صلى الله عليه وسلم ( عليكم بالصدق ، فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق ، حتى يكتب عند الله صديقا ، وإياكم والكذب ، فإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب ، حتى يكتب عند الله كذابا ) (رواه مسلم) فمن يحب أن يكتب عند الله كذاباً فيفضح عند أهل الأرض وعند أهل السماء ؟ والله تعالى يقول عنهم ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) (الزمر:60) والصدق مرتبط بالإيمان فقد فقد سأله الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: (يا رسول الله أيكون المؤمن جبانـًا ؟ قال : " نعم " ، فقيل له : أيكون المؤمن بخيلاً ؟ قال :
نعم ، قيل له : أيكون المؤمن كذَّابـًا ؟ قال : " لا " ))(حديث صحيح) وضمن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتاً في الجنة لمن يلتزم بالصدق في أقواله وأفعاله فقال صلى الله عليه وسلم: (أنا زعيم ببيت في رَبَضِ الجنة (أطرافها) لمن ترك المراء وإن كان مُحِقَّا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حَسُن خلقه) [أبو داود].
أيها الصائمون /عبــاد الله :- والصدق يكون مع الله في الإلتزام بدينه وتطبيق أحكامه وتقديم حبه وحب رسوله صلى الله عليه وسلم على كل حب قال تعالى ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (الزمر:33) ويكون بإخلاص الأعمال والصدق في التوبة والإنابة ... فالصلاة والصيام والزكاة والحج وسائر العبادات يجب أن تكون لله في رمضان وغير رمضان في المنشط والمكره في العسر واليسر قال تعالى ( الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ) (آل عمران:17) والإستقامة على دين الله والمحافظة على العبادات وحب هذا الدين والتضحية من أجله شعار الصادقين وسبيل المؤمنين وسر نجاحهم و قد أثنى الله على المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لصدقهم وتحملهم والتزامهم بهذا الدين فقال تعالى ( لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) (الحشر:8) .... هذا عبدالله ذو البجادين رضي الله عنه مات أبوه وهو صغير فكفله عمه وأعطاه من ماله الشيء الكثير فلما أصبح شاباً وإذا به يسمع بمحمد صلى الله عليه وسلم وهجرته فاشتاقت نفسه للإسلام ولرسول الإسلام فاستأذن عمه للهجرة واللحاق رسول الله لكن عمه وقومه غضبوا منه وقال له عمه : والله لئن اتبعت محمداً لا أترك بيدك شيئاً كنت أعطيتك إلا نزعته منك وأخذ ماله وأغنامه وكل أمتعته ثم التفت إليه عمه فوجده في ثياب حسنة فطلبها منه , ولم يتردد عبدالله ذو البجادين بل خلع الثياب وردها على عمه حتى أصبح عارياً تحت حرارة الشمس وغبار الصحراء .. ولما رأت أمه ما حل به أشفقت عليه فلم تجد سوى (بجاد) أي كساء مخطط من صوف غليظ خشن , أعطته ولدها ليستتر به , فشقه نصفين , جعل نصفه إزاراً يستر به أسفل جسده , ونصفه ليستر أعلى جسده فلما وقف بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الحالة فرح النبي واستبشر بقدومه وحسن إسلامه وشارك مع النبي في غزواته ويوم تبوك في السنة 9 من الهجرة خرج مع جيش المسلمين وفي ليلة من الليالي يحدثنا عنها الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قمت في جوف الليل في تبوك : فرأيت شعلة نار في ناحية المعسكر قال: فاتبعتها أنظر إليها فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وإذا عبد الله ذو البجادين المزنيّ قد مات , وإذا هم قد حفروا له ورسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته وأبو بكر وعمر يدليانه إليه وهو يقول : أدنيا إلي أخاكما , فدلياه إليه , فلما وضعه في لحده قال: اللهم إني قد أمسيت راضٍ عنه فارض عنه ... يا لها من دعوة ويا له من وسام ويا لها من عظمة يقول ابن مسعود رضي الله عنه : ياليتني كنت صاحب هذه الحفرة ووالله لقد وددت لو كنت مكانه , ولقد أسلمت قبله بخمس عشر سنة ... إنه الصدق مع الله الذي بلغهم هذه المنازل العالية .
عبــــــــاد الله :- ويكون الصدق في الأقوال وفي الشهادة وفي النصح والدلالة على الخير والتحذير من الشر فلا يكذب المسلم في حديثه مع الآخرين، وقد عدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك من أكبر الخيانات فقال: (كَبُرَتْ خيانة أن تحدِّث أخاك حديثًا، هو لك مصدِّق، وأنت له كاذب) ( رواه أحمد) وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الكذب في الحديث وعدّه من النفاق فقال صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان) (متفق عليه) وحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهادة الزور وقول الزور وعده العلماء من كبائر الذنوب ... وما أكثر ما تضيع الحقوق والأموال ويرتكب الظلم وتطمس الحقائق بسبب قول الزور وشهادة الزور ... فالصدق في الأقوال يجب أن يكون واضحاً وجلياً في سلوك المسلم في أسرته وفي تعامله مع أولاده وجيرانه وفي وظيفته ومع طلابه وزملائه عن عبد الله بن عامر -رضي الله عنه- قال: دعتني أمي يومًا -ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا- فقالت: تعالَ أعطِك، فقال لها: (ما أردتِ أن تعطيه؟). قالت: أردتُ أن أعطيه تمرًا.
أيها الصائمون /عبــاد الله :- والصدق يكون مع الله في الإلتزام بدينه وتطبيق أحكامه وتقديم حبه وحب رسوله صلى الله عليه وسلم على كل حب قال تعالى ( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (الزمر:33) ويكون بإخلاص الأعمال والصدق في التوبة والإنابة ... فالصلاة والصيام والزكاة والحج وسائر العبادات يجب أن تكون لله في رمضان وغير رمضان في المنشط والمكره في العسر واليسر قال تعالى ( الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ) (آل عمران:17) والإستقامة على دين الله والمحافظة على العبادات وحب هذا الدين والتضحية من أجله شعار الصادقين وسبيل المؤمنين وسر نجاحهم و قد أثنى الله على المؤمنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لصدقهم وتحملهم والتزامهم بهذا الدين فقال تعالى ( لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) (الحشر:8) .... هذا عبدالله ذو البجادين رضي الله عنه مات أبوه وهو صغير فكفله عمه وأعطاه من ماله الشيء الكثير فلما أصبح شاباً وإذا به يسمع بمحمد صلى الله عليه وسلم وهجرته فاشتاقت نفسه للإسلام ولرسول الإسلام فاستأذن عمه للهجرة واللحاق رسول الله لكن عمه وقومه غضبوا منه وقال له عمه : والله لئن اتبعت محمداً لا أترك بيدك شيئاً كنت أعطيتك إلا نزعته منك وأخذ ماله وأغنامه وكل أمتعته ثم التفت إليه عمه فوجده في ثياب حسنة فطلبها منه , ولم يتردد عبدالله ذو البجادين بل خلع الثياب وردها على عمه حتى أصبح عارياً تحت حرارة الشمس وغبار الصحراء .. ولما رأت أمه ما حل به أشفقت عليه فلم تجد سوى (بجاد) أي كساء مخطط من صوف غليظ خشن , أعطته ولدها ليستتر به , فشقه نصفين , جعل نصفه إزاراً يستر به أسفل جسده , ونصفه ليستر أعلى جسده فلما وقف بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الحالة فرح النبي واستبشر بقدومه وحسن إسلامه وشارك مع النبي في غزواته ويوم تبوك في السنة 9 من الهجرة خرج مع جيش المسلمين وفي ليلة من الليالي يحدثنا عنها الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قمت في جوف الليل في تبوك : فرأيت شعلة نار في ناحية المعسكر قال: فاتبعتها أنظر إليها فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وإذا عبد الله ذو البجادين المزنيّ قد مات , وإذا هم قد حفروا له ورسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرته وأبو بكر وعمر يدليانه إليه وهو يقول : أدنيا إلي أخاكما , فدلياه إليه , فلما وضعه في لحده قال: اللهم إني قد أمسيت راضٍ عنه فارض عنه ... يا لها من دعوة ويا له من وسام ويا لها من عظمة يقول ابن مسعود رضي الله عنه : ياليتني كنت صاحب هذه الحفرة ووالله لقد وددت لو كنت مكانه , ولقد أسلمت قبله بخمس عشر سنة ... إنه الصدق مع الله الذي بلغهم هذه المنازل العالية .
عبــــــــاد الله :- ويكون الصدق في الأقوال وفي الشهادة وفي النصح والدلالة على الخير والتحذير من الشر فلا يكذب المسلم في حديثه مع الآخرين، وقد عدّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك من أكبر الخيانات فقال: (كَبُرَتْ خيانة أن تحدِّث أخاك حديثًا، هو لك مصدِّق، وأنت له كاذب) ( رواه أحمد) وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الكذب في الحديث وعدّه من النفاق فقال صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان) (متفق عليه) وحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهادة الزور وقول الزور وعده العلماء من كبائر الذنوب ... وما أكثر ما تضيع الحقوق والأموال ويرتكب الظلم وتطمس الحقائق بسبب قول الزور وشهادة الزور ... فالصدق في الأقوال يجب أن يكون واضحاً وجلياً في سلوك المسلم في أسرته وفي تعامله مع أولاده وجيرانه وفي وظيفته ومع طلابه وزملائه عن عبد الله بن عامر -رضي الله عنه- قال: دعتني أمي يومًا -ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا- فقالت: تعالَ أعطِك، فقال لها: (ما أردتِ أن تعطيه؟). قالت: أردتُ أن أعطيه تمرًا.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أما إنك لو لم تعطِه شيئًا كُتِبَتْ عليك كذبة) ( أبو داود ) والله تعالى يقول عن إسحاق ويعقوب عليهما السلام مبيناً فضله عليهم ( وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً) (مريم:50) و المذيع والصحفي في جريدته لا ينبغي له أن يختلق الأقوال الكاذبة والأخبار الكاذبة ليجذب الناس إليه فعليه أن يتحر الصدق .. إن هذه الأمة أمة صدق ومتى ما تخلى أبنائها عن هذا الخلق ظهرت فيه الخيانة وضاعت من حياتهم الأمانة وظهر بينهم التنازع والفشل وتسلط عليهم العدو وسقطوا من عين الله وعيون الناس .. فاللهم وفقنا لطاعتك وحسن عبادتك وزكي ألسنتنا وأعمال بالصدق يا أرحم الراحمين ... قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه .
الخطــــبة الثانــية : - عبــــــــاد الله :- ويكون الصدق في التعامل مع الآخرين فالمهندس والبناء والعامل والتاجر وصاحب المصنع يجب أن يقوم كل واحد منهم بواجبه فلا غش ولا خداع ولا انتهازية .. من صدق مع الله يجب أن يصدق مع خلقه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "الْبَيِّعَان ِبِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ـ اَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا ـ فَاِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَاِنْ كَتَمَا وكذبا محقت بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا ".". (صحيح البخاري).. والحاكم المسلم يجب أن يكون صادقاً مع أمته وشعبه ، صادق في حكمه وعدله ، صادق في رعايته لأمته وشعبه فلا وعود كاذبة أو مشاريع وهمية ، بل يكون ناصحاً وأميناً وصادقاً في قوله وفعله عند ذلك يسمع ويطاع و تحبه القلوب وتلهج بذكره والثناء عليه الألسن ويفتح الله له من توفيقه ورحمته ما يشاء وقد حذر صلى الله عليه وسلم من عدم الصدق في هذا المقام فقال : (ثلاثة لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم ولا يكلمهم يوم القيامة ولهم عذاب أليم قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: ((شيخ زانٍ، وملك كذاب، وعائل مستكبر ) (رواه مسلم( 107 )
أيها الصائمون /عبــاد الله :- إن الصوم يعلمنا الصدق بكل معانيه فمن صدق مع الله في عبادته لابد أن يصدق مع خلقه في سلوكه ومعاملاته ورسول الله صلى الله عليه وسلم وصف بالصدق حتى قبل البعثة وكان دينه الصدق من أول يوم وتربى أصحابه على ذلك وحمل المسلمون هذا الخلق في فتوحاتهم وتجارتهم ورحلاتهم إلى بلاد الدنيا وأصقاع الأرض فدخل الناس في دين الله أفواجاً .. فلنتحرى الصدق في اقوالنا وافعالنا ونستفيد من شهر رمضان وفريضة الصيام في تربية النفوس على ذلك فوالله أنه لا ينفع الإنسان يوم القيامة إلا صدقه ولنكثر من الدعاء (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً) (الاسراء:80 هذا وصلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين والحمد لله رب العالمين .
الخطــــبة الثانــية : - عبــــــــاد الله :- ويكون الصدق في التعامل مع الآخرين فالمهندس والبناء والعامل والتاجر وصاحب المصنع يجب أن يقوم كل واحد منهم بواجبه فلا غش ولا خداع ولا انتهازية .. من صدق مع الله يجب أن يصدق مع خلقه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "الْبَيِّعَان ِبِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ـ اَوْ قَالَ حَتَّى يَتَفَرَّقَا ـ فَاِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَاِنْ كَتَمَا وكذبا محقت بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا ".". (صحيح البخاري).. والحاكم المسلم يجب أن يكون صادقاً مع أمته وشعبه ، صادق في حكمه وعدله ، صادق في رعايته لأمته وشعبه فلا وعود كاذبة أو مشاريع وهمية ، بل يكون ناصحاً وأميناً وصادقاً في قوله وفعله عند ذلك يسمع ويطاع و تحبه القلوب وتلهج بذكره والثناء عليه الألسن ويفتح الله له من توفيقه ورحمته ما يشاء وقد حذر صلى الله عليه وسلم من عدم الصدق في هذا المقام فقال : (ثلاثة لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم ولا يكلمهم يوم القيامة ولهم عذاب أليم قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: ((شيخ زانٍ، وملك كذاب، وعائل مستكبر ) (رواه مسلم( 107 )
أيها الصائمون /عبــاد الله :- إن الصوم يعلمنا الصدق بكل معانيه فمن صدق مع الله في عبادته لابد أن يصدق مع خلقه في سلوكه ومعاملاته ورسول الله صلى الله عليه وسلم وصف بالصدق حتى قبل البعثة وكان دينه الصدق من أول يوم وتربى أصحابه على ذلك وحمل المسلمون هذا الخلق في فتوحاتهم وتجارتهم ورحلاتهم إلى بلاد الدنيا وأصقاع الأرض فدخل الناس في دين الله أفواجاً .. فلنتحرى الصدق في اقوالنا وافعالنا ونستفيد من شهر رمضان وفريضة الصيام في تربية النفوس على ذلك فوالله أنه لا ينفع الإنسان يوم القيامة إلا صدقه ولنكثر من الدعاء (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً) (الاسراء:80 هذا وصلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين والحمد لله رب العالمين .
كانوا قليلا من الليل ما يهجعون ..!!
الحمدُ للهِ الذي أنشأَ وبَرَا، وخلقَ الماءَ والثَّرى، وأبْدَعَ كلَّ شَيْء وذَرَا، لا يَغيب عن بصرِه صغيرُ النَّمْل في الليل إِذَا سَرى، ولا يَعْزُبُ عن علمه مثقالُ ذرةٍ في الأرض ولاَ في السَّماء، وأشهد أن لا اله إلا الله الذي لا تحيط به العقول والأوهام، المتفرد بالعظمة والبقاء والدوام، المتنزه عن النقائض ومشابهة الأنام، يرى ما في داخل العروق وبواطن العظام، ويسمع خفي الصوت ولطيف الكلام، إله رحيم كثير الإنعام، ورب قدير شديد الانتقام، قدر الأمور فأجراها على أحسن النظام، وشرع الشرائع فأحكمها أيما إحكام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل الأنام، صلى الله عليه وعلى سائر آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان على الدوام، وسلم تسليمًا كثيرًا.
عبّاد ليل إذا جنَّ الظلام بهم ** كم عابد دمعه في الخـدِّ أجراه
وأسد غاب إذا نادى الجهاد بهم ** هبُّوا إلى الموت يستجدون رؤياه
يا رب فابعث لنا من مثلهم نفـرا ** يشيـدون لنـا مجداً أضعنــاه أما بعد : -
عبــــــــاد الله :- روي في الأثر : أن الله سبحانه أوحى إلى داوود عليه السلام .. يــاداوود .. كذابٌ من أدعى محبتي وإذا جن الليل نام عني .. أليس كل حبيب يحب الخلوة بمحبوبه !؟ فها أنا مطلعٌ على أحبائي،أرى تضرعهم وأسمع أنينهم ، وأنظر إليهم .. ياداوود .. صلاة الليل نورٌ على وجه صاحبها يوم القيامة ، إن الليل لحاف الخائفين ولذة المتعبدين وأنس الطائفين .. ياداوود .. وعزتي وجلالي مامن عبدٍ هحر عرسه وفراشة وسارع إلى رضائي إلا عوضته في الجنة ألـذ من دنيــاه سبعييــن ضعــفـاً ... إن قيام الليل عبادة من العبادات الجليلة.. بها تكفر السيئات مهما عظمت.. وبها تقضى الحاجات مهما تعثرت.. وبها يُستجاب الدعاء ويزول المرض والداء.. وترفع الدرجات في دار الجزاء .. عبادة لا يلازمها إلا الصالحون، فهي دأبهم وشعارهم وهي ملاذهم وشغلهم .. قال تعالى : "إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " [السجدة، الآيات: 15-17] ووصفهم في موضع آخر , بقوله : "وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا " إلى أن قال : " أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا " [الفرقان، الآيات: 64-75] إن قيام الليل له لذة ، وفيه حلاوة وسعادة لا يشعر بها إلا من صف قدميه لله فى ظلمات الليل يعبد ربه ويشكو ذنبه ، ويناجى مولاه ، ويطلب جنته ، ويرجو رحمته ، ويخاف عذابه ، ويستعيذ من ناره قال تعالى عنهم: {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [الذاريات:18،17] قال الحسن: كابدوا الليل، ومدّوا الصلاة إلى السحر، ثم جلسوا في الدعاء والاستكانة والاستغفار... وقال تعالى: { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} [الزمر:9]. أي: هل يستوي من هذه صفته مع من نام ليله وضيّع نفسه، غير عالم بوعد ربه ولا بوعيده ؟! ... عن "السري" رحمه الله تعالى قال:دخلت سوق النخاسين، فرأيت جارية ينادى عليها بالبراءة من العيوب فاشتريتها بعشرة دنانير, فلما انصرفت بها -أي إلى المنزل- عرضت عليها الطعام فقالت لي : إني صائمة .. قال : فخرجت , فلما كان العشاء أتيتها بطعام فأكلت منه قليلا، ثم صلينا العشاء فجاءت إليّ و قالت :يا مولاي ...بقيت لك خدمة؟ قلت : لا .. قالت : "دعني إذاً مع مولاي الأكبر". قلت : لك ذلك فانصرفت إلى غرفة تصلي فيها, و رقدت أنا , فلما مضى من الليل الثلث ضربت الباب عليّ.. فقلت لها : ماذا تريدين؟.قالت : يا مولاي أما لك حظ من الليل؟. قلت : لا فذهبت، فلما مضى النصف منه ضربت علي الباب و قالت : يا مولاي , قام المتهجدون إلى وردهم وشمر الصالحون إلى حظهم قلت :
يا جارية أنا بالليل خشبة (أي جثة هامدة) و بالنهار جلبة (كثير السعي) ... فلما بقي من الليل الثلث الأخير : ضربت علي الباب ضربا عنيفا..
الحمدُ للهِ الذي أنشأَ وبَرَا، وخلقَ الماءَ والثَّرى، وأبْدَعَ كلَّ شَيْء وذَرَا، لا يَغيب عن بصرِه صغيرُ النَّمْل في الليل إِذَا سَرى، ولا يَعْزُبُ عن علمه مثقالُ ذرةٍ في الأرض ولاَ في السَّماء، وأشهد أن لا اله إلا الله الذي لا تحيط به العقول والأوهام، المتفرد بالعظمة والبقاء والدوام، المتنزه عن النقائض ومشابهة الأنام، يرى ما في داخل العروق وبواطن العظام، ويسمع خفي الصوت ولطيف الكلام، إله رحيم كثير الإنعام، ورب قدير شديد الانتقام، قدر الأمور فأجراها على أحسن النظام، وشرع الشرائع فأحكمها أيما إحكام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل الأنام، صلى الله عليه وعلى سائر آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان على الدوام، وسلم تسليمًا كثيرًا.
عبّاد ليل إذا جنَّ الظلام بهم ** كم عابد دمعه في الخـدِّ أجراه
وأسد غاب إذا نادى الجهاد بهم ** هبُّوا إلى الموت يستجدون رؤياه
يا رب فابعث لنا من مثلهم نفـرا ** يشيـدون لنـا مجداً أضعنــاه أما بعد : -
عبــــــــاد الله :- روي في الأثر : أن الله سبحانه أوحى إلى داوود عليه السلام .. يــاداوود .. كذابٌ من أدعى محبتي وإذا جن الليل نام عني .. أليس كل حبيب يحب الخلوة بمحبوبه !؟ فها أنا مطلعٌ على أحبائي،أرى تضرعهم وأسمع أنينهم ، وأنظر إليهم .. ياداوود .. صلاة الليل نورٌ على وجه صاحبها يوم القيامة ، إن الليل لحاف الخائفين ولذة المتعبدين وأنس الطائفين .. ياداوود .. وعزتي وجلالي مامن عبدٍ هحر عرسه وفراشة وسارع إلى رضائي إلا عوضته في الجنة ألـذ من دنيــاه سبعييــن ضعــفـاً ... إن قيام الليل عبادة من العبادات الجليلة.. بها تكفر السيئات مهما عظمت.. وبها تقضى الحاجات مهما تعثرت.. وبها يُستجاب الدعاء ويزول المرض والداء.. وترفع الدرجات في دار الجزاء .. عبادة لا يلازمها إلا الصالحون، فهي دأبهم وشعارهم وهي ملاذهم وشغلهم .. قال تعالى : "إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " [السجدة، الآيات: 15-17] ووصفهم في موضع آخر , بقوله : "وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا " إلى أن قال : " أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا " [الفرقان، الآيات: 64-75] إن قيام الليل له لذة ، وفيه حلاوة وسعادة لا يشعر بها إلا من صف قدميه لله فى ظلمات الليل يعبد ربه ويشكو ذنبه ، ويناجى مولاه ، ويطلب جنته ، ويرجو رحمته ، ويخاف عذابه ، ويستعيذ من ناره قال تعالى عنهم: {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [الذاريات:18،17] قال الحسن: كابدوا الليل، ومدّوا الصلاة إلى السحر، ثم جلسوا في الدعاء والاستكانة والاستغفار... وقال تعالى: { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} [الزمر:9]. أي: هل يستوي من هذه صفته مع من نام ليله وضيّع نفسه، غير عالم بوعد ربه ولا بوعيده ؟! ... عن "السري" رحمه الله تعالى قال:دخلت سوق النخاسين، فرأيت جارية ينادى عليها بالبراءة من العيوب فاشتريتها بعشرة دنانير, فلما انصرفت بها -أي إلى المنزل- عرضت عليها الطعام فقالت لي : إني صائمة .. قال : فخرجت , فلما كان العشاء أتيتها بطعام فأكلت منه قليلا، ثم صلينا العشاء فجاءت إليّ و قالت :يا مولاي ...بقيت لك خدمة؟ قلت : لا .. قالت : "دعني إذاً مع مولاي الأكبر". قلت : لك ذلك فانصرفت إلى غرفة تصلي فيها, و رقدت أنا , فلما مضى من الليل الثلث ضربت الباب عليّ.. فقلت لها : ماذا تريدين؟.قالت : يا مولاي أما لك حظ من الليل؟. قلت : لا فذهبت، فلما مضى النصف منه ضربت علي الباب و قالت : يا مولاي , قام المتهجدون إلى وردهم وشمر الصالحون إلى حظهم قلت :
يا جارية أنا بالليل خشبة (أي جثة هامدة) و بالنهار جلبة (كثير السعي) ... فلما بقي من الليل الثلث الأخير : ضربت علي الباب ضربا عنيفا..
و قالت : أما دعاك الشوق إلى مناجاة الملك, قدم لنفسك و خذ مكاناً فقد سبقك الخُدام قال السري : فهاج مني كلامها و قمت فأسبغت الوضوء و ركعت ركعات ، ثم تحسست هذه الجارية في ظلمة الليل فوجدتها ساجدة و هي تقول : " الهي بحبك لي إلا غفرت لي " فقلت لها : يا جارية..و من أين علمت أنه يحبك؟. قالت :لولا محبته ما أقامني وأنامك .. فقلت: اذهبي فأنت حرة لوجه الله العظيم..فدعت ثم خرجت و هي تقول : " هذا العتق الأصغر بقي العتق الأكبر" (أي من النار)
عبــــــــاد الله :- لقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على قيام الليل ورغّب فيه، فقال عليه الصلاة والسلام: {عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم،ومطردة للداء عن الجسد}[رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني/4079).. جاء في كتاب " الوصفات المنزلية المجربة و أسرار الشفاء الطبيعية " و هو كتاب يالانجليزيه لمجموعه من المؤلفين الامريكيين – طبعة 1993 ، أن القيام من الفراش أثناء الليل و الحركة البسيطة داخل المنزل و القيام ببعض التمرينات الرياضية الخفيفة ، و تدليك الأطراف بالماء ، و التنفس بعمق له فوائد صحية عديدة وهو ما ذكر في الحديث ومن هذه الفوائد .. أن قيام الليل يؤدي إلى تقليل إفراز هرمون الكورتيزول مما يقي من الزيادة المفاجئة في مستوي سكر الدم ، و الذي يشكل خطورة علي مرضي السكر ، و يقلل كذلك من الارتفاع المفاجئ في ضغط الدم ، و يقي من السكتة المخية و الأزمات القلبية في المرضى المعرضين لذلك .. كذلك يقلل قيام الليل من مخاطر تخثر الدم في وريد العين الشبكي .. و يؤدي قيام الليل إلى تحسن و ليونة في مرضى التهاب المفاصل المختلفة ، سواء كانت روماتيزمية أو غيرها نتيجة الحركة الخفيفة و التدليك بالماء عند الوضوء .. كما يؤدي قيام الليل إلى تخلص الجسد من ما يسمي بالجليسيرات الثلاثية ( نوع من الدهون ) التي تتراكم في الدم خصوصا بعد تناول العشاء المحتوي علي نسبه عالية من الدهون. التي تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض شرايين القلب التاجية بنسبة 32% في هؤلاء المرضي مقارنة بغيرهم ... كما أن قيام الليل ينشط الذاكرة و ينبه وظائف المخ الذهنية المختلفة لما فيه من قراءة و تدبر للقرآن و ذكر للأدعية و استرجاع لأذكار الصباح و المساء . فيقي من أمراض الزهايمر و خرف الشيخوخة و الاكتئاب و غيرها ... فمن علم محمد صلى الله عليه وسلم كل ذلك ؟ إنه الله القائل ( وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) (صّ:88).. عن عبدالله المكي قال كانت حبيبة العدوية إذا جاء الليل قامت على سطح بيت لها وشدت عليها درعها وخمارها ثم قالت إلهى قد غارت النجوم ونامت العيون وغلقت الملوك أبوابها وخلا كل حبيب بحبيبه وهذا مقامي بين يديك ثم تقبل على صلاتها فإذا طلع الفجر قالت إلهي هذا الليل قد أدبر وهذا النهار قد أسفر فليت شعري أقبلت منى ليلتي فأهنا أم رددتها على فأعزى وعزتك لهذا دأبي ودأبك ما أبقيتني وعزتك لو انتهرتني عن بابك ما برحت لما وقع في نفسي من جودك وكرمك عبــــــــاد الله :- ها هي العشر الأواخر من رمضان وفيها من الفضل والثواب الشيء الكثير من حرمها فقد حرم خيراً كثيراً فلماذا لا نكثر فيها من قراءة القرآن والذكر والصدقة وإخراج الزكاة والإعتكاف في المساجد وصلاة التراويح و صلاة القيام تقول عائشة رضي الله عنها عنه : (كَانَ النَّبِيُّ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْيَا لَيْلَهُ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ ) ( رواه البخاري ) وكان يقوم الليل حتى تتفطر، قدماه فترحم عائشة هذا الجهد منه، وتقول له: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فيرد عليها ويقول : ((أَفَلَا أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا)) وفي هذه العشر ليلة القدر وهي خيرٌ من ألف شهر من قامها نال خيراً كثيرا قال صلى الله عليه وسلم : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه) ( متفق عليه) إن شرف المؤمن وعزه واستغناءه عن الناس لا يكون في ماله مهما كثر ولا في جاهه ومنصبه مهما علا إنما يكون في قيام الليل قال صلى الله عليه وسلم : { أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس } [رواه الحاكم والبيهقي وحسنه المنذري والألباني] إنه .. عندما تطلب العزة من غير مصدرها فلن يكون هناك إلا الذل والهوان وعندما يطلب الشرف والرفعة والمكانة العالية من غير وجهتها الصحيحة فلن تكون هناك إلا الوضاعة والدناءة وأمة الإسلام اليوم أفراداً وشعوباً وحكومات يجب أن تعود لعزتها وريادتها وقيادتها لهذا العالم ولن يكون هذا إلا بعبودية الله والخضوع والتسليم لحكمه والإقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم وتربية الروح قبل الجسد ومن نظر في تاريخ الأمة وجد أن إنطلاقها من محراب
عبــــــــاد الله :- لقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على قيام الليل ورغّب فيه، فقال عليه الصلاة والسلام: {عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم،ومطردة للداء عن الجسد}[رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني/4079).. جاء في كتاب " الوصفات المنزلية المجربة و أسرار الشفاء الطبيعية " و هو كتاب يالانجليزيه لمجموعه من المؤلفين الامريكيين – طبعة 1993 ، أن القيام من الفراش أثناء الليل و الحركة البسيطة داخل المنزل و القيام ببعض التمرينات الرياضية الخفيفة ، و تدليك الأطراف بالماء ، و التنفس بعمق له فوائد صحية عديدة وهو ما ذكر في الحديث ومن هذه الفوائد .. أن قيام الليل يؤدي إلى تقليل إفراز هرمون الكورتيزول مما يقي من الزيادة المفاجئة في مستوي سكر الدم ، و الذي يشكل خطورة علي مرضي السكر ، و يقلل كذلك من الارتفاع المفاجئ في ضغط الدم ، و يقي من السكتة المخية و الأزمات القلبية في المرضى المعرضين لذلك .. كذلك يقلل قيام الليل من مخاطر تخثر الدم في وريد العين الشبكي .. و يؤدي قيام الليل إلى تحسن و ليونة في مرضى التهاب المفاصل المختلفة ، سواء كانت روماتيزمية أو غيرها نتيجة الحركة الخفيفة و التدليك بالماء عند الوضوء .. كما يؤدي قيام الليل إلى تخلص الجسد من ما يسمي بالجليسيرات الثلاثية ( نوع من الدهون ) التي تتراكم في الدم خصوصا بعد تناول العشاء المحتوي علي نسبه عالية من الدهون. التي تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض شرايين القلب التاجية بنسبة 32% في هؤلاء المرضي مقارنة بغيرهم ... كما أن قيام الليل ينشط الذاكرة و ينبه وظائف المخ الذهنية المختلفة لما فيه من قراءة و تدبر للقرآن و ذكر للأدعية و استرجاع لأذكار الصباح و المساء . فيقي من أمراض الزهايمر و خرف الشيخوخة و الاكتئاب و غيرها ... فمن علم محمد صلى الله عليه وسلم كل ذلك ؟ إنه الله القائل ( وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) (صّ:88).. عن عبدالله المكي قال كانت حبيبة العدوية إذا جاء الليل قامت على سطح بيت لها وشدت عليها درعها وخمارها ثم قالت إلهى قد غارت النجوم ونامت العيون وغلقت الملوك أبوابها وخلا كل حبيب بحبيبه وهذا مقامي بين يديك ثم تقبل على صلاتها فإذا طلع الفجر قالت إلهي هذا الليل قد أدبر وهذا النهار قد أسفر فليت شعري أقبلت منى ليلتي فأهنا أم رددتها على فأعزى وعزتك لهذا دأبي ودأبك ما أبقيتني وعزتك لو انتهرتني عن بابك ما برحت لما وقع في نفسي من جودك وكرمك عبــــــــاد الله :- ها هي العشر الأواخر من رمضان وفيها من الفضل والثواب الشيء الكثير من حرمها فقد حرم خيراً كثيراً فلماذا لا نكثر فيها من قراءة القرآن والذكر والصدقة وإخراج الزكاة والإعتكاف في المساجد وصلاة التراويح و صلاة القيام تقول عائشة رضي الله عنها عنه : (كَانَ النَّبِيُّ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْيَا لَيْلَهُ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ ) ( رواه البخاري ) وكان يقوم الليل حتى تتفطر، قدماه فترحم عائشة هذا الجهد منه، وتقول له: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ فيرد عليها ويقول : ((أَفَلَا أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا)) وفي هذه العشر ليلة القدر وهي خيرٌ من ألف شهر من قامها نال خيراً كثيرا قال صلى الله عليه وسلم : ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه) ( متفق عليه) إن شرف المؤمن وعزه واستغناءه عن الناس لا يكون في ماله مهما كثر ولا في جاهه ومنصبه مهما علا إنما يكون في قيام الليل قال صلى الله عليه وسلم : { أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس } [رواه الحاكم والبيهقي وحسنه المنذري والألباني] إنه .. عندما تطلب العزة من غير مصدرها فلن يكون هناك إلا الذل والهوان وعندما يطلب الشرف والرفعة والمكانة العالية من غير وجهتها الصحيحة فلن تكون هناك إلا الوضاعة والدناءة وأمة الإسلام اليوم أفراداً وشعوباً وحكومات يجب أن تعود لعزتها وريادتها وقيادتها لهذا العالم ولن يكون هذا إلا بعبودية الله والخضوع والتسليم لحكمه والإقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم وتربية الروح قبل الجسد ومن نظر في تاريخ الأمة وجد أن إنطلاقها من محراب
العبادة كان سبب نصرتها وعزتها وتمكينها في الأرض وإن أبواب العزة والكرامة والجهاد لا يطرقها إلا عباد الليل، والشجاعة لا تسقى إلا بدموع الساجدين، ولم يعرف الإسلام رجاله إلا كذلك
يحيــون ليلهم بطاعة ربهـم *** بتلاوة وتضرع وسـؤال
وعيونهم تجرى بفيض دموعهم *** مثل انهمال الوابل الهطال
في الليل رهبان وعند جهادهم *** لعدوهم من أشجع الأبطال
وإذا بــدا علم الرهان رأيتهم *** يتسابقون بصالح الأعمال
بوجوههم أثر السجــود لربهم *** وبها أشعة نـوره المتلالي
إن القيام بالعبادات والمداومة عليها والحرص على أدائها واستغلال أوقاتها عنوانٌ على كمال الإيمان وصدق العمل وإخلاص القلب وهي طريق لسعادة الدنيا والآخرة وبها تستجلب الخيرات وتدفع المصائب والكوارث والنقمات وبها تصح الأجساد وتعمر البيوت وتحيا المجتمعات ويوم القيامة ترفع بها الدرجات ... كان منصور بن المعتمر يصلي الليل على سطح بيته وهكذا طوال حياته، فلما مات، قال غلام لأمه: يا أماه: الجذع الذي كان في سطح جيراننا لم نعد نراه ؟ قالت: بابني ليس ذاك بجذع، ذاك منصور قد مات.. و لما احتضر عبد الرحمن بن الأسود .. فبكى .. فقيل له :ما يبكيك !! وأنت من أنت في العبادة والصلاح والخشوع والزهد .. فقال : أبكي والله .. أسفاً على الصلاة والصيام والذكر والقيام .. ثمّ لم يزل يتلو حتى مات .. أما يزيد الرقاشي فإنه لما نزل به الموت .. أخذ يبكي ويقول : من يصلي لك يا يزيد إذا متّ ؟ ومن يصوم لك ؟ ومن يستغفر لك من الذنوب .. ثم تشهد ومات .. ونحن نقول من يصلي لك أيها المسلم ومن يصوم ويزكي وينفق عنك إذا لم تقم أنت بذلك وتستغل نفحات الرحمن ورياح الإيمان وها نحن فيها في هذه الأيام المباركات .. اللهم يا سامع الدعوات ، ويا مقيل العثرات ، ويا غافر الزلات : اجعلنا من عبادك التائبين ، ولا تردنا عن بابك مطرودين واغفر لنا ذنوبنا أجمعين . .. قلت ما سمعتم
الخطــــبة الثانية : - عبــــــــاد الله :- عندما وصف الله سبحانه وتعالى عباده بقيام الليل والتضرع بين يديه وصفهم بعد ذلك مباشرة بالجود والكرم والإنفاق فقال تعالى (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " [السجدة، الآيات: 15-17] فالذي لا ينفق أمواله في أبواب الخير وفي منافع العباد من حوله حسب قدراته وطاقته لا يوفق للقبول عند الله ولا ينتفع بطاعة ولا يتلذذ بعبادة لأن حب المال في قلبه سيطغى كل حب .. وفي شهر رمضان يكون الإنفاق أعظم لأنه يتزامن مع الصيام والقيام وقراءة القرآن فكيف بمسلم يقرأ قول الله عز وجل (مَنْ ذا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً} (البقرة /245( أو يقرأ أو يسمع قول الله عز وجل ( وَمَا أَنفَقْتُمْ مّن شَىْء فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ (سبأ:39) ... ثم لا يسارع إلى الإنفاق والبذل والعطاء .. عبــــــــاد الله : - لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس في رمضان وغير رمضان ... أخرج البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، وكان يدارسه القرآن في كل ليلة من ليالي رمضان، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة) وفي الحديث القدسي (قال الله عز وجل: أنفق يا ابن آدم أنفق عليك) (البخاري ومسلم) .. في عام الرمادة وقد بلغ الفقر والجوع بالمسلمين مبلغاً عظيماً جاءتْ قافلةٌ لعُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ مُؤَلَّفة ٌمِن أْلفِ بَعْيِرٍ مُحَمَّلَة ٌ بالتَّمْرِ والزَّبيْبِ والزَّيْتِ وغيرِها من ألوانِ الطعامِ، فجاءَهُ تُجّارُ المدينةِ المُنَوَّرَةِ مِنْ أَجْلِ شِرائِها منه، وقالُوا لهُ: - نُعْطيكَ ربحاً بَدَلَ الدِّرْهَمَ دِرْهَمَينِ يا عثمان.. قالَ عثمانُ: لقد أُعْطِيْتُ أكثرَ مِنْ هذا.. قالوا: نَزِيْدُكَ الدِّرْهَمَ بخَمْسة قالَ لَهُمْ: لَقَدْ زادنَي غيرُكم.. الدِّرْهَمَ بَعَشَرة... قالوا له: مَنِ ذا الذي زادَكَ، ولَيْسَ في المدينةِ تُجّارٌ غيرُنا؟قالَ عثمانُ: أَلَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَ اللهِ تعالى ( مَنْ جاءَ بالحَسَنَةِ فلهُ عَشْرُ أمثاِلها )... أُشْهِدُكُمْ أنّي قَدْ بِعْتُها للهِ ورسولهِ. فأنفقها في سبيل الله أن القضية ليست قضية ربح الدنيا وما فيها ولكن القضية التي ينبغي أن يسعى لها كل مسلم هي ربح الآخرة .. فانفقوا رحمكم الله وقدموا لأنفسكم ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون واستغلوا ما تبقى من رمضان بالأعمال الصالحات ...
يحيــون ليلهم بطاعة ربهـم *** بتلاوة وتضرع وسـؤال
وعيونهم تجرى بفيض دموعهم *** مثل انهمال الوابل الهطال
في الليل رهبان وعند جهادهم *** لعدوهم من أشجع الأبطال
وإذا بــدا علم الرهان رأيتهم *** يتسابقون بصالح الأعمال
بوجوههم أثر السجــود لربهم *** وبها أشعة نـوره المتلالي
إن القيام بالعبادات والمداومة عليها والحرص على أدائها واستغلال أوقاتها عنوانٌ على كمال الإيمان وصدق العمل وإخلاص القلب وهي طريق لسعادة الدنيا والآخرة وبها تستجلب الخيرات وتدفع المصائب والكوارث والنقمات وبها تصح الأجساد وتعمر البيوت وتحيا المجتمعات ويوم القيامة ترفع بها الدرجات ... كان منصور بن المعتمر يصلي الليل على سطح بيته وهكذا طوال حياته، فلما مات، قال غلام لأمه: يا أماه: الجذع الذي كان في سطح جيراننا لم نعد نراه ؟ قالت: بابني ليس ذاك بجذع، ذاك منصور قد مات.. و لما احتضر عبد الرحمن بن الأسود .. فبكى .. فقيل له :ما يبكيك !! وأنت من أنت في العبادة والصلاح والخشوع والزهد .. فقال : أبكي والله .. أسفاً على الصلاة والصيام والذكر والقيام .. ثمّ لم يزل يتلو حتى مات .. أما يزيد الرقاشي فإنه لما نزل به الموت .. أخذ يبكي ويقول : من يصلي لك يا يزيد إذا متّ ؟ ومن يصوم لك ؟ ومن يستغفر لك من الذنوب .. ثم تشهد ومات .. ونحن نقول من يصلي لك أيها المسلم ومن يصوم ويزكي وينفق عنك إذا لم تقم أنت بذلك وتستغل نفحات الرحمن ورياح الإيمان وها نحن فيها في هذه الأيام المباركات .. اللهم يا سامع الدعوات ، ويا مقيل العثرات ، ويا غافر الزلات : اجعلنا من عبادك التائبين ، ولا تردنا عن بابك مطرودين واغفر لنا ذنوبنا أجمعين . .. قلت ما سمعتم
الخطــــبة الثانية : - عبــــــــاد الله :- عندما وصف الله سبحانه وتعالى عباده بقيام الليل والتضرع بين يديه وصفهم بعد ذلك مباشرة بالجود والكرم والإنفاق فقال تعالى (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " [السجدة، الآيات: 15-17] فالذي لا ينفق أمواله في أبواب الخير وفي منافع العباد من حوله حسب قدراته وطاقته لا يوفق للقبول عند الله ولا ينتفع بطاعة ولا يتلذذ بعبادة لأن حب المال في قلبه سيطغى كل حب .. وفي شهر رمضان يكون الإنفاق أعظم لأنه يتزامن مع الصيام والقيام وقراءة القرآن فكيف بمسلم يقرأ قول الله عز وجل (مَنْ ذا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً} (البقرة /245( أو يقرأ أو يسمع قول الله عز وجل ( وَمَا أَنفَقْتُمْ مّن شَىْء فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ (سبأ:39) ... ثم لا يسارع إلى الإنفاق والبذل والعطاء .. عبــــــــاد الله : - لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس في رمضان وغير رمضان ... أخرج البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، وكان يدارسه القرآن في كل ليلة من ليالي رمضان، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة) وفي الحديث القدسي (قال الله عز وجل: أنفق يا ابن آدم أنفق عليك) (البخاري ومسلم) .. في عام الرمادة وقد بلغ الفقر والجوع بالمسلمين مبلغاً عظيماً جاءتْ قافلةٌ لعُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ مُؤَلَّفة ٌمِن أْلفِ بَعْيِرٍ مُحَمَّلَة ٌ بالتَّمْرِ والزَّبيْبِ والزَّيْتِ وغيرِها من ألوانِ الطعامِ، فجاءَهُ تُجّارُ المدينةِ المُنَوَّرَةِ مِنْ أَجْلِ شِرائِها منه، وقالُوا لهُ: - نُعْطيكَ ربحاً بَدَلَ الدِّرْهَمَ دِرْهَمَينِ يا عثمان.. قالَ عثمانُ: لقد أُعْطِيْتُ أكثرَ مِنْ هذا.. قالوا: نَزِيْدُكَ الدِّرْهَمَ بخَمْسة قالَ لَهُمْ: لَقَدْ زادنَي غيرُكم.. الدِّرْهَمَ بَعَشَرة... قالوا له: مَنِ ذا الذي زادَكَ، ولَيْسَ في المدينةِ تُجّارٌ غيرُنا؟قالَ عثمانُ: أَلَمْ تَسْمَعُوا قَوْلَ اللهِ تعالى ( مَنْ جاءَ بالحَسَنَةِ فلهُ عَشْرُ أمثاِلها )... أُشْهِدُكُمْ أنّي قَدْ بِعْتُها للهِ ورسولهِ. فأنفقها في سبيل الله أن القضية ليست قضية ربح الدنيا وما فيها ولكن القضية التي ينبغي أن يسعى لها كل مسلم هي ربح الآخرة .. فانفقوا رحمكم الله وقدموا لأنفسكم ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون واستغلوا ما تبقى من رمضان بالأعمال الصالحات ...
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، وأجعل الموت راحة لنا من كل شر، ... هذا وصلوا وسلموا على محمد خير البرية ورسول الإنسانية صلى الله عليه وعلى آله وسلم ....... والحمد لله رب العالمين .
الثلث الأخير من رمضــــان ..!!
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، الحمد لله الذي خلق الأرض والسموات ، الحمد لله الذي علم العثرات ، فسترها على أهلها وانزل الرحمات ، ثم غفرها لهم ومحا السيئات ، فله الحمد ملئ خزائن البركات ، وله الحمد ما تتابعت بالقلب النبضات ، وله الحمد ما تعاقبت الخطوات ، وله الحمد عدد حبات الرمال في الفلوات ، وعدد ذرات الهواء في الأرض والسماوات ، وعدد الحركات والسكنات ، وأشهد أن لا إله إلا الله لا مفرج للكربات إلا هو ، ولا مقيل للعثرات إلا هو ، ولا مدبر للملكوت إلا هو ، ولا سامع للأصوات إلا هو ، ما نزل غيث إلا بمداد حكمته ، وما انتصر دين إلا بمداد عزته ، وما اقشعرت القلوب إلا من عظمته ، وما سقط حجر من جبل إلا من خشيته ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله قام في خدمته ، وقضى نحبه في الدعوة لعبادته ، واقام اعوجاج الخلق بشريعته ، وعاش للتوحيد ففاز بخلته ، وصبر على دعوته فارتوى من نهر محبته ، .. صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه واستن بسنته وسلم تسليمًا كثيرا إلى يوم الدين أما بعــــد :
أيها المؤمنون : ها هي العشر الآواخر من رمضان تحل علينا ، وهي الثلث الأخير من رمضان ولها فضائل عظيمة ، فاستدركوا ـ رحمكم الله ، هذه العشر الأواخر بالمسارعة إلى المكارم والخيرات واغتنامِ الفضائل والقرُبات، ومن أحسن فعليه بالتمام، ومن فرَّط فليختم بالحسنى فالعمل بالخِتام قال تعالى ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (يونس:26) ... واستغلوها واستفيدوا من فضائلها فمن لم يختم قراءة القران فليكمل ما تبقى عليه من آياته وسوره ومن أكمل فليضاعف من حسناته وأجوره فكتاب الله لا تمله النفوس ولا تشبع منه القلوب فهو منهج أمة ودستور حياة ... عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ ) ( رواه أحمد ) ...
ولقد رسم رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم للأمَّة في هذه العَشْر خيرَ نَهجٍ يوصِل إلى الغاية الحميدة ومنازل السعداء؛ ففي "الصحيحين" عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – كان إذا دخل العَشْر، شدَّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله"، وذلك مما يُشعِر بالاهتمام العظيم بالعبادة، والتفرُّغ لها، والانقطاع إليها عن كلِّ شاغِل. وعنها أيضًا: "أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العَشْر الأواخر من رمضان حتى توفَّاه الله"؛ أي يلزم المسجد لا يبرحه، ولا يشتغِل بغير العبادة فيها؛ اغتنامًا للفرصة، وسَيْرًا على نهج الصالحين، فإن الفرصة إذا أفلتت كانت حسرةً وندامة، وليس لأحدٍ علمٌ بطول العمر، ليستدرك في المستقبل ما فاته في الماضي، وليشتغل بصالح العمل ليدرك الأمل، إنما هي أنفاسٌ معدودة، وآجالُ محدودة، فمَن اغتنم فيها الفرصة الحاضرة، وتاجر في الأعمال الصالحة - ربح المَغْنَم.
ومن لم يستطع الاعتكاف لسبب ما ، فلا تضيع عليه العشر الأواخر من رمضان دون فائدة، فليحرص على صلاة التراويح والقيام ويتحرى ليلة القدر ويكثر من قراءة القرآن والذكر والدعاء وسائر العبادات والطاعات والقربات.
عباد الله: لقد خص الله تعالى العشر الأواخر بليلة القدر وهذه الليلة لها فضائل عظيمة : منها أنه نزل فيها القرآن ، كما تقدّم ، قال ابن عباس وغيره : أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا ، ثم نزل مفصلاً بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووصْفها بأنها خير من ألف شهر في قوله : ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) (سورة القدر الآية/3 ) .. ووصفها بأنها مباركة في قوله : ( إنا أنزلنه في ليلة مباركة ) (الدخان الآية 3) .
ومن فضائلها: أنها تنزل فيها الملائكة ، والروح ، " أي يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها ، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة ، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن ، ويحيطون بحِلَق الذِّكْر ، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيماً له " أنظر تفسير ابن كثير 4/531 والروح هو جبريل عليه السلام وقد خصَّه بالذكر لشرفه .
ووصفها بأنها سلام ، أي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا أو يعمل فيها أذى كما قاله مجاهد (تفسير ابن كثير 4/531) ، وتكثر فيها السلامة من العقاب والعذاب بما يقوم العبد من طاعة الله عز وجل .
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، الحمد لله الذي خلق الأرض والسموات ، الحمد لله الذي علم العثرات ، فسترها على أهلها وانزل الرحمات ، ثم غفرها لهم ومحا السيئات ، فله الحمد ملئ خزائن البركات ، وله الحمد ما تتابعت بالقلب النبضات ، وله الحمد ما تعاقبت الخطوات ، وله الحمد عدد حبات الرمال في الفلوات ، وعدد ذرات الهواء في الأرض والسماوات ، وعدد الحركات والسكنات ، وأشهد أن لا إله إلا الله لا مفرج للكربات إلا هو ، ولا مقيل للعثرات إلا هو ، ولا مدبر للملكوت إلا هو ، ولا سامع للأصوات إلا هو ، ما نزل غيث إلا بمداد حكمته ، وما انتصر دين إلا بمداد عزته ، وما اقشعرت القلوب إلا من عظمته ، وما سقط حجر من جبل إلا من خشيته ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله قام في خدمته ، وقضى نحبه في الدعوة لعبادته ، واقام اعوجاج الخلق بشريعته ، وعاش للتوحيد ففاز بخلته ، وصبر على دعوته فارتوى من نهر محبته ، .. صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه واستن بسنته وسلم تسليمًا كثيرا إلى يوم الدين أما بعــــد :
أيها المؤمنون : ها هي العشر الآواخر من رمضان تحل علينا ، وهي الثلث الأخير من رمضان ولها فضائل عظيمة ، فاستدركوا ـ رحمكم الله ، هذه العشر الأواخر بالمسارعة إلى المكارم والخيرات واغتنامِ الفضائل والقرُبات، ومن أحسن فعليه بالتمام، ومن فرَّط فليختم بالحسنى فالعمل بالخِتام قال تعالى ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (يونس:26) ... واستغلوها واستفيدوا من فضائلها فمن لم يختم قراءة القران فليكمل ما تبقى عليه من آياته وسوره ومن أكمل فليضاعف من حسناته وأجوره فكتاب الله لا تمله النفوس ولا تشبع منه القلوب فهو منهج أمة ودستور حياة ... عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ ) ( رواه أحمد ) ...
ولقد رسم رسول الهدى - صلى الله عليه وسلم للأمَّة في هذه العَشْر خيرَ نَهجٍ يوصِل إلى الغاية الحميدة ومنازل السعداء؛ ففي "الصحيحين" عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – كان إذا دخل العَشْر، شدَّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله"، وذلك مما يُشعِر بالاهتمام العظيم بالعبادة، والتفرُّغ لها، والانقطاع إليها عن كلِّ شاغِل. وعنها أيضًا: "أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العَشْر الأواخر من رمضان حتى توفَّاه الله"؛ أي يلزم المسجد لا يبرحه، ولا يشتغِل بغير العبادة فيها؛ اغتنامًا للفرصة، وسَيْرًا على نهج الصالحين، فإن الفرصة إذا أفلتت كانت حسرةً وندامة، وليس لأحدٍ علمٌ بطول العمر، ليستدرك في المستقبل ما فاته في الماضي، وليشتغل بصالح العمل ليدرك الأمل، إنما هي أنفاسٌ معدودة، وآجالُ محدودة، فمَن اغتنم فيها الفرصة الحاضرة، وتاجر في الأعمال الصالحة - ربح المَغْنَم.
ومن لم يستطع الاعتكاف لسبب ما ، فلا تضيع عليه العشر الأواخر من رمضان دون فائدة، فليحرص على صلاة التراويح والقيام ويتحرى ليلة القدر ويكثر من قراءة القرآن والذكر والدعاء وسائر العبادات والطاعات والقربات.
عباد الله: لقد خص الله تعالى العشر الأواخر بليلة القدر وهذه الليلة لها فضائل عظيمة : منها أنه نزل فيها القرآن ، كما تقدّم ، قال ابن عباس وغيره : أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا ، ثم نزل مفصلاً بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ووصْفها بأنها خير من ألف شهر في قوله : ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) (سورة القدر الآية/3 ) .. ووصفها بأنها مباركة في قوله : ( إنا أنزلنه في ليلة مباركة ) (الدخان الآية 3) .
ومن فضائلها: أنها تنزل فيها الملائكة ، والروح ، " أي يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها ، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة ، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن ، ويحيطون بحِلَق الذِّكْر ، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيماً له " أنظر تفسير ابن كثير 4/531 والروح هو جبريل عليه السلام وقد خصَّه بالذكر لشرفه .
ووصفها بأنها سلام ، أي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا أو يعمل فيها أذى كما قاله مجاهد (تفسير ابن كثير 4/531) ، وتكثر فيها السلامة من العقاب والعذاب بما يقوم العبد من طاعة الله عز وجل .
وفيها ( فيها يفرق كل أمر حكيم ) (الدخان /4) ، أي يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة أمر السنة وما يكون فيها من الآجال والأرزاق ، وما يكون فيها إلى آخرها ، كل أمر محكم لا يبدل ولا يغير .. وكل ذلك مما سبق علم الله تعالى به وكتابته له ، ولكن يُظهر للملائكة ما سيكون فيها ويأمرهم بفعل ما هو وظيفتهم "
ومن فضائلها: أن الله تعالى يغفر لمن قامها إيماناً واحتساباً ما تقدم من ذنبه ، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه . وقوله : ( إيماناً واحتساباً ) أي تصديقاً بوعد الله بالثواب عليه وطلباً للأجر لا لقصد آخر من رياء أو نحوه . )فتح الباري 4/251 ).
عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت : يا رسول الله أرأيت أن وافقت ليلة القدر ما أقول ؟ قال : قولي : ( اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني ) (رواه الإمام أحمد ، والترمذي (3513) ، وابن ماجة (3850) وسنده صحيح) .
عبــــــــاد الله : إن شرف المؤمن وعزه واستغناءه عن الناس لا يكون في ماله مهما كثر ولا في جاهه ومنصبه مهما علا إنما يكون في قيام الليل قال صلى الله عليه وسلم : ( أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس ) [رواه الحاكم والبيهقي وحسنه المنذري والألباني] إنه .. عندما تطلب العزة من غير مصدرها فلن يكون هناك إلا الذل والهوان وعندما يطلب الشرف والرفعة والمكانة العالية من غير وجهتها الصحيحة فلن تكون هناك إلا الوضاعة والدناءة وأمة الإسلام اليوم أفراداً وشعوباً وحكومات يجب أن تعود لعزتها وريادتها وقيادتها لهذا العالم ولن يكون هذا إلا بعبودية الله والخضوع والتسليم لحكمه والإقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم وتربية الروح قبل الجسد ومن نظر في تاريخ الأمة وجد أن إنطلاقها من محراب العبادة كان سبب نصرتها وعزتها وتمكينها في الأرض وإن أبواب العزة
والكرامة والجهاد لا يطرقها إلا عباد الليل، والشجاعة لا تسقى إلا بدموع الساجدين، ولم يعرف الإسلام رجاله إلا كذلك
يحيــون ليلهم بطاعة ربهـم *** بتلاوة وتضرع وسـؤال
وعيونهم تجرى بفيض دموعهم *** مثل انهمال الوابل الهطال
في الليل رهبان وعند جهادهم *** لعدوهم من أشجع الأبطال
وإذا بــدا علم الرهان رأيتهم *** يتسابقون بصالح الأعمال
بوجوههم أثر السجــود لربهم *** وبها أشعة نـوره المتلالي
إن القيام بالعبادات والمداومة عليها والحرص على أدائها واستغلال أوقاتها عنوانٌ على كمال الإيمان وصدق العمل وإخلاص القلب وهي طريق لسعادة الدنيا والآخرة وبها تستجلب الخيرات وتدفع المصائب والكوارث والنقمات وبها تصح الأجساد وتعمر البيوت وتحيا المجتمعات ويوم القيامة ترفع بها الدرجات ... كان منصور بن المعتمر يصلي الليل على سطح بيته وهكذا طوال حياته، فلما مات، قال غلام لأمه: يا أماه: الجذع الذي كان في سطح جيراننا لم نعد نراه ؟ قالت: بابني ليس ذاك بجذع، ذاك منصور قد مات.. و لما احتضر عبد الرحمن بن الأسود .. فبكى .. فقيل له :ما يبكيك !! وأنت من أنت في العبادة والصلاح والخشوع والزهد .. فقال : أبكي والله .. أسفاً على الصلاة والصيام والذكر والقيام .. ثمّ لم يزل يتلو حتى مات .. أما يزيد الرقاشي فإنه لما نزل به الموت .. أخذ يبكي ويقول : من يصلي لك يا يزيد إذا متّ ؟ ومن يصوم لك ؟ ومن يستغفر لك من الذنوب .. ثم تشهد ومات .. ونحن نقول من يصلي لك أيها المسلم ومن يصوم ويزكي وينفق عنك إذا لم تقم أنت بذلك وتستغل نفحات الرحمن ورياح الإيمان وها نحن فيها في هذه الأيام المباركات .. اللهم يا سامع الدعوات ، ويا مقيل العثرات ، ويا غافر الزلات : اجعلنا من عبادك التائبين ، ولا تردنا عن بابك مطرودين واغفر لنا ذنوبنا أجمعين .اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ...
قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
عبــــــــاد الله :- ومن أهم الأعمال في الثلث الأخير من رمضان وفي العشر الأواخر منه، الإكثار من الدعاء لشرف الزمان والمكان والحال، ولقد أثنى الله سبحانه وتعالى على أنبيائه بعبادة الدعاء فقال تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِى ٱلْخَيْرٰتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خـٰشِعِينَ) [الأنبياء:90] ) وبالدعاء وصف الله عباده المؤمنين وجعلها أعظم صفة فيهم فقال سبحانه: ( إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِـئَايَـٰتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّداً وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ) [السجدة:16-17] ...
ومن فضائلها: أن الله تعالى يغفر لمن قامها إيماناً واحتساباً ما تقدم من ذنبه ، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) متفق عليه . وقوله : ( إيماناً واحتساباً ) أي تصديقاً بوعد الله بالثواب عليه وطلباً للأجر لا لقصد آخر من رياء أو نحوه . )فتح الباري 4/251 ).
عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت : يا رسول الله أرأيت أن وافقت ليلة القدر ما أقول ؟ قال : قولي : ( اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني ) (رواه الإمام أحمد ، والترمذي (3513) ، وابن ماجة (3850) وسنده صحيح) .
عبــــــــاد الله : إن شرف المؤمن وعزه واستغناءه عن الناس لا يكون في ماله مهما كثر ولا في جاهه ومنصبه مهما علا إنما يكون في قيام الليل قال صلى الله عليه وسلم : ( أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس ) [رواه الحاكم والبيهقي وحسنه المنذري والألباني] إنه .. عندما تطلب العزة من غير مصدرها فلن يكون هناك إلا الذل والهوان وعندما يطلب الشرف والرفعة والمكانة العالية من غير وجهتها الصحيحة فلن تكون هناك إلا الوضاعة والدناءة وأمة الإسلام اليوم أفراداً وشعوباً وحكومات يجب أن تعود لعزتها وريادتها وقيادتها لهذا العالم ولن يكون هذا إلا بعبودية الله والخضوع والتسليم لحكمه والإقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم وتربية الروح قبل الجسد ومن نظر في تاريخ الأمة وجد أن إنطلاقها من محراب العبادة كان سبب نصرتها وعزتها وتمكينها في الأرض وإن أبواب العزة
والكرامة والجهاد لا يطرقها إلا عباد الليل، والشجاعة لا تسقى إلا بدموع الساجدين، ولم يعرف الإسلام رجاله إلا كذلك
يحيــون ليلهم بطاعة ربهـم *** بتلاوة وتضرع وسـؤال
وعيونهم تجرى بفيض دموعهم *** مثل انهمال الوابل الهطال
في الليل رهبان وعند جهادهم *** لعدوهم من أشجع الأبطال
وإذا بــدا علم الرهان رأيتهم *** يتسابقون بصالح الأعمال
بوجوههم أثر السجــود لربهم *** وبها أشعة نـوره المتلالي
إن القيام بالعبادات والمداومة عليها والحرص على أدائها واستغلال أوقاتها عنوانٌ على كمال الإيمان وصدق العمل وإخلاص القلب وهي طريق لسعادة الدنيا والآخرة وبها تستجلب الخيرات وتدفع المصائب والكوارث والنقمات وبها تصح الأجساد وتعمر البيوت وتحيا المجتمعات ويوم القيامة ترفع بها الدرجات ... كان منصور بن المعتمر يصلي الليل على سطح بيته وهكذا طوال حياته، فلما مات، قال غلام لأمه: يا أماه: الجذع الذي كان في سطح جيراننا لم نعد نراه ؟ قالت: بابني ليس ذاك بجذع، ذاك منصور قد مات.. و لما احتضر عبد الرحمن بن الأسود .. فبكى .. فقيل له :ما يبكيك !! وأنت من أنت في العبادة والصلاح والخشوع والزهد .. فقال : أبكي والله .. أسفاً على الصلاة والصيام والذكر والقيام .. ثمّ لم يزل يتلو حتى مات .. أما يزيد الرقاشي فإنه لما نزل به الموت .. أخذ يبكي ويقول : من يصلي لك يا يزيد إذا متّ ؟ ومن يصوم لك ؟ ومن يستغفر لك من الذنوب .. ثم تشهد ومات .. ونحن نقول من يصلي لك أيها المسلم ومن يصوم ويزكي وينفق عنك إذا لم تقم أنت بذلك وتستغل نفحات الرحمن ورياح الإيمان وها نحن فيها في هذه الأيام المباركات .. اللهم يا سامع الدعوات ، ويا مقيل العثرات ، ويا غافر الزلات : اجعلنا من عبادك التائبين ، ولا تردنا عن بابك مطرودين واغفر لنا ذنوبنا أجمعين .اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ...
قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
عبــــــــاد الله :- ومن أهم الأعمال في الثلث الأخير من رمضان وفي العشر الأواخر منه، الإكثار من الدعاء لشرف الزمان والمكان والحال، ولقد أثنى الله سبحانه وتعالى على أنبيائه بعبادة الدعاء فقال تعالى: (إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِى ٱلْخَيْرٰتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خـٰشِعِينَ) [الأنبياء:90] ) وبالدعاء وصف الله عباده المؤمنين وجعلها أعظم صفة فيهم فقال سبحانه: ( إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِـئَايَـٰتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّداً وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ يُنفِقُونَ) [السجدة:16-17] ...
إنه الدعاء سلاح المؤمن .. به يكون صلاح أمره في دينه ودنياه وآخرته فقد كان من دعائه صلى الله عليه وسلم ( اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمةُ أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادةً لي في كلِّ خيرٍ، واجعل الموت راحةً لي من كل شرٍّ".( مسلم).
وبالدعاء تذهب الأمراض وتشفى الأجساد فهذا نبي الله أيوب عليه السلام فبعد البلاء والصبر دعاء ربه فقال تعالى ( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ) (الأنبياء 38-84) وبالدعاء تقضى الحاجات وتتحقق الرغبات فالله سبحانه يحرك الأسباب لتجري بأمره استجابة لعبد من عباده لجأ إليه وطلب منه وتوكل عليه .. عن شقيق البلخي قال: كنت في بيتي قاعداً فقال لي أهلي: قد ترى ما بنا من فاقة و ما بهؤلاء الأطفال من الجوع، ولا يحل لك أن تحملهم ما لا طاقة لهم به، قال: فتوضأت -نرجع إلى السبب الذي كانوا يدورون حوله رضوان الله تعالى عليهم- فتوضأت وكان لي صديقٌ لا يزال يقسم علي بالله إذا ألمت بي حاجة أن أعلمه بها ولا أكتمها عنه، فخطر ذكره ببالي، فلما خرجت من المنزل مررت بالمسجد، فذكرت ما روي عن أبي جعفر قال: من عرضتْ له حاجة إلى مخلوق فليبدأ فيها بالله عز وجل، قال: فدخلت المسجد فصليت ركعتين، فلما كنت في التشهد، أفرغ عليَّ النوم، فرأيت في منامي أنه قيل: يا شقيق ! أتدل العباد على الله ثم تنساه؟! قال: فاستيقظت وعلمت أن ذلك تنبيه نبهني به ربي، فلم أخرج من المسجد حتى صليت العشاء الآخرة، ثم تركت الذهاب لصاحبي ودعوت الله وتوكلت عليه، وانصرفت إلى المنزل فوجدت مال وطعام فسألت من جاء بهذا فقالوا رجل يقول أنه صديق لك منذ زمن وقد رد ما كان عليه من دين لك .. قال شقيق والله ما أعلم أن صديقاً لي أستدان مني مالاً ولم يرده ولكني علمت أن الله هو من ساق ذلك الرجل بهذا الخير إن ربي سميع الدعاء. فلا تعجب فالله سبحانه وتعالى يقول ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3]
أيها المؤمنون: والدعاء سبب هام في تحقيق النصر والتمكين والثبات للأمم والأفراد والشعوب قال تعالى عن طالوت وجنوده لما برزوا لجالوت وجنوده قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبّتْ أَقْدَامَنَا وَٱنصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَـٰفِرِينَ [البقرة:250]. فماذا كانت النتيجة فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ [البقرة:251] وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم الدعاء كثير الإبتهال والتضرع لمولاه سبحانه وتعالى حتى كتب له النصر والتمكين وبلغ هذا الدين الآفاق وأظهره الله على جميع الأديان وسار في هذا الطريق أصحابه من بعده ونشروا هذا الدين في أرجاء المعموره بسلاحين عظيمين .. سلاح العمل وبذل الجهد والإرادة القوية وسلاح التضرع بين يدي الله واستجلاب النصر والمعونة منه فكان لهم ذلك .. خرج البراء بن مالك مع أبي موسى الأشعري في معركة تستر فلما حضرت المعركة وبدأت ساعة الصفر، قالوا: يا براء ! نسألك بالله أن تقسم على الله أن ينصرنا. قال: انتظروني قليلاً. فاغتسل ولبس أكفانه وأتى بالسيف، وقال: اللهم إني أقسم عليك أن تجعلني أول قتيل وأن تنصرنا. فكان أول قتيل وانتصر المسلمون... إن هذه الأمة ربانية؛ لأنها تأخذ عزها وقوتها من الله، و مجدها يتكرر مع كل وقت وحين، عندما تتصل بالله وتلجأ إليه .
عباد الله: استغلوا هذه العشر الأواخر من رمضان بالصلاة والقيام وقراءة القرآن والاعتكاف والذكر والدعاء والانفاق والصدقة، تقبل الله أعمالكم ، وحفظ الله أمتكم ومجتمعاتكم ، فاللهم تقبل صيامنا وصلاتنا وقيامنا، واجعل شهر رمضان شاهداً لنا بالحسنات لا شاهداً علينا بالمعاصي والسيئات، وتقبله منا خالصاً لوجهك الكريم، واحفظ علينا نعمة الإسلام، وبركة الطاعة، وحلاوة الإيمان.
والحمد لله رب العالمين ,,,
وبالدعاء تذهب الأمراض وتشفى الأجساد فهذا نبي الله أيوب عليه السلام فبعد البلاء والصبر دعاء ربه فقال تعالى ( وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ) (الأنبياء 38-84) وبالدعاء تقضى الحاجات وتتحقق الرغبات فالله سبحانه يحرك الأسباب لتجري بأمره استجابة لعبد من عباده لجأ إليه وطلب منه وتوكل عليه .. عن شقيق البلخي قال: كنت في بيتي قاعداً فقال لي أهلي: قد ترى ما بنا من فاقة و ما بهؤلاء الأطفال من الجوع، ولا يحل لك أن تحملهم ما لا طاقة لهم به، قال: فتوضأت -نرجع إلى السبب الذي كانوا يدورون حوله رضوان الله تعالى عليهم- فتوضأت وكان لي صديقٌ لا يزال يقسم علي بالله إذا ألمت بي حاجة أن أعلمه بها ولا أكتمها عنه، فخطر ذكره ببالي، فلما خرجت من المنزل مررت بالمسجد، فذكرت ما روي عن أبي جعفر قال: من عرضتْ له حاجة إلى مخلوق فليبدأ فيها بالله عز وجل، قال: فدخلت المسجد فصليت ركعتين، فلما كنت في التشهد، أفرغ عليَّ النوم، فرأيت في منامي أنه قيل: يا شقيق ! أتدل العباد على الله ثم تنساه؟! قال: فاستيقظت وعلمت أن ذلك تنبيه نبهني به ربي، فلم أخرج من المسجد حتى صليت العشاء الآخرة، ثم تركت الذهاب لصاحبي ودعوت الله وتوكلت عليه، وانصرفت إلى المنزل فوجدت مال وطعام فسألت من جاء بهذا فقالوا رجل يقول أنه صديق لك منذ زمن وقد رد ما كان عليه من دين لك .. قال شقيق والله ما أعلم أن صديقاً لي أستدان مني مالاً ولم يرده ولكني علمت أن الله هو من ساق ذلك الرجل بهذا الخير إن ربي سميع الدعاء. فلا تعجب فالله سبحانه وتعالى يقول ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3]
أيها المؤمنون: والدعاء سبب هام في تحقيق النصر والتمكين والثبات للأمم والأفراد والشعوب قال تعالى عن طالوت وجنوده لما برزوا لجالوت وجنوده قَالُواْ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبّتْ أَقْدَامَنَا وَٱنصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَـٰفِرِينَ [البقرة:250]. فماذا كانت النتيجة فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ [البقرة:251] وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم الدعاء كثير الإبتهال والتضرع لمولاه سبحانه وتعالى حتى كتب له النصر والتمكين وبلغ هذا الدين الآفاق وأظهره الله على جميع الأديان وسار في هذا الطريق أصحابه من بعده ونشروا هذا الدين في أرجاء المعموره بسلاحين عظيمين .. سلاح العمل وبذل الجهد والإرادة القوية وسلاح التضرع بين يدي الله واستجلاب النصر والمعونة منه فكان لهم ذلك .. خرج البراء بن مالك مع أبي موسى الأشعري في معركة تستر فلما حضرت المعركة وبدأت ساعة الصفر، قالوا: يا براء ! نسألك بالله أن تقسم على الله أن ينصرنا. قال: انتظروني قليلاً. فاغتسل ولبس أكفانه وأتى بالسيف، وقال: اللهم إني أقسم عليك أن تجعلني أول قتيل وأن تنصرنا. فكان أول قتيل وانتصر المسلمون... إن هذه الأمة ربانية؛ لأنها تأخذ عزها وقوتها من الله، و مجدها يتكرر مع كل وقت وحين، عندما تتصل بالله وتلجأ إليه .
عباد الله: استغلوا هذه العشر الأواخر من رمضان بالصلاة والقيام وقراءة القرآن والاعتكاف والذكر والدعاء والانفاق والصدقة، تقبل الله أعمالكم ، وحفظ الله أمتكم ومجتمعاتكم ، فاللهم تقبل صيامنا وصلاتنا وقيامنا، واجعل شهر رمضان شاهداً لنا بالحسنات لا شاهداً علينا بالمعاصي والسيئات، وتقبله منا خالصاً لوجهك الكريم، واحفظ علينا نعمة الإسلام، وبركة الطاعة، وحلاوة الإيمان.
والحمد لله رب العالمين ,,,
خطبة جمعة :
وداعاً يا رمضـــان ... !!
الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات وعلى امره قامت الأرض والسموات ولحكمه خضعت جميع المخلوقات . عز جاهه وجل ثناءوه وتقدست اسمائه ولا اله غيره ولا معبود بحق سواه الأرض ارضه والسماء سماؤه وما بنا من نعمة فمن فيض جوده وبر عطائه .. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد : أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل القائل سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران:102).
عباد الله: ما أسرعَ ما تنقضِي الليالي والأيّام! وما أعجلَ ما تنصرِم الشهور والأعوام! وهذه سُنّة الحيَاة؛ أيّامٌ تمرّ، وأعوَام تكرّ، وفي تقلّب الدّهر عِبر، وفي تغيُّر الأحوال مُدّكَر، قال -تعالى-: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ (فاطر:37), فهذا شهرُ رَمضانَ تقوَّضَت خِيامه، وتصرَّمت لياليه وأيّامُه، قرُب رَحيلُه، وأزِف تحويلُه، انتصَب مودِّعا، وسَار مسرعا، ولله الحمد على ما قضَى وأبرَم، وله الشّكر على ما أعطى وأنعم, فاستدركِوا -رحمكم الله- بقيّتَ أيامه وساعاته بالمسارعة إلى المكارم والخيرات، واغتنامِ الفضائل والقرُبات، ومَن أحسن فعليه بالتمام، ومن فرَّط فليختم بالحسنى؛ فالعمل بالخِتام، قال -تعالى-: ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (يونس:26).
أيها المسلمون: إنه ينبغي أن نودع رمضان بإعداد خطةٍ ، وبرنامجٍ عمليٍّ يستمر المسلم في أدائه والقيام به طوال العام؛ وبذلك نكون ممن استفاد من رمضان، وممن تعرضوا لنفحات الرحمن، وممن قَبِلَهم الواحد الدَّيَّان, فيعزم المسلم على المحافظة على الصلوات في أوقاتها، والتقرب إلى الله بالنوافل والطاعات، وأن يكون له وردٌ من القرآن يقرؤه، أو يسمعه، ويتدبر آياته كل يوم, وعلى المسلم المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وعليه أن لا يترك الصيام أو يبتعد عنه حتى وإن ذهب رمضان, فإن من السنة صيام الأثنين والخميس وأيام البيض والست من شوال والعاشر من محرم وأيام العشر من ذي الحجة وغيرها من أيام الله, وعلى المسلم أن يكثر من ذكر الله على كل حال، وعليه تربية نفسه على إتقان الأعمال، وإخلاص النية، ومراقبة الله، والخوف منه.
ومن ذلك أن يزكي نفسه بالأخلاق الفاضلة التي تعلم الكثير منها في شهر رمضان، كالصدق، والصبر، والحلم، والعفو، والتسامح، وسلامة المنطق، والبعد عن الفحش والبذاءة والسباب، فتكون زاداً له طَوَال العام، يتخلق بها في المجتمع؛ فيحبه الله، ويحبه الناس ورب رمضان هو رب كل الشهور والأيام , وقد حذر -سبحانه- من النكوص بعد الإقدام، ومن المعصية بعد الطاعة، ومن العقوق بعد البر والصلة، فقال سبحانه : (لاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (النحل:92).
ومن استطاع أن يودع رمضان بصناعة ابتسامة مشرقة، وبسرورٍ يدخله قلوبَ مَن حوله فليفعل ، إن هذا العمل وهذه العبادة من أعظم وأجَلّ العبادات عند الله -سبحانه وتعالى-، قال -صلي الله عليه و سلم-: "أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله -عز وجل- سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دَيْنَاً، أو تطرد عنه جوعا؛ ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهراً، ومَن كف غضبَه ستر الله عورته، ومَن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضاً يوم القيامة، ومَن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله -تعالى- قدمه يوم تزل الأقدام؛ وإنَّ سوء الخلق ليُفْسِدُ العمل كما يفسد الخلُّ العسلَ"( صحيح الجامع).
ايها المؤمنون: احذروا عقوق الوالدين واحسنوا صحبتهما ورعايتهما ، لا دخلوا السرور عليهما بطاعتهما وبرهما وصلتهما والإتصال بهما، والإنفاق عليهما، وذلك من أعظم أبواب البر, فكما أن للصائم باباً إلى الجنة هو بابُ الريان، فكذلك الوالدان؛ فإنهما بابان إلى الجنة. فأين البر؟ وأين الصلة؟ وأين الرحمة بهما؟ إنه -مهما عملنا- فلن نؤدي حقهما.
رجل من أهل اليمن يطوف بالبيت، يحمل أمه العجوز على ظهره، مَن منا يفعل هذا؟ ومَن منا يتصور هذا قبل أن يفعله؟ يحمل أمه على ظهره ثم يطوف حول البيت ويسعى بها بين الصفاء والمروة ، هل وصلنا بالبر إلى هذا المستوى؟ هل وصلنا بطاعة الوالدين وحبهما إلى هذه الدرجة؟ فرأى ابن عمر، ذلك الرجل الصحابي الفقيه، فقال له: يا ابن عمر! أتراني جزيتها؟ أي: هل تراني بهذا الفعل
وداعاً يا رمضـــان ... !!
الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات وعلى امره قامت الأرض والسموات ولحكمه خضعت جميع المخلوقات . عز جاهه وجل ثناءوه وتقدست اسمائه ولا اله غيره ولا معبود بحق سواه الأرض ارضه والسماء سماؤه وما بنا من نعمة فمن فيض جوده وبر عطائه .. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد : أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل القائل سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران:102).
عباد الله: ما أسرعَ ما تنقضِي الليالي والأيّام! وما أعجلَ ما تنصرِم الشهور والأعوام! وهذه سُنّة الحيَاة؛ أيّامٌ تمرّ، وأعوَام تكرّ، وفي تقلّب الدّهر عِبر، وفي تغيُّر الأحوال مُدّكَر، قال -تعالى-: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ (فاطر:37), فهذا شهرُ رَمضانَ تقوَّضَت خِيامه، وتصرَّمت لياليه وأيّامُه، قرُب رَحيلُه، وأزِف تحويلُه، انتصَب مودِّعا، وسَار مسرعا، ولله الحمد على ما قضَى وأبرَم، وله الشّكر على ما أعطى وأنعم, فاستدركِوا -رحمكم الله- بقيّتَ أيامه وساعاته بالمسارعة إلى المكارم والخيرات، واغتنامِ الفضائل والقرُبات، ومَن أحسن فعليه بالتمام، ومن فرَّط فليختم بالحسنى؛ فالعمل بالخِتام، قال -تعالى-: ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (يونس:26).
أيها المسلمون: إنه ينبغي أن نودع رمضان بإعداد خطةٍ ، وبرنامجٍ عمليٍّ يستمر المسلم في أدائه والقيام به طوال العام؛ وبذلك نكون ممن استفاد من رمضان، وممن تعرضوا لنفحات الرحمن، وممن قَبِلَهم الواحد الدَّيَّان, فيعزم المسلم على المحافظة على الصلوات في أوقاتها، والتقرب إلى الله بالنوافل والطاعات، وأن يكون له وردٌ من القرآن يقرؤه، أو يسمعه، ويتدبر آياته كل يوم, وعلى المسلم المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وعليه أن لا يترك الصيام أو يبتعد عنه حتى وإن ذهب رمضان, فإن من السنة صيام الأثنين والخميس وأيام البيض والست من شوال والعاشر من محرم وأيام العشر من ذي الحجة وغيرها من أيام الله, وعلى المسلم أن يكثر من ذكر الله على كل حال، وعليه تربية نفسه على إتقان الأعمال، وإخلاص النية، ومراقبة الله، والخوف منه.
ومن ذلك أن يزكي نفسه بالأخلاق الفاضلة التي تعلم الكثير منها في شهر رمضان، كالصدق، والصبر، والحلم، والعفو، والتسامح، وسلامة المنطق، والبعد عن الفحش والبذاءة والسباب، فتكون زاداً له طَوَال العام، يتخلق بها في المجتمع؛ فيحبه الله، ويحبه الناس ورب رمضان هو رب كل الشهور والأيام , وقد حذر -سبحانه- من النكوص بعد الإقدام، ومن المعصية بعد الطاعة، ومن العقوق بعد البر والصلة، فقال سبحانه : (لاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (النحل:92).
ومن استطاع أن يودع رمضان بصناعة ابتسامة مشرقة، وبسرورٍ يدخله قلوبَ مَن حوله فليفعل ، إن هذا العمل وهذه العبادة من أعظم وأجَلّ العبادات عند الله -سبحانه وتعالى-، قال -صلي الله عليه و سلم-: "أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله -عز وجل- سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دَيْنَاً، أو تطرد عنه جوعا؛ ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهراً، ومَن كف غضبَه ستر الله عورته، ومَن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضاً يوم القيامة، ومَن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله -تعالى- قدمه يوم تزل الأقدام؛ وإنَّ سوء الخلق ليُفْسِدُ العمل كما يفسد الخلُّ العسلَ"( صحيح الجامع).
ايها المؤمنون: احذروا عقوق الوالدين واحسنوا صحبتهما ورعايتهما ، لا دخلوا السرور عليهما بطاعتهما وبرهما وصلتهما والإتصال بهما، والإنفاق عليهما، وذلك من أعظم أبواب البر, فكما أن للصائم باباً إلى الجنة هو بابُ الريان، فكذلك الوالدان؛ فإنهما بابان إلى الجنة. فأين البر؟ وأين الصلة؟ وأين الرحمة بهما؟ إنه -مهما عملنا- فلن نؤدي حقهما.
رجل من أهل اليمن يطوف بالبيت، يحمل أمه العجوز على ظهره، مَن منا يفعل هذا؟ ومَن منا يتصور هذا قبل أن يفعله؟ يحمل أمه على ظهره ثم يطوف حول البيت ويسعى بها بين الصفاء والمروة ، هل وصلنا بالبر إلى هذا المستوى؟ هل وصلنا بطاعة الوالدين وحبهما إلى هذه الدرجة؟ فرأى ابن عمر، ذلك الرجل الصحابي الفقيه، فقال له: يا ابن عمر! أتراني جزيتها؟ أي: هل تراني بهذا الفعل
أرجعتُ لأمي حقها؟ فقال له ابن عمر: لا؛ ولا بزفرة من زفراتها، ولا بطلقة من طلقاتها حين وضعتك من بطنها.
وأرحامكم! لا تنسوا أن تحسنوا إليهم، وأن تصلوا ما بينكم وبينهم من قطيعة، وأن تدخلوا البهجة والسرور إلى نفوسهم، فقد قضى جبار السماوات والأرض على نفسه أنه من وصل رحمه وصله الله، ومن قطعها قطعه الله. فلا تنسوا المعروف بينكم مهما كانت الخلافات، ولا تنسوا الحقوق والواجبات مهما بعدت المسافات.
كما ينبغي أن نودع رمضان بابتسامة مشرقة نزرعها في وجوه الفقراء والمساكين والأيتام، كلا بما يستطيع خاصة هذه الأيام، فالعيد على الأبواب، وإدخال الفرح والبهجة والسرور من أعظم القربات عند الله, لقد كان حكيم بن حزام، الصحابي الجليل، يحزن على اليوم الذي لا يجد فيه محتاجا ليقضي له حاجته؛ فيقول: ما أصبحت وليس ببابي صاحب حاجة إلا علمت أنها من المصائب التي أسأل الله الأجر عليها.
وهذا ابن المبارك -عليه رحمة الله- حَجَّ مع جمع من أهل مَرْو، فلما كانوا في منتصف الطريق نزلوا في مكان ليستريحوا قليلا بجانب قرية من القرى، فرأوا امرأة أخذت دجاجة ميتة كانت في عرض الطريق، فسألها ابن المبارك: لمَ يا أمَةَ الله؟ قالت: لقد أصيب أهل هذه القرية بالمرض والجوع، ولي صبية صغار، والله ما أجد ما أطعمهم! فتأثر بن المبارك ومَن معه، ونادى فيهم: ليس لكم حج هذا العام. وأخذ الأموال والطعام ودفعها إلى أهل تلك القرية، فأدخل السرور عليهم، وقضى حاجتهم، وعاد إلى بلاده.
وعن عائشة أم المؤمنين قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مَن أدخل على أهل بيتٍ من المسلمين سرورا لم يرض الله له ثوابا دون الجنة. رواه الطبراني بسند حسن.
اللهم استعملنا في طاعته, قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه .
الخطــــبة الثانـية :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسّلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:
عباد الله: كما يجب أن نودع رمضان بإخراج زكاة الفطر؛ فهي طهرة للصائمين مما قد يؤثر في صيامهم ويُنْقِص ثوابه من لغوٍ ورفثٍ ونحوهما، وتكميلاً للأجر، وتنمية للعمل الصالح، ومواساة للفقراء والمساكين، وإغناء لهم عن ذل الحاجة والسؤال يوم العيد، إلى جانب أن فيها إشاعة المحبة والمودة بين فئات المجتمع المسلم.
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: فرض رسول الله زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين. وأمر بها أن تُؤَدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة. متفق عليه.
ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين أو ثلاثة وهكذا ، وقال بعض أهل العلم إنه يجوز إخراجها مالاً، وقيمته تختلف من بلد لآخر؛ فإذا كانت الغاية من إخراج الزكاة أن نتعبد الله بمواساة الفقراء والمساكين، بإغنائهم عن ذل الحاجة والسؤال يوم العيد، فإن كثيراً منهم منقطعون ومغتربون وطلاب علم؛ بل إن كثيرا من البيوت قد لا تجد فيها موقد طعام، ويعتمدون في أكلهم على المطاعم وشراء الطعام الجاهز، فلذلك أجاز أهل العلم قديما وحديثا إخراجها مالاً للحاجة والمصلحة التي تحقق الغاية منها... وقد قال بجواز اخراج زكاة الفطر نقداً جماعة من العلماء والتابعين وائمة المذاهب
أيها المسلمون: حقٌّ على كل واحد منا أن يبكيَ على وداع هذا الشهر ورحيله ، وكيف لا يَبكي المؤمنُ رمضانَ، وفيه تفتح أبوابُ الجنان؟ وكيف لا يبكي المذنب ذَهابه، وفيه تغلق أبواب النيران؟ كيف لا يبكي على وقتٍ تُسَلْسَل فيه الشياطين، فيا لوعةَ الخاشعين على فُقدانه، ويا حرقة المتقين على ذَهابه.
ثم إن علينا كذلك, أن نكثر من الدعاء بأن يتقبل الله منه صيامه وقيامه وسائر العبادات والطاعات التي قام بها في رمضان وغير رمضان، فقد وصف الله حال عباده المؤمنين بعد القيام بالعبادات والطاعات بأنهم: يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (المؤمنون:60)، أي: يخافون أن ترد أعمالهم.
قال الإمام علي -رضي الله عنه-: كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل، ألم تسمعوا إلى قول الحق -عز وجل-: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (المائدة:27)، وكان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان: يا ليت شعري! مَن هذا المقبول منَّا فنهنيه؟! ومن هذا المحروم فنعزيه؟!. ثم ينادي: أيها المقبول، هنيئاً لك! أيها المردود، جبر الله مصيبتك!.
وأخير فإن عيد الفطر المبارك على الأبواب وأول ادابه وسننه التكبير وصلاة العيد واجتماع الناس والتزاور بين الاقارب والارحام والجيران والاصحاب ، وعلينا أن نفرح , وندخل الفرح والسرور على من حولنا, ونبارك لبعضنا البعض ونهنيء بعضنا البعض تحت أي ظروف وفي كل الأحوال , رغم المشاكل والحروب والصرعات ، ورغم الامراض والأوبئة فهذه سنة الإسلام وهذا عيد المسلمين, منه نأخذ التفاؤل والتجديد والأمل في إصلاح أوضاع مجتمعاتنا وأوطاننا وأمتنا ولابد من يسر بعد العسر ولابد من منحة بعد المحنة ولابد من فرج بعد
وأرحامكم! لا تنسوا أن تحسنوا إليهم، وأن تصلوا ما بينكم وبينهم من قطيعة، وأن تدخلوا البهجة والسرور إلى نفوسهم، فقد قضى جبار السماوات والأرض على نفسه أنه من وصل رحمه وصله الله، ومن قطعها قطعه الله. فلا تنسوا المعروف بينكم مهما كانت الخلافات، ولا تنسوا الحقوق والواجبات مهما بعدت المسافات.
كما ينبغي أن نودع رمضان بابتسامة مشرقة نزرعها في وجوه الفقراء والمساكين والأيتام، كلا بما يستطيع خاصة هذه الأيام، فالعيد على الأبواب، وإدخال الفرح والبهجة والسرور من أعظم القربات عند الله, لقد كان حكيم بن حزام، الصحابي الجليل، يحزن على اليوم الذي لا يجد فيه محتاجا ليقضي له حاجته؛ فيقول: ما أصبحت وليس ببابي صاحب حاجة إلا علمت أنها من المصائب التي أسأل الله الأجر عليها.
وهذا ابن المبارك -عليه رحمة الله- حَجَّ مع جمع من أهل مَرْو، فلما كانوا في منتصف الطريق نزلوا في مكان ليستريحوا قليلا بجانب قرية من القرى، فرأوا امرأة أخذت دجاجة ميتة كانت في عرض الطريق، فسألها ابن المبارك: لمَ يا أمَةَ الله؟ قالت: لقد أصيب أهل هذه القرية بالمرض والجوع، ولي صبية صغار، والله ما أجد ما أطعمهم! فتأثر بن المبارك ومَن معه، ونادى فيهم: ليس لكم حج هذا العام. وأخذ الأموال والطعام ودفعها إلى أهل تلك القرية، فأدخل السرور عليهم، وقضى حاجتهم، وعاد إلى بلاده.
وعن عائشة أم المؤمنين قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مَن أدخل على أهل بيتٍ من المسلمين سرورا لم يرض الله له ثوابا دون الجنة. رواه الطبراني بسند حسن.
اللهم استعملنا في طاعته, قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه .
الخطــــبة الثانـية :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسّلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:
عباد الله: كما يجب أن نودع رمضان بإخراج زكاة الفطر؛ فهي طهرة للصائمين مما قد يؤثر في صيامهم ويُنْقِص ثوابه من لغوٍ ورفثٍ ونحوهما، وتكميلاً للأجر، وتنمية للعمل الصالح، ومواساة للفقراء والمساكين، وإغناء لهم عن ذل الحاجة والسؤال يوم العيد، إلى جانب أن فيها إشاعة المحبة والمودة بين فئات المجتمع المسلم.
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: فرض رسول الله زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين. وأمر بها أن تُؤَدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة. متفق عليه.
ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين أو ثلاثة وهكذا ، وقال بعض أهل العلم إنه يجوز إخراجها مالاً، وقيمته تختلف من بلد لآخر؛ فإذا كانت الغاية من إخراج الزكاة أن نتعبد الله بمواساة الفقراء والمساكين، بإغنائهم عن ذل الحاجة والسؤال يوم العيد، فإن كثيراً منهم منقطعون ومغتربون وطلاب علم؛ بل إن كثيرا من البيوت قد لا تجد فيها موقد طعام، ويعتمدون في أكلهم على المطاعم وشراء الطعام الجاهز، فلذلك أجاز أهل العلم قديما وحديثا إخراجها مالاً للحاجة والمصلحة التي تحقق الغاية منها... وقد قال بجواز اخراج زكاة الفطر نقداً جماعة من العلماء والتابعين وائمة المذاهب
أيها المسلمون: حقٌّ على كل واحد منا أن يبكيَ على وداع هذا الشهر ورحيله ، وكيف لا يَبكي المؤمنُ رمضانَ، وفيه تفتح أبوابُ الجنان؟ وكيف لا يبكي المذنب ذَهابه، وفيه تغلق أبواب النيران؟ كيف لا يبكي على وقتٍ تُسَلْسَل فيه الشياطين، فيا لوعةَ الخاشعين على فُقدانه، ويا حرقة المتقين على ذَهابه.
ثم إن علينا كذلك, أن نكثر من الدعاء بأن يتقبل الله منه صيامه وقيامه وسائر العبادات والطاعات التي قام بها في رمضان وغير رمضان، فقد وصف الله حال عباده المؤمنين بعد القيام بالعبادات والطاعات بأنهم: يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (المؤمنون:60)، أي: يخافون أن ترد أعمالهم.
قال الإمام علي -رضي الله عنه-: كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل، ألم تسمعوا إلى قول الحق -عز وجل-: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (المائدة:27)، وكان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان: يا ليت شعري! مَن هذا المقبول منَّا فنهنيه؟! ومن هذا المحروم فنعزيه؟!. ثم ينادي: أيها المقبول، هنيئاً لك! أيها المردود، جبر الله مصيبتك!.
وأخير فإن عيد الفطر المبارك على الأبواب وأول ادابه وسننه التكبير وصلاة العيد واجتماع الناس والتزاور بين الاقارب والارحام والجيران والاصحاب ، وعلينا أن نفرح , وندخل الفرح والسرور على من حولنا, ونبارك لبعضنا البعض ونهنيء بعضنا البعض تحت أي ظروف وفي كل الأحوال , رغم المشاكل والحروب والصرعات ، ورغم الامراض والأوبئة فهذه سنة الإسلام وهذا عيد المسلمين, منه نأخذ التفاؤل والتجديد والأمل في إصلاح أوضاع مجتمعاتنا وأوطاننا وأمتنا ولابد من يسر بعد العسر ولابد من منحة بعد المحنة ولابد من فرج بعد
الكرب ، ومهما طال الليل يعقبه الصباح، فثقوا بالله واملوا به خيراً فهو حسبنا ونعم الوكيل
فاللهم تقبل صيامنا وصلاتنا وقيامنا، واجعل شهر رمضان شاهداً لنا بالحسنات لا شاهداً علينا بالمعاصي والسيئات، وتقبله منا خالصاً لوجهك الكريم، واحفظ علينا نعمة الإسلام، وبركة الطاعة، وحلاوة الإيمان, وأدفع عنا الوباء والأمراض وسيء الأسقام, واحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن وردنا الى دينك ردا جميلاً, وقد أمركم ربكم فقال قولاً كريماً: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (الأحزاب:56). اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
فاللهم تقبل صيامنا وصلاتنا وقيامنا، واجعل شهر رمضان شاهداً لنا بالحسنات لا شاهداً علينا بالمعاصي والسيئات، وتقبله منا خالصاً لوجهك الكريم، واحفظ علينا نعمة الإسلام، وبركة الطاعة، وحلاوة الإيمان, وأدفع عنا الوباء والأمراض وسيء الأسقام, واحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن وردنا الى دينك ردا جميلاً, وقد أمركم ربكم فقال قولاً كريماً: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (الأحزاب:56). اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
خطبة جمعة :
وداعاً يا رمضـــان ... !!
الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات وعلى امره قامت الأرض والسموات ولحكمه خضعت جميع المخلوقات . عز جاهه وجل ثناءوه وتقدست اسمائه ولا اله غيره ولا معبود بحق سواه الأرض ارضه والسماء سماؤه وما بنا من نعمة فمن فيض جوده وبر عطائه .. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد : أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل القائل سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران:102).
عباد الله: ما أسرعَ ما تنقضِي الليالي والأيّام! وما أعجلَ ما تنصرِم الشهور والأعوام! وهذه سُنّة الحيَاة؛ أيّامٌ تمرّ، وأعوَام تكرّ، وفي تقلّب الدّهر عِبر، وفي تغيُّر الأحوال مُدّكَر، قال -تعالى-: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ (فاطر:37), فهذا شهرُ رَمضانَ تقوَّضَت خِيامه، وتصرَّمت لياليه وأيّامُه، قرُب رَحيلُه، وأزِف تحويلُه، انتصَب مودِّعا، وسَار مسرعا، ولله الحمد على ما قضَى وأبرَم، وله الشّكر على ما أعطى وأنعم, فاستدركِوا -رحمكم الله- بقيّتَ أيامه وساعاته بالمسارعة إلى المكارم والخيرات، واغتنامِ الفضائل والقرُبات، ومَن أحسن فعليه بالتمام، ومن فرَّط فليختم بالحسنى؛ فالعمل بالخِتام، قال -تعالى-: ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (يونس:26).
أيها المسلمون: إنه ينبغي أن نودع رمضان بإعداد خطةٍ ، وبرنامجٍ عمليٍّ يستمر المسلم في أدائه والقيام به طوال العام؛ وبذلك نكون ممن استفاد من رمضان، وممن تعرضوا لنفحات الرحمن، وممن قَبِلَهم الواحد الدَّيَّان, فيعزم المسلم على المحافظة على الصلوات في أوقاتها، والتقرب إلى الله بالنوافل والطاعات، وأن يكون له وردٌ من القرآن يقرؤه، أو يسمعه، ويتدبر آياته كل يوم, وعلى المسلم المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وعليه أن لا يترك الصيام أو يبتعد عنه حتى وإن ذهب رمضان, فإن من السنة صيام الأثنين والخميس وأيام البيض والست من شوال والعاشر من محرم وأيام العشر من ذي الحجة وغيرها من أيام الله, وعلى المسلم أن يكثر من ذكر الله على كل حال، وعليه تربية نفسه على إتقان الأعمال، وإخلاص النية، ومراقبة الله، والخوف منه.
ومن ذلك أن يزكي نفسه بالأخلاق الفاضلة التي تعلم الكثير منها في شهر رمضان، كالصدق، والصبر، والحلم، والعفو، والتسامح، وسلامة المنطق، والبعد عن الفحش والبذاءة والسباب، فتكون زاداً له طَوَال العام، يتخلق بها في المجتمع؛ فيحبه الله، ويحبه الناس ورب رمضان هو رب كل الشهور والأيام , وقد حذر -سبحانه- من النكوص بعد الإقدام، ومن المعصية بعد الطاعة، ومن العقوق بعد البر والصلة، فقال سبحانه : (لاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (النحل:92).
ومن استطاع أن يودع رمضان بصناعة ابتسامة مشرقة، وبسرورٍ يدخله قلوبَ مَن حوله فليفعل ، إن هذا العمل وهذه العبادة من أعظم وأجَلّ العبادات عند الله -سبحانه وتعالى-، قال -صلي الله عليه و سلم-: "أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله -عز وجل- سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دَيْنَاً، أو تطرد عنه جوعا؛ ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهراً، ومَن كف غضبَه ستر الله عورته، ومَن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضاً يوم القيامة، ومَن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله -تعالى- قدمه يوم تزل الأقدام؛ وإنَّ سوء الخلق ليُفْسِدُ العمل كما يفسد الخلُّ العسلَ"( صحيح الجامع).
ايها المؤمنون: احذروا عقوق الوالدين واحسنوا صحبتهما ورعايتهما ، لا دخلوا السرور عليهما بطاعتهما وبرهما وصلتهما والإتصال بهما، والإنفاق عليهما، وذلك من أعظم أبواب البر, فكما أن للصائم باباً إلى الجنة هو بابُ الريان، فكذلك الوالدان؛ فإنهما بابان إلى الجنة. فأين البر؟ وأين الصلة؟ وأين الرحمة بهما؟ إنه -مهما عملنا- فلن نؤدي حقهما.
رجل من أهل اليمن يطوف بالبيت، يحمل أمه العجوز على ظهره، مَن منا يفعل هذا؟ ومَن منا يتصور هذا قبل أن يفعله؟ يحمل أمه على ظهره ثم يطوف حول البيت ويسعى بها بين الصفاء والمروة ، هل وصلنا بالبر إلى هذا المستوى؟ هل وصلنا بطاعة الوالدين وحبهما إلى هذه الدرجة؟ فرأى ابن عمر، ذلك الرجل الصحابي الفقيه، فقال له: يا ابن عمر! أتراني جزيتها؟ أي: هل تراني بهذا الفعل
وداعاً يا رمضـــان ... !!
الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات وعلى امره قامت الأرض والسموات ولحكمه خضعت جميع المخلوقات . عز جاهه وجل ثناءوه وتقدست اسمائه ولا اله غيره ولا معبود بحق سواه الأرض ارضه والسماء سماؤه وما بنا من نعمة فمن فيض جوده وبر عطائه .. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد : أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل القائل سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران:102).
عباد الله: ما أسرعَ ما تنقضِي الليالي والأيّام! وما أعجلَ ما تنصرِم الشهور والأعوام! وهذه سُنّة الحيَاة؛ أيّامٌ تمرّ، وأعوَام تكرّ، وفي تقلّب الدّهر عِبر، وفي تغيُّر الأحوال مُدّكَر، قال -تعالى-: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ (فاطر:37), فهذا شهرُ رَمضانَ تقوَّضَت خِيامه، وتصرَّمت لياليه وأيّامُه، قرُب رَحيلُه، وأزِف تحويلُه، انتصَب مودِّعا، وسَار مسرعا، ولله الحمد على ما قضَى وأبرَم، وله الشّكر على ما أعطى وأنعم, فاستدركِوا -رحمكم الله- بقيّتَ أيامه وساعاته بالمسارعة إلى المكارم والخيرات، واغتنامِ الفضائل والقرُبات، ومَن أحسن فعليه بالتمام، ومن فرَّط فليختم بالحسنى؛ فالعمل بالخِتام، قال -تعالى-: ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (يونس:26).
أيها المسلمون: إنه ينبغي أن نودع رمضان بإعداد خطةٍ ، وبرنامجٍ عمليٍّ يستمر المسلم في أدائه والقيام به طوال العام؛ وبذلك نكون ممن استفاد من رمضان، وممن تعرضوا لنفحات الرحمن، وممن قَبِلَهم الواحد الدَّيَّان, فيعزم المسلم على المحافظة على الصلوات في أوقاتها، والتقرب إلى الله بالنوافل والطاعات، وأن يكون له وردٌ من القرآن يقرؤه، أو يسمعه، ويتدبر آياته كل يوم, وعلى المسلم المحافظة على أذكار الصباح والمساء، وعليه أن لا يترك الصيام أو يبتعد عنه حتى وإن ذهب رمضان, فإن من السنة صيام الأثنين والخميس وأيام البيض والست من شوال والعاشر من محرم وأيام العشر من ذي الحجة وغيرها من أيام الله, وعلى المسلم أن يكثر من ذكر الله على كل حال، وعليه تربية نفسه على إتقان الأعمال، وإخلاص النية، ومراقبة الله، والخوف منه.
ومن ذلك أن يزكي نفسه بالأخلاق الفاضلة التي تعلم الكثير منها في شهر رمضان، كالصدق، والصبر، والحلم، والعفو، والتسامح، وسلامة المنطق، والبعد عن الفحش والبذاءة والسباب، فتكون زاداً له طَوَال العام، يتخلق بها في المجتمع؛ فيحبه الله، ويحبه الناس ورب رمضان هو رب كل الشهور والأيام , وقد حذر -سبحانه- من النكوص بعد الإقدام، ومن المعصية بعد الطاعة، ومن العقوق بعد البر والصلة، فقال سبحانه : (لاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (النحل:92).
ومن استطاع أن يودع رمضان بصناعة ابتسامة مشرقة، وبسرورٍ يدخله قلوبَ مَن حوله فليفعل ، إن هذا العمل وهذه العبادة من أعظم وأجَلّ العبادات عند الله -سبحانه وتعالى-، قال -صلي الله عليه و سلم-: "أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله -عز وجل- سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دَيْنَاً، أو تطرد عنه جوعا؛ ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهراً، ومَن كف غضبَه ستر الله عورته، ومَن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضاً يوم القيامة، ومَن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله -تعالى- قدمه يوم تزل الأقدام؛ وإنَّ سوء الخلق ليُفْسِدُ العمل كما يفسد الخلُّ العسلَ"( صحيح الجامع).
ايها المؤمنون: احذروا عقوق الوالدين واحسنوا صحبتهما ورعايتهما ، لا دخلوا السرور عليهما بطاعتهما وبرهما وصلتهما والإتصال بهما، والإنفاق عليهما، وذلك من أعظم أبواب البر, فكما أن للصائم باباً إلى الجنة هو بابُ الريان، فكذلك الوالدان؛ فإنهما بابان إلى الجنة. فأين البر؟ وأين الصلة؟ وأين الرحمة بهما؟ إنه -مهما عملنا- فلن نؤدي حقهما.
رجل من أهل اليمن يطوف بالبيت، يحمل أمه العجوز على ظهره، مَن منا يفعل هذا؟ ومَن منا يتصور هذا قبل أن يفعله؟ يحمل أمه على ظهره ثم يطوف حول البيت ويسعى بها بين الصفاء والمروة ، هل وصلنا بالبر إلى هذا المستوى؟ هل وصلنا بطاعة الوالدين وحبهما إلى هذه الدرجة؟ فرأى ابن عمر، ذلك الرجل الصحابي الفقيه، فقال له: يا ابن عمر! أتراني جزيتها؟ أي: هل تراني بهذا الفعل
أرجعتُ لأمي حقها؟ فقال له ابن عمر: لا؛ ولا بزفرة من زفراتها، ولا بطلقة من طلقاتها حين وضعتك من بطنها.
وأرحامكم! لا تنسوا أن تحسنوا إليهم، وأن تصلوا ما بينكم وبينهم من قطيعة، وأن تدخلوا البهجة والسرور إلى نفوسهم، فقد قضى جبار السماوات والأرض على نفسه أنه من وصل رحمه وصله الله، ومن قطعها قطعه الله. فلا تنسوا المعروف بينكم مهما كانت الخلافات، ولا تنسوا الحقوق والواجبات مهما بعدت المسافات.
كما ينبغي أن نودع رمضان بابتسامة مشرقة نزرعها في وجوه الفقراء والمساكين والأيتام، كلا بما يستطيع خاصة هذه الأيام، فالعيد على الأبواب، وإدخال الفرح والبهجة والسرور من أعظم القربات عند الله, لقد كان حكيم بن حزام، الصحابي الجليل، يحزن على اليوم الذي لا يجد فيه محتاجا ليقضي له حاجته؛ فيقول: ما أصبحت وليس ببابي صاحب حاجة إلا علمت أنها من المصائب التي أسأل الله الأجر عليها.
وهذا ابن المبارك -عليه رحمة الله- حَجَّ مع جمع من أهل مَرْو، فلما كانوا في منتصف الطريق نزلوا في مكان ليستريحوا قليلا بجانب قرية من القرى، فرأوا امرأة أخذت دجاجة ميتة كانت في عرض الطريق، فسألها ابن المبارك: لمَ يا أمَةَ الله؟ قالت: لقد أصيب أهل هذه القرية بالمرض والجوع، ولي صبية صغار، والله ما أجد ما أطعمهم! فتأثر بن المبارك ومَن معه، ونادى فيهم: ليس لكم حج هذا العام. وأخذ الأموال والطعام ودفعها إلى أهل تلك القرية، فأدخل السرور عليهم، وقضى حاجتهم، وعاد إلى بلاده.
وعن عائشة أم المؤمنين قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مَن أدخل على أهل بيتٍ من المسلمين سرورا لم يرض الله له ثوابا دون الجنة. رواه الطبراني بسند حسن.
اللهم استعملنا في طاعته, قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه .
الخطــــبة الثانـية :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسّلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:
عباد الله: كما يجب أن نودع رمضان بإخراج زكاة الفطر؛ فهي طهرة للصائمين مما قد يؤثر في صيامهم ويُنْقِص ثوابه من لغوٍ ورفثٍ ونحوهما، وتكميلاً للأجر، وتنمية للعمل الصالح، ومواساة للفقراء والمساكين، وإغناء لهم عن ذل الحاجة والسؤال يوم العيد، إلى جانب أن فيها إشاعة المحبة والمودة بين فئات المجتمع المسلم.
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: فرض رسول الله زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين. وأمر بها أن تُؤَدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة. متفق عليه.
ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين أو ثلاثة وهكذا ، وقال بعض أهل العلم إنه يجوز إخراجها مالاً، وقيمته تختلف من بلد لآخر؛ فإذا كانت الغاية من إخراج الزكاة أن نتعبد الله بمواساة الفقراء والمساكين، بإغنائهم عن ذل الحاجة والسؤال يوم العيد، فإن كثيراً منهم منقطعون ومغتربون وطلاب علم؛ بل إن كثيرا من البيوت قد لا تجد فيها موقد طعام، ويعتمدون في أكلهم على المطاعم وشراء الطعام الجاهز، فلذلك أجاز أهل العلم قديما وحديثا إخراجها مالاً للحاجة والمصلحة التي تحقق الغاية منها... وقد قال بجواز اخراج زكاة الفطر نقداً جماعة من العلماء والتابعين وائمة المذاهب
أيها المسلمون: حقٌّ على كل واحد منا أن يبكيَ على وداع هذا الشهر ورحيله ، وكيف لا يَبكي المؤمنُ رمضانَ، وفيه تفتح أبوابُ الجنان؟ وكيف لا يبكي المذنب ذَهابه، وفيه تغلق أبواب النيران؟ كيف لا يبكي على وقتٍ تُسَلْسَل فيه الشياطين، فيا لوعةَ الخاشعين على فُقدانه، ويا حرقة المتقين على ذَهابه.
ثم إن علينا كذلك, أن نكثر من الدعاء بأن يتقبل الله منه صيامه وقيامه وسائر العبادات والطاعات التي قام بها في رمضان وغير رمضان، فقد وصف الله حال عباده المؤمنين بعد القيام بالعبادات والطاعات بأنهم: يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (المؤمنون:60)، أي: يخافون أن ترد أعمالهم.
قال الإمام علي -رضي الله عنه-: كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل، ألم تسمعوا إلى قول الحق -عز وجل-: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (المائدة:27)، وكان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان: يا ليت شعري! مَن هذا المقبول منَّا فنهنيه؟! ومن هذا المحروم فنعزيه؟!. ثم ينادي: أيها المقبول، هنيئاً لك! أيها المردود، جبر الله مصيبتك!.
وأخير فإن عيد الفطر المبارك على الأبواب وأول ادابه وسننه التكبير وصلاة العيد واجتماع الناس والتزاور بين الاقارب والارحام والجيران والاصحاب ، وعلينا أن نفرح , وندخل الفرح والسرور على من حولنا, ونبارك لبعضنا البعض ونهنيء بعضنا البعض تحت أي ظروف وفي كل الأحوال , رغم المشاكل والحروب والصرعات ، ورغم الامراض والأوبئة فهذه سنة الإسلام وهذا عيد المسلمين, منه نأخذ التفاؤل والتجديد والأمل في إصلاح أوضاع مجتمعاتنا وأوطاننا وأمتنا ولابد من يسر بعد العسر ولابد من منحة بعد المحنة ولابد من فرج بعد
وأرحامكم! لا تنسوا أن تحسنوا إليهم، وأن تصلوا ما بينكم وبينهم من قطيعة، وأن تدخلوا البهجة والسرور إلى نفوسهم، فقد قضى جبار السماوات والأرض على نفسه أنه من وصل رحمه وصله الله، ومن قطعها قطعه الله. فلا تنسوا المعروف بينكم مهما كانت الخلافات، ولا تنسوا الحقوق والواجبات مهما بعدت المسافات.
كما ينبغي أن نودع رمضان بابتسامة مشرقة نزرعها في وجوه الفقراء والمساكين والأيتام، كلا بما يستطيع خاصة هذه الأيام، فالعيد على الأبواب، وإدخال الفرح والبهجة والسرور من أعظم القربات عند الله, لقد كان حكيم بن حزام، الصحابي الجليل، يحزن على اليوم الذي لا يجد فيه محتاجا ليقضي له حاجته؛ فيقول: ما أصبحت وليس ببابي صاحب حاجة إلا علمت أنها من المصائب التي أسأل الله الأجر عليها.
وهذا ابن المبارك -عليه رحمة الله- حَجَّ مع جمع من أهل مَرْو، فلما كانوا في منتصف الطريق نزلوا في مكان ليستريحوا قليلا بجانب قرية من القرى، فرأوا امرأة أخذت دجاجة ميتة كانت في عرض الطريق، فسألها ابن المبارك: لمَ يا أمَةَ الله؟ قالت: لقد أصيب أهل هذه القرية بالمرض والجوع، ولي صبية صغار، والله ما أجد ما أطعمهم! فتأثر بن المبارك ومَن معه، ونادى فيهم: ليس لكم حج هذا العام. وأخذ الأموال والطعام ودفعها إلى أهل تلك القرية، فأدخل السرور عليهم، وقضى حاجتهم، وعاد إلى بلاده.
وعن عائشة أم المؤمنين قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مَن أدخل على أهل بيتٍ من المسلمين سرورا لم يرض الله له ثوابا دون الجنة. رواه الطبراني بسند حسن.
اللهم استعملنا في طاعته, قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه .
الخطــــبة الثانـية :
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسّلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمّا بعد:
عباد الله: كما يجب أن نودع رمضان بإخراج زكاة الفطر؛ فهي طهرة للصائمين مما قد يؤثر في صيامهم ويُنْقِص ثوابه من لغوٍ ورفثٍ ونحوهما، وتكميلاً للأجر، وتنمية للعمل الصالح، ومواساة للفقراء والمساكين، وإغناء لهم عن ذل الحاجة والسؤال يوم العيد، إلى جانب أن فيها إشاعة المحبة والمودة بين فئات المجتمع المسلم.
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: فرض رسول الله زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين. وأمر بها أن تُؤَدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة. متفق عليه.
ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين أو ثلاثة وهكذا ، وقال بعض أهل العلم إنه يجوز إخراجها مالاً، وقيمته تختلف من بلد لآخر؛ فإذا كانت الغاية من إخراج الزكاة أن نتعبد الله بمواساة الفقراء والمساكين، بإغنائهم عن ذل الحاجة والسؤال يوم العيد، فإن كثيراً منهم منقطعون ومغتربون وطلاب علم؛ بل إن كثيرا من البيوت قد لا تجد فيها موقد طعام، ويعتمدون في أكلهم على المطاعم وشراء الطعام الجاهز، فلذلك أجاز أهل العلم قديما وحديثا إخراجها مالاً للحاجة والمصلحة التي تحقق الغاية منها... وقد قال بجواز اخراج زكاة الفطر نقداً جماعة من العلماء والتابعين وائمة المذاهب
أيها المسلمون: حقٌّ على كل واحد منا أن يبكيَ على وداع هذا الشهر ورحيله ، وكيف لا يَبكي المؤمنُ رمضانَ، وفيه تفتح أبوابُ الجنان؟ وكيف لا يبكي المذنب ذَهابه، وفيه تغلق أبواب النيران؟ كيف لا يبكي على وقتٍ تُسَلْسَل فيه الشياطين، فيا لوعةَ الخاشعين على فُقدانه، ويا حرقة المتقين على ذَهابه.
ثم إن علينا كذلك, أن نكثر من الدعاء بأن يتقبل الله منه صيامه وقيامه وسائر العبادات والطاعات التي قام بها في رمضان وغير رمضان، فقد وصف الله حال عباده المؤمنين بعد القيام بالعبادات والطاعات بأنهم: يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (المؤمنون:60)، أي: يخافون أن ترد أعمالهم.
قال الإمام علي -رضي الله عنه-: كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل، ألم تسمعوا إلى قول الحق -عز وجل-: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (المائدة:27)، وكان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان: يا ليت شعري! مَن هذا المقبول منَّا فنهنيه؟! ومن هذا المحروم فنعزيه؟!. ثم ينادي: أيها المقبول، هنيئاً لك! أيها المردود، جبر الله مصيبتك!.
وأخير فإن عيد الفطر المبارك على الأبواب وأول ادابه وسننه التكبير وصلاة العيد واجتماع الناس والتزاور بين الاقارب والارحام والجيران والاصحاب ، وعلينا أن نفرح , وندخل الفرح والسرور على من حولنا, ونبارك لبعضنا البعض ونهنيء بعضنا البعض تحت أي ظروف وفي كل الأحوال , رغم المشاكل والحروب والصرعات ، ورغم الامراض والأوبئة فهذه سنة الإسلام وهذا عيد المسلمين, منه نأخذ التفاؤل والتجديد والأمل في إصلاح أوضاع مجتمعاتنا وأوطاننا وأمتنا ولابد من يسر بعد العسر ولابد من منحة بعد المحنة ولابد من فرج بعد
الكرب ، ومهما طال الليل يعقبه الصباح، فثقوا بالله واملوا به خيراً فهو حسبنا ونعم الوكيل
فاللهم تقبل صيامنا وصلاتنا وقيامنا، واجعل شهر رمضان شاهداً لنا بالحسنات لا شاهداً علينا بالمعاصي والسيئات، وتقبله منا خالصاً لوجهك الكريم، واحفظ علينا نعمة الإسلام، وبركة الطاعة، وحلاوة الإيمان, وأدفع عنا الوباء والأمراض وسيء الأسقام, واحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن وردنا الى دينك ردا جميلاً, وقد أمركم ربكم فقال قولاً كريماً: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (الأحزاب:56). اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
فاللهم تقبل صيامنا وصلاتنا وقيامنا، واجعل شهر رمضان شاهداً لنا بالحسنات لا شاهداً علينا بالمعاصي والسيئات، وتقبله منا خالصاً لوجهك الكريم، واحفظ علينا نعمة الإسلام، وبركة الطاعة، وحلاوة الإيمان, وأدفع عنا الوباء والأمراض وسيء الأسقام, واحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن وردنا الى دينك ردا جميلاً, وقد أمركم ربكم فقال قولاً كريماً: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (الأحزاب:56). اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.