معالِم الوفاق المنهجيِّ
في علوم الصّحابة رضي الله عنهم


من دقيق أنظار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في فقه الصَّحابة: إبانتُه عن معالم الوفاق المنهجي في نظرهم وبحثهم.
وذلك أنَّ الكلام المحفوظ عنهم في العلم في ثلاثة أبواب:

🟠مسائل أصول الدِّين.
وبيَّن الشيخ رحمه الله هنا: أنه لا يكاد يُذكَر خلافٌ عنهم فيها، إلا في مسائل معدودة ليست من الأصول الكبار، كرؤية النبي ﷺ لربه ليلة المعراج.

🟠مسائل التَّفسير.
وبيَّن رحمه الله هنا: أنَّ أقوالهم في التَّفسير متقاربة، ومنازعَهم متدانية، وأنّ أكثر خلافهم هنا هو من باب خلاف التنوُّع لا خلاف التضادِّ، فصار الخلافُ في جملتِه آيلًا إلى الوفاق.

🟠مسائل الأحكام.
وبيَّن رحمه الله هنا: أنَّ هذه المسائل هي محلُّ غالب الخلاف المرويِّ عنهم في العلم، على أنّ خلافهم فيها أقلُّ من خلاف من بعدهم، مع ما لهم فيها من كمال العقل والإنصاف والإعذار، وحسن التأتِّي في طلب الحق.

وإذا علمتَ هذا؛ رأيتَ بجلاء أسباب الوفاق في الدِّين عند ذلك الجيل:

⏺ فإنَّ الخلاف في أصول الدين باب شرٍّ عريض، يحمل على التَّعادي والتَّقاطع!

⏺وكذلك الخلاف في معاني كلام الله (= التفسير)، إذا كان كثيرًا، وكان متضادًّا، فإنه يكون باب فتنةٍ وتلبيسٍ، والقرآن العزيز إنما أنزل تبيانًا وشفاءً.

⏺ وأما الخلاف في الأحكام العملية؛ فهو أهون هذه الأمور؛ إذ كان جائزًا لكلِّ واحد أن يعملَ بما أدَّاه إليه اجتهادُه، مع إعذاره لغيره وعدم القطع بخطئه. لكن الشرَّ كلَّ الشرِّ في التضادِّ في فهم كلام الله تعالى وفي الاضطراب في تحقيق الاعتقاد الواجب له سبحانه.

تسجيل عفوي مرتجل؛ بعثت به إلى بعض الأحبة في وقت سابق.
وقد ضمنتُه ذكر أربع ركائز كلية للتحقيق الأصولي:
⏺ركيزة التكامل بين العلوم.
⏺ركيزة المقارنة بين المصادر.
⏺ركيزة النّقد.
⏺ركيزة الممارسة للنصوص.

#أصول_الفقه
#مآخذ_الأصول

⚪️فصلٌ جوزيٌّ نفيسٌ:
"فإن قيل: ما بال الإنسان يقع في الذنب مع علمه بقبح عواقبه؟"

💡فائدة:
قد نقل العلامة ابن المبرد رحمه الله ( ت ٩٠٩ هـ) في "بحر الدم" (ص١٦١) قول الإمام أحمد: "اُترُكْ رأيَ أبي حنيفةَ وأصحابِه".

وأورد هذا المعنى أيضا في "تنوير الصحيفة" (ص ١٠٥-١٠٧) بسنده إلى ابن هانئ أنه سأل الإمام أحمد:
ما وجه التوبة والإنابة؟
فقال له ذلك في كلام كثير، منه:
"وتركُ الأهواءِ والجدالاتِ والخصوماتِ في الدين، وتركُ رأيِ أبي حنيفةَ وأصحابِه".

ثم إن ابن المبرد رحمه الله؛ تأوَّل قولَ الإمام أحمد هذا من عشرة أوجه، وإنَّني وإنْ كنتُ لا أرتضي كثيرا منها -من جهة النَّظر والتَّحقيق- إلا أنَّني أجد من المناسب أنْ أسوقها هنا؛ ليعتبر النّاظر بمسالك العلماء، ويهتدي بطريقتهم، في الحرص على الذبِّ عن الأئمة بتوجيه مشكل هذه المقالات، حتّى لا يظنَّه مسلكًا شاذًّا انفرد به أهل العصر، مفارقين به سبيل أهل العلم من قبل.
وستجد في هذه الأجوبة: الوجه القريبَ، والأقربَ، والبعيد والأبعد، والمحتمل السائغ، وللمجموع من القوَّة ما ليس للآحاد.

قال ابن المبرد رحمه الله في "تنوير الصحيفة" (ص٩١ - ٩٣):
"ولا يغترَّنَّ مغترٌّ بقول الإمام أحمد: (وترْكُ رأيِ أبي حنيفة وأصحابه)؛ فإنَّ الجواب عن هذا من عشرة أوجه:
🟠الأوَّلُ: أنه لم يذُمَّ أبا حنيفة، إنَّما أمر بترك الرأي فقط؛ لأنَّه ليس بجارٍ على قواعده واجتهاده.
🟠والثّاني: أنه قد ورد عنه من الثّناء على أبي حنيفة والترحُّم عليه، ما يوجِب تعظيمَه، و[إن] لم يقل برأيه.
🟠والثَّالث: أنه مجتهد، والمجتهد ليس له التَّقليدُ في الرّأي.
🟠والرَّابع: أنّه لم يأمر بترك رأيه فقط؛ إنّما أمر بترك كلّ رأي، ولهذا قال: (ونحوه).
🟠والخامس: أنَّ مذهبه العملُ بخبر الآحاد خلافًا لأبي حنيفة، فقد يكون مرادُه بالرّأي: الذي ترك فيه العمل بالآحاد، وعمل بالرّأي.
🟠والسّادس: المراد بالرأي المخالف لمطلق الحديث.
🟠والسَّابع: الرأي المخالف لأقوال الصحابة والتابعين.
🟠والثّامن: أنّ الكلام من الإمام أحمد ليس كالكلام من غيره؛ إذ هو قريبٌ منه، وهو قبل استقرار المذاهب، والمجتهد -لا سيما المقارب للمجتهد- له أن يقوِّي مذهبه، وتضعيفُه قولَ غيره تقويةٌ لمذهبه.
🟠والتّاسع: أنّ المجتهد لا يصحُّ له قولُه حتَّى يعتقد بطلان مذهب خصمه، وحيث اعتقد بطلانه؛ جاز له الأمر بتركه.
🟠والعاشر: أنّه إنّما قال ذلك؛ لمن قلّده في اجتهاده، ولم يقله لكل أحد.
فلا يغترَّنَّ أحدٌ بذلك؛ فإنّ الإمام أحمدَ كان يثني على أبي حنيفة، ويترحَّم عليه" انتهى.

📖 فصلٌ نفيسٌ:
(أنواع الاختلاف الناشئة عن التأويل، وانقسام الاختلاف إلى محمود ومذموم).
وهو الفصل الثاني والعشرون من كتاب: [الصواعق المرسلة (١/ ٢٦٥-٢٦٩) ط. عالم الفوائد]، للعلامة الإمام أبي عبد الله ابن قيِّم الجوزية (ت ٧٥١ هـ) رحمه الله تعالى.

📝 مُلخَّص الفصل:
أورد المؤلف في هذا الفصل الوجيز جملًا جامعة ونُكتًا بارعة، في:
▫️ أصل الاختلاف.
▫️وأقسامه.
▫️وأثر الخلاف على أهله.

ففيه -على الجملة- ثلاثةُ أمورٍ، على هذا الوجه:

⬅الأمر الأول:
في أصل الاختلاف، وبيَّن رحمه الله أنه ضروريٌّ في النشأة الإنسانيّة؛ لتفاوت الناس في أفهامهم وإراداتهم، ولا يضرُّ هذا الاختلاف إذا صحَّ القصدُ، وانتفى التحزُّب والتفرُّق.

⬅الأمر الثاني:
في أقسام الخلاف، وهي ثلاثة:

1⃣ القسم الأول:
مذموم مطلقا، وهو الاختلاف بسبب التأويل الباطل.

2⃣القسم الثاني:
محمودٌ من وجهٍ، مذمومٌ من وجه.
▫️فالمحمود نوعان:
▫️ما صدر عن اجتهاد وفِّق صاحبه لإصابة الحق.
فهو: محمودٌ على اجتهاده، مأجور على إصابته.
▫️وما صدر عن اجتهاد لم يُقصِّرْ صاحبه، لكنه أخطأ الحقَّ.
فهو: محمودٌ على اجتهاده، معفوٌّ عن خطئه، مرفوعٌ عنه اسم الذَّم.
▫️والمذموم نوعان:
▫️ ما لم يصدر عن اجتهادٍ أصلا.
▫️ ما صدر عن اجتهاد فيه تقصير أو عدوان.

3⃣ القسم الثالث:
اختلافٌ هو وفاق في الحقيقة، وهو الاختلاف في الأولويّة بعد الاتفاق على جواز الجميع.

⬅الأمر الثالث:
آثار الخلاف المحمود والمذموم:
▫️الخلاف المحمود:
لا يفضي إلى التفرُّق والتحزُّب وتبديد الشَّمل، بل هو اختلاف رحمةٍ وهدى وتعاوُنٍ وتناصُرٍ وتذاكُرٍ وتشاوُرٍ.
▫️والخلاف المذموم:
يفضي إلى التفرُّق والتحزُّب، فهو اختلاف فتنةٍ وشرٍّ وتقاطُعٍ وتدابُرٍ.

🦋 من مطامح النّفس: أن تعيد دار (أسفار) طباعة هذا الشّرح النَّفيس في مجلَّدين لا ثلاثة؛ تيسيرًا للحمل والمذاكرة والتفتيش.
وهذا ممكن من غير إعادة صفٍّ وتنسيقٍ؛ فإنَّ مجموع صفحات المجلدات الثلاثة تبلغ (١٤٠٠ صفحة)، فإذا قُسِّمت على مجلَّدين؛ كان المجلد الواحد يبلغ (٧٠٠) صفحة، وهو مقدار شائع في المجلَّد العلميّ.
وأما مع تغيير الصفِّ قليلا وتقليصه يسيرا؛ فيمكن أن يكون المجلد في (٦٠٠) صفحة.
وكلا الأمرين ممكن.

#أصول_الفقه
#مآخذ_الأصول

💡فائدة:
قال الدكتور طه بن جابر العلواني رحمه الله:
"وفي القرن الثالث عشر الهجري: كتب القاضي الشوكانيُّ ( ت ١٢٥٥ هـ) كتابَه الأصوليَّ "إرشاد الفحول" وفي هذا الكتاب على صغر حجمه:
⏺عرضٌ جيد لمختلف الآراء الأصولية.
⏺مع ذكر أدلّة أصحابها باختصار غير مخلٍّ.
⏺مع ترجيح بعض ما يراه راجحًا.
والكتاب يصلح للدِّراسة الأصوليّة المقارنة لدارس (أصول الفقه) ، وقد طُبع عدّة مرّات، ولم يُقرَّر للدراسة في معهد من معاهد العلم التي نعرفها، مع صلاحه لذلك" انتهى.

أصول الفقه الإسلامي: منهج بحث ومعرفة، د. طه جابر العلواني، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ١٤٠٨ هـ، (ص٣٩).

#أصول_الفقه
#مآخذ_الأصول

_


💡 تشجير (الكتاب الأول - في تقسيم أحكام التكليف) من روضة الناظر:


https://drive.google.com/file/d/1F7POEhktcnWZDYRUMMXNIKuPDOYVFxLD/view?usp=drivesdk


جُذاذة من #الحقيبة_التعليمية_على_روضة_الناظر 🤍
تصدر #قريبا بإذن الله 💕

_

✈️ قفزةٌ أصولية

غدًا الخميس بإذن الله نبدأ في قفزة أصولية عالية بقراءة كتاب: (التوضيح في شرح التنقيح) لحلولو المالكي رحمه الله لمدة 🔟 أيام ..

📝 الورد المقترح:
١٠٠- ١٢٠ صفحة يوميًّا.

🌸 مزايا القفزة:
▫️ توفير الكتاب بصيغة pdf.
▫️وضع جدول للإنجاز والمتابعة (يُرسل الليلة بإذن الله).
▫️ تخصيص خانة للمناقشة أسفل منشور الورد اليومي (خانة التعليقات).

📍ملحوظة:
الصفحات في الحقيقة أقل من العدد المذكور بكثير؛ فإن الهوامش في الكتاب تستغرق قدرا كبيرا، والصفّ في الكتاب فيه سعة.
فإذا قدّرت الصفحات بالصف المتوسط من غير هوامش تكون (١٢٠ صفحة) = (٨٠ صفحة تقريبًا).

💡إضاءة:
هذه القفزة لأرباب الهمّة العالية الذين لا يصُدنَّهم عن علم الأصول صادٌّ، ولا يرُدنَّهم عن منادمته رادٌّ :) 💕🤍

فحيهلا بكم -آل الأصول- في هذه القفزة العلمية ..👏

🔖 ولا يفوتنكم اقتناص عزيز النُّقول وانتخاب عيون الفوائد مما تطالعونه في هذا الشرح النفيس ..

بلغكم الله منتهى الوصول إلى ثمرات الأصول 🤍