Warning: Undefined array key 0 in /var/www/tgoop/function.php on line 65

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /var/www/tgoop/function.php on line 65
6314 - Telegram Web
Telegram Web
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
أوجاع في الصميم ،،،

من حركة حماس في حضن إيران إلى مشايخ وعلماء ووعاظ الأمة حلفاء سياسيين في حضن الطائفة الشيعية والتي تملك مشروعا سياسيا معاديا نكل بالمسلمين!

يكاد قلبي من الألم والأسف على حال أمتي وعلى حال كثير من الدعاة والوعاظ أن يبكيني ...

ثم يقول لي بعض العلماء يا أبا الهيجاء خفف علينا وعلى اخوانك في مقالاتك الناقدة!

سيضطرني هذا الخور الفكري والانزياح السياسي تجاه مشروع الملالي المعادي لكتابة مقال جديد نصرة للدين وحفظا لنقاء المسار الإسلامي الأصيل، والذي بات مهددا في كنهه ونقائه بسبب غياب عقول وسوية كثير من الإسلاميين ولا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم.

مضر أبوالهيجاء فلسطين-جنين 3/10/2024
إضاءة فقهية شرعية أخلاقية ،،،

لا يفتى ومالك في المدينة .. كما لا يفتى في شأن المشروع الإيراني الطائفي الشيعي وعلماء العراق والشام أحياء على أرض البسيطة.

من اللافت للإنتباه أن بعض الشخصيات باتت تجري يمنة ويسرة ساعية لافتكاك أي فتوى من عالم معتبر ومشهود له بالصلاح والتقوى والانحياز لقضايا الأمة، وذلك بهدف افتكاك فتوى منه تجيز التحالف بين القوى الإسلامية الفلسطينية مع المشروع الإيراني الذي يقوده الملالي ويتفرع عنه أذرع طائفية شكلت زورا محور المقاومة!

وقد قرأت كلاما لبعض قامات العلماء والمفتين في المغرب العربي الكبير، فاستوقفتني رؤيتهم حول إشكالية العلاقة بين القوى الإسلامية التي تواجه الكيان الصهيوني ومن خلفه أمريكا، والعلاقة والحلف وموقف الإسناد من قبل المحور الإيراني المتنافس مع الكيان الإسرائيلي، والمتخادم منذ لحظة نشوئه مع الإدارة الأمريكية العميقة!

وقد جاء في حديث الشيخ العالم والمفتي الغرياني -الذي نجله ونوقره حفظه الله- قوله:

" الباحثون عن معتقد كل من ينصر غزة؛ هؤلاء لا يخدمون إلا الأعداء، وكلامهم ليس إلا سفسطة فارغة لا قيمة له في العلم.
فكل من ينصر أهل غزة من أي مكان؛ يجب أن نقف معه ونفرح بنصرته.
ولو وقف الكفار مع أهل غزة فيجب أن نفرح بهم، ونناصرهم في هذه القضية"). انتهى كلام الشيخ!

ومما استوقفني في شكل التعاطي جانبان رئيسان هما :

أولا: لماذا يتعاطى كثير من علماء المسلمين وفقهاء الفتيا مع المشروع الإيراني وأذرعه في حدود النظرة العقدية، وكيف يغفلون أو يسقطون من فتاويهم -رغم عقود اعتدائه واحتلاله- اعتبار أنه مشروع عدائي متكامل الأركان يستهدف تدمير الدول والمجتمعات الإسلامية ويصر على مسخ الهوية الإسلامية، رغم أنه لايزال قائما على احتلالاته وأشكال قتله للمسلمين وعدوانه مشهود في العراق واليمن وعموم الشام!

ثانيا : لماذا يتم تجاوز العلماء العارفين والعاملين في حقول الأشواك التي زرعها ملالي إيران في العراق واليمن والشام والأحواز منذ عشرات السنين، وذلك رغم أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وهل يوجد في الأرض اليوم أخبر من علماء العراق أولا ثم الشام ثانيا بطبيعة وكنه ووسائل وأهداف مشروع ملالي إيران؟

وإذا كان لا يفتى ومالك في المدينة توقيرا لمقامه واعترافا لتمكنه من العلم الشرعي واعتبارا لقدراته العلمية الفقهية، أليس من باب أولى أن يرجع مجموع الأمة وعلماؤها ودعاتها لعلماء وفقهاء ومفتي الديار الشامية والعراقية؟

ولماذا يذهب طالب علم -يتحرى الحق والحقيقة- إلى الديار البعيدة مناشدا علماءها - وإن كانوا على قدر عال من الفقه- أن يفتوه في مسألة ونازلة مبحوثة ومقروؤة عند علماء الزمان والمكان المعني بالسؤال المتعلق بالنازلة، ثم يخالفهم ويشذ عنهم؟

إن علماء العراق والشام يتجاوزون كل علماء البسيطة في جانب يملكونه وشرطا لا يحققه غيرهم من أهل الفتيا، ألا وهو الدراية والاطلاع التفصيلي على واقع الحال، والذي بدونه لا تستقيم الفتوى، وبقدر نقصانه تختل!

ألم يفت المجلس الإسلامي السوري - والذي يضم كوكبة من علماء الشريعة المشهود لهم، كما يضم فسيفساء الحركات الإسلامية الثورية والمذاهب الإسلامية المنتشرة في الديار الشامية - في نفس الشأن والسياق الذي تحدث فيه الشيخ الغرياني حفظه الله؟

فلماذا يتجاوز البعض رؤى وفتاوى علماء الشام، كما هي فتاوى علماء العراق - ومنهم هيئة علماء المسلمين في العراق-، ويقفز باحثا عمن يملك علما وفقها، ولكن ينقصه دون أدنى شك ما يتوفر في عقول وتجارب علماء العراق والشام ممن هم معاينين وليسوا مخبرين!

إن إصرار القيادات الإسلامية السياسية الفلسطينية والمجاهدة على الحلف مع عدو للأمة -المشروع الإيراني-، هو سبب مباشر في شق الأمة وتفتيت وحدتها السياسية، الأمر الذي دفعني لنصح وتحذير إخواني في حركتي حماس والجهاد الإسلامي منذ ربع قرن محذرا من خطورة حدوث تصدع في صفوف الأمة سيؤذي القضية الفلسطينية ويؤذي القضايا العربية والإسلامية، لاسيما ودور إيران في تدمير المنطقة وقتل وافقار شعوبها أوضح من نار على علم ولا ينكره نزيه وعاقل!

وكما تجاوزت القيادات الحمساوية -إلا من رحم الله- نصح العلماء وفتواهم في حرمة العودة لنظام بشار الأسد بالأمس، تصر القيادة اليوم على تجاوز علماء العراق والشام ولبنان في حكم الحلف والعلاقة القائمة مع ملالي إيران ومحورها وأذرعها، ولاشك بأن هذا يزيد التصدع السياسي في صفوف الأمة، وهو ينذر بحالة طلاق بائن بين توأمي ثورة الشام في فلسطين وسورية!

وإذا كان تخبط القيادات السياسية الفلسطينية سببا وجيها لشق صفوف ثوار الأمة، فإن فتوى العلماء البعيدين عن الساحات التي يحتلها المشروع الإيراني ويقتل أهلها كل صباح وكل مساء ثم يحرق مدنها ويشرد أهلها، سبب وجيه في شق مذهب الأمة وإفساد دينها، لاسيما والنازلة الحالية تؤثر بشكل مباشر على مصائر شعوب المنطقة، وبالشكل الذي يمس دينها وثقافتها ودماءها وأموالها وأمنها.. الخ
وإذا كان التاريخ الإسلامي يشير إلى نماذج سامية ومضحية في طريق طلب العلم، حتى أن بعضهم كان يهاجر لسنوات طالبا حديثا مرويا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أيدي علماء مشهود لهم، فكيف يتجاوز من يطلبون الحق، أهل العلم في ديارهم المعنية بالمسألة.

وإذا أردنا أن نقف على هوية العلماء العارفين الذين أفتوا في هذا الشأن في أرض الفرات والشام فهو أمر أصعب من أن يحصى، لاسيما وقد بدأت كتابات معاصريهم منذ قرن، ونذكر منهم -على سبيل الذكر لا الحصر- الشيخ العالم محب الدين الخطيب الذي كان يعيش في مصر، وهو خال الشيخ على الطنطاوي رحمهما الله أجمعين وجميع المسلمين، وقد كتب في هذا الصدد منذ أربعينيات القرن المنصرم، رغم أنه لم يكن هناك حجم من الآثار العدوانية التي نكلت بالأمة كما هو الآن ومنذ أربعة عقود خلت، وإذا كانت هذه رؤية وأحكام مبثوثة في مؤلفات الشيخ محب الدين الخطيب وأحمد شاكر ورشيد رضا والسالوسي وغيرهم الكثير من علماء العراق قبل أن تقوم دولة الملالي وقبل أن تفعل الفواحش في المسلمين وتحتل بلادهم، فكيف ينبغي أن تكون الفتوى اليوم في ظل تمزيق العراق وحرق الشام وتفقير اليمن وخراب لبنان وتهديد الجزيرة ..الخ

أعود فأقول أننا إذا كنا غير قادرين على السيطرة على جنوح القيادات السياسية الفلسطينية نحو إيران المعادية، فليس أقل من أن نضبط الفتيا التي توحد ولا تفرق صفوف المسلمين، معتمدين على من يحقق شروط الفتيا بشكل أكبر وسقف أعلى.

أخيرا أوجه سؤالي للشيخ العلامة الجليل الغرياني، وذلك باعتباره دعا المسلمين إلى الوقوف خلف كل من يقاتل الكيان الإسرائيلي الغاصب، دون التوقف أمام كفره وعقيدته، متجاوزا حقيقة العداء الذي تجسده إيران وأذرعها في عدة عواصم عربية، وغير مدرك لمآلات التوسع الإيراني على هوية الأمة الثقافية ودينها ووحدتها السياسية!

السؤال يقول: من حق من اعتدي عليه وعلى أرضه وأهله وماله ودينه أن يقاوم - كما هو حال الشعب الفلسطيني -، فإذا قرر الشعب العراقي والسوري أن يقاتل إيران وأذرعها ليتخلص من أشكال عدوانها، فهل هذا موقف مشروع يوجب علينا نصرة أهل العراق والشام ، أم أن الأمة غير مطالبة بتلك النصرة وهي معفية منها إلا في حدود أرض فلسطين التي رسم حدودها المستعمرين الأوائل؟

وإذا كان قتال الشعبين العراقي والسوري للاحتلال الإيراني -الذي دمر بلديهما- سببا مباشرا وحقيقيا في إضعاف مشروع الملالي وأذرعه في محور المقاومة، فهل هذا الضعف نكبة لا تجوز في حق الفلسطينيين وتضييع لفرصة تحرير الأقصى؟

ثم كيف يمكن أن يكون هذا الرأي الفقهي سببا في تحرير الأقصى دون أن ينحر وحدة الأمة السياسية لصالح وحدة الساحات الطائفية؟

مضر أبوالهيجاء فلسطين-جنين 3/9/2024
عجائب في الصميم ،،،

حجم الإختراق في إيران وحزبها في لبنان سابقة تاريخية !

يقول حفيدي أن كل واحد من الذين سقطوا بالاستهداف الإسرائيلي لحزب الله في لبنان، يوجد في بطنه حبة أرز مشعة!

سألته مستهجنا كيف هذا؟ فأجاب قائلا يا سيدي بسيطة جدا .. فقلت له كيف؟ فقال بكل بساطة الذي أوصل لهم أجهزة البيجر وهي تحتاج لفحص دقيق، أوصل لهم أكياسا من الرز فيها حبيبات مشعة يتم رصدها!

عجيب جدا حجم الإختراق غير المسبوق في الكيان الإسرائيلي وذراعه اللبناني، وهو اختراق لم يحصل منذ ما قبل الميلاد ب ثلاثة آلاف سنة!

مضر أبوالهيجاء فلسطين-جنين 4/10/2024
يقول ابن القيم :

قال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه:

تأملت *أنفع الدعاء* فإذا هو *سؤال العون على مرضاته* ثم رأيته في *الفاتحة* في:

"إياك نعبد وإياك نستعين"
تحذير من احتراب قادم في أمة الموحدين ،،،

قطار الأمة على حافة الوادي فمن يرده إلى طريق الأمان ويضعه على السكة الصواب؟

تكاد تنجح النازلة الإيرانية بشق صفوف الأمة ابتداء بعلمائها وانتهاء بعوامها!

لاشك أن ذلك التيه وتلك الفتنة تجاه مشروع الملالي الطائفي لم تأت نتيجة نضوب شرعي بقدر ما هي نتيجة العصبية الحزبية والتنظيمية، إضافة للقراءة السياسية القاصرة والخاطئة والتي تميز عموم العلماء العاملين في حقل الدعوة إلا من رحم الله.

وإذا نظرنا في تاريخنا المعاصر ورصدنا القامات العلمائية التي بلورت موقفا متقدما واضحا جليا تجاه دين الشيعة أو الطائفة الشيعية منذ قرن مضى، أو منذ استلام الخميني لمفاتيح طهران برعاية الفرنسيين والأمريكان، لوجدناهم أكثر من أن يحصوا، كما أنهم لم يعانوا من هذا النقص والإشكال الذي نعانيه الآن!

لم تبدأ تلك النازلة بشق صفوف الأمة إلا بعد عقد الحلف الفولاذي بين حركة حماس وملالي إيران ومحورها وأذرعها، والتي نشطت في حرق مدن العرب والمسلمين وقتل أبنائهم ودفن علمائهم وتشريد نسائهم في الجبال انطلاقا من حقد طائفي.

إن حالة الانزياح عند بعض العلماء، والتي تتسع كل يوم لتفاجئ الأمة بشخصية علمائية تنزح سياسيا باتجاه إيران، باتت ظاهرة مقلقة تستوجب موقفا تاريخيا لورثة الأنبياء الذين لا يخافون في الله لومة لائم، ومن يملكون شجاعة الموقف من العلماء الربانيين والدعاة الواعين.

إن الأخ صالح العاروري الذي طرح فكرة وحدة الساحات أو كان من بين من طرحوها وتفاعلوا معها بشكل كبير وعميق، لو قدر له أن يخرج من قبره لصرخ بأعلى صوته قائلا أتوب إلى الله من إثم العلاقة بمحور إيران اللعين.

ولو أن الأخ خالد مشعل تبنى علنا موقف القرضاوي الأخير قبل موته لبدل كل العلماء الرماديين اليوم موقفهم المدافع عن مشروعية العلاقة بالمحور الإيراني، ورجعوا إلى طريق ومقولات الصواب!

إن موقف علماء اللون الرمادي تجاه محور إيران اليوم، ليس موقفا شرعيا ولا يتصف بالنزاهة والمسؤولية الشرعية ولا الأخلاقية، بل هو موقف عصبوي يتعلق بالعصبية لفصيل يتبنى الفكرة ويشرعها، ولو أنه تراجع فإن الفقه الرمادي سيتراجع ويبدع في تحريم وتجريم الحلف مع الملالي الإيرانيين الطائفيين المجرمين!

اللهم ابعث لنا من أقصى المدينة رجلا يسعى قائلا لنا يا فلسطينيين اتبعوا المرسلين.

مضر أبوالهيجاء فلسطين-جنين 5/10/2024
دعوة للتفكير وضبط الخطاب ،،،

الأمة المسلمة والنازلة الإيرانية بين الاحتراب والحل.

تسعى أمريكا لاحداث احتراب أقوى وأشد بين المسلمين والشيعة المدعومين من ملالي إيران المتخادمة مع الأمريكان، الأمر الذي استوعبه آية الله الخامنئي فأعلن له الإستعداد والوفاء الكامل لينجو من منعرجات قادمة وخطرة، ووصف حربه إلى يوم القيامة تجاه الأمة العربية والإسلامية -زورا- بالحرب في مواجهة الجبهة اليزيدية!

كل فعل وكل تدافع تلقائي من قبل أمتنا دون تفكير عميق وشامل سيفضي لاحتراب طائفي ويضيف قمحا في ميزان الابتلاع الغربي الصليبي برعاية أمريكية لدولتنا وشعوبنا.

الحل يكمن في تجسيد وثيقة المدينة، واعتبار الشيعة المسالمين أمة مع المؤمنين في منطقة جيوسياسية واحدة وعيش مشترك على قواعد عادلة، الأمر الذي يوجب صياغة خطاب إسلامي ناضج ورسالي يعبر عن روح الشريعة وينسجم مع دعوة الأنبياء والمرسلين.

أما إن فرضت علينا أمريكا وإيران قتال الطائفيين الموالين لمشروعها -سواء أكانوا شيعة أم سنة أم سلفيين داعشيين- فليس أمامنا إلا المواجهة كما هي مشروعة وحق في مواجهة الصهاينة المحتلين، حتى إزالة الظلم والعدوان وإحلال السلام المفضي لحفظ كرامة العالمين.

#دعوة_لضبط_الخطاب_الاسلامي

مضر أبوالهيجاء فلسطين-جنين 6/10/2024
مقالي اليوم بمناسبة مرور عام على المذابح الصهيوأمريكية لشعب فلسطين، وهو تحت عنوان :

الحصاد الفلسطيني المر في فضاء الطوفان المختل.

ألقي الضوء في المقال على جوانب الخلل الرئيسية، والتصورات الفاسدة في مشروع التحرير الفلسطيني، والتي أسست لاجتهادات خاطئة، موقن بأن وعد الله حق بالنصر والتمكين، بشرط تصحيح المسار ليكون على صراط مستقيم.

وحتى يتصوب المسار فلابد من مراجعة نقدية جريئة وشفافة، تصف الأمور كما هي بمسؤولية وشجاعة، دون أن تخلط بين مشروعية الجهاد وأخطاء المواقف والكبائر السياسية، ودون أن تبتز أخلاقيا أمام زكاوة دماء الشهداء الأبرار.

يقول الله سبحانه وتعالى: ( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين).

نصر الله المجاهدين وسدد القادة وتاب على من ضلوا الطريق وخلطوا بين الهدى والنور المبين وبين مشاريع القتلة المجرمين أعداء الله والدين.

مضر أبوالهيجاء فلسطين-جنين 7 أكتوبر 2024
جردة حساب في مسار التغريبة الفلسطينية الحالية وليست الأخيرة ،،،

الحصاد الفلسطيني المر في فضاء الطوفان المختل!

المقدمة:

لا جدال حول جهادنا في فلسطين فهو حق مشروع في مقارعة محتل غاصب، وهو علينا واجب عيني لا يسقط حتى يزول الاحتلال، أيا كان نوعه وشكله ودون اعتبار دينه أو مذهبه أو عرقه، وبهذا يكون الجهاد واجبا عينيا على كل من يقبع تحت احتلال كائنا من كان هذا الاحتلال سواء كان إسمه إسرائيلي صهيوني أم ولي الفقيه الإيراني طالما كان محتلا قاتلا غاصبا لأرض غيره معتديا على ماله وعرضه، أو كان عدوانه راجح الاعتداء غير مأمون الجانب ويشهد عليه تاريخه ووقائع العدوان المتواتر.

كما أن رجالنا المجاهدين في فلسطين رجالا أشاوسا أبرارا أوفياء تتمثل فيهم أوصاف المؤمنين المجاهدين كما أشار اليها القرآن الكريم وحدثنا عنها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولذلك فقد أبدعوا وأثخنوا بالعدو وصمدوا وصبروا على جهادهم منفردين في الميدان - ولا نزكي على الله أحدا-، وهم في ذلك فرع عن أصل متوفر ونراه في جغرافيا الأمة العريضة كما في العراق ومصر والشام وليبيا واليمن وفي كل مكان يرفع فيه لواء الجهاد في مواجهة المحتلين أو مقارعة الحكام الظلمة والمستبدين، وإننا لم نر حول فلسطين إلا أرتالا من الفدائيين المقبلين بشجاعة تذهل الناظرين، وعلى ذلك تشهد الفلوجة وأبوغريب والرمادي والموصل وعموم بغداد ودمشق ودرعا وحمص وادلب وحلب ودير الزور وصنعاء وعدن وطرابلس ليبيا ولبنان والقاهرة والاسكندرية وسيناء، وهو ما تصدقه وتجسده غزة هاشم اليوم، والذي يعود نسيجها البشري لمن سبق ذكرهم حين توافد أجدادهم للأرض المباركة فلسطين.

المدخل:

لقد كشفت معركة طوفان الأقصى التي اندلعت قبل عام في يوم 7 أكتوبر 2023 عن زوايا خلل حقيقية ناتجة عن التصورّات الفاسدة في عقول القادة السياسيين لحركات المقاومة، والتي أنتجت اجتهادات قاصرة خاطئة ومدمّرة، وهو خلل ناتج عن ادارة عسكرية قتالية تقوم على الانفراد والاستفراد والافتئات على عموم حركات فلسطين وعزلها عن الأمة المجاهدة من خلال غياب الواجب نحوها وعدم بناء الجسور الواعدة، الأمر الذي يستدعي وقفة ونظر وتدبر على أرضية مراجعة نزيهة يبنى عليها تقويم للمسار الفلسطيني، لاسيما ومعارك فلسطين المشروعة والواجبة لم تتوقف يوما سواء على أيدي التيار الوطني أو التيار الاسلامي، ولكنها وفي كل تجاربها لم تفض الى نتائج موازية للتضحيات ولا أقلّ من ذلك، بل استهلكت رصيدا عظيما من دماء وجهود وأموال وتضحيات الأمة في تجارب فاشلة نتيجة أشكال تصور خاطئة في مشروع التغيير والتحرير، وادارة غير مسؤولة وغير ناضجة لمعركة شعب فلسطين وعموم الأمة، وذلك باعتبار الأقصى جزء من عقيدة المسلمين، وباعتبار أرض فلسطين جزء لا يتجزأ من أرض الشام وهي القلب الحيوي للمنطقة العربية، وواقعها يمسّ أمن دول المنطقة ويرسم مستقبلها، وبدل أن تتقدم أحوال القضية بشكل تراكمي وبدل أن يتعلّم القائمون عليها من أخطاء من سبقوهم في التجربة، تراجعت القضية وتكررت نكساتها!
لقد استهدفت معركة طوفان الأقصى تحرير المسجد الأقصى والقدس فاحتلّت وضاعت غزة، كما استهدفت تحرير الأسرى فتضاعف عددهم الى أربعة أضعاف أعدادهم عمّا قبل المعركة، وقد استهدفت فكّ الحصار عن غزّة فمات أهلها جوعا ولا يزالون، وقد استهدفت تخليص الضفة من سلطة أوسلو المنسّقة مع العدوّ فعادت هيمنة ونفوذ الطرف الاسرائيلي وتوسّع فيها الاستيطان والمستوطنون المسلحون بشكل كبير حتى باتوا يشكلون جيشا موازيا مرعبا قادرا على انجاز التهجير بشكل تراكمي، وقد استهدفت منع التهجير فخلقت أسبابه الكاملة في غزة وانتقلت أمواجه للضفة، وقد استهدفت ردع المستوطنين عن اقتحامات المسجد الأقصى فتضاعف تغوّلهم في الأقصى وزادت هيمنتهم بشكل كبير على المسجد الابراهيمي، وقد استهدفت اظهار الضعف الاسرائيلي فأعادت تشكيل قوامه العسكري المتوحّش ووحدت صفوفه المتنازعة، وقد استهدفت تعرية اسرائيل دوليّا فأعادت للرواية الاسرائيلية مخاطر الهلاك والاستضعاف الذي يوجب موقفا دوليّا غربيا رسميا حيويا في دعمها وهو ما قد حصل، وأخيرا فقد شكّلت تصورات واجتهادات وادارة القائمين على الطوفان فرصة تاريخية لمشروع ملالي ايران ليكسب شرعية تاريخية ويمسح ماضيا اجراميّا قاسيا في حق الأمة، وحاضرا ظالما يفتح المجال لمستقبل مرعب ومجهول في دول المنطقة، وهو ما دفع المترددين في التطبيع مع اسرائيل للقفز نحو خطوة التحالف معه في ظل التهديدات القادمة!
الموضوع:

ان أشكال الخلل الذي نشير له دوما والذي عشعش في مسار التغيير والتحرير في فلسطين لا يتصل ولا يشكك في مشروعية وصوابية قتالنا، كما لا يخدش ولا ينقص من قدر وروعة وعدالة المجاهدين الذين يوضعون فوق الرؤوس وترفع لهم القبّعة، وهم كذلك في مصر التي قاتلت الظلم والاستبداد، والعراق واليمن التي قاتلت المشروع الايراني الذي يقوده الملالي الطائفيين، والشام التي قاتلت الظلم والاستبداد ومشروع الملالي المحتلّين وانتقلت الى قتال الصليبيين، ودمشق وحلب ودرعا وحمص وادلب ودير الزور خير الشاهدين.

إن أشكال الخلل التي عشعشت وتربعت في المسار الفلسطيني بشقيه الوطني والإسلامي تكمن في ثلاث عناصر رئيسية، وكما شكلت تلك العناصر سببا حقيقيا في تعويق النصر وفوات تحقيق الأهداف المرجوة رغم عظمة التضحيات وروعة التجليات في الميادين، فإنها ستشكّل عائقا حقيقيا في معادلة تحقيق النصر التراكميّ مادامت قائمة!

عناصر الخلل الثلاثة الرئيسية في المشاريع الفلسطينية:

أولا : خلل التصور في معارك التغيير والتحرير، وحصره وقصره على الفلسطينيين واستبعاد الأمة الاسلامية وشعوبها من واجب وحق المشاركة في صياغة مشروع التحرير.

ان هذا الخلل القائم في التصور الوطني والاسلامي الفلسطيني لمشروع التحرير ناتج عن موروث التجربة القومية في جانبها الايديولوجي الفاسد، الأمر الذي يجعل مشروع ياسر عرفات –الذي انتهى الى ضلال مبين وزيغ كبير- هو النموذج والمشروع الوحيد في واقع الحال -وليس المقال- سواء في التيار الوطني العلماني أم الإسلامي، ويمكن القول بأن التجربة الاسلامية المنشودة -وأمل الامة في فلسطين- لم تقدم بديلا حقيقيا كمشروع سياسي يراكم الخطوات لينجز التحرير، فواقع الحال يعبر عن مشروع اسلامي منافس على السلطة والمكاسب وليس مشروعا بديلا للمشروع الوطني المنحرف والفاسد، أما ما يتصوره البعض من اعتبار القتال لوحده هو المعبّر عن البديل فهذا ضعف في الفهم وقصور في تصور جوهر وأهداف المشروع السياسي الاسلامي، لاسيما أن عرفات وصدام وجورج حبش وآخرين مارسوا القتال في حقب ومعارك ضارية ومشهودة كما مارستها حركتي حماس والجهاد الاسلاميتين، بل ان جورج حبش المسيحي اليساري كان أكثرهم مبدئية في مواقفه السياسية وفق الثوابت الوطنية والثورية التي ترفض أنصاف الحلول وتصرّ على القتال حتى نيل التحرير الكامل، والمقصود من هذا المثال القول بأن القتال لوحده –مهما عظمت مشاهده- ليس دلالة تلقائية ونهائية على أهلية القائمين لقيادة مشروع بديل، بل ان التصور الصحيح الذي ينبني على أرضية هدى ونور هو الضامن لثمرات القتال والجهاد كما انه الضامن للسويّة في المواقف السياسية التي تصنع البديل.

ولعلّ أحد أسباب غياب النّظر في الهدى وما ينفع الناس، هو تضخم ركنية الجهاد على حساب الأركان الأخرى في الفكر الإسلامي المعاصر والسائد، حيث أنتج عقلية لا يفتي قاعد لمجاهد، وهي سقطة أتلفت معنى الحكمة والرشد في مشاريع التغيير والتحرير الاسلامي على وجه الخصوص في فلسطين والعراق والشام، ولهذا فقد استفادت المشاريع المعادية ووظفت كثير من الأعمال الجهادية لتحقيق مشاريعها وتمكين نفوذها - وان كانت مشروعة ومحقة- وذلك نتيجة قصور القائمين وغلبة التصور الفاسد الذي يعتقد أن الممارسات الجهادية لوحدها هي المعبّر عن سوية ونضج المشاريع الإسلامية، مع أنها ممارسات جزئية مرحلية خادمة للمشروع الكلي من خلال رؤية مسؤولة عن الدماء تروم جلب المصالح أو دفع المفاسد بشكل راجح، وليس وهما ولا مقامرة وظنونا مرجوحة!
ثانيا : استبدال مشروع التحرير بمشروع الدولة والسلطة حيث أصبح المشروع الأول خادما للثاني وليس العكس!

مما يجدر التوقف أمامه في التجربة الفلسطينية أنها بدأت مع المشروع الوطني كمشروع تحرير لا يروم الدولة ولا يسعى لتحقيقها قبل انفاذ التحرير، وكذلك بدأت التجربة الفلسطينية على أيدي التيار الاسلامي كمشروع تحرير لا يروم السلطة –بل يحرمها قبل انجاز التحرير- وانما يحشد الناس خلفه داعيا ومطالبا لهم العزوف والانفضاض عن التيّار الوطني الذي تخلّى عن مشروع التحرير وذهب لاهثا خف سراب السلطة في ظل محتل يمسك بمفاصل الامور، ثم ما لبث أن اتبع طريق التيار الوطني في نسخته واجتهاده السياسي الأخير! وبات تحقيق السلطة في ظل الاحتلال واجب وعمل مقدّر –يستحقّ التنظير وبعث مراكز دراسات ومؤلفات ومؤلفين ومروجين- حتى لو استوجب تعطيل مشروع التحرير والخروج عن منهج التغيير القويم!

انّ حلول فكرة الدولة في المشروع الفلسطيني الذي يرفع شعار التحرير، هي بمثابة مقتل له وثقب أسود قادر على ابتلاع الاسلاميين قبل الوطنيين –بغضّ النظر عن روعة المعارك وصدق المجاهدين-، فالعاقل والنزيه يدرك أن الاحتلال الاسرائيلي يمسك بأطراف القضية، في ظلّ تكاتف دوليّ داعم له باعتباره مشروعه ويده التنفيذية الضاربة في دول المنطقة.

وكيف يتصوّر العقل الحرّ النزيه والناضج أن الاحتلال الاسرائيلي القائم ومن يقف خلفه ويمنحه الشرعية ويدافع عنه في كلّ المحافل، سيمنح من يعتبرهم أعداءه ومن يقتل أبناءهم ويسرق أرضهم دولة لتعينهم على التخلّص منه واقتلاعه؟

ان جوهر مشروع التحرير في فلسطين هو تحرير المسجد الأقصى وكل فلسطين، واسترداد كرامة الانسان، ورفع الظلم الواقع على أصحاب الأرض واعادة اللاجئين الى ديارهم، وحق تقرير المصير، فهل تحصيل سلطة منقوصة مشوهة ممنوحة من الاحتلال بصلاحيات محددة يمنحها ويسحبها متى شاء، هو أمر وجيه يستحق تحجيم مشروع التحرير؟ فكيف اذا كان شرط السلطة التي يمنحها المحتلّ -بعد قبول الدخول في عملية سياسية على أرضية مشتركة معه- هو العزوف عن الجهاد ومغادرة مشروع التحرير أو تشويهه والقبول بالواقع القائم، بحيث اذا اختلّ الشرط فان السلطة تهدم فوق رؤوس أصحابها، وهو ما حصل في غزة بعد انطلاق الطوفان القاصر والمنقوص.
ثالثا : استبدال كيان الأمة العربية والاسلامية بالكيان الإيراني المعادي واقصاء الحركات العربية والاسلامية من دورها الواجب والمسؤول في صياغة مشروع التحرير.

لقد عوّل أصحاب القرار في عملية 7 اكتوبر على المحور الايراني وأذرعه، وذلك بعد أن تعمّقت القناعات لدى القيادة السياسية في حركة حماس حول ما سمّي بوحدة الساحات، للدرجة التي أفضت قبل المعركة بعام العودة لحضن النظام الأسدي الذي يقبع محتلّا لدمشق بعد أن قتل أهلها وأحرق المدن السورية وهجّر المسلمين مستهدفا تغيير الديمغرافيا لصالح تشكيل بداية صلبة للدولة الطائفية القادمة!

ان عودة القيادة السياسية -بأغلبية كبيرة- في قيادة حركة حماس لحضن النظام السوري النصيري لم تأت عن رغبة بالطلاق مع الشعب السوري الثائر، بل جاءت نتيجة تمكّن تصور فاسد في عقول قياداتها أفضى لاجتهاد خاطئ بعودة آثمة، وهي تكفي وحدها لكي تنزل علينا اللعنة من السماء وغضب الربّ سبحانه، وما ذلك الا نتيجة لعلاقة وحلف حرام انعقد بشكل فولاذيّ بين حركتي حماس والجهاد وبين ملالي ايران –بالذات بعد هيمنة السنوار على الحركة-، بغية تموضع سياسي لازم ليحفظ السلطة ويوسع صلاحياتها والاعتراف الاقليمي بها، وكلّ كلام يبرر تلك العلاقة والحلف بالاضطرار للدعم المالي والسلاح هو كلام مخادع وكاذب تبطله الحقائق الموضوعية –لاسيّما في حقبة مرسي رحمه الله وتقبله شهيدا-.

لقد عزفت كثير من القيادات الفلسطينية المتنفذة على سيمفونية الخذلان الدائم للشعوب! والحقّ أن القيادات الفلسطينية السياسية هي من خذلت الشعوب بتحالفها المعلن والمكابر واللاأخلاقي مع قاتلي تلك الشعوب وحارقي مدنها ومنتهكي أعراضها وسارقي أموالها ومهجري شبابها!

ان مستوى التيه الذي ضرب عقول القيادات الفلسطينية جعلها تزيغ عن حقيقة تاريخية مفادها أن تلك الشعوب هي من حرّرت الأرض المباركة ونافحت عنها في كل أوقاتها، وان انكار تلك الحقيقة يعبّر عن حالة كبر يبطر الحق ويغمط الناس ويستوجب غضب الرب سبحانه.

وهل كل عذابات العراق منذ ثمانية عقود، وهل تفكيك جيشه واعدام رئيسه الا بسبب فلسطين والارتباط بها؟

وهل حرق بلاد الشام وتهديم مدنها وهرس ثوّارها وتهجير كرامها الا بسبب وعي الغرب ارتباط أهل الشام بالقدس وبقطعة مسلوبة من أرضهم قام عليها كيان مجرم يشكّل قاعدة للأعمال العسكرية التي تستهدف أمنهم وتمنع حريّتهم وتحول دون نهضتهم؟
وهل الانقلاب على الشهيد مرسي وقتله في محبسه كان لغير موقفه الواضح الذي أعلنه تجاه غزة وفلسطين والثورة السورية، فأدرك الغرب مخاطر مصر التي تغير الدنيا بأسرها؟
ألم ينفق العرب مشركيهم ومؤمنيهم منذ ثمانية عقود على الثورات الفلسطينية ومنظمة التحرير وحركتي حماس والجهاد، سواء على المستوى الرسمي أم الشعبي.

ألم تنزع النساء حليّها في اليمن وفي العراق والشام والمغرب والجزائر وفي الجزيرة العربية وحتى في الامارات، وتجمع الأموال من الأتراك والشيشان والأفغان والباكستان والكشميريين وكل بلاد يذكر فيها اسم الله لأجل فلسطين وثوارها؟

ألم يفتح الرئيس مرسي الشهيد –نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا- طريق الامداد العسكري المتوسط والثقيل والتذخير لغزة من الخرطوم الى غزة مرورا بمصر، كما فتحت أنهار التسليح الصاروخي من ثوار ليبيا البررة باتجاه غزة هاشم؟

فلماذا هذا الكبر والكذب وكفر النعمة الذي حلّ على لسان كثير من قادة المقاومة المتنفذين بهدف تغطية اثم وعورة الحلف مع الملالي الايرانيين، ولأجل اخفاء شهوة السلطة واستحقاقات الحلف السياسي للحفاظ عليها بشكلها العليل!

وللشهادة أقول أنه في احدى السنوات بين 2003 و2006 جمعت حركة حماس من السوريين الأوفياء ما يزيد عمّا جمعته من كل دول الخليج بما فيهم السعودية.

ان الكبيرة السياسية التي وقعت بها القيادة السياسية لحركة حماس ثم نقلتها للقيادة العسكرية، تكمن في حلفها الفولاذي مع مشروع الملالي الايرانيين المعادي، دون اعتبار أنه مشروع مكتمل الأركان في معاداة الدين وثقافة الأمة وهويتها، وفي استهدافه وانجازه تفتيت دول المنطقة وتجريف شعوبها العربية والاسلامية.

ان من أخطر الآفات التي أصابت كثير من حركات التغيير والتحرير في منطقتنا العربية طيلة قرن، هو استبدالها مكون الشعوب الفاعلة بالأنظمة الطاغوتية الاستبدادية الحاكمة، وذلك طمعا في النفوذ والسلطان تحت عناوين زائفة تتمسح بمصلحة الدعوة وشهوات سياسية معروضة في ثوب مصالح، وكما وقعت فيها كثير من الحركات الاسلامية في الجزائر ومصر والأردن والمغرب وغيرها فقد وقعت فيها حركة المقاومة الاسلامية حماس!
الخلاصة:

ان عملية 7 أكتوبر جاءت نتيجة التقاء ارادتين الأولى ايرانية فلسطينية، والثانية أمريكية صليبية، واذا كانت الأولى واجبة ومشروعة فان فساد بنيتها جاء نتيجة للحلف مع أعداء حقيقيين لهوية الأمة وثقافتها ودولها وبنفس الوقت هم متخادمين مع الأمريكان المستكبرين، أما الارادة الثانية فقد جاءت لأجل فتح الباب مشرّعا أمام أساطيلها لتبدأ تحت فوهات مدافعها وصواريخ طيرانها اعادة ترتيب دول المنطقة جيوسياسيا وفق رؤيتها المرنة والمتغيّرة، لاسيما بعد أن استكملت الالتفاف على ثورات الشعوب المشروعة والعادلة، وبعد أن تحققت رخاوة سياسية واضحة في أغنى مناطق العالم بالثروات والشعوب العاملة والفاعلة والمميزة، فتحت شهيّة الصين الصاعدة، فكان لابدّ من الحضور الأمريكي على عجل وبقوة ومعقولية موازية، وهو ما جعل غضّ النّظر سياسة ايقاع واستدراج موجعة ومدمرة، وحتى تظهر الرواية الحقيقية مكتملة فان الخيوط الدقيقة بين أمريكا وجزء فاعل ومهمّ من بنية النظام الايراني ستفضح المؤامرة!

ان طوفان الأقصى اسم جميل يثير مشاعر الفخر والاعتزاز، ولكن الطوفان الحاصل الآن في منطقتنا العربية هو طوفان أمريكي علينا وعلى عموم المنطقة، ولذلك فقد كان الطرف الأمريكي جادّا وحاسما في عمل فيتو في مجلس الأمن ضد أي توقيف حقيقي للمعركة، لاسيّما أنه بدأ يحقق نقلات نوعية بسرعة الضوء في هيمنته السياسية والعسكرية على المنطقة، وذلك للدرجة التي خضعت فيها جميع الأنظمة وأصبح الملالي الايرانيين فئرانا صاغرين يضبطون ايقاعهم بحسب رؤية معبودهم الأمريكي الذي سلّهم مفاتيح طهران قبل 45 عاما، ويروم اليوم اعادة تشكيلهم ليقوموا بدورهم المرسوم في حراسة وضبط دول وشعوب المنطقة!
لقد أثمرت عملية 7 أكتوبر-التي لم تأت نتيجة رؤية فلسطينية حرة خالصة وناضجة- تمزيق النسيج وافناء الوجود الفلسطيني في غزة حيث أوجد العدو الصهيوني كل أسباب التهجير الطوعي والمبررة، وبدأ يهدد وجود الفلسطينيين في الضفّة بادئا بمخيماتها الثائرة.
لم يدرك من قرر المعركة أن الحفاظ على الديمغرافيا الفلسطينية في كل مساحة التواجد بفلسطين هي سرّ الفاعلية والمادة الخام لتحقيق التحرير، كما لم يدرك حتى اللحظة أن الطرف الاسرائيلي يريد أن يخلق أوضاعا في مدن الضفة تعينه على تهجير أهلها بشكل أسرع وأكبر باتجاه الوطن البديل شرقي الأردن ليعلن يهودية الدولة، وهو ضعف في التفكير جاء نتيجة الاستلاب من قبل الملالي الايرانيين الذين امتطونا في فلسطين لتحسين شروط تموضعهم وحجم حصّتهم وصلاحياتهم في دول المنطقة، وذلك تحت رعاية السيد الأمريكي والذي قرر ضبط الايقاع الاسرائيلي وتشذيب المشروع الايراني المنافس ليده الضاربة، ليوافقا خطته ويتنافسا في ادارة المنطقة وفق ترتيباتها الجديدة والفارقة.
كما أثمر الطوفان الأمريكي اعادة تأهيل الجسد الاسرائيلي الذي تخنّث وترهّل في العقود الأخيرة، ليصبح كل مواطنو اسرائيل عساكر مدربون ومتوحشون يجيدون القتل بشراسة، الأمر الذي دعمته الادارة الأمريكية بمنحهم أعلى وسائل القتل وجعل من غزة وأهلها ميدانا وحقلا لتجربة أسلحته الجديدة والمدمرة، قبل أن ينتقل باحتراف أكبر الى سورية جوهرة المنطقة الثائرة.

وفي الوقت الذي أعيد فيه تأهيل اسرائيل لتكون يدا ضاربة في عموم المنطقة، فقد وفرت عملية 7 أكتوبر بإيقاعها وسقفها المرتفع –غير المدروس والفاقد للمعقولية- فرصة كاملة لتدمير كل ترسانة المقاومة الفلسطينية، لتكون فلسطين خالية من أي امكانية احداث تغيير فاعل مربك ومفاجئ للإسرائيليين، في ظلّ الغزو الأمريكي للمنطقة وفي ظلّ التحولات القادمة.

لقد تحولت غزة من حاضنة شعبية مقاومة ومؤثرة الى حالة انسانية تتسوّل ردحا من الزمن طعامها وشرابها وتحلم بأمن أطفالها وذلك بعد أن كانت فاعلة.
2024/10/09 15:18:51
Back to Top
HTML Embed Code: