Warning: Undefined array key 0 in /var/www/tgoop/function.php on line 65

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /var/www/tgoop/function.php on line 65
5815 - Telegram Web
Telegram Web
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
2
كنت دوما أتمنى أن يوفقني الله ﷻ لتفسير القرآن بشكل مختصر لكل سورة أحاول من خلاله إجمال موضوعها ومقاصدها الرئيسية وأجواء وأسباب تنزلها ويكون ذلك عونا لمن أراد أن يقرأ السورة فيسمع أو يقرأ هذا الملخص ويكون بمثابة مدخل أو مفتاح لمعاني السورة وتدبراتها
ولقد حاولت بالفعل عدة مرات وذلك خلال الخمسة عشر عام الماضية وباءت بعض تلك المحاولات بالفشل والبعض الآخر لم يكتمل حتى يسر الله منذ ثلاثة أعوام تقريبا سلسلة #ختمة_تدبر
لكن الأمر عندها لم يكن مختصرا بما يكفي كما تمنيت فقد كانت الحلقة في حدود الساعة وكانت تشمل الجزء كاملا لأنها كانت سلسلة رمضانية لكن بفضل الله أحسبها حققت جزءا مما تمنيت خصوصا أنها اكتملت حتى الجزء الأخير ولله الحمد والمنة وكانت النواة التي يسر الله من خلالها مشروع هذا العام
مشروع ملخص صوتي لكل سورة من سور القرآن لا يجاوز الدقائق العشر
بفضل الله ومنه وتوفيقه تم هذا العام تسجيل 78 حلقة تشمل ملخصات سور القرآن من البقرة وحتى المرسلات
طبعا توقفت عند الجزء الثلاثين نظرا لكوني كنت أسجل يوميا ولا يخفى كثرة سوره علي أمل أن أتمها بنفس الطريقة بعد رمضان إن شاء الله

في هذا الرابط ستجدون كل الحلقات بفضل الله
https://youtube.com/playlist?list=PLOPc-eoTaSLIaSn6ZHn4DCH2SORl3PfSz&si=L9IbYzP2nVgVTSHl
وكذلك بصيغة صوتية على قناتي في تيليجرام 👇
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef

أتمنى أن تكون هذه السلسلة خطوة في طريق السالك إلى تدبر كتاب الله وأسأل الله أن يتقبلها ويبارك فيها
وأسألكم الدعاء بالقبول والنفع والبركة
كما أطلب ممن له دراية تقنية أن يدلني على برنامج تفريغ أو من تنهض همته لتفريغها مشكورا تمهيدا لإعادة صياغتها في صورة كتاب مقروء لمن ليس له طاقة للسماع
ولكم جزيل الشكر
33👍14
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ
اللهم تقبل وبارك وانفع
هنا في هذا المنشور المثبت ستجدون بفضل الله وكرمه ومنته وحده حصيلة رمضان لهذا العام وروابط صوتية ومرئية للسلاسل الثلاثة التي وفق الله لإتمامها
سلسة #مختصر_الجزء_اليومي
و سلسلة #مفاتيح_القرآن
وسلسلة #رحلة_البحث_عن_السعادة

أولا سلسلة مختصر الجزء اليومي صوتية على قناتي في التليجرام👇
رمضان 1446

1- الجزء الأول .. سورة البقرة
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5216
2- الجزء الثاني .. خواتيم سورة البقرة
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5236
3- الجزء الثالث والرابع .. سورة آل عمران
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5244
4- الجزء الخامس .. سورة النساء
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5259
5 - الجزء السادس .. سورة المائدة
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5274
6- الجزء السابع .. سورة الأنعام
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5284
7- الجزء الثامن .. سورة الأعراف
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5290
8 - الجزء التاسع .. سورة الأنفال
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5306
9 - الجزء العاشر .. سورة التوبة
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5317
10- الجزء الحادى عشر .. سورة يونس
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5330
11 - الجزء الثاني عشر .. سورة هود
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5346
12 - الجزء الثالث عشر .. سورة يوسف
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5358
13 - الجزء الثالث عشر.. سورة الرعد
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5361
14 - الجزء الثالث عشر .. سورة إبراهيم
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5363
15- الجزء الرابع عشر .. سورة الحجر
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5383
16- الجزء الرابع عشر .. سورة النحل
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5385
17 - الجزء الخامس عشر .. سورة الإسراء https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5405
18- الجزء الخامس عشر .. سورة الكهف
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5407
19 - الجزء السادس عشر .. سورة مريم
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5426
20 - الجزء السادس عشر .. سورة طه
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5428
21- الجزء السابع عشر .. سورة الأنبياء
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5451
22 - الجزء السابع عشر سورة الحج
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5454
23- الجزء الثامن عشر . سورة المؤمنون
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5484
24 - الجزء الثامن عشر .. سورة النور
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5486
25 - الجزء التاسع عشر .. سورةالفرقان
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5502
26 - الجزء التاسع عشر .. سورة الشعراء
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5504
27 - الجزء العشرون .. سورة النمل
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5513
28- الجزء العشرون .. سورة القصص
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5515
29 -الجزء العشرون .. سورة العنكبوت
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5517
30 - الجزء الحادي والعشرين .. سورة الروم
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5535
31 - الجزء الحادي والعشرين .. سورة لقمان
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5537
32 - الجزء الحادي والعشرين .. سورة السجدة
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5539
33 - الجزء الثاني والعشرين .. سورة الأحزاب
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5555
34- الجزء الثاني والعشرين .. سورة سبأ
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5558
35 - الجزء الثاني والعشرين .. سورة فاطر
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5561
36 - الجزء الثالث والعشرين .. سورة يس
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5578
37 - الجزء الثالث والعشرين .. سورة الصافات
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5581
38 - الجزء الثالث والعشرين .. سورة ص
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5584
39 - الجزء الرابع والعشرين .. سورة الزمر
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5594
40 - الجزء الرابع والعشرين .. سورة غافر
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5597
41 - الجزء الرابع والعشرين .. سور فصلت
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5600
42 - الجزء الخامس والعشرين .. سورة الشورى
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5610
43 -الجزء الخامس والعشرين .. سورة الزخرف
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5612
44 - الجزء الخامس والعشرين .. سورة الدخان
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5612
45 - الجزء الخامس والعشرين .. سورة الجاثية
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5612
46 - الجزء السادس والعشرين .. سورة الأحقاف
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5634
47 - الجزء السادس والعشرين .. سورة محمد
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5637
16👍7👏1
48 - الجزء السادس والعشرين ..سورة الفتح
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5640
49 - الجزء السادس والعشرين .. سورة الحجرات
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5643
50 -الجزء السادس والعشرين .. سورة ق
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5646
51 - الجزء السابع والعشرين .. سورة الذاريات
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5664
52 - الجزء السابع والعشرين . سورة الطور
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5667
53 - الجزء السابع والعشرين .. سورة النجم
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5670
54 - الجزء السابع والعشرين .. سورة القمر
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5673
55- الجزء السابع والعشرين .. سورة الرحمن
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5676
56 - الجزء السابع والعشرين .. سورة الواقعة
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5679
57- الجزء السابع والعشرين .. سورة الحديد
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5682
58- الجزء الثامن والعشرين .. سورة المجادلة
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5696
59 - الجزء الثامن والعشرين .. سورة الحشر
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5699
60 - الجزء الثامن والعشرين .. سورة الممتحنة
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5703
61 - الجزء الثامن والعشرين .. سورة الصف
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5714
62 - الجزء الثامن والعشرين .. سورة الجمعة
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5717
63 - الجزء الثامن والعشرين .. سورة المنافقون
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5720
64 - الجزء الثامن والعشرين .. سورة التغابن
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5723
65 - الجزء الثامن والعشرين .. سورة الطلاق
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5726
66 - الجزء الثامن والعشرين سورة التحريم
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5729
67- الجزء التاسع والعشرين سورة الملك
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5741
68- الجزء التاسع والعشرين سورة القلم
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5744
69- الجزء التاسع والعشرين سورة الحاقة
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5747
70- الجزء التاسع والعشرين سورة المعارج
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5750
71- الجزء التاسع والعشرين سورة نوح
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5753
72- الجزء التاسع والعشرين سورة الجن
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5756
73- الجزء التاسع والعشرين سورة المزمل
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5763
74- الجزء التاسع والعشرين سورة المدثر
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5766
75- الجزء التاسع والعشرين سورة القيامة
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5770
76- الجزء التاسع والعشرين سورة الإنسان
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5775
77- الجزء التاسع والعشرين سورة المرسلات
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5777
78 - الجزء الثلاثون .. جزء عم
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5780

وهنا سلسلة مختصر الجزء اليومي على اليوتيوب مجمعة في قائمة تشغيل على هذا الرابط 👇

https://youtube.com/playlist?list=PLOPc-eoTaSLIaSn6ZHn4DCH2SORl3PfSz&si=IurZdG7xnh3j0uGY

------------
ثانيا 🍃سلسلة #مفاتيح_القرآن صوتية على قناة التليجرام

1- مفاتيح الجزء الاول سورة البقرة 1
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5231

2- مفاتيح الجزء الأول سورة البقرة 2
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5239

3- مفاتيح الجزء الثاني سورة البقرة
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5246

4- مفاتيح الجزء الثالث سورة آل عمران 1
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5251
5 -مفاتيح الجزء الثالث سورة آل عمران 2
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5257
6 - مفاتيح الجزاء الرابع .. سورة النساء
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5264
7 - مفاتيح الجزء الخامس سورة النساء 2
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5272
8 - مفاتيح الجزء السادس سورة المائدة
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5278
9 - مفاتيح الجزء السابع
سورة الأنعام
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5287
10- مفاتيح الجزء الثامن .. سورة الاعراف
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5297
11 - مفاتيح الجزء التاسع .. سورة الأنفال
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5310
12- مفاتيح الجزء العاشر سورة التوبة
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5322
13- مفاتيح الجزء الحادى عشر .. سورة يونس
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5335

14- مفاتيح الجزء الثاني عشر .. سورة هود
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5350
15- مفاتيح الجزء الثالث عشر سور يوسف .. الرعد .. ابراهيم
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5367
16- مفاتيح الجزء الرابع عشر .. سورتين .. الحجر والنحل
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5391
17- مفاتيح الجزء الخامس عشر .. سورة الاسراء
7👍3
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5416
18- مفاتيح الجزء الخامس عشر .. سورة الكهف
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5422
19 - مفاتيح الجزء السادس عشر .. سور مريم .. طه
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5433
20- مفاتيح الجزء السابع عشر .. سور الأنبياء .. الحج
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5475
21 - مفاتيح الجزء الثامن عشر .. سور المؤمنون .. النور
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5493
22 - مفاتيح الجزء التاسع عشر .. سور الفرقان والشعراء
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5506
23 - مفاتيح الجزء العشرون سور النمل .. القصص .. العنكبوت
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5519
24 - مفاتيح الجزء الحادي والعشرين .. سور الروم .. لقمان .. السجدة
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5544
25- مفاتيح الجزء الثانى والعشرين .. سور الاحزاب .. سبأ .. فاطر
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5566
26 - مفاتيح الجزء الثالث والعشرين .. سور يس .. الصافات وص
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5589
27- الجزء الرابع والعشرين .. سور الزمر .. غافر .. فصلت
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5603
28 - الجزء الخامس والعشرين .. سور الشورى .. الزخرف .. الدخان .. الجاثية
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5625
29 - الجزء السادس والعشرين .. سور الأحقاف .. محمد .. الفتح .. الحجرات
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5652

30 - الجزء السابع والعشرين .. سور ق و الذاريات .. الطور .. النجم ... القمر
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5688
31 - الجزء السابع والعشرين سور الرحمن والواقعة و الحديد
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5732

32- مفاتيح الجزء الثامن والعشرين المجادلة والحشر والممتحنة والصف والجمعة
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5760

33 - مفاتيح الجزء الثامن والعشرين .. سور المنافقون التغابن الطلاق التحريم
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5786

34- مفاتيح الجزء التاسع والعشرين .. جزء تبارك
https://www.tgoop.com/mohamadaliyousef/5791

وهنا رابط قائمة تشغيل مجمعة لسلسلة #مفاتيح_القرآن على اليوتيوب
https://youtube.com/playlist?list=PLOPc-eoTaSLJ8am93qjIeON4tnNSacIP4&si=hhcC81DhmP0ECCfY

----------------

ثالثا سلسلة رحلة البحث عن السعادة
قائمة تشغيل مجمعة على اليوتيوب عبر هذا الرابط 👇👇

https://youtube.com/playlist?list=PL7ZS5BFtiPLJe2XGxFFmO6w6CA__DKeKG&si=CfbuzIxoRjCNETm0

اللهم تقبل وبارك وانفع واغفر التقصير والزلل والخلل
22👍5
قناة د. محمد علي يوسف pinned «الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ اللهم تقبل وبارك وانفع هنا في هذا المنشور المثبت ستجدون بفضل الله وكرمه ومنته وحده حصيلة رمضان لهذا العام وروابط صوتية ومرئية للسلاسل الثلاثة التي وفق الله لإتمامها سلسة #مختصر_الجزء_اليومي…»
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
ضمت سلمى دميتها القماشية ضمة قوية، كادت أن تخنق نسيجها البالي وتُخرج حشوته المتكتلة.

لم تعد "بطة" كما تسميها؛ مجرد دمية
لقد صارت ظلها
رفيقتها الوحيدة تقريباً في هذا المكان المكتظ..
تلك الخيام المتلاصقة الذي تفوح منها رائحة الغبار والعرق والخوف، مختلطة برائحة أخرى تنفذ إلى الأرواح لا الأنوف
رائحة الدموع
دموع جفت على الوجوه ولم تجد مساحة من الوقت ولا البال لتُمسح.
كانت "بطة" قد فقدت إحدى عينيها الزجاجيتين في ذلك اليوم الذي تتذكره سلمى جيدا
اليوم الذي كانت أقل خسائره تلك العين وذراعا وجزءا من الشعر البلاستيكي الأشقر، الذي كان يوماً مضفرا بعناية وأصبح الآن كتلة متشابكة، ملبدة بالغبار، يتخللها بعض القش المتناثر.
كانت سلمى بين الحين والآخر، تمرر أصابعها الصغيرة على وجه الدمية القماشي بحنان غريب، وتُدني فمها من أذنها الممزقة قليلاً، لتهمس بأشياء لا يفهمها أحد..

كلمات متقطعة، كأنها تعويذة أو شكوى أو مجرد نجوى سرية لا تعرف كنهها إلا "بطة" .

لاحظت أمها هذا التعلق الذي كاد أن يكون مرضيا
الأم الناحلة تجلس بجانب سلمى على تلك الحاشية الرثة الملقاة على الأرض الباردة، وتلحظ بقلق في عيني ابنتها شيئاً أعمق من مجرد حب طفلة للعبتها.
ثمة ارتباط عجيب
حماية..
تعلق محموم
وكأن هذه الدمية الممزقة تحمل بين ثناياها آخر ما تبقى من عالمها المفقود
وكأنها تحمل بين نسيجها البالي سراً ثميناً تخشى أن ينتزعه منها أحد.
كم مرة حاولت الأم بلطف: "يا سلمى، هاتي بطة ننظفها قليلاً،
أخيط لها ثوبها الممزق هذا.
نضفر شعرها كما كان
كانت سلمى تنتفض بشراسة غير معهودة لا تناسب جسدها الهزيل الذي تضم الدمية عظامه الناتئة بعينين تتسعان بفزع حقيقي، ثم تهز رأسها الصغير بشدة حاسمة أن... لا!
اتركيها!
لا شأن لأحد ببطة!

حاولت الأم أن تطمئن نفسها بأن الأمر لا يعدو كونه أثرا عارضا ومؤقتا لتلك الصدمة.
وكيف لا يترك ما رأته أثرا في نفس طفلة في عمرها وثمة كبار أشداء قد لا يتحملون معشاره

شهيدان..
، هكذا وصفوا لها أباها وأخاها حين سألت عن معنى تبخرهما أمام عينيها الصغيرتين
لم تسطع التفريق لأول وهلة بين ما حدث لعين دميتها وما حدث لأبيها وأخيها
شهيدان..
هما في حواصل طائرين أخضرين يطيران الآن في الجنة.
لكن ما معنى الجنة؟
أكيد هي جميلة كجمال الطير في فصل الربيع بقريتها التي تتذكرها
لكن الحضن الدافيء لوالدها لم يعد موجوداً،
اليد الحانية التي كانت تمسح رأسها قد اختفت.
صيحات أخيها وهو ينتزع دميتها لم تعد تسمعها
فقط تسمع في أذنيها ذلك الطنين المخيف الذي سبق الدوي الهائل قبل أن تختفي عين بطة وذراعها ووالدها وأخوها

تمر الأيام والحال على ما هو عليه.
سلمى ودميتها كتلة واحدة لا تفترقان
لاحظ "خالد" ما تفعله سلمى كلما حاول المزاح معها بشأن بطة
خالد هو شاب متطوع يتردد كثيرا على المكان حاملاً بعض الفتات مما يمكن أن يسمى مجازا بطعام وشراب ومحاولات باهتة لرسم بسمة على وجوه أنهكها القصـ.فـ

حاول خالد أن يهديها دمية أفضل حالا من بطة الممزقة، لكنها كانت تنكمش بشدة وتختبئ خلف دميتها رافضة كل محاولته ومنتهزة كل فرصة خلوة تناجي دميتها وتستمع لهمسها

يوما ما وبينما كان خالد يمر بين الخيام سقطت من يده قطعة بسكويت صغيرة وتدحرجت حتى استقرت قرب سلمى.
انحنى ليلتقطها ويهديها لها وفي اثناء انحنائه التقطت أذناه صوتاً غريبا
همسات خافتة جداً
مشوشة مهتزة
ميز بسرعة أنها قادمة من جهة الدمية.
هل كانت صدى لكلمات سلمى؟
كلا، لقد كان الصوت مختلفاً، رتيباً، له رنين معدني كصوت تسجيل رديء

تجاهل خالد الأمر في حينه و أعطى سلمى البسكويت ومضى خصوصا أنه تعلم كونها لا تتسامح مع أي شيد يخص دميتها العزيزة
لكن السؤال ظل يتردد بإلحاح في رأسه
ما هذا الصوت العجيب؟
وما سر هذا التعلق غير الطبيعي؟

في اليوم التالي، عاد خالد وقد استقر في نفسه أمرٌ ما. جلس مع أهل الخيام يوزع ما تيسر ومتحدثا عن الأوضاع، و ضرورة الصبر والجلد وعن انكشاف الغمة يوما بإذن الله تعالى وكان عيناه ترقبان نقطة بعينها أثناء حديثه المثبت
إنها الدمية قد وضعتها سلمى بجانبها وهي تلهو ببعض الحصى أمام الخيمة
وفي لحظة خاطفة وبدون مقدمات مد خالد يده بسرعة، وأمسك بالدمية.
صرخت سلمى
هبت واقفة
لكن الدمية كانت في يده.
شعر خالد بشيء صلب غير متناسق تحت القماش البالي
بحذر، وبأصابع مرتجفة امام صرخات الصغيرة بدأ يفتق جزءاً من الخياطة الخلفية للدمية
لم تكن الكتلة مجرد حشوة يابسة.
لقد كان جهاز تسجيل رقمي صغير، من تلك التي توضع في بعض الدمى لتسجيل وإعادة تشغيل عبارات قصيرة.
لمح خالد زر تشغيل صغير، فضغطه فورا بفضول
😢17👍52
صوتٌ مألوفٌ عرفته الأم مباشرة
حنون دافيء رغم تعب وإرهاق واضح
"سلمى... حبيبتي... إذا سمعتِ هذا، فاعلمي أنني أحبكِ كثيراً... لا تخافي يا صغيرتي... كوني قوية .. نحن في مكان أفضل الآن... مكان لا يوجد فيه قـ.صف ولا خوف... مكان اسمه الجنة... ننتظركِ هناك... لا تستعجلي المجيء... عيشي حياتكِ... تعلمي... واضحكي..
تذكرينا دائماً...
أحبكِ بابا...
أحبكِ...".

تكررت الرسالة القصيرة المتقطعة، التي سجلها الأب غالباً في لحظة أخيرة
ربما استشعر الخطر الوشيك،
وربما أدرك أنه قد لا يعود.

تجمدت الأم في مكانها، والدموع تنهمر من عينيها بصمت وهي تستمع لصوت زوجها الذي ظنت أنها لن تسمعه مرة أخرى.
أما سلمى، فقد توقفت عن الصراخ، ونظرت إلى الدمية وإلى خالد بعينين دامعتين تحملان نظرة غريبة.

لم تكن الدمية مجرد لعبة، ولم يكن همس سلمى مجرد حديث طفولي.
كانت "بطة" هي حافظة الأسرار
صندوق بريد الذاكرة
كانت الوسيط الذي يبقي صوت الأب حياً في عالم الطفلة الممزق.
لم تكن سلمى تهمس للدمية، بل كانت تستمع مراراً وتكراراً لآخر كلمات أبيها وترد عليها
كانت تستمد منها القوة والأمل، وتحافظ عليها كأثمن كنز في الوجود
درع تحميها من وحشة الفقد وضجيج الحـ.رب.

أعاد خالد الجهاز الصغير إلى مكانه داخل الدمية، وأعاد إغلاقها بعناية، ثم أرجعها لسلمى التي احتضنتها بقوة، ولكن هذه المرة، لم يكن الذعر الشرس في عينيها، بل مزيج من الحزن الهاديء والسكينة المريحة
ابتسمت الصغيرة لخالد بهدوء وقد أدركت أنه فهم سرها الصغير..
سر "الدمية التي تهمس بصوت خافت
صوت الشـ.هيد
😢55👍6
شيء ما مفقود
ثمة شيء ناقص
يتسلل افتقاده دوما إلى تفاصيل أيامي كظل لا يفارقني..
إحساس غامض لكنه متجذر وعميق أدركه بحدسي وأستشعر وطأته في صمتي وفي ضجيجي غير أن اللسان يعجز عن رسم ملامحه أو تحديد هويته..

يصحو معي قبل أن تشرق الشمس ويشاركني وسادتي حين يرخي الليل سدوله..
يتنفس في صدري بل لعله يبتسم ابتسامة خفية حين أجبر شفتاي على الضحك لأوهم نفسي والعالم بأني على ما يرام وبأن كل شيء في مكانه الصحيح

وفي كل مرة أظن فيها أن السعادة قد حضرت أو أن قرة العين قد دنت؛ يطل هذا الشعور برأسه من جديد ليذكرني بأن شيئا ما ليس موجودا
قد لا أدرك كنهه تماما لكني ألمس غيابه بوضوح وأشعر بمرارة فقده
هذا الافتقاد ينغص عليّ صفو كل لحظة جميلة ويعكر بهجة ما أملك ويقلل من لذة استمتاعي بما حولي ومن حولي
فقط لأن ذلك الشيء المفقود يلقي بظلال غيابه على كل شيء

المشكلة لا تكمن في الناس حتما فهم في أصل معدنهم ينبضون بالخير وضحكاتهم الصادقة تحمل دفئا والتفافهم حول بعضهم البعض يشع أنسا
أرى في عيونهم ومضات من الطيبة الحقيقية

ورغم هذا القرب وهذا الدفء المتاح أجدني غالبا أقف على الحافة كمن يشاهد عرضا مبهرا من خلف ستار..

أشارك
أتحدث
أبتسم
أومئ بالموافقة أحيانا أو حتى أعترض
ثم أعود لأنكفئ على ذاتي وألوذ بظلام كهفي
أجدني أقلب صفحات الصور القديمة لا لأسترجع ذكريات فحسب ولكن لأمضي في رحلة بحث مضنية عن "أنا"
ذلك الذي كان هناك..
أنا الحقيقي؟
أين تلاشى؟
هل رحل مع ذلك النور الذي كان يسكن عيني؟
أين اختفى ذلك الحلم الغض الذي كان شامخا لم تهزمه الأيام؟
وهل النسخة التي أعيشها الآن بكل ما فيها من شقوق وثغرات تستحق أن تحمل ذات الاسم وتكمل ذات المسيرة؟
هل ثمة ما يقال له "أنا" أم هي مجرد فسيفساء من نسخ متناثرة إحداها يكدح في خضم السير في مناكب الرزق وأخرى تجيد ارتداء قناع العلاقات الاجتماعية السطحية
بعضها يلتمس الطمأنينة في لحظات التدين وأخرى تتيه في متاهات الغفلة والتقصير والمعصية
نسخة تعرف كيف تمنح الحب بصدق وأخرى تتقن تمثيل المودة لتخفي خواء شاسعا
لا أدري
لكن ما أدركه أن ما يجمع هذه النسخ المتعددة هو سمة الفقد المستمر
كل تلك النسخ عبارة عن شظايا لم تكتمل
أرواح بدأت المسير ثم تعثرت في منتصف الطريق وتركت هذا الفؤاد يدور حول نفسه متألما ينتظر صوتا حانيا ويدين واثقتين تعتنقك إحداهما وتشير الأخرى بثقة بثقة إلى جهة محددة
دونك بيتك
ثمة موطنك
وهنالك ستجد نهاية بحثك
لكن هذا لم يحدث
ولا ادري هل سيحدث أم سيبقى وحده الليل يحتضن صمتي ويؤنس وحشتي في هدوئه المطبق
الليل حيث لا حاجة للأقنعة ولا للكلمات المنمقة
حيث لا أسئلة محرجة ولا إجابات فاترة أو كلمات جارحة تمزق الروح وتطعن الفؤاد
الليل حيث حقيقة الذات تنكشف مصحوبة بدمعة تغالب الجفن تتحصن داخل العين لأنها لا تجد مرفأ آخر يحتوي انكسارها الصامت

أشعر أنني ضيف على وليمة حياتي
لست صاحب الدار ولا بطل الحكاية التي تنسج خيوطها أمامي
قد تشوب هذا الفقد علاقة يتمناها آخرون فيراها المرء باهتة أو غير كافية
قد ينشب الشعور بالنقص مخالبه في نعمة يحلم بها غيرك فلا تعود تراها بعين الشكر
قد يعبث بنظرتك لمكان يحتضنك أو لمهنة ترتزق منها ويغبطك عليها أقرانك؛ فتصبح ساخطا متبرما
وقد يفسد مرورك بمحطة ضرورية في رحلتك لا غنى لك عنها فتفقد الصبر وتضل الطريق

وبسبب هذا الشعور المُلِح بشيء ناقص قد أترك..
قد أغير وأستبدل..
وربما أغادر وأقطع صلات كانت قوية
قد أفعل كل ذلك أو بعضه مندفعا وراء سراب الاكتمال دون أن اتوقف لأسأل عن طبيعة هذا الشيء المفقود

حقا ما هو؟
وما هي أهميته الحقيقية؟
وهل سأجده كاملا غير منقوص في البديل الذي ألهث وراءه؟
وما الذي يضمن ذلك إن كنت عاجزا عن تحديد ماهيته ابتداء؟
وكيف أحكم على غياب شيء لا أعرف كنهه؟
أعتقد أن أغلبنا لا يدري الإجابة فلماذا إذن نغادر ونرحل بهذه العجلة؟
لماذا نقطع ونترك ونستبدل دون ترو وكيف نضمن أن ما ذهبنا إليه سيكون خاليا من هذا النقص الغامض الذي نهرب منه؟
أسئلة حارقة قد لا يتوقف أحدنا لوهلة كي يطرحها على نفسه وقد عظم له الشيطان ذلك النقص وشوه له الصورة ليحقق بمهارة فائقة أحد أهم مقاصده
ليحزن الذين آمنوا
هكذا أذكر نفسي كلما خيمت عليّ تلك المشاعر ثم أذكر نفسي بتلك الحقيقة البسيطة التي تسعى نفسي الأمارة بالسوء جاهدة لإغفالي عنها ككثير من الخلق كي نأسى دائما على ما فات ولا نرضى أبدا بما هو آت أو بما هو في أيدينا
حقيقة أننا نحيا في دنيا
مجرد دنيا.. الشيء الناقص هو سمتها الأصيل
14👍7😢3
ذلك لأنها ببساطة دنيا
اشتق اسمها من الدنو
القرب وسهولة إدراك ما فيها عاجلا
واشتق أيضا من الدناءة
النقص والخسة
هي إذاً قريبة متاحة لكن ما فيها سيظل دائما منقوصا غير مكتمل
هذه هي المعادلة ببساطة
لا شيء في هذه الدار يكتمل تماما ولا يوجد فيها إنسان يأخذ كل شيء ويحظى بكل مراد
أذكر نفسي بتلك الحقائق لعل نفسي تتشربها فتطفيء بعض تلك الحرائق التي تضرمها وساوس الفقد في صدري فتخبو ويهدأ لهيبها

شيء ما مفقود هنا..
أعود لأخط هذه العبارة على ورقتي
ليس بحثا عن إجابة أرضية قد لا تأتي ولا انتظارا لكمال دنيوي مستحيل
فقط كتذكير دائم بأن هذا التوق الفطري للكمال المطلق وهذا الحنين العميق للاكتمال له وجهة واحدة صحيحة ومرسى واحد حقيقي
هنالك
في دار أخرى..
هنالك
حيث الكمال الذي لا يعتريه نقص والسلام الذي لا يشوبه قلق والرضا الذي لا ينغصه افتقاد
هنالك فقط تلتئم كل شظايا الروح وتعود كل المفقودات
وتكتمل كل تلك النسخ.. الناقصة
36👍8
مشهدٌ يتكرر في بيوت كثير منا بعد انقضاء رمضان،
مشهدٌ يحمل في طياته مفارقةً محزنة
تلك المصاحف الأنيقة، التي كانت قبل أيامٍ قليلة تتنقل بين الأيدي، وتُرتل آياتها في الأسحار والآصال، وتتردد أصداء تلاوتها في أرجاء المنزل
ثم تستقر الصورة على المشهد الحزين
الرفوف التي تستقر عليها حصيلة قديمة من زيارات معرض الكتاب
ها هي المصاحف قد تراصت إلى جوارها في أماكنها القديمة
وثمة غبار بدأ يتراكم عليها خصوصا أننا في موسم الخماسين وتنظيفة العيد لم يمر عليها إلا عدة أيام
لا... لم تأت العناكب بعد لتنسج خيوطها
أمهلها فترة ثم ستجدها لا محالة إن بقي الوضع على ما هو عليه إلا أن تدركها يد التنظيف في العيد القادم إن شاء الله..

لا أحب التكرار لكن المشهد سيظل محزنا مهما كررناه
هل هو شعورٌ التشبع بعد جرعةٍ إيمانية مكثفة في رمضان؟
أم تراه عودةٌ طبيعية (ومؤسفة) لسطوة الحياة اليومية ومشاغلها التي لا تنتهي؟
أم هو ذلك الصوت الخبيث الذي يوسوس هامسا: "لقد فعلت كل ما عليك في رمضان
والآن حان وقت الراحة!"؟
لكن أي راحةٍ؟
أوليست الطاعة هي الراحة؟
أوليست هي السر الذي كان يلقي بظلال السكينة على أرواحنا في رمضان؟
وهل هي حقا راحة أم هو شقاء مضني وضنك مقيم

الحق أن بعض التفكير اليسير سيجل الإجابة واضحة لكن للأسف قليل من يجيب
وما أبريء نفسي
أعترف أنني أقع في ذات الأمر دون شعور.
ذلك الحماس منقطع النظير والذي كان يدفع المرء دفعا إلى مدارسة القرآن وتدبره وتلاوته والحديث عنه ليلا ونهارا.
تلك الساعات الطويلة التي كنت أقضيها في بثوث وتسجيلات وحلقات التدبر والتفسير
أين ذهبت؟
هل بمجرد أن يُعلن موعد العيد؛ يصبح المصحف ككتابٍ غريبٍ ثم يرحل إلى الرفوف؟
لماذا يعامله بعضنا كضيفٍ ثقيلٍ انتهت مدة زيارته وحان وقت رحيله ثم نعود إلى هواتفنا، إلى شاشاتنا، إلى ترينداتنا المتجددة

أقررت من قبل بوضوح أن المداومة على نفس مستوى الطاعة الرمضاني أمرٌ شاق وليس مناط التكليف لأن الله لو اراد لجعل العام كله رمضان
وهو سبحانه لم يفعل
هذا صحيح
ولم يطالبك أحدٌ بذلك.
جرعة رمضان في سياقات كثيرة تعد استثنائية.
لكن هل يعني هذا أن ننتقل من "الوصل" اليومي المكثف إلى "الهجر" التام أو شبه التام؟
هل العلاقة مع القرآن هي علاقةٌ موسمية، تنشط في رمضان وتدخل في سباتٍ عميق بقية العام؟

هل نتعامل مع كلام الله كأنما هو دواءٌ نأخذه في فترة محدودة ثم نتركه حين نشعر ببعض التحسن
ونتذكره فقط كأنه مجرد كتابٍ يُقرأ للبركة أو في المناسبات الحزينة؟
قطعا ستكون إجابة أي مسلم عامل = كلا
القرآن حياة
نورٌ يهدي،
شفاءٌ لما في الصدور،
زادٌ لا غنى عنه للروح في كل وقتٍ وحين.
هو نزل لذلك
ليُتدبر
﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾
المشكلة أن هذا الهجر، حتى لو كان غير مقصودٍ في البداية، له عواقب وخيمة على القلب والروح.
القلب الذي كان رطبًا بذكر الله في رمضان، يبدأ بالجفاف تدريجيًا حين يُحرم من ماء الوحي.
النفس التي سمت وارتقت شيئا فشيئا، تعود للثقل والهبوط حين تفقد مددها من كلام ربها.
البوصلة التي كانت موجهة بوضوح نحو الآخرة، تبدأ بالانحراف والاضطراب حين يُطفأ نور القرآن في حياة المرء.
ثم نتساءل بعد فترة: لماذا أشعر بالضيق؟
لماذا قلبي قاسٍ؟
لماذا أصبحت أضعف أمام الفتن؟
لماذا فقدت حلاوة العبادة؟
الإجابة بسيطة يا صديقي
لأنك هجرت المصدر!
مصدر الطاقة الذي كان يمد قلبك بشحنة الهدى والنور.
﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ﴾
هكذا بوضوح
من دون الوحي = معيشة ضنك

لكن لحظة.. انتظر لا تبتئس ولا تيأس فليس هذا مقصدي
فقط أنا أذكر نفسي وإياك أن الأمر لم يزل ممكنا
الغبار لم يترام بعد على مصحفك كما لم تراكم الران بعد على قلبك
لازلنا في البداية
وكما أن الفتور بعد الاجتهاد أمرٌ متوقع ويحدث؛ فإن العودة بعد الانقطاع ممكنة ومطلوبة ومحببة إلى الله.

الأمر لا يحتاج إلى فورة عارمة أو عودةٍ مفاجئة لمستوى رمضان.
تذكر قاعدة "القليل الدائم".
يمكنك دوما أن تعود بالقليل
فلنبدأ بصفحاتٍ يسيرة كل يوم،
ولو صفحة واحدة شرط ان تداوم عليها فخير الأعمال أدومها وإن قل
هكذا علمنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
اجعل لك وقتًا ثابتًا مع القرآن، مهما كان قصيرًا، لا تتنازل عنه.
استمع إليه في سماعة رأسك أو في سيارتك زن كنت تمتلك واحدة،
المهم ألا تقطع الحبل تمامًا.
حافظ على الأساسات، و استمر في وضع لبنةٍ فوق لبنة، وإن كان البناء أبطأ.
الأهم هو ألا يتوقف البناء تمامًا.

علاقتنا بالقرآن بعد رمضان هي الاختبار الحقيقي لصدق محبتنا له، ولأثر رمضان في نفوسنا.
هل كان حبًا موسميًا وعلاقةً عابرة؟ أم أنه بدايةٌ لوصلٍ دائم، وإن كان بوتيرةٍ أهدأ
لكن أدوم
16👍8
أرجوك ارفع مصحفك عن الرف وأزل عنه أتربة الخماسين وليست أتربة الهجر
اجعله رفيقك الدائم من جديد
زادك اليومي
ونورك الذي تستضيء به دروب الحياة.
ولعل هذا القليل الدائم يكون هو الحبل الذي ينجيك يوم تنقطع كل الحبال.
50👍6👌3😢1
عودة للملخص اليومي لسور القرآن ووصلنا بفضل الله لسورة النبأ
👍21
أنا لا أحب الأشباح...
لا.. لا تذهب بخيالك بعيدًا نحو تلك الأطياف الهائمة التي تسكن القصور المهجورة في أفلام الفزع الكلاسيكية
ولا أيضا تلك الكيانات الضبابية التي تكتظ بها صفحات أدب الرعب وتجعل د. رفعت إسماعيل يرتجف في روايات "ما وراء الطبيعة".
ليس هذا ما عنيته، بل قد تراني أجد في تلك الأشباح التقليدية شيئًا من الأصالة المفقودة في أيامنا هذه.

لكنني قصدت شيئا آخر تماما
قصدت الأشباح من الشباب ومفردهم الشاب "الشبح".
ذلك الذي قد تراه في أرجاء الشوارع، وعلى النواصي أو متصدرا مقاطع الفيديو القصيرة التي تهاجم عينيك دون استئذان.
ذلك الشاب ذو اللهجة الممطوطة ونظرة العين القاسية وأحيانا الوقحة وأسلوب الحياة الذي يبدو وكأنه تم تجميعه من مجموعة من الأفلام والمسلسلات وأغاني المهرجانات الصاخبة التي هبطت علينا فجأة لتنتج هذا الشبح الفِخِم (بكسر الفاء والخاء)
نعم.. هؤلاء الأشباح الذين يتجولون بيننا في وضح النهار هم من قصدت..
أراك قد تعرفت عليهم
هم لا يثيرون الرعب كما يوحي اسمهم بقدر ما يثيرون مزيجًا من الحيرة والتساؤل وربما شيئا من الأسى.

ربما ترجع التسمية إلى معنى الاختفاء أو اللاوجود الذي كانت توحي به اللفظة الأصلية فصارت في حقهم إشارة إلى شيء يشبه ذلك "الظهور الطيفي" لشخصيات لا تشبه ظواهرها حقيقتها الداخلية التي غالبا ما تكون هشة تشبه الإكتوبلازم الذي تتكون منه الأشباح في افلام الرعب الرخيصة بالسبعينات والثمانينات
أحيانا اتصورهم قد خرجوا لتوهم من "ورشة استنساخ" غير مُرخصة، متخصصة في إنتاج نسخ باهتة ومُقلّدة من أبطال أفلام الأكشن الشعبي التي ربما يحمل براءة اختراعها ذلك الممثل الذي يردد كثيرا ثقته في الله وتصدره لزملائه
ربما هو وربما غيره تحقيق الامر لا يعنيني كثيرا
ما يعنيني حقا هو التفكر في كنه تلك الورشة التي تستنسخ هذا النمط الذي يشترك في خصائص واضحة
قصة شعر غريبة تبدو وكأن مصفف الشعر قد فقد عقله للتو أو أن أحدهم قد أغضبه فأفرغ جام غضبه على رأس الشبح المسكين
ملابس مبهرجة لامعة في نصفها العلوي وممزقة أو مموهة في نصفها السفلي وطبعا تحمل شعارات ماركات عالمية لا تسل عن مصدرها أو عن درجة تقليدها فكل ذلك ليس مهما
المهم أن تكون براقة جدا.. وخاطفة للأعين وتناسب كم الإكسسوارات اللامعة التي ستحملها ذراعي الشبح ورقبته

أما المِشية الشبحية فلها طقوس خاصة لا يتقنها إلا الشبح الأصيل
تباطؤ مقصود يوحي بالثقة والسيطرة مخلوطا أحيانا ببعض (الحنجلة) وتصعير للخد بشكل يثير الأشفاق أكثر مما يوحي بالتعالي والكبر

نظرة ذات مغزى سيرمقك بها إن اوقعك حظك العاثر في طريقه..
نظرة يفترض أنها تحمل تهديدًا مبطنًا ودهاء وخبرة لا قرار لهما
نظرة تخفي في الحقيقة ارتباك شاب لم يعلمه أحد كيف تكون المعاملات والذوقيات فخرج لا يعرف كيف يواجه العالم إلا بهذه النظرة الفجة

وعن لهجته أو لغته فحدث ولا حرج.
مزيج عجيب
كوكتيل لغوي مُفخخ تختفي فيه أداة النداء "يا" وتتحول إلى همزة خاطفة تسبق الوصف الذي سيناديك به..
أصاحبي
أزميلي
أشقيقي
لو لم تكون خبيرا بلغة الأشباح فستظنها بلاغة لغوية لكنك ستتراجع عن ذلك الظن حين تميز بسرعة ما تسمعه عبر سماعات (التكاتك) إن كنت في منطقة تكثر فيها تلك الأخيرة
نعم هي طبعا نفس مفردات المهرجانات العتيدة
"الجدعنة" و"الرجولة" و"السندلة" و"غدر الصحاب" وهم بالكاد يميزون بين الثلاثة الأول، بينما يُسقِطون الرابعة على كل من يختلف معهم في الرأي.
لو تغاضيت عن البذاءة والألفاظ الخارجة التي هي للأسف لا تفارق أغلب الأشباح فستجد أن كلماته ستتخللها كثيرا مصطلحات من أفلام البلطجة يرددها بصوت ممطوط أحيانا ومرتفع جدا أحيانا أخرى معتقدا أنها تمنحه "هيبة" واضحة أمام أقرانه..
أو حتى أمام مرآته!
لا يمكنك أيضا أثناء تأمل الحالة الشبحية أن تتجاهل العلاقة الوطيدة بـ "المكنة الصيني" التي يعشقها الأشباح
تلك الدراجة النارية رخيصة الثمن، عالية الصوت، التي تتحول بين أيديهم إلى أداة استعراض مميتة
لا شك أنك لو كنت من أهل الطرق وسواء كنت تقود سيارتك أو تركب المواصلات لعملك؛ فلعلك لاحظت يوما الحركات البهلوانية التي يحرص الشبح على استعراضها على ظهر (المكنة)! متحديا قوانين الفيزياء والمنطق السليم، غير عابئين بالخطر الداهم والواضح الذي يتربص بهم وبالمارة وبقلوب المشفقين.

لعلها طريقتهم في الصراخ للعالم: أنا هنا! انظروا إليّ!
صيحات بلغة أخرى يتقنها أغلبهم
لغة الإطارات التي تحرق الأسفلت تحت أجزاء المكن الرديء الذي سرعان ما سيتحول إلى كومة من خردة محطمة حين يقع المحتوم
المشكلة حين يتحول الشبح مع حديد المكنة إلى مجموعة مشابهة من العظام المحطمة التي ترقد بين الحياة والموت في قسم الطوارئ بأحد المستشفيات الحكومية
👍54👏2
وهنا يبدأ فصل آخر من الدراما الشبحية خصوصا إذا لم يستطع الطب تقديم الكثير فاستعد حينئذ لمشاهدة "الأصحاب الجدعان" ومعهم أهل "الشبح" المتراقص على ماكينة الموت وهم يمارسون نوعًا آخر من المجدعة واستعراض القوة
ليس على الأسفلت هذه المرة، ولكن على الأطباء والممرضين وكل من سيتعرض لهم من العاملين بالمشفى، محملين إياهم مسؤولية ما حدث، وكأن قوانين الجاذبية والسرعة الفائقة والتراقص المتهور الذي كان يلهو الشبح؛ كل ذلك هو محض مؤامرة قام بها الطاقم الطبي ضد فقيدهم الذي لم يفعل شيئا يذكر اللهم إلا ما يشبه الا.نـ.تـ.حـ.ار

ارجوك لا تظن أنني أسخر منهم أو اتعالى عليهم
معاذ الله
أصارحك أن ثمة سخرية طبعا لكنها ليست منهم
ربما هي من الحالة المزرية التي أوصلتهم لهذه النسخة المؤلمة
أما بالنسبة لهم فصدقا أنا أتألم لأجلهم
إن "الأشباح" في نظري = ضحايا.

ضحايا لثقافة الاستهلاك الجشع التي حولت كل شيء إلى صورة، وكل قيمة إلى "ترند" عابر.
ضحايا لهذا السيل الجارف من السطحية الذي أغرقت كثيرا منا بدرجات متفاوتة لكن الأشباح للأسف غاصوا فيها حتى الآذان التي أبرزها ذلك القزع العنيف الذي يصرون عليه
هم ضحايا لبريق الشاشات الخادع
لضجيج المهرجانات الذي يملأ فراغ العقول والآذان ويقنعهم بأن "الكاريزما" لا تشترى إلا بهذه الهيئة والطريقة التي تماثل هذا الممثل أو ذاك المطرب
يقنعهم بأن الظهور هو ببساطة أهم من الوجود.
وهنا تكمن المفارقة المضحكة المبكية.
هذه الواجهة "الفِخِمة" غالبًا ما تكون أوهن من "الإكتوبلازم" الذي تتكون منه مادة الأشباح في أفلام الرعب والرويات الرخيصة
خدش بسيط بموقف حقيقي، وسترى "الشبح" الصلب يذوب أمامك إلى هلام مرتبك وتظهر حقيقة مباشرة
حقيقة شاب يبحث بيأس عن هوية وقبول، فاختار أقصر الطرق وأكثرها لمعانًا خادعًا
التقليد والمحاكاة.
والحق أنهم ليسوا مجرد "مُقلّدين"
اعتقد أن الأدق كونهم ممثلين بالوكالة لأدوار لم يختاروها وأزياء لا تناسب أرواحهم
أصداء مشوهة وظلال باهتة تبحث عن صورة مرضية في مرايا "الترند" البغيض التي تلتقط الأكثر صخبًا وغرابك لا لشيء إلا لتُرى
تُرى في عالم لا يلتفت إلا للضوضاء.

لذلك ورغم ما صدرت به مقالي من أنني لا أحب الأشباح إلا أنني أنصحك حين ترى أحدهم أن تتذكر حقيقة تلخص ما صدعتك به في السطور السابقة
حقيقة كون ما تراه أمامك هو مجرد عرض جانبي لأزمة أعمق
أزمة زمن غابت فيه القدوات الحقيقية وأصبحت "الترندات" هي البوصلة الرئيسية وربما الوحيدة!
عرض لمرض بحاجة حقيقية إلى ما يهونه أو يخففه كعرض وما يعالج السبب الحقيقي الكامن وراءه
بعض التوجيه الذي يناسب فهمه
جرعة من الواقع تُصب في فمه كدواء مُر

نصيحة هادئة بلغة يدرك مدلولاتها وتنتزعه ولو قليلا من أمام سيل مقاطع التيك توك والريلز
قد تكون تلك مجرد بدايات على طريق استعادة أرواح حقيقية تحل محل تلك الأشباح..
أشباح هائمة في شوارع مدينتنا
16👍10😢6
عاد صديقي العزيز من عمله في إحدى الدول الخليجية لقضاء إجازة العيد القصيرة في مصر.
وكالعادة التي لا أدري كيف بدأت ولا من أين أتت، لكنها صارت جزءًا من طقوسنا؛ جاء محملاً بما لذ وطاب من أنواع المكسرات الثمينة التي لا يسمع عنها إلا من كانت له صلة بعائد من الخليج أو كان من أبناء طبقة يسمح لها دخلها بدفع الأثمان الباهظة التي صارت إليها تلك المكسرات
سألته بممازحةٍ حملت شيئاً من خبثٍ لا أنكره: "هل أحضرت البيستاشيو؟" رمقني بنظرة دهشةٍ ضاحكة، وردّ بلكنته التي لم تتغير: "بيستاشيو إيه يا ابني؟ ده اسمه فستق! اتغيرت وبقيت بترطن زي الأعاجم؟"
أجبتُ متظاهراً بجديةٍ أعرف أنها لن تخدعه: "يا سيدي، يبدو أن المصطلحات تطورت وأنت غائب." طمأنني ضاحكاً: "فيه فستق، ما تقلقش."
تناولنا الفستق (البستاشيو) والكاجو واللوز، ونحن نتبادل أطراف الحديث عن أيامٍ مضت وأحلامٍ لم تكتمل.
ثم انصرف صديقي لبعض شأنه
جلست برهة بعده وجدت نفسي أتأمل ما تبقى في طبق "البيستاشيو"، أو الفستق كما يصر صديقي الأصيل أن يسميه!

تناولت حبة، أغمضت عيني وأنا أتذوقها بتمعن محاولاً استعادة نقاء التجربة.

الطعم جيد، لا شك في هذا
لكنه يفتقر لشيءٍ ما
لِـ "الأخضر" اللامع المبهج الذي يتدفق كشلالات الأحلام الزمردية على أطراف جل حلويات عصرنا هذا
ذلك الطعم الذي تذوقته مرارا بناءً على توصيةٍ ملحة من أبنائي
وأعجبني
نعم... هذه حقيقة أعترف بها
وكيف لا يعجبني هذا الكم من السكريات والزيوت المهدرجة التي تعتصر هرمونات السعادة وتنتزعها بشكل حاسم لتشعرك بالبهجة
كيف لا تعجبني نكهة صناعية صممت بعناية لأجل هذا الغرض

الأكيد أنه لا يشبه ذلك الذي أتذوقه الآن
لا تقل لي أن الفارق فقط يكمن في السكر المضاف للأخضر والملح المضاف للذي أمامي
كنت يوما أستطيع تمييز أصل الطعم مهما كانت الإضافات والنكهات
ليس هو ولا يمت له بصلة
هذا الفستق الحقيقي يبدو باهتاً مقارنةً بال "بيستاشيو".
وهذا الأمر ضايقني وأقلقني على نفسي
لقد شعرت أن الأخضر أجمل
ما الذي حدث لي؟
هل أفقدني الزيف قدرتي على تذوق الأصالة؟
أم هو الشكل المبهج واللون الفاقع والأجواء المحيطة؟
سألت نفسي بحيرة
تسلل إليّ صدري قلقٌ هامس، يخبرني أن شيئاً ما في داخلي قد تغير.
الحق أن هذا القلق ليس جديداً تماماً ولم يبدأه الـ" بيستاشيو"
لقد بدأ يزورني حين لاحظت ذلك الهوس المتزايد بتلميع الواجهات وصقل الصور

تلك المحاولة المستمرة لصناعة نسخة "مُحسّنة" من كل شيء
من أنفسنا
من حياتنا
حتى من طعامنا.
لا أعني بالطبع تلك العناية الفطرية الحقيقية بالنظافة والأناقة المحببة فهذا مطلب مشروع ومحبب
أتحدث عن شيء مختلف
عن صور زائفة لأشياء لها أصل حقيقي
لي أقارب ومعارف لم أرهم منذ سنوات بسبب غربتهم لكنني أتابع أخبارهم باهتمام وأرى صور أبنائهم عبر وسائل التواصل بشكل مستمر وحتى آخر لحظات تسبق اللقاء الذي يحدث عنده نفس السيناريو كل مرة
لا أكاد أعرفهم حين رؤيتهم
كيف هذا؟
أنا متأكد أن الصور التي رأيتهم ومقاطع الفيديو التي ينشرونها حديثة جدا
لا أقول أنهم أقبح على الحقيقة
لكن البشرة ليست بهذا النقاء المذهل
الخدود ليست متوردة لهذه الدرجة
الشفاه لا يكاد الدم يتفجر منها في الواقع
والأعين!
نعم يا عزيزي ليست ملونة
قد ظننت أن أبناءكم يشبهون الفرنجة لكنني الآن اطمأننت
هم يشبهوننا في حقيقة الأمر
لكنها الفلاتر يا عزيزي
مزيد من الزيف
زيف صرنا نعشقه
نعم... لا تفسير لهذا الكم من الفلاتر الذي يحيط بنا إلا أننا نعشق الصور
حتى لو كانت زائفة
المهم أن تكون جميلة
بل رائعة مبهرة
وما أبريء نفسي
لا تذهب بخيالك بعيدا فتتصور أنني أستعمل فلتر ما في حلقاتي فلم أصل لذلك بعد وأرجو ألا أصل لذلك أبدا

لكنني أجد نفسي كثيرا أنفق وقتا زائدا في ضبط موقع التصور وزوايا الضوء قبل أي بث على أمل واهٍ أن أخفي شيئا ممن فعلته السنين بوجهي
لكن لماذا؟
المحتوى الذي أقدمه لا قيمة فيه أبدا لشكلي
أخشى أن شيئا من التأثر بثقافة الصورة وجمالها قد طالني للأسف
أتذكر يوماً جلست فيه في مكان جميل أتناول كوبا من قهوتي المحببة
جاءت القهوة وكان الجو صحوا والمكان مبهج
فلأستمتع بقهوتي إذاً
للأسف كانت القهوة باردة لم أستطع الاستمتاع بها
لم يكن العيب في صانعها قطعا
العيب كان في إنفاقي للوقت أحاول التقاط صورة عميقة لهذا الفنجان الأنيق وتلك الخلفية المبهجة يذكرني بزمن مضى. الوقت الأطول كان قد مضى في اختيار الفلتر المثالي الذي عرضه علي برنامج التصوير
القهوة بردت والطعم شبه تلاشى
لكن الصورة بدت رائعة حصدت عددا لابأس به من الإعجابات على موقع الصور الشهير ومنحتني شعوراً لحظياً بالرضا الزائف.
31👍13😢1
هل هذا ما صرنا إليه؟
هل أسرتنا الصور لهذه الدرجة حتى ألهتنا عن الاستمتاع بما نحب؟
أم أن المتعة صارت بصرية وحسب حتى صار البيستاشيو فاقع اللون ألذ وأطعم من الفستق الباهت؟
في زمن النكهات الصناعية صرنا نأكل بعيوننا لا بأفواهنا.
نتحدث بأصابعنا على لوحات المفاتيح، لا بأصواتنا التي تحمل دفء انفاسنا وأرواحنا.
المهم أن يكون كل ذلك مزينا وصورته جيدة

تخيل أن يظل إنسان يتزين ويضع الأصباغ التي تغير شكله تماما لكي يحب شكله ويعشق صورته حتى ينسى شكله الحقيقي وينسى أن هذا مجرد قناع وتلك مجرد صورة

نحن ندرك، في قرارة أنفسنا، أن ما يلمع على شاشاتنا ليس ذهباً خالصاً.
نعرف أن هناك تجميلاً.. إخراجاً.. فلترة للواقع.
ما يفزعني هو تحول هذه الفلترة من مجرد تجميل للصورة إلى أسلوب حياة، إلى همٍّ أكبر يشغلنا عن حقائق الأشياء.

والأدهى أن يتسلل ذلك الوباء إلى علاقاتنا لتبدو مثالية في صور منسقة
بينما تخفي خلفها فراغاً صامتاً

فراغ سيصل لا محالة إلى مشاعرنا حين نختزلها في رموز تعبيرية باردة
وكأن قلباً رقمياً يمكن أن يحل محل دفء نظرة أو صدق دمعة.
اللحظات العائلية، تلك التي كانت ملاذنا الآمن، تحولت تدريجيا إلى جلسات تصوير تصوير مرهقة، ننسى فيها أن نتحدث ونضحك ونعيش اللحظة، منشغلين بالبحث عن اللقطة "المثالية" التي سنشاركها مع غرباء افتراضيين.
حتى الحزن، صار له "فلتر"!
نكتب تدوينات باكية متألمة، ربمااستجداءً لمواساةٍ رقمية أو تعليق يزيد رصيدنا من الاهتمام الافتراضي وننسى في خضم ذلك أن الحزن الحقيقي، الذي يعتصر القلب لا مكان له في هذا المسرح الرقمي.
حتى أفكارنا لم تسلم.
صرنا نستهلك آراءً جاهزة معلبة، كوجباتٍ فكرية سريعة لا تحتاج إلى تمحيص. "تريند" جديد كل يوم
رأي رائج نتبناه لنشعر أننا بداخل الأحداث
فكرة منتشرة لابد أن يكون لنا قول فيها حتى لو لم نكن أهلا للحديث حولها أصلا
المهم أن لنا حضورا
حتى لو كان زائفا
كل ذلك لم يسلم من الزيف ونريد للطعام أن يسلم
المتوقع طبعا أننا صرنا نأكل بعيوننا أكثر مما نتذوق بقلوبنا.
فلتكن إذا النكهات الصناعية، فالمهم أن تخرج الصورة أنيقة مبهجة
وإن لم تخرج كذلك فالفلتر موجود لا تقلق سيقوم بباقي التزييف لينخر في جوهر الأشياء كالسوس في مهنتي قد يترك ظاهر الضرس يبدو سليما قويا
قشرة براقة لكنها جوفاء سرعان ما تنهار عن إزالة التسوس لتظهر حقيقة الخواء تحتها

لكن الخطر الأكبر هو أن نحب هذا الزيف وندمنه وننسى اللذة الحقيقية
سننسى طعم الفاكهة الطازجة التي نضجت تحت الشمس لتخرج عصارتها النضرة بمجرد الإمساك بها لنكتفي بعصير معلب لا يحوي إلا النكهة التي قد تشبه الأصل لكنها ليست أبدا أصيلة
وهذا الإدمان سيُفسد في النهاية حاسة التذوق الحقيقية لدينا
لا أتحدث هنا عن تذوق الطعام فما كان إلا مدخل للأهم
تذوق الصدق
تذوق العفوية
تذوق العلاقات الأصيلة
تذوق المعاني الحقيقية.
تعود الزائف يجعلنا عاجزين عن تقدير ما هو حقيقي
ثم نبدأ بالتدريج في تصديق أن هذا الزيف اللامع هو كل ما في الحياة.
سننسى دفء العناق الحقيقي، ونقنع بالقلبٍ الرقمي الذي يومض على شاشة.
سننسى عمق الحوار وجهاً لوجه، ونغرق في جدالات سطحية تحت منشورات تافهة.

ألا نشعر بظمأ الروح إلى الأصيل؟
ألا يحن القلب إلى ما هو حقيقي، حتى لو كان بسيطاً، حتى لو كان به بعض النقص؟

تخيل معي لو أننا بقليلٍ من الشجاعة قررنا أن نعيش اللحظة كما هي
بجمالها الخام وبنقصها الذي هو جزءٌ من سحرها.
تخيل لو توقفنا قليلا عن تصوير حياتنا وصرنا نعيشها فعلاً
بنظراتٍ صادقة
بضحكاتٍ لا تحتاج إلى فلتر
بأحاديث تحمل رائحة الإنسان لا رائحة الأسلاك والبلاستيك
تخيل لو بحثنا عن الطعم الحقيقي في كل شيء
في علاقاتنا، في أفكارنا، في طعامنا، في أنفسنا.
ما أعتقده أن هذه الأصالة هي وحدها ما يروي ظمأ الروح
ما يمنح الحياة طعمها الذي لا يُعوّض.
أما النكهة الصناعية، فمهما حاكت الأصل، ستظل دائمًا مجرد نكهة
بلا رائحة
بلا روح
بلا حياة.
وسيظل الفستق أفضل وأنفع وأطعم من البيستاشيو
56👍20😢9
2025/07/14 05:29:57
Back to Top
HTML Embed Code: