Warning: Undefined array key 0 in /var/www/tgoop/function.php on line 65

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /var/www/tgoop/function.php on line 65
5955 - Telegram Web
Telegram Web
ثم تأتى التوجيهات الختامية فى السورة لتضع المسلم فى حالة من الاستنفار والرباط المستمر؛ فهاتين الحربين لن تنقطعا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها "لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ"
مع هذه الحرب المستمرة إلا أن البشارة والطمأنة لا تفارق السورة
" لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ {} مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ {} لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللّهِ وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ"
و تختم السورة بالتوجيه الاستنفارى الدائم الذي ينبه المؤمن إلى أنه ينبغي أن يظل في تلك الحالة من الصبر والمصابرة في مواجهة كيد أهل الباطل
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"

هذا الصبر وتلك المصابرة هو امتداد لمعنى الثبات الذي تحدثنا عنه بكل تضحياته ومجاهداته
وهذا هو الذي يفتح باب "الاصطفاء" الإلهي والذي تحدثت عنه السورة كثيرا.
فالله لا يصطفي إلا من صبر وثبت، ومُحّص بالبلاء فخرج منه كالذهب الخالص كما اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران وكما اصطفى السيدة مريم على نساء العالمين
وكذلك يصطفي من هذه الأمة من يثبتون على الحق، فيجعلهم ورثة الأنبياء، وشهداء على العالمين.
وفي زمان كزماننا حيث تتلاطم أمواج الفتن كبحرٍ لجيّ، وحيث يصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر = تبدو سورة آل عمران كحصنٍ ثبات حصين نأوي إليه، وكنهرٍ رقراقٍ نرتوي منه، وكنجم نهتدي به في ليل الحيرة الطويل.
سورة تُعلّمنا كيف نُثبّت أقدامنا على الصراط، وكيف نُواجه العواصف بقلوبٍ راسخة كالجبال،
كيف نُحوّل كل محنةٍ إلى منحة، وكل ابتلاءٍ إلى ارتقاء.
وكيف نصبر ونصابر أمام معارك الحياة الفكرية والمادية لعلّنا بذلك نُرزق الثبات على الحق حتى نلقى الله، ونفوز بشرف الاصطفاء، ونكون مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
وحسُن أولئك رفيقاً.

الفصل الثالث من سلسلة #قبل_أن_تتلو
6👍2
منذ فترة احتجت لأن أضع شيئا في أحد أدراج مكتبي بالعيادة لأفأجأ بمفاجأة غير سارة
لا توجد أي مساحة يمكنني أن أضع فيها أي شيء
جميع الأدراج كانت مكتظة بشكل مريب وغير مبرر!
الحق أن الأمر لفت نظري خصوصا أن ما كنت أريد وضعه لم يكن بتلك الضخامة التي تشكل عائقا لوجوده بين باقي الأشياء المفترض وجودها في الأدراج
حرفيا لا يوجد سنتيمتر فارغ
قررت أن أعيد فرز محتويات الأدراج لعلي أصل إلى تفسير منطقي لهذا التزاحم العجيب والمفاجيء
وكانت النتيجة المتوقعة
أغلب محتويات الدرج يمكن وصفها بكلمة واحدة عبقرية من قاموسنا العامي
"كراكيب".
تلك الكلمة السحرية التي تصف أي شيء لا لزوم له عندك، ولا تتذكر متى استخدمته آخر مرة (أو متى ستستخدمه)
لكنك - ولسبب غامض يتحدى المنطق - ترفض التخلص منه أو الاستغناء عنه لسبب غير مفهوم!
أوراق قديمة بعضها قد اصفر واهترأ حيث مكثت في أدراج عيادتي سنين عددا منذ افتتحتها!
أقلام كثيرة أغلبها قد جف منذ زمن! ماذا تفعل في درجي؟!
عينات دعائية لأدوية منسية وطبعا صارت منتهية الصلاحية!
بعض القطع البلاستيكية والمعدنية الغامضة التي لا أدري حقا كنهها ولا ما كانت تقوم به أو ما يفترض أن تقوم به
عدد ضخم من الكروت والنشرات الدعائية لمعامل ومنتجات وأشخاص ربما قضوا أو توقف نشاطهم منذ سنوات
دعوات زفاف!!
زجاجات عطر فارغة!
عدة أغلفة فارغة لقطع من الحلوى والشيكولاتة كنت أدمنها لفترة طويلة من حياتي قبل اتخادي لقرار الطعام الصحي
وأشياء أخرى كثيرة لا يتسع المقام لذكرها ربما لأنني لا أدرك أصلا ماهيتها
حسنا... ما الذي دفعني للاحتفاظ بتلك الأشياء ابتداءً فضلا عن تخزينها كل هذه المدة؟!
لماذا لم أتخلص منها أو على الأقل انتفعت بها وقتما كانت تصلح؟!
الحق أن هذه التساؤلات التي اجتمعت على ذهني بسبب ذلك الموقف جعلتني أنتبه لحقيقة ربما كنت أعرفها مسبقا لكنني كنت دوما أظن نفسي بمنأىً عنها ولم أتوقع يوما أن أكون غارقا فيها دون أن أشعر
حقيقة ذلك العشق العجيب
عشق الكراكيب
نعم... نحن قوم نعشق الكراكيب
أعتقد أن هذه طبيعة يصعب إنكارها أو الجدال حولها
كثيرون كتبوا وتحدثوا عن معنى تبسيط الحياة (minimalisation)
تكلم المفكرون باستفاضة وأشاروا بوضوح إلى قضية الكراكيب هذه وضرورة ترتيب البيئة المحيطة بالإنسان والتخلص مما يعقد تلك البيئة ومن ثم يثقل الحياة ويكون ذلك عبر الانغماس التدريجي فيما لا لزوم له على الإطلاق والاستزادة منه

تذكرت ذلك وشعرت لوهلة وأنا أشاهد محتويات درج مكتبي أنني تقمصت خصلة من خصال أمي حفظها الله والتي ورثتها هي عن جدتي رحمها الله وأظن أن أغلب الأمهات والجدات كذلك خصوصا في طبقتنا المتوسطة حيث تحرص كل منهن على عدم التخلص من أي (برطمان) للطماطم المعلبة أو أي زجاجة بلاستيكية كانت تحوي منذ زمن سحيق مشروبا غازيا ما وتظل تلك الأشياء تتراكم في مطابخهن حتى لا تكاد تجد فيها موطئا لقدم
كنت أظن أننا معشر الرجال لا شأن لنا طبعا بكل ذلك
ولقد كنت واهما!
على الأقل في حالتي وفي حالة كثيرين ممن راجعتهم = كانت النتيجة مؤسفة
جلنا يقع في أسر الكراكيب
تدريجيا ودون أن تشعر تجد حياتك محاطة بالكراكيب
كراكيب في خزانة ثيابك
كراكيب في مكتبتك ومكتبك وحيث تحتفظ بأوراقك ودفاترك
كراكيب في مطبخك وأثاث منزلك
كراكيب في مواعيدك وهمومك وانشغالاتك
وكراكيب في علاقاتك وارتباطاتك ومسؤولياتك

كراكيب من فوقها كراكيب ومن تحتها كراكيب
فجأة وبدون سابق إنذار تكتشف إنك غارق في بحر أشياء لا تعرف من أين أتت ولا تدرك قيمتها ولا السبب المنطقي الذي دفعك للاحتفاظ بها والتمسك بها
والأهم إنك لست قادرا بعد على التخلص منها

بينك وبين نفسك تعرف جيدا أنك لن ترتدي هذا القميص قريبا لأنه ببساطة لم يعد يناسب مقاسك منذ سنوات
- ليست مشكلة غدا أقوم بحمية وأخسر بضعة كيلوجرامات من وزني وحينئذ سأتمكن من ارتدائه

وماذا عن تلك السُترة عتيقة الطراز التي لم تعد تقربها منذ دهر نظرا لكون (موديلها) قد صار قديما لا يناسب العصر

- وما يدريك؟... إن (الموضة) تتغير باستمرار ولعل عجلتها تدور فيعود طراز تلك الحُلة رائعا يوما؟!

وما هذه الكمية الرهيبة من الأوراق والتلال المرتفعة من الصحف والمجلات القديمة التي تثقل أرفف مكتبتك وسطح دواليبك؟!

- لا يمكنني التخلص منهم فربما يكون بينهم ورق مهم قد أحتاجه يوما

وماذا عن تلك الأدوات الصدئة والألعاب التالفة الخربة التي في مخزن بيتك أو في شرفتك؛ ألم يبلغ أبناؤكم سناً لا يناسب اللعب بها؟!

- يا أخي وما يدريك ألا يمكن أن أرزق بمزيد من البنين فيلعبون بها أو يلعب بها أحفادي يوما؟!
7👍4
هذه بعض نماذج للكراكيب التي نصر على اقتنائها ولا داعي طبعا للحديث عن النيش والكراكيب التي يحويها عادة
نعم يا عزيزي هذا صحيح.. كثير من محتويات النيش تصلح في غالب الأحوال لاعتبارها كراكيب إلا لو كنتم من القلة التي تستعمل فعلا ما بداخله وهذه صدقني... قلة نادرة
والحكم على الغالب يا عزيزي كما لا يخفى عليك..

لكن ما علينا.. دعك من النيش فالحديث عنه ذو شجون لنعد إلى الأشياء الواضحة التي لن نختلف عليها غالبا
هل تنكر أن حياتك تكتظ بأشياء تصلح لوسمها بالكراكيب؟
هل تنكر أن كثيرا من هذه الأشياء ليس لها أي قيمة مادية حالية أو منتظرة؟
هل تنكر أنك لست مستعدا لدفع قرش واحد مقابلها إن عُرض عليك شراؤها؟!

لماذا إذاً تحتفظ بها؟
مادمت لست على استعداد لدفع أدنى مقابل مادي لشرائها = فأنت ببساطة لا تحتاج إليها!

أسمعك يا من تردد أن الأشياء ليست بقيمتها المادية وأن ثمة قيم روحية وذكريات وحنين إلى الماضي وسائر تلك الأشياء الجميلة
حسنا... أنا أحترم ذلك جدا ولن أقلل منه
لكن هل يُعقل أن كل ما تحتفظ به يذكرك بالماضي؟!

هل لكل ورقة أو قلم فارغ أو أداة خربة تشغل حيزا من درجك أو مكتبتك تشعر تجاهها بهذه ال(نوستالجيا)؟

لا أظن؛ وإلا كان هذا نوعا غير مفهوم من الوفاء للأشياء تستحق عليه جائزة أوفى شخص في العالم!
ثم إنها لو كانت كذلك حقا فلماذا لم تبد استعدادا لدفع مقابل مادي لها حين سألتك منذ سطور؟!
ما أعرفه أن الإنسان على استعداد لتحمل أي كلفة كي لا يتنازل عن أي شيء يمثل له قيمة روحية ما
صورة قديمة
ثوب لعزيز مُتوفى يقول عنه من ريحة الحبايب
لعبة قديمة تذكره بطفولته
بغض النظر عن كون ذلك قد يكون ضارا أحيانا وقد يجدد حزنا وأسى لا داعي لهما إلا إنه مقبول بقدر
لكنه محدود كذلك
ومهما كثر هو لا يمثل نسبة حقيقية من باقي تلك التلال من الكراكيب

دعنا نتحدث بصراحة أكثر
الفكرة ليست غالبا في ذلك الحنين للماضي
الحق يا صديقي أننا نحتفظ غالبا بتلك الأطنان من الأشياء ونتحمل الزحام الذي تسببه والحيز الذي تشغله لسبب آخر محوري
إنه الخوف
الخوف من الفَوت
نحن في الحقيقة نخشى أن يأتي يوم نحتاج فيه إلى تلك الأشياء فلا نجدها
وحينئذ سنتحسر لفواتها
لذلك نحتفظ بها وتتراكم عندنا استعدادا لتلك اللحظة الاي قد لا تأتي أبدا
بل هي غالبا لا تأتي أبدا
في كتابه الكريم نهانا ربنا ﷻ عن تلك الحسرة والأسى على ما فات حتى لو كان فعلا قد فات
ذلك لأنه ببساطة لم يكن مقدورا لك
ما أصابك لم يكن أبدا ليخطئك
وما أخطأك لم يكن أبدا ليصيبك
إذاً هو في حقيقته لم يفتك
"مَاۤ أَصَابَ مِن مُّصِیبَةࣲ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِیۤ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِی كِتَـٰبࣲ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَاۤۚ إِنَّ ذَ ٰ⁠لِكَ عَلَى ٱللَّهِ یَسِیر. لكَیۡلَا تَأۡسَوۡا۟ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمۡ وَلَا تَفۡرَحُوا۟ بِمَاۤ ءَاتَاكم"
تأملها مرة أخرى..
لكَیۡلَا تَأۡسَوۡا۟ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمۡ
الخوف من حدوث ذلك الأسى هو الذي يدفعنا للاحتفاظ بجُل تلك الأشياء ويؤدي بنا تدريجيا لتغول غريزة التملك والرغبة في جمع وحيازة واكتناز كل ما تصل إليه أيدينا دون تمييز
المشكلة أن هذا التضخم في الكراكيب وازدحام الحياة بها لا يقتصر على الأشياء المادية وما تحويه البيوت وخزانات الثياب والأدراج
الكراكيب الأخطر هي تلك التي تشغل الحيز الأكبر من وقتك ومن همك ومن بالك وعقلك
ومن قلبك
لكي تستطيع تحديد حقيقة العلاقات والشواغل التي تمتليء بها حياتك وهل هي فعلا كراكيب متزاحمة أم لها قيمة فعلا في واقعك ومستقبلك القريب والبعيد = اسأل نفسك ذات السؤال اللي طرحته حين أعدت ترتيب دولابك أو مكتبك
هل أنا فعلا أحتاج لكل ذلك؟
وهل أنا مستعد لتحمل كلفة الحصول عليها من جديد إذا زالت؟
لو عاد بي الزمن هل سأسعى جاهدا للتعرف على ذلك الشخص أو الاقتراب من ذاك ومصادقته؟
لو استقبلت من أمري ما استدبرت هل سألزم نفسي بكل تلك الارتباطات والدائرة المزدحمة بالمعارف والتي تنبثق عن كل منها مسؤوليات وتكاليف؟
هل كل علاقاتي وانشغالاتي وهمومي = ضرورية أو أنا بحاجة حقيقية إليها؟
للأسف جل الإجابات ستكون خلاصتها سلبية

ولو أجبنا تلك الأسئلة بصدق سنكتشف إن كثيرا من هذه العلاقات لم تكن ضرورية بالمرة
كثير من تلك الهموم والشواغل كانت مجرد عوائق تحول بيننا وبين أشياء أهم وأنفع وكثير منها كانت تحتل حيزا من تفكيرنا ومشاعرنا أشياء أخرى كانت أولى به ده
بل كثير منها في حقيقتها كانت معطلة معيقة عن كثير من الخير والنفع وربما كانت ضارة مؤذية وتشكل عبئا نفسيا ووقتيا وماديا لا داعي له مطلقا

لماذا إذاً نحتفظ بها؟
7👍2👏2
لماذا لا نتخلص من ذلك الارتباط الوهمي أو على الأقل نحجمها ما دامت ليست مفروضة علينا بشكل خارج عن إرادتنا ولم نكن مكلفين شرعا بالحفاظ عليها وحسن عشرتها؟
الإجابة هي نفسها
نظرية الكراكيب
والخوف من فواتها والحسرة المتوقعة عند الاحتياج إليها
يقولون في المثل العامي "اللي ما تحتاجش النهاردة وشه بكرة تحتاج لقفاه"
هذا كلام غير دقيق
عز المؤمن في استغنائه والأصل أن تحاول دوما ألا تفتقر إلا إلي واحد لا شريك له
تفتقر إليه سبحانه
ما دونه كله لا يستحق هذا الخوف المرضي من فقده أو الأسى على فوته

كثير من الكراكيب يمكن لها أن تختفي حياتك وتتخفف منها وتوسع حيز تلك الحياة ماديا ومعنويا بمجرد اعترافك بحقيقة بديهية جُلنا نصر على إنكارها والتغافل عنها دون أن نشعر
حقيقة أنه لا أحد يأخذ كل شيء
ولا أحد يحتاج لكل شيء
لا أحد مطلقا
حتى إن ظن ذلك..
لذلك يا صديقي أنصحك ونفسي أن نتخفف يا صديقي
نبدأ رحلة التخلص من كراكيب حياتنا الزائدة عن الحاجة المادية والمعنوية.
ظني إن فعلنا أننا سنجد مساحة أكبر لما هو مهم حقًا..
مساحة للتنفس...
بل للحياة،
من خلال هذا الوسم #كراكيب سأحاول في كل مقال أن أقف مع بعض هذه الأشياء في حياتنا لعلنا نصل إلى هذا المقصد العظيم
التخفف
21👍8
#ورد_القرآن_اليومي
الآيتان 265 و266 من سورة البقرة
Forwarded from محمود مجاهد
👍53🥰1
التلاوة
👍3
Forwarded from محمود مجاهد
2👍1
التلاوة
1
#قبل_أن_تتلو
الحلقة الرابعة

كلما شرعت في الكلام عن سورة النساء، أو تلاوتها قبل سارع إلى ذهني مشهد مهيب من سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم. مشهدٌ يطلب فيه سيد الخلق من أحد أصحابه وأقربهم إلى قلبه أن يقرأ عليه شيئاً من القرآن.
موقف يهتز له القلب وتخشع عنده النفس! تخيل أن النبي ﷺ يطلب منك أن تُسمعه كلام ربه الذي أُنزل عليه
أي شرفٍ هذا؟
تساءل سيدنا ابن مسعود المتشرف بهذا المطلب : أقرأه عليك وعليك أُنزل؟
وكأنه لم يدرك لأول طبيعة المطلب فتبين
وكانت الإجابة؛ إني أحب أن أسمعه من غيري
هنا يأتي السؤال الأهم؛ لو كنت مكانه أي آياتٍ أو سورٍ كنت ستختارها لتتلوها على مسامع خير البشر؟

في تلك اللحظة، لم يختر سيدنا ابن مسعود سورة القيامة بصورها المفزعة، ولا سورة يوسف بقصتها المؤثرة، ولا حتى سورة الرحمن بآياتها الآسرة.
لقد اختار السورة التي بين أيدينا في هذه السطور
اختار سورة النساء!
نعم، تلك السورة المدنية الطويلة التي جاءت في ترتيب المصحف بعد الزهراوين البقرة وآل عمران
سورة تبدو لبعضنا اليوم فقط سورة متعلقة بالأحكام الفقهية وحسب
أحكام خاصة بالأسرة والميراث واليتامى، مع بعض القصص عن المنافقين واليهود.
لطالما تساءلتُ، ويلفت انتباهي هذا الاختيار من سيدنا ابن مسعود
لماذا النساء تحديداً؟
ألم يكن الأولى به، في مقامٍ كهذا، أن يختار سورةً تُبكي العيون وتُرقق القلوب، كما نفعل نحن غالباً حين نخير و نُريد "التأثير"؟
لقد جرت العادة لدى كثير من محبي القرآن وأهله، بشكلٍ قد لا يدركونه، أن يقتصر مفهوم "التأثر القرآني" على آيات الجنة والنار، وأهوال القيامة، وقصص الأمم الغابرة.
أما السور المدنية وآيات الأحكام، فربما نمرّ عليها مروراً سريعاً، كواجبٍ لابد أن نؤديه لإتمام الختمة، منتظرين بفارغ الصبر الوصول إلى تلك السور "المؤثرة" التي تضمن لنا ذرف الدموع والدخول في حالة التأثر الروحية المطلوبة
لقد حاولتُ أن أكون صادقاً مع نفسي حين سألتها : لو كنتُ مكان الصحابي هل كانت سورة النساء ستكون خياري الأول؟
أشك في ذلك كثيراً.
وهذا الاعتراف منذ سنين، كشف لي عن قصورٍ في فهمي وهو قصورٍ أخشى أن الكثيرين حين أحدثهم عنه أجد أنهم يُشاركونني فيه.
قصورٌ يجعلنا نزهد، دون قصد، في كنوزٍ عظيمة مخبأة في طيات القرآن المدني، وفي ثنايا آيات الأحكام نفسها.
قصور يجعلنا ننسى أن التأثر بالقرآن له وجوهٌ متعددة.
نعم، هناك تأثر البكاء والخشية من عذاب الله أو الشوق إلى جنته.
لكن ثمة تأثر آخر
الانبهار بعظمة التشريع، بجمال العدل الإلهي، بدقة الأحكام التي تضع كل شيءٍ في نصابه.
تأثر برحمة الله التي تتجلى في رعايته للضعفاء والمستضعفين.
تأثر العجب من مدى حكمة الله في تنظيم حياة البشر بما يُصلح شأنهم ويُقيم مجتمعاتهم على أساسٍ من الحق والقسط.

هذا النوع من التأثر، ربما لا يُبكي العين، لكنه بالتأكيد يُبهر العقل ويُطمئن القلب ويُقوي الإيمان.

أحسبُ أن ابن مسعود رضي الله عنه، بفهمه العميق لكتاب الله، لم يكن لديه هذا الفصل التعسفي الذي يعاني منه بعضنا
الفصل بين "آيات التأثير" و"آيات الأحكام".

لقد كان في ظني يرى القرآن كله وحدةً متكاملة، كل آيةٍ فيه تحمل نوراً وهداية وتأثيراً بطريقتها الخاصة.
اختار سورة النساء، ربما بتلقائية المحب العارف، مدركاً ما تحمله من كنوزٍ قد تغيب عنّا نحن أصحاب النظرة القاصرة.

والعجيب أن النبي صلى الله عليه وسلم نفسه، وهو من أُنزل عليه القرآن، تأثر تأثراً بالغاً بقراءة ابن مسعود واختياره..
قطعا لم يملّ من طول السورة، ولم يستعجل الوصول إلى "الآيات المؤثرة" بمفهومنا الضيق.
لقد ظلّ بأبي هو وأمي يُنصت بخشوع، حتى وصل ابن مسعود إلى الآية الحادية والأربعين: "فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَؤُلَاءِ شَهِيدًا".
هنا، لم يتمالك النبي نفسه، وقاطع القراءة وقال: "حسبك الآن"..
نظر إليه ابن مسعود، فإذا عينا رسول الله تذرفان!
لقد بكى النبي من آيةٍ في قلب سورة النساء، آيةٍ تتحدث عن مشهدٍ عظيم من مشاهد يوم القيامة، مشهد الشهادة على الأمم.
أرأيت؟
حتى سورة نظنها مختصة بالأحكام، تتخللها آياتٌ تهزّ الوجدان وتُذكر بالآخرة.

وهذا هو منهج القرآن العظيم في ترسيخ أحكامه.
إنه لا يُقدمها كقوانين جافة ومجردة، بل يغرسها في تربة الإيمان والتقوى، ويُحيطها بسياجٍ من الترغيب والترهيب، ويُذكر دائماً بالغاية الكبرى: رضا الله والنجاة يوم القيامة.
جل آيات الأحكام تأتي غالباً مسبوقةً أو ملحوقةً بحديثٍ عن الله
عن أسمائه وصفاته، عن علمه وقدرته، عن رحمته ومغفرته وعزته وحكمته
10👍3
وعن جنته وناره.
لهذا السبب، لم يكن ابن مسعود وحده هو المُعجب والمُتأثر بسورة النساء.
هذا حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما، يقول قولته الشهيرة: "ثمان آيات نزلَت في (سورة النساء)، هي خيرٌ لهذه الأمَّة مما طلعَت عليه الشمس وغربت".
تأمل تقديره!
خيرٌ من الدنيا وما فيها!
خمسٌ منها قال عنها ابن مسعود " لَهُنَّ أحَبُّ إليَّ من الدنيا جميعًا"
تأمل الكلمة...
أحب إليه من الدنيا جميعا
ما هذا الارتباط؟
ما هذا الحب الجارف؟
الآيات هي قوله عز وجل: ﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ﴾ [النساء: 31].
والثانية: قوله عز وجل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا ﴾ [النساء: 40].
والثالثة: قوله عز وجل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48، و116]
والرابعة: قوله عز وجل: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110].
والخامسة: قوله عز وجل: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 152]"[10].

وزاد ابن عباس في روياته ثلاثا وهنَّ:
﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾
آياتٍ كما ترى؛ كلها تدور حول إرادة الله للتوبة على عباده، ورغبته في التخفيف عنهم، وبيان سنن الهداية لهم، مع التحذير من اتباع الشهوات الذي يُضلّ عن هذا الطريق.
تكفير السيئات، مضاعفة الحسنات، مغفرة الذنوب، قبول التوبة، بيان الحق، الهداية، التخفيف...
أليست هذه المعاني كفيلة بأن تملأ القلب طمأنينةً وتُشعره برحمة الله الواسعة وحبه لعباده؟
أي تأثيرٍ أعظم من هذا؟
سورة النساء في نظري ليست مجرد سورة أحكام
هي بحرٌ زاخرٌ بالمعاني الإيمانية العميقة، والتوجيهات الأخلاقية الرفيعة، واللمسات الربانية الحانية.
ومع هذه اللمسات والإشارات الرقيقة ستجد المحور الحاسم الذي تدور حوله هذه السورة العظيم والخيط الناظم الذي يربط بين آيات الأحكام والقصص والمواعظ فيها
العدل..
تلك الكلمة المفتاحية لهذه السورة
العدل بمعناه الشامل، الذي هو أساس الملك، وقوام المجتمعات، وسبيل النجاة.
السورة تبين تلك القاعدة المحكمة من قواعد الشريعة
"العدل هو الأساس الذي يقوم عليه بناء مجتمعٍ صالح، وأسرةٍ متماسكة، وعلاقةٍ صحيحةٍ بربكم وبخلقكم ثم بمن حولكم من الناس بمختلف طوائفهم"
ولأن العدل المطلق صفةٌ إلهية، بينت السورة في بداياتها هذه الصفة عن الله "إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ..."
أدنى ما يعرفه العرب
الذرة
حبة رمل قد لا يلمحها في اليد إلا حادّ البصر
لا يظلم الله مثقالا مثلها
ولتكون هذه الآية هي القاعدة التي ننطلق منها في كل تعاملاتنا.
ثم تتجلى هذه الدعوة للعدل في محاور رئيسية كبرى تُمثل أعمدة السورة التي تقوم عليها بالنظر إلى المحل المستوجب للعدل ويمكن إجمالها في أربعة محاور

المحور الأول: عدلٌ يحتضن الضعفاء...
المحور الثاني: عدلٌ يتجاوز الخصومة...
المحور الثالث: عدلٌ يبدأ من الذات وأقرب الناس....
المحور الرابع: عدلٌ يُنظم الحقوق وينصف أصحابها...

أما المحور الأول والأبرز والذي يمكن من خلاله فهم تسمية السورة فهو العدل مع الضعفاء
ففي "غابة الحياة"، كثيراً ما تكون الغلبة للقوي، ويُدهس الضعيف تحت أقدام المصالح والأهواء.
تأتي سورة النساء لتُقيم سياجاً منيعاً حول هؤلاء الضعفاء وأصنافهم المختلفة، لتُصبح صوت من لا صوت له، ودرع من لا حماية له.
وتحتل "النساء" مكان الصدارة، وتُسمى السورة باسمهن، في إنصاف غير مسبوق وتأكيدٍ ظاهر على ضرورة رفع أي ظلم عنهن.
أما القول بضعف النساء فهو الوارد في النصوص الشرعية ومنها قوله صلى الله عليه وسلم :" إني أحرج عليكم حق الضعيفين : اليتيم والمرأة "
و الله بين فى هذه السورة أن الضعف سمة البشر " وخلق الإنسان ضعيفا " و هذا الضعف قد يتفاوت ولا شك أن المرأة بخلقها الرقيق و بنيانها الذى هو فى الأغلب الأعم أضعف من بنيان الرجل وعواطفها الأرهف؛ فإنها على ذلك تكون أكثر عرضة نسبيا للإيذاء والإستضعاف وتجبر معدومي الرجولة عليها اغترارا بقوتهم
3👍1
وضعف المرأة جبلي و ليس كسبيا وهكذا خلقها الله لذا كان من كمال رجولة الرجل رحمتها عدم ظلمها أو الطغيان عليها بما أوتي من قوة فنزل الشرع بإنصافها ورعاية حقوقها و كان من آخر كلام النبى الوصية بها "استوصوا بالنساء خيرا"
لقد أنصفت سورة النساء المرأة وأمرت بالعدل معها وحذرت من ظلمها في كل أحوالها
زوجة كانت أو أم أو أخت أو إبنة
تتوالى آيات سورة كبلسمٍ شافٍ، تأمر بحسن العشرة "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ" وتحفظ ببيان واضح لا لبس فيه حقوقهن المالية كاملةً غير منقوصة في المهر والميراث
"وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ"

وتُغلّظ شأن "الميثاق" الذي يربط الزوجين،
"وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً {} وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا"
وتضع السورة ضوابط دقيقة للتعدد والطلاق بما يمنع الهوى والظلم.
" فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ "
حتى في أسوأ الظروف التي قد يسوغ فيها البغي لدى ضعاف النفوس
الكراهية
" یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا یَحِلُّ لَكُمۡ أَن تَرِثُوا۟ ٱلنِّسَاۤءَ كَرۡهࣰاۖ وَلَا تَعۡضُلُوهُنَّ لِتَذۡهَبُوا۟ بِبَعۡضِ مَاۤ ءَاتَیۡتُمُوهُنَّ إِلَّاۤ أَن یَأۡتِینَ بِفَـٰحِشَةࣲ مُّبَیِّنَةࣲۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلۡمَعۡرُوفِۚ فَإِن كَرِهۡتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰۤ أَن تَكۡرَهُوا۟ شَیۡـࣰٔا وَیَجۡعَلَ ٱللَّهُ فِیهِ خَیۡرࣰا كَثِیرࣰا"
تأمل اللفظ
كَرِهۡتُمُوهُنَّ
تلك المشاعر التي إن وجدت يبرر الكاره الظلم ويسوغه لنفسه


ثم تلتفت السورة إلى فئةٍ أخرى من أشد الناس ضعفاً: اليتامى.
هؤلاء الصغار الذين فقدوا السند وحنان الوالدين أو أحدهما، فتأمر بحفظ أموالهم كأقدس الأمانات،
" وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا"
" وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ"
ثم تتوعد آكلي أموال اليتامى ظلماً بنارٍ لا تُبقي ولا تذر
"إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ۖ وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا".
وتأمر برعايتهم والإحسان إليهم حتى يبلغوا أشدهم ويقدروا على تدبير شؤونهم بأنفسهم.
ولا تغفل السورة حتى من كانوا في أسفل السلم الاجتماعي آنذاك، الأرقاء والعبيد والإماء، فتوصي بهم خيراً، وتحث على عتقهم، وتفتح لهم أبواباً للحرية والكرامة.
"فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ"
بل إن هذا العدل الشامل في السورة يتجاوز حدود المجتمع المسلم، ليشمل كل مستضعفٍ في الأرض.
فنجدة المظلومين والمضطهدين تجعلها السورة واجباً دينياً، ومقصدا آخر للجـ.هاد والتضحية إلى جوار المقصد الأصلي وهو نصرة دين الله
" وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا".
آفاق أخرى رحبة للعدل والرحمة، تمتد لتظلل كل من يئن تحت وطأة البغي

المحور الثاني هو عدلٌ يتجاوز الخصومة... حين يقف الحقُ شامخاً فوق كل اعتبار
حتى مع الخصوم والأعداء
وهذا هو أشد أنواع العدل صعوبةً على النفس
أن تُنصف خصمك، أو من تُبغض، أو من يُخالفك في الرأي
بل حتى من يخالفك في الدين!
وهنا يظهر معدن الإيمان الحقيقي
هنا تتجلى عظمة التشريع الرباني في سورة النساء.
قصة "طعمة بن أبيرق"، ذلك المسلم ظاهرا من بيت من بيوت الأنصار وهو الذي سرق درعاً ثم اتهم بها يـ.هودياً بريئاً، فتنزل آياتٌ من سورة تُبرئ ساحة اليـ.هودي، وتُدين ذلك الذي يفترض أنه مسلم وتبين تحمله للإثم والبهتان
3👍1
"وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا "
بل وتُعاتب النبي عتاباً لطيفاً: "وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا...
وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ...".
أي درسٍ أبلغ من هذا في أن العدل قيمةٌ مطلقة لا تخضع للأهواء ولا للولاءات وأن الحق فوق الأشخاص وفوق الانتماءات
وأن المسلم يُدان بخطئه كما يُدان غيره، وأن غير المسلم يُنصف ويُبرأ إن كان مظلوماً
هذا هو العدل الذي جاء به الإسلام، عدلٌ يُبهر العقول ويُطمئن القلوب.

المحور الثالث: عدلٌ يبدأ من الذات...
حين تكون الشهادةُ على النفسِ وأقرب الأقربين
قد نكون بارعين في رؤية أخطاء الآخرين والمطالبة بحقوقنا منهم.
لكن هل نملك نفس الجرأة لنقف أمام مرآة الحق ونشهد على أنفسنا أو الأولياء والأقربين بالتقصير أو الخطأ؟
هل نستطيع أن نُنصف الآخرين من أنفسنا ومن أقرب الناس إلينا؟
هنا يأتي التحدي الأكبر، وتأتي الآية الجامعة المانعة التي تُعتبر بحقٍ ميزان القسط في القرآن: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا".

أن تكون "قوّاماً بالقسط"، كثير القيام به، مُبالغاً فيه
وأن تكون شهادتك لله وحده، لا لأحدٍ سواه، حتى لو كانت هذه الشهادة ضد نفسك، ضد أقرب الناس إليك وأولاهم بك
يا له من تكليفٍ يبدو شاقا على النفس التي تميل بطبعها للمحاباة والعصبية!
نموذج ذلك كان واضحا فى القصة السابقة مع طعمة بن أبيرق الذى لم يمنع وضعه وكونه من الأنصار الذين طالما بين النبى صلى الله عليه وسلم حبه لهم و حرصه عليهم أن يقام عليه العدل و يُظهر الحق
رغم مقام قومه
ولقد وعى النبى الدرس جيدا و علمه للأمة جليا بينا فى قوله "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها"
لا يكون ذلك إلا حين يكتمل التجرد
ولذلك تُحذرنا الآية في خاتمتها من اتباع الهوى، فهو العدو اللدود للعدل.
فمن أراد أن يكون من أهل القسط حقاً، فليبدأ بتطهير قلبه من الهوى، وليُعوّد نفسه على قول الحق والشهادة به ولو على نفسه.

المحور الرابع: عدلٌ يُنظم الحقوق المادية وينصف أصحابها
ولا شك أن نموذج ذلك يمثله المال؛
عصب الحياة، وزينتها، وفتنتها الكبرى.
والميراث هو انتقال هذا المال بعد الموت والذي كثيراً ما يكون سبباً للنزاع والقطيعة والظلم، خاصةً في المجتمعات التي تُغلّب الأعراف والتقاليد على شرع الله، فتحرم بعض الفئات حقوقهم
لذلك، لم يترك القرآن هذا الأمر الخطير لاجتهادات البشر وأهوائهم، بل تولى الله سبحانه وتعالى بنفسه، في سورة النساء، تفصيل أنصبة المواريث تفصيلاً دقيقاً لا يقبل الجدل أو التأويل.
آياتٌ واضحةٌ تُحدد نصيب كل وارث، من الأصول والفروع والحواشي، ذكوراً وإناثاً، صغاراً وكباراً.
"فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا". إنه قرارٌ إلهيٌّ نافذ، مبنيٌ على علمه وحكمته، يضمن توزيع الثروة بعدلٍ يحفظ حقوق الجميع، ويقطع الطريق على أسباب النزاع والشقاق التي تنشأ عن الظلم المالي.
عدلٌ من نوع آخر يحمي الأسرة والمجتمع من التفكك بسبب فتنة المال.

هذه بإجمال وتبسيط هي الأعمدة الأربعة لصرح العدل الشامخ الذي تُقيمه سورة النساء.
عدلٌ مع الضعفاء، عدلٌ مع الخصوم، عدلٌ مع النفس والأقربين، وعدلٌ مع أصحاب الحقوق.
لكن السورة، وهي تبني هذا الصرح، لا تغفل عن التحذير من معاول الهدم التي تُهدده كالعادة.
وتركز السورة على أهم فتنتين تكتوى الأمة بنيرانهما
فتنة المال و فتنة النساء
لذا حذرت السورة فى غير آية من هاتين الفتنتين سواء بالتحذير من أكل الأموال بالباطل أيا كان نوع هذا المال ليتيم أو امرأة أو ميراث أو شراكة
ثم التحذير من الفواحش ما ظهر منها وما بطن
خصوصا فاحشة الزنا
تضع السورة حلولا عملية لهذه الفتنة إما بسد الذرائع عن طريق تيسير السبيل الشرعى من زواج أو حتى تعدد وإما بوضع العقوبات الرادعة التى ترهب من أقدم على تلكم الجريمة المخزية
وعموكا تُحذر السورة بشكل عام من اتباع الشهوات كمُفسدٍ للقلوب ومُبعدٍ عن الحق.
وطبعا تُحذر من نقيض العدل داخل الأسرة كما حذرت منه على نطاق أوسع
النشوز والبغي والبغي الذي يكسر أعمدة قيام الأمة
البيوت المسلمة
إن من أخطر أسباب الانهيار المجتمعى التفكك الأسرى ولقد بين النبى فى حديث بعث الشيطان لسراياه كيف أن أسمى الأماني الإبليسية = تفكيك البيت الواحد وانهيار الأسرة التى هى وحدة البناء المجتمعى حين يقول لتابعه الذى فرق بين الرجل وزوجه "نعم أنت "
3👍1
ولقد رسخت السورة للاستقرار الاسرى من أول مراحله و هى مرحلة اختيار الزوجة فبينت صفات الزوجة الأصلح
فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ
ثم بينت الصلاحيات للزوج والاختصاصات المنوط بها
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ

ثم أوضحت لو حدث خلل كيف يكون التعامل التدريجى لإصلاحه
وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا
فإذا اشتعل الموقف أكثر وشارف البيت على الانهيار تبين السورة طريق محاولة الإصلاح
وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا

ثم لو تطور الخلاف ووصل إلى أقسى مراحله و حدثت الكراهية
وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيراً
أما لو بلغ الأمر طريقا مسدودا و صار الانفصال هو الحل الوحيد فترشدنا السورة إلى أسلوب التعامل الراقى الذى لا يؤدى إلى وقوع العداوة بين الطرفين و يكون الضحايا في النهاية هم الأبناء ثم المجتمع الذي يخرجون إليه بعد ذلك
بهذه المراحل الدقيقة يستقيم عود الأسرة وتهدأ الحياة الاجتماعية مما يسمح بخروج نشأ مستقر نفسيا قادر على الإبداع والتغيير يواجه الحياة بصدر رحب وليس بعقد وإشكالات نفسية تأكله من الداخل وتعطله عن القيام بدوره البنائى فى المجتمع

وكسائر السور المدنية لا تغفل السورة الخطر البشري العامل على هدم الأمة

من الداخل أولا وهو خطر النفاق والمنافقين الذين هم مرض الأمة العضال ينخرون في جسدها .
ثم تُنبه إلى كيد الأعداء المتربصين من الخارج.

تعد هذه متلازمة دائمة تصحبنا فى السور المدنية البنائية تتمثل فى ذكر لليـ.هـ.ود الذين يحركون عن بعد الذراع الداخلى لهم المتمثل فى المنافقين الذين يزعزعون استقرار الأمة عن طريق نشر الفواحش التي سبق وفصلت السورة في الحديث عنها والتي تؤدي إلى تمزيق عرى المجتمع بإفساد أفراده
من هنا ينهار الجيل المسلم و لا يقوى على مواجهة أسياد المنافقين ومحركيهم حين يخور عزمه وتنهار مناعته الإيمانية

لذا لا تكاد سورة من السور المدنية خصوصا النساء و النور و الأحزاب تخلو من ذكر للمنافقين و للفواحش و ارتباطهم بنشرها و من ذكر لمواجهة أعداء الله ومن تنويه عن ضرورة لطاعة الله و رسوله

هذه المتلازمة واضحة جدا فى سورة النساء وللمنافقين منها النصيب الأكبر حيث يحذر الله عباده منهم و يقطع الطمع تماما عنهم

"فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً () وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا"
" بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا {} الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا"
ويبين الله في السورة سعى هؤلاء المنافقين لنشر الفواحش و الشهوات
"وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا"

بيان واضح لوجود طائفة تريد للأمة أن تتبع الشهوات وأن تميل ميلا عظيما وأن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا
طائفة غرضها من المؤمنين الميل معهم وتسعى بقوة لتمرغهم إلى جوارها في أوحال الفساد
هدفهم ليس فقط أن تميل وتزل
وغايتهم ليست مجرد الوقوع في أمر يحتمل خلافا
هدفهم الذي أخبر به الله أن تميل ميلا عظيما
هذا هو الاقتران و تلك هي المزاوجة التي لا تنفصل عند أولئك المفسدين
اتباع شهوات و رغبة في إمالة الخلق

والحل في السورة يتركز فى أمرين رئيسين يقوضان ما يسعى هؤلاء المجرمون إلى طمسه
الأول : إبقاء جذوة العمل والبذل متقدة فى قلوب المؤمنين و ذلك فى آيات كثيرة تحرك القلب و تجعله يهفو إلى نصرة دين الله
4👍1
و الثانى : بيان أهمية طاعة أوامر الله و رسوله و اتباع الشرع مهما كانت العوائق والمغريات التى يضعها المنافقون فى طريق هذه الطاعة
"وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا"
واجهت السورة هذا الصدود بطائفة من الآيات الجامعة توجه المسلمين لهذا الأصل الأصيل و الركن الركين من عقيدة التسليم و الاتباع المطلق والانقياد غير المشروط لشرع الله ولنهج رسوله الكريم صلوات الله و سلامه عليه
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً"
" فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا"
" وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا"
" مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا"
من هذه المنطلقات يتم البناء العظيم الذي ترسخه تلك السورة العظيمة
سورة العدل المشوب بالرحمات والذي لا يقوم فقط على أحكامٍ جافة، بل هو روحٌ تسري في جسد المجتمع المسلم لتُقيمه على أساسٍ من القسط والإحسان.
هي دعوةٌ لنا لنجعل العدل الممزوج بالرحمة منهج حياةٍ في كل تعاملاتنا، مع القريب والبعيد، مع الصديق والعدو، مع القوي والضعيف.
حين نقترب من سورة النساء بقلبٍ مفتوح وعقلٍ متدبر سنتجاوز تلك النظرة القاصرة التي تحصرها في "الأحكام" لنكتشف ما فيها من كنوزٍ إيمانية وأخلاقية وإنسانية تُبهر العقول وتُصلح القلوب وتُقيم الحياة. وحين نفهمها حق الفهم، ونُطبقها حق التطبيق، سنُصبح أهلاً لأن نكون من تلك الأمة التي أُخرجت للناس لتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتقيم الميزان الذي أنزله الله إلى الأرض
ميزان القسط والعدل
8👍1
2025/07/11 23:38:38
Back to Top
HTML Embed Code: