Telegram Web
قال الإمام الشافعي -رضي الله عنه-:
أحب كثرة الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- في كل حال، وأنا في يوم الجمعة وليلتها أشدّ استحبابًا، وأحب قراءة الكهف ليلة الجمعة ويومها لما جاء فيها.
[ذنوب الموحّدين]

تأمل -بارك الله فيك- كيف جعل الله عز وجل الاعتراف بالذنوب -بالجمع- مفتاحًا للرضوان، ومطلعًا للتوبة، ومخبرًا عن حياة الإيمان، كما قال:

{وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ}
فجاء بعدها رجاء مغلف بلطف:
{عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ}.

فكانت
الذنوب -بالجمع-، علامة عبدٍ يقرّ بتقصيره، ويرى خطيئته، ويشمّ على نفسه رائحة الخضوع، لا يرى لنفسه طُهرًا، ولا لعمله وزنًا، إنما هو عبدٌ مطروحٌ على باب مولاه، راجٍ، وجلٍ، خائف.

وأما الإفراد في قوله تعالى:
{فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ}،
فهو ذنب واحد لم يعلُ عليه إيمان يُطفئ لهبَه، ولا توحيد يُرجى معه العفوُ عنه؛ إنه ذنب الكفر والشرك، ولو بدا واحدًا، إذ به يُفصَل الإنسان عن مورد الرحمة.

فأصحاب الذنوب المتعددة: مُذنبون من أنفسهم، راجعون إلى ربهم،
وأما أصحاب الذنب الواحد: فقد أذنبوا في ربهم، وجعلوا له أندادًا، فأنّى لهم المفرّ؟

فما أكثر ذنوب الموحّد إذا نظر إلى عمله،
وما أوسع مغفرة ربه إذا نظر إلى توحيده.

وما أقلّ ذنب المشرك في نظر نفسه،
لكنه في ميزان العدل جناية على ربّ العزة، فاستوجب السعير ولو لم يأتِ سواها.
Forwarded from صدى
يا هذا، إن كنت من أهل السمع والبصر، ومن طالبي السكينة والاعتبار، فإني أدلّك على نَفَسٍ في الزمان يُشبِه أنفاس المصلحين، ومقامٍ في شبكة الدنيا يُشبه مواطن أهل القرآن.

أما بعد،
فإنَّ صفحةً تُسمّى "صدى"، وهي اسمٌ على مسمّى، إذ تصدح بالقرآن تلاوةً، وتُرسل في الناس دعوةً، وتقرع القلوب ذكرًا، وتوقظ الغافلين عبرةً،
وقد نظرتُ في مرآتها على اليوتيوب فوجدتها بهيّة الطلع، مليئة بالمعاني الشرعيّة واللطائف الربانيّة

🔗 صدى على يوتيوب: رابط اليوتيوب:

https://youtube.com/@sadastudio-d3o?si=cx84gZBLhoylu3FQ

ثم أبصرتُ ظلّها على الإنستغرام، فكان ظلًّا مباركًا، فيه من نور الذكر، وريح السنّة، وعطر الكلام ما يملأ القلب سَكينة

🔗 صدى على إنستغرام: رابط الإنستغرام:

https://www.instagram.com/sadastudioo?igsh=Z25ldjRjc2p1MXM0&utm_source=qr

فيا من يُقلّب الصفحات بحثًا عن فتنة العين أو لهو النفس، أعطِ نفسك مهلة، وعرّج على "صدى"، فلعلك تجد في صداها صدًى لقلبك، وإن القلوب إذا خُوطبت بلين الوحي أقبلت، وإذا عُرض عليها ضوء الذكر انشرحت.

فاعقل، وتابع، تُصِب من بركاتها، وتفِر من غفلتك، وتلقَ ما يسرك يوم تلقى ربك


رابط التليقرام:
https://www.tgoop.com/Sada_707


رابط صفحة الفيس بوك:
https://www.facebook.com/share/15SzJqjCrA/?mibextid=wwXIfr
[ضرورة مجالسة العوام]

من الآفات المفسدة لبوصلة طالب العلم: أن ينهمك في غبار الخلاف، ودهاليز الاصطلاح، وصيحات المنابر، حتى تضعف بصيرته بأحوال الناس، ويستثقِل مواطن الرحمة، ويستوحش من مقام التزكية، ويغفل عن حاجته هو، فضلاً عن حاجة غيره.

ولو أنه خالط العوام، وجالس البسطاء، ووقف على أنين النفوس، ومشاكل النّاس، ومصارعة الهوى، وعجز السالك، لعلم أن كثيرًا مما يُسطّر في الجدل ويُحاط بالأوهام، لا يَزن عندهم ذرةً من حاجتهم إلى نور التوحيد، وحلاوة القرآن، وأدب الفقه، وسكينة الذكر، ونصيحةٍ حكيمة تعينهم على العيش النّكد.

وحينئذٍ، يُبصر أنّه لم يطلب العلم لله، بل طلبه للغلبة، وأنه هو الفقير إلى ما يُعلمهم، وأنه قد ينجو بعضهم بإخلاصه، ويهلك هو ببغيه، وأن العلم بلا تزكية، سفينة بلا دفة، ولو مُلئت علومًا وأبحرت في الجدل.
[هندسة السلطة القهرية في المجتمعات، ومنصّات التواصل الاجتماعي.]

قال تعالى:{استخفّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَٰسِقِينَ}.
وهذه من أعظم الآيات التي تشرح آلية السيطرة السياسية والاستبداد الجماهيري.
فالطغيان لا يقوم بمجرد السيف، بل بالاستخفاف، أي إضعاف الوعي، وتغذية الغرور القومي، وتحقير البدائل.

ولفظ "فاستَخَفّ" دقيق، لأن الخِفّة ضد الثقل، أي أنه نزَع عنهم ثِقل العقل والحُجّة، وأبقاهم أتباعًا هشّين.

في علوم الاجتماع السياسي، تُعرف هذه الظاهرة بما يُسمّى:
نظرية القطيع المستلَب Mass manipulation
حيث تُبنى السلطة على تسفيه العقل العام، ثم تعبئة العاطفة بالشعارات الجوفاء.

وتأمل كيف قدّم السبب الحقيقي لطاعتهم: لا قوة فرعون، بل فسقهم هم:
{إنهم كانوا قومًا فاسقين}

فكما أن صُنّاع الجهل والطغاة لا يُعذَرون، الأتباع أيضًا لا يُبرَّؤون، لأن الاستبداد لا يعيش إلا في هواء الفسق، ولا يتغذى إلا على تربة الجهل.

لكن الاستخفاف لم يعد اليوم قاصرًا على فرعون وسحرته، بل لبس لبوس التقنية، وتسلل من شاشات الهواتف، حتى باتت صناعة الجهل مهنة رسمية، لها منصات ومشاهير، وسوقٌ وجمهور.

ويُسمّي علماء الاجتماع المعاصرون هذا النمط من التضليل المعرفي بـ:
Agnotology،
أي: علم إنتاج الجهل وترويجه.

وهو فنّ من فنون إسقاط المجتمعات في الغفلة، لا عن طريق المنع، بل بالإغراق؛ لا بحجب المعرفة، بل بتخدير العقول بعُروض مفرطة من التفاهة والتشتيت.

ومن أخطر أدواته في عصرنا:
تيك توك، وإنستغرام، وخوارزميات التلقين العاطفي السريع، التي لا تُنمّي فكرًا، ولا تُنتج إدراكًا، بل تُعيد تشكيل الوعي ليغدو رَهين اللحظة، وأسير الصورة، ومهووس الضحك المقطّع.

وهكذا تصنع الأنظمة الجديدة نسخة عصرية من قوم فرعون، ولكن بلا عصا، ولا سحر، بل بمقاطع قصيرة، و"مؤثرين" شغلهم تخفيف العقول، وسُعار رقمي.

فالحرب لم تعد تُخاض على الأرض فقط، بل في العقول،
وإن الجيل الذي يُربّى على الضجيج والتشتيت، لا يصنع نهضة، ولا يحمي مبدأً.

وما تزال الآية شاهدة:
{فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ}
ولم يقل: فأقنعهم، أو فغلبهم، بل اكتفى بنزع الثقل من عقولهم، وهو عين ما تصنعه أدوات الجهل المصنَّع اليوم.
مُتوفِّر الآن :

- عسل سدر مرقي 🍯

- ماء زمزم مرقي بالقرآن كاملا

- زيت زيتون مَرقي بالقرآن كاملا

للتواصل : @lnmcil
ثبتنا الله واياكم على الصراط المستقيم وجعلنا واياكم ممن يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم
خالدين فيها ابدا ان الله عنده اجر عظيم
فيا ايها الآدمي المسكين المخلوق لامر عظيم
الذي خلقت من اجله الجحيم وجنات النعيم
اذا انت اصغيت الى الملاهي بسمعك ونظرت الى محارم الله ببصرك
واكلت الشبهات بفيك
وادخلتها الى بطنك
ورضيت لنفسك برقصك ونقصك
واذهبت اوقاتك العزيزة في هذه الاحوال الخسيسة
وضيعت عمرك الذي ليست له قيمة في كسب هذه الخصال الذميمة
وشغلت بدنك المخلوق للعبادة بما نهى الله عنه عباده
وجلست مجالس البطالين وعملت اعمال الفاسقين والجاهلين
فسوف تعلم اذا انكشف الغطاء ونزل القضاء
ماذا يحل بك من الندم
يوم ترى منازل السابقين واجور العاملين وانت مع المخلفين المفرطين
معدود في جملة المبطلين الغافلين
قد زلت بك القدم ونزل بك الالم واشتد بك الندم
فيومئذ لا يُرحم من بكى ولا يسمع من شكى ولا يقل من ندم ولا ينجو من عذاب الله إلا من رحم
ايقظنا الله واياكم من سنة الغفلة واستعملنا واياكم فيما خلقنا له برحمته

- ذم ماعليه مدعو التصوف لابن قدامة
‏ترى في الناس من إذا تكلّم بالحق جعل منه سوطًا على خصمه، لا يبتغي به وجه الله، وإنما يطلب به الغلبة والظفر -وإن جهل ذلك في نفسه-، أو ربما صرّح بكلمة حق في موضع فتنة، يعلم أن فيها إثارةً للقلوب، واستفزازًا للنفوس، فيحملها سلاحًا في غير موضع الجهاد، وما علم المسكين أن من الحق ما يُكتم في موضع الفتنة.
‏فالمراد من بيان الحقّ: الهداية، لا تسجيل النقاط على الخصوم وإغاظتهم، فكيف بمن كان في استفزازه لخصمه المنتسب للملّة دافعاً له على التّصريح بالضلالة وحاضًّا له عليها..

‏فليتقِِّ الله من تصدّر للدعوة، ولا يجعل من الحقّ سلاحًا في الخصام، ولا من الحقّ مطيّةً للكيد، فإن من أخفى نية الشرّ في قالب الموعظة، فهو كمن وضع السم في العسل، يُهلك ولا يُبصر، ويُضلّ ولا يُهتدى به.

‏والله الهادي إلى سواء السبيل.
إنا لله وإنا إليه راجعون

أنتقل إلى رحمة الله أبيض.

اللهم آجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرًا منها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إِتْحَافُ الأَرِيبْ
إنا لله وإنا إليه راجعون أنتقل إلى رحمة الله أبيض. اللهم آجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرًا منها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أسلمني الحزن إلى النوم، فرأيت فيما يرى النائم أني دخلت العمل، كما أعتاده كل يوم… المكان مزدحم، الأصوات متداخلة، الناس يضحكون، يمشون، ينشغلون في دنياهم… وأنا وحدي، كأن قلبي انفصل عن هذا العالم، ولا في وجهي غير السكون، قد تملّكتني الوحشة.
كلّهم يضحكون، وأنا مشغول الحزن، أتفكّر في صاحبي، ذاك الطيّب، حسن المعشر، صاحب القرآن.

ثم رأيتني أرجع إلى مكتبي، فإذا بكل شيءٍ عندي معطّل، الجهاز لا يعمل، الأبواب مغلقة، الأمور خارجة عن السيطرة، كأن الدنيا كلها تبعثرت بموت صاحبي.
حتّى نزلت يده من السماء وضغطت على جهازي الحاسب أو مسحت عليه، فما إن فعلَ حتى زال العطل، واستقام كل شيء، وانفتح لي من التيسير ما لم يكن في حسابي، ولا بخاطري. حتى صرت أطوف على زملائي أريهم ما في جهازي الحاسب من مميّزات ليست في حاسب أحدٍ غيري بفعل يد صاحبي.

صحوت من نومي والبال ما يزال مشغولا، لكن في القلب خشوع ورجاء.

لعلها رسالته الأخيرة، وصيّتي بالعناية بكتاب الله.
لعلّ الله أكرمه بأن يُوصيني حتى بعد موته، أن أرجع إلى كلامه، إلى ما يحبّه لي.

وإني لأرجو أن أكون ممن استجاب، وأن يجعل الله تلك اليد سببًا في هدايتي، كما كانت سببًا في أنسي به حيًّا على قلّة ما كان بيننا من تواصل، وأن يجعلها لقاءً يوميّا بيني وبينه وبرّا له لا ينقطع والقرآن ثالثنا.

فاذكروا فقيدنا الطيب بدعوة صادقة،
اللهم اجعل له من القرآن نورًا في قبره، وشفيعًا يوم لقاك، وبلّغنا به مستقر رحمتك يا أرحم الراحمين.
مات هذا ومات ذاك.
لكن أحدهما دخل قبره وهو يقول: لا إله إلا الله،
والآخر دخله ولا يعرفها، ولا آمن بها، ولا قالها صادقًا قط.

الأول: عبدٌ ربما لم يملك من الدنيا شيئًا،
لكنّ قلبه كان ممتلئًا بمعرفة ربه،
إذا سمع الأذان رقّ، وإذا قرأ القرآن خضع، وإذا ذكر الموت استعد.
صلى، وصام، وأحبّ الله ورسوله،
ثم مات، فتقدّمه العمل، وسبقته الرحمة،
فلقي ربًا يعرفه…
ونزل قبرًا ممهَّدًا بالإيمان.

وأما الآخر،
فقد عاش يُصفّق له الآلاف،
وتُوقّع باسمه العقود، وتُفرش له الأرض، ويُذكَر في الصحف،
لكنه لم يعرف من خلقه، ولا سجد له، ولا رجاه يومًا.

ثم انتهى به الأمر إلى حفرة، لا يشفع فيها شهود، ولا يُنجيه ضجيج،
فدخل على الله بلا صلاة، ولا قرآن، ولا توحيد…
دخل عليه وقد كذّب رسله، وسخر من دينه، ورضي لنفسه أن يموت كما وُلِد: غافلًا.

فهنا ترى الفرق…
ليس في الموت، فكلّهم يموتون،
بل في ما بعد الموت، في ما يُقال عند الرحيل،
في الكفَن الذي يُلفّ به المؤمن محاطًا بدعاء أحبابه،
وفي النعي البارد الذي يرافق من مات على الكفر، ولو بكت عليه الدنيا.


ربّك منّ عليك بنعمة الإسلام، وأذن لك أن تعرفه، وتدعوه، وتقوم له في جوف الليل…
فهل شكرت؟
وهل استشعرت أن هذه النعمة، هي أعظم ما تخرج به من الدنيا؟

لا تتعلّق بزينةٍ مآلها إلى التراب…
واحرص على ما لا ينقطع:
إيمانك، توحيدك، واستقامتك،
فهي والله، ثروتك الأخيرة، إذا طُويت الصحف، وأُغلقت الأبواب.
واحذر من سرّاق عزّتك بالإسلام، ومحبّتك له، وافتخارك به، الذين يسوّون بين المشهدين، مشهد الرحمة والاطمئنان ومشهد العذاب والاعتبار.

لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
قال الإمام الشافعي -رضي الله عنه-:
أحب كثرة الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- في كل حال، وأنا في يوم الجمعة وليلتها أشدّ استحبابًا، وأحب قراءة الكهف ليلة الجمعة ويومها لما جاء فيها.
إِتْحَافُ الأَرِيبْ
الزواج ابتلاء! مع عمَّار سليمان | بودكاست صدى https://youtu.be/ceTSlOEay1c?si=sBKFQPPmlj2MvyJe
بودكاست مهم لكل شاب مسلم يفكّر بالزواج أو يعيش تبعاته.

حديث صادق مع عمار سليمان، عن اختيار الشريك، وما يجب أن تتوقعه قبل الزواج وبعده، ومراحل العلاقة كما هي… لا كما تُصوّر.

أنصح به، ففيه من التبصير والصدق ما يحتاجه كثيرون.
لا تنسوا الدعاء لابيض رحمه الله في آخر ساعة من يوم الجمعة وفي الثلث الأخير من الليل
إنّ مما يُثار تبعا لمسألة الترحم على الكفار، ما يتعلّق بمصير أبوي النبي ﷺ، حيث يحتج المسلمون على المنع بامتناع النبي ﷺ عن الترحم على والديه وعدم الإذن له بذلك، فيدفع الزائغون بجهلٍ أو تجاهل نصوصَ الوحي المحكمة هذه، ويتعلّقون بما لا يصح دليلاً ولا استدلالًا، فيزعمون أنّ أبوي النبي ﷺ في الجنة، ويستدلون لذلك بقوله تعالى: {وتقلبك في الساجدين}، وهو استدلالٌ فيه خَلَلُ الفهم، وضعفُ النظر، ومجانبةُ الصواب.

فقد اختلف أهل العلم في معنى الساجدين:
فقيل: هم الأنبياء،
وقيل: المؤمنون عامة،
وقيل: إنما المعنى أنه ﷺ لم يزل يتقلب في أصلاب الموحدين، وهي أقوال تُحتمل في ظاهر اللفظ، لكن لا دليل فيها على القطع بأن جميع آبائه ﷺ كانوا على التوحيد، بل نقطه بخلاف ذلك، فإنّ من جملتهم آزر، وقد ثبت في محكم التنزيل كفره بقوله تعالى: {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة}، فكيف يُجعل ما هو محتمل في دلالته، متشابه في تأويله، ناسخًا لما ثبت يقينًا في الصحيح عن النبي ﷺ أن أبويه في النار؟

فقد ثبت ذلك عنه ﷺ في غير ما حديث، منها ما رواه مسلم في صحيحه:
إن أبي وأباك في النار.
وفي حديث آخر: استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يُؤذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي.

فهذا كله من المحكم الذي لا تردّه الشُّبهة، ولا تزحزحه الأهواء. والتمسك بالآية المذكورة مع الإعراض عن هذه النصوص المحكمة، من جنس طريقة أهل الزيغ الذين قال الله عنهم:
{فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله}.

واللهُ عزّ وجلّ لم يرضَ لنبيّه ﷺ أن يستغفر لوالديه، بل نهى عن ذلك، والنبي ﷺ أطاع ربّه، فليتقِ اللهَ من يريد أن يُظهِر لنفسه ورقةَ قلبٍ هي في حقيقتها جرأةٌ على الشريعة وغمطٌ للوحي، وليعلم أن الرحمة لا تكون بالتمنّي، وإنما بالهدى.

ثم وصيةٌ على سبيل التذكير:
إنّ المقام مقام توقيرٍ وإجلال، فلا يُتوسّع في القول على جهة الغِلظة، ولا يُخاض في هذا الباب إلا بمقدار ما يُحتاج إليه لدفع زيف الزائغين، فإنّ للنبي ﷺ حرمةً لا تُنتهك، وإنسانيةً لا تُغفل، ولا ريب أن النفس تتأذى بالكلام في والديها، فكيف بنبيّ الرحمة ﷺ؟
فالحذرَ الحذرَ من أن يُخرِجنا الغضبُ للحق عن حدود الأدب، ونعمَ ما قيل: كلُّ علمٍ لا يُورث خشيةً فليس بعلم.
أما والله إن الأغاني مزمار إبليس،
تبدأ همسًا وتصير صرخة،
تنسل في القلب كما تنسل الحيّة في الجحر،
تُميت الحياء، وتوقظ الشهوة، وتطمس نور الفطرة،
فلا ترى العيون إلا فتنة، ولا تسمع الآذان إلا فجورًا، ولا تتحرك الجوارح إلا في معصية.

أقسم بالله، ما رأيتُ شيئًا أنكى في تخدير الشعور، وتزييف الوجدان، وتلويث الذوق، من هذه النغمات الآثمة.
وما من مطرب إلا ذَنَبٌ من أذناب إبليس، يُمسك بمعوله ليهدم ما بقي في الناس من وقار وخشية.

العنوا المغنين والمطربات، فهم ذُيول الشيطان وسفراؤه على الأرض،
هم حرّاسُ جهنم الذين يُدخلون الناس أفواجًا على أنغام العُهر والحبّ النجس.
لبسوا مسوح الفن، وهم في حقيقتهم صُنّاع الفجور، وغُرَباء عن كل طُهر.

قاتل الله هذه الأغاني، ما أفسدَت من فطرة، وأطفأت من دمعة، وأبعدت من قلب عن ربّه!
من ضعف البصيرة وسخف العقول وذهاب المعاني عن سويداء القلب، أن لا يُذكَر الحسينُ رضي الله عنه إلا عند حلول عاشوراء، ولا تُستحضَر شمائل النبي ﷺ إلا إذا أظلّ المولد، وهكذا تُجعل المواسم عوضًا عن الإيمان، والذكر عادةً لا عبادة.
ثم إذا نُبّه صاحبُ هذا المسلك من أهل السنة إلى الغفلة، ولمزَه اللبيب بترك الهدي، سارع إلى اتهام المتكلم بسوء الظن به، وبرَّأ نفسه من البدع، وذهل عن حقيقة الأمر، وهي أن سوء الظن إنما يتوجه حيث يوجد موجبُه، وأن أصدق المرايا ما كسر الوهمَ في وجهك.

الله يصلحنا وباقي الشباب…
إن القلب ليغلي، والدم ليحتدم، والنفس لتضطرب، والغيْرة لتستشيط، ونحن نرى هذه الشركات العفنة -كمارفل وأخواتها- تعاود الكَرّة، وتعاود الطعن في ديننا، والسخرية من ربنا، والاستهزاء بمقدساتنا، في صور مكرورة لا تنفك تتجدد، بل تُجاهر، وتُزيَّن، وتُسوَّق لأطفال المسلمين وشبابهم، حتى إذا عَلِم الغيورون أن القوم قد بارزوا رب العالمين بوقاحة، ثمّ يطلع طلع علينا قوم من بني جلدتنا يدعون إلى الضغط عليهم ليُصلحوا، لا لهجرهم ليذلّوا، ويزعمون أن الحل في التواصل والتفاهم!

فيا لله! أما نُزعت الغيرة من القلوب؟
أهذا دين يُستهزأ به وتُطلب الشفاعة لمستهزئه؟
أهذا ربّ يُسَبّ، وتُمدّ يد الصلح لسابّه؟

إن من الغفلة المُزرية، بل من الخنوع المذلّ، أن يُكرِّر القوم إساءاتهم، ونحن نُكرِّر رجاءاتنا!
وإن في تلك الدعوات الممجوجة للضغط لا للمقاطعة، للعَتْب لا للهجر، من آثار الدياثة وسوء المروءة ما لا يليق بمؤمن يَغار لربه كما يغار على عرضه!

فمن أهان الله ورسوله، فقد أباح نفسه، وسقطت حرمته، ونُبذ ذكره، وقُطع ما بيننا وبينه، ولله علينا في ذلك فرض الولاء والبراء، لا فن التسويق والعلاقات!

بل الواجب اليوم:
أن تُنبذ تلك الشركات بالكلية،
وأن تُشهر أسماؤها في وجوه أطفالنا بالنكير،
وأن يُعظَّم جرم من يُروّج لها، أو يُدافع عنها، أو يُغري بها،
وأن يُحقّر كل مُتماهٍ معها، لا يُقرّها بقلبه بل يُشيد بها بسلوكه!

فدين الله عزيز،
وربّنا جليلٌ جبار،
ومن رام الرفق في مواطن الغضب، فقد جهل مراتب الغيرة، وضاع عنده ميزان الإيمان.

وحسبنا قول ربنا:
{إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعدّ لهم عذابًا مهينًا}.
2025/07/07 23:59:59
Back to Top
HTML Embed Code: