Warning: Undefined array key 0 in /var/www/tgoop/function.php on line 65

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /var/www/tgoop/function.php on line 65
2484 - Telegram Web
Telegram Web
تذكيرٌ بأذكارِ السفرِ وآدابِهِ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين.. والصلاة والسلام على سيِّدنا محمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فإنَّ للإسلام الحنيف آداباً وفضائل كثيرة، تدخُلُ في كلِّ شأنٍ من شؤون الحياة، كما تشمل الكبيرَ والصغير، والرجلَ والمرأة.. وتلك الآدابُ قد دعا الإسلامُ إليها، وحضَّ عليها.
وقد ذكرَ الإمامُ القَرافيُّ رحمه الله تعالى في كتابه «الفُروق» وهو يتحدَّث عن موقع الأدب من العمل، وبيانِ أنَّه مقدَّمٌ في الرتبة عليه، فبيَّن أنَّ القليلَ من الأدب خيرٌ من كثيرٍ من العمل، وأنَّ كثيرَ الأدبِ مع قليلٍ من العملِ الصالحِ خيرٌ من العملِ مع قلَّةِ الأدب.
ولهذا فإننا نذكِّر في هذه العُجالةِ بأهمِّ آدابِ السفر، التي يستحبُّ للمؤمنِ أن يحافظَ عليها ويتأدَّبَ بها، فما أجمل أن يكون المسلم متحلِّياً بالأدب في حِلِّهِ وتَرحالِهِ، في حضره وسفره، وفي كلِّ أحواله.
قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [يونس: 22].
قال الأستاذ الإمام أبو القاسم القشيري رضي الله عنه:
واعلموا أنَّ السفر على قسمين:
سفرٌ بالبدن، وهو الانتقالُ من بُقعةٍ إلى بُقعة.
وسفرٌ بالقلب، وهو الارتقاءُ من صفةٍ إلى صفة، فترى ألفاً يسافر بنفسه، وقليلٌ من يسافرُ بقلبه.
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله تعالى عند قول الإمام القشيري رحمه الله تعالى: (وسفر بالقلب وهو الارتقاءُ من صفةٍ إلى صفة) أي: بأن يسافرَ عن شهواتِهِ بقلبِهِ، ويتيقَّظَ لإصلاحِهِ بنقلِهِ من الأخلاقِ الذَّميمةِ إلى الحميدةِ، بمجاهدة نفسه إلى أن يصلَ إلى مقام التوحيد - الذي يشهدُ فيه أنَّهُ لا فاعل غيرُهُ تعالى، وأنَّ الأمرَ كلَّهُ منهُ وإليه جلَّ وعلا -، وكمالِ الأُنسِ بقربِهِ من ربِّهِ، ودوامِ ملاحظتِهِ له، وشتَّانَ ما بينَ سفرِ الأبدانِ المجرَّدِ عن التجرُّدِ عن الحظوظ، وما بينَ سفرِ القلوب الذي يُثمِرُ رضا المحبوب؛ فترى ألفاً يُسافِرُ بنفسه - أي: ببدنه - وقليلٌ مَنْ يسافرُ بقلبِهِ.. وسفرُ القلوبِ لا يستغني عنهُ مُسافِرٌ ولا مقيم - لأنَّ مدارَ دَرْكِ الحقائقِ عليه -، وهو السَّفرُ الحقيقيُّ عند القوم؛ لأنَّه إنَّما جُعِلَ للنَّقلِ من الصفات الذَّميمة إلى الحميدة، والغرضُ من سفرِ الأبدانِ انقطاعُ الفقيرِ عن الشهوات في محلِّ الاستيطانِ، واستعانتُهُ بمَنْ يلقاهُ من السالكين على ما يوصِلُهُ إلى كمالِ حالِهِ في الأعمالِ والعِرفان، والتَّصوُّفُ هو النَّقلُ من الصفاتِ الذَّميمةِ إلى الحميدة، إلى أن يتفرَّغَ القلبُ لكمالِ المراقبةِ لله تعالى، بحيثُ يشتغلُ قلبُهُ بهِ جلَّ وعلا عمَّا سِواه. انتهى.
ومن آداب السفر التي نصَّ عليها العلماء رضي الله تعالى عنهم:
1ـ السُّنَّة أن يجعل سفره خالصاً لوجه الله سبحانه وتعالى؛ فإن كان سفره إلى الحجِّ أو العمرة فإنه يستحبُّ أن لا يتَّخذَهُ فرصةً للتجارة، وإن كان ذلك جائزاً بحدود الشرع.. وليكن ذكرُ الله تعالى زاداً للمسافر في السفر، وأُنساً له في المجالس.. قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.
2ـ إذا أراد سفراً استُحِبَّ أن يشاور من يثق بدينه وخبرته وعلمه في سفره في ذلك الوقت، وعلى المستشارِ أن يبذلَ النُّصحَ بأمانة وتقوى.. وليقتدِ بسيِّدِنا رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلم في طلب الدعاء، فقد استأذنه سيِّدُنا عمر رضي الله تعالى عنه في العمرة، قال عمر: فأذن لي وقال: (لا تنسنا يا أخيَّ من دعائك) رواه الإمام أبو داود والترمذي رحمهما الله تعالى.
3ـ إذا عَزَمَ عَلى السَّفرِ فالسُّنَّةُ أَنْ يستخيرَ اللَّهَ تعالى بالاستخارة الشرعية الواردة في السُّنَّة السَّنيَّة، فَيُصَلِّي ركعتين من غير الفريضة، ثم يدعو بِدُعاءِ الاستخارَةِ.
فقد أخرج الإمام البخاري وأصحاب السنن رحمهم الله تعالى عن سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال: (كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يعلِّمُنا الاستخارةَ كما يعلِّمُنا السورةَ من القرآن، يقول: إذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فليركعْ ركعتينِ من غير الفريضة، ثم ليقل:
اللهم إنِّي أستخيرُكَ بعلمك، وأستقدرُكَ بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنَّك تقدِرُ ولا أقدِرُ، وتعلمُ ولا أعلمُ، وأنتَ عَلَّامُ الغيوب.. اللهمَّ إنْ كنتَ تعلمُ أنَّ هذا الأمرَ خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبةِ أمري «أو قال: عاجل أمري وآجله» فاقدرْهُ لي ويسِّرْهُ لي، ثمَّ بارك لي فيه.. وإنْ كنتَ تعلمُ أنَّ هذا الأمرَ شرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري «أو قال عاجل أمري وآجله»، فاصرفْهُ عني واصرفني عنه، واقدُرْ لي الخيرَ حيث كان، ثم رضِّني به. قال: ويسمِّي حاجته).
4ـ إذا استقرَّ عزمُهُ على السفر فليبادرْ إلى التوبة، ويؤدِّي الحقوقَ والديونَ والأماناتِ إلى أصحابِها، ويستسمحُ ممَّن نالَهم منه ظلمٌ أو أذى.
5ــ أن يستحلَّ كلَّ من كانت بينه وبينه معاملة في شيء أو مصاحبة.
6ــ أن يكتبَ وصيَّتَهُ قبل السفرِ على الوجهِ المشروع، ويتركَ لأهله ومَنْ تلزمُهُ نفقتُهُ نفقتَهم إلى حين رجوعِهِ.
7ـ أن يطلبَ من الله تعالى المعونةَ على سفره.
8ـ أن يجتهدَ على تعلُّمِ ما يحتاجُ إليه في سفره، وكذا حكمِ كلِّ عملٍ يريدُ القيامَ به.
9ــ يُستحبُّ أن يستصحبَ كتاباً فيه ما يحتاج إليه.
10ـ ليحرصِ العازمُ على سفرِ الحجِّ أو العمرة على الإنفاق من الحلال غير المَشوب بشُبهة، وهذا مطلوب في كلِّ سفر، ولكنَّه يتأكَّدُ أكثر في سفر الحجِّ والعمرة.
11ـ وليستكثر من طيب الزاد والنفقة ما أمكنه، ليعينَ به ذوي الحاجة، ويُكرِمَ به الأصحاب.
12ـ تركُ المجادلةِ والمشاحنةِ فيما يشتريه لغرضِ الحجِّ أو العمرة، قال عليه وآله الصلاة والسلام: (رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى) رواه الإمام البخاري رحمه الله تعالى.
13ــ أن يسترضي والديه وشيوخَه ومن يُندبُ إلى برِّه واستعطافه ويودِّعهم.
14ـ أن يبحث عن رفيقٍ موافقٍ عالمٍ ورع، راغبٍ في الخير والتقى.
15ـ يستحبُّ لمن أراد السفر أن يزور أهلَه وأصحابَه ويودِّعَهم، ويقول لمن يودِّعُهم: (أستودعُكم اللهَ الذي لا تضيعُ ودائعه). وهم يدعون له قائلين: (أستودعُ اللهَ دينَك وأمانتَكَ وخواتيمَ عملك)، ويطلبون منه الدعاءَ في سفره، ويأتونَ لتحيَّته عند العودة.
16ــ ويستحبُّ أن يكونَ سفرُه صباحاً باكراً، وأن يكونَ يومَ الخميس، فقد كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يحبُّ الخروج يوم الخميس، فإن فاته فيوم الاثنين.. فإن لم يتيسَّر فلا حرج أن يسافر في أيِّ يوم، فقد ثبت أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم خرج من المدينة في سفره إلى الحجِّ يوم السبت..
17ـ يستحبُّ له المداومةُ على الطهارة، وليحرصْ على أداءِ الصلاةِ في أوَّلِ أوقاتها، ويحذر كلَّ الحذرِ من التفريط فيها، فصلاةٌ واحدة لا يعدِلها شيء أبداً.
18ـ يستحبُّ إذا أراد الخروجَ من منزلِهِ أن يصلي ركعتين، في غير أوقات الكراهة، يَقْرَأُ فِي الأُولَى بَعْدَ الْفاتِحَةِ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وَفِي الثَّانِيَةِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.. ويُسْتَحَبُّ أَنْ يقرأَ بعد سلامِهِ: آية الكرسي و{لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ}.
19ـ ثم يدعو بِحُضُورِ قَلْبٍ وَإِخْلَاصٍ بِمَا شَاءَ مِنْ أُمُورِ آخِرَتِهِ وَدُنْيَاهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ كَذَلِكَ، وَيَسْأَلُ اللَّهَ تعالى الإِعانَةَ وَالتَّوْفِيقَ فِي سَفَرِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ أُمُورِهِ، فإذا نَهَضَ مِنْ جلوسِهِ قالَ: (اللَّهُمَّ إلَيْكَ تَوَجَّهْتُ، وَبِكَ اعْتَصَمْتُ.. اللَّهُمَّ اكْفِنِي مَا هَمَّنِي وَمَا لَا أَهْتَمُّ لَهُ.. اللَّهُمَّ زَوِّدْنِي التَّقْوَى وَاغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَوَجِّهْنِي لِلْخَيْرِ أيْنَمَا تَوَجَّهْتُ).
20ـ ومن أحسن ما يقول: (اللَّهُمَّ بِكَ أسْتَعِينُ، وَعَلَيْكَ أتَوَكَّلُ، اللَّهُمَّ ذَلِّلْ لي صعُوبَةَ أمْرِي، وَسَهِّلْ عَليَّ مَشَقَّةَ سَفَرِي، وَارْزُقْنِي مِنَ الخَيْرِ أكْثَرَ مِمَّا أطْلُبُ، وَاصْرِفْ عَنِّي كُلَّ شَرٍّ، رَبِّ اشْرَحْ لي صَدْرِي، وَيَسِّرْ لِي أمْرِي، اللَّهُمَّ إني أسْتَحْفِظُكَ وأسْتَوْدِعُكَ نَفْسِي وَدِينِي وأهْلِي وأقارِبي وكُلَّ ما أنْعَمْتَ عَليَّ وَعَليْهِمْ بِهِ مِنْ آخِرَةٍ وَدُنْيا، فاحْفَظْنَا أجمعَينَ مِنْ كُلّ سُوءٍ يا كَرِيمُ).
21ـ ويُستحبُّ أن يتصدَّقَ بشيء عند خُروجِهِ، ولو بالشيء اليسير.
22ـ فإذا خرج من بيته قال: (بِاسْمِ اللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.. اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ، أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ، أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلِيَّ).
23ـ فإذا أَرَادَ رُكُوبَ دَابَّتِهِ يَقُولَ: (بسم الله)، ثم إذا ركب قال: (الحَمْدُ للهِ، سبحانَ الذي سخَّرَ لنا هذا وما كُنَّا له مُقْرِنينَ، وإنَّا إلى ربِّنا لمُنْقَلِبونَ). (الحمد لله «ثلاثاً». الله أكبر «ثلاثاً». سُبحانكَ اللهمَّ إنِّي ظلمْتُ نفسي، فاغفرْ لي فإنَّهُ لا يغفرُ الذنوبَ إلا أنتَ).
(اللَّهُمَّ إنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى.. اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ.. اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ.. اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثاءِ السَّفَرِ، وَكآبَةِ المَنْظَرِ، وسُوءِ المُنْقَلَبِ في المالِ والأهْلِ).
24ـ يستحبُّ أن يتجنَّبَ الترفُّهَ والإسرافَ في الطعامِ والشراب في سفر الحجِّ أو العمرة؛ لأنَّ الحاجَّ أشعثُ أغبر.
25ـ يستحبُّ أن يتجنَّبَ المخاصمةَ والمزاحمةَ والمجادلة، ويجبُ أن يصونَ لسانَهُ عن الغيبةِ والنميمةِ والشتيمة، وأن يتحلَّى بحُسْن الخلُق.
26ـ يستحبُّ أن يرافقَ في سفره جماعةً، ويكره أن يذهبَ في طريقِ سفره منفرداً أو مع واحد فقط.. قال عليه الصلاة والسلام: (الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ، وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ، وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ) رواه الإمام أحمد والترمذي رحمهما الله تعالى.. وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: (إِذَا كَانَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ) رواه الإمام أبو داود رحمه الله تعالى.
27ـ إذا علا فوقَ مرتفعٍ من الأرض كبَّرَ، وإذا هبطَ سبَّحَ، ولا يُبالغُ برفعِ صوته.
28ـ إذا أشرفَ على قريةٍ أو منزلٍ قال: (اللهمَّ إني أسألُكَ خيرَها وخيرَ أهلِها وخيرَ ما فيها، وأعوذُ بكَ من شرِّها وشرِّ أهلِها وشرِّ ما فيها). وإذا نزلَ منزلاً قال: (أعوذُ بكلماتِ الله التامَّاتِ من شرِّ ما خلق).
29ـ إذا أطبقَ عليه الليلُ وهو نازلٌ في مكان قال: (يَا أَرْضُ رَبِّي وَرَبُّكِ اللَّهُ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّكِ وَشَرِّ مَا فِيكِ، وَشَرِّ مَا خُلِقَ فِيكِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَدِبُّ عَلَيْكِ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ أَسَدٍ وَأَسْوَدَ، وَمِنَ الحَيَّةِ وَالعَقْرَبِ، وَمِنْ سَاكِنِ البَلَدِ وَمِنْ وَالِدٍ وَمَا وَلَدَ).
30ـ إذا خاف شخصاً أو قوماً قال: (اللهمَّ إنا نجعلُكَ في نُحورِهم، ونعوذُ بك من شرورهم)، ويُكثِرُ من: (لا إلهَ إلا اللهُ العظيمُ الحليم، لا إله إلا اللهُ ربُّ العرشِ العظيم، لا إله إلا اللهُ ربُّ السماواتِ وربُّ الأرضِ وربُّ العرشِ الكريم)، (يا حيُّ يا قيُّومُ برحمتِكَ أستغيثُ).
31ـ دعاء المسافر مستجاب، فليُكْثِرْ من الدعاء لنفسه ولوالديه وأشياخه وإخوانه...
ونختمُ بوصيةٍ لشيخِنا سيدي الشيخ أحمد فتح الله جامي رحمه الله تعالى يذكِّرُ فيها بالسفر في الدنيا، والسفر منها، فيقول رضي الله تعالى عنه:
(السفر سفران: سفرٌ في الدنيا، وسفرٌ من الدنيا؛ والسفرُ في الدنيا لا بدَّ له من زاد، وزادُه الطعامُ والشرابُ والمالُ والمركب.. والسفرُ من الدنيا لا بدَّ له من زاد، وزادُه معرفةُ الله جلَّ جلاله ومحبتُه وطاعتُه.. قال الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}.
وحتى تكونَ الطاعةُ مقبولةً عند الله عزَّ وجلَّ لا بدَّ لها من ركنين:
الأول: أن تكون موافقةً للشريعة في ظاهرها.
الثاني: أن تكون خالصةً من الشرك الخفيِّ في باطنها) [من الدرر البهيَّة].
وصلى الله تعالى على سيِّدنا محمَّد، وعلى آله وصحبه وسلَّم، والحمد لله ربِّ العالمين.
محمد عبد الله رجو
***
لمتابعة نسيم الرياض:
على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/naseemalriad
وعلى التليغرام:
https://www.tgoop.com/naseemalriad
وعلى تويتر:
https://twitter.com/naseemalriad
وعلى اليوتيوب:
https://youtube.com/@naseemalriad
وعلى الواتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029Va5g8PK5vKA2zNJvVo3b
وصية للحجاج والزائرين
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الوصية كانت جواباً لسؤال من بعض الإخوة الكرام المتوجِّهين إلى حجِّ بيت الله تعالى الحرام وزيارة النبيِّ عليه وآله الصلاة والسلام.
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإنَّ من منهاجِ أهلِ الطريقِ والسيرِ والسلوكِ إلى حضرةِ ملكِ الملوك أنه لا بدَّ للسالكِ من ثلاثةِ أمور: أولاً: العلم حتى يصحِّحَ عقيدتَه وعبادتَه، ثانياً: العمل الصالح، ثالثاً: الإخلاص، فإذا وُجدت هذه الأمورُ الثلاثةُ أثمرتِ الأخلاق، والتصوُّف كلُّه أخلاق، فمن زاد عليك بالأخلاق زاد عليك بالتصوف.
قال الفقيهُ العارفُ بالله الشيخ ملا رمضان رحمه الله تعالى: الحاجُّ قسمان:
قسمٌ يخرجُ من بيته ويسافرُ لرؤيةِ البيتِ والمسجدِ الحرام، والبلادِ والأراضي والبحار، فهذا سفرُهُ سيران [يعني نزهة]، وإعانةٌ لحظِّ النفسِ وطغيانها، فلم يرجعْ إلا ناصراً لعدوِّه، وهي النفس.
وقسمٌ يخرجُ من بيته قاصداً زيارةَ ربِّه الكريم وتلبيةَ دعوته، ولو لم يكن له جلَّ وعلا مكان، فهو سبحانه منزَّهٌ عن الزمان والمكان؛ فيخرجُ متلبِّساً بالعبودية ظاهراً وباطناً، باطنُه يقول: أنتَ ذاهبٌ إلى ربٍّ عظيم لا نهايةَ لعظمتِهِ وكبريائه، كريمٍ لا نهايةَ لكرمه، ولا يَقبلُ منك إلا العبودية، فاخلعْ لباسَ الملوكِ والرفاهية، والبَسْ لباسَ الذُّلِّ والعبودية، المنبئةِ عن غايةِ التضرُّعِ والافتقار، راجياً منه أن يثبِّتَكَ ويجعلَكَ في حِصنِهِ الحصين.. ولا تنظرْ إلى شيءٍ من حظوظِ النفسِ ذهاباً وإياباً، بلِ اخلعْ لباسَها، والبَسْ لباسَ الروحِ والعبوديةِ حتَّى تموت، وإن كنتَ ظاهراً لابساً لباسَ الخلقِ وأنتَ بينهم، فكن مع الحقِّ بالعبودية.
روي عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: (إنَّما جُعِلَ الطوافُ بالبيت، وبين الصفا والمروة ورميُ الجمارِ لإقامةِ ذكر الله) [أخرجه أبو داود والترمذي نحوه وقال: حديث حسن صحيح].
قال الإمامُ الغزاليُّ رحمه الله تعالى: فإذا لم يكن في قلبكَ للمذكورِ الذي هو المقصودُ والمبتغى عظمةٌ ولا هيبة، فما قيمةُ ذكرك! [انتهى كلام العارف بالله الشيخ ملا رمضان رحمه الله تعالى].
أما بالنسبةِ لزيارةِ الحبيبِ الأعظمِ والنبيِّ الأكرمِ صلَّى الله عليه وسلَّم فإنها قربةٌ مشروعةٌ من أعظمِ القرباتِ الموصلةِ إلى ذي الجلالِ والإكرامِ سبحانه وتعالى، ومن أسبابِ استحقاقِ شفاعةِ الحبيبِ الأعظمِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهي بعضُ الوفاءِ لحقِّه علينا صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم.. قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾.
ولقد جعلَ اللهُ تعالى القدومَ إلى حبيبه صلَّى الله عليه وسلَّم باباً من أوسع أبواب المغفرة، وسبباً لاستحقاقِ الرحمة، وهذا في حياته صلَّى الله عليه وسلَّم، وبعد انتقاله للرفيق الأعلى.
ومن الوصايا المهمَّة للسادة الحجاجِ والزائرينَ لحضرةِ سيِّدِ الأولينَ والآخرينَ، وإمامِ الأنبياءِ والمرسلينَ، وقائدِ الغرِّ المحجَّلينَ، وحبيبِ ربِّ العالمينَ، سيِّدِنا محمَّدٍ رسولِ الله صلَّى الله عليه وآله وصحبه ومن والاه، ما جاء في كتاب (مناسك الحج) لفضيلة الإمام العارف بالله الشيخ عبد الله سراج الدين رحمه الله تعالى:
عليكم بالودِّ واللطفِ مع أهلِ الحرمين، وإياكمْ والشدَّةَ والعنفَ معهم، فإنَّ أهلَ مكةَ جيرانُ بيتِ الله تعالى، وأهلَ المدينة جيرانُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فأدُّوا الجوارَ حقَّه، واحتفظوا بحرمته، فقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم: (ما زال جبريلُ يوصيني بالجار) [متفق عليه] ولم يخصَّ جاراً دون جار، سيما أهلَ المدينةِ المنورة، فعامِلْهم بالبِشر والحسنى، ولينِ القولِ والجانب فإنَّهم أهلُ طيبة، وإنَّهم أهلُ الخيرِ والسعادةِ بمجاورةِ الرسولِ صلَّى الله عليه وسلَّم، واحفظ قلبك من النقمة عليهم، فإنَّهم الطيِّبون الأخيار.. ولله درُّ القائل:
فيا ساكني أكنافِ طيبةَ كلُّكم *** إلى القلبِ من أجلِ الحبيبِ حبيبُ
ووصيةُ شيخنا رحمه الله تعالى للحجاج أن يدخلوا الحجَّ بالعبودية، والتعظيم، وأن لا ينشغلوا بالخلق، وعند زيارتهم للنبيِّ عليه الصلاة والسلام ينصح بكثرة الصلاة على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم مع حفظ الحرمة والأدب وعدم الانشغال بالخلق.
هذه وصية موجزة توضع بين العينين أو في القلب عند التوجُّه إلى بيت الله الحرام، وزيارة نبيِّه عليه الصلاة والسلام.
وصلى الله تعالى على سيِّدنا محمَّد، وعلى آله وصحبه وسلَّم، والحمد لله ربِّ العالمين.
محمد عبد الله رجو
آدابُ الإِقامةِ بمكَّةَ المكرَّمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين.. والصَّلاة والسَّلام على سيِّدِنا محمَّدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمَّا بعد: فإنَّ لله خواصّاً، في الأزمنةِ والأمكنةِ والأشخاص، ومن خواصِّ الله تعالى في الأمكنةِ ((مكَّة المكرَّمة)).
ومكةُ كما قال سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيرُ أرضِ الله) رواه الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
فينبغي للحاج والمعتمر أن يغتنم بعد قضاء مناسكه فترةَ مُقامه بها؛ بأن يستكثر من الطواف والصلاة في المسجد الحرام، فالصَّلاة فيه أفضلُ منها في غيره من الأرض جميعها..
أخرج الشيخان عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (صلاةٌ في مسجدي هذا خيرٌ من ألفِ صلاةٍ فيما سواهُ إلا المسجدَ الحرام).
ويستحبُّ التطوُّع بالطواف لكلِّ أحد، سواء الحاجُّ والمعتمرُ وغيرُه، ويستحبُّ في الليل والنَّهارِ وسائر الأوقات، ولا يُكرَهُ في ساعة من الساعات.. وكذا لا تُكرَهُ صلاةُ التطوُّعِ في وقت من الأوقات بمكَّةَ ولا بغيرها من بقاع الحرم كلِّه عند السادة الشافعية.. أما عند السادة الحنفية فالصلاةُ في الأوقات المكروهة حكمها في المسجد الحرام كغيره من المساجد، حتى إنَّ من طاف وأراد صلاةَ ركعتي الطواف الواجبة ينتظر خروجَ وقت الكراهة ليصلِّيَها.
ويستحبُّ لمن جلس في المسجد الحرام أن يكون وجهه إلى الكعبة المشرَّفة، ويقرب منها، وينظر إليها إيماناً واحتساباً، فإنَّ النظر إليها عبادة، وقد جاءت آثار في فضل النظر إليها..
ويستحبُّ أن يصلي قريباً من الكعبة إلا إن خشي المزاحمة والإيذاء.
وليكن شأنُه الدعاءُ والتضرُّعُ بخضوع وخشوع مع حضور القلب، وليكثر من الدعوات المهمة، ولا يشغل بصرَه بما يُلهيه عن المقام الذي هو فيه، بل يَلزَمُ الأدبَ وحفظَ الحُرمةِ والحضور..
ويستحبُّ الاستكثار من دخول الحِجر والصلاة فيه، فإنَّه من البيت، إلا إن خشي الإيذاءَ أو المزاحمة.
ويستحبُّ له أن ينوي الاعتكافَ كلَّما دخل المسجدَ الحرامَ، فإنَّ الاعتكافَ مستحبٌّ لكلِّ من دخل مسجداً من المساجد، فكيف الظنُّ بالمسجد الحرام؟!
فيقصد بقلبه حين يصير في المسجد أنه معتكفٌ لله تعالى.. ثمَّ يستمرُّ له الاعتكاف ما دام في المسجد، فإذا خرج زال اعتكافُه، فإذا دخل مرَّةً أخرى نوى الاعتكافَ، وهكذا كلَّما دخل؛ وهذا من المهمَّات التي يُستحبُّ المحافظةُ عليها والاعتناءُ بها.
ويستحبُّ الشربُ من ماء زمزم والاستكثار منه. روى الإمام مسلم رحمه الله تعالى عن أبي ذرٍّ رضي الله تعالى عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال في زمزم: (إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ.. إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ وَشِفَاءُ سُقْمٍ) رواه الطَّبراني. وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: (ماء زمزم لما شرب له) رواه ابن ماجه. أي: سببٌ لنيل ما نويتَه بشربه.
وقد شرب جماعةٌ من العلماء ماءَ زمزمَ لمطالبَ لهم جليلةٍ فنالوها؛ فيستحبُّ لمن أراد الشرب للمغفرة أو الشفاء من مرضٍ ونحوِهِ أن يستقبلَ القبلةَ، ثم يذكرَ اسمَ الله تعالى، ثم يقول: (اللهمَّ إنَّه بلغَني أنَّ رسولَك صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ماءُ زمزمَ لما شُرِبَ له، اللهمَّ وإني أشربُهُ لتغفر لي، اللهمَّ فاغفر لي.. أو: اللهمَّ إني أشربه مستشفياً به من مرضي، اللهمَّ فاشفني.. ونحو هذا).. ويستحبُّ أن يتنفَّس ثلاثاً، ويتضلَّع منه، أي: يتملَّأ.
ويستحبُّ لمن دخل مكةَ حاجَّاً أو معتمراً أن يختم القرآنَ فيها قبل رجوعه، وأن يُكثر من ذكر الله تعالى والصَّلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلَّم.
ويستحبُّ زيارةُ المواضعِ المشهورةِ بالفضل في مكة والحرم.
وقد سبق أنَّ الصلواتِ يتضاعف الأجرُ فيها في مكة، وكذا سائرُ أنواع الطاعات.. وقد ذهب جماعاتٌ من العلماء إلى أنَّه تتضاعف السيِّئات فيها أيضاً، وممَّن قال ذلك التَّابعيُّ الجليلُ مجاهد، والإمامُ أحمد بن حنبل رضي الله تعالى عنهما.
وقال الإمامُ الحسنُ البصريُّ رضي الله عنه: صومُ يومٍ بمكَّة بمئة ألف، وصدقةُ درهمٍ بمئة ألف، وكلُّ حسنةٍ بمئة ألف.
فيستحبُّ أن يُكثِرَ فيها الصلاةَ والصومَ والصدقةَ والقراءةَ وسائرَ الطاعات التي تُمكِنُهُ.
وصلى الله تعالى على سيِّدنا محمَّد، وعلى آله وصحبه وسلَّم، والحمد لله ربِّ العالمين.
محمد عبد الله رجو
***
لمتابعة نسيم الرياض:
على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/naseemalriad
وعلى التليغرام:
https://www.tgoop.com/naseemalriad
وعلى تويتر:
https://twitter.com/naseemalriad
وعلى اليوتيوب:
https://youtube.com/@naseemalriad
وعلى الواتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029Va5g8PK5vKA2zNJvVo3b
فضل العشر من ذي الحجة

قال الله تعالى : ﴿ وَٱلۡفَجۡرِ وَلَيَالٍ عَشۡرٖ ﴾ [الفجر: 1-2]
وقال تعالى: ﴿ وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ ﴾ [الحج: 28]
قال ابن عباس رضي الله عنهما والشافعي رضي الله تعالى عنه والجمهور: هي أيامُ العشر.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما ، قَالَ : قَالَ رسول الله ﷺ : « مَا مِنْ أيَّامٍ ، العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هذِهِ الأَيَّام » يعني أيام العشر . قالوا : يَا رسولَ اللهِ ، وَلاَ الجِهَادُ في سَبيلِ اللهِ ؟ قَالَ: « وَلاَ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيءٍ ». رواه الإمام البخاري رحمه الله تعالى
***
لمتابعة نسيم الرياض:
على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/naseemalriad
وعلى التليغرام:
https://www.tgoop.com/naseemalriad
وعلى تويتر:
https://twitter.com/naseemalriad
وعلى اليوتيوب:
https://youtube.com/@naseemalriad
وعلى الواتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029Va5g8PK5vKA2zNJvVo3b
يُرجى تأجيلُ الرسائلِ والمذاكراتِ إلى ما بعدَ الخامسَ عشرَ من شهرِ اللهِ المحرَّمِ إلَّا ما كانَ ضروريّاً، والضرورةُ تُقدَّرُ بِقدْرِها. باركَ اللهُ تعالَى فيكم وأكرمكم..
2025/07/13 22:59:47
Back to Top
HTML Embed Code: