فضيلةِ الإمام سيدي الشيخ أحمد فتح الله جامي رضي الله تعالى عنه ونفعنا به.. نعم قد يعترضُ المسلمَ هذا التساؤلُ من نفسه أو من غيره، كيف يطيب لنا عيش والحال هذه؟! كيف نهنأ بالعيد؟! ما معنى العيد؟!
وإنَّه لتساؤلٌ وجيهٌ ينمُّ عن شعورٍ صادق وعواطفَ جيَّاشةٍ تجاه من نحب.. ولكنَّ الشريعةَ الإسلامية ـ ولله الحمد والمِنَّة ـ لم تتركنا حيارى في أمرٍ من الأمور، وفي حال من الأحوال؛ فالمسلمُ إذْ ينظرُ إلى العيد بمنظارِ الشريعة لا بمنظار العادة، فإنه يجدُ مُتَّسعاً في قلبه وفي حياته للفرح بالعيد وبهجته، وفي الوقتِ نفسِهِ يملأُ قلبَهُ الحزنُ لمصائبِ المسلمين وما حلَّ بهم، راضياً بقضاء ربِّ العالمين، مستسلماً لقضائه جلَّ وعلا، باذلاً جهدَهُ في خدمة المسلمين؛ فكِلا الأمرين - من الحزنِ المقرونِ بالصبر والرضا، وإظهار الفرح في وقته حيث إنه من شعائر الدين.. كلُّ ذلك مع الإخلاص - قُربَةٌ يُتقرَّبُ بها إلى الله عزَّ وجلَّ.
قال سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما: ليس أحدٌ إلا وهو يفرحُ ويحزنُ، ولكن اجعلوا للمصيبة صبراً، وللخير شكراً.. فنحن ولله الحمد بنفس الساعة نقوم بواجبنا الشرعي، من الحزن الذي ربَّما لا يُنسى، ومن الفرح الذي نحن مأمورون به، وهو من شعائر ديننا.
فالفرحُ بفضل الله تعالى وإظهارُه امتثالاً لأمر الله تعالى قربةٌ يُتَقرَّبُ بها إلى الله تعالى، وكذا الحزنُ والتأثُّرُ لحال المسلمين قربةٌ أيضاً، كيف لا! وقد قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى) رواه الإمام مسلم رحمه الله تعالى.
هذا وقد شاع عند بعض المسلمين أنَّه لا طعمَ للعيد ولا بهجةَ فيه في ظلِّ ما يعيشه المسلمون من ظروفٍ صعبة ومصائب ونكبات وغير ذلك، وما هذا إلا بسبب النظر إلى العيد بمنظار العادة، فلما اختلفتِ العادةُ بسبب الهجرة من الأوطان، وغيرها من الأسباب، لم يَبق داعٍ ـ عندهم ـ للبهجة والسرور، ولو أنَّ أحدهم جاءتْه هديَّةٌ أو عطيَّةٌ فإنه يبتهجُ ويفرحُ بها، ولا يمنعه الحال من السرور والفرح بما أُعطي؛ لأنَّ عدم بهجته في العيد سببه نظره إلى العيد بعين النظر إلى العادة فقط، ونحن ينبغي أن نكون مصطبغين بصبغة الإسلام.. ومن أوائل ما سمعت من شيخنا رضي الله تعالى عنه ونفعنا به ينبِّه إلى أن المسلم ينبغي أن يكون متكامل الشخصية، واستدلَّ على ذلك بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾ [البقرة: 208] «في السِّلْم» يعني في الإسلام.. «كافَّة»: يعني بكلِّ تعاليمه..
في حين أنَّ المؤمنَ الذي يتعامل مع المناسبات على أساس الشريعة، يتقرَّبُ إلى الله تعالى بإظهار البهجة والفرح بفضل الله تعالى ورحمته، وفي الوقت نفسه يحزن على حال المسلمين.. فلا حزنُه على المسلمين وما حلَّ بهم من المصائب يُنسيه بهجةَ العيد، ولا ابتهاجُه بالعيد يُلهيه عن الاهتمام بأمر المسلمين والحزن على مصابهم، والقيام بما عليه تجاههم؛ وهذا من تكامل شخصية المسلم.
اللهم إنا نسألك ونتوجَّه إليك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى، وبحرمة كتابك الكريم ومَنْ أنزلتَه على قلبه الشريف صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.. أن تَرُدَّ المسلمين جميعاً إلى دينك وسُنَّةِ نبيِّك صلى الله عليه وآله وسلم ردّاً جميلاً، وأن تفرِّج عن المسلمين فرجاً قريباً عاجلاً، وأن تعيد المسلمين البعيدين عن أوطانهم إلى ديارهم آمنين مطمئنين، مستظلِّينَ بظلِّ كتابك، مستمسكين بهدي نبيِّك المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، متآلفينَ متحابِّينَ متعاونين برحمتك يا أرحم الراحمين.
ويرحم الله تعالى القائل: لم أدر ما غربة الأوطان وهو معي.. فنسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا أينما كنا وحيثما حللنا نعيش مع الله..
وصلى الله على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله ربِّ العالمين.
محمد عبد الله رجو
***
حُرِّرَ بتاريخ: ١١ / ذو الحجة / ١٤٣٧هـ ـ الموافق: ١٢ / أيلول / ٢٠١٦م
وتمَّت إعادة تحريره مع بعض الزيادات في عيد الفطر بتاريخ: ١ / شوال / ١٤٤٤هـ ـ الموافق ٢١ / نيسان / ٢٠٢٣م
***
لمتابعة نسيم الرياض:
على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/naseemalriad
وعلى التليغرام:
https://www.tgoop.com/naseemalriad
وعلى تويتر:
https://twitter.com/naseemalriad
وعلى اليوتيوب:
https://youtube.com/@naseemalriad
وإنَّه لتساؤلٌ وجيهٌ ينمُّ عن شعورٍ صادق وعواطفَ جيَّاشةٍ تجاه من نحب.. ولكنَّ الشريعةَ الإسلامية ـ ولله الحمد والمِنَّة ـ لم تتركنا حيارى في أمرٍ من الأمور، وفي حال من الأحوال؛ فالمسلمُ إذْ ينظرُ إلى العيد بمنظارِ الشريعة لا بمنظار العادة، فإنه يجدُ مُتَّسعاً في قلبه وفي حياته للفرح بالعيد وبهجته، وفي الوقتِ نفسِهِ يملأُ قلبَهُ الحزنُ لمصائبِ المسلمين وما حلَّ بهم، راضياً بقضاء ربِّ العالمين، مستسلماً لقضائه جلَّ وعلا، باذلاً جهدَهُ في خدمة المسلمين؛ فكِلا الأمرين - من الحزنِ المقرونِ بالصبر والرضا، وإظهار الفرح في وقته حيث إنه من شعائر الدين.. كلُّ ذلك مع الإخلاص - قُربَةٌ يُتقرَّبُ بها إلى الله عزَّ وجلَّ.
قال سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما: ليس أحدٌ إلا وهو يفرحُ ويحزنُ، ولكن اجعلوا للمصيبة صبراً، وللخير شكراً.. فنحن ولله الحمد بنفس الساعة نقوم بواجبنا الشرعي، من الحزن الذي ربَّما لا يُنسى، ومن الفرح الذي نحن مأمورون به، وهو من شعائر ديننا.
فالفرحُ بفضل الله تعالى وإظهارُه امتثالاً لأمر الله تعالى قربةٌ يُتَقرَّبُ بها إلى الله تعالى، وكذا الحزنُ والتأثُّرُ لحال المسلمين قربةٌ أيضاً، كيف لا! وقد قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى) رواه الإمام مسلم رحمه الله تعالى.
هذا وقد شاع عند بعض المسلمين أنَّه لا طعمَ للعيد ولا بهجةَ فيه في ظلِّ ما يعيشه المسلمون من ظروفٍ صعبة ومصائب ونكبات وغير ذلك، وما هذا إلا بسبب النظر إلى العيد بمنظار العادة، فلما اختلفتِ العادةُ بسبب الهجرة من الأوطان، وغيرها من الأسباب، لم يَبق داعٍ ـ عندهم ـ للبهجة والسرور، ولو أنَّ أحدهم جاءتْه هديَّةٌ أو عطيَّةٌ فإنه يبتهجُ ويفرحُ بها، ولا يمنعه الحال من السرور والفرح بما أُعطي؛ لأنَّ عدم بهجته في العيد سببه نظره إلى العيد بعين النظر إلى العادة فقط، ونحن ينبغي أن نكون مصطبغين بصبغة الإسلام.. ومن أوائل ما سمعت من شيخنا رضي الله تعالى عنه ونفعنا به ينبِّه إلى أن المسلم ينبغي أن يكون متكامل الشخصية، واستدلَّ على ذلك بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾ [البقرة: 208] «في السِّلْم» يعني في الإسلام.. «كافَّة»: يعني بكلِّ تعاليمه..
في حين أنَّ المؤمنَ الذي يتعامل مع المناسبات على أساس الشريعة، يتقرَّبُ إلى الله تعالى بإظهار البهجة والفرح بفضل الله تعالى ورحمته، وفي الوقت نفسه يحزن على حال المسلمين.. فلا حزنُه على المسلمين وما حلَّ بهم من المصائب يُنسيه بهجةَ العيد، ولا ابتهاجُه بالعيد يُلهيه عن الاهتمام بأمر المسلمين والحزن على مصابهم، والقيام بما عليه تجاههم؛ وهذا من تكامل شخصية المسلم.
اللهم إنا نسألك ونتوجَّه إليك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى، وبحرمة كتابك الكريم ومَنْ أنزلتَه على قلبه الشريف صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.. أن تَرُدَّ المسلمين جميعاً إلى دينك وسُنَّةِ نبيِّك صلى الله عليه وآله وسلم ردّاً جميلاً، وأن تفرِّج عن المسلمين فرجاً قريباً عاجلاً، وأن تعيد المسلمين البعيدين عن أوطانهم إلى ديارهم آمنين مطمئنين، مستظلِّينَ بظلِّ كتابك، مستمسكين بهدي نبيِّك المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، متآلفينَ متحابِّينَ متعاونين برحمتك يا أرحم الراحمين.
ويرحم الله تعالى القائل: لم أدر ما غربة الأوطان وهو معي.. فنسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا أينما كنا وحيثما حللنا نعيش مع الله..
وصلى الله على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله ربِّ العالمين.
محمد عبد الله رجو
***
حُرِّرَ بتاريخ: ١١ / ذو الحجة / ١٤٣٧هـ ـ الموافق: ١٢ / أيلول / ٢٠١٦م
وتمَّت إعادة تحريره مع بعض الزيادات في عيد الفطر بتاريخ: ١ / شوال / ١٤٤٤هـ ـ الموافق ٢١ / نيسان / ٢٠٢٣م
***
لمتابعة نسيم الرياض:
على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/naseemalriad
وعلى التليغرام:
https://www.tgoop.com/naseemalriad
وعلى تويتر:
https://twitter.com/naseemalriad
وعلى اليوتيوب:
https://youtube.com/@naseemalriad
القيلُ والقال يُفسِدُ الأحوال ويضيِّعُ الرِّجال..
كلماتٌ سمعتُها من أحدِ العلماءِ الربَّانيِّين منذ ثلاثين سنةً تقريباً، حيثُ كُنَّا في مجلسٍ في حضرةِ شيخنا الإمام سيدي الشيخ أحمد فتح الله رحمه الله تعالى، وبعدَ انتهاءِ مجلسِ الذِّكرِ وتلاوةِ القارئ، أشارَ إليه شيخُنا رضيَ اللهُ تعالى عنهُ بأنْ يتكلَّمَ، فتكلَّمَ كلماتٍ موجزةً، وكان ممَّا قالَهُ هذهِ الكلماتُ.. وكان وجهُ شيخِنا رحمه اللهُ تعالى يتهلَّلُ سروراً بهذه النصيحة.
جزى اللهُ عنَّا مَنْ ربَّانا خيرَ الجزاء، ونسألُ اللهَ تعالى أن يحفظَنا منَ القيلِ والقال، وأنْ يُصلِحَ لنا الأحوال، وأن يجعلَنا من أهلِ الصدقِ في الأعمال، وأن يُلحِقَنا بكُمَّلِ الرجال، على هديِ سيِّدِنا رسولِ الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم القائل: (لَا تُكْثِرُوا الكَلَامَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الكَلَامِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَسْوَةٌ لِلْقَلْبِ، وَإِنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ الْقَلْبُ القَاسِي) رواه الإمامُ الترمذيُّ رحمه الله تعالى.
وبهذا الانضباطِ الشرعيِّ والأدبِ الإسلامي، يتحصَّنُ المسلمونَ، وتتحصَّنُ الأُخوَّةُ الإسلاميةُ، ويتحصَّنُ الإخوانُ في الله، كما تتحصَّنُ الأُسَرُ منَ الفتنِ، التي تصدرُ عنِ القيلِ والقالِ المُفسِدِ للأحوال، المضيِّعِ للنساءِ والرجال، وربُّنا جلَّ وعلا يقولُ: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}؛ ذلك لأنَّ الكلامَ فيهِ الحسنُ والأحسنُ، كما أنَّ فيه القبيحَ والأقبح، واللهُ عزَّ وجلَّ ندبَنا في هذه الآيةِ إلى الكلمةِ الأحسنِ، وأتبعَ الأمرَ بقولِهِ: {إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ}، يعني: حيثُما نزلَ كلامُنا عن هذا المستوى الرفيعِ، فذلكَ يُعطي الشيطانَ فرصةَ النَّزْغِ بينَنا..
فتأملْ هذا.. وانظرْ حالَ أكثرِ الخلق؛ إذ يبقى كلامُهم دائراً بينَ القبيحِ والأقبحِ، والفاحشِ والأفحشِ، والمباح، ومنهم من يرتقي إلى دائرةِ الحَسَن، والنادرُ مَنْ يرتقي إلى الأحسن.. والآيةُ تشيرُ إلى أنَّ الكلامَ الحسنَ يمكنُ أنْ ينزَغَ الشيطانُ بينَ أهله، ما لم يرتَقوا إلى الكلامِ الأحسن..
اللهمَّ بلِّغْنا ذلكَ المَقام، وطهِّرْ أفئدتَنا من السخائمِ والآثام، فإنَّ الأفئدةَ مصدرُ الكلام.. ويرحمُ اللهُ الإمامَ المُلْهَمَ سيدي أحمدَ بنَ عطاءِ اللهِ رضي الله تعالى عنه وأرضاهُ حيثُ يقولُ: (كُلُّ كَلامٍ يَبْرُزُ وَعَلَيْهِ كِسْوَةُ القَلْبِ الَّذِي مِنْهُ بَرَزَ)، فاللسانُ ترجمانُ القلبِ، فإذا صفا القلبُ منَ الأكدار، وتزكَّى منَ الأغيار، وأشرقَتْ فيهِ الأنوار، كانت ترجمانيَّةُ لسانِهِ على حَسَبِ ذلك، فيتكلَّمُ بالكلامِ النورانيِّ الذي يَلِجُ آذانَ السامعين، فتنفتحُ بهِ أقفالُ قلوبِهم، ويستجيبونَ لنداءِ الحقِّ حبيبِهم.
نرجو الله جلَّ وعلا أن يوفِّقَنا جميعاً للعملِ بهذهِ النَّصيحة؛ لأنَّ ربَّنا جلَّ وعلا يقولُ: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا﴾.
حفظكم الله تعالى وبارك فيكم..
وصلى الله تعالى على سيِّدنا محمَّد، وعلى آله وصحبه وسلَّم، والحمد لله ربِّ العالمين.
محمد عبد الله رجو
***
لمتابعة نسيم الرياض:
على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/naseemalriad
وعلى التليغرام:
https://www.tgoop.com/naseemalriad
وعلى تويتر:
https://twitter.com/naseemalriad
وعلى اليوتيوب:
https://youtube.com/@naseemalriad
وعلى الواتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029Va5g8PK5vKA2zNJvVo3b
كلماتٌ سمعتُها من أحدِ العلماءِ الربَّانيِّين منذ ثلاثين سنةً تقريباً، حيثُ كُنَّا في مجلسٍ في حضرةِ شيخنا الإمام سيدي الشيخ أحمد فتح الله رحمه الله تعالى، وبعدَ انتهاءِ مجلسِ الذِّكرِ وتلاوةِ القارئ، أشارَ إليه شيخُنا رضيَ اللهُ تعالى عنهُ بأنْ يتكلَّمَ، فتكلَّمَ كلماتٍ موجزةً، وكان ممَّا قالَهُ هذهِ الكلماتُ.. وكان وجهُ شيخِنا رحمه اللهُ تعالى يتهلَّلُ سروراً بهذه النصيحة.
جزى اللهُ عنَّا مَنْ ربَّانا خيرَ الجزاء، ونسألُ اللهَ تعالى أن يحفظَنا منَ القيلِ والقال، وأنْ يُصلِحَ لنا الأحوال، وأن يجعلَنا من أهلِ الصدقِ في الأعمال، وأن يُلحِقَنا بكُمَّلِ الرجال، على هديِ سيِّدِنا رسولِ الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم القائل: (لَا تُكْثِرُوا الكَلَامَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الكَلَامِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَسْوَةٌ لِلْقَلْبِ، وَإِنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ الْقَلْبُ القَاسِي) رواه الإمامُ الترمذيُّ رحمه الله تعالى.
وبهذا الانضباطِ الشرعيِّ والأدبِ الإسلامي، يتحصَّنُ المسلمونَ، وتتحصَّنُ الأُخوَّةُ الإسلاميةُ، ويتحصَّنُ الإخوانُ في الله، كما تتحصَّنُ الأُسَرُ منَ الفتنِ، التي تصدرُ عنِ القيلِ والقالِ المُفسِدِ للأحوال، المضيِّعِ للنساءِ والرجال، وربُّنا جلَّ وعلا يقولُ: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}؛ ذلك لأنَّ الكلامَ فيهِ الحسنُ والأحسنُ، كما أنَّ فيه القبيحَ والأقبح، واللهُ عزَّ وجلَّ ندبَنا في هذه الآيةِ إلى الكلمةِ الأحسنِ، وأتبعَ الأمرَ بقولِهِ: {إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ}، يعني: حيثُما نزلَ كلامُنا عن هذا المستوى الرفيعِ، فذلكَ يُعطي الشيطانَ فرصةَ النَّزْغِ بينَنا..
فتأملْ هذا.. وانظرْ حالَ أكثرِ الخلق؛ إذ يبقى كلامُهم دائراً بينَ القبيحِ والأقبحِ، والفاحشِ والأفحشِ، والمباح، ومنهم من يرتقي إلى دائرةِ الحَسَن، والنادرُ مَنْ يرتقي إلى الأحسن.. والآيةُ تشيرُ إلى أنَّ الكلامَ الحسنَ يمكنُ أنْ ينزَغَ الشيطانُ بينَ أهله، ما لم يرتَقوا إلى الكلامِ الأحسن..
اللهمَّ بلِّغْنا ذلكَ المَقام، وطهِّرْ أفئدتَنا من السخائمِ والآثام، فإنَّ الأفئدةَ مصدرُ الكلام.. ويرحمُ اللهُ الإمامَ المُلْهَمَ سيدي أحمدَ بنَ عطاءِ اللهِ رضي الله تعالى عنه وأرضاهُ حيثُ يقولُ: (كُلُّ كَلامٍ يَبْرُزُ وَعَلَيْهِ كِسْوَةُ القَلْبِ الَّذِي مِنْهُ بَرَزَ)، فاللسانُ ترجمانُ القلبِ، فإذا صفا القلبُ منَ الأكدار، وتزكَّى منَ الأغيار، وأشرقَتْ فيهِ الأنوار، كانت ترجمانيَّةُ لسانِهِ على حَسَبِ ذلك، فيتكلَّمُ بالكلامِ النورانيِّ الذي يَلِجُ آذانَ السامعين، فتنفتحُ بهِ أقفالُ قلوبِهم، ويستجيبونَ لنداءِ الحقِّ حبيبِهم.
نرجو الله جلَّ وعلا أن يوفِّقَنا جميعاً للعملِ بهذهِ النَّصيحة؛ لأنَّ ربَّنا جلَّ وعلا يقولُ: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا﴾.
حفظكم الله تعالى وبارك فيكم..
وصلى الله تعالى على سيِّدنا محمَّد، وعلى آله وصحبه وسلَّم، والحمد لله ربِّ العالمين.
محمد عبد الله رجو
***
لمتابعة نسيم الرياض:
على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/naseemalriad
وعلى التليغرام:
https://www.tgoop.com/naseemalriad
وعلى تويتر:
https://twitter.com/naseemalriad
وعلى اليوتيوب:
https://youtube.com/@naseemalriad
وعلى الواتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029Va5g8PK5vKA2zNJvVo3b
Audio
مجلس علم وذكر بحضور الشيخ محمد عبد الله رجو في مدينة حلب
يوم الجمعة 17 ذو الحجة 1446هـ ـ الموافق 13 حزيران 2025م.
(1)
يوم الجمعة 17 ذو الحجة 1446هـ ـ الموافق 13 حزيران 2025م.
(1)
Audio
مجلس علم وذكر يوم الجمعة 17 ذو الحجة 1446هـ ـ الموافق 13 حزيران 2025م. (2)
Audio
مجلس علم وذكر مساء يوم الاثنين 20 ذو الحجة 1446هـ ـ الموافق 16 حزيران 2025م.
التاريخ الهجري والهجرة النبوية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، وأفضل الصلاة وأكمل التسليم، على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد كان لهجرة النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة أهمية كبيرةٌ في تاريخ الإسلام.
كما أنَّ في هذه الهجرة عِبَراً وفوائدَ لجميع أمَّته صلى الله عليه وآله وسلم إلى يوم الدين.
أمَّا تخصيصُ شهر «مُحرَّم» بأنَّه أوَّل السنة الهجريَّة فهو أمرٌ اتفق عليه أصحابُ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك أيامَ خلافة سيِّدنا عمر رضي الله تعالى عنه.
قال الحافظُ ابن حجر رحمه الله تعالى في فتح الباري: وذكروا في سببِ عملِ عمرَ رضي الله تعالى عنه التاريخ أشياءَ:
منها: ما أخرجه أبو نُعيم الفضل بن دُكَين في تاريخه، ومن طريقه الحاكم من طريق الشعبي: أنَّ أبا موسى رضي الله تعالى عنه كتب إلى عمر رضي الله تعالى عنه: إنه يأتينا منك كتبٌ ليس لها تاريخ.
فجمع عمر رضي الله تعالى عنه الناسَ، فقال بعضهم: أرِّخ بالمبعث - أي: لنجعل مبدأ التاريخ الإسلامي من مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم - وقال بعضهم: أرِّخ بالهجرة.
فقال عمر رضي الله تعالى عنه: الهجرة فرَّقت بين الحقِّ والباطل، فأرَّخوا بها.. وذلك سنة سبعَ عشرةَ.
فلما اتَّفقوا رضي الله تعالى عنهم قال بعضهم: ابدؤوا برمضان. فقال عمر رضي الله تعالى عنه: بل المحرَّم؛ فإنه منصرَف الناس من حجِّهم، فاتَّفقوا عليه.
وروى الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وأبو عروبة في "الأوائل" والبخاري في "الأدب" والحاكم من طريق ميمون بن مهران قال: رُفع لعمر رضي الله تعالى عنه صَكٌّ محلُّه شعبان، فقال: أيُّ شعبان؟ الماضي أو الذي نحن فيه، أو الآتي؟ ضعوا للناس شيئاً يعرفونه. فذكر نحو الأوَّل.
(كما في فتح الباري، كتاب مناقب الأنصار).
وقال السيوطي في الدُّرِّ المنثور عند تفسير قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ}: وأخرج ابن عساكر في أول كتابه "تاريخ دمشق" عن عبد العزيز بن عمران قال: لم يزل للناس تاريخ؛ كانوا يؤرِّخون في الدهر الأول من هبوط آدم من الجنة؛ فلم يزل كذلك حتى بَعث الله نوحاً، فأرَّخوا من دعاء نوح على قومه، ثم أرَّخوا من الطوفان، ثم أرَّخوا من نار إبراهيم، ثم أرَّخ بنو إسماعيل من بنيان الكعبة، ثم أرَّخوا من موت كعب بن لؤي، ثم أرَّخوا من عام الفيل، ثم أرَّخ المسلمون بَعدُ مِن هجرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؛ وذلك لما في الهجرة من الخصائص والفضائل، وفيها ارتفعت كلمة الإسلام، وانتشر دين الله تعالى في الأرض، ولذلك حُقَّ أن يكون مبدأُ الهجرة الشريفة هو مبدأَ التاريخ الإسلامي؛ وذلك حتى تتذكرَ هذه الأمةُ كلُّها فضائلَ تلك الهجرة ووقائعها، وآثارها التي تركتها إلى يوم القيامة.
وتنطوي في ذلك فضائلُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسيرتُه ومعجزاتُه، وخوارقُ العادات التي جرت على يديه صلى الله عليه وآله وسلم، ويظهر في ذلك أمرُ شريعته صلى الله عليه وآله وسلم، فجميعُ ذلك منطوٍ تحت هجرته صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابِه رضي الله تعالى عنهم إلى المدينة المنورة.
ولقد بدأت هجرةُ الصحابة رضي الله تعالى عنهم إلى المدينة من أوَّل شهر محرَّم، بعد رجوع الأنصار الذين بايعوا رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم عند العقبات الثلاث إلى ديارهم، وانقضاء موسم الحجِّ. وهذا ممَّا يناسب أن يكون شهرُ محرَّم هو مبدأَ التاريخ، لأنَّ فيه بدْءَ الهجرة، ونهايةَ الموسم الذي اتفق عليه الأنصارُ رضوان الله تعالى عليهم.
ولقد نصَّ العلماء على أَنَّ التأريخ بالسنة الهجرية أَمْرٌ شرعيٌّ له أثره في الإسلام، لا ينبغي أن يُهجَر، وإن أُرِّخ بتأريخ آخر فلا ينبغي تركُ تاريخ الهجرة، لِما لها مِنْ معانٍ وحِكَم وفوائدَ وأسرار تنفع كلَّ مؤمن إلى يوم الدين.
وهو أمر أجمع عليه الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فينبغي اتِّباعهم في ذلك عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (عليكم بسُنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين المَهديِّين، عضَّوا عليها بالنواجذ) طرف من حديث رواه الإمام أحمد في المسند وأبو داود في كتاب السنة والترمذي في كتاب العلم عن سيدنا العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه.
وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم، والحمد لله رب العالمين.
من كتاب: (محاضراتٌ حول هجرة سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) لفضيلة الشيخ عبد الله سراج الدين رحمه الله تعالى.
***
لمتابعة نسيم الرياض:
على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/naseemalriad
وعلى التليغرام:
https://www.tgoop.com/naseemalriad
وعلى تويتر:
https://twitter.com/naseemalriad
وعلى اليوتيوب:
https://youtube.com/@naseemalriad
وعلى الواتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029Va5g8PK5vKA2zNJvVo3b
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، وأفضل الصلاة وأكمل التسليم، على سيِّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد كان لهجرة النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة أهمية كبيرةٌ في تاريخ الإسلام.
كما أنَّ في هذه الهجرة عِبَراً وفوائدَ لجميع أمَّته صلى الله عليه وآله وسلم إلى يوم الدين.
أمَّا تخصيصُ شهر «مُحرَّم» بأنَّه أوَّل السنة الهجريَّة فهو أمرٌ اتفق عليه أصحابُ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك أيامَ خلافة سيِّدنا عمر رضي الله تعالى عنه.
قال الحافظُ ابن حجر رحمه الله تعالى في فتح الباري: وذكروا في سببِ عملِ عمرَ رضي الله تعالى عنه التاريخ أشياءَ:
منها: ما أخرجه أبو نُعيم الفضل بن دُكَين في تاريخه، ومن طريقه الحاكم من طريق الشعبي: أنَّ أبا موسى رضي الله تعالى عنه كتب إلى عمر رضي الله تعالى عنه: إنه يأتينا منك كتبٌ ليس لها تاريخ.
فجمع عمر رضي الله تعالى عنه الناسَ، فقال بعضهم: أرِّخ بالمبعث - أي: لنجعل مبدأ التاريخ الإسلامي من مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم - وقال بعضهم: أرِّخ بالهجرة.
فقال عمر رضي الله تعالى عنه: الهجرة فرَّقت بين الحقِّ والباطل، فأرَّخوا بها.. وذلك سنة سبعَ عشرةَ.
فلما اتَّفقوا رضي الله تعالى عنهم قال بعضهم: ابدؤوا برمضان. فقال عمر رضي الله تعالى عنه: بل المحرَّم؛ فإنه منصرَف الناس من حجِّهم، فاتَّفقوا عليه.
وروى الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وأبو عروبة في "الأوائل" والبخاري في "الأدب" والحاكم من طريق ميمون بن مهران قال: رُفع لعمر رضي الله تعالى عنه صَكٌّ محلُّه شعبان، فقال: أيُّ شعبان؟ الماضي أو الذي نحن فيه، أو الآتي؟ ضعوا للناس شيئاً يعرفونه. فذكر نحو الأوَّل.
(كما في فتح الباري، كتاب مناقب الأنصار).
وقال السيوطي في الدُّرِّ المنثور عند تفسير قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ}: وأخرج ابن عساكر في أول كتابه "تاريخ دمشق" عن عبد العزيز بن عمران قال: لم يزل للناس تاريخ؛ كانوا يؤرِّخون في الدهر الأول من هبوط آدم من الجنة؛ فلم يزل كذلك حتى بَعث الله نوحاً، فأرَّخوا من دعاء نوح على قومه، ثم أرَّخوا من الطوفان، ثم أرَّخوا من نار إبراهيم، ثم أرَّخ بنو إسماعيل من بنيان الكعبة، ثم أرَّخوا من موت كعب بن لؤي، ثم أرَّخوا من عام الفيل، ثم أرَّخ المسلمون بَعدُ مِن هجرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؛ وذلك لما في الهجرة من الخصائص والفضائل، وفيها ارتفعت كلمة الإسلام، وانتشر دين الله تعالى في الأرض، ولذلك حُقَّ أن يكون مبدأُ الهجرة الشريفة هو مبدأَ التاريخ الإسلامي؛ وذلك حتى تتذكرَ هذه الأمةُ كلُّها فضائلَ تلك الهجرة ووقائعها، وآثارها التي تركتها إلى يوم القيامة.
وتنطوي في ذلك فضائلُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسيرتُه ومعجزاتُه، وخوارقُ العادات التي جرت على يديه صلى الله عليه وآله وسلم، ويظهر في ذلك أمرُ شريعته صلى الله عليه وآله وسلم، فجميعُ ذلك منطوٍ تحت هجرته صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابِه رضي الله تعالى عنهم إلى المدينة المنورة.
ولقد بدأت هجرةُ الصحابة رضي الله تعالى عنهم إلى المدينة من أوَّل شهر محرَّم، بعد رجوع الأنصار الذين بايعوا رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم عند العقبات الثلاث إلى ديارهم، وانقضاء موسم الحجِّ. وهذا ممَّا يناسب أن يكون شهرُ محرَّم هو مبدأَ التاريخ، لأنَّ فيه بدْءَ الهجرة، ونهايةَ الموسم الذي اتفق عليه الأنصارُ رضوان الله تعالى عليهم.
ولقد نصَّ العلماء على أَنَّ التأريخ بالسنة الهجرية أَمْرٌ شرعيٌّ له أثره في الإسلام، لا ينبغي أن يُهجَر، وإن أُرِّخ بتأريخ آخر فلا ينبغي تركُ تاريخ الهجرة، لِما لها مِنْ معانٍ وحِكَم وفوائدَ وأسرار تنفع كلَّ مؤمن إلى يوم الدين.
وهو أمر أجمع عليه الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فينبغي اتِّباعهم في ذلك عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (عليكم بسُنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين المَهديِّين، عضَّوا عليها بالنواجذ) طرف من حديث رواه الإمام أحمد في المسند وأبو داود في كتاب السنة والترمذي في كتاب العلم عن سيدنا العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه.
وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم، والحمد لله رب العالمين.
من كتاب: (محاضراتٌ حول هجرة سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) لفضيلة الشيخ عبد الله سراج الدين رحمه الله تعالى.
***
لمتابعة نسيم الرياض:
على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/naseemalriad
وعلى التليغرام:
https://www.tgoop.com/naseemalriad
وعلى تويتر:
https://twitter.com/naseemalriad
وعلى اليوتيوب:
https://youtube.com/@naseemalriad
وعلى الواتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029Va5g8PK5vKA2zNJvVo3b
مِن نفحاتِ الرَّبَّانيِّين بمناسبةِ الهجرة
قال [ابنُ الحاجِّ] رحمهُ اللهُ تعالى: سَمِعْتُ سَيِّدِي أَبَا مُحَمَّدٍ - يعني ابنَ أبي جمرة صاحب مختصر البخاريّ رَحِمَهُما اللهُ تعالى - يَقُولُ: انظُرْ إلَى سِرِّ مَا وَقَعَ مِنْ هِجْرَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إلَى الْمَدِينَةِ وَإِقَامَتِهِ بِهَا حَتَّى انْتَقَلَ إلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ وَذَلِكَ أَنَّ حِكْمَةَ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ مَضَتْ عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَتَشَرَّفُ الْأَشْيَاءُ بِهِ لَا هُوَ يَتَشَرَّفُ بِهَا، فَلَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي مَكَّةَ إلَى انْتِقَالِهِ إلَى رَبِّهِ تَعَالَى، لَكَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ قَدْ تَشَرَّفَ بِمَكَّةَ، إذْ إنَّ شَرَفَهَا قَدْ سَبَقَ بِآدَمَ وَالْخَلِيلِ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِم الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.. فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يُبَيِّنَ لِعِبَادِهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَفْضَلُ الْمَخْلُوقَاتِ كَانَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ هِجْرَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إلَى الْمَدِينَةِ، فَتَشَرَّفَتِ الْمَدِينَةُ بِهِ؛ أَلَا تَرَى إلَى مَا وَقَعَ مِنَ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ أَفْضَلَ الْبِقَاعِ الْمَوْضِعُ الَّذِي ضَمَّ أَعْضَاءَهُ الْكَرِيمَةَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُه، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَفْضَلُ مِنَ الْكَعْبَةِ وَغَيْرِهَا، وَانْظُرْ إلَى الْأَشْيَاءِ الَّتِي بَاشَرَهَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَجِدْهَا أَبَداً تَتَشَرَّفُ بِحَسَبِ مُبَاشَرَتِهِ لَهَا، وَبِقَدْرِ ذَلِكَ يَكُونُ التَّشْرِيفُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ فِي الْمَدِينَةِ: «تُرَابُهَا شِفَاءٌ»، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِتَرَدُّدِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِتِلْكَ الْخُطَى الْكَرِيمَةِ فِي أَرْجَائِهَا لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ أَوْ إغَاثَةِ مَلْهُوفٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَمَّا أَنْ كَانَ مَشْيُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِهِ بِالْمَدِينَةِ أَكْثَرَ مِنْ تَرَدُّدِهِ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ عَظُمَ شَرَفُهُ بِذَلِكَ، فَكَانَتِ الصَّلَاةُ فِيهِ بِأَلْفِ صَلَاةٍ، وَلَمَّا أَنْ كَانَ تَرَدُّدُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَيْنَ بَيْتِهِ وَمِنْبَرِهِ أَكْثَرَ مِنْ تَرَدُّدِهِ فِي الْمَسْجِدِ، كَانَتْ تِلْكَ الْبُقْعَةُ الشَّرِيفَةُ بِنَفْسِهَا رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» انْتَهَى.
وَفِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعَمَلَ فِيهَا يُحَصِّلُ لِصَاحِبِهِ رَوْضَةً فِي الْجَنَّةِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا بِنَفْسِهَا تُنْقَلُ إلَى الْجَنَّةِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. انتهى.
نقلاً عن كتاب شواهد الحقّ للعلّامة المُحبّ الشيخ يوسف النّبهانيّ رحمهُ الله تعالى.
***
لمتابعة نسيم الرياض:
على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/naseemalriad
وعلى التليغرام:
https://www.tgoop.com/naseemalriad
وعلى تويتر:
https://twitter.com/naseemalriad
وعلى اليوتيوب:
https://youtube.com/@naseemalriad
وعلى الواتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029Va5g8PK5vKA2zNJvVo3b
قال [ابنُ الحاجِّ] رحمهُ اللهُ تعالى: سَمِعْتُ سَيِّدِي أَبَا مُحَمَّدٍ - يعني ابنَ أبي جمرة صاحب مختصر البخاريّ رَحِمَهُما اللهُ تعالى - يَقُولُ: انظُرْ إلَى سِرِّ مَا وَقَعَ مِنْ هِجْرَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إلَى الْمَدِينَةِ وَإِقَامَتِهِ بِهَا حَتَّى انْتَقَلَ إلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ وَذَلِكَ أَنَّ حِكْمَةَ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ مَضَتْ عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَتَشَرَّفُ الْأَشْيَاءُ بِهِ لَا هُوَ يَتَشَرَّفُ بِهَا، فَلَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي مَكَّةَ إلَى انْتِقَالِهِ إلَى رَبِّهِ تَعَالَى، لَكَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ قَدْ تَشَرَّفَ بِمَكَّةَ، إذْ إنَّ شَرَفَهَا قَدْ سَبَقَ بِآدَمَ وَالْخَلِيلِ وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِم الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.. فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يُبَيِّنَ لِعِبَادِهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَفْضَلُ الْمَخْلُوقَاتِ كَانَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ هِجْرَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إلَى الْمَدِينَةِ، فَتَشَرَّفَتِ الْمَدِينَةُ بِهِ؛ أَلَا تَرَى إلَى مَا وَقَعَ مِنَ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ أَفْضَلَ الْبِقَاعِ الْمَوْضِعُ الَّذِي ضَمَّ أَعْضَاءَهُ الْكَرِيمَةَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُه، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَفْضَلُ مِنَ الْكَعْبَةِ وَغَيْرِهَا، وَانْظُرْ إلَى الْأَشْيَاءِ الَّتِي بَاشَرَهَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَجِدْهَا أَبَداً تَتَشَرَّفُ بِحَسَبِ مُبَاشَرَتِهِ لَهَا، وَبِقَدْرِ ذَلِكَ يَكُونُ التَّشْرِيفُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ فِي الْمَدِينَةِ: «تُرَابُهَا شِفَاءٌ»، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِتَرَدُّدِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِتِلْكَ الْخُطَى الْكَرِيمَةِ فِي أَرْجَائِهَا لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ أَوْ إغَاثَةِ مَلْهُوفٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَمَّا أَنْ كَانَ مَشْيُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِهِ بِالْمَدِينَةِ أَكْثَرَ مِنْ تَرَدُّدِهِ فِي غَيْرِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ عَظُمَ شَرَفُهُ بِذَلِكَ، فَكَانَتِ الصَّلَاةُ فِيهِ بِأَلْفِ صَلَاةٍ، وَلَمَّا أَنْ كَانَ تَرَدُّدُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَيْنَ بَيْتِهِ وَمِنْبَرِهِ أَكْثَرَ مِنْ تَرَدُّدِهِ فِي الْمَسْجِدِ، كَانَتْ تِلْكَ الْبُقْعَةُ الشَّرِيفَةُ بِنَفْسِهَا رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» انْتَهَى.
وَفِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْعَمَلَ فِيهَا يُحَصِّلُ لِصَاحِبِهِ رَوْضَةً فِي الْجَنَّةِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا بِنَفْسِهَا تُنْقَلُ إلَى الْجَنَّةِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. انتهى.
نقلاً عن كتاب شواهد الحقّ للعلّامة المُحبّ الشيخ يوسف النّبهانيّ رحمهُ الله تعالى.
***
لمتابعة نسيم الرياض:
على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/naseemalriad
وعلى التليغرام:
https://www.tgoop.com/naseemalriad
وعلى تويتر:
https://twitter.com/naseemalriad
وعلى اليوتيوب:
https://youtube.com/@naseemalriad
وعلى الواتساب:
https://whatsapp.com/channel/0029Va5g8PK5vKA2zNJvVo3b