tgoop.com/newphilosopher/4713
Last Update:
ديفيد هيوم (1711 - 1776) هو أحد الفلاسفة الأبرز في تاريخ الفلسفة الغربية ومن أبرز ممثلي الفلسفة التجريبية. وهو معروف بنقده الجذري للعديد من المفاهيم التي كانت سائدة في الفكر الفلسفي والديني آنذاك، بما في ذلك فكرة المعرفة المطلقة والعالم الموضوعي الذي يمكن معرفته بشكل قاطع.
1. المعرفة والحس
في فلسفة هيوم، الحس هو المصدر الوحيد للمعرفة. فهو يرفض أي مصدر آخر للمعرفة، مثل العقل أو الحدس أو أي نوع من التأملات غير المرتبطة بالواقع الحسي. وفقًا له، كل ما نعرفه عن العالم ينبع من تجاربنا الحسية المباشرة — بمعنى آخر، لا يمكن للإنسان أن يعرف شيئًا إلا من خلال الحواس الخمس.
2. النقد للعقلانية والتفسير الديني
هيوم كان ناقدًا للفكر العقلاني الذي يفترض أن الإنسان يستطيع الوصول إلى المعرفة من خلال التفكير المجرد أو التأمل العقلي. كما كان ناقدًا أيضًا للديانات التي تدعي أن هناك مصادر أخرى للمعرفة غير الحواس، مثل الوحي أو التأملات الدينية. في نظره، مثل هذه المفاهيم ليست سوى أوهام لا يمكن التحقق منها بالوسائل الحسية.
3. الفلسفة الذاتية مقابل الموضوعية
هيوم كان مؤمنًا بشدة بالذاتية (Subjectivism)، بمعنى أن المعرفة التي يمتلكها الإنسان عن العالم الخارجي هي معرفة مشوهة وذات طابع شخصي، وليست معرفة حقيقية عن العالم كما هو في ذاته (أي بمعنى الواقعية الموضوعية). وبالتالي، يعتقد هيوم أن معتقدات الإنسان وأفكاره عن العالم ليست انعكاسًا دقيقًا للواقع الخارجي، بل هي بناء ذهني يستند إلى تجاربه الحسية وتفسيراته الشخصية.
4. السببية والتجربة
واحدة من أهم الإسهامات الفلسفية لهيوم كانت في مجال السببية. هو يشكك في القدرة على التأكد من وجود علاقة سببية موضوعية بين الأحداث. وفقًا له، الإنسان لا يستطيع أن يعرف علاقة سببية بين حدثين بشكل مباشر، بل يتخذ هذا الاستنتاج استنادًا إلى تكرار الأحداث التي يحدث فيها شيء معين بعد شيء آخر. لكن هذا التكرار لا يثبت بالضرورة وجود علاقة سببية ثابتة، بل هو مجرد عادة أو ملاحظة متكررة.
5. النظرة الإنسانية إلى المعرفة
هيوم يرى أن "الإنسان" ليس كائنًا قادرًا على إدراك الحقائق الكونية بشكل دقيق، بل هو كائن محدود قادر فقط على إدراك تجاربه الحسية وتفسيرها. هذا الرأي يتناقض مع الفلسفات المثالية التي كانت تروج لفكرة أن العقل البشري يمكنه الوصول إلى أفكار كونية أو حقيقة مطلقة.
6. الانعكاس على العلوم
هيوم كان أيضًا مؤثرًا في مجال الفلسفة العلمية. فقد شكك في فكرة أن العلوم الطبيعية يمكن أن تكشف لنا عن "الحقائق الكونية" بطريقة موضوعية وقطعية. لذلك، اعتبر أن المعرفة العلمية ليست سوى مجموعة من التعميمات التي تعتمد على تكرار الظواهر، وليست حقائق ثابتة يمكن الاعتماد عليها في جميع الأوقات والأماكن.
7. الأخلاق والدين
في مجال الأخلاق، قدم هيوم أطروحة شهيرة تقول إن "العقل لا يحرك العواطف"، بل العواطف هي التي تحدد سلوك الإنسان الأخلاقي. ولذلك، كانت أخلاق الإنسان في نظره نتيجة لمشاعر الرغبة والتعاطف، وليست مجرد استنتاجات عقلية. أما في الدين، فقد تبنى هيوم رؤية نقدية حيث اعتبر أن المعتقدات الدينية تتولد من أوهام عقلية وتفسيرات لا تستند إلى أي دليل حسي أو علمي.
الخلاصة:
فلسفة هيوم تركز على أن المعرفة الحقيقية يجب أن تكون مبنية على التجربة الحسية، وأن كل ما نعرفه عن العالم هو مجرد تفسير شخصي له بناءً على ما مررنا به من تجارب سابقة. هو شكك في قدرة الإنسان على الوصول إلى حقيقة ثابتة خارج هذه التجارب، وقد انتقد بشدة فكرة وجود معرفة غير مرتبطة بالحواس أو في شكل ديني أو عقلاني غير قابل للتفسير الحسي.
BY الفيلسوف الجديد
Share with your friend now:
tgoop.com/newphilosopher/4713