كتبَ فلان

صوتُ الحكمة ومسيرة الإصلاح.. مرجع الطائفة السيد السيستاني في وجه تحديات العراق والأمة.
علي جاسب الموسوي
4/11/2024

في عالمٍ تموج فيه الأحداث وتتلاطم الأمواج العاتية، يبقى السيد علي السيستاني (دام ظله) منارةً لا تنطفئ، تُضيء لأبناء الأمة الطريق، وتُعيد إلى الأذهان معاني الإصلاح والعدل والتقوى .. إنّ استقباله لممثل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة {يونامي} في العراق ليس لقاءً عابراً، بل هو إشارةٌ واضحة إلى استمرار هذا الصوت النابض بالحكمة والاعتدال، والموجّه نحو صلاح العراق وأمنه وازدهاره.

لقد تجلّت في كلمات السيد السيستاني رؤيةٌ ثاقبةٌ وموقفٌ راسخ، يذكّر العراقيين بنخبهم المثقفة وقياداتهم الواعية بأنّ مستقبلهم لا يُصنع بالاعتماد على الآخرين، بل بأيديهم، حين تتوحّد إرادتهم وتتطهر قلوبهم من شوائب الطائفية والمصالح الشخصية، لينهضوا ببلدهم بعيداً عن الفساد والمحسوبية والظلم.

وفي سياق حديثه عن معاناة الشعب، رسم السيد السيستاني معالم الطريق بعباراتٍ غاصت في عمق التحديات، حيث أشار إلى ضرورة (إعداد خطط علمية وعملية) لإدارة شؤون الدولة، ترتكز على مبادئ الكفاءة والنزاهة .. وهذه ليست مجرد دعواتٍ نظرية، بل هي دعواتٌ تنطلق من واقع العراق اليوم، حيث يغدو تحقيق الأمل أمراً ملحّاً، يتطلب إرادةً جماعية تنبثق من ضمير الأمة الحيّ.

وإنّ ما عبّر عنه سماحته من ألمٍ بالغ لما يعصف بلبنان وغزة، ووقوفه مع مظلومية الشعوب في وجه العدوان الإسرائيلي، يُعبر عن موقفه الثابت إلى جانب المظلومين أينما كانوا، ودعمه للقضية الفلسطينية وللمقاومة، بما يمثل صوت الحق في وجه الهيمنة والظلم .. إنه موقفٌ شجاع، يُعيد إلى الأذهان عظمة مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) التي تقف دائماً في صف المستضعفين، وترفض الخضوع لقوى الاستكبار.

لقد حمل السيد السيستاني على عاتقه منذ زمن مسؤولية توجيه العراقيين، وتحمّل في سبيل ذلك ما تحمله من عناء المشاق وحمل الأمانات، مؤكداً على ضرورة (حصر السلاح بيد الدولة)، و(منع التدخلات الخارجية) التي باتت تمزق الجسد العراقي، وتصادر إرادة العراقيين في تقرير مصيرهم .. إنّ هذه المواقف النبيلة تُعيد لنا معنى الولاء للوطن، وتدعو إلى تعزيز قوة القانون وتحكيم العدالة، بما يكفل لكل عراقي حقه في العيش بكرامة.

إنّ السيد السيستاني، ومن خلال هذا اللقاء، لم يكن مجرد داعٍ للتغيير، بل كان مُعلماً يُرشد أمةً إلى سبيل النهوض، ويحضّها على استلهام العِبر من تاريخها، والعمل بجدٍّ لبناء مستقبلٍ أفضل، ليبقى العراق أبياً شامخاً كعادته.

ختاماً، نقول: إنّ كلمات السيد السيستاني حفظه الله ليست مجرد رسائل للمستقبل، بل هي وصايا أملٍ وشعاع يقينٍ في مسيرة شعبٍ يأبى الاستسلام، ويعرف أنّ طريق الكرامة قد يكون طويلاً، ولكنه حتماً يستحق السير.

1.5K views13:59