نَحِنُّ مِنَ الدُنيا إِلى كُلِّ لَذَّةٍ
وَلَكِنَّ آفاتِ الزَمانِ كَثيراتُ

وَكَم مِن مُلوكٍ شَيَّدوا وَتَحَصَّنوا
فَما سَبَقوا الأَيّامَ شَيئاً وَلا فاتوا

وَكَم مِن أُناسٍ قَد رَأَينا بِغِبطَةٍ
وَلَكِنَّهُم مِن بَعدِ غِبطَتِهِم ماتوا.

- أبو العتاهية!

لمّا فرغَ أبو العلاء المعري من تصنيفِ كتاب اللامع العزيزي في شرح شعر المتنبي، وقُرىء عليه؛ أخذ الجماعة في وصفه؛ فقال أبو العلاء -وقد كان أعمى-:
كأنما نظرَ المُتنبي إلَيَّ بِلَحْظِ الغيبِ حيثُ يقول:

أنا الذي نظرَ الأعمى إلى أَدَبِي
وَأَسْمَعَتْ كَلِمَاتِي مَنْ بِهِ صَمَم.
ٖ

‏كنتُ أظنُ أن المتنبي وَصلَ غاية الجمالِ في المبالغةِ بوصفِ السقمِ مِن الهوىٰ حينَ قال:
كفىٰ بجسمي نُحولاً أَنني رجلٌ
لولا مُخاطبتي إِيّاكَ لمْ تَرَني

حتىٰ قرأتُ قولَ المجنون:
أَلا إِنَّما غادَرتِ يا أُمَّ مالِكٍ-
صَدى، أَينَما تَذهَب بِهِ الريحُ يَذهَبِ
..
أم مالك:كنية ليلى

‏تفرَّد المتنبي بمطالع في قصائده تغنى عن قصائد من غيره، كمثل قوله:

الحُزنُ يُقلِقُ وَالتَجَمُّلُ يَردَعُ
وَالدَّمعُ بَينَهُما عَصِيٌّ طَيِّعُ

يَتَنازَعانِ دُموعَ عَينِ مُسَهَّدٍ
هَذا يَجيءُ بِها وَهَذا يَرجِعُ

وتقول عبلة عن حبيبها عنترة أنه قال:
"وإذا بُلِيتَ بِظالمٍ كن ظالمًا
وإذا لَقِيتَ ذوي الجَهالةِ فاجْهَلِ"

‏انشد أعرابي ، في الوفاء عند مصاحبة القوم ، قائلاً:

وكنتُ إذا عَلقتُ حبالَ قومٍ
صحبتُهم وشيمَتيَ الوفاءُ

فأحسنُ حين يحُسِن مُحسنوهم
وأجتنب الإساءةَ إن أساؤوا

وأنظُرُ ما بعينهمُ بعيني
وعليها من عُيوبِهِمُ غطاءُ

لا بأس

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ:

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَهُوَ يَقُولُ:

"اللَّهُمَّ لَوْلَاكَ مَا اهْتَدَيْنَا وَلَا صُمْنَا وَلَا صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا

- الشريعة، الآجري، ج2 ص828.

كما في قول الراجز، وهو عامر بن الأكوع رضي الله عنه:
والله لولا الله ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا

- هامش الإنصاف في مسائل الخلاف، ج2 ص567.