وحين أعود للبيت
وحيدا فارغا، إلا من الوحدة
يداي بغير أمتعة، وقلبي دونما ورده
فقد وزعت ورداتي
على البؤساء منذ الصباح..
وصارعت الذئاب، وعدت للبيت
بلا رنات ضحكة حلوة البيت
وحيدا أشرب القهوة
فأخسر من حياتي..
أخسر النشوة
رفاقي ها هنا المصباح والأشعار، والوحدة
وبعض سجائر.. وجرائد كالليل مسودة
وحين أعود للبيت
أحس بوحشة البيت
وأخسر من حياتي كل ورداتي
وسر النبع.. نبع الضوء في أعماق مأساتي
وأختزن العذاب لأنني وحدي
بدون حنان كفيك
بدون ربيع عينيك!
محمود درويش
وحيدا فارغا، إلا من الوحدة
يداي بغير أمتعة، وقلبي دونما ورده
فقد وزعت ورداتي
على البؤساء منذ الصباح..
وصارعت الذئاب، وعدت للبيت
بلا رنات ضحكة حلوة البيت
وحيدا أشرب القهوة
فأخسر من حياتي..
أخسر النشوة
رفاقي ها هنا المصباح والأشعار، والوحدة
وبعض سجائر.. وجرائد كالليل مسودة
وحين أعود للبيت
أحس بوحشة البيت
وأخسر من حياتي كل ورداتي
وسر النبع.. نبع الضوء في أعماق مأساتي
وأختزن العذاب لأنني وحدي
بدون حنان كفيك
بدون ربيع عينيك!
محمود درويش
إن التسلي حرام في مذاهبنا
فكيف أرضى بكفرٍ بعد إيمانِ
فشارب الخمر يصحو بعد سكرته
وشارب الحبِّ طول العمر سكرانِ..
فكيف أرضى بكفرٍ بعد إيمانِ
فشارب الخمر يصحو بعد سكرته
وشارب الحبِّ طول العمر سكرانِ..
أنا
الليلُ يسألُ مَن أنا أنا سرُّهُ القلقُ العميقُ الأسودُ أنا صمتُهُ المتمرِّدُ قنّعتُ كنهي بالسكونْ ولففتُ قلبي بالظنونْ وبقيتُ ساهمةً هنا أرنو وتسألني القرونْ أنا من أكون ؟ الريحُ تسألُ مَنْ أنا أنا روحُهَا الحيرانُ أنكرني الزمانْ أنا مثلها في لا مكان نبقى نسيرُ ولا انتهاءْ نبقى نمرُّ ولا بقاءْ فإذا بلغنا المُنْحَنَى خلناهُ خاتمةَ الشقاءْ فإذا فضاءْ ! والدهرُ يسألُ مَنْ أنا أنا مثله جبارةٌ أطوي عُصورْ وأعودُ أمنحُها النشورْ أنا أخلقُ الماضيْ البعيدْ من فتنةِ الأملِ الرغيدْ وأعودُ أدفنُهُ أنا لأصوغَ لي أمساً جديدْ غَدُهُ جليد والذاتُ تسألُ مَنْ أنا أنا مثلها حيرَى أحدّقُ في الظلام لا شيءَ يمنحُني السلامْ أبقى أسائلُ والجوابْ سيظَلّ يحجُبُه سرابْ وأظلّ أحسبُهُ دَنَا فإذا وصلتُ إليه ذابْ وخبا وغابْ
-نازك الملائكة
الليلُ يسألُ مَن أنا أنا سرُّهُ القلقُ العميقُ الأسودُ أنا صمتُهُ المتمرِّدُ قنّعتُ كنهي بالسكونْ ولففتُ قلبي بالظنونْ وبقيتُ ساهمةً هنا أرنو وتسألني القرونْ أنا من أكون ؟ الريحُ تسألُ مَنْ أنا أنا روحُهَا الحيرانُ أنكرني الزمانْ أنا مثلها في لا مكان نبقى نسيرُ ولا انتهاءْ نبقى نمرُّ ولا بقاءْ فإذا بلغنا المُنْحَنَى خلناهُ خاتمةَ الشقاءْ فإذا فضاءْ ! والدهرُ يسألُ مَنْ أنا أنا مثله جبارةٌ أطوي عُصورْ وأعودُ أمنحُها النشورْ أنا أخلقُ الماضيْ البعيدْ من فتنةِ الأملِ الرغيدْ وأعودُ أدفنُهُ أنا لأصوغَ لي أمساً جديدْ غَدُهُ جليد والذاتُ تسألُ مَنْ أنا أنا مثلها حيرَى أحدّقُ في الظلام لا شيءَ يمنحُني السلامْ أبقى أسائلُ والجوابْ سيظَلّ يحجُبُه سرابْ وأظلّ أحسبُهُ دَنَا فإذا وصلتُ إليه ذابْ وخبا وغابْ
-نازك الملائكة
اِلـهي قَصُرَتِ الاَْلْسُنُ عَنْ بُلُوغِ ثَنائِكَ كَما يَليقُ بِجَلالِكَ، وَعَجَزَتِ الْعُقُولُ عَنْ اِدْراكِ كُنْهِ جَمالِكَ، وَانْحَسَرَتِ الاَْبْصارُ دُونَ النَّظَرِ اِلى سُبُحاتِ وَجْهِكَ، وَلَمْ تَجْعَلْ لِلْخَلْقِ طَريقاً اِلى مَعْرِفَتِكَ اِلاّ بِالْعَجْزِ عَنْ مَعْرِفَتِكَ، اِلـهي فَاجْعَلْنا مِنَ الَّذينَ تَرَسَّخَتْ اَشْجارُ الشَّوْقِ اِلَيْكَ في حَدائِقِ صُدُورِهِمْ، وَاَخَذَتْ لَوْعَةُ مَحَبَّتِكَ بِمَجامِعِ قُلُوبِهِمْ، فَهُمْ اِلى اَوْكارِ الاَْفْكارِ يَأْوُونَ، وَفي رِياضِ الْقُرْبِ وَالْمُكاشَفَةِ يَرْتَعُونَ، وَمِنْ حِياضِ الَْمحَبَّةِ بِكَاْسِ الْمُلاطَفَةِ يَكْرَعُونَ، وَشَرايِـعَ الْمُصافاتِ يَرِدُونَ، قَدْ كُشِفَ الْغِطاءُ عَنْ اَبْصارِهِمْ، وَانْجَلَتْ ظُلْمَةُ الرَّيْبِ عَنْ عَقائِدِهِمْ وَضَمائِرِهِمْ، وَانْتَفَتْ مُخالَجَةُ الشَّكِّ عَنْ قُلُوبِهِمْ وَسَرائِرِهِمْ، وَانْشَرَحَتْ بِتَحْقيقِ الْمَعْرِفَةِ صُدُورُهُمْ..
المناجاة الثّانيَة عَشرة : « مُناجاة العارفين »
المناجاة الثّانيَة عَشرة : « مُناجاة العارفين »
وَلَمْ تَجْعَلْ لِلْخَلْقِ طَريقاً اِلى مَعْرِفَتِكَ اِلاّ بِالْعَجْزِ عَنْ مَعْرِفَتِكَ
(رحيل)
لمس باب البيتِ وخرج
تاركًا على القِفل بعض أنفاسهِ
رآهُما ينظران إليه:
القفلُ الذي كان يحبسُ
وراءه عُوَاءَ الليل
والبابُ الذي كان الصباحُ
يطلعُ من شقوقه،
رآهُما يتحلَّلان ويعودان
يباسًا على الطريق وكتلةً صدِئَة
ورأى الحيطان ترجعُ إلى الجبال
أحجارًا وحيدةً وحزينة
والمَحدلةَ على السطحِ تعودُ
صخرةً في غابةٍ بعيدة
والسقف الذي يدمعُ
دمعتين في الشتاءِ
يهطلُ مثل جُرفٍ يائس.
لمس باب البيتِ ورحلَ
تاركًا زهرةً في فتحة القفل
وفوق السطح غيمةً
من نظراته رغبةٍ دهسها الوقت
• وديع سعادة
لمس باب البيتِ وخرج
تاركًا على القِفل بعض أنفاسهِ
رآهُما ينظران إليه:
القفلُ الذي كان يحبسُ
وراءه عُوَاءَ الليل
والبابُ الذي كان الصباحُ
يطلعُ من شقوقه،
رآهُما يتحلَّلان ويعودان
يباسًا على الطريق وكتلةً صدِئَة
ورأى الحيطان ترجعُ إلى الجبال
أحجارًا وحيدةً وحزينة
والمَحدلةَ على السطحِ تعودُ
صخرةً في غابةٍ بعيدة
والسقف الذي يدمعُ
دمعتين في الشتاءِ
يهطلُ مثل جُرفٍ يائس.
لمس باب البيتِ ورحلَ
تاركًا زهرةً في فتحة القفل
وفوق السطح غيمةً
من نظراته رغبةٍ دهسها الوقت
• وديع سعادة
الذين يصمتون يرتفعون عن الأرض قليلاً، لا تعود أقدامهم وأجسادهم ملتصقة بها. الذين يصمتون ينسحبون من جمهرة الأرض كي يحتفوا بذاتهم. كأنَّ الاحتفاء بالذات لا يتمُّ إلا بالعزلة. كأنَّ الاحتفاء بالحياة لا يكون إلا بالصمت.
ألا يمكن الواحد أن يحتفي بذاته مع الآخرين؟ إنه احتفاء فرديّ، بلا شريك، هذا الذي تقف فيه الذات أمام نفسها وتغنّي. تختلي بروعتها، بخوائها، وتنتشي. يخرج من صمتها النشيد الجميل النادر، البدئيّ، السريّ، النقيّ. النشيد الذي لا يقول شيئًا، لا تراوغه الكلمات، لا يحكي ولا يُسمع.
الذات تحتفي بغيابها عن الآخر. الذات تحتفي بالغياب.
هل هو الاختفاء إذن ما يُطرب له؟ هل هو الخواء ما تقام له الاحتفالات؟
هل الاحتفاء هو الاختفاء؟
وديع سعادة،غبار
ألا يمكن الواحد أن يحتفي بذاته مع الآخرين؟ إنه احتفاء فرديّ، بلا شريك، هذا الذي تقف فيه الذات أمام نفسها وتغنّي. تختلي بروعتها، بخوائها، وتنتشي. يخرج من صمتها النشيد الجميل النادر، البدئيّ، السريّ، النقيّ. النشيد الذي لا يقول شيئًا، لا تراوغه الكلمات، لا يحكي ولا يُسمع.
الذات تحتفي بغيابها عن الآخر. الذات تحتفي بالغياب.
هل هو الاختفاء إذن ما يُطرب له؟ هل هو الخواء ما تقام له الاحتفالات؟
هل الاحتفاء هو الاختفاء؟
وديع سعادة،غبار