وأخطر وما في الذنب أن صاحبه مستدرج وهو لا يشعر، ويُغلَق دونه أبواب كثيرة من الخير وهو لا يشعر.
ماذا لو كنت آخر القادمين؟! ماذا لو أُغلِق دونك باب الرجوع؟! ماذا لو كنت طُرِدتَ؟! أوتنفع حينئذ الدموع؟!
لو لاحظت إرادة نفسك فإنك ستجد أنها مثل الطفل في أوان الفطام، يريد أن يأكل صباحاً ومساءاً وما بينهما، وطعامه الرضاع الذي لا يكاد يشبع منه، فلو أطعمته صباحاً طلب الزيادة ظهيرةً، ولو أطعمته ظهيرةً طلب الزيادة عصراً، ولو اتبعته ستجد أنك لن تُشبِعه، والخير في الفطام، ولا يكون إلا بتصبيره على الجوع، وعلي غيره من أنواع الأطعمة الحسنة، فإنه بها يتقوى على الفطام، ويقوي عوده بالأغذية المفيدة، فالرضاع هو الهوى واللذة الفانية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وفطامه حبس النفس عن الهوي، وغذاؤه النافع الصالحات والقربات، فإذا أدركت هذا بادرت بفطام نفسك عن الهوى، وحينها يشتد العود، وبهذا تبتعد عن الذنوب.
تسمع: المتقين؛ الصالحين؛ المحسنين؛ الذين يخشون ربهم بالغيب؛ نهي النفس عن الهوى؛ خاف مقام ربه؛ فمالك لا ترجو لله وقاراً؟!
لو أنك تلاحظ سرعة زوال لذة الذنب، فقط لو تلاحظ.
وإذا تأملت علمت أن عمرك في عمر الدنيا كنقطة في بحر، وعمر الدنيا هو كذلك نقطة في بحر، فأين لحظات الذنب في نقطة بحر عمرك في نقطة بحر عمر الدنيا؟! ولحظات تكاد لا تذكر تخسر بها نعيماً دائماً، فما أحقر ما فعلت!
وإذا تأملت علمت أن عمرك في عمر الدنيا كنقطة في بحر، وعمر الدنيا هو كذلك نقطة في بحر، فأين لحظات الذنب في نقطة بحر عمرك في نقطة بحر عمر الدنيا؟! ولحظات تكاد لا تذكر تخسر بها نعيماً دائماً، فما أحقر ما فعلت!
والمؤمن لا يلبي لنفسه شهوة ولا هوي، وإنما يعامل نفسه كالأسيرة، ويعلم أنه لا بد لها من سجن، ويعلم أن وقت الحرية يوم القيامة بعد دخوله الجنة حيث تتحرر النفس وتنطلق إلي سعة من التنعم لا ينقطع، فهو في الدنيا سجين محبوس عن الراحة والتلذذ، وفي الآخرة يلقى جزاء مجاهدته وإخلاصه لله أجراً كبيراً، وما هي إلا رحلة قصيرة وتنقضي أفلا تكون صبوراً!
فنادي النفس وقل لها
إنما هو عمر قليل وانتهي
فطوبي لك إن جاهدتها
وليس جاد كمن لهي
فنادي النفس وقل لها
إنما هو عمر قليل وانتهي
فطوبي لك إن جاهدتها
وليس جاد كمن لهي
وبينما أنت متردد بين اتباع هواك أو لا، سبقك المجتهدون في طلب درجات النعيم والعلا، أوتظن أن الناس كلهم يرضون بالشهوات! كلا بل إن من العباد من لا يقنع إلا بأعالي الدرجات، وأنت مسكين لا مع الطامعين في الجنة لك رغبة، ولا مع الخائفين من النار لك رهبة، عجيب أمرك! ترفض الخيرات، وأغلقت عنك أبواب المسرات، ثم تتدعي أنك سعيد، أنَّي السعادة لمن هو عن الله بعيد؟! ألا فخذ بحبل النجاة ولا تتركه، وجانب هوي النفس واهجره، فلا أحسن ممن جاهد وصبر واتقي، واغتنم عمره ما بقي.
فقط تذكر، إنك إن اخترت أن تعصي الله مرة فستعصيه مرات، وأنت تحدث نفسك في كل مرة بأنها الأخيرة، وفي الحقيقة أنت لا تنتهي، والذنب يجر لذنب آخر، أنت تحاول إرضاء هواك بلذة، لكن في الحقيقة أنت تهدي لقلبك حسرة تزيد مرة بعد مرة، وقد تصل لعماية القلب، ثم لا تستفيق إلا وقد أظلم عليك الطريق فتقطع عن الله، ويستولي عليك الشيطان فتصبح من اليائيسين، وتبتعد عن الطاعة، وتحدث نفسك بالشتات والتناقض، فتمشي ضد نفسك، وبذلك ينال منك الشيطان، فاسمَعْ أعزك الله، لو أنك حدثت نفسك بمآلات الذنوب ربما كان هذا أدعي لك على تركها، ثم إنك تحاول إيجاد لذة، وإنك لن تجدها في غير التقوى، فالتقى هو السعيد، لا تحرم نفسك طاعات وعبادات جميلة وحياة كريمة من أجل لا شيء، أقول لك إن السعادة حق السعادة أن تجاهد في ترك الذنوب، هذه رحلتك وهذه قصتك فاملأها بما تحب من السيرة العطرة، وهل أنبل من هذا الهدف! أن تحقق التقوى والإيمان فتكون من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
لك ذنوب هنا وهناك شتى لا تحصيها
تعمل عاصياً في نهار أيامك ولياليها
ألا يكفي ما كان بماضي الأيام وضواحيها
ألا إنك حي على الأرض للطاعة لا لتعصي فيها
وإنك مهما خبأت أعمالك فالله يحصيها
ثم إن لك ذنوباً إن عشت مثل عمرك ما وفيت استغفارها، ثم إنك في كل يوم لا تسلم من عيب وخطأ في هذا الزمان، فذنوب تعلمها وذنوب لا تعلمها، وكل هذا فوق ظهرك، وأين توبتك واستغفارك فيما كان منك؟ وأين شكرك على ما أكرمك الله به من النعم الكثيرة؟ وأين طاعتك إذا كنت ضيعت عمرك في المعاصي -يا قليل الزاد- فماذا تبقى لكي تتزود؟ وهذه الحياة قد انتهت، ما صبرت على طاعة، وما حبست نفسك عن معصية، وعشت تهاجم الأقدار بالتسخط، فيالك من مسكين! يالك من مسكين! ما حققت خشية ولا تقوى، وأنت على حمل الذنوب لا تقوى، فكيف تتجرأ على ما لا طاقة لك به؟ ما أوحش الطريق على من خالف أمر ربه.
فينبغي أن تكون لله عبداً منيباً، كثير الرجوع إليه، معترفاً بظلمك لنفسك، مدركاً أن افتقارك إليه وحده، مدركاً شدة حاجتك للمغفرة، كن كثير التوبة.
لك ذنوب هنا وهناك شتى لا تحصيها
تعمل عاصياً في نهار أيامك ولياليها
ألا يكفي ما كان بماضي الأيام وضواحيها
ألا إنك حي على الأرض للطاعة لا لتعصي فيها
وإنك مهما خبأت أعمالك فالله يحصيها
ثم إن لك ذنوباً إن عشت مثل عمرك ما وفيت استغفارها، ثم إنك في كل يوم لا تسلم من عيب وخطأ في هذا الزمان، فذنوب تعلمها وذنوب لا تعلمها، وكل هذا فوق ظهرك، وأين توبتك واستغفارك فيما كان منك؟ وأين شكرك على ما أكرمك الله به من النعم الكثيرة؟ وأين طاعتك إذا كنت ضيعت عمرك في المعاصي -يا قليل الزاد- فماذا تبقى لكي تتزود؟ وهذه الحياة قد انتهت، ما صبرت على طاعة، وما حبست نفسك عن معصية، وعشت تهاجم الأقدار بالتسخط، فيالك من مسكين! يالك من مسكين! ما حققت خشية ولا تقوى، وأنت على حمل الذنوب لا تقوى، فكيف تتجرأ على ما لا طاقة لك به؟ ما أوحش الطريق على من خالف أمر ربه.
فينبغي أن تكون لله عبداً منيباً، كثير الرجوع إليه، معترفاً بظلمك لنفسك، مدركاً أن افتقارك إليه وحده، مدركاً شدة حاجتك للمغفرة، كن كثير التوبة.