#خواطر_جيل_كامل


الفصل الثامن: الإضافة المستحيلة

اقتباس : رواية البؤساء للكاتب فيكتور هوغو

بقلم الرصاص
#El_hazem


سأكون يومًا ما قويًا...
لن اقف و انتظر كما أفعل دائما والأن
سأكون يومٱ ما صبورا .. لن اثور في حين لحظة و أبتعد كما أفعل دائما و ما ذلت مختبئٱ حتى الأن ....

لكن أي قوة أبحث عنها؟ أهي القوة التي تهزم الآخرين أم القوة التي تهزم ذاتي؟ سأكون يومًا ما صبورًا... لكن أي صبر أحتاج؟ أهو الصبر الذي يتحمل الألم بصمت، أم الصبر الذي يرى في الألم معنى؟

ما زلت مختبئًا حتى الآن، لا خوفًا من العالم، بل خوفًا من الانكشاف أمام نفسي. كل لحظة أراقب فيها صمتي تتسع داخلي هوة تسألني: ماذا لو كان المستحيل ذاته وهمًا؟ ماذا لو كانت تلك "الإضافة المستحيلة" هي انعكاس لعجزنا عن مواجهة الحقيقة؟

قرأت حديثًا البؤساء للكاتب فيكتور هوغو، ولم أستطع إلا أن أقف طويلًا أمام شخصية جان فالجان. رجل محاصر بسجنه الداخلي قبل القضبان الخارجية. قوته لم تكن في هروبه، بل في إعادة تشكيله لنفسه رغم أنف الظلام. تساءلت: هل نحن قادرون على هذه الإضافة التي تجعل الإنسان أكبر من ألمه، أكبر من فشله، وأكبر حتى من أحلامه؟

"لا شيء أفضل من الحلم لإنشاء المستقبل"، . لكن ماذا إن كانت الأحلام نفسها قيودًا جديدة؟ ماذا لو كنا أسرى رؤى ضيقة نرسمها لأنفسنا ونقف عاجزين أمام اتساع الواقع؟ هل الحلم هو المفتاح حقًا، أم أن تجاوز الحلم هو السبيل إلى التحرر؟

الإضافة المستحيلة ليست شيئًا نملكه أو نكتسبه، بل هي فكرة تتجاوزنا، تدفعنا للخروج من حدودنا الضيقة لنرى العالم بحقيقته العارية. فالجان أدرك أن خلاصه لا يكمن في الهرب، بل في أن يصبح سببًا لخلاص الآخرين. ربما هذا هو لب "الإضافة": أن تصنع شيئًا يربط وجودك بالعالم، أن تجعل معاناتك جسرًا يعبر عليه من يأتون بعدك.

أحيانًا أفكر: هل يمكن للإنسان أن يكون أكثر من مجرد لحظة عابرة في زمن لا يرحم؟ أن يكون صدىً لحقيقة أعمق من ذاته، كما كان فالجان؟ أم أننا، كما كتب هوغو: "نقف جميعًا في الظلام، لكن البعض فقط يختار أن يشعل شمعة."

كل يوم أعيد طرح السؤال: ما معنى أن تضيف إلى حياتك وحياة الآخرين؟ أهو تجاوز المستحيل، أم قبول المستحيل كجزء من الطريق؟ ما معنى أن تكون قويًا وصبورًا في عالم ينهار من حولك؟

ربما الإضافة المستحيلة ليست في الأشياء العظيمة التي ننجزها، بل في التحولات الصغيرة التي نحدثها داخل أنفسنا. أن نرى في سقوطنا بداية جديدة، وفي ألمنا طريقًا نحو العمق، وفي عزلتنا مساحة للتأمل.

في نهاية الرواية، قال هوغو: "الحياة أمل مستمر، أما الموت فهو اليأس الوحيد." لعل الإضافة الحقيقية هي أن نبقى أحياء بكل ما في الكلمة من معنى. أن نواجه المستحيل لا لهزيمته، بل لنعلم أنفسنا أن المستحيل هو مرآة الشجاعة.