Telegram Web
ساهرتُك البارِحة وأنتَ أعلم بي من نفسي رأيتني كيفَ أضربُ رأسي على جدار الندامة والحسرة، صاحبني الهمّ وصاحبته وأنا يخيّل لي أنّ لكَ خواصاً وأبدالاً يحاوطوك تكلّمهم فيعرفوك .. وأنا البعيد كل البعد .. هذا البعد يقتلني مرات ومرات .. تعبتُ مني وانا أحتسب الوصول إليك لألبي لك حاجاتك وأنا الذي أعلم أنّك الذي لا تحتاجني ولكنني أكررها عليّ بأصرار أن اخدمك وإن لم تكن تحتاجني .. ساهرتُكَ وأنا أضرب بكفي على جبهتي والخجل يملئني حتّى صرتُ أراني بين يديه في برزخ النّور .. حاولت الفرار مني بأن أغلق عيناي كي لا يرى سوءي ولكنني تجرّأت وقلت ليسَ عندي سِوى حبّه ..
وساهرتُكَ والجمرات مشتعلات ووجهي يحترق بنار أدمعي وروحي تعالج سكرات موتها وأنا لعلّي أدرك ليلة القدر لهذا العام من دون التنعّم بوجودك ورؤية سماحة وجهك .. فألمّ بنفسي من الوجد ما لم أستطع معه صبراً .. ولا أستطيع صبراً على أن اراني أدعو في ليلة القدر على تعجيل فرجك لهذه السنة أيضاً ولا أستطيع صبراً على بعدي الكبير عن حضرتك وخدمتك ، بسؤالي عنك بأين وكيف ومتى .. لا علم لي بشيء عنك وأنا أعلم أن دليل العاشق قلبه .. ولكن لم يدلّني عليكَ قلبي.. ساهرتك لأخدمك .. يا صاحب ليلة القدر ..
لا عيش لي هُنا، الفانية هذه ضيّقة جداً لا تسع ولو شعور واحد من كتلة النّار الوقّادة المشتعلة فيّ ..
خُذني .. بقايا متهالكة ..
سلامٌ هي حتى مطلع الفجر

يقول السيد الوالد (اية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي):

قُبيل شهر رمضان الفضيل من عام 1415، راجعني خطيبٌ من خطباء كربلاء المعروفين وهو (الشيخ ضياء الدين الزبيدي) وقال لي فيما قال أن الله سبحانه قد غضب على اهل (طهران) لكثرة انتشار الذنوب فيهم، وسيُنزل عليهم عذاباً من عنده، وحين سُئل عن مصدر هذا الكلام، فأجاب: بلغني ذلك من وليٍّ من أولياء الله.. ولم يزد على ذلك.

و لأن سماحة الشيخ رجلٌ حصيف، لا ينقل كلاماً جُزافاً، لم انفِ الكلام او اردَّه ؛ولكنه ولأنه لم يُقدِّم قرينةً على الادعاء، فلم اقبل به ايضا.. بل عملتُ بقاعدة: اذا اتاك شيئاً فاحمله على محمل الإمكان.

فتركتُ الامر حتى جاءت قرينةٌ خارجية تصدق كلام الشيخ.. وذلك حين تواصل معي بعد ايام مسؤول الرصد الزلزالي في العاصمة وانبأني انهم يتوقعون زلزالاً مدمراً يضرب العاصمة في قادم الأيام ، ولذا فهم بدءوا بتجهيز مخيمات الإغاثة لنقل السكان اليها حال وقوعها.

يقول السيد الوالد: هنا ولعلمي ان صاحبي الخبرين غير مرتبطين ببعضهما، فالأول خطيبٌ حسيني كربلائي والآخر عالمٌ في علم الزلازل واستاذ جامعي.. لذلك ربطتُ بينهما، وكان ذلك سبب التصديق.

لكن مضى شهرُ رمضان كلُّه ولم يحدث شيء. فجاءني سماحة الشيخ مستبشراً وانبأني بأن الله سبحانه قد رفع العذاب عن اهل هذا البلد. وحين سألتُه عن السبب قال: استجابة لدعوات اهله و استغفارهم في ليالي القدر.

يضيف السيد المرجع: في ذلك العام كان شهر رمضان يُصادف صبّارة القر، أي (عزّ البرد) كما يسميه اهلُ العراق.. ومن العادات الحسنة للشيعة في ايران، بأنهم يهتمون كثيراً باحياء ليالي القدر- ربما اكثر من غيرهم-، فحتى من كان منهم قليل الالتزام دينياً، الا انه يحيي الليلة بالدعاء والتضرع والاستغفار.

ففي تلك السنة بالتحديد، صادف ليلة القدر الثالثة نزول ثلوجٍ كثيفة، ولكن لم يمنع ذلك الناس من أن يفترشوا الأرصفة والشوارع تحت تساقط الثلوج، اذ كان الرجل و زوجته و اطفاله في تلك الساعات الباردة يجلسون على الأرض وقد نشروا المصاحف على رؤوسهم و مدوا أيديهم الى السماء وهم ينادون بصوتٍ واحد (بِكَ يا الله .. بِكَ يا الله.. بمحمدٍ .. بعليٍ..)

فكان ذلك كافياً لكي يُبعد الله عنهم سبحانه العذاب الذي كان سيأتيهم كنتيجة طبيعية لذنوبهم. فاذا كان قوم يونس رفع اللهُ عنهم عذاب الاستئصال بتضرعهم فكيف بالأمة المرحومة؟! بل كيف بالموالين لمحمد وآل محمد عليهم السلام؟ اليس الله سبحانه وتعالى يقول: (وما كان اللهُ مُعَذِّبَهُم وانتَ فيهم، وما كان اللهُ معذِّبَهم وهم يستغفرون) فكيف بمن جمع بين الاستغفار وبين حب ال رسول الله؟

..

وبعد ايامٍ قليلة فقط، أي في الحادي عشر من شهر شوال.. ضرب زلزال مدمر مدينة (تخار) وراح ضحيتها الالاف ، فاتصل بي بعد مسؤول الرصد الزلزالي واخبرني بأن الزلزال هذا هو ما كنا نتوقعه لنا، فالمدينتان مع بُعدهما عن بعضهما الا انهما يقعان على خطٍ زلزاليٍ واحد.

اقول: هذه الليالي هي ليالي القدر الفضيلة، فلابد ان نُكثر من الدعاء حتى يرفع الله عنهم عقوباته ويدفع عنا كل سوء وبلاء. فـ(الدعاء يردُّ القضاء وقد اُبرِمَ ابراما)
في وقت زوال الشمس قُدّر لهم في يوم القدر أن تزهق أرواحهم إلى معبودهم الأوحد .. أتقى الأتقياء من مواليكَ يا عليّ .. يُقتلون على يد أشقى الأشقياء ، رُفعت صحف أعمالهم مع صلاة الفجر سُجّلَ فيها أن يواسوا صاحب الزّمان اليوم سوقاً .. نعم هُم سيقوا بالشهادة إلى المنزلة الأسمى وذهبوا حيث عليّ ليقيموا العزاء في البرزخ .. قُدّر أن يرى صاحب الزمان صحف المقدّرات ويُفجع بشيعته ويفرح لآخرين.. نعم الذي يهوّن عليه أنه يرى الأقوياء منهم يتحمّلون كل هذه البلايا العظيمة التي تحلّ عليهم .. وبقلبٍ مُسلّم ،بصدق الشعور يرددون إنا لله وإنا إليه راجعون.. لا حول ولا قوّة إلا بالله ..
هكذا نحن شيعتك يا عليّ فوزنا في الدّنيا أن نموت بالشّهادة بأشد الظلم بشيء يشبه قليلاً او كثيراً الظُلم الذي وقع عليك في الليلة التي فُسخت فيه هامتك المقدّسة،
يا عليّ تقبّل منا هذا القربان .. وآجركَ الله يا بقيّة عليّ ..

_تفجير دا عش لمصلين في مسجد سه دكان في افغانستان ..
أنا واقعاً رأيت وسمعت ايضاً الضجيج يتعالى الجميع سواسية كلها تبكي .. لا يوجد جيد وسيئ الكل يبكي دون استثناء .. وربما الأغلب الذي ليسَ من اهل الليل وقيامه تعوّد أنّ بكائه يكون في حال ذكر مصيبة ونعي ولطم وهذا جيد ولكن التكامل الحقيقي هنا في ليالي القدر البكاء الصادق لذات الله تعالى الجميع يشعر حقاً ان هو بين يدي الله .. بكل صدقه يشعر انه يغرق ويسأل الغوث.. بكل ما لديه من صدق الفطرة يرى أنه يتوب حقاً .. هذا لا يحدث إلا في السنة ثلاث مرات وربما مرة ولعله مرة واحدة في عمره .. من يدري لعله لا يدرك ليلة القدر في السنة القادمة.. لِذا أدعوكم أن لا تفوتوا ليلة القدر الأخيرة ففيها يفرّق كل أمرٍ حكيم .. من فاته الليلتين الماضيتين فهناك فرصة أخيرة ومصيرية، ليلة هي خيرٌ من ألفِ شهر ! ليلة فيها من الأسرار ما لا تدركها القلوب والأبصار ، هنيئاً لِمن أحياها واهدى اعماله لصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه
يعني فقط ركّز في هذا الإسم وألتفت وتوجّه ولو عندما تقول " يا الله " تخيل فقط ! .. إنك تنادي بأسمه الأعظم الأقدس " الله " .
فرق كبير بين صنفين من الناس :
منهم يسعى في الدنيا وهدفه أن يحصل على مال ويشتري أفضل سيارة وافخم بيت، ومنهم يسعى في العبادة والعلم والعمل لأجل أن يصل لأعلى مدارج الكمال، وكذا لأجل أن يلقى الله بوجه ابيض، في نظر الأغلب الأعم أن الأول له مقبوليه لديهم أكثر من الثاني، لأجل مصالحهم الدنيوية طبعاً ..وهنيئاً للآخر الذي لا يعتري قلبه أدنى لهفة لتحصيل الفاني واستبداله بالباقي .
بلاءنا عظيم .. نحن محرومين من زيارة وليّ العصر بقية الله الأعظم عجل الله تعالى فرجه ..
ايامي كلها ليالي فاطمية حتى لو كان ظاهرها فرح وبهجة ..
ولولا الأجل الذي كتب لهم لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقاً إلى الثواب، وخوفاً من العقاب.

_من صفات المتقين
قابَ روحَين أو أدنىٰ
مكظوماً غيظه.
أما الليل فصافون أقدامهم تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلاً.يحزنون به أنفسهم ويستثيرون به دواء دائهم.فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا،وتطلعت نفوسهم إليها شوقا،وظنوا أنها نصب أعينهم.وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها في أصول آذانهم فهم حانون على أوساطهم مفترشون لجبابهم، وأكفهم وركبهم وأطراف أقدامهم، يطلبون إلى الله تعالى في فكاك رقابهم.
[وأُحذّركم أهلَ النّفاق فإنهم الظالون المُظلّون، والزّالون المزلّون، يتقارضون الثناء وتراقبون الجزاء… ]

*الزالون من زلّ أي أخطأ.

الإمام عليّ صلوات الله تعالى عليه يحذّرنا عباد الله من المنافقين ويذكر لنا صفاتهم الذليلة .. التي نحن نتصف بكثير منها، ومنها الزلل والخطأ والكثير من الصفات الذميمة والحقيرة فما أسوء الأنسان الذي يسعى لله تعالى وهو يرى حاله تعيسٌ في عين نفسه كثير من صفات السوء تطابقه، فالويلُ لنا نحن العاصين المنافقين ثمّ الويلُ لنا، حزونة الدنيا ومرارتها في أن يزلّ الإنسان ويخطأ، فالنسأل الله تعالى أن لا يكلّنا إلى أنفسنا فإن أكلّنا إلى انفسنا فنهايتنا الهلاك ! .

يا ربّ عليّ !.
لو إنّ الروح صافية حقاً، ما كان سمحت أن تفتعل المشكلات، كل هذا يدعو الإنسان ان يتفكر في نفسه جيداً، بالذات في حبه وحقّانيته، أو ربما في نفاقه ولو مع ذاته ايضاً ..
الغيبة : أن تأكل لحم إنسان ويتجلّى عِفن لحمه الذّي تكوّنَ في بدنك على
" قلبكَ ووجهك "..
وبهذا تفقد بصيرة الشعور بوجود نور الله المتجلّي في وجود حضرة بقيّة الله الأعظم وتفقد العين بصرها عن رؤية سماحة وجهه المقدّس الذي برؤيته ينبت في القلب الإيمان الحقّ ولو كانَ أمامكَ وهذا هو الخسران العظيم…
لو ننظر من جانب مضيء نرى أنّ الجمال ايضاً له حضور في إنّ الإنسان يسعى أن يتجرّد من الحيوانيّة التي تلبّسَ فيها بشيء أو بأشياء بفعل مغريات هذه الدنيا إلى أصل فطرته الطاهرة النّقيّة التي فطره الله عليها وعزّه بها، نعم هذا أمرٌ جيّد أن تتراوح روح الإنسان بين جلد النفس وتأنيب الضمير والسعي الحثيث وبين النظر إلى جماليات رحمة الله الكائنة في أصل فطرته، فيكون بهذا هو الإعتدال بعينه أي يكون بين الخوف والرّجاء لا إلى هذا فقط ولا إلى ذلك فقط " بينَ بين " .
عندما أبقى أجوب في ذات نفسي عن مصدر الإلهام الإلهي في من وكيف يتجلى؟، وما أرى غير " القرآن الكريم " إنه أكبر مصدر لإلهام الرّوح وتربيتها وتهذيبها وكذلك تنبيهها، !
ثُمّ قد فارقنا عِندَ تمامِ وقته، وانقطاع مُدّته، ووفاءِ عددهِ، فنحن مودّعوه وداع من عزّ فراقه علينا، وغمّنا وأوحشنا انصرافه عنّا…


_من دعاء الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) في وداع شهر رمضان..
حقيقة الجزع عندما يكون الواحد منّا مذنب ومقصّر وبعيد عن ساحة قدسه تعالى ،
"فوا سوأتاه على ما احصى كتابك من عملي"
"أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ اَلْمَرْءَ قَدْ يَسُرُّهُ دَرْكُ مَا لَمْ يَكُنْ لِيَفُوتَهُ، وَيَسُوؤُهُ فَوْتُ مَا لَمْ يَكُنْ لِيُدْرِكَهُ، فَلْيَكُنْ سُرُورُكَ بِمَا نِلْتَ مِنْ آخِرَتِكَ، وَلْيَكُنْ أَسَفُكَ عَلَىٰ مَا فَاتَكَ مِنْهَا، وَمَا نِلْتَ مِنْ دُنْيَاكَ فَلاَ تُكْثِرْ بِهِ فَرَحًا، وَمَا فَاتَكَ مِنْهَا فَلاَ تَأْسَ عَلَيْهِ جَزَعًا، وَلْيَكُنْ هَمُّكَ فِيمَا بَعْدَ اَلْمَوْتِ"💛.

•مِنْ كتابٍ لأمير المؤمنين صلوات الله عليه
إلىٰ عبدالله بن العبّاس رحمه الله تعالىٰ.
2024/10/03 19:25:27
Back to Top
HTML Embed Code: