مُبارك عليكم الشّهر الفضِيل، أعاده الله علَينا سنيناً عديدة، وجعلنا الله مِن صُوّامه وقوامه، ورزقنا رحمةً فِي أوّله، مغفرةً في أوسطه، وعتقٌ من النار في آخره .
أُعانِي من الجَهل، ذاك الجهل الجزئيّ، أجهلُ كيفَ أكتب وكيف أبتسِم، كيف أكون جيّدًا كما ينبغي، أجهل كيفية التكلُّم حين يتوجب عليّ الكَلام، وكيفَ أكونُ حاضرًا في الأوانِ ذاته، دونَ أن أسبقه أو أتأخّر عنْه.
أتَعرِف؟ كُل الأشياء التِي نُريدها تريدنا أيضًا، كُل ما نتمناه يتمنّانا، كُل ما نحْلم بهِ يحلم بنا، إننا نتجاذبُ إلىٰ مانُريد، إلىٰ أن يَصِل إلَينا.
الحقِيقة التي يجبُ أن تُدرِكها لتنضج، أنه ليس منَ الضّروري أن يَتصل بِك أصدقاؤك كل يومٍ كي لا تكون وحيدًا، وأنه ليس مايُخجل في أن تتناول طعامكَ وحيدًا، وأنه لا بأس أن تقومَ بنشر بعض تفاصِيلكَ اليوميّة ولا تُلاقي اهتمامًا، وأن السقوط في الطريقِ ليس فيه مايُخجِل، وأنّ الذين أفلتوا يدك يومًا ما، لم يكونوا بالسِّحر الذي تظنُه، وأنهم باهِتون جدًا.
ستنضجُ عندما تكفّ عن رِثاء نفسك، وعندما تكُفّ عن التباكِي، وعن إخبار نفسك كم هُم سيئون، وكم أنت رائع.
أيُّها البعيد عَني، البعيدُ كثيرًا، كشيءٍ لا يُرىٰ، والقريبُ مني، القريب جدًا، كملمسِ يدي، أيُّها العالِق في مُنتصِف الطريق، بيني وبين الأشياء، لا أنت ترحَل فأنساك، ولا أنتَ تأتي فأجِدك.