Telegram Web
عَشرٌ تَجَلَّت وَالزَّمَانُ تَعَطَّرَا
وَالكَونُ جَلجَلَ بالأذَانِ وَكبَّرَا

وَالنَّفسُ تَاقَت لِلصَّلَاحِ وَلِلتُّقَىٰ
فِي العَشرِ إنَّ الخَيرِ هلَّ وَأمطَرَا
فقدته فاضلا فاضت مآثره
العلم والأدب المأثور والورع

لم يألُ ما عاش جدا في تقاه يرى
إن الحريص على دنياه منخدع

صام النهار وقام الليل وهو شجٍ
من خشية الله كابي اللون ممتقع

من المروءة في علياء متسع
صدرا وإن لم يكن في المال متسع

وإن ممّا قراني حسرة وأسى
وضاقني الكرب من جرّاه والوجع

أن عاقني شحط دار عن تفقّده
حتى مضى وهو عن ذكراي ملتذع

يا حسرتا إنني لم أروِ غلّته
وغلّتي بزمان فيه نجتمع

قد كنت أشكو فراقاً قبل منقطعاً
وكيف لي بعده بالعيش منقطع

الزمخشري يرثي أباه
حُمقاً شَكَوتُ لغيرِ اللهِ أوجاعي
فلمْ تُلامسْ لديهمْ غيرَ أسماعِ

وحينَ بُحْتُ بها للهِ في ثقةٍ
لمسْتُ راحةَ قلبي بينَ أضلاعي
كان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كثيرا ما ينشد شعر عبد الله بن عبد الأعلى الشيباني :

تجهزي بجهاز تبلغين به
يا نفس قبل الردى لم تخلقي عبثا

وسابقي بغتة الآجال وانكمشي
قبل اللزام فلا منجى ولا غوثا

ولا تُكدي لمن يبقى وتفتقري
إن الردى وارث الباقي وما ورثا

واخشي حوادث صرف الدهر في مهل
واستيقني لا تكوني كالذي انتجثا

عن مُدية كان فيها قطعُ مدّته
فوافق الحرث موفوراً كما حرثا

لا تأمني فَجعَ دهر مورط خَبل
قد استوى عنده ماطابَ أو خَبُثا

يا رُبَّ ذي أمل فيه على وَجل
أضحى به آمناً أمسى وقد جُئثا

من كان حين تُصيبُ الشمس جبهتَه
أو الغبارُ يخاف الشَّينَ والشَّعَثا

ويألَفُ الظل كي تبقى بشاشَتُهُ
فسوفَ يسكن يوماً راغما جَدَثا

في قعرِ موحشة غبراءَ مُقفِرة
يطيل تحت الثرى في رَمسِها اللِّبثا
أقولُ إذا ضاقَت عليَّ مَذاهبي
‏وحلَّت بِقَلبِي لِلهُمومِ نُدوبُ

‏لِطولِ جِناياتي وعُظْمِ خطيئتي :
‏هلكتُ، وما لي في المَتابِ نصيبُ

‏وأغرقُ في بحرِ المَخافةِ آيِسًا
‏وترجعُ نَفسي تارَةً فتَتُوبُ

‏تُذكِّرُني عفوَ الكريمِ عَنِ الوَرَى
‏فأحيا وأرجو عفوَهُ فأنيبُ

‏وأخضعُ في قولي، وأرغبُ سائلًا
‏عسى كاشفُ البَلوى عليَّ يتوبُ

أبو نواس
وإن يكن الرحمن ليس بساخطٍ
فلست بسخط العالمين أُبالي.
إني شكرت لظالمي ظلمي
وغفرتُ ذاك له على علمي

ورأيته أسدي إليَّ يدا
لمّا أبان بجهله حلمي

رجعت إساءته عليه وإحسـ
ـاني فعاد مضاعف الجُرم

وغدوتُ ذا أجْر ومحمدة
وغدا بكسب الظلم والإثم

فكأنما الإحسان كان له
وأنا المُسيء إليه في الحُكم

ما زال يظلمني وأرحمه
حتى بكيت له من الظلم

محمود الوراق
‏قَد يصرفُ المَرءُ عَن أحبابهِ نظرًا
والشَّوقُ يُوقـدُ في جَنبـيهِ نيرانـا

جَرى عَلينا قَضاءُ الله فَـاحترقَتْ
آمالـنَا وانطـوتْ أسـبـابُ لـقـيـانـَا

كـم مـن أمُـورٍ أردنـاهـَا ويمـنعُـنـا
منها القضَاءُ الذي يقضـِيهِ مَولانـا
كن أحمر العين إن المجد منتهبٌ
وكن فديتك مغضوباً ومرهوبا

لم ينفع الشاة في الدنيا سكينتها
والليث ما ضره أن ليس محبوبا
لا يَمتَطي المَجدَ مَن لَم يَركَبِ الخَطَرا
وَلا يَنالُ العُلى مَن قَدَّمَ الحَذَرا

وَمَن أَرادَ العُلى عَفواً بِلا تَعَبٍ
قَضى وَلَم يَقضِ مِن إِدراكِها وَطَرا

لا بُدَّ لِلشَهدِ مِن نَحلٍ يُمَنِّعُهُ
لا يَجتَني النَفعَ مَن لَم يَعمَلِ الضَرَرا

لا يُبلَغُ السُؤلُ إِلّا بَعدَ مُؤلَمَةٍ
وَلا يَتِمُّ المُنى إِلّا لِمَن صَبَرا

وَأَحزَمُ الناسِ مَن لَو ماتَ مِن ظَمَإٍ
لا يَقرَبُ الوِردَ حَتّى يَعرِفَ الصَدَرا

وَأَغزَرُ الناسِ عَقلاً مَن إِذا نَظَرَت
عَيناهُ أَمراً غَدا بِالغَيرِ مُعتَبِراً

فَقَد يُقالُ عِثارُ الرِجلِ إِن عَثَرَت
وَلا يُقالُ عِثارُ الرَأيِ إِن عَثَرا

مَن دَبَّرَ العَيشَ بِالآراءِ دامَ لَهُ
صَفواً وَجاءَ إِلَيهِ الخَطبُ مُعتَذِرا

يَهونُ بِالرَأيِ ما يَجري القَضاءُ بِهِ
مَن أَخطَأَ الرَأيَ لا يَستَذنِبُ القَدَرا

مَن فاتَهُ العِزُّ بِالأَقلامِ أَدرَكَهُ
بِالبَيضِ يَقدَحُ مِن أَعطافِها الشَرَرا

بِكُلِّ أَبيَضَ قَد أَجرى الفِرِندُ بِهِ
ماءَ الرَدى فَلَوِ اِستَقطَرتَهُ قَطَرا

خاضَ العَجاجَةَ عُرياناً فَما اِنقَشَعَت
حَتّى أَتى بِدَمِ الأَبطالِ مُؤتَزِرا

لا يَحسُنُ الحِلمُ إِلّا في مَواطِنِهِ
وَلا يَليقُ الوَفا إِلّا لِمَن شَكَرا

صفيّ الدين الحلّي
وَلَقَدْ مَرَرْتُ عَلى دِيَارِهِمُ
وطلولها بيد البلى نهب

فوقفت حتى ضج من لغب
نضوي ولج بعذلي الركب

وَتَلَفّتَتْ عَيني فَمُذْ خَفِيَتْ
عنها الطلول تلفت القلب

الشريف الرضي
أيها الساري إلى أين المسير ؟

لست تدري البدء هل تدري المصير ؟

كلُّنا يخطو إلى الموت فما

يدعُ الموتُ صغيراً أو كبير

ربَّ لاهٍ قد دَنَا من حتفِهِ

كيف يلهُو منْ إلى الموتِ يسير

إنما تلهُو بِنا آمالُنا

ثَّم يطويها ويطوينا الحفير
نَهارُكَ يا مَغْرُورُ سَهْوٌ وغَفْلَةٌ
ولَيْلُكَ نَوْمٌ والرَّدى لَكَ لازِمٌ

فَلا أنْتَ في الإيقاظِ يَقْظانُ حازِمٌ
ولا أنْتَ في النُّوّامِ ناجٍ فَسالِمُ

تُسَرُّ بِما يَفْنى وتَفْرَحُ بِالمُنَى
كَما سُرَّ بِاللَّذّاتِ في النَّوْمِ حالِمُ

وتَسْعى إلى ما سَوْفَ تَكْرَهُ غِبَّهُ
كَذَلِكَ في الدُّنْيا تَعِيشُ البَهَائِمُ
ولقد هَمَمتُ بقَتلِها مِن أجلِها
كَيْما تكونَ خَصِيمَتي في المَحْشَرِ

حتّى يطولَ على الصِّراط وُقوفُنا
فتلَذُّ منها مُقْلَتايَ بمَنظَرِ

مجنون ليلى

ما كذب من سماك مجنون 😊
هشّت لك الدّنيا فما لك واجما؟!
وتبسّمت فعلام لا تتبسّم؟!

إن كنت مكتئبا لعزّ قد مضى
هيهات يرجعه إليك تندّم

أو كنت تشفق من حلول مصيبة
هيهات يمنع أن تحلّ تجهّم

أو كنت جاوزت الشّباب فلا تقل
شاخ الزّمان فإنّه لا يهرم

أتزور روحك جنّة فتفوقها
كيما تزورك بالظنون جهنّم؟!

وترى الحقيقة هيكلا متجسّدا
فتعافها لوساوس تتوهّم

يا من يحنّ إلى غدٍ في يومه
قد بعت ما تدري بما لا تعلم
وإنما الشعر لبُّ المرء يعرضه
على المجالس إن كَيْسًا وإن حُمُقا

وإن أحسن بيت أنت قائله
بيتٌ يقال إذا أنشدتَه : صَدَقا

حسان بن ثابت رضي الله عنه
قالوا تنام فقلت الشوق يمنعني
من أن أنام وعيني حشوها السهد

أبكي الذين أذاقوني مودتهم
حتى إذا أيقظوني للهوى رقدوا

همو دعوني فلما قمت مقتضيا
للحب نحوهم من قربهم بعدوا

لأخرجن من الدنيا وحبهم
بين الجوانح لم يعلم به أحد
أبيت مسهــدا قلقا وسـادي
أروح بالدمــوع عــن الفؤاد

فراقـك كان آخر عهد نومي
وأول عــهد عيني بالسهاد

فلم أر مثل ما سليت نفسي
وما رجعت به من سوء زادي
ماذا يكلِّفُكَ الرَّوْحاتِ والدُّلَجَا
البَرَّ طوْراً وطوراً تركَبُ اللُّجَجَا

كَمْ مِنْ فَتىً قَصُرَتْ في الرِّزْقِ خُطْوَتُهُ
ألفيتَهُ بِسِهامِ الرزق قد فَلَجا

لا تَيْأَسَنَّ وإنْ طالَتْ مُطالبَةٌ
إذا استعنَت بصبرٍ أنْ ترى فَرَجا

إنَّ الأمور إذا انْسَدَّتْ مسالِكُها
فالصبرُ يفتح منها كلَّ ما ارْتَتَجا

أخْلِقْ بذي الصبرِ أنْ يحظَى بحاجته
ومُدْمِنِ القَرْعِ للأبواب أن يَلِجَا

فاطْلُبْ لرجلك قبل الخَطْوِ مَوْضِعَها
فَمَنْ عَلاَ زَلَقاً عن غِرَّة زَلجَا

ولا يغرنكَ صفوٌ أنتَ شاربهُ
فربما كان بالتكدير ممتزجَا

لا يُنْتَجُ النَّاسُ إلا من لِقاحِهِمُ
يبدو لِقاحُ الفتى يوماً إذا نتِجَا

لا يمنعنك يأسٌ منْ مطالبةٍ
فضيقُ السبل يوماً ربما انتهجا


محمد بن بشير الخارجي
أَهاجَتكَ الظَعائِنُ يَومَ بانوا
بِذي الزَيِّ الجَميلِ مِنَ الأَثاثِ

ظَعائِنُ اِسلَكَت نَقبَ المُنقّى
تَحُثُّ إِذا وَنَت أَيَّ اِحتِثاثِ

تُؤَمِّلُ أَن تُلاقي أَهلَ بُصرى
فَيا لَكَ مِن لِقاءٍ مُستَراثِ

كَأَنَّ عَلى الحَدائِجِ يَومَ بانوا
نِعاجاً تَرتَعي بفل البُراثِ

يُهيِّجُني الحَمامُ إِذا تَداعَى
كَما سَجعَ النَوائِحِ بِالمَراثي

كَأَنَّ عُيونَهُنَّ مِنَ التَبَكِّي
فُصوصَ الجِزعِ أَو يَنعَ الكباثِ

أَلاقٍ أَنتَ في الحَجَجِ البَواقي
كَما لاقَيتَ في الحَجَجِ الثَلاثِ

محمد النميري
2025/05/12 02:25:02
Back to Top
HTML Embed Code: