«وصاحب العجلة -أعزك الله- صاحبُ تغرير ومخاطرة، إن ظفر لم يحمده عالم، وإن لم يظفر قطعته الملاوم.
وصاحب الأناة إن ظفر نفع غيره بالغُنم، ونفع نفسه بثمَرة العلم، وأطاب ذكرَه دوامُ شكرِه، وحُفظ فيه ولده، وإن حُرم فمبسوط عذرُه، ومصوَّبٌ رأيه مع انتفاعه بعمله وما يجد من عز ِّحزمِه ونُبلِ صوابه، ومع علمه بالذي له عند العقلاء، وبعذره عند الأولياء والأعداء».
#الجاحظ
وصاحب الأناة إن ظفر نفع غيره بالغُنم، ونفع نفسه بثمَرة العلم، وأطاب ذكرَه دوامُ شكرِه، وحُفظ فيه ولده، وإن حُرم فمبسوط عذرُه، ومصوَّبٌ رأيه مع انتفاعه بعمله وما يجد من عز ِّحزمِه ونُبلِ صوابه، ومع علمه بالذي له عند العقلاء، وبعذره عند الأولياء والأعداء».
#الجاحظ
بنَفْسي حبيبٌ سوف يُثكِلُني نَفْسي
ويجعلُ جِسْمي تُحفةَ اللَّحدِ والرَّمْسِ
لقد ضاقتِ الدُّنيا عليَّ بأسرِها
بهجرانِهِ حتَّىٰ كأنِّيَ في حَبْسِ
أُسَكِّنُ قلبًا هائمًا فيه مأتمٌ..
مِن الشَّوقِ إلَّا أن عَينيَ في عُرسِ!
- أبو تمّام.
ويجعلُ جِسْمي تُحفةَ اللَّحدِ والرَّمْسِ
لقد ضاقتِ الدُّنيا عليَّ بأسرِها
بهجرانِهِ حتَّىٰ كأنِّيَ في حَبْسِ
أُسَكِّنُ قلبًا هائمًا فيه مأتمٌ..
مِن الشَّوقِ إلَّا أن عَينيَ في عُرسِ!
- أبو تمّام.
[هل الوزن والقافية يعوق عن تمام الإبانة عن المعنى؟]
"الشاعر لا يكون شاعرًا إلا إذا كانت قدرته فوق هذه القيود [أي التي في الشعر من وزن وقافية] كلها، وكان هو المصرف لها، وليست هي المصرّفة له، ولهذا اعتبروا ضرائر الشعر من مواطن الفتور، وعابوا كثرتها إلا أن تكون من سليقة اللغة التي لم يفطن إليها النحاة، والشاعر من أهل الطبع يعرف من سرائر الشعر فوق ما يعرفه اللغويون، وقد كان الفرزدق يرى نفسه ماضيًا على سليقة العربية فيما اعتبره النحاة مخالفًا فيه، وأن الذي خرج عن نحو العربية هم هؤلاء النحاة لأنهم لم يحيطوا به، وهكذا كان يرى غيره ممن في طبقته [...] وقد أغفل صاحب هذا الرأي [القائل بأن في الشعر قيود تحول دون الإبانة الكاملة عن المعنى] أن أهل الطبع كانوا يسلكون سبيل الشعر في العبارة عن لواعج أنفسهم إذا احتدت، وأحوال قلوبهم إذا مارت ولجّت، وحين تتدافع المعاني وتغلي بها النفوس في المواقف الهائجة، والأحوال الثائرة، وما كانوا يسلكون في هذا سبيل النثر، وكانوا يجدون في هذه القيود كفاءَ ما يجدون في نفوسهم وسرعان ما تنثال هذه الأحوال نغمًا مُنسابًا على تلكم الأقراء، ولم يكن قصر المدى المحكوم بالقافية حبسًا لما في الصدور، وإنما كان مدعاة لتكثيف المعاني والأحوال والأنغام في هذا المدى، وبذلك تصير الكلمات في الشعر ذات اتساع ورحابة وذات طاقة تخلق بها الكلمات خلقًا من بعد خلق بين يدي كل شاعر، وتصير اللفظة لفظته هو، لأنه حين انتزعها من اللغة وأجراها في ذات نفسه ونفث فيها ما نفث صارت الكلمة له.
والشاعر البصير يعرف كيف يستثمر اللغة تركيبًا وتصويرًا ونغمًا، ثم يتلطّف في الإبانة ويعرف أيّ أجزاء المعنى أولى بأن ينكشف عاريًا، وأي الأجزاء يبقى مبرقعًا بغلالة رقيقة، وأيها يوحي به وحيًا، وكيف يدير اللغة على ذلك، وكيف لا يجد حرجًا في وزن ولا قافية، بل إننا نجد المتفوقين من الشعراء يضيفون إلى قيود الشعر قيودًا جديدة، وهو ما يسميه القدماء التلاؤم، ويسميه المحدثون: «الموسيقى الداخلية»، ويضيفون إلى القوافي قيودًا ولزوميّات، وهذا كله استعلاء من ذوي المواهب على ضوابط الشعر المعروفة واقتدارٌ عليها".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[الإعجاز البلاغي؛ دراسة تحليلية لتراث أهل العلم، أبو موسى، ص278-279]
"الشاعر لا يكون شاعرًا إلا إذا كانت قدرته فوق هذه القيود [أي التي في الشعر من وزن وقافية] كلها، وكان هو المصرف لها، وليست هي المصرّفة له، ولهذا اعتبروا ضرائر الشعر من مواطن الفتور، وعابوا كثرتها إلا أن تكون من سليقة اللغة التي لم يفطن إليها النحاة، والشاعر من أهل الطبع يعرف من سرائر الشعر فوق ما يعرفه اللغويون، وقد كان الفرزدق يرى نفسه ماضيًا على سليقة العربية فيما اعتبره النحاة مخالفًا فيه، وأن الذي خرج عن نحو العربية هم هؤلاء النحاة لأنهم لم يحيطوا به، وهكذا كان يرى غيره ممن في طبقته [...] وقد أغفل صاحب هذا الرأي [القائل بأن في الشعر قيود تحول دون الإبانة الكاملة عن المعنى] أن أهل الطبع كانوا يسلكون سبيل الشعر في العبارة عن لواعج أنفسهم إذا احتدت، وأحوال قلوبهم إذا مارت ولجّت، وحين تتدافع المعاني وتغلي بها النفوس في المواقف الهائجة، والأحوال الثائرة، وما كانوا يسلكون في هذا سبيل النثر، وكانوا يجدون في هذه القيود كفاءَ ما يجدون في نفوسهم وسرعان ما تنثال هذه الأحوال نغمًا مُنسابًا على تلكم الأقراء، ولم يكن قصر المدى المحكوم بالقافية حبسًا لما في الصدور، وإنما كان مدعاة لتكثيف المعاني والأحوال والأنغام في هذا المدى، وبذلك تصير الكلمات في الشعر ذات اتساع ورحابة وذات طاقة تخلق بها الكلمات خلقًا من بعد خلق بين يدي كل شاعر، وتصير اللفظة لفظته هو، لأنه حين انتزعها من اللغة وأجراها في ذات نفسه ونفث فيها ما نفث صارت الكلمة له.
والشاعر البصير يعرف كيف يستثمر اللغة تركيبًا وتصويرًا ونغمًا، ثم يتلطّف في الإبانة ويعرف أيّ أجزاء المعنى أولى بأن ينكشف عاريًا، وأي الأجزاء يبقى مبرقعًا بغلالة رقيقة، وأيها يوحي به وحيًا، وكيف يدير اللغة على ذلك، وكيف لا يجد حرجًا في وزن ولا قافية، بل إننا نجد المتفوقين من الشعراء يضيفون إلى قيود الشعر قيودًا جديدة، وهو ما يسميه القدماء التلاؤم، ويسميه المحدثون: «الموسيقى الداخلية»، ويضيفون إلى القوافي قيودًا ولزوميّات، وهذا كله استعلاء من ذوي المواهب على ضوابط الشعر المعروفة واقتدارٌ عليها".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[الإعجاز البلاغي؛ دراسة تحليلية لتراث أهل العلم، أبو موسى، ص278-279]
أقِمْ في الأقْرَبِينَ فكُلُّ حَيّ
يُرَاوَحُ بالمَعِيشَةِ أوْ يُغادى
وليس يُزادُ في رِزْقٍ حَريصٌ
ولو رَكِبَ العَواصِفَ كي يُزادا
وكيْفَ تَسيرُ مُبْتَغِياً طريفاً
وقد وَهَبَتْ أنامِلُكَ التِّلادا
المعري
يُرَاوَحُ بالمَعِيشَةِ أوْ يُغادى
وليس يُزادُ في رِزْقٍ حَريصٌ
ولو رَكِبَ العَواصِفَ كي يُزادا
وكيْفَ تَسيرُ مُبْتَغِياً طريفاً
وقد وَهَبَتْ أنامِلُكَ التِّلادا
المعري
وَلَو أَنَّ هاروتاً رَأى سِحرَ عَينِهِ
تَعَلَّمَ كَيفَ السِحرُ من حدّ جفنِهِ !
ابن عباد
تَعَلَّمَ كَيفَ السِحرُ من حدّ جفنِهِ !
ابن عباد
"قُلْ لِراقِي الجُفُونِ إِنَّ لِجفْنِي
فِي بِحارِ الدُّموع سَبْحاً طَويلا.."
ابنُ النَّبِيه.
فِي بِحارِ الدُّموع سَبْحاً طَويلا.."
ابنُ النَّبِيه.
الدارُ هاجك رسمُها وطلولُها
أم بَيْنَ سُعْدَى يوم جَدَّ رحِيلُها
كُلٌّ شجاك فقل لعينك أَعوِلي
إن كان يُغنِي في الديار عَوِيلُها
ومحمدٌ زينُ الخَلائِف والذي
سَنَّ المكارمَ فاستَبان سَبِيلُها
-الأغاني
أم بَيْنَ سُعْدَى يوم جَدَّ رحِيلُها
كُلٌّ شجاك فقل لعينك أَعوِلي
إن كان يُغنِي في الديار عَوِيلُها
ومحمدٌ زينُ الخَلائِف والذي
سَنَّ المكارمَ فاستَبان سَبِيلُها
-الأغاني
إِن يحسُدُوني فَإِنّي غَيرُ لائِمِهِم
قَبلي من النَّاسِ أَهلُ الفَضلِ قَد حُسِدوا
فَدامَ لي وَلَهُم ما بي وَما بِهِمُ
وَماتَ أَكثَرُنا غَيظاً بِما يَجِدُ!
-بشار بن برد.
قَبلي من النَّاسِ أَهلُ الفَضلِ قَد حُسِدوا
فَدامَ لي وَلَهُم ما بي وَما بِهِمُ
وَماتَ أَكثَرُنا غَيظاً بِما يَجِدُ!
-بشار بن برد.
وَكَم زَفرَةٍ لي، لَو عَلى البَحرِ أَشرَقَت:
لَأَنشَفَهُ حَرٌّ لَها وَلَهيبُ!
وَلَو أَنَّ ما بي بِالحَصى: فُلِقَ الحَصى!
وَبِالريحِ: لَم يُسمَع لَهُنَّ هُبوبُ!
- قيس بن الملوّح
لَأَنشَفَهُ حَرٌّ لَها وَلَهيبُ!
وَلَو أَنَّ ما بي بِالحَصى: فُلِقَ الحَصى!
وَبِالريحِ: لَم يُسمَع لَهُنَّ هُبوبُ!
- قيس بن الملوّح
أَنَا الَّذِي عَرَفَ الأَيَّامَ وَانْكَشَفَتْ
لَهُ سَرَائِرُهَا مِنْ كُلِّ مُخْتَزَنِ
طُفْتُ الْبِلادَ وَجَرَّبْتُ الْعِبَادَ فَلَمْ
أَرْكَنْ لِخِلٍّ وَلَمْ أَجْنَحْ إِلَى سَكَنِ
خُلِقْتُ حُرّاً فَلا قَدْرِي بِمُتَّضِعٍ
عِنْدَ الْمُلُوكِ وَلا عِرْضِي بِمُمْتَهَنِ
لا عَيْبَ فِيَّ سِوَى أَنِّي عَتَبْتُ عَلَى
دَهْرِي فَقَدَّمَ مَنْ دُونِي وَأَخَّرَنِي
وَهَذِهِ شِيمَةُ الدُّنْيَا وَمِنْ عَجَبٍ
أَنِّي أَرَى مِحْنَتِي فِيهَا وَتُعْجِبُنِي
لَيْسَ السُّرُورُ الَّذِي يَأْتِي الزَّمَانُ بِهِ
يَفِي بِقَدْرِ الَّذِي يَمْضِي مِنَ الْحَزَنِ
فَاسْتَبْقِ نَفْسَكَ إِنْ كُنْتَ امْرَأً فَطِناً
وَاقْنَعْ بِعَيْشِكَ فِي سِرْبَالِكَ الْخَشِنِ
وَلا تَفُهْ بِحَدِيثِ النَّفْسِ إِنَّ بِهِ
شَرَّ الْحَيَاةِ وَسَعْيَ الْحَاسِدِ الأَفِنِ
وَلا تَسَلْ أَحَداً عَوْناً عَلَى أَمَلٍ
حَتَّى تَكُونَ أَسِيرَ الشُّكْرِ وَالْمِنَنِ
البارودي
لَهُ سَرَائِرُهَا مِنْ كُلِّ مُخْتَزَنِ
طُفْتُ الْبِلادَ وَجَرَّبْتُ الْعِبَادَ فَلَمْ
أَرْكَنْ لِخِلٍّ وَلَمْ أَجْنَحْ إِلَى سَكَنِ
خُلِقْتُ حُرّاً فَلا قَدْرِي بِمُتَّضِعٍ
عِنْدَ الْمُلُوكِ وَلا عِرْضِي بِمُمْتَهَنِ
لا عَيْبَ فِيَّ سِوَى أَنِّي عَتَبْتُ عَلَى
دَهْرِي فَقَدَّمَ مَنْ دُونِي وَأَخَّرَنِي
وَهَذِهِ شِيمَةُ الدُّنْيَا وَمِنْ عَجَبٍ
أَنِّي أَرَى مِحْنَتِي فِيهَا وَتُعْجِبُنِي
لَيْسَ السُّرُورُ الَّذِي يَأْتِي الزَّمَانُ بِهِ
يَفِي بِقَدْرِ الَّذِي يَمْضِي مِنَ الْحَزَنِ
فَاسْتَبْقِ نَفْسَكَ إِنْ كُنْتَ امْرَأً فَطِناً
وَاقْنَعْ بِعَيْشِكَ فِي سِرْبَالِكَ الْخَشِنِ
وَلا تَفُهْ بِحَدِيثِ النَّفْسِ إِنَّ بِهِ
شَرَّ الْحَيَاةِ وَسَعْيَ الْحَاسِدِ الأَفِنِ
وَلا تَسَلْ أَحَداً عَوْناً عَلَى أَمَلٍ
حَتَّى تَكُونَ أَسِيرَ الشُّكْرِ وَالْمِنَنِ
البارودي