جزى الله الدكتور أحمد وجيه خيرًا على تعليقه على الكتاب واهتمامه بتسليط الضوء على منهج البحث فيه👇🏼

قرأته قريبًا بعد تأجيل متكرر
الكتاب جيد جدًا، سلك كاتبه طريقة هجرها غالب المتأخرين، مع أنها أدلّ على مذهب كلّ صاحب مقالة.
فعادة المتأخرين أن يجعلوا كلام المتأخر أصلاً يفرّعون عليه.
والصواب أن يُكتَنه مقصود المتقدّم من كلامه نفسه ثم يُعرض كلام المتأخرين عليه.
ومن أوثق أسباب التوفيق في هذا النحو من الكتابة أن لا يكتفي الباحث بخبر هنا وأثر هناك، أو أن يحمل كلام المتقدّم على حملِ المتأخّر ولسانه. وإنما الصواب أن يعمد إلى جمع المادة على وجه الاستيعاب المتيسر، بحصر مقولات الإمام نفسه (موضوع البحث) وضبطها وتحديد دلالاتها في كلّ موضعٍ موضع، والاستعانة بجملة القرائن المتاحة له في مساره لتعيين مقصوده وموقفه، ومن أقوى تلك القرائن كلام مشيخته وأقرانه وأصحابه، فيجمع كل ذلك كذلك ويعتبر بعضه ببعض إلى أن يورثه هذا الصنع يقينًا بالمقصد الذي هو نتيجة بحثه.
وقد سار الشيخ أحمد - وفّقه الله - هذه السيرة في هذا البحث فأجاد وأفاد جزاه الله خيرا

الحمد لله..
هذا النص التالي لشيخ الإسلام نفيس، وفيه فوائد منها: ما يتعلق بمعرفة طريقة القاضي في تأليف وجمع المسائل، ومنها ما يتعلق بأهمية معرفة الترتيب التاريخي لمؤلفات العالم وأن بعضها أكثر إحكامًا وتدقيقًا من بعض، ومنها ما يتعلق بمعرفة أسباب الغلط على المذهب، ومنها التماس الأعذار للعالم في غلطه، وأهمها هو ضرورة رعاية الفقيه للأصول والنصوص الكلية عند التفريع الفقهي.

يقول الشيخ-رحمه الله-:

"فالقاضي رضي الله عنه صنف " المجرد " قديما بعد أن صنف " شرح المذهب " وقبل أن يحكم " التعليق " و " الجامع الكبير " وهو يأخذ المسائل التي وضعها الناس وأجابوا فيها على أصولهم، فيجيب فيها بما نص عليه أحمد وأصحابه، وبما تقتضيه أصوله عنده، فربما حصل في بعض المسائل التي تتفرع وتتشعب ذهول للمفرع في بعض فروعها عن رعاية الأصول والنصوص في نحو ذلك".

https://www.tgoop.com/tahrerat

عرض الدكتور عبد الله البطاطي-سدده الله وجزاه خيرا- لكتاب تحرير المعنى في قول الإمام أحمد لا كيف ولا معنى.

للتاريخ ... وذكرى تجدد إبانها!!
***
كان المدعو [نزار حمادي = أبو عبيدة الهاني]؛ قد نشر كلاما هائجا طائشا، حول النشرة الأولى من كتابي عن الطبري ....
وقبل نحو خمسة عشر عاما فرغت منه في رد مطول على بهتانه، وظننته قد "برد" من حينها..
لكن عاودته أخلاطه التي هاجت عليه، ومِرَّته التي فسدت، لما ذكرت له النشرة الجديدة من كتابي. وعلق، كعادته!!
فرأيت من المفيد أن أعيد نشر ردي عليه ...
ولعلي أن أعيد نشره في الحلقة القادمة من دراساتي العقدية حول الإمام الطبري، إن شاء الله.

وهذ رابط الموضوع القديم بتفاصيله:
https://mtafsir.net/threads/%D8%A3%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1-%D9%81%D9%8A-%D8%B9%D9%82%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A8%D8%B1%D9%8A.3067/

الحمد لله..
هذه الطبعة الثانية من كتابي تحرير المعنى، وهي طبعة مزيدة بإخراج جديد.
وستتوفر في معرض القاهرة بإذن الله.

والكتاب يترجم حاليا إلى اللغة الإنجليزية والفارسية، ومن أراد أن يترجمه إلى لغات أخرى فجزاه الله خيرًا.

https://www.tgoop.com/tahrerat

كتاب حاتم العوني.. أرجو أني أفرغ له وقتًا، لكن كثرة الهبد والقفزات الاستدلالية ترهق أي قارئ فضلًا عمن يريد أن يضع ردًا.
وأشق شيء على النفس هو الرد العلمي على كلام غير علمي.

ربِّ يسر وأعن!

بسم الله..
فيما وصلنا.. من هو أبرز علماء الحنابلة الذي استوعب بالبحث نقلًا وعقلًا مسألة العلو والاستواء مع جمعه لحجج المخالفين؟

إذا استثنينا شيخ الإسلام وابن القيم وابن قدامة في الجانب النقلي؛ فالجواب هو ابن الزاغوني في كتابه الإيضاح، وابن الزاغوني من أجود الحنابلة  بحثًا وتنبهًا لمواضع الإشكال، وبحثه في الجهة قريب من تقرير الشيخ فيما يتعلق بالجهة العدمية.

وهذه بعض النقولات عنه في أثناء إثباته للعلو الذاتي والاستواء:

١- (وذلك أن الله تعالى لما خلق العالم الكلي وأوجده بالإضافة إلى وجوده أوجده بصفة التحت فصار بالإضافة إلى الله  تعالى بصفة دونه وتحته، وأسفل منه، ومن شأن الذاتين إذا كانت إحداهما بصفة التحت ثبت للأخرى بطريق الضرورة استحقاق صفة الفوق والأعلى).

٢- ثم قال بعد ذلك: (وهذا القول إنما استفدناه نقلًا واستند إلى ضرب من المعنى).. ثم ذكر بعض آيات الفوقية والعلو وصعود الأشياء وارتفاعها إليه، ثم قال: (وأما الضرب من المعنى فهو أنا استنبطنا من هذه الآيات وعلمنا بطباعنا أن الجهة الممدوحة إنما هي جهة العلو والرفعة، وأن ما كان بوصف التحت واليمين والشمال والتلقاء وما أشبه ذلك مما يقتضي المساواة ويرفع حكم العلو نقص بالإضافة إلى جهة العلو، فكان المفهوم من الآيات المذكورة أنه يقتضي إثبات جهة المدح).
٣- قال: (ولهذا نبهنا الله عليه في قصة فرعون لما مدح موسى -عليه السلام- ربَّه عند فرعون - المدعي للربوبية- بالعلو وأنه فوق السماء، إذ قال لصاحبه: {وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحًا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى}.. ولو لم يكن ثبت عنده دعوى موسى-عليه السلام- تعظيم الباري الذي أرسله بأنه فوق السماوات وبجهة العلو؛ الذي لا يقدر فرعون مع دعواه الربوبية على مثله لما احتاج إلى مثل هذا، وهذا كلام ظاهر جلي واضح لا يأباه إلا معاند تارك للإنصاف).
٤- قال: (وإذا تقرر هذا كان وصفه بالاستواء على العرش من غير أن يتغير عما كان عليه في الأزل من الاستغناء بنفسه عن مكان= أن يصح إضافة المكان إليه على هذا الوجه).
وبهذا الإيضاح يفهم ما المراد بالمكان المنفي والمكان المثبت في بقية كلامه.

٥- وابن الزاغوني ممن يبالغ في نفي المماسة، إلا أنه استخدم ذلك في إثبات الحد والغاية والنهاية ونسبة ذلك لله تعالى، وفي هذا يقول:
(وإنما يغتر الأغمارالذين لا خبرة عندهم بصعوبة إضافة الحد والغاية والنهاية إليه تعالى مع إقرارهم بأنه لا يماس الخلق ولا يماسونه، وأنه متميز بذاته منفرد مباين لخلقه متنزه عن المماسة والامتزاج، وهذا مناقضة منهم في العقيدة يسندونها إلى الجهل بالأمر ووقوف مع الأنس، وما هذا سبيله فلا يعول على قائليه ولا يوثق بمرتكبيه).

٦- ويوضح مراده بإثبات الاستواء وجهة العلم وما يندرج تحت ذلك من معنى معلوم فيقول:
(ما معنى قولكم في جهة من جهات العالم؟أتريدون به أنه يحل في جهة مخلوقة وهي محيطة به؟ أم تريدون أنه جهة بالإضافة إلى ما سواه من العالم؟ فإن أردتم أنه في جهة من جهات العالم محيطة به فهذا لا نقول به، ولا هو معنى قولنا في الاستواء على العرش ولا أنه بجهة العلو، وإن أردتم أنه جهة بالإضافة إلى العالم فكيف يجوز أن يكون من العالم أو جهة من جهات العالم وهو غير ذلك؟...).

٧- وعند حديثه عن تعدي الاستواء بحرف الجر "على" قال: ومما يقوي هذا ويحققه أن تعدي استوى بحرف على إما يراد به المكان والجهة أو القهر والغلبة على ما بينا، ومحال أن يراد بقوله: {ثم استوى على العرش} القهر والغلبة..ثم بيّن وجه الاستحالة المعروف ثم قال: (فبقي أنه أراد به الجهة والمكان لا غير).
ومما سبق تعرف مراده بالمكان والجهة في سياق الإثبات وبالمكان والجهة في سياق النفي.

-----
ونصوصه في إثبات العلو الذاتي الحقيقي كثيرة فليراجع كلامه في الإيضاح، ولوضوح كلامه حط عليه ابن الجوزي في طوره الذي خالف فيه الحنابلة بعدما كان أثنى عليه في داليته.

ومما قاله ابن الزاغوني شعرًا ونُقِل عنه في كتب التراجم:
إني سأذكر عقد ديني صادقًا *** نهج ابن حنبل الإمام الأوحد
ومنها:
عالٍ على العرش الرفيع بذاته*** سبحانه عن قول غاوٍ ملحدِ

http://www.tgoop.com/tahrerat

📣 إعلان
نلتقي السبت -إن شاء الله تعالى- في لقاء بعنوان: «نقد الأطروحة الأساسية والمنهج لكتاب "الاستواء معلوم والكيف مجهول"».

🗓التاريخ: السبت
15/2/2025 - 1446/8/16هـ
⏰ الوقت: 8:30م بتوقيت مكة.
📍المكان: على القناة في تيليجرام.
🔗 الرابط:
@ https://www.tgoop.com/IFALajmi

مداخلتي مع الشيخ فارس العجمي حول نقد كتاب الاستواء معلوم للعوني، وقد احتوت على مناقشة لما ذكره العوني عن كتاب تحرير المعنى، وعن بيان بعض الأغلاط البحثية والمنهجية الفجة، وعلى غير ذلك من الفوائد.

نقد الأطروحة الأساسية والمنهج لكتاب "الاستواء معلوم والكيف مجهول"، مع مداخلة أحمد الغريب*.


https://youtu.be/fOMn7txINVw?si=zCv9S6J3T-wfik43

* الدكتور والباحث في عقائد الحنابلة، وله كتاب مفرد في مسألة التفويض وهو "تحرير المعنى".

الكلام مقسم على منشورين فليتنبه لذلك.
——
الحمد لله..
من حجج التشنيع السخيفة التي يذكرها بعض المعطلة من نفاة علو الله على خلقه استدلالهم بقول الله تعالى عن فرعون: {وقال فرعون يا هامان ابنِ لي صرحًا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى}.. وتمام حجتهم أن فرعون كان مجسمًا يعتقد أن الله في السماء، فمن يعتقد أن الله في السماء فهو متبع لفرعون.
ويكفي في ردّ هذا الجهل أن يُنقل كلام أئمة العلم والدين بل وبعض الأشعرية ونحوهم في تفسير الآية، واستدلالهم بها على إثبات علو الله الذاتي على العرش، على نقيض ما يقرره نفاة العلو.
فممن استدل بالآية على إثبات علو الله تعالى على خلقه:
1- الحارث المحاسبي في فهم القرآن (ص: 351-352) يقول: "وقال عن فرعون {لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى}، ثم استأنف فقال {وإني لأظنه كاذبا} فيما قال لي إنه في السماء فطلبه حيث قال له موسى مع الظن منه بموسى عليه السلام انه كاذب ولو أن موسى عليه السلام أخبره أنه في كل مكان بذاته لطلبه في الأرض أو في بيته وبدنه ولم يجهد ببنيان الصرح).

2-  ومنهم شيخ الطائفة الأشعرية أبو الحسن الأشعري فقد قال في الإبانة عن أصول الديانة (ص: 106) في أثناء حديثه عن الاستواء: "وقال تعالى حاكيا عن فرعون لعنه الله: (يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا) ، كذب موسى عليه السلام في قوله: إن الله سبحانه فوق السماوات"، ونقله عنه الذهبي في العلو والعرش.

3- الإمام الدارمي- عدو الجهمية وأتباعهم- ذكر الآية في "الرد على الجهمية للدارمي (ص: 45) ثم قال: "ففي هذه الآية بيان بيّن ودلالة ظاهرة أن موسى كان يدعو فرعون إلى معرفة الله بأنه فوق السماء، فمن أجل ذلك أمر ببناء الصرح، ورام الاطلاع إلي".

4- وصاحبه إمام الأئمة ابن خزيمة في كتاب التوحيد (1/ 263) حيث يقول: " فاسمعوا ياذوي الحجا دليلا آخر من كتاب الله: أن الله جلا وعلا في السماء، مع الدليل على أن فرعون مع كفره وطغيانه قد أعلمه موسى عليه السلام بذلك، وكأنه قد علم أن خالق البشر في السماء، ألا تسمع قول الله يحكي عن فرعون قوله: {يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى}، ففرعون عليه لعنة الله يأمر ببناء صرح، فحسب أنه يطلع إلى إله موسى، وفي قوله: {وإني لأظنه كاذبا} دلالة على أن موسى قد كان أعلمه أن ربه جل وعلا أعلى وفوق".

5- وشيخ المفسرين الطبري في تفسيره (20/ 327) يقول عند تفسير الآية ولم يذكر قولًا غيره: "وقوله: {وإني لأظنه كاذبا} [غافر: 37] يقول: وإني لأظن موسى كاذبا فيما يقول ويدعي من أن له في السماء ربا أرسله إلينا".

6- ومنهم الإمام الزجاج في معاني القرآن وإعرابه(4/ 375) حيث ذكر الآية ثم قال في تفسير قوله تعالى: "(وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا): هذا قول فرعونَ، يقول وإن كنت زعمت أني أطلِعُ إِلى إله موسى، فأنا قلت هذا على دعوى موسى لا على أني على يقينٍ من ذلك".

7- ومنهم شيخ الإسلام أبي عثمان الصابوني في عقيدة السلف أصحاب الحديث (ص176): "وأخبر الله سبحانه عن فرعون اللعين أنه قال لهامان: {ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ {36} أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لاَظُنُّهُ كَاذِبًا} وإنما قال ذلك لأنه سمع موسى - عليه السلام - يذكر أن ربه في السماء، ألا ترى إلى قوله: {وَإِنِّي لاَظُنُّهُ كَاذِبًا} يعني في قوله: إن في السماء إلهاً".
8- والحافظ ابن عبد البر المالكي في التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (7/ 133) يقول: " أما سمعوا الله عز وجل حيث يقول وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا فدل على أن موسى عليه السلام كان يقول إلهي في السماء وفرعون يظنه كاذبا".

9- وقال قوام السنة الأصبهاني في نص بديع في الحجة في بيان المحجة (2/ 118): "وأخبر عن فرعون أنه قال: {يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا} فكان فرعون قد فهم عن موسى أنه يثبت إلها فوق السماء حتى رام بصرحه أن يطلع إليه، وأتهم موسى بالكذب في ذلك. والجهمية لا تعلم أن الله فوقه بوجود ذاته، فهم أعجز فهما من فرعون".

10- وقال الإمام الموفق ابن قدامة في إثبات صفة العلو (ص: 65): "وأخبر عن فرعون أنه قال: {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِباً}، يعني أظن موسى كاذبا في أن الله إلهه في السماء ، والمخالف في هذه المسألة قد أنكر هذا يزعم أن موسى كاذب في هذا بطريق القطع واليقين، مع مخالفته لرب العالمين، وتخطئته لنبيه الصادق الأمين.. يتبع

وتركه منهج الصحابة والتابعين، والأئمة السابقين، وسائر الخلق أجمعين نسأل الله تعالى أن يعصمنا من البدع برحمته، ويوفقنا لاتباع سنته".
هؤلاء عشرة من العلماء استدلوا بهذه الآية على إثبات علو الله تعالى وابتدأت بالمحاسبي والأشعري لأنهم معتبران مقدمان عند نفاة العلو، ولم أقصد الاستقصاء والحشد، وإلا فقد استدل بها جمع كثير غيرهم كالقصاب الكرجي والخطابي والزنجاني والعمراني وشيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم والذهبي وابن شيخ الحزامين وغيرهم، ولا جرم بعد ذلك أن يقرَّ الرازي بأن هذه الآية قد استدل بها الجمع الكثير ممن وصفهم بالمشبهة!
فالاستدلال بالآية على علو الله قديم سلفي أثري، وليس من اختراع شيخ الإسلام ولا أتباعه كما يظن الجهال ويروّج المُضلون، ولا جرم بعد ذلك أن يقال لورثة الجهمية كما قال ابن القيم في نونيته:
"فمن الذي أولى بفرعونٍ إذا** منا ومنكم بعد ذا التبيان؟!".
وفي صواعقه:
"ولا نجحد صفات خالقنا وعلوه على خلقه واستواءه على عرشه لتسمية الفرعونية المعطلة لمن أثبت ذلك مجسما مشبها".
 
http://www.tgoop.com/tahrerat

الحمد لله، هذا المقال الذي هو متأخرو الحنابلة والتفويض ترجم سابقًا إلى اللغة الإنجليزية والروسية والإندونيسية، وهذه ترجمة رابعة إلى الفرنسية ترجمها أحد الإخوة الكرام، فجزاه الله خيرًا وأحسن إليه.
وهذا المقال مهم في دحض قول القائل إن الحنابلة لم يتابعوا شيخ الإسلام في اعتقاده، وفي دحض من زعم أن متأخري الحنابلة كانوا مفوضة هكذا بإطلاق، ورد على د.العوني في خطابياته: إن الحنابلة عبر ألف ومائتين سنة كانوا مفوضة حتى جاء صاحب كتاب "تحرير المعنى" ليوقظهم من غفلتهم!

ودونكم الترجمة الفرنسية، وفي التعليقات النسخة العربية من المقال.

https://ia804608.us.archive.org/20/items/les-hanabilah-et-le-tafwid-les-hanabilah-du-11e-siecle-a-travers-le-regard-d-ibr/Les%20%E1%B8%A4an%C4%81bilah%20et%20le%20Tafw%C4%AB%E1%B8%8D%E2%80%94Les%20%E1%B8%A4an%C4%81bilah%20du%2011%E1%B5%89%20si%C3%A8cle%20%C3%A0%20travers%20le%20regard%20d%E2%80%99Ibr%C4%81h%C4%ABm%20al-K%C5%ABr%C4%81n%C4%AB%20comme%20mod%C3%A8le.pdf

الحمد لله…
الاتساق مع النفس.. ما معناه؟

بعض الناس يقول: بما أنني أذنب وأعصي فمن الاتساق مع نفسي أن أتقبل هذه الحالة وأطبّع معها، وألا أعيش في صراع مع ما أرتكبه من ذنوب من جهة وبين حياتي وبين الناس التي أخفي عنهم فيها هذه الذنوب من جهة اخرى.
وبعض الناس يتماهى مع هذا الطرح حتى يصل إلى مجاهرته بذنوبه وعدم اكتراثه، وبعضهم يصل إلى مرحلة الإلحاد ليبرر لنفسه ركوب هذه الخطايا من غير تأنيب ضمير، ولا محاسبة نفس.

والحقيقة ليس هذا هو التعامل السوي مع النفس الذي أراده ربنا خالق هذه النفس، فالله تعالى خلقنا ويعلم ما توسوس به أنفسنا، ويعلم أن النفس أمّارة بالسوء، ويعلم أن الإنسان بحكم ما ركّب فيه من شهوات مختلفة سيرتكب ذنوبًا صغارًا وكبارًا، وأن الإنسان وإن ارتقى في درجات سلم العبودية والولاية فلابد له من زلة أو زلات يقترفها.

أقول: ومع ذلك فإن الله تعالى قد أبان عن المخرج من هذه الورطات التي تقع فيها النفس:

١- فالله جل جلاله أخبرنا على لسان نبيه بأنا لو لم نذنب لذهب بنا وجاء بقوم يستغفرون الله فيغفر لهم، فمن مقتضيات اسمه الغفور أن يكون هناك من يذنب ليغفر له.

٢- والله تعالى قد أمر بستر الإنسان نفسه، (كل أمتي معافى إلا المجاهرين)، وذلك أن المستتر بذنبه لا يزال على خير وهو يرى أن ما ارتكبه من القاذورات التي يجب التنظف منها، بخلاف المجاهر المفاخر المبرر المحلل.

٣- والله تعالى قد أمر بتكرار التوبة كلما تكرر الذنب، ولا يمل الله من التوبة على عباده حتى يمل العبد من الاستغفار.

٤- والله تعالى قد عظم جانب الرجاء للموحد المسرف على نفسه الذي لم يقع في كفر ولا شرك، وفي ذلك أعظم بيان وتوكيد على ضرورة وحتمية بقاء الإنسان في دائرة الإسلام مهما ارتكب من ذنوب، فطالما كان مع الإنسان أصل التوحيد فمآله إلى خير في النهاية، سواء تاب قبل موته فقبل الله منه، أو كان في مشيئة الله يغفر له من أول وهلة أو يعذبه على قدر ذنوبه ثم مآله إلى الرحمة الأبدية، المهم أنه لم تخرجه ذنوبه إلى كفر أو شرك أو إلحاد، (إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).

فلو فهم الإنسان هذه المعاني لعلم أن الاتساق الصحيح مع النفس هو الاستمرار في رحلة التدافع معها حتى تصير نفسًا مطمئنة، أو الإبقاء على النفس اللوامة، وأن الإنسان مهما اقترف من ذنوب فليحرص على إبقائها في نفسه ذنوبًا مستفحشة يتاب منها، ولا يبرر لها، ويستتر ولا يجاهر بها، فضلًا عن أن ينسلخ من الدين بسببها!