Telegram Web
وهكذا فعل الله بالظالمين والطغاة أمام نبي الله إبراهيم عليه السلام كما قال سبحانه: {قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ} وقال: {وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ} وهذا نبي الله صالح حيث كان في زمنه مجموعة من الظالمين والطغاة الذين قال سبحانه عنهم: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ . قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ . وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ . فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين . فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.
*وهكذا فعل الله بعادٍ قوم هود كما* قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ . إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ . الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ . وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ . وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ . الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ . فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ . فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ . إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ}، وقال: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ . فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ . بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ . وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ}.
*أيها المؤمنون:*
وقد ذكر الله قصة موسى مع فرعون، وبيّن كيف كانت عاقبة الظلم، يقول سبحانه: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ . وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ . وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} فعندما ظلم فرعون، وكان يظن أنّ قتله للأطفال واستعباده للرجال والنساء سوف يطيل ملكه ويحفظ بقاءه واستمراره، ولكن ذلك كان سبب زواله وهلاكه ودماره: {وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ} وهكذا فعل الله بالطاغية قارون: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ} وهكذا أهلك الله مشركي قريش ويهود المدينة عندما وقفوا في وجه الدعوة الإسلامية، وحاربوا الإسلام ورسوله صلوات الله عليه وآله.
*عباد الله:*
إنّ إهلاك الظالمين والمجرمين أمرٌ حتمي، ولكنه يحتاج إلى مدة وصبر وتحرك لمواجهة ظلمهم، ومهما طال الزمان فإن عاقبتهم الهلاك والخسران، قال سبحانه: {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُون . أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ}، وقد كان هلاك الظالمين على مرّ الزمان بعد مرور مدة من الابتلاء، والهلاك لا يأتي إلا بعد إقامة الحجج ومرور فترة من الابتلاء: {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} فهذا نبي الله موسى وُلد في عام الذبح، ثم بلغ سنّ الرشد وهاجر إلى مدين، ثم عاد إلى مصر، ثم مرت سنوات، ثم بعد أن تمت الحجج؛ أهلك الله فرعون وقومه ونصر الله المستضعفين: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا} وهكذا ظلّ الرسول محمد صلوات الله عليه وآله في مكة ثلاث عشرة سنة، وفي المدينة ثمان سنوات حتى تحقق فتح مكة والزوال النهائي لكفار قريش؛ فالله حليم لا يعجل، وإنما يملي للظالمين ثم يأخذهم بعذابه: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ . وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا . وَأَكِيدُ كَيْدًا . فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا}.
*أيها المؤمنون:*
إنّ هلاك الظالمين لا يكون بمجرد الانتظار لهلاكهم أو بمجرد الدعاء، وإنما مع التحرك والجهاد في سبيل الله والعمل والمواجهة لهم؛ فلم يهلك الله فرعون إلا عندما تحرك موسى، ولم يهلك الله جالوت وجنوده إلا عندما تحرك طالوت وجنوده، ولم يهلك الله قريشاً إلا عندما تحرك رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم؛ فالمطلوب منا هو التحرك والحذر من التقصير والتفريط والتخاذل.
*أيها المؤمنون:*
إنّ أمريكا وإسرائيل والغرب الملحد بما يرتكبون من جرائم وظلم ليسوا استثناءً من سنة الله سبحانه، وسيحلّ بهم الهلاك والعذاب والدمار إن تحركنا في مواجهتهم وجاهدنا في سبيل الله، وقد أهلك الله الطغاة من قبلهم وهم لم يرتكبوا إلا نوعاً واحداً من الجرائم الكثيرة التي اجتمعت عند الأمريكيين والصهاينة؛ فأهلك الله فرعون بسبب سفك الدماء والكفر، وأهلك الله قوم لوط بسبب الفاحشة، وأهلك الله قارون بسبب البغي، وهم من كان ظلمهم في مناطق محدودة أما أمريكا والغرب الكافر فقد جمعوا من الجرائم ما تفرق في غيرهم من الأمم السابقة المكذبة، وقد أبادوا شعوباً كما فعلوا بالهنود الحمر وكما فعلوا في اليابان، وقد احتلوا دولاً ونهبوا ثرواتها، وقد عمموا الربا على العالم، وهم من يتزعم نشر الرذيلة والإلحاد والشذوذ في العالم، وهم من يصنع الأوبئة لإبادة الشعوب، وهم وراء الجرائم التي ارتكبت بحق فلسطين وأفغانستان وسوريا والعراق واليمن وغيرها.
ولذلك فقد استحقوا الزوال والهلاك، وهذا سيكون على أيدينا إن تحركنا، يقول جلّ جلاله: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} وإن لم نتحرك فإن الله سيعذبنا كما قال سبحانه: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وقد ذكر الله وعوداً ثلاثة وحتميات ثلاث لا يمكن أن تتخلف أو تتأخر إن نصرنا الله وجاهدنا في سبيله مهما كانت إمكانات العدو وقدراته:
وعدنا الله بالنصر فقال سبحانه: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ} {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}.
ووعدنا الله بهزيمة الكفار فقال سبحانه: {وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ}.
ووعدنا الله بخزي وخسارة المنافقين والعملاء فقال سبحانه: {فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {بسم الله الرحمن الرحيم . وَالْعَصْرِ . إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ . إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}.
*الخطبة الثانية*
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين، ورَضِيَ اللهُ عن أصحابه المنتجبين.
*أيها المؤمنون:*
تطلّ علينا الذكرى السنوية للشهيد هذا العام وشعبنا وأمتنا يخوضون أقدس معركة على وجه الأرض، إنها *معركة الإسلام ضد الكفر، ومعركة* الحق ضد الباطل، وكل يوم نقدم قوافل الشهداء في هذه المعركة المصيرية، وقد وحدت دماء الشهداء أمتنا؛ فلم يعد هنالك فرق بين المسلمين، ولم يعد هناك خلاف بين المذاهب، ولم يعد هناك إلا فريقان: فريق الحق الذي مع القدس وفلسطين، وفريق الباطل الذي في صف أمريكا وإسرائيل، وقد عادت هذه المناسبة لهذا العام والأمة تسير في درب الشهداء، ووفيةً لدمائهم الزكية، وقد قدّمت خيرة رجالها من الشهداء العظماء، وفي مقدمتهم الشهيد العظيم القائد السيد حسن نصرالله، والشهيد العظيم القائد إسماعيل هنية، والشهيد العظيم الكبير يحيى السنوار، والشهيد العظيم هاشم صفي الدين وفؤاد شكر وغيرهم من الشهداء القادة والمجاهدين الشهداء الذين ارتقوا على طريق القدس، ودفاعاً عن المستضعفين، وقُتلوا على أيدي شرّ البرية من اليهود الصهاينة في أقدس معركة على وجه الدنيا.
*أيها الأكارم:*
إنّ مناسبة الشهداء هي مدرسة نتعلم منها دروس العزة والكرامة والإباء والتضحية والبذل والعطاء، وإنّ أعظم وفاء للشهداء - وفي مقدمتهم الشهداء القادة - هو الوفاء لدمائهم، والسير على دربهم، والمواصلة لطريقهم، والإكمال لمسيرتهم، والسـير لتحقيق أهدافهم؛ فالشهادة حياة، والشهادة هي تضحية واعية في سبيل الله، والأمة التي تقدم قادتها شهداء هي أمة لا تُهزم، ولا تقبل الانكسار والتراجع، وقد ظنّ العدو أنه باستهداف القادة سيوهن عزم المجاهدين لكنه تلقى الجواب منهم؛ فرأى العمليات المتصاعدة، والضربات المنكلة، والثبات الأسطوري في غزة ولبنان.
*أيها المؤمنون:*
إنما نعيشه اليوم من كرامة وعزة وثبات ومواقف عظيمة هو ببركة تضحيات الشهداء العظماء، وإنّ واجبنا كبير جداً في الاهتمام بأسر الشهداء وإكرامهم واحترامهم، وكذلك زيارة روضات الشهداء لتجديد العهد لهم، وإنّ واجبنا نحو الشهداء في غزة ولبنان وشهداء اليمن الميمون العظماء هو الاستمرار في معركة الفتح الموعود والجهاد
المقدس، والاستمرار في المسيرات والمظاهرات، والحذر من الملل والتثاقل؛ فالعدو لم يملّ من قتل الأطفال والنساء، ولم يشبع من سفك الدماء؛ فكيف نمل من المظاهرات؟! وكيف نتثاقل عن حضور المسيرات ونحن نرى طفلة تحمل اختها الجريحة على كتفها لا تدري أين تذهب، ونرى شعب فلسطين في غزة يموت جوعاً وقتلاً، ونرى إخواننا في لبنان يُقتلون بصواريخ أمريكا وإسرائيل؟!
فالواجب علينا هو الاستمرار والحضور في المسيرات، والدعم والتبرع للقوة الصاروخية وسلاح الجو المسير حتى يمنّ الله بنصره؛ فهذا هو واجبنا نحو الشهداء ونحو الجرحى ونحو المظلومين في غزة وفلسطين ولبنان، ومن أحسّ بملل أو فتور فليشاهد الأخبار من غزة ولبنان، وليشاهد صور الأطفال والنساء وما يفعل بهم الصهاينة؛ فذلك كفيل بأن يوقظ الضمائر الميتة، ويلهب المشاعر للتحرك مع غزة وفلسطين ولبنان، وقد حاول الصهاينة مؤخراً تحريك المرتزقة في بلدنا للتخفيف عليهم ومحاولة إلهائنا وشغلنا عن مساندة غزة وفلسطين، وهم بهذا يكشفون عن حقيقتهم، وأنهم جنود أمريكا وأعوان اليهود وسيُضربون بإذن الله الضربة القاضية.
*وفي الختام:*
ندعوكم بدعوة الله ودعوة رسوله ودعوة الإسلام، ودعوة غزة ولبنان، ودعوة الشهداء القادة للخروج المليوني في مسيرات يوم الجمعة جهادًا في سبيل الله، ونصرة للمجاهدين في غزة ولبنان.
*هذا وأكثروا في هذا اليوم وأمثاله* من ذكر الله، والصلاة على نبينا محمدٍ وآله؛ لقوله عزَّ مِنْ قائلٍ عليماً: { *إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}،* اللهم صلِ وسلم على سيدنا أبي القاسم محمدٍ بن عبدِالله بن عبدِ المطلب بن هاشم، وعلى أخيهِ ووصيهِ وباب مدينة علمهِ ليث الله الغالب، أميرُ المؤمنين عليٌ بن أبي طالب، وعلى زوجتهِ الحوراء، سيدةِ النساءِ في الدنيا والأخرى فاطمةَ البتولِ الزهراء، وعلى ولديهما سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين الشهيدين المظلومين، وعلى آل بيت نبيك الأطهار، وارضَ اللهم برضاك عن صحابةِ نبيِّك الأخيار، مِنَ المهاجرين والأنصار، وعلى من سار على نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وعلينا معهم بمنِك وفضلك يا أرحم الراحمين.
اللهم اهدِنا فيمَن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت وقِنا شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لا يذل مَن واليت ولا يعزُ من عاديت، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلّغنا به جنتَك ومن اليقين ما تُهون به علينا مصائبَ الدنيا ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارِنا وقواتنا ما أبقيتنا واجعلهُ الوارثَ منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصُرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتَنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبرَ همِنا، اللهم اجعل لنا من كلِ همٍ فرجًا، ومن كلِ ضيقٍ مخرجًا، ومن النارِ النجا، اللهم احفظ وانصر عَلَمَ الجهاد، واقمع بأيدينا أهل الشرك والعدوان والفساد، وانصرنا على من بغى علينا أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل وبريطانيا، ومن تآمر معهم وحالفهم وعاونهم، وانصر المجاهدين في غزة ولبنان والعراق وسوريا وإيران، وفي البحر الأحمر، وثبت أقدامهم وسدد رمياتهم يا قوي يا متين، يا رب العالمين: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}
عباد الله:
{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.

📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين بديـوان عــام الــوزارة.
-                               ---------------------------
     🖥️
قناة خاصة
  بالتعاميم
وخطب الجمعة
والمناسبات الدينية
وغيـرها


https://www.tgoop.com/wadhErshad
السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله:-


- أدعو شعبنا العزيز إلى الخروج المليوني يوم الغد في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات خروجا مشرفا متحديا لكل طواغيت العالم

- الخروج يوم الغد غزوة من أهم الغزوات في سبيل الله وهو خروج مهم له دلالته ويمثل رسالة مهمة أرجو الاهتمام بذلك.
قناة خاصة بالتعاميم
وخطب الجمعة
والمناسبات الدينية
وغيرها
https://www.tgoop.com/wadhErshad
الجمهورية اليمنية
وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة
قطاع التوجيه والإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
--------------------------------
الخطبة الثانية من شهر جمادى الأولى 1446ه‍

🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️

العنوان: (الذكرى السنوية للشهيد)

التاريخ: 13 / 5 / 1446هـ

آلـمـوافـــق 15 / 11 / 2024م
الرقـــــــَم: (19)

🔹أولاً: نقاط الجمعة
1-الذكرى السنوية للشهيد هي محطة مهمة لاستذكار مآثر الشهداء ولتمجيد عطائهم الذي هو أرقى عطاء ولإحياء روح الجهادوالاستشهاد في نفوسنا وذلك يزيدنا عزما وثباتا خصوصا في هذه المرحلة ونحن في ذروة الصراع المباشر مع أهل الكتاب
2-الشهداء قدموا بشهادتهم دلالةمهمة على ظلم الظالمين الذين سودوا وجه الحياة والشهادة أجلى تعبير عن القيم والأخلاق والحس الإنساني واستشعار المسؤولية التي كان يتحلى بها الشهداء
3-حديث القرآن عن الشهداء هو حديث متميز حتى في مقامهم واسمهم وثقافة الشهادة تعالج العائق الكبير لدى الناس الذي يمنعهم من التحرك وهو الخوف من الموت
4- الشهادة هي تضحيةواعية في سبيل الله تحقق للأمة النصر والعزة والتمكين وتحميها من الاستغلال لصالح أعدائها وقد رأينا المواقف المخزية لمعظم دول عالمنا العربي والإسلامي حتى في القمةالأخيرة التي عقدت في الرياض
5-من الوفاء للشهداء مواصلةطريقهم بلا وهن والاهتمام بأسرهم في كل الجوانب والاستمرار في خروج المسيرات المليونية والإنفاق لصالح إخواننا في فلسطين ولبنان وقواتنا المسلحة.

🔹ثانياً: نـص الخطبــة
بِـسْــــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَــنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَنشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَنشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
وارض اللهم عن الشهداء الذين منحتهم شرف الشهادة في سبيلك ابتغاء مرضاتك ونصرةً للمستضعفين من عبادك، ومنحتهم من فضلك وكرمك ومجدك ما أخبرتنا بقولك: {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِنْ خَلْفِهِمْ}.
*أما بعد/ أيها المؤمنون:*
إنّ الذكرى السنوية للشهيد هي محطة مهمة نستذكر فيها الشهداء، ونستذكر مآثرهم، ونستذكر منهم ما يزيدنا في عزمنا وفي ثباتنا وفي صمودنا؛ لنكون أقدر على مواجهة التحديات والأخطار التي لا تنفكّ عامًا بعد عام في ظل الاستهداف المتزايد لأمتنا من قِبل أعداء الأمة من اليهود الصهاينة والنصارى ومن يدور في فلكهم.
*والذكرى السنوية للشهيد هي ذكرى* مهمة لتمجيد عطاء الشهداء الذي هو أرقى عطاء؛ لأن أغلى ما يمتلكه الإنسان هي نفسه وروحه وحياته، والشهداء هم بذلوا أغلى ما يمتلكونه؛ فاستحقوا ذلك المقام والتكريم من الله سبحانه وتعالى ومن عباده، وحققوا للأمة العز والنصر والحرية، ودفعوا عن عباد الله المستضعفين خطر الاستعباد والإبادة.
وهذه المناسبة هي أيضًا لإحياء روح الجهاد والاستشهاد في مشاعرنا وقلوبنا وأنفسنا جميعًا كمؤمنين، وهي أيضاً للتأكيد على مواصلة السير في درب الشهداء، وفي طريق الحرية والكرامة والعزة والاستقلال، *{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}.*
وهذه الذكرى هي أيضاً للاحتفاء والتقدير لأسر الشهداء العزيزة والكريمة، ولتذكير المجتمع بمسؤوليته تجاههم.
ولهذه المناسبة كل هذه الأهمية خصوصًا في هذا الظرف الذي نعيشه ونحن في ذروة الصراع المباشر مع أعداء هذه الأمة وفي مقدمتهم أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وعملاؤهم من المنافقين.
*عباد الله الأكارم:*
الشهادة لها دلالات واسعة، والشهداء بشهادتهم يقدمون دلالة مهمة تُعبر بكل وضوح عن ظلم الظالمين وتجبرهم؛ فالشهداء في ميدان القتال وهم يواجهون المعتدين، وكذلك شهداء المظلومية من الأطفال والنساء وسائر المستضعفين في فلسطين ولبنان واليمن ومختلف المناطق؛ هم يتعرضون للقتل بغير حق، وينالهم هذا الظلم الذي يصل إلى حد الاستهداف لحياتهم، وهذا هو من أشد أنواع الظلم، ومن أقسى أنواع الظلم حينما يعمد الأشرار والطغاة والمجرمون والمستكبرون من بني الإنسان على إزهاق أرواح الآخرين، وسفك دمائهم، واستباحة حياتهم، والعمل على إبادتهم، وهذا يُعبر عن مظلومية كبيرة للمستضعفين المستهدفين المظلومين المعتدى عليهم.
وذلك في نفس الوقت: يدلل على مدى الإجرام، ومدى السوء، ومدى الطغيان، ومدى الإفلاس الأخلاقي والإنساني لدى قوى الشر والإجرام التي تصل في وحشيتها إلى هذا المستوى من العدوانية والطغيان؛ فتستبيح حياة بني الإنسان التي جعلها الله غالية، وهذا الإنسان هو الذي كرمه الله، وأراد الله له أن يعيش كريمًا عزيزًا في هذه الحياة، وأن يسمو في هذه الحياة، {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}.
والشهداء وهم يُقتلون بمظلوميتهم التي نشاهدها حينما تعرض شاشة التلفاز تلك المشاهد المأساوية والأليمة؛ فإن ذلك يُعتبر لعنة على الظالمين وعلى المجرمين الذين سودوا وجه الحياة، والذين ملؤوا الحياة بؤسًا، وحولوا واقع البشرية إلى واقع سيء.
أيها المؤمنون:
الشهادة بقدر ما تعبر عن المظلومية هي أيضاً أجلى تعبير عن القيم وعن الأخلاق؛ فشهداء الموقف الحق الذين يقفون في وجه الطغيان وفي وجه الظلم وفي وجه الإجرام، والشهداء الذين يسعون لإقامة الحق ولإقامة العدل ودفاعًا عن المستضعفين هم قدموا حياتهم وهم منشدون نحو الله سبحانه أولاً، وكذلك هم يدركون مسؤوليتهم تجاه الآخرين.
والشهداء انطلقوا بقيم عظيمة وعزيزة، ولديهم من المشاعر والأحاسيس الإنسانية ما جعلتهم يتألمون حينما يرون الظلم ويشاهدون الطغيان؛ فلم يقفوا مكتوفي الأيدي، ولم يتفرجوا على الواقع من حولهم الذي انتشر فيه الظلم والجريمة والاستباحة لحياة الناس، ولم يشاهدوا الطغاة والمجرمين والظالمين والمفسدين وهم يرتكبون أبشع الجرائم ثم لا يكون لهم موقف؛ لأن الشهداء أصحاب عزة وإباء وشهامة، وهم في الوقت نفسه لديهم حس المسؤولية الدينية أمام الله بحكم انتمائهم إلى هذا الدين الإسلامي العظيم الذي يفرض على منتسبيه والمنتمين إليه أن يكونوا قوّامين بالقسط، وأن يكونوا عونًا للمظلومين، وأن يقفوا خصومًا للظالمين وللمستكبرين.
والشهداء حملوا روح العطاء والإيثار والتضحية والصمود والشجاعة والثبات، ومن خلال مواقفهم وثباتهم وصمودهم وفي النهاية شهادتهم؛ هم عبّروا عن هذه القيم، وجسدوها في أرض الواقع موقفًا وعملاً وتضحيةً وعطاءً لا يساويه عطاء في واقع الإنسان.
*عباد الله:*
إنّ المتأمل في حديث في القرآن الكريم عن الشهداء يجد أنه حديث مميز حتى في مقامهم، وفي عنوانهم واسمهم، والإنسان قد يكون له مستوى معين من الأعمال الصالحة والجهد في سبيل الله وما شابه، لكنه بالشهادة يحقق قفزةً هائلة، ويرتقي إلى مرتبة ودرجة عالية جدًّا في القرب من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولذلك كانت الشهادة أُمْنِيَّة لأولياء الله مهما قدّموا من صالح الأعمال، وها هو أمير المؤمنين عليٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عندما فاز بالشهادة، كان تعبيره يدل على مدى إعظامه للشهادة ونظرته إليها بالرغم مما قد عمله، وبالرغم من منزلته العظيمة عند الله، لكنه هتف قائلاً: (فُزتُ وَرَبِّ الكَعْبَة).
‌فالشهادة هي فوزٌ عظيم، وسعادةٌ وتكريمٌ إلهيٌّ كبير، وفيها تشجيعٌ وتحفيزٌ على الاستجابة لله تعالى، والتحرك في سبيله، وتَبَنّي المواقف الصحيحة والمطلوبة، والاستعداد للتضحية، وثقافة الشهادة فيها معالجة للعائق الكبير تجاه ذلك وهو الخوف من الموت؛ فالإنسان قد يتشبث بهذه الحياة مع أنّ الأغلب يعيشون ظروفاً صعبة، ولكن هذه حالة لدى الإنسان أن يتشبث بالحياة، ويقلق من أي شيء قد يشكِّل تهديداً على حياته، وهذا يؤثر على الكثير من الناس حتى تجاه المسؤوليات العظيمة والمواقف المهمة؛ فيمثل الخوف من الموت أكبر عائقٍ لهم عن الاستجابة لله في أداء مسؤولياتهم التي هي لمصلحتهم هم في الدنيا والآخرة - أما الله فهو غنيٌ عنا وعن أعمالنا - فَقَدَّم الله ما يعالج هذه الإشكالية لدى الإنسان ضمن تدبيره سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى برحمته وبحكمته؛ فجعل للشهداء في سبيله استثناءً تجاه مسألة الموت، وجعل الموت بالنسبة لهم عبارة عن حالة عابرة ومحدودة جدًّا، وينتقلون من خلالها إلى حياةٍ حقيقيةٍ فيها الراحة والسعادة والتكريم الإلهي العظيم، والفرح الدائم، والاستبشار الأبدي، وفي سبيل الله لا خسارة أبداً، وهذا ما أكّد عليه في القرآن الكريم، في قوله سُبْحَانَه: { *وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ* }، وفي قوله: { *وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ . فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}.*
قلت ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
_ الخطبة الثانية_
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمدٍ وآله الطاهرين، ورضي الله عن صحبه المنتجبين.
*أما بعد/ أيها المؤمنون:*
من المهم جداً في هذه المناسبة أن نعمل على ترسيخ المفهوم القرآني الصحيح للشهادة على ضوء قول الله سبحانه: { *وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ* } { *وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا* }، ومن هذه الآيات نفهم أنّ الشهادة تعني: (تضحية واعية في سبيل الله).
*والتحرك وفق المفهوم القرآني* الصحيح للشهادة يحقق للأمة الكثير من النتائج المباركة، ومنها:
أنّ جهود الشهداء وتضحياتهم أثمرت لصالح الأمة ولصالح شعبنا العزيز: الحرية والكرامة والعزة والانتصارات، ودفع الله بها: الذل والهوان والاستعباد والقهر، وما كان سيترتب على سيطرة الأعداء من مظالم رهيبة، ولا يمكن التنكر لتلك الجهود والتضحيات، وفطرة الإنسان السليمة تجعله يُعظِّم هذه الجهود والتضحيات ويمجِّدها، ويشيد بها، ويشكرها، ويقدِّرها، ويتحدث عنها بإيجابيةٍ وإنصاف؛ لأنها جهود لها أثرها العظيم في الواقع، وأثرها يتعاظم يوماً بعد يوم، وثمارها ونتائجها عظيمة ومستمرة وممتدة ومتجددة؛ فالنقلة الكبيرة التي وصل إليها الشعب والبلد - في معركة التصدي للعدوان الأمريكي السعودي منذ بداية العدوان إلى اليوم - في مختلف المجالات، وفي مقدمتها: تطوير القدرات العسكرية، هي: ثمرة من ثمار الشهداء الذين تحركوا مجاهدين في سبيل الله.
كما أنّ من الثمار العظيمة لتضحيات شهدائنا: أنهم أنقذوا بلدنا من الهيمنة والوصاية الأجنبية، وكذلك تمكنا - في إطار عملية طوفان الأقصى وفي معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس - من استهداف السفن الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية والمرتبطة بهم في البحر الأحمر وباب المندب وصولًا إلى المحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط، بالإضافة إلى ضرب عمق العدو الإسرائيلي بالصواريخ والطائرات المسيرة، وكسرنا هيبة أمريكا.
أيها الأكارم المؤمنون:
‌إنّ الاتجاه الصحيح للشهادة في سبيل الله يحمي الأمة من الاستغلال لصالح أعدائها في إطار نفس العناوين؛ لأن هناك استقطاب في داخل الأمة حتى تحت العناوين الجهادية؛ لخدمة أمريكا وإسرائيل، وقد تجلى وبكل وضوح من يوالي أمريكا وإسرائيل من الدول العربية والإسلامية حتى في هذه الأيام والدم الفلسطيني واللبناني يسيل كل يوم، ورأينا كيف أصبحوا في جبهة واضحة وعارية ومنكشفة للأمة وأكثر من أي وقتٍ مضى، وهذه الدول تعادي كل من له موقف ضد العدو الإسرائيلي من أبناء الأمة.
وقد رأينا المواقف المخزية والمذلة لمعظم الدول العربية والإسلامية اللذين حتى حينما يجتمعون في قمة - كما حصل في قمة هذا الأسبوع في الرياض - نجد أنّ بعضهم يكتفي بالشجب والتنديد والإدانة، وبعضهم ما يزال مستمرًا في تصنيف حركة حماس بالإرهاب بدلًا من تصنيف الصهاينة بذلك كالنظام السعودي والإماراتي، وبعضهم بدلًا من إدانة الصهاينة والغرب الكافر يقوم بإدانة من يتحرك لنصرة الشعب الفلسطيني تحت ذريعة تهديد الملاحة البحرية كتصريح رئيس ما يسمى بالمجلس الرئاسي لمرتزقة الفنادق (رشاد العليمي)، وبعضهم يغلق مكتب حماس في دولته كما حصل من دولة (قطر)، ثم تنتهي هذه القمم دون أن يخرجوا بأبسط موقف كأن يفرضوا على العالم فكّ الحصار عن غزة ناهيكم عن أنّ المطلوب منهم هو أكثر من ذلك حيث كان الذي يجب عليهم هو التحرك الجاد لنصرة فلسطين ولبنان في كل الجوانب بما في ذلك الجانب العسكري، كما تعمل دول الغرب التي تقف بكل وضوح لدعم الإسرائيليين في كل الجوانب؛ فقليلٌ من الوعي والبصيرة يجعل الإنسان يعرف واقع هذه الدول؛ وبالتالي يساعد هذا على أن يختار الإنسان وجهته وموقفه على نحوٍ صحيح، وفي إطار هذا الواقع الذي تعيشه الأمة، والاستقطاب الحاد، والدفع الشديد نرى أنّ البعض من الناس قد يغيِّر اتجاهه نتيجةً للضغط بالترهيب والترغيب واللوم والحملات الإعلامية الشرسة المنظَّمة والمتنوعة، بينما الإنسان المؤمن بوعيه، وصبره، واستعداده للتضحية في سبيل الله؛ سينطلق بكل حرية، وبكل إباء، وبعزمٍ قوي، ولا يؤثر عليه شيء، ولا يصرفه شيء، ولا يردّه شيء.
عباد الله:
إن كل أسرة قدَّمت شهيدًا في سبيل الله فإنها بَنَت لَبِنَةً في صرح الإسلام العالي وبُنيانه العظيم، ووهبت لأُمتها عزًّا ونصرًا وكرامة.
وهنا لا بد من التذكير بالمسؤولية تجاه أسر الشهداء، والإشادة بهم، وبعطائهم، واحتسابهم، وصبرهم، وثباتهم، ومواقفهم المشرِّفة، ومن الواجب أن يتعاون الجانب الرسمي والشعبي في العناية بأسر الشهداء في كل المجالات: المادية، والتربوية، والاجتماعية، وفي كل الجوانب؛ لأن هذا هو من الوفاء للشهداء وتضحياتهم، ولا ينبغي أن يكون هذا الموضوع مقتصرًا - فقط - على الهيئة العامة لرعاية أُسر الشهداء.
‌وفي الختام:
من مدرسة الشهداء نتعلم: ألَّا تصيبنا مسألة التضحيات - مهما كانت - بالوهن والضعف، بل يجب أن يكون أثرها فينا: المزيد من العزم والقوة، وأن نسعى لأن نكون من أولئك الذين قال الله عنهم في القرآن الكريم: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}، ولا نصاب بالأسف والندم على أننا قدَّمنا تضحيات في سبيل الله تعالى؛ فالله يقول في القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، ولا يجوز أن تكون مسألة التضحيات حسرةً في قلب الإنسان، بل يجب أن تكون اعتزازاً وشعوراً بالرضى عن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وتقديساً لهذا العطاء، واحتراماً لهذا العطاء، وهو عطاءٌ في محله، ويباركه الله، وأجره عظيم.
ومن الوفاء للشهداء: الاستمرار في خروج المسيرات المليونية، وهنا لا بد من الإشادة بخروج الشعب اليمني الكبير والمهيب في الأسبوع الماضي، وقد أعلن شعبنا عن استمراره في نصرة القضية الفلسطينية والكفر بالطاغوت الصهيوني والأمريكي مهما كان مستوى التضحيات والمؤامرات.
كما أنه لا بد أن نتعلم من الشهداء: العطاء والإيثار والإنفاق حتى في الظروف الصعبة لصالح إخوتنا في فلسطين ولبنان، ودعمًا لقواتنا المسلحة اليمنية {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ} ونحن أحفاد الأنصار الذين قال الله فيهم: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
إخواني المؤمنين:
إن الاستخدام العشوائي والكبير للمبيدات من قبل المزارعين يعتبرجريمة خاصة عندما لا يتم استشارة مهندسين او مختصين زراعيين لهذا على المزارعين أن يتقوا الله في المواطنين وأن يخففوا من استخدام المبيدات فبعضهم للأسف الشديد يكثر من استخدام المبيدات في فصل الشتاء وخاصة للقات والسبب أن القات يتأخر في النمو، فيقوم المزارع باستخدام انواع واشكال المبيدات يريدها تنمو بسرعة وهذه جريمة، كم ظهرت من حالات أمراض السرطان في مجتمعنا والسبب المبيدات، لذا ندعوا الجهات المعنية للرقابة على محلات المبيدات وما يباع فيها، ومنع بيع المبيدات للمزارع الا بعد استشارة مهندسين مختصين.
عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اللهم فصلِ وسلم على سيدنا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم، وعلى أخيه الإمام علي، وعلى فاطمة البتول الزهراء، وعلى ولديهما الحسن والحسين، وعلى جميع آل رسول الله، وارض اللهم برضاك عن صحابة نبينا الأخيار من المهاجرين والأنصار.
ربنا لا تدع لنا في هذا اليوم العظيم ذنباً إلا غفرته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شافيته وعافيته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا خذلته، ولا مفقوداً إلا وكشفت مصيره، ولا أسيراً إلا وفككت أسره، {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} وانصرنا على أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وآل سعود وعملائهم من المنافقين فإنهم لا يعجزونك، اللهم ثبّت أقدام إخواننا المجاهدين في فلسطين وفي العراق وفي لبنان وفي يمن الإيمان، اللهم سدد رميتهم، وكن لهم حافظاً وناصراً ومعيناً يا أكرم الأكرمين، واحفظ اللهم قيادتنا وشعبنا من كل سوء ومكروه.
ونَسْأَلُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهَدَاءَنَا الأَبرَار، وَأَنْ يَرْفَعَ دَرَجَاتِهِم، وَأَنْ يَجْعَلَهُم فِي رِفَاقِ أَنْبِيَائِهِ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِه، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسْرَانَا، وَأَنْ يَنصُرنَا بِنَصْرِه، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.

📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين بديـوان عــام الــوزارة.
----------------------------
🖥️
قناة خاصة
بالتعاميم
وخطب الجمعة
والمناسبات الدينية
وغيـرها


https://www.tgoop.com/wadhErshad
قناة خاصة بالتعاميم
وخطب الجمعة
والمناسبات الدينية
وغيرها
https://www.tgoop.com/wadhErshad
الجمهورية اليمنية
وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة
قطاع التوجيه والإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
--------------------------------
الخطبة الثالثة من شهر جماد أول 1446ه‍
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️

العنوان: (ما البديل عن ثقافة الجهاد والاستشهاد؟)
التاريخ: 20/5/1446هـ 22/11/2024م
الرقم: (20)

🔷أولاً: نقاط الجمعة:
1️⃣-ما يحصننا في مواجهة استهداف أهل الكتاب لنا في كل المجالات هو ثقافة الجهاد والاستشهاد وحينما ابتعدت الأمة عنه ذُلت وهانت وأصبحت أُلعوبة بيد أعدائها.
2️⃣-البديل عن ثقافة الجهاد والاستشهاد بمفهومه القرآني أن يفقد الإنسان حياته وهو في صف الباطل فإما أن يحشره الأعداء للقتال في صفهم أويقتل وهو في حالة من الاستسلام أو يقتل في قضايا عبثية.
3️⃣-من البدائل عن ثقافة الجهاد والاستشهاد التخاذل والوهن والضعف الذي عليه حال الكثير من شعوب هذه الأمة والخيانة والتواطؤ من بعض الأنظمة العربية والإسلامية وأهم أسباب ذلك الخوف من الموت والتهرب من التضحية.
4️⃣-من المضحك المبكي أن تجد أمة الملياري مسلم يتفرجون على غزة ولبنان ولو كان القليل من هذه الجرائم بحق غيرها من الأمم لما سكتوا.
5️⃣-النظام السعودي يعمل على تمييع الأمة خدمة لأعدائها وثقافة القرآن والجهاد والاستشهاد تحمينا وبها استهدفنا البوارج وحاملات الطائرات الأمريكية ولأول مرة في تاريخ البشرية.
6️⃣-في ختام ذكرى الشهيد لابد أن يستمر الإهتمام بأسرهم ومواصلة طريقهم بخروج المظاهرات والمقاطعة والإنفاق وحمل ثقافة الجهاد والاستشهاد.

🔷ثانياً: خطبة الجمعة
الخطبة الأولى
بِـسْــــمِ اللَّهِ الرَّحْـمَــنِ الرَّحِـيْـمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَنشهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، القائل في كتابه الكريم: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ}، والقائل: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ . فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}.
وَنشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين، وإمام المتقين، وقائد المجاهدين، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
أما بعد/ أيها المؤمنون:
أوصيكم ونفسي بتقوى الله سبحانه وتعالى والجهاد في سبيله؛ عملًا بقوله جلّ جلاله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، وحينما نتأمل في الواقع السيء والمرير والمؤلم الذي تعيشه أمتنا بسبب استهدافها من قِبل أعدائها؛ فإننا نجد أنفسنا في هذه المرحلة بالذات أحوج ما نكون إلى ما يحصننا من هذا الاستهداف الممنهج والخطير في كل مجالات حياتنا، ولا شكّ أن من أهم ما سيحصننا من ذلك هو الإعداد والجهاد في سبيل الله بالمال والنفس: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ}.
أيها الأكارم المؤمنون:
حينما ابتعدت الأمة عن ثقافة الجهاد والاستشهاد: ذلّت وهانت وأصبحت ألعوبة في يد أعدائها من أهل الكتاب: {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ . اشْتَرَوْا بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ}، وحينما لم تُجند الأمة نفسها لمواجهة طواغيت العصر: (أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وأذنابهم): كان البديل عن ذلك هو: الاستعباد والقهر وتمكن الأعداء: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا
أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ}.
وحينما لم تقاتل الأمة أعداء الله: أُهدرت كرامتها، واستُبيحت مقدساتها، وانتُهكت أعراضها، وسُفكت دماؤها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ . إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
عباد الله:
إنّ البديل عن ثقافة الجهاد والاستشهاد بمفهومه القرآني الصحيح هو أن يخسر الإنسان حياته ويضحي بنفسه في سبيل الباطل:
فإمّا أن يحشره الأعداء رغماً عنه للقتال في صفهم، وهذا ما حصل قديمًا حتى في الحروب العالمية، واليوم هناك الكثير ممن هم في صف أمريكا وإسرائيل، وما أكثر من قُتِلَوا وقَاتَلوا قبل ذلك حيث أرادت منهم أمريكا وإسرائيل أن يقاتلوا، فقاتلوا وقُتِلُوا وخسروا.
أو قد يُقتل الإنسان في حالة من الاستسلام، والعجز التام، والانسحاق بجبروت الأعداء.
أو قد يُقتل الناس في قضايا عبثية، ولا تستحق هدر التضحيات من أجلها؛ فنجد الكثير قد يتحمَّسون للقتل والقتال والمعارك الضارية، ويدعون إلى النكف القبلي، أو النفير العام، ويندفعون بكل حماس من أجل قضايا لا تستحق حتى أن تسيء فيها بكلمة إلى أخيك المسلم، مثل: نزاع بسيط على أرض، أو في قضايا بسيطة معينة، ويمكن حلها بكل بساطة إذا توفرت الإرادة الصادقة والوعي وصفاء النفس؛ حيث يمكن حلها بصلح، أو بحكم قضائي.
فالذي لا يجند نفسه في سبيل الله، ولا يوطن نفسه للشهادة في طريق الله؛ فإنه قد يقتل وهو في طريقٍ آخر؛ فيكون ممن خسر الدنيا والآخرة والعياذ بالله: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}.
أيها المؤمنون:
كما أنّ البديل عن ثقافة الجهاد والاستشهاد هو: حالة التخاذل والوهن والضعف والتقصير والتفريط، والتهاون والإهمال واللامبالاة، وانعدام الحس الإنساني والأخلاقي والشعور المعنوي، وهذا هو ما عليه حال الكثير من الدول العربية والإسلامية، ومن كوارث ذلك تمكّن أمريكا وإسرائيل الذين لهم رصيد إجرامي كبير، ومن أهم الأمثلة على جرائمهم ما يحصل في (غزة ولبنان).
ومن أكثر عوامل التفريط والتخاذل هو الخشية من الموت، والتهرب والقلق من التضحية، وهذا هو ما أكّده الله كثيراً في القرآن الكريم، من مثل قوله تعالى: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا}، ويقول الله أيضاً وهو يوبِّخ، ويعاتب، ويكشف سوء رأي البعض، ممن يمتلكون نظرةً سلبية تجاه التضحية في سبيل الله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا . أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}، ويقدِّم القرآن الكريم أيضاً درساً عجيباً ومهماً عن قومٍ من الأقوام، ممن كانت لديهم هذه الرؤية تجاه التضحية في سبيل الله في إطار الموقف الصحيح الذي يحميهم، ويدفع عنهم خطر أعدائهم؛ فيقول الله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ . وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
عباد الله الأكارم:
إنّ من المضحك المبكي في نفس الوقت: أن تجدَ أمة الملياري مسلم يتفرجون على ما يحصل من جرائم يندى لها جبين التاريخ والإنسانية في غزة ولبنان، ولو كان القليل من هذه الجرائم بحق أي أمةٍ أخرى من أمم الأرض كاليهود أو النصارى أو الوثنيين أو حتى بحق عباد البقر؛ لَمَا سكتوا ولتحركوا لمواجهة ذلك، بينما نحن المسلمين يراد لنا أن نسكت وأن نتفرج حتى يصل الدور إلينا.
وقد وصل الحال بالبعض إلى التواطؤ والمساندة لأعداء هذه الأمة، والبعض يعيشون حياتهم وكأن الأمر لا يعنيهم، وها نحن نجد أنّ الرسول "صلوات الله عليه وعلى آله" يقول في نصٍ مشهور ومعروف بين الأمة: (مَنْ أَصْبَحَ لاَ يَهْتَمُّ بِأَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَمَنْ سَمِعَ مُسْلِماً يُنَادِي: يَا لَلْمُسْلِمِينَ، فَلَمْ
يُجِبْهُ فَلَيْسَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
بينما الانتماء الإيماني وثقافة الجهاد والاستشهاد ستجعلك تعيش الإحساس؛ لأنه يربطك بهذه الأمة كل شيء: مصيرك وحياتك، والخير والشر، والبؤس والنعيم، والضر والنفع مرتبط بهذه الأمة وبهذا الواقع؛ فإذا تنكرت، وإذا كنت تتهرب من هذه المسؤولية؛ فإن ذلك لن يعفيك عما سيطالك بسبب هذا التنصل عن المسؤولية، وستسحقك الأحداث، وستطالك المتغيرات إما بشرّها أو بأخطارها، ولن يعفيك التنصل عن المسؤولية، ولن ينفعك الحِياد، ولن يجديك شيئاً؛ لأنك واحدٌ من هذه الأمة، وإذا تنصل كل واحدٍ منا في هذه الأمة عن مسؤوليته وتفرج على الآخرين؛ فإنه يهيئ الظروف لأن يأتي عليه الدور وهو في حالةٍ من الانفراد والعجز والضعف ليُسحق بكل بساطة وبكل سهولة، أما إذا أحسّ كل واحدٍ منا بالمسؤولية تجاه الآخر، وتعاونا وتكاتفنا وتظافرت جهودنا؛ فإننا سنكون في منعة، وسنكون أقوياء، وسيكون موقفنا قوياً ومجدياً وفعالاً، وسنحقق لأنفسنا وللمستضعفين من أمتنا: النصر والعزة والتمكين، يقول الله تعالى: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا . الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}.
قلت ما سمعتم، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمدٍ وآله الطاهرين، ورضي الله عن صحبه المنتجبين.
أما بعد/ أيها المؤمنون:
‌إنّ الأعداء في هذه المرحلة يستهدفون الأمة في كل المجالات، ويحاولون أن يضربوا الجانب المعنوي والروحية الإيمانية لدينا، ويعملون على إبعادنا عن ثقافة الجهاد والاستشهاد في سبيل الله بمعناه الصحيح؛ لأنهم يعرفون أهمية ذلك في الارتقاء بالأمة إلى مستوى مواجهتهم، وهم يشتغلون بكل الوسائل: كالتمييع، والدفع نحو الرذيلة، والضياع، وإفساد القيم والأخلاق، وشراء الذمم بالأموال، وفي المقابل أيضاً يستخدمون سلاح الجبروت، والبطش، والهمجية، والطغيان، والتوحش، والإجرام، والقتل الجماعي، والتدمير، كوسيلة أخرى لإذلال الشعوب، ولكسر إرادتها، ولتحطيم معنوياتها، ولإجبارها وإخضاعها للاستسلام.
وفي هذه الأيام ها نحن نشاهد ونرى ما يعمله النظام السعودي فيما يسمى بموسم الرياض، حيث يستضيفون الفنانات العاهرات من كل أنحاء العالم بملايين الدولارات، حتى وصل بهم الحال إلى إقامة حفلات الرقص والمجون حول مجسمٍ يشبه شكل الكعبة المشرفة ضاربين بذلك عرض الحائط حرمة المقدسات الموجودة لديهم كمكة والمدينة، كما باعوا سابقًا المقدسات في فلسطين، وهم بذلك يسعون إلى إفساد أمتنا ونشر الفواحش والرذائل حتى يسهل على أعدائنا أن يسحقونا ويمتهنوا كرامتنا ويحتلوا أوطاننا وحسبنا قول الله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آَمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
وها هم أيضاً يستعدون لإقامة مهرجان الكلاب كما فعلوا في العام الماضي في الوقت الذي ما تزال الأمة تنزف جراحها خصوصًا في (فلسطين ولبنان)، وفي الوقت الذي يتم فيه نسف المباني السكنية في قطاع غزة، وفي الوقت الذي ما تزال الكلاب البشرية المسعورة من الصهاينة يرسلون الكلاب الحيوانية لنهش لحوم النساء الكبيرات في السن ولنهش جثث الشهداء من الفلسطينيين، والله المستعان.
عباد الله:
أمام كلما سبق لا بد أن نفهم أن ثقافة الجهاد والاستشهاد وفق الرؤية القرآنية هي التي ستحمي الأمة من الضياع والتمييع والرذيلة والفساد، وهي التي سترسِّخ المبادئ والقيم العظيمة، وهي التي ستربي الإنسان على الإباء والعزة والكرامة، وهي التي سترتقي بالأمة إلى مستوى التحرك لمواجهة الأعداء، مهما كان جبروتهم وطغيانهم، ومهما كانت وحشيتهم.
وها نحن نجد مصاديق ذلك في واقع المجاهدين الأعزاء في غزة ولبنان، وفي واقع بقية محور الجهاد والمقاومة وجبهات الإسناد في العراق ويمن الإيمان، ومن ذلك: القرارات والخطوات العملية والجريئة لشعبنا العزيز وقيادتنا القرآنية المباركة التي استهدفت عمق الكيان الصهيوني، كما استهدفت البارجات والمدمرات وحاملات الطائرات الأمريكية في البحار، وجعلتها تهرب وتبتعد لمئات الأميال، وقد كان لنا شرف القيام بذلك لأول مرّة في التاريخ؛ لأنه لم تجرؤ أي دولة في هذا العالم أن تقوم بذلك بما في ذلك الدول التي بينها وبين أمريكا عداوة كالصين وروسيا وكوريا وغيرها.
وما كان ذلك ليتحقق لنا إلا بفضل الله وتوفيقه وعونه وتأييده، وبعظمة المشروع القرآني وقيادته المباركة، ولأننا حملنا ثقافة الجهاد والاستشهاد، وببركة تضحيات شهدائنا العظماء وجرحانا الأوفياء التي أثمرت لنا عزًا ونصرًا وكرامةً في الوقت الذي فقدت فيه الأمة عزتها، وأُهدرت كرامتها: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ . وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}.
أيها المؤمنون:
في ختام الذكرى السنوية للشهيد: لا بد أن يستمر الاهتمام بأسرهم في كل المجالات طيلة العام على المستوى الرسمي والشعبي، وكما قال السيد القائد: (أكرموهم يكرمكم الله).
كما أنه لا بد من الاستمرار في خط الشهداء والثبات على طريقهم حتى يتحقق النصر، ومن ذلك: خروج المظاهرات الأسبوعية، والمقاطعة الاقتصادية، وحملات الإنفاق، والالتحاق بدورات طوفان الأقصى، والارتباط بالمشروع القرآني وقيادته المباركة، والتثقف بثقافة الجهاد والاستشهاد: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ . وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ . فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}.
عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اللهم فصلِ وسلم على سيدنا محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم، وعلى أخيه الإمام علي، وعلى فاطمة البتول الزهراء، وعلى ولديهما الحسن والحسين، وعلى جميع آل رسول الله، وارض اللهم برضاك عن صحابة نبينا الأخيار من المهاجرين والأنصار.
ربنا لا تدع لنا في هذا اليوم العظيم ذنباً إلا غفرته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شافيته وعافيته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا خذلته، ولا مفقوداً إلا وكشفت مصيره، ولا أسيراً إلا وفككت أسره، {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} وانصرنا على أمريكا وإسرائيل وبريطانيا وآل سعود وعملائهم من المنافقين فإنهم لا يعجزونك، اللهم ثبّت أقدام إخواننا المجاهدين في فلسطين وفي العراق وفي لبنان وفي يمن الإيمان، اللهم سدد رميتهم، وكن لهم حافظاً وناصراً ومعيناً يا عزيز يا جبار، واحفظ اللهم قيادتنا وشعبنا وأمتنا من كل سوء ومكروه يا رب العالمين.
{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} {رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
عباد الله:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.


📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين بديـوان عــام الــوزارة.
----------------------------
🖥️
قناة خاصة
بالتعاميم
وخطب الجمعة
والمناسبات الدينية
وغيـرها


https://www.tgoop.com/wadhErshad
قناة خاصة بالتعاميم
وخطب الجمعة
والمناسبات الدينية
وغيرها
https://www.tgoop.com/wadhErshad
الجمهورية اليمنية
وزارة الإرشاد وشؤون الحج والعمرة
قطاع التوجيه والإرشاد
الإدارة العامة للخطباء والمرشدين
--------------------------------
الخطبة الرابعة من شهر جماد أول 1446ه‍
🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️🎙️

العنوان: (المسؤولية )

التاريخ:27 / 5 / 1446هـ

المـوافـق 29 / 11/ 2024 م
الرقم: (21)

🔷أولاً: نقاط الجمعة:

1️⃣-الأمة الإسلامية أضاعت المسؤولية في إعلاء كلمة الله ونصرة المستضعفين والوقوف في وجه كل باطل أياً كان مصدره وذلك بسبب أنها لم تعد جسداً واحداً يحمل هما واحداً وقضايا واحدة وإنما أصبحت مفرقة جغرافيا وفكريا وثقافيا بفعل وطأة الاستعمار حتى أصبحت دويلات وكنتونات مفصولة عن قضاياها المركزية.
2️⃣-الذين يتم استهدافهم هم إخواننا من المسلمين فلا يجوز أن نتفرج عليهم ولا بد أن نتحمل مسؤوليتنا في نصرتهم.
3️⃣-معركتنا مع اليهود مستمرة ولا يمكن تجنب الصراع معهم ومن يجاملهم أو يداهنهم من الأنظمة العربية والإسلامية هو بعيد عن توجيهات الله فلا بد من التحرك الجماعي في كل المجالات لمواجهتهم.
4️⃣-من أهم المسؤوليات في مواجهة أعدائنا هو الاستمرار في خروج المظاهرات بلا ملل أوفتور لأننا شعب أتيح لنا فرصة الجهاد على المستوى الرسمي والشعبي بينما غيرنا لا يجرؤون على الخروج خوفا من أنظمتهم التي توالي أمريكا وإسرائيل.
5️⃣-من ضمن المسؤولية مقاطعة منتجات الأعداء والالتحاق بدورات طوفان الأقصى والإنفاق لصالح قواتنا المسلحة ولإخواننا في فلسطين ولبنان.
🔹ثانيـاً: نص الخطبــة
الخطبة الأولى
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي قضى فَحَكَم، وأَمَرَ فَعَدَل، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، القائل في كتابه المبين: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا)، وأشهد أن سيدنا محمدًا رسول الله الذي قال الله عز وجل في شأنه: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ).
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وارض اللهم برضاك عن صحابة نبيك الأخيار من المهاجرين والأنصار.
أما بعد/ عباد الله:
أوصيكم ونفسي أولاً بتقوى الله وطاعته فيما أمر ونهى، واعلموا أنّ مما تعانيه الأمة الإسلامية في عصرنا الراهن هو إضاعتها للمسؤولية؛ المسؤولية في إعلاء كلمة الله، ونصرة المستضعفين، ومساندة المظلومين، وإرساء دعائم الحق، والوقوف في وجه كل باطل أياً كان مصدره، والجهة التي وراءه، وهذا هو ما تعانيه الأمة الإسلامية؛ وذلك بسبب أنها لم تعد جسداً واحداً يحمل هماً واحداً وله قضايا واحدة، وإنما أصبحت مجزأة جغرافياً، وممزقة فكرياً وثقافياً بفعل وطأة الاستعمار الذي خيّم عليها مدةً من الزمن، وأصبحت هذه الأمة دويلات وكنتونات مفصولة عن قضاياها المركزية، ومضيعة للأمر الإلهي الموجه إليها من رب العالمين، بينما الله سبحانه يقول: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا).
واليوم تُضرب الأمة الإسلامية في عمقها، وممن تُضرب؟! هل تُضرب من عدوّ لم يكن في حسبانها؟! أم من عدو أخبر الله عنه أنه عدو، وحذّر منه فقال: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ) وقال سبحانه: (يأيها الَّذِينَ آمَنُوا) - وهذا نداء لنا جميعاً - (خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا)، والنفير يعني التحرك الجماعي والشامل في مواجهة العدو؛ والتحرك بشتّى أشكاله وأساليبه، وكلٌ في حدود استطاعته بدون كسل أو ملل.
عباد الله:
ما دام أنّ الهجمات على الأمة الإسلامية مستمرة؛ فمسؤوليتنا قائمة مستمرة، ولنعلمْ أنه لا يمكن أن تمرّ الأمة الإسلامية بفترة زمنية وهي خالية الوفاض، ولا مسؤولية عليها، بل إنّ المسؤولية قائمة على مستوى أفرادها ومجتمعاتها وشعوبها في كل زمان، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته)، أما في عصرنا فإنّ مسؤوليتها آكد وأعظم خصوصاً ونحن نرى ما يفعله الصهاينة بإخواننا في قطاع غزة وجنوب لبنان.
وهل هؤلاء المظلومون الذين تُدمر بيوتهم على رؤوسهم، ويُهَجّرون، وتُنفذ في حقهم إبادات جماعية، هل هم غير محسوبين على أمة الإسلام حتى نتفرج عليهم ولا يكون لنا أدنى موقف لنصرتهم؟!، فأين نحن من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (من سمع منادياً ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس من المسلمين)؟!، أما نحن فنسمع نساء وأطفال غزة ينادون: أين العرب؟! أين المسلمون؟! ثم نكسل عن الخروج في مسيرة تؤيدهم، وهي أقل واجب يمكن أن يقوم به كل واحد منا، ونحن نحمد الله على إتاحة ذلك لنا في الوقت الذي لم يُتح ذلك لبقية الشعوب المسلمة التي تعاني من ولاء حكامها لليهود والنصارى، أما نحن فمن يوجهنا ويسهل لنا حضور مثل هذه المسيرات هي الجهات الرسمية وبفضل القيادة الربانية ممثلةً بالسيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، وذلك يعتبر ثمرة من ثمار التولي الصحيح لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإعلان الجهاد تحت رايتهم، ونعمةٌ كبيرةٌ أن نصل إلى إخلاء ذمتنا بأبسط موقف، وذلك من خلال الحضور في مسيرة منددة بجرائم العدو الصهيوني، ومساندة لإخواننا المجاهدين في فلسطين ولبنان واليمن والعراق وفي كل محور الجهاد والمقاومة، والإثم علينا كبير إذا تكاسلنا عن ذلك أو أصابنا الملل، بل إثمنا سيكون أكبر من إثم غيرنا؛ لأن هناك شعوباً لا يمكن أن تصل إلى موقفنا إلا بعد تضحيات جسيمة وخروج على حكامها الظلمة، وذلك الخروج سيكلفها ثمناً باهظاً في الأرواح والممتلكات، ولذلك فاليمني الذي لا يخرج في مسيرة يعلن فيها موقفه مع إخوانه المظلومين في فلسطين ولبنان إثمه أكبر من ذلك السعودي الذي إذا خرج فإنه سيتعرض للإيذاء والحبس من نظامٍ عميلٍ للصهاينة، وإرادته إرادة الصهاينة، وموقفه موقف الصهاينة، ورغبته رغبة الصهاينة، وهو نظام عميل يُعد نسخة من نظام الكيان الصهيوني، قال تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)، فهل هناك فرق بين جرائم آل سعود طوال عدوانهم على بلدنا وجرائم الاحتلال في فلسطين ولبنان؟! أم أنه لا يوجد أي فرق؟!.
أيها المؤمنون:
من هذا المنطلق نستنهض هممكم للاستجابة لتوجيهات الله ورسوله والسيد القائد؛ لأنه لم يعد هناك أي عذر، والأمور متاحة لنا، ونأمل أن يكون هناك زخم كبير في إبداء مواقفنا كيمنيين، لنجسد قول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: (الإيمان يمان والحكمة يمانية).
وعندما نقول: نأمل أن يكون لنا زخم كبير في إبداء مواقفنا، فإن ذلك يكون بحضور المسيرات والفعاليات المنددة بجرائم العدو، وبمشاركة كل قادر في دورات طوفان الأقصى، وبالإنفاق في سبيل الله لدعم المظلومين في فلسطين ولبنان، ولإسناد المجاهدين في كل محور الجهاد والمقاومة، ولدعم القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير في بلادنا والذي وصل إلى عمق الكيان الصهيوني، قال تعالى: (وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ).
وكل مجالات الإنفاق التي ذكرناها سابقاً: هل أحد يستطيع أن يقول أنها ليست وجوه خير؟!، لا أحد يستطيع أن يقول ذلك، وما دامت أنها كلها وجوه خير فما علينا إلا أن ننفق فيها، قال الله تعالى في معرض حديثه عن وجوب الإعداد للعدو: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ)، وهذا يدل على أنّ الإنفاق صورة مهمة من صور الإعداد للعدو الذي أُمرنا به في الآية السابقة.
عباد الله:
ينبغي أن نعلم بأنّ المعركة مع أعدائنا اليهود مستمرة، وليس بالإمكان تجنب الصراع معهم، ومن مجمل ما أخبر الله به عنهم والموجهات التي وجهنا إليها نصل إلى نتيجة واحدة لا ثاني لها: هي أنّ الصراع مع اليهود أمرٌ لا خلاص منه، فإن استجبنا لله فيما وجهنا إليه فنحن منتصرون في هذا الصراع، وإلا فالخسارة هي التي ستكون من نصيبنا، فمن يداهن أعداء الله ويجاملهم على حساب مبادئ دينه فهو مخالف لتوجيهات الله، وذلك ما تفعله بعض الأنظمة العربية مع أمريكا وإسرائيل بحجة أن المداهنة والمجاملة هي السياسة العقلانية، بينما أعداؤنا بعيدون عن العقلانية بُعد المشرقين والمغربين، وهذه الأنظمة العميلة بعيدة عن منهجية القرآن وروحه وجوهر تعليماته، فقد قال الله تعالى وهو يتحدث عن الكافرين الذين كانوا في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ .
فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ . وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ . وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ).
إخوة الإيمان:
من هنا نبعث رسالة إلى الإخوة المزارعين ليكونوا على وعي: أن المبيدات المهربة والممنوعة والمحظورة عدوان آخر يستهدف اليمن فلا تكن شريك في ذلك، والمبيدات المسرطنة خطر يهدد البيئة والمجتمع على حد سواء، أما المبيدات الكيميائية المهربة فهي قاتلة واستخدامها أو بيعها أو تداولها من قبل التاجر أو المزارع يُعد جريمة فلا تكن شريك في قتل ومعاناة البعض بتعاملك أللامسؤول، وكلما ازدادت كمية المبيدات التي تتسلل إلى جسمك كلما ابتعدت عن الإرشادات الوقائية،أما رشك للمبيدات على الثمار وقطفها قبل انتهاء فترة السماح تعد جريمة تهدد حياة الأبرياء.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولوالدي ولوالديكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ندّ له ولا مثيل، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الأطهار، ورضي الله عن أصحابه المنتجبين الأخيار، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد/ أيها المؤمنون:
أوصيكم بما أوصى الله به عباده في الماضي والحاضر بقوله: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ).
عباد الله:
إنّ التحرك الشامل في مواجهة الأعداء؛ أمرٌ لا بد منه لدفع خطرهم عنا، فهؤلاء الأعداء لا يمكن أن يتحولوا في يوم من الأيام إلى أصدقاء، والمعركة اليوم مع العدو لا تخصّ أولئك المرابطين الذين يخوضون المواجهة المسلحة معهم فقط، وإنما المعركة اليوم هي معركة وعي، ومعركة استنفار همم، ومعركة إيجاد رؤية جماهيرية صحيحة حول مواجهة العدو، وقد مرّ المسلمون في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما يشابه هذه الحالة، حيث استنفر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوتي الأحزاب وتبوك كل المسلمين، والعدو اليوم يحاول أن يخترقنا في بنيتنا المجتمعية؛ لكنه عندما يرى الأمة موحدة في تحركها؛ فإنّ ذلك يقطع على العدو ما كان يؤمل فيه من الاختراق وتمزيق الأمة من الداخل.
عباد الله:
إنّ مما يعزز الرؤية الجماعية في مواجهة الصهاينة هي المشاركة في المسيرات، وها هم إخواننا في فلسطين يدعون إليها، ولها أثرها المهم حينما يرصدها العدو، كما أنها تعيقه عن التجرؤ علينا، ولذلك فإنه لا ينبغي الملل والكسل عن حضور هذه المسيرات، ولا تكن مصالحنا الشخصية عائقاً عن حضورها؛ لأن بالإمكان تأجيل هذه المصالح وترحيلها إلى الوقت المناسب، قال تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)، والمواجهة مع العدو لا يعززها ويقويها إلا الرؤية الجماعية، ووحدة القيادة، والتعاون، وكل هذه اعتمدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما أجلى اليهود من المدينة وما جاورها حتى أَمِنَ شرهم ومكرهم ومؤامراتهم، ونحن أحوج إلى الوحدة اليوم في مواجهة الصهاينة؛ لأن الأمة الإسلامية ينقصها القرار الواحد الحاسم، ولذلك يدعو السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطاباته إلى الوحدة، ويحذر من تجزئة المعركة مع العدو، والصهاينة اليوم هدفهم ألّا تتوسع المعركة؛ ليستفردوا بنا شعباً شعباً ودولةً دولةً حتى ينهونا جميعا ويقضوا علينا؛ لأنهم لا يريدون لنا البقاء بعزة وكرامة، ولا يريدون أن نحيا حياة كريمة، قال تعالى: (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
ولذلك - يا عباد الله - خطيرٌ جداً أن نملّ ونحن نخرج كل أسبوع، وإخواننا في قطاع غزة يُقتلون ويُشردون على مدى أكثر من عام كل يوم وكل ساعة، ونحن لنا أطفال كأطفالهم ولنا نساء كنسائهم ولنا شيوخ كشيوخهم وهم إخواننا، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان) أو قال: (كالبنان يشد بعضه بعضا)، وإذا لم نحس بآلامهم فمعنى ذلك أن أواصر الأخوة الإيمانية قد ضاعت فيما بيننا نتيجة
بعدنا عن هدى الله، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
وعندما نخرج مشاركين في المسيرات كل جمعة فليكن خروجنا بدافع إيماني، ودافع إحساس بالمسؤولية وليس مجرد دافع حماسي؛ لأنه إذا كان خروجنا بدافع الحماس فإنه لن يستمر، وعلينا أن نعلم بأن الله يكتب لنا بكل خطوة حسنة؛ لأن ذلك ما لا يريده العدو الصهيوني، بل هو يريد أن يكون المجاهدون معزولين عن بيئتهم وفاقدين لحاضنتهم، والمسيرات الجماهيرية تؤكد أنّ وراءهم شعوباً تؤيدهم، ولذلك فالخروج في المسيرات يغيظ الصهاينة، وهذا دليل على أنه عمل صالح يؤجر عليه الإنسان، ويصير به مشاركاً للمجاهدين في الأجر والثواب، قال تعالى: (مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ . وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا
وختاماً:
أدعوكم بدعوة الله، ودعوة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ودعوة السيد العَلَم في خطابه بالأمس، ودعوة كل مظلوم في فلسطين ولبنان إلى الخروج في مسيرات يوم الجمعة وفق الترتيبات المعدّة من اللجنة المختصة، كما أدعوكم إلى مقاطعة بضائع العدو والمتعاونين معه، والإنفاق في سبيل الله، وعلى كل قادر صحيح البدن الالتحاق بدورات طوفان الأقصى، وعلى كل واجد ميسور الحال دعم القوة الصاروخية وسلاح الجو الميسر عبر حساباتهم في البريد.
هذا وصلوا وسلموا على من أُمرتم بالصلاة والسلام عليه في قوله تعالى ولم يزل قائلاً عليماً مرشداً حكيماً: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يأيها الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، اللهم صل وسلم على سيدنا أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وعلى أخيه ووصيه وباب مدينة علمه ليث الله الغالب، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وعلى زوجته الحوراء، سيدة النساء في الدنيا والأخرى فاطمة البتول الزهراء، وعلى ولديهما سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين الشهيدين المظلومين، وعلى آل بيت نبيك الأطهار، وارض اللهم برضاك عن صحابة نبيك الأخيار من المهاجرين والأنصار، وعلى من سار على نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وعلينا معهم بمنّك وفضلك يا أرحم الراحمين، اللهم اجعل لنا من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجًا، ومن النار النجا، اللهم احفظ وانصر عَلَم الجهاد، واقمع بأيدينا أهل الشرك والعدوان والفساد، وانصرنا على من بغى علينا: أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل وبريطانيا، ومن تآمر معهم وحالفهم وعاونهم، وانصر المجاهدين في غزة ولبنان وانصر مجاهدينا في القوة البحرية والجوية والصاروخية، وثبت أقدامهم وسدد رمياتهم يا قوي يا متين يا رب العالمين: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
عباد الله:
{ِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْـمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.

📝 صـادر عـن الإدارة العامــة للخطباء والمرشدين بديـوان عــام الــوزارة.
----------------------------
🖥️
قناة خاصة
بالتعاميم
وخطب الجمعة
والمناسبات الدينية
وغيـرها


https://www.tgoop.com/wadhErshad
2024/11/29 09:11:42
Back to Top
HTML Embed Code: