tgoop.com/ALATHR550/8469
Last Update:
وقد وصفت لنا ذلك المنظر الأسطوري لعمالقة العرب الموحدين إحدى النساء الفارسيات اللائي أسلمن بعد ذلك بقولها:
«فوقفنا ننظر إليهم، والله ما رأينا أربعة عشر مثلهم قَطُّ يعادَلون بألف، وإن خيولهم لتنفث غضبًا وتضرب في الأرض، ووقعت في قلوبنا المهابة، وتشاءمنا».- اللقاء مع كسرى-
وتقدم وفد العمالقة الأربعة عشر بقيادة القائد النعمان بن مقرن رضي الله عنه حتى وصل إلى مجلس كسرى يزدجرد فقال لهم كسرى الفرس بواسطة ترجمانه: «ما جاء بكم ودعاكم إلى غزونا والولوغ ببلادنا؟ أمن أجل أنا تشاغلنا عنكم اجترأتم علينا؟»
فنظر النعمان بن مقرن بكل أدب وتواضع إلى بقية أعضاء الوفد المنضوي تحت قيادته وقال لهم: «إن شئتم أجبته عنكم وإن شاء أحدكم أن يتكلم آثرته بالكلام».
فقالوا: «بل تكلم»، ثم التفتوا الى كسرى بكل عزة وقالوا له: «هذ الرجل يتكلم بلساننا فاستمع إلى ما يقول».
فقام صاحب رسول الله ﷺ النعمان بن مقرن رضي الله عنه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال لإمبراطور الفرس كسرى يزدجرد:«إن الله رحمنا، فأرسل إلينا رسولًا يأمرنا بالخير وينهانا عن الشر، ووعدنا على إجابته خيري الدنيا والآخرة، فلم يدع قبيلة قاربه منها فرقة، وتباعد عنه منها فرقة، ثم أمر أن نبتدئ بمن خالفه من العرب، فبدأنا بهم، فدخلوا معه على وجهين مكره عليه فاغتبط، وطائع فازداد، فعرفنا جميعًا فضل ما جاء به على الذي كنا عليه من العداوة والضيق، ثم أمر أن نبتدئ بمن جاورنا من الأمم، فندعوهم إلى الإنصاف، فنحن ندعوكم إلى ديننا، وهو دين حسَّن الحسن، وقبَّح القبيح كله، فإن أبيتم فأمرٌ من الشر أهون من آخر شر منه: الجزية، فإن أبيتم فالمناجزة، فإن أجبتم إلى ديننا خلفنا فيكم كتاب الله، وأقمنا على أن تحكموا بأحكامه، ونرجع منكم وشأنكم وبلادكم، وإن بذلتم الجزيه قبلنا منكم وشأنكم وبلادكم، وإن بذلتم الجزيه قبلنا منكم ومنعناكم وإلا، قاتلناكم».
لم يصدق كسرى يزدجرد ما سمعه للتو من النعمان بن مقرن رضي الله عنه ، فلم يعتد أكاسرة الفرس أن يسمعوا قولًا بهذه العزة من أحد من رعيتهم أو من رسولٍ من رسلِ الإغريق أو الرومان، وكأن كسرى يزدجرد لم يعلم أنه أمام فارس بدوي تربى منذ الصغر في صحراء العرب أن الموت من أجل شرفه أهون عليه من الحياة ذليلًا، فجاءه الإسلام ليزيده عزة فوق عزة، وإباءً فوق إباءٍ، لم يفقه العلج الفارسي أنه أمام بشرٍ من نوعٍ آخر، لم يفقه المسكين أنه أمام تلميذٍ من تلامذة محمد بن عبد الله ﷺ، فهو أمام صحابي من الصحابة الكرام، فاستشاط يزدجرد غضبًا وقال للنعمان والغيظ يكاد يتفجر من عينيه: «إنى لا أعلم أمة في الأرض كانت أشقى منكم ولا أقل عددًا ولا أشد فُرقة ولا أسوأ حالًا، وقد كنا نكِل أمركم الى ولاة الضواحي فيأخذون لنا الطاعة منكم، ولا تطمعون أن تقوموا لفارس، فإن كان غرورٌ لحقكم فلا يغرنكم منا، وإن كان الفقر، فرضنا لكم قوتًا إلى خصبكم، وأكرمنا وجوهكم، وكسوناكم، ومَلكنا عليكم ملكًا يرفق بكم».
عندها جاء الدور على صحابي آخر من صحابة رسول الله ﷺ ليلقن كسرى فارس درسًا سيظل محفورًا في ذاكرة المجوس إلى يوم الناس هذا، ليجعلهم يكرهون كل ما يمت للعروبة والصحابة الكرام بصلة، جاء دور أسد من أسود قبيلة الأسد العربية، فقد جاء الدور هذه المرة على المغيرة بن زرارة الأسدي رضي الله عنه، فنظر إلى كسرى يزدجرد بكل برودة أعصاب ووقف يرد على استهزائه بالعرب:
«يا كسرى فارس، إنك وصفتنا صفة لم تكن بها عالمًا، فنحن كنا أسوأ من ذلك بكثير»
ثم ذكر المغيرة ما كان عليه العرب من أمور الجاهلية وكيف جاء الإسلام فنقلهم إلى ما هم عليه الآن، وذكر مقالة كمقالة النعمان، ثم ختم كلامه مخاطبًا كسرى فارس مباشرة: «فاختر إن شئت الجزية عن يد وأنت صاغر، وإن شئت فالسيف، أو تُسْلِم فتنجي نفسك»
فقال كسرى: «وما معنى صاغر؟»
فقال المغيرة بن زرارة بكل عزة: «أن تعطي الجزية ونرفضها، فتعطيها فنرفضها، فترجونا أن نقبلها، فنقبلها منك»
فصعق كسرى من هول ما يسمع فقال للمغيرة مهددًا:
«أتستقبلني بمثل هذا؟»
فقال له المغيرة بن زرارة بكل ثبات: «إنك أنت الذي كلمتني، ولو كان كلمني غيرُك لاستقبلته به»
فغضب كسرى فارس أشد الغضب، ولكنه سرعان ما تمالك غضبه ليقول للمسلمين: «لولا أن الرسل لا تُقتَل لقتلتكم، اذهبوا لا شيء لكم عندي»
ثم طلب يزدجرد من حرسه أن يملؤا كيسًا كبيرًا من التراب وأن يحملوه على ظهر أشرف عضوٍ من أعضاء الوفد العربي الإسلامي ظنًا منه أنه بذلك سيهينهم، فتقدم عملاق بني تميم عاصم بن عمرو التميمي نحو كسرى وحرسه وقال لهم: أنا أشرفهم !احملوه علي! فاستغرب كسرى من هذا العربي الذي تطوع بنفسه لكي يقبل إهانة كسرى، أو هكذا ظن العلج!
BY الـعـقـيـدة_والـتـوحـيـد📒
Share with your friend now:
tgoop.com/ALATHR550/8469