Telegram Web
لمن أقرَّ مدونة الأسرة الجديدة في المغرب، هل استشعرت إبليس وهو يقول لك: أنت، أنت؟ -حديثان وجبا أن يُذكرا!-

خرج في هذه الأيام قانون مدونة الأسرة في المغرب وقد طالعته فألفيته كالمعتاد، وأقصد بالمعتاد هو تكريس الظلم والتعدي تحت شعار مظلومية الأنثى!

وهذا أمر معتاد أن يعيش مجموعة من الناس تحت وهم الظلم سواء أقليات أو جنس معين فيتحول الأمر عندهم إلى عقدة، فيصير جشعا يأكل الأخضر واليابس..

وما زاد الطين بلة سكوت كثير من المشايخ عن هذا الأمر أو كلامهم السطحي -كالمعتاد أيضا- وهم لا يدركون أبعاد الأمر، فنحن ببساطة أمام استنساخ للنموذج المصري في الزواج في المغرب..

وهذا ناتج عن عيشهم هم أيضا تحت هاجس مظلومية الأنثى وإلقاء الثِقل كاملا على الرجل.

وترى كثيرا ممن يعيش تحت هذا الهاجس إذا تكلموا عن حالة ظلم أنثى معينة يقولون: ”لا تصبري، لستِ مضطرة!“ في حين أمام موقف يتعرض فيه الرجال جموعا للظلم يُقال: ”قدِّموا رقابكم، ولا تقلقوا“

فبعد إخراج النساء لحرق زهرة أعمارهن في الدراسة والعمل ونفخ وهم تحقيق الذات وتكريس الاختلاط وما يتبعه من علاقات غير شرعية وتأخير أمر الزواج، جاءت هذه المدونة التي رجحت الكفة أكثر نحو العزوف عن الزواج وانتشار الفاحشة أكثر وأكثر!

في هذا الوضع استذكرت قوله صلى الله عليه وسلم المروي في صحيح مسلم: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، وإسحاق بن إبراهيم واللفظ لأبي كريب قالا: أخبرنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: «إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة، أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا. قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته. قال: فيدنيه منه ويقول: نعم أنت قال الأعمش: أراه قال: فيلتزمه»

وهذا فرح إبليس بمن فرَّق بين رجل وامرأته حتى يدنيه ويمدحه، فلا شك أن على عدم حصول رابطة الزواج من أساسه أشد حرصا.

لذلك يقول سبحانه وتعالى: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة]

في تفسير ابن أبي حاتم - ٢٨١٥ - حدثنا أبي، ثنا أبو صالح كاتب الليث، حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: بالفحشاء يقول: الزنا. وروي عن الحسن وعكرمة والسدي، مثل ذلك.

وأحسب أن أصحاب هذه المدونة قد أدناهم إبليس وقال أنتم، أنتم! فإنهم سعوا بهذا الصنيع إلى تضييق أمر الزواج، ويحسبون أنهم يُعلون شأن الأنثى بمثل تمكينها من هذا الظلم وأكل السحت وما يدرون أن أول من يعود عليه الضرر هي هذه الأنثى!

وكلام بعض المشيخة عن عدم الاهتمام بهذا الأمر وسذاجتهم في دعواهم الشباب لعدم الالتفات لهذا الأمر وأن الأمر يكفي فيه البحث عن المرأة الصالحة، جعلني أستذكر قوله ﷺ المروي عند أبي داود: حدثنا ‌الحسن بن علي، نا ‌زيد بن الحباب ، نا ‌عمار بن رزيق، عن ‌عبد الله بن عيسى ، عن ‌عكرمة ، عن ‌يحيى بن يعمر ، عن ‌أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على سيده»

فكلامه ﷺ وإنكاره على المخببين فيه أن أمر الزواج قد تدخله أمور خارج عن صلاح الزوجين من عدمه، ففيه الحرص على إنكار كل منكر يحول دون إتمام الزواج سواء من داخل العلاقة أو من خارجها!

يُطالع: الظلم باسم القانون ( تعديلات مدونة هدم الأسرة المغربية )
هذه تعليقات من أجانب بعضهم مسلم وبعضهم لا على صورة احتفال اللاعب محمد صلاح وعائلته بعيد النصارى!

وفي كلامهم عبرة، وقد علقت على ذات الأمر قبل ثلاث سنوات من الآن:

[https://www.tgoop.com/Abu_Aisha1/908]

الحمد لله الذي أشاع في الناس أن المسلمين لا يحتفلون بمثل هذه الأمور، حتى إن تخلف منتسب للمسلمين عن هذا الأمر استغرب الناس، ووبخوه، فيكون في الأمر عبرة له، وتثبيتا للدعاة الواقفين على هذا الثغر أن جهدكم -ورغم تلبيس الملبسين- يصل حتى يصير حقائق يقينية عند غير المسلمين!..

- مواد نافعة بخصوص مناسبة الكريسماس
أقيسة النساء عجيبة.

هذا تعتبره صاحبته كرد على المنشور المنتشر الذي يدعو الرجال لأخذ زوجاتهم للنساء المتخصصات في أمراض النساء والتوليد عن طريق نشر صورة فحص معين يُعرف به تطور الحمل، بدل أخذها لطبيب رجل في نفس التخصص!

الذي لا تعرفه صاحبة المنشور أن هذا فحص لا علاقة له بالبروستات فقط، فهو فحص يُعتبر شبه إجباري لكل من يعاني من أي نوع من الأمراض الداخلية، والغالب فيه أن يقوم الرجل (الطبيب) بفعله للرجل (المريض) والمرأة (الطبيبة) للمرأة (المريضة)

ولكن السؤال المطروح: لماذا تمتعض امرأة من دعوة الرجال لأخذ نساءهن للتداوي عند طبيبة امرأة؟

في حين لا تكاد تناقش موضوع عمل المرأة إلا وتجد الاعتراض المشهور: ”إذا مرضت زوجتك، هل ستأخذها تداوي عند الرجال؟“

ثم إذا أبصرت الواقع تجد أن النساء يتخصصن في أمور قد تعيش أنت وزوجتك وأبناءك وأحفادك ولا ينفعك تخصصها هذا البتة، وتضطر لمزاحمة الرجال في الدراسة وحتى في العمل، ثم تتبجح عليك بأنك لن تجد أين تعالج زوجتك! وكأن الطبيبات يقمن بعلاج نساءنا بالمجان!

الأمر أشبه بصاحب عاهة تعظيم الغرب الذي إذا حدثته عن كفرهم وسلبياتهم، قال لك: ”هم من صنعوا الهاتف إذن لا تستخدمه!“
إن اللّٰه قد أبدلكم! بين فقه الدعوة عند النبي ﷺ وبين الأدعياء!

كلما اقترب زمن نوع من البدع، يطفو على سطح خطاب يرى أن من أساليب تحبيب الناس في هذا الدين = التماهي مع هذه البدع وعدم إنكارها، رافعين بذلك شماعة الخوف من التنفير!

وتراهم يجتهدون في إيجاد المخارج، كـ: بيان سماحة الإسلام، الاعتدال والوسطية، القيام بنوع من أنواع العبادات التي يخصصونها في أزمنة البدع هذه كمضادة لمن يستغل هذه الأزمنة في المنكرات الصريحة...إلخ.

كان السلف سابقا إذا تكلموا عن الإرجاء تكلموا عن حالة دقيقة يصير إليها الإسلام بفعل الإرجاء، هذه الحالة هي تماما حال دين هؤلاء = أرقُّ من ثوب سابري.

فبدل أن يكون دين اللّٰه هو الحاكم يصير محكوما بل يصير أرذل من المحكوم.

وهذا خلاف هدي النبي ﷺ الذي كان يختار اليسر ما لم يكن فيه إثم، وفي أحوال كان يقطع أُسَّ البلاء، غير مبالٍ بما استحدثه هؤلاء الأدعياء من مصالح ومفاسد تعود على الدين بالإفساد.

ففي سنن أبي داود - ١١٣٤ - حدثنا ‌موسى بن إسماعيل، نا ‌حماد، عن ‌حميد ، عن ‌أنس قال: «قدم رسول الله ﷺ المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله ﷺ: إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الأضحى، ويوم الفطر».

تأمل أن هذا أول ما قدم ﷺ المدينة أي أن أهلها حديثو عهد بالإسلام نهاهم عن ما كانوا يعدُّونه عيدا في الجاهلية وقرر أن اللّٰه قد أبدلهما خيرا منهما = الأضحى والفطر.

وهؤلاء الأدعياء مثلهم كمثل الذي يرى ناسا يبنون بيوتهم على شفا جرف هار، فبدل أن يدعوهم لتغيير موضع البناء يدعوهم دائما للترقيع، مستحضرا دائما أنهم قد خسروا ما خسروا في البناء الأول فكيف يدعوهم أن يزيدوا خسارة أخرى بالبناء في مكان غير الذي هم فيه؟

وهو في هذه الحال لا يستحضر أن هؤلاء مهددون بخسارة أرواحهم والتي لو خُيروا بينها وبين خسارة ما دونها كانوا يختارون بلا شك خسارة ما دون أرواحهم..

كذلك مثل هؤلاء الأدعياء مع الناس، يرون أن الناس أصحاب فضل ومنة على الإسلام إذ هم فيه وإذا دخلوا فيه ويُعززون هذا الكبر في نفوس الناس بمثل صنائعهم هذه، ولا يرون أن هؤلاء الناس هم الهالكون بتركهم الإسلام..

والنبي ﷺ يقول: ”إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا، فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها، فجعل ينزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها، فأنا آخذ بحجزكم عن النار، وأنتم تقتحمون فيها.“

فطبيعة المتصدر لدعوة الناس أن يمنع وقوع الناس في النار، وهو في ذلك قد يغلبه نفر من الناس فيقعون فيها، وهذا من طبيعة التكليف، وما خلق اللّٰه الجنة والنار إلا لهذا، وإلا لكانت جنة فقط. ويستحضر دائما ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ [القصص]
هناك مقطع في اليوتيوب يتكلم صاحبه عن حادثة رُويت له عن عزم النجس حافظ الأسد على نبش قبر شيخ الإسلام ابن تيمية واستخراج رفاته وصلبها إمعانا في إذلال أهل السنة..

وكانت اليد البيضاء في منع هذه الثلمة للشيخ عبد العزيز ابن باز رحمة اللّٰه عليه!

اللّٰه أعلم بصحة القصة، ولكنها قريبة، فاللائق بحافظ الأسد وزبانيته هو مثل هذه الرذائل واللائق بالشيخ عبد العزيز ابن باز هذه الفضائل كأبٍ لهذه الدعوة الطيبة!

قبل مدة نشر الإخوة مقطعا لقبر شيخ الإسلام في دمشق بعد تنظيفه، والضريح من المفروض أن يُسوى بالأرض.

ورأينا جميعا ما آل إليه ضريح المجرم حافظ الأسد بعد أن أُحرق وما بقيت قدم ما داست قبره، وهو بإذن الله من ساعة موته وهو يتقلَّب في نار جهنم!

وخيرة أهالي سوريا يوم أن فرحوا بالفتح كلهم يدعو لقراءة وتدارس كتب شيخ الإسلام!

في حين إذا ذكروا الحثالة قالوا: اللّٰه يحرق روحك يا حافظ.

وفي هذا عبرة لمن تدبَّر.

﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ • يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ ۖ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾ [غافر]
كتبت سابقا ”كلمة لتارك الصلاة = لا عذر لك!“ علقت فيها على فرع فقهي في كتب الفقهاء يتكلم عن كيفية صلاة الجماعة للعراة!

هذه صورة من السجون السورية يشير كاتبها إلى اتجاه القبلة، تُضاف هذه الصورة إلى عشرات القصص في السجون عن كيفية أداء الصلاة بين من يصلي بعينيه وبين من يصلي في الخلاء وبين من يصلي عاريا وبين من يصلي مستلقيا من شدة التعذيب وبين من يصلي وهو غير قادر على تحديد جهة القبلة...إلخ.

عندما تقرأ تفريعات الفقهاء وحديثهم عن أحوال كهذه تستغرب أن كيف قد يصير الإنسان إلى هذه الحال، ويلوح لك أمر ظاهر = سعة رحمة اللّٰه في هذا الأمر، فلما جعل ترك الصلاة قرينا للكفر يسَّر لها كل أساليب إقامتها قطعا للعذر..

والنبي ﷺ يقول: ”وجُِعلت قرة عيني في الصلاة“ وكذلك من بعده من أتباعه حسب درجة انتفاعهم بالصلاة تُجعل قرة عين لهم.

لذلك تجد من حُببت إليه الصلاة حريصا عليها أشد الحرص، فكان الأنسب تيسير إقامتها على كل حال!

حتى أن النبي ﷺ كما رواه ابن ماجه يقول: ”إذا دخل الميت القبر مثلت الشمس عند غروبها فيجلس يمسح عينيه ويقول: دعوني أصلي“

ودعا ثابت البناني أن يرزقه اللّٰه الصلاة في قبره فرُؤي مصليا فيه.

قال ابن القيم في نونيته:

”هذا وثابت البناني قد دعـ
ـا الرحمن دعوة صادق الإيقان

أن لا يزال مصليا في قبره
إن كان أعطي ذاك من إنسان“

وأحوال السلف في هذا الباب كثيرة جدا.
الدياثة المغفول عنها!

هناك أمر لاحظته والغالب قد لاحظه، أن تجد صديقين إذا تمازحا يقوم أحدهما بشتم محارم صديقه بأقظع الألفاظ والثاني يضحك وكأن شيئا لم يكن أو قد يرد عليه بمثلها أو بأقبح منها!

وهذه من أشنع أنواع الدياثة وأقبحها.

وقد روى البخاري في صحيحه - حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن حميد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله ﷺ: ”إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه“.

قيل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: ”يسب الرجل أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه“.

وحديثه ﷺ في اللعن، فكيف بمن يأتي لمحارم يشتمهن بأقبح الشتائم مما قد يُحمل على القذف؟

وكيف بمن رضي بهذا الأمر على أهل بيته، بل يضحك بلا أي خجل؟ وكأن قلبه مات..

وقد قال النبي ﷺ: ”ثلاثة قد حرّم الله عليهم الجنة مدمن الخمر والعاق والديوث الذي يقر الخبث في أهله.“

وأعظم الإقرار هو الضحك في وجه من ينسب لأهلك مثل هذه القبائح!

وقد قال ابن القيم في التعليق على هذا الحديث ونظائره:

’’وذكر الديوث في هذا الحديث يدل على أن أصل الدين الغيرة، ومن لا غيرة له لا دين له فالغيرة تحمي القلب، فتحمي له الجوارح فترفع السوء والفواحش وعدمها يميت القلب فتموت الجوارح فلا يبقى عندها دفع البتة والغيرة في القلب كالقوة التي تدفع المرض وتقاومه فإذا ذهبت القوة كأنه الهلاك.‘‘

فليستح أقوام من مثل هذه الصنائع التي تتنزه عنها البهائم.
تطوّع بعض إخواننا من أهل السنة في الشام لجمع التبرعات من أجل شراء كتب أهل السنة وسلف الأمة وإعطائها للمحتاجين من طلاب العلم والمشايخ، وما زالت المبالغ التي وصلتهم لا تفي بالمطلوب، فنرجو ممن يقدر على المساعدة ألا يقصر في ذلك، وسيوثق الإخوة عملهم وينشروا نماذج منه في القريب العاجل لما يبدأ توزيع الكتب لباقي المحافظات.

روى البخاري ومسلم، عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ :
" إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا ". وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ.

حساب الباي بال لجميع الدول :
[email protected]

للمساهمة من داخل مصر عبر فودافون كاش:

+201091874893

متاح تحويل بنكي داخل السعودية ومن داخل ألمانيا وتحويل دولي، مَن أراد البيانات فليتواصل على البوت :
@asslmmm_bot

شاركوا معنا ولو بالنشر، جزاكم الله خيرا.

- وهذا توثيق أول عملية شحن نقوم بها والحمدلله.
من سلف أصحاب دعوات محاربة التكفير، حقا كان أو باطلا؟!

أعصارنا هذه تمتاز بخصيصة الحدية، فكل شيء لا يروق يتم السعي في إعدامه لا السعي في تقنينه علميا..

أبواب التفسيق والتبديع والتكفير، أبواب شرعية يترتب عليها أحكام ومناطات كثيرة!

غلا فيها الكثير من الناس، فجاء آخروا وجفوا وأغلقوا الباب كلية!

كلا الموقفين باطل ولا بد، فإن التفسيق والتبديع والتكفير منه ماهو حق معلوم ومنه ماهو باطل، ومنه ماهو واقع في دائرة الاختلاف -إي نعم، يدخل الاختلاف في هذا الأمر- بل ويدخل فيه العذر أيضا لمن أخطأ فيه -فليس العذر خصيصة للشرك والتعطيل دون ما سواهما-.

كذلك هناك ظن أن الكثير من المظاهر هي خصائص في عصرنا كمسألة وجود تكفير باطل، والواقع عكس ذلك!

فقد روى البخاري في صحيحه، من الحديث الطويل الذي دعا النبي ﷺ إلى قتل رأس النفاق بعد أن أذاه في أهله - ”فقال رسول الله ﷺ: "من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي؟ فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا، وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي"، فقام سعد بن معاذ، فقال يا رسول الله: أنا والله أعذرك منه، إن كان من الأوس ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك، فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج -وكان قبل ذلك رجلا صالحا، ولكن احتملته الحمية- فقال: كذبت لعمر الله لا تقتله، ولا تقدر على ذلك، فقام أسيد بن الحضير، فقال: كذبت لعمر الله، والله، لنقتلنه؛ فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فثار الحيان الأوس والخزرج، حتى هموا ورسول الله ﷺ على المنبر، فنزل، فخفضهم حتى سكتوا وسكت

أسيد بن الحضير رضي الله عنه رمى سعد بن عبادة رضي الله عنه بالنفاق وأنه يجادل عن المنافقين والراوي ينبه على أنه رجل صالح وإنما أخذته الحمية وكادت تقوم فتنة بين الأوس والخزرج!

مع ذلك هل رُفعت شعارات (لا للتكفير، لا للطائفية)؟

ومثلها قصة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه وقصة أسامة رضوان اللّٰه عليه يوم أن قتل من قال لا إله إلا اللّٰه واعتذر بأنه قالها حتى ينجو، قرَّعه النبي ﷺ ولكن لم يتحول الأمر إلى مشروع حياة = محاربة التكفير!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاستقامة:

”ثمَّ إنَّه من مسائِل الخلاف ما يتَضَمَّن أن اعْتِقاد أحدهما يُوجب عَلَيْهِ بغض الآخر ولعنه أو تفسيقه أو تكفيره أو قِتاله فَإذا فعل ذَلِك مُجْتَهدا مخطئا كانَ خَطؤُهُ مغفورا لَهُ وكانَ ذَلِك فِي حق الآخر محنة فِي حَقه وفتنة وبلاء ابتلاه بِهِ.“

قال ابن القَيّم، في تعداد فوائد من قصة حاطب في زاد المعاد:

’’وفِيها: أنَّ الرَّجُلَ إذا نَسَبَ المُسْلِمَ إلى النِّفاقِ والكُفْرِ مُتَأوِّلًا وغَضَبًا لِلَّهِ ورَسُولِهِ ودِينِهِ لا لِهَواهُ وحَظِّهِ، فَإنَّهُ لا يَكْفُرُ بِذَلِكَ، بَلْ لا يَأْثَمُ بِهِ، بَلْ يُثابُ عَلى نِيَّتِهِ وقَصْدِهِ، وهَذا بِخِلافِ أهْلِ الأهْواءِ والبِدَعِ، فَإنَّهُمْ يُكَفِّرُونَ ويُبَدِّعُونَ لِمُخالَفَةِ أهْوائِهِمْ ونِحَلِهِمْ، وهُمْ أوْلى بِذَلِكَ مِمَّنْ كَفَّرُوهُ وبَدَّعُوهُ.“

فتأمل!
من عديم القلب الذي يستطيع أن يضحك على مثل هذه الصورة؟
كان في أول الأمر يُظهر العداء للمداخلة، لأنهم -حسب زعمه- لا يطبقون تقريرات ابن تيمية من أجل التوحد مع الرافضة!

ثم ظهر أن عنده مشكلة مع المجدد محمد بن عبد الوهاب، أَعْرف الناس بتقريرات شيخ الإسلام، ودعوته كانت السبب الرئيسي في خدمة وانتشار مؤلفات شيخ الإسلام!

سيناريو متكرر.

وينقل في ذلك شبهات إخوانه من متخلفي الصوفية والرافضة، التي أكل الدهر عليها وشرب.

وقد قال ابن المبرد (ت: ٩٠٩هـ) كلاما نحو كلام المجدد (وُلد سنة ١١١٥هـ) في كون أكثر الناس لا تعلم حقيقة التوحيد!

هل سيهبُّ من كان ينشر له سابقا للدفاع عن المجدد من سفاهة هذا الأحمق، أم أنهم -كما في كل مرة- سيؤكدون لنا أنهم خدم لنعال الأشاعرة والصوفية والقبورية والقائلين بوحدة الوجود؟
هذا أحد الإخوة الغزيين ممن قضوا بقصف إخوان القردة والخنازير، نحسبه واللّٰه حسيبه من الشهداء.

كلامه في هذا المنشور مشجي.

ومن توفيق اللّٰه تعالى أن يُختم لك هذه الخاتمة وتُخلف وراءك مثل هذا الكلام الحسن، الذي نفتقده في مثل هذه الأوقات التي نعيشها!

نسأل اللّٰه من فضله.
كتب أبو جعفر تعليقا على هذا الأمر، يُنظر هنا!

مثل هذا الأمر وجب أن يُتحدث ويُنشر عنه، فقد قال اللّٰه تعالى: ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا﴾ [الإسراء]

وفي الكتاب العزيز عديد الآيات التي ذُكر فيها أحوال أهل القرى ممن أُهلكوا!

وما قصَّ اللّٰه تعالى قصصهم وثنَّاها في كتابه العزيز إلا لهذا الداعي.

يقول شيخ الإسلام في داعي تكرار قصص الأنبياء مع أقوامهم: ”وكان الحكمة فيه: أن وفود العرب كانت ترد على رسول الله ﷺ فيقرئهم المسلمون شيئا من القرآن فيكون ذلك كافيا وكان يبعث إلى القبائل المتفرقة بالسور المختلفة فلو لم يكن الآيات والقصص مثناة متكررة لوقعت قصة موسى إلى قوم وقصة عيسى إلى قوم وقصة نوح إلى قوم، فأراد الله أن يشهر هذه القصص في أطراف الأرض وأن يلقيها إلى كل سمع.“

وهؤلاء قوم تجبَّروا وعتوا عتوا كبيرا.

وفي هذا عبرة للسفهاء من بني جلدتنا، الذين لا يعتبرون، حتى أني رأيت أحدهم يدَّعي أنه صحفي؛ يتكلم عن استحالة هبوب مثل هذه العواصف النارية في فصل الشتاء ويستغرب عدم مقدرة أمريكا على السيطرة على هذه الحرائق.

وكأن أمريكا هذه عبارة عن إله للكون، لا يحصل في الكون أمر إلا برضاها!
إذا عُرف السبب بطُل العجب!

علمت أن حكومة طالبان نشرت قانونا يحظر تداول كتاب التوحيد للمجدد في القطر الأفغاني.

يأتي كالعادة هذا النعل ليبرر لهم صنيعهم بمثل هذا الأسلوب الساقط.

ليثبت أن ”المدخلية“ -التي كان يحاربها- فزاعة فقط، فالكل ”يتمدخل“ إذا صادف الأمر الحكومة التي تناسبه.

علما أن ابن تيمية نفسه -الذي لا يُمثله المجدد على حد تعبير هذا الأنوك- نصوصه بالعشرات في ذم الغزالي، وله جواب نُشر حديثا في تثبيت كلام أحمد في أبي حنيفة (علقت عليه سابقا)

وعقيدة ابن تيمية مخالفة -قطعا- لعقيدة كل من النووي وابن حجر، وهذا الأخير كان ينقل عبارات ذم ابن تيمية في تواريخه مُقرا.

فإما أن ابن تيمية منحرف أو النووي وابن حجر منحرفان وإما أن العقيدة صارت فقها يسوغ الخلاف فيها.

فالأمر ليس خصيصة بفلان أو علان من السلفيين المجمعين على تعظيم المجدد، والذين تتباين مواقفهم تجاه المذكورين.

كان يسعى للتوحد مع الرافضة -الذين كان ابن تيمية ينصح الناس بأخذ بهائمهم المريضة إلى قبورهم ووضع آذانها على تراب القبر حتى تنشط إذا سمعت عذابهم وصياحهم- متناسيا كل بلاياهم مقابل حسنة قتالهم لليهود، على أنها حسنة ناقصة من عدة وجوه.

ثم يأتي للسلفيين ولأحد الشخصيات المركزية عندهم ويهاجمها بكل صبيانية.

محققا بذلك قاعدة: كل من أراد أمرا من غير وجهه عُوقب بعكس مقصوده!
سئل ابن الزملكاني الشافعي (ت:٧٢٧هـ) عن بعض بدع المتصوفة فكان منها:

”أن السماع والرقص عندهم عبادة، وإن النبي ﷺ رقص مع أهل الصُّفة، وإن المرأة إذا حاضت يكون الأكل والشرب من يدها حرام، وإن الزكاة لا تُصرف إلا إلى مشايخهم وإن كانوا أغنياء، وإن رؤية الباري ﷻ في الدنيا جائزة ممكنة.

وأن من خالف في شيء من هذا فقد خرج من رِبقة الإسلام، وأنه من جملة الأنعام.“

وبعد أن أجاب بالتفصيل على كل بدعة ذُكرت قال:

’’وبالجملة: هؤلاء المسؤول عنهم مبتدعون ضالُّون، وقد يكفرون ببعض ذلك بطريق التكبُّر.

والمُنكر عليهم مُثاب مأجور عند اللّٰه إذا قصد بإنكاره وجه الله، مصيب في إنكاره.

ويجب على من علم حالهم أن يُنكر عليهم.

ويجب على ولاة أمور الإسلام وقضاتهم وعلمائهم وعامة المسلمين إذا علموا حال هؤلاء أن ينكروه، ويأخذوا على أيديهم ويمنعوهم منه، ومن تقاعد عن ذلك أثم.

ويُثاب المنكر والسَّاعي في إزالة هذه البدع وقمعها وردع أهلها، فكل محدثة بدعة، وكل محدثة ضلالة، والله أعلم.“
هذه بعض حسنات المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمة اللّٰه عليه.

بل أنا أذهب بعيدا لأزعم أن كل سلفي في وقتنا هذا -على أقل تقدير- ينتهي سند سلفيته إلى المجدد من ثم إلى شيخ الإسلام.

ولا يهولنَّك من ينتسب للسلفية ثم ينتقص منهما فإنه لو صدق مع نفسه لأدرك حقيقة ما أقول!

وليس مستغربا منع كتب المجدد، فالأمر وقع سابقا، حتى كان الشيخ تقي الدين الهلالي يطبع كتب المجدد مع نسبته لجده لا لأبيه حتى يقرأها خصوم الشيخ وينتفعون بها.

وكتب ابن تيمية وأتباعه اضطُهدوا أيما اضطهاد، ومع ذلك يذكر محمد الخليلي الشافعي (ت: ١١٤٧هـ) -وهو رجل صوفي- في فتاويه:

"سئل ما حكم زيارة القبور من الأنبياء، وغيرهم، وما حكم من قال: إن قبر رسول الله ﷺ لا يزار، وهل في ذلك من شيء؟

أجاب: اعلم وفقك الله تعالى أن زيارة قبور المسلمين مستحبة بإجماع من يعتد بإجماعه، ولا عبرة بهؤلاء الفرقة ..... رئيسهم ابن تيمية ..... وعلى قوله جماعة ببلاد الروم...." (مستفاد)

والمرء يستأنس بمثل هذه الأمور ولكن وجب السعي، واستغلال هذه الوسائل في نشر العلم هو أجلُّ السعي في زماننا هذا.

ولا يغفل المرء عن الدعاء، فهو رأس الأمر كله.
2025/03/01 04:25:14
Back to Top
HTML Embed Code: