tgoop.com/AhmedEssamElnaggar/410
Last Update:
{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ}
{وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ}
عندما كتب أفلاطون كتابه الجمهورية وعند الحديث عن مدينته الفاضلة، أشار إلى إشكالية مهمة حول الشعر، معتبرًا إياه تحريفًا للفكر وتشويهًا للحقيقة، مما دفعه إلى المطالبة بطرد الشعراء من مدينته الفاضلة إذ الشعر عنده يقدم صورًا زائفة عن الواقع ويبعد الناس عن إدراك الحقائق الكلية.
الشعر بطبيعته يعتمد على الخيال ويجري وراء الصور الحسية والخائبة، وهو بهذا يسعى إلى تصوير واقع مثالي أو خيالي بعيد عن الحقيقة المجردة، وهذا ما يجعله، وفقًا لما تقتضيه طبيعة الفن الشعري، منفصلًا عن الواقع الفعلي والحقيقة الموضوعية. أما النبي يسعى إلى تغيير الواقع وإصلاحه، متجاوزًا حدود الخيال إلى الحقيقة الملموسة، بينما يجنح الشعراء في أودية الخيال، مبتعدين عن جادة الواقع ومتطلباته.
هذا التباين الجوهري بين الشعر والنبوة يتجلى في الفجوة القائمة بين القول والفعل عند الشعراء، إذ يقولون ما لا يفعلون، مما يتنافى مع مبدأ الصدق المطلق الذي يجب أن يتحلى به النبي. ولعل هذا يتجلى في قول العرب "أعذب الشعر أكذبه"، وهو ما يتناقض جذريًا مع مبدأ الصدق المطلق الذي يجب أن يتحلى به النبي في كل أقواله وأفعاله.
وبهذا، يتضح أن عدم انبِغاءِ الشعر للنبي ليس مجرد موقف سلبي من فن الشعر بحد ذاته، بل هو تأكيد على سمو الرسالة النبوية وتفردها، وعلى ضرورة الحفاظ على نقائها وصفائها من كل ما قد يشوبها من زخرف القول وبهرج الكلام الكاذب.
الله تعالى من حكمته لم يعلم نبيه الشعر ولم يرد له أن يكون شاعرًا، لأن المهمة النبوية هي تمثيل الحقيقة كاملةً وإيصالها إلى الناس بأصدق أسلوب وأبلغ بيان، بعيدًا عن خيالات الشعراء وصورهم الخيالية المضللة. فالنبوة تتناقض مع طبيعة الشعر، لأن النبوة هي الحقيقة المطلقة التي تسعى إلى تغيير الواقع وإرشاد الناس إلى الصواب، بينما الشعر هو فن الخيال الذي يصور الحقيقة كما يرغب فيها الشاعر، وليس كما هي في الواقع.
BY قناة || أحمد عصام النجار
Share with your friend now:
tgoop.com/AhmedEssamElnaggar/410