tgoop.com/DrHAKEM/12955
Last Update:
#نظرات_قرآنية في #سورة_الزمر
- ﴿قُل إِنّي أُمِرتُ أَن أَعبُدَ اللَّهَ مُخلِصًا لَهُ الدّينَ وَأُمِرتُ لِأَن أَكونَ أَوَّلَ المُسلِمينَ قُل إِنّي أَخافُ إِن عَصَيتُ رَبّي عَذابَ يَومٍ عَظيمٍ قُلِ اللَّهَ أَعبُدُ مُخلِصًا لَهُ ديني فَاعبُدوا ما شِئتُم مِن دونِهِ قُل إِنَّ الخاسِرينَ الَّذينَ خَسِروا أَنفُسَهُم وَأَهليهِم يَومَ القِيامَةِ أَلا ذلِكَ هُوَ الخُسرانُ المُبينُ لَهُم مِن فَوقِهِم ظُلَلٌ مِنَ النّارِ وَمِن تَحتِهِم ظُلَلٌ ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقونِ﴾ [الزمر: ١١-١٦]
🔹 بعد أن شرع الله الهجرة للمؤمنين المستضعفين المضطهدين بمكة؛ توجه الخطاب إلى النبي ﷺ وهو إمامهم وأولهم ﴿قل إنّي أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين وأمرت لأن أكون أول المسلمين﴾، وهو تذكير للمؤمنين بحقيقة دعوتهم ودينهم الذي تجشموا عناء الهجرة من أجله، وأنه التوحيد الخالص، دين جميع الأنبياء، وذلك أنهم سيهاجرون إلى الحبشة وفيها أهل كتاب يدّعون الإيمان بالله، ويشركون به، ولا يخلصون لله دينهم، فأوجزت الآية لهم رسالة النبي محمد ﷺ، وقد كان أول حوار دار بين المهاجرين في الحبشة والملك النجاشي النصراني هو في حقيقة دينهم، وقضيتهم التي هاجروا لأجلها، فسألهم النجاشي -كما في الصحيح-: (ما هذا الدين الذي فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا في ديني، ولا دين أحد من هذه الأمم؟ وكان الذي كلمه جعفر بن أبي طالب، فقال له: أيها الملك! كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، يأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله عز وجل إلينا نبيا ورسولا منا، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله عز وجل لنوحده، ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم، والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله لا نشرك به شيئا، وأمرنا بالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج من استطاع إليه سبيلا. فعدد عليه أمور الإسلام. فصدقناه، وآمنا به واتبعناه على ما جاء به، فعبدنا الله وحده، ولم نشرك به شيئا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله عز وجل، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلدك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك).
🔹 وكذا قوله: ﴿قل إنّي أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم قل الله أعبد مخلصا له ديني﴾ كل ذلك بيان لسبب مفارقة المشركين ودينهم بمكة، والهجرة إلى بلد آخر، خوفا من الله وعقابه وعذابه يوم القيامة إن عادوا إلى الشرك والوثنية وعبادة الأصنام؛ ليكون النبي ﷺ أول المؤمنين والمهاجرين، وقدوة لهم في توحيده، وإخلاصه الدين لله وحده لا شريك له، والثبات عليه، والجهاد في سبيله.
🔹 وقد جعلت السورة الإخلاص لله في الدين والعبادة والطاعة القضية الرئيسة التي افترق فيها المؤمنون والمشركون، وكانت سببا للهجرة إلى الحبشة مرتين، ثم الهجرة إلى المدينة، وسببا للجهاد في سبيل الله، فابتدأت السورة بالأمر به ﴿فاعبد الله مخلصا له الدين ألا لله الدين الخالص﴾، وهنا ذكرت استجابة النبي ﷺ للأمر القرآني وقيامه به ﴿قل إنّي أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين.. قل الله أعبد مخلصا له ديني﴾.
🔹 والغرض من هذا التفنن في التقديم والتأخير للفظ الجلالة ﴿أعبد الله مخلصا﴾ و ﴿الله أعبد مخلصا﴾ يراد منه تأكيد الحصر والإفراد لله بالتوحيد في العبادة، لما تقرر في لغة العرب من أن تقديم المفعول يفيد الحصر، كما تفيده ﴿إياك نعبد﴾ وحدك لا غيرك.
و﴿الخالص﴾ وصف للدين والعبادة والطاعة، فلا يقبل الله منها إلا الخالص له، لا يشرك فيه أحد غيره.
و﴿مخلصا﴾ حال للنبي ﷺ والمؤمنين في توحيدهم لله وعبادتهم له مخلصين موحدين لا يشركون بالله أحدا.
وكذا التفنن في ﴿مخلصا له الدين﴾، ﴿مخلصا له ديني﴾، فلفظ ﴿الدين﴾ يعم كل معاني العبودية والطاعة والاتباع والحكم الذي شرعه الله لعباده وهو دين الإسلام، بينما ﴿ديني﴾ يعم كل فعل يصدر من المؤمن العابد المخلص يراد به وجه الله والدار الآخرة.
BY قناة أ.د. حاكم المطيري
Share with your friend now:
tgoop.com/DrHAKEM/12955