December

December

– ما أنت بفاعل هنا؟! جاءه الصّوت غائماً مثقلاً بثلوجٍ كثيفة و كأنه من مكانٍ آخر بعيد.. تابَع طريقه.. لم يلتفت، على الأقل ليس الآن. تكرر الصوت أعلى هذه المرة.. مُردِّداً صدىً بارد على جدران روحه المتعبة.. – قفْ حيث أنت لا يمكنك التقدم أكثر! لكن من هو ذا الذي…

"إما الآن أو أبداً"
بجوار نافذته ترتفع شجرة توت تعانق السماء، يزحف ظلُّها ببطئٍ لداخل الغرفة مع إعلان الشمس قدومها. يبدو للرائي أنه يوم طبيعي آخر من تلك الأيام الاعتيادية، لكنه ليس كذلك..
استيقظ شاهقاً و كأنما كان يركض لساعات دون توقف، و كأنما كان يهرب. جال بنظره يتفحص أرجاء الغرفة باحثاً عن شيء يجهل ماهيَّته، مع نبضات ألم صارخ تشقّ جمجمته تتصاعد كلما حاول تذكر ما حصل، و بضع لقطات تتوالى في رأسه..
نهضَ من سريره متعباً و غمامة أفكاره تطغى على كل ما يحيط به، شارداً يبحث في جوانب البيت.. حتى رآها ملقاة على الأرض في زاوية معتمة.. كرة نجوم -أو على الأقل هذا ما تراءى له- اقترب منها و الذّاكرة تجدُ طريقها له شيئاً فشيء. كان هارباً و يلتفتُ وراءه يَصرخ كلا.. يَبتعد.. و كلما التفتَ صرخ كلا.. أخذته الرياح بعيداً و هو يكرر كلا، كلا، كلا.. النجوم، الأحلام، الليل، الفضاء.. إما الآن أخرج من معتقلي أو أبداً أبقى تحت رحمة القدر..صرخَ.. فلا شيء.. سواد..
و ها هو الآن ضائع في الزمان و قد عبر الكَون مجدداً لكنه قد حصل عليها، هارباً من الظّلام لكنه قد حصل عليها، حملها بين يديه حاضناً إياها بكل ما أوتي من قوة.. فأخذت تَلمع، زجاجٌ رقيق ترقدُ فيه نجمة لكل حلم علقه قلبه بين الغيوم، هي كل ما تركتْه روحه في كلّ زمان عبره، هي ما يُبقيه على قيد الحياة أملاً يُكمل.. أغمض عينيه مع زفرة تكاد تُجهز عليه و علّق حلماً آخر في زجاج الحياة هذا و نهض..
خرج من البيت نحو شجرة التوت، جلس عند جذعها، أخرج كتابه و قرأ.. جملةً واحدة: كل انسان بداخله صراع.. لكن يبقى السؤال من سينجو من بين أرواحه المتصارعة تلك؟
Luna Dann
6/12/2023
12:55 am

#بين_الواقع_والخيال

www.tgoop.com/LunaDann/95

975 viewsLuna D., Dec 5, 2023 at 22:26

"إما الآن أو أبداً"
بجوار نافذته ترتفع شجرة توت تعانق السماء، يزحف ظلُّها ببطئٍ لداخل الغرفة مع إعلان الشمس قدومها. يبدو للرائي أنه يوم طبيعي آخر من تلك الأيام الاعتيادية، لكنه ليس كذلك..
استيقظ شاهقاً و كأنما كان يركض لساعات دون توقف، و كأنما كان يهرب. جال بنظره يتفحص أرجاء الغرفة باحثاً عن شيء يجهل ماهيَّته، مع نبضات ألم صارخ تشقّ جمجمته تتصاعد كلما حاول تذكر ما حصل، و بضع لقطات تتوالى في رأسه..
نهضَ من سريره متعباً و غمامة أفكاره تطغى على كل ما يحيط به، شارداً يبحث في جوانب البيت.. حتى رآها ملقاة على الأرض في زاوية معتمة.. كرة نجوم -أو على الأقل هذا ما تراءى له- اقترب منها و الذّاكرة تجدُ طريقها له شيئاً فشيء. كان هارباً و يلتفتُ وراءه يَصرخ كلا.. يَبتعد.. و كلما التفتَ صرخ كلا.. أخذته الرياح بعيداً و هو يكرر كلا، كلا، كلا.. النجوم، الأحلام، الليل، الفضاء.. إما الآن أخرج من معتقلي أو أبداً أبقى تحت رحمة القدر..صرخَ.. فلا شيء.. سواد..
و ها هو الآن ضائع في الزمان و قد عبر الكَون مجدداً لكنه قد حصل عليها، هارباً من الظّلام لكنه قد حصل عليها، حملها بين يديه حاضناً إياها بكل ما أوتي من قوة.. فأخذت تَلمع، زجاجٌ رقيق ترقدُ فيه نجمة لكل حلم علقه قلبه بين الغيوم، هي كل ما تركتْه روحه في كلّ زمان عبره، هي ما يُبقيه على قيد الحياة أملاً يُكمل.. أغمض عينيه مع زفرة تكاد تُجهز عليه و علّق حلماً آخر في زجاج الحياة هذا و نهض..
خرج من البيت نحو شجرة التوت، جلس عند جذعها، أخرج كتابه و قرأ.. جملةً واحدة: كل انسان بداخله صراع.. لكن يبقى السؤال من سينجو من بين أرواحه المتصارعة تلك؟
Luna Dann
6/12/2023
12:55 am

#بين_الواقع_والخيال

BY December