MARDUK16 Telegram 143
(قوى الدولة واللا دولة…وجنون عصام الشوالي)

معظم الأفكار السياسية تصبح سهلة الاستيعاب عندما تعود لسياقها بأقصى قدر ممكن من التبسيط. لكن الذي يحدث ان الخطاب الثقافي التفكيكي السائد يستهدف أشياء أجتماعية قائمة بالفعل (مثل الأسرة ووضع الفتيات فيها) ويتجاهل الفكر السياسي تماماً — يعزز هذه الحقيقة ان أشهر الكتب الصادرة في الوضع السياسي قد صدرت من الوسط السياسي نفسه لا الثقافي — وهذا غريب بعض الشيء: فالسياسة تأثيرها على المؤسسات الاجتماعية أوضح من ان يشار اليه. ما السبب في هذه الظاهرة؟

الثقافة العراقية هي ثقافة من صنيعة الدولة (دولانية) وهذا يعود الى حقيقة ان البلد لم ينشأ او يتطور فيه رأسمال يسمح برفاهية التأسيس لفكر حر منذ الهيمنة العثمانية. فالمثقف العراقي من جهة استورد الفكر المهيمن على النخبة الأوروبية منذ ستينيات القرن الماضي والاحتجاجات الطلابية في فرنسا والذي يهاجم اي شيء اجتماعي دون ان يطرح البديل. ومن جهة أخرى حرص "الملأ الأعلى" او الأشخاص الذين يؤدي انتقادهم الى القتل والتهجير، حرصوا على تذكير هذا المثقف بأنه يعيش على معوناتهم ومنتدياتهم ومهرجاناتهم بالتالي لا يجوز لنقده السياسي ان يتجاوز قضايا حقوقية يطلبها من النظام. وهكذا نرى ان هذا الخليط العجيب من التغاضي عن أشياء وتأييد تيارات ضحلة فكرياً تهاجم من اجل الهجوم وتفكك من اجل التفكيك، قد وفر لهذا المثقف المعتوه الأناقة الفكرية مع لقمة العيش.

اذا أردت مثال على هذه الظاهرة أنظر لعبارة "قوى الدولة واللا دولة" التي ساهم في أشاعتها مثقفون بارزون في الوسط. ثم تأمل العبارة قليلاً: ما هي الدولة؟ مجموعة مؤسسات.
مما تتكون هذه المؤسسات؟ مجموعة أفراد.
من يقود هؤلاء الأفراد ؟
"الملأ الاعلى" بالطبع.
طيب من يدير قوى اللا دولة؟
"الملأ الاعلى" نفسه.

تماماً، وصلت إلى الاجابة الصحيحة تم اثبات المبرهنة: قوى اللا دولة هي تمظهر تنظيمي لاستبداد قوى الدولة. لهذا السبب حمت قوى اللا دولة، الدولة نفسها من السقوط في نكسة ٢٠١٤ وشاركت بنحو فعال في قمع وقتل من تجرأ على الدولة في احتجاجات تشرين الأخيرة. والواقع ان قوى اللا دولة هي حصن الدولة الحصين وسورها المنيع لكنك تتصور انهما في صراع مستمر.

*هذا المنشور كتبته بعد ان فكرت في مجزرة الجبلة طويلاً. ولعله يسهم في تغيير رأيك على نحو أفضل في تحديد هوية العدو الحقيقي. ربما أكون مخطئ؟ من يدري. خطابي الذي لا يستفيد منه أحد قد يسهم في تشكيل بؤر للتفكير الحر في المستقبل البعيد.



tgoop.com/Marduk16/143
Create:
Last Update:

(قوى الدولة واللا دولة…وجنون عصام الشوالي)

معظم الأفكار السياسية تصبح سهلة الاستيعاب عندما تعود لسياقها بأقصى قدر ممكن من التبسيط. لكن الذي يحدث ان الخطاب الثقافي التفكيكي السائد يستهدف أشياء أجتماعية قائمة بالفعل (مثل الأسرة ووضع الفتيات فيها) ويتجاهل الفكر السياسي تماماً — يعزز هذه الحقيقة ان أشهر الكتب الصادرة في الوضع السياسي قد صدرت من الوسط السياسي نفسه لا الثقافي — وهذا غريب بعض الشيء: فالسياسة تأثيرها على المؤسسات الاجتماعية أوضح من ان يشار اليه. ما السبب في هذه الظاهرة؟

الثقافة العراقية هي ثقافة من صنيعة الدولة (دولانية) وهذا يعود الى حقيقة ان البلد لم ينشأ او يتطور فيه رأسمال يسمح برفاهية التأسيس لفكر حر منذ الهيمنة العثمانية. فالمثقف العراقي من جهة استورد الفكر المهيمن على النخبة الأوروبية منذ ستينيات القرن الماضي والاحتجاجات الطلابية في فرنسا والذي يهاجم اي شيء اجتماعي دون ان يطرح البديل. ومن جهة أخرى حرص "الملأ الأعلى" او الأشخاص الذين يؤدي انتقادهم الى القتل والتهجير، حرصوا على تذكير هذا المثقف بأنه يعيش على معوناتهم ومنتدياتهم ومهرجاناتهم بالتالي لا يجوز لنقده السياسي ان يتجاوز قضايا حقوقية يطلبها من النظام. وهكذا نرى ان هذا الخليط العجيب من التغاضي عن أشياء وتأييد تيارات ضحلة فكرياً تهاجم من اجل الهجوم وتفكك من اجل التفكيك، قد وفر لهذا المثقف المعتوه الأناقة الفكرية مع لقمة العيش.

اذا أردت مثال على هذه الظاهرة أنظر لعبارة "قوى الدولة واللا دولة" التي ساهم في أشاعتها مثقفون بارزون في الوسط. ثم تأمل العبارة قليلاً: ما هي الدولة؟ مجموعة مؤسسات.
مما تتكون هذه المؤسسات؟ مجموعة أفراد.
من يقود هؤلاء الأفراد ؟
"الملأ الاعلى" بالطبع.
طيب من يدير قوى اللا دولة؟
"الملأ الاعلى" نفسه.

تماماً، وصلت إلى الاجابة الصحيحة تم اثبات المبرهنة: قوى اللا دولة هي تمظهر تنظيمي لاستبداد قوى الدولة. لهذا السبب حمت قوى اللا دولة، الدولة نفسها من السقوط في نكسة ٢٠١٤ وشاركت بنحو فعال في قمع وقتل من تجرأ على الدولة في احتجاجات تشرين الأخيرة. والواقع ان قوى اللا دولة هي حصن الدولة الحصين وسورها المنيع لكنك تتصور انهما في صراع مستمر.

*هذا المنشور كتبته بعد ان فكرت في مجزرة الجبلة طويلاً. ولعله يسهم في تغيير رأيك على نحو أفضل في تحديد هوية العدو الحقيقي. ربما أكون مخطئ؟ من يدري. خطابي الذي لا يستفيد منه أحد قد يسهم في تشكيل بؤر للتفكير الحر في المستقبل البعيد.

BY The Eye of Marduk


Share with your friend now:
tgoop.com/Marduk16/143

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Don’t publish new content at nighttime. Since not all users disable notifications for the night, you risk inadvertently disturbing them. Healing through screaming therapy Add the logo from your device. Adjust the visible area of your image. Congratulations! Now your Telegram channel has a face Click “Save”.! Your posting frequency depends on the topic of your channel. If you have a news channel, it’s OK to publish new content every day (or even every hour). For other industries, stick with 2-3 large posts a week. fire bomb molotov November 18 Dylan Hollingsworth yau ma tei
from us


Telegram The Eye of Marduk
FROM American