tgoop.com/Martyrs34/8155
Last Update:
وكنت حينها جالسة على سجادتي بعد صلاة العصر أدعو الله وأسبحه وأشكره على نعمة وجودك في حياتي النعمة التي هي دواء لكل داء وبلسم لكل جرح وفرج لكل حزن وقلق، كعادتك طرقت باب غرفتي بأصابعك الرقيقة؛ لتأخذ الأذن بالدخول، كانت هذه العادة هي من أفضل أخلاقك وجميل صفاتك، دخلت علي وجلست مقابلًا لي أخذت طرف مسبحتي؛ لنتشارك التسبيح معًا، ثم نظرت إليَّ مبتسمًا في جعبتك جملًا كثيرة، كانت ابتسامتك تخلق الراحة ولكني خفت منها ولأول مرة لأنني أدركت أنك لم تاتي إليَّ لتسرد لي ما حدث معك في يومك، ولا لتخبرني عن صديق جديد عرفته، ولا لتعرض عليَّ درجات تفوقك، وفعلًا كان حدسي صائبًا.
أمسكت يديِّ ووضعت وجهك بينهما مطولًا في تقبيلهما، ثم رفعت وجهك لتبدأ الحديث الذي لطالما خفت من سماعه:(أمي أعلم أن قلبك الذي يحس بألمي قبل أن أأن، ويحس بحالي قبل أن أفصح، ويحس بما أريد قبل أن أطلب، أعلم أنه قد أحس بما أريد قوله، أمي اعلمي أنني لن أغادر عتبة البيت دون موافقتكِ، ولن أحمل السلاح ولن أطلق برصاصة واحدة إلا حين تقبلين بذهابي، أمي كنتي دائمًا تشجعينني على فعل الخير والبذل والعطاء والأخلاق الفاضلة، بقدر تأثير العدوان بجرائمه البشعة على قراري كان كذلك تاثير تربيتك، وأنا فخور أن امرأة مثلكِ ربتني، كما أني على ثقة أن الدين الذي جعلكِ ترتدين ملابس الصلاة، وتأخذي المسبحة لتسبحي الله، وتقفي بين يديه راكعة ساجدة لن يدعك تتريثين في الموافقة، أمي أنتي تشاهدين ما يحصل في بلدنا وما يحصل لشعبنا من عدوان غاشم ونحن في هذه المرحلة إما أن نثبت إيماننا فنجاهد وإما أن نتخلَّف فنكون بذلك من الخاسرين، إما أن نكون حسينيين أو يزيديين، وأنتي ستكونين كزينب صابرة محتسبة).
أثناء كلامك كانت دموعي ودموعك تتساقط منهمرة؛ لتعبر عن بداية الفراق :(يا بني أنا أم وأنت بالنسبة لي كل دنياي لا بأس أن أدخرك لآخرتي، كيفما كان حبي لك لن أمنعك من أداء حق الجهاد فأرمي بك في قعر جهنم، حسنًا بُني جاهد واغلظ على الكافرين والمنافقين من دمروا بلدنا وقاتلوا شعبنا، احمل سلاح الإيمان والتوكل، في كل مترس ادعُ لي بالصبر والثبات).
ابتسم من بين دموعه ابتسامة الراضي وقال:(سأشتاق لكِ، ولخبزكِ الدافئ صباحًا، ولقهوتكِ المبكرة، سأشتاق لسماع صوتكِ، وصوت ترتيلكِ، ورؤية أطرافكِ ساجدة راكعة، سأدعو الله دائمًا أن يجمع بيننا في الجنة هذا إن لم أعد).
في ذلك اليوم ذهبت لشراءما سأحتاجه لشهر كامل، وكذلك زرت أصدقائك ومعارفك وودعتهم.
جنَّ علينا الليل أقمنا الصلاة وقرأنا القرآن والأذكار معًا، هل تذكر عندما كنت تأخذ طرف المسبحة كما كنت تفعل وانت صغير لتضحكني مداعبًا بروحك المرحة، كنت في تلك الليلة أحاول أن أشبع عيناي من رؤيتك، وأذناي من سماع صوتك، أخذت فراشك إلى غرفتي ووضعته بجانب فراشي وقلت :(الليلة أريد أن ُأعيد ليالي طفولتي- أخذت يدي ووضعتها على راسك مكملًا كلامك- احكي لي قصة زينب في كربلاء يا أمي أريد أن أنام على سماع صوتك تحكيها لي كما في طفولتي).
أغمضت عيناك وأنا ودموع عيني سهرنا تلك الليلة معًا؛ فكيف لعيناي أن تناما وهذه آخر ليلة يستطيعا رؤيتك فيها.
أمعنت النظر في وجهك بنظرة مختلفة، لقد أثبت لي اليوم بأنك كبرت، حتى أصبحت تستطيع حمل السلاح والجهاد، غدًا لن تذهب للجامعة بل للجبهة، هل تلاحظ معي حجم الفرق بين هذا وذاك؟، إني فخورة أنك ابني، وأنك أحد المجاهدين في سبيل الله، فخورة أنني سمعت كلام الأولياء منك.
كنت في تلك الليلة أفكر ماذا تحمل الأيام لي ولك.....
#يتبع
#أم_المختار_مهدي
#فريق_عشاق_الشهادة
https://www.tgoop.com/Martyrs34
BY بُطـولاتُ الشُّهَـداء
Share with your friend now:
tgoop.com/Martyrs34/8155