Warning: file_put_contents(aCache/aDaily/post/Mismail88/--): Failed to open stream: Permission denied in /var/www/tgoop/post.php on line 50
مصطفى بن إسماعيل القناوي@Mismail88 P.6813
MISMAIL88 Telegram 6813
مقال الدكتور كريم حلمي وفقه الله ونفع به!


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد، فــ ..

• مِن مُهمّات البحث الأصولي والنظر الفقهي إدراك إمكان تركيبية الفعل أو الحدث أو الموقف الواحد، بحيث يمكن النظر إليه والحكم عليه من جهات متعددة أو حيثيات متباينة، فيقرر الأصوليون أن الفعل الواحد بالشخص (أي الحادثة الجزئية المعيّنة) قد يجتمع فيه نقيضان أو ضدان من الصفات والأحكام، فالفعل الواحد قد يكون حَسَنًا من وجه، قبيحًا من وجهٍ آخر، وكذلك قد يكون محبوبًا من وجه، مبغوضًا من آخر، مقتضيًا للفرح أو السكينة وانشراح الصدر من وجه، وللحزن أو الخوف والتوجس من وجه آخر، وهذه أمور قد تجتمع في النفوس المستقيمة، وإن كان قد يغلب بعضها على بعض، فيكون خوفٌ أشبه بالسكينة، أو العكس، وفرحٌ أشبه بالحزن، أو العكس، وقد أخرج البخاري ومسلم أن فاطمة رضي الله عنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته، فأسرّ إليها حديثًا فبكت، ثم أسرّ إليها حديثًا فضحكت، وقالت: "مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ ‌فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ ‌حُزْنٍ"، ومن ذلك اجتماع الحزن لفقد الحبيب مع الفرح لحُسن ميتته وما فيها من البشائر، ولأجل هذا المعنى خطب ابن الزبير في الناس لما بلغه خبر مقتل أخيه مصعب، فكان مما قال: "إنّه أتانا خبر من العراق ‌حزننا ‌وأفرحنا"، وقد يغلب على المؤمن الحزن والوجل في موقفٍ الأصل فيه السرور لعارض يعرض له من المعاني والأحوال، وما ذلك إلا لنظره للواقعة نفسها من جهةٍ لا يشاركه فيها غيره، كما أخرج أبو إسحاق الفزاري وغيره أن المسلمين لما فتحوا قبرص ونزلت بأهلها المذلة بكى أبو الدرداء رضي الله عنه، فقيل له: "أتبكي في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله، وأذل فيه الكفر وأهله؟"، فقال رضي الله عنه: "ويحك! ما أهون الخلق على الله إذا تركوا أمره! بينما هي أمة ‌قاهرة ‌ظاهرة على الناس لهم الملك إذ تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى".

• ويدخل في هذا المعنى مقتضى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هذا الدِّينَ بالرَّجُلِ الفاجِرِ"، وقد دلّت الآيات الشرعية والكونية على أن الدين لا يُنصر نصرًا تامًا بالكفرة أو الفجرة، لكن قد يؤيَّد الله الدينَ وأهلَه في حالٍ أو واقعةٍ بالرجل الكافر أو الفاجر لأجل اتفاق هوى نفسه في ذلك المحل مع مطالب أهل الإيمان، كأن يُقاتل شجاعةً أو حميّة أو ثأرًا أو طلبًا لبعض مصالح الدنيا له ولأهله وحزبه، فحينما يُقتل حال تأييده لطائفة من المؤمنين قد يفرح أقوامٌ للاستراحة من كفره وفجره، وقد يحزن أقوامٌ لفقد بأسه وتأييده، وقد يجتمع الأمران في بعض النفوس، ولأجل هذا التردد بين المعاني المتباينة قد يكون ذلك سببًا للفتنة، وقد كادت طائفة من الصحابة رضي الله عنهم أن تُفتَن وترتاب لأجل حال هذا الرجل الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم هذه المقالة، فلما هدأت النفوس واستبانت الخبايا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى عدم الاغترار بالشجاعة الباهرة والخصال الآسرة والتأييدات الظاهرة وتوسُّل الشيطان بذلك للفتنة بحال الإنسان وكفره وفجوره وبغيه، فإن الله قد يؤيد الدين بالرجل الفاجر، فلا ينفي ذلك كونه فاجرًا أو مقتضيات ذلك في نفوس المسلمين، كما يُروى عن عمر رضي الله عنه أنه كان يقول: "اللهم إني أشكو إليك جَلَد الفاجر وعجْز الثقة"، فالفاجر قد يكون أجلد من الثقة في مواطن، فلا ينفي هذا فجره، ولا يقتضي الافتتان به، وقد تجد مِن الملاحدة والزنادقة واليهود والنصارى مَن هم أشجع من بعض المسلمين وأدفع عن بلاد الإسلام، لكن لأجل الحمية أو العصبية أو الوطنية أو الإنسانية أو غير ذلك، فلا يجعل ذلك كفرهم إيمانًا ولا باطلهم حقًا، كما لا يجعل إيمان المسلمين كفرًا ولا حقهم باطلًا، لكن يعني أنهم خلطوا صالحًا بفاسد، وحقًا بباطل، وإيمانًا بضعف وجُبن، وهذا محل تزل فيه أقدام وتطيش فيه عقول وتضطرب فيه صدور، وقد بيّنت شيئًا من ذلك المعنى في مجلس (جاهلية الأزمات) من سلسلة (نفثات).
• ويدخل في هذا المعنى أيضًا مقتضى تباين مصالح طوائف المسلمين ومسارّهم ومضارّهم، وقد ذكرنا في مجالس الكلام على سورة الصف من سلسلة (أمداد قرآنية) أن من أسباب فرقة المسلمين تقطّعهم إلى دول مع ما يترتب على ذلك من إمكان اختلاف شبكة المصالح وخريطة التحالفات، والذي قد يؤول إلى التضارب المصلحي بين فئتين من المسلمين، فتفرح فئة وتسكن نفوسها لما قد يُحزن الأخرى ويخيفها، والمؤمن يفرح لفرح أخيه ويحزن لحزنه، هذا وذاك، وقد رُوي عن الحَسَن البصري أنه قال: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ شُعْبَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ بِهِ حَاجَتَهُ، إِنَّ بِهِ عِلَّتَهُ، ‌يَفْرَحُ ‌لِفَرَحِهِ، ‌وَيَحْزَنُ ‌لِحُزْنِهِ"، فيفضي هذا إلى اضطراب المشاعر في نفس المؤمن وترددها، واعلم أن تقطع المسلمين دولًا واختلاف مصالحهم وتحالفاتهم ليس أمرًا معاصرًا، بل هو قديم، ولا يعني هذا التسليم بنسبية هذا الأمر وسيولته وصحة انشغال كل طائفة بمصالحها، بل من 👇🏾



tgoop.com/Mismail88/6813
Create:
Last Update:

مقال الدكتور كريم حلمي وفقه الله ونفع به!


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد، فــ ..

• مِن مُهمّات البحث الأصولي والنظر الفقهي إدراك إمكان تركيبية الفعل أو الحدث أو الموقف الواحد، بحيث يمكن النظر إليه والحكم عليه من جهات متعددة أو حيثيات متباينة، فيقرر الأصوليون أن الفعل الواحد بالشخص (أي الحادثة الجزئية المعيّنة) قد يجتمع فيه نقيضان أو ضدان من الصفات والأحكام، فالفعل الواحد قد يكون حَسَنًا من وجه، قبيحًا من وجهٍ آخر، وكذلك قد يكون محبوبًا من وجه، مبغوضًا من آخر، مقتضيًا للفرح أو السكينة وانشراح الصدر من وجه، وللحزن أو الخوف والتوجس من وجه آخر، وهذه أمور قد تجتمع في النفوس المستقيمة، وإن كان قد يغلب بعضها على بعض، فيكون خوفٌ أشبه بالسكينة، أو العكس، وفرحٌ أشبه بالحزن، أو العكس، وقد أخرج البخاري ومسلم أن فاطمة رضي الله عنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته، فأسرّ إليها حديثًا فبكت، ثم أسرّ إليها حديثًا فضحكت، وقالت: "مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ ‌فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ ‌حُزْنٍ"، ومن ذلك اجتماع الحزن لفقد الحبيب مع الفرح لحُسن ميتته وما فيها من البشائر، ولأجل هذا المعنى خطب ابن الزبير في الناس لما بلغه خبر مقتل أخيه مصعب، فكان مما قال: "إنّه أتانا خبر من العراق ‌حزننا ‌وأفرحنا"، وقد يغلب على المؤمن الحزن والوجل في موقفٍ الأصل فيه السرور لعارض يعرض له من المعاني والأحوال، وما ذلك إلا لنظره للواقعة نفسها من جهةٍ لا يشاركه فيها غيره، كما أخرج أبو إسحاق الفزاري وغيره أن المسلمين لما فتحوا قبرص ونزلت بأهلها المذلة بكى أبو الدرداء رضي الله عنه، فقيل له: "أتبكي في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله، وأذل فيه الكفر وأهله؟"، فقال رضي الله عنه: "ويحك! ما أهون الخلق على الله إذا تركوا أمره! بينما هي أمة ‌قاهرة ‌ظاهرة على الناس لهم الملك إذ تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى".

• ويدخل في هذا المعنى مقتضى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هذا الدِّينَ بالرَّجُلِ الفاجِرِ"، وقد دلّت الآيات الشرعية والكونية على أن الدين لا يُنصر نصرًا تامًا بالكفرة أو الفجرة، لكن قد يؤيَّد الله الدينَ وأهلَه في حالٍ أو واقعةٍ بالرجل الكافر أو الفاجر لأجل اتفاق هوى نفسه في ذلك المحل مع مطالب أهل الإيمان، كأن يُقاتل شجاعةً أو حميّة أو ثأرًا أو طلبًا لبعض مصالح الدنيا له ولأهله وحزبه، فحينما يُقتل حال تأييده لطائفة من المؤمنين قد يفرح أقوامٌ للاستراحة من كفره وفجره، وقد يحزن أقوامٌ لفقد بأسه وتأييده، وقد يجتمع الأمران في بعض النفوس، ولأجل هذا التردد بين المعاني المتباينة قد يكون ذلك سببًا للفتنة، وقد كادت طائفة من الصحابة رضي الله عنهم أن تُفتَن وترتاب لأجل حال هذا الرجل الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم هذه المقالة، فلما هدأت النفوس واستبانت الخبايا أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى عدم الاغترار بالشجاعة الباهرة والخصال الآسرة والتأييدات الظاهرة وتوسُّل الشيطان بذلك للفتنة بحال الإنسان وكفره وفجوره وبغيه، فإن الله قد يؤيد الدين بالرجل الفاجر، فلا ينفي ذلك كونه فاجرًا أو مقتضيات ذلك في نفوس المسلمين، كما يُروى عن عمر رضي الله عنه أنه كان يقول: "اللهم إني أشكو إليك جَلَد الفاجر وعجْز الثقة"، فالفاجر قد يكون أجلد من الثقة في مواطن، فلا ينفي هذا فجره، ولا يقتضي الافتتان به، وقد تجد مِن الملاحدة والزنادقة واليهود والنصارى مَن هم أشجع من بعض المسلمين وأدفع عن بلاد الإسلام، لكن لأجل الحمية أو العصبية أو الوطنية أو الإنسانية أو غير ذلك، فلا يجعل ذلك كفرهم إيمانًا ولا باطلهم حقًا، كما لا يجعل إيمان المسلمين كفرًا ولا حقهم باطلًا، لكن يعني أنهم خلطوا صالحًا بفاسد، وحقًا بباطل، وإيمانًا بضعف وجُبن، وهذا محل تزل فيه أقدام وتطيش فيه عقول وتضطرب فيه صدور، وقد بيّنت شيئًا من ذلك المعنى في مجلس (جاهلية الأزمات) من سلسلة (نفثات).
• ويدخل في هذا المعنى أيضًا مقتضى تباين مصالح طوائف المسلمين ومسارّهم ومضارّهم، وقد ذكرنا في مجالس الكلام على سورة الصف من سلسلة (أمداد قرآنية) أن من أسباب فرقة المسلمين تقطّعهم إلى دول مع ما يترتب على ذلك من إمكان اختلاف شبكة المصالح وخريطة التحالفات، والذي قد يؤول إلى التضارب المصلحي بين فئتين من المسلمين، فتفرح فئة وتسكن نفوسها لما قد يُحزن الأخرى ويخيفها، والمؤمن يفرح لفرح أخيه ويحزن لحزنه، هذا وذاك، وقد رُوي عن الحَسَن البصري أنه قال: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ شُعْبَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ بِهِ حَاجَتَهُ، إِنَّ بِهِ عِلَّتَهُ، ‌يَفْرَحُ ‌لِفَرَحِهِ، ‌وَيَحْزَنُ ‌لِحُزْنِهِ"، فيفضي هذا إلى اضطراب المشاعر في نفس المؤمن وترددها، واعلم أن تقطع المسلمين دولًا واختلاف مصالحهم وتحالفاتهم ليس أمرًا معاصرًا، بل هو قديم، ولا يعني هذا التسليم بنسبية هذا الأمر وسيولته وصحة انشغال كل طائفة بمصالحها، بل من 👇🏾

BY مصطفى بن إسماعيل القناوي


Share with your friend now:
tgoop.com/Mismail88/6813

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

Telegram has announced a number of measures aiming to tackle the spread of disinformation through its platform in Brazil. These features are part of an agreement between the platform and the country's authorities ahead of the elections in October. Telegram Android app: Open the chats list, click the menu icon and select “New Channel.” "Doxxing content is forbidden on Telegram and our moderators routinely remove such content from around the world," said a spokesman for the messaging app, Remi Vaughn. To view your bio, click the Menu icon and select “View channel info.” Telegram channels fall into two types:
from us


Telegram مصطفى بن إسماعيل القناوي
FROM American