tgoop.com/Nidal_homed/3016
Last Update:
#معادلات_الردع_التصنيع_الحربي
هنا، حيث تشتعل الأفران كأنها شموسٌ تحت الأرض، وحيث تدور التروس كأنها عقاربُ زمنٍ لا يعرف إلا لغة القوة، يقف رجالٌ بوجوهٍ تشبه الصخور، وأيادٍ تعرف كيف تروض الحديد، وعيونٍ لا ترى في العدو إلا هدفًا مؤجَّلًا ينتظر لحظة التنفيذ. هم نحاتو الهيبة، وحدادو المصير، وسدنة المعادلات التي تكتب التأريخ لا بالحبر، بل بالبارود، ولا تناقش في المؤتمرات، بل تعلن في سماء المعركة. حيث تنحني المعادلات التقليدية أمام الإرادة التي تصنع الفارق.
هؤلاء لا يكتبون القصائد، لكنهم يجعلون الأعداء يكتبون وصاياهم، ولا يظهرون على الشاشات، لكنهم يجعلون مذيعي العدو يغيرون نبرة أصواتهم كلما حملت الأخبار أسماء صواريخهم وأرقام طائراتهم، وتوقيعاتهم المحفورة بالنار على جسد الطغيان. هؤلاء لا ينقشون أسماءهم في الصحف، بل في المدى الذي ترتجف منه الرادارات، وفي السماء التي تتراقص فيها النيران، وفي البحار التي تغدو مقابر للأطماع. النصر، ذلك الغارق في هالته الباهية، ليس سوى ابن هؤلاء الذين لا تراهم الشمس، لكنَّ ضوءهم يصل إلى أبعد نقطة في الأفق.
في أقبية معاقلهم، حيث يزأر الولاء في بوتقة الانصهار، وينهض المجد من تحت المطرقة. لا يُسبَكُ الحديد فحسب، بل تُسبَكُ الحدود التي لا تُخترَق، لا يُطرق المعدن وحسب، بل يُطرق الرعب في قلوب الغزاة، لا تنصهر المواد فقط، بل تنصهر القيود التي أراد الطغاة فرضها. في كل فرن يفتح فاه ليبتلع المعادن، هناك جحيم صغير يُربَّى ليوم الوعيد، وفي كل سندان يُجلد عليه الحديد، هناك صرخة ردعٍ تتردد في الأفق البعيد. ليست القوالب مجرد أوعية يُسكب فيها المعدن المنصهر، بل هي أضرحة الأوهام الإمبراطورية. حيث يُدفن الغرور في سبائك باردة لا تعرف الرحمة.
ليس كل وصل يقرب المسافات، ففي بعض الروابط، تمتد اليد هنا ليسمع وقعها هناك، حيث لا متَّسع للنجاة. حين يدور دولاب المخرطة، لا يُجَرَّد الحديد من الزوائد فحسب، بل يُجَرَّد العدو من أحلامه الواهنة، وحين تدور آلة البرمجة، لا تنقش الأوامر في الشرائح فقط، بل تنقش كوابيس جديدة في عقل المحتل.
في كل شرارة تتطاير تحت قرص القطع، هناك رسالة ترسل للغزاة أن الغد لن يكون لهم. وفي كل برغيٍّ يُشد، هناك مسمار يُدق في نعش الهيمنة. في كل ثقب يُفتح في صفيح، نفق يُحفر في جدار أمن العدو. وفي كل شُرخٍ يُلحم، ثغرة تغلق في جسد البلاد. وحين تسقط آخر نقطة لحام في موضعها، يبدأ العد التنازلي، والوقت منذ الآن ليس في صالح من ينتظر.
في شد البراغي، هناك قرار يُحكَم على جسد صاروخ سيُعيد رسم حدود القوة. وفي صقل الأسطح المعدنية، هناك انعكاس لصورة وطنٍ لا تنكسر ملامحه أمام أي إعصار. في هذه اللحظات، لا يُربط المعدن بالمعدن، بل تُوصَل نقاط التاريخ ببعضها ليكتمل المشهد الذي طالما خشوه.
في خضم السكون، حيث يُزرع البرق في حشوة القذائف، ويستولد الزلزال من رحم المتفجرات، تتجمع القوى الصامتة. في كل أنبوب إطلاق، صاعقة تترقب لحظة الخلاص، وفي كل محرّك مسيّرة، صقرٌ من لهب يتهيأ للانقضاض، لا ليحلق في الهواء، بل ليمزق أوهام التفوق قبل أن ترتد خائبة إلى الأرض. كل مقذوف يُشحَن هنا هو زمن مضغوط داخل عبوة ناسفة، وكل صاروخ يُجمَّع هو قرار صامت يُوقَّع بالنار قبل أن يَنطِق في الميدان. وما بين نقطة التقاء السلكين، يولد تيار لا يُرى بالعين، لكنه يلمس الواقع ويجعله يرتجف قبل أن يُدرك مصدره.
ليس كل ما يُنقل على الأكتاف أمتعة، فهنا تُحمل الأزمنة، وتوضع الأحمال حيث يجب أن تستقر الأقدار.
كلما دارت آلات التصنيع، دارت معها عقارب التأريخ باتجاه جديد. وكلما تحركت عجلات الإنتاج، تحركت معها خريطة النفوذ بلا استئذان. كأنما هؤلاء الرجال لا يصنعون أسلحة فحسب، بل يضعون بصماتهم على وجه المستقبل، كمن ينحت الجبال بأطراف أصابعه.
في كل محرك ينبض، في كل جناح يمتد، في كل صاروخ يُطلق صرخته نحو المدى، يولد سؤال جديد في عقول الطغاة: كيف لبلد أرادوه مستباحًا أن يصبح حصنًا يُقذف منه الرعب؟ كيف لأيدٍ حوصرت أن تحول الحصار إلى قلاع فولاذية؟
الجواب ليس في الكلمات، بل في الأفق الذي يشتعل بالنار، وفي الأرض التي تعرف أصحابها، وفي التأريخ الذي لم يُكتب بعد، لكنه يُنقش الآن برصاص لا يُخطئ، وحديد لا يلين.
السلاح الذي يحمينا لا يُصنع بالحديد وحده، بل بعزائم تمتد بالعطاء، فكل دعم يُقدَّم للتصنيع الحربي هو لبنة في جدار السيادة، وشرارة تشعل درب النصر، فكونوا شركاء في صناعة القوة كما أنتم حماة للوطن.
ـ #بسام_شانع
https://www.tgoop.com/UnionofPoetsandMinstrels
BY الشاعر نضاَل حُميد

Share with your friend now:
tgoop.com/Nidal_homed/3016