(164)
الأعمـــش
سليمان بن مهران، الإمام، شيخ الإسلام، شيخ المقرئين والمحدثين.
أبو محمد الأسدي، الكوفي، الحافظ.
أصله: من نواحي الري.
قيل: ولد بقرية أمه من أعمال طبرستان في سنة إحدى وستين، وقدموا به إلى الكوفة طفلًا.
وقيل: حملًا.
قال علي بن المديني: له نحو من ألف وثلاث مائة حديث.
قال سفيان بن عيينة: كان الأعمش أقرأهم لكتاب الله، وأحفظهم للحديث، وأعلمهم بالفرائض.
قال وكيع بن الجراح: كان الأعمش قريبًا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى.
عن عاصم سمعت القاسم أبا عبد الرحمن يقول:
ما أحد أعلم بحديث ابن مسعود من الأعمش.
عن الأعمش قال: جلست إلى إياس بن معاوية بواسط، فذكر حديثًا، فقلت: من ذكر هذا؟
فضرب لي مثل رجل من الخوارج،
فقلت: أتضرب لي هذا المثل، تريد أن أكنس الطريق بثوبي، فلا أمر ببعرة، ولا خنفس إلا حملتها؟!
عن ابن عيينة يقول: سمعت الأعمش يقول: ليس بيننا وبين القوم إلا ستر.
عن حفص بن غياث قال: قيل للأعمش أيام زيد: لو خرجت؟
قال: ويلكم! والله ما أعرف أحدًا أجعل عرضي دونه، فكيف أجعل ديني دونه؟!
عن الأعمش قال: آية التقبل الوسوسة؛ لأن أهل الكتابيْن لا يدرون ما الوسوسة، وذلك لأن أعمالهم لا تصعد إلى السماء.
وقيل: إن الأعمش كان له ولد مغفل، فقال له: اذهب فاشتر لنا حبلًا للغسيل.
فقال: يا أبة طول كم؟
قال: عشرة أذرع.
قال: في عرض كم؟
قال: في عرض مصيبتي فيك.
قالوا: مات الأعمش في ربيع الأول، سنة ثمان وأربعين ومائة بالكوفة، وهو ابن ثمان وثمانين سنة.
________________________
📚 المصدر:
سير أعلام النبلاء للذهبي -رحمه الله-.
بتصرف.
💬
https://www.tgoop.com/Seiar_Al_Nubala
الأعمـــش
سليمان بن مهران، الإمام، شيخ الإسلام، شيخ المقرئين والمحدثين.
أبو محمد الأسدي، الكوفي، الحافظ.
أصله: من نواحي الري.
قيل: ولد بقرية أمه من أعمال طبرستان في سنة إحدى وستين، وقدموا به إلى الكوفة طفلًا.
وقيل: حملًا.
قال علي بن المديني: له نحو من ألف وثلاث مائة حديث.
قال سفيان بن عيينة: كان الأعمش أقرأهم لكتاب الله، وأحفظهم للحديث، وأعلمهم بالفرائض.
قال وكيع بن الجراح: كان الأعمش قريبًا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى.
عن عاصم سمعت القاسم أبا عبد الرحمن يقول:
ما أحد أعلم بحديث ابن مسعود من الأعمش.
عن الأعمش قال: جلست إلى إياس بن معاوية بواسط، فذكر حديثًا، فقلت: من ذكر هذا؟
فضرب لي مثل رجل من الخوارج،
فقلت: أتضرب لي هذا المثل، تريد أن أكنس الطريق بثوبي، فلا أمر ببعرة، ولا خنفس إلا حملتها؟!
عن ابن عيينة يقول: سمعت الأعمش يقول: ليس بيننا وبين القوم إلا ستر.
عن حفص بن غياث قال: قيل للأعمش أيام زيد: لو خرجت؟
قال: ويلكم! والله ما أعرف أحدًا أجعل عرضي دونه، فكيف أجعل ديني دونه؟!
عن الأعمش قال: آية التقبل الوسوسة؛ لأن أهل الكتابيْن لا يدرون ما الوسوسة، وذلك لأن أعمالهم لا تصعد إلى السماء.
وقيل: إن الأعمش كان له ولد مغفل، فقال له: اذهب فاشتر لنا حبلًا للغسيل.
فقال: يا أبة طول كم؟
قال: عشرة أذرع.
قال: في عرض كم؟
قال: في عرض مصيبتي فيك.
قالوا: مات الأعمش في ربيع الأول، سنة ثمان وأربعين ومائة بالكوفة، وهو ابن ثمان وثمانين سنة.
________________________
📚 المصدر:
سير أعلام النبلاء للذهبي -رحمه الله-.
بتصرف.
💬
https://www.tgoop.com/Seiar_Al_Nubala
(165)
جعفـر الصادق
جعفر بن محمد ابن علي بن الشهيد أبي عبد الله ريحانة النبي -صلى الله عليه وسلم- وسبطه ومحبوبه: الحسين بن أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب عبد مناف بن شيبة وهو عبد المطلب ابن هاشم، واسمه عمرو بن عبد مناف بن قصي.
الإمام الصادق، شيخ بني هاشم، أبو عبد الله، القرشي، الهاشمي، العلوي، النبوي، المدني، أحد الأعلام.
وأمه هي أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر التيمي، وأمها هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ولهذا كان يقول: ولدني أبو بكر الصديق مرتين.
ولد سنة ثمانين. ورأى بعض الصحابة -أحسبه رأى أنس بن مالك وسهل بن سعد-.
وكان يغضب من الرافضة، ويمقتهم إذا علم أنهم يتعرضون لجده أبي بكر ظاهرًا وباطنًا، هذا لا ريب فيه، ولكن الرافضة قوم جهلة قد هوى بهم الهوى في الهاوية، فبعدًا لهم.
عن سالم بن أبي حفصة قال: سألت أبا جعفر وابنه جعفرًا عن أبي بكر وعمر فقال:
يا سالم! تولهما، وابرأ من عدوهما، فإنهما كانا إمامي هدى.
ثم قال جعفر: يا سالم أيسب الرجل جده أبو بكر جدي، لا نالتني شفاعة محمد -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما، وأبرأ من عدوهما.
عن عبد الجبار بن العباس الهمداني أن جعفر بن محمد أتاهم وهم يريدون أن يرتحلوا من المدينة فقال: إنكم إن شاء الله من صالحي أهل مصركم فأبلغوهم عني: من زعم أني إمام معصوم مفترض الطاعة فأنا منه بريء، ومن زعم أني أبرأ من أبي بكر وعمر فأنا منه بريء.
عن حنان بن سدير: سمعت جعفر بن محمد وسئل عن أبي بكر وعمر فقال: إنك تسألني، عن رجلين قد أكلا من ثمار الجنة.
عن عمرو بن قيس الملائي: سمعت جعفر بن محمد يقول: برىء الله ممن تبرأ من أبي بكر وعمر.
قلت: هذا القول متواتر عن جعفر الصادق، وأشهد الله إنه لبار في قوله غير منافق لأحد، فقبح الله الرافضة.
عن حسن بن زياد: سمعت أبا حنيفة، وسئل:
من أفقه من رأيت؟
قال: ما رأيت أحدًا أفقه من جعفر بن محمد، لما أقدمه المنصور الحيرة بعث إلي فقال: يا أبا حنيفة إن الناس قد فتنوا بجعفر ابن محمد، فهيء له من مسائلك الصعاب، فهيأت له أربعين مسألة ثم أتيت أبا جعفر وجعفر جالس عن يمينه فلما بصرت بهما، دخلني لجعفر من الهيبة ما لا يدخلني لأبي جعفر، فسلمت، وأذن لي فجلست، ثم التفت إلى جعفر فقال: يا أبا عبد الله تعرف هذا؟
قال: نعم، هذا أبو حنيفة.
ثم قال: يا أبا حنيفة هات من مسائلك نسأل أبا عبد الله.
فابتدأت أسأله فكان يقول في المسألة: أنتم تقولون فيها كذا وكذا، وأهل المدينة يقولون كذا وكذا، ونحن نقول كذا وكذا، فربما تابعنا، وربما تابع أهل المدينة، وربما خالفنا جميعًا، حتى أتيت على أربعين مسألة، ما أخرم منها مسألة،
ثم قال أبو حنيفة: أليس قد روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس.
عن معاوية بن عمار سألت جعفر بن محمد، عن القرآن فقال: ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله.
عن حماد بن زيد، عن أيوب: سمعت جعفرًا يقول: إنا -والله- لا نعلم كل ما يسألوننا عنه، ولغيرنا أعلم منا.
قال جعفر بن محمد: لا زاد أفضل من التقوى، ولا شيء أحسن من الصمت، ولا عدو أضر من الجهل، ولا داء أدوأ من الكذب.
مات جعفر الصادق في سنة ثمان وأربعين ومائة. وقد مر أن مولده سنة ثمانين. فيكون عمره ثمانيًا وستين سنة -رحمه الله-.
لم يخرج له البخاري في "الصحيح" بل في كتاب "الأدب"، وغيره.
________________________
📚 المصدر:
سير أعلام النبلاء للذهبي -رحمه الله-.
بتصرف.
💬
https://www.tgoop.com/Seiar_Al_Nubala
جعفـر الصادق
جعفر بن محمد ابن علي بن الشهيد أبي عبد الله ريحانة النبي -صلى الله عليه وسلم- وسبطه ومحبوبه: الحسين بن أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب عبد مناف بن شيبة وهو عبد المطلب ابن هاشم، واسمه عمرو بن عبد مناف بن قصي.
الإمام الصادق، شيخ بني هاشم، أبو عبد الله، القرشي، الهاشمي، العلوي، النبوي، المدني، أحد الأعلام.
وأمه هي أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر التيمي، وأمها هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ولهذا كان يقول: ولدني أبو بكر الصديق مرتين.
ولد سنة ثمانين. ورأى بعض الصحابة -أحسبه رأى أنس بن مالك وسهل بن سعد-.
وكان يغضب من الرافضة، ويمقتهم إذا علم أنهم يتعرضون لجده أبي بكر ظاهرًا وباطنًا، هذا لا ريب فيه، ولكن الرافضة قوم جهلة قد هوى بهم الهوى في الهاوية، فبعدًا لهم.
عن سالم بن أبي حفصة قال: سألت أبا جعفر وابنه جعفرًا عن أبي بكر وعمر فقال:
يا سالم! تولهما، وابرأ من عدوهما، فإنهما كانا إمامي هدى.
ثم قال جعفر: يا سالم أيسب الرجل جده أبو بكر جدي، لا نالتني شفاعة محمد -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما، وأبرأ من عدوهما.
عن عبد الجبار بن العباس الهمداني أن جعفر بن محمد أتاهم وهم يريدون أن يرتحلوا من المدينة فقال: إنكم إن شاء الله من صالحي أهل مصركم فأبلغوهم عني: من زعم أني إمام معصوم مفترض الطاعة فأنا منه بريء، ومن زعم أني أبرأ من أبي بكر وعمر فأنا منه بريء.
عن حنان بن سدير: سمعت جعفر بن محمد وسئل عن أبي بكر وعمر فقال: إنك تسألني، عن رجلين قد أكلا من ثمار الجنة.
عن عمرو بن قيس الملائي: سمعت جعفر بن محمد يقول: برىء الله ممن تبرأ من أبي بكر وعمر.
قلت: هذا القول متواتر عن جعفر الصادق، وأشهد الله إنه لبار في قوله غير منافق لأحد، فقبح الله الرافضة.
عن حسن بن زياد: سمعت أبا حنيفة، وسئل:
من أفقه من رأيت؟
قال: ما رأيت أحدًا أفقه من جعفر بن محمد، لما أقدمه المنصور الحيرة بعث إلي فقال: يا أبا حنيفة إن الناس قد فتنوا بجعفر ابن محمد، فهيء له من مسائلك الصعاب، فهيأت له أربعين مسألة ثم أتيت أبا جعفر وجعفر جالس عن يمينه فلما بصرت بهما، دخلني لجعفر من الهيبة ما لا يدخلني لأبي جعفر، فسلمت، وأذن لي فجلست، ثم التفت إلى جعفر فقال: يا أبا عبد الله تعرف هذا؟
قال: نعم، هذا أبو حنيفة.
ثم قال: يا أبا حنيفة هات من مسائلك نسأل أبا عبد الله.
فابتدأت أسأله فكان يقول في المسألة: أنتم تقولون فيها كذا وكذا، وأهل المدينة يقولون كذا وكذا، ونحن نقول كذا وكذا، فربما تابعنا، وربما تابع أهل المدينة، وربما خالفنا جميعًا، حتى أتيت على أربعين مسألة، ما أخرم منها مسألة،
ثم قال أبو حنيفة: أليس قد روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس.
عن معاوية بن عمار سألت جعفر بن محمد، عن القرآن فقال: ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله.
عن حماد بن زيد، عن أيوب: سمعت جعفرًا يقول: إنا -والله- لا نعلم كل ما يسألوننا عنه، ولغيرنا أعلم منا.
قال جعفر بن محمد: لا زاد أفضل من التقوى، ولا شيء أحسن من الصمت، ولا عدو أضر من الجهل، ولا داء أدوأ من الكذب.
مات جعفر الصادق في سنة ثمان وأربعين ومائة. وقد مر أن مولده سنة ثمانين. فيكون عمره ثمانيًا وستين سنة -رحمه الله-.
لم يخرج له البخاري في "الصحيح" بل في كتاب "الأدب"، وغيره.
________________________
📚 المصدر:
سير أعلام النبلاء للذهبي -رحمه الله-.
بتصرف.
💬
https://www.tgoop.com/Seiar_Al_Nubala
(166)
يونس بن عبيد
ابن دينار، الإمام، القدوة، الحجة، أبو عبد الله العبدي مولاهم، البصري. من صغار التابعين، وفضلائهم.
رأى أنس بن مالك، وحدث عن: الحسن، وابن سيرين، وعطاء، وعكرمة، ونافع مولى ابن عمر، وعدة.
حدث عنه خلق كثير.
قال علي بن المديني: له نحو مائتي حديث.
وقال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث.
وقال أحمد وابن معين: ثقة.
عن مؤمل بن إسماعيل قال: جاء رجل شامي إلى سوق الخزازين فقال: عندك مطرف بأربع مائة؟ فقال يونس بن عبيد: عندنا بمئتين.
فنادى المنادي: الصلاة.
فانطلق يونس إلى بني قشير ليصلي بهم، فجاء وقد باع ابن أخته المطرف من الشامي بأربع مائة.
فقال: ما هذه الدراهم؟
قال: ثمن ذاك المطرف.
فقال: يا عبد الله هذا المطرف الذي عرضته عليك بمئتي درهم، فإن شئت فخذه وخذ مئتين، وإن شئت فدعه.
قال: من أنت؟
قال: أنا رجل من المسلمين.
وعن جعفر بن برقان قال: بلغني عن يونس فضل وصلاح، فأحببت أن أكتب إليه أسأله، فكتب إلي: أتاني كتابك تسألني أن أكتب إليك بما أنا عليه. فأخبرك أني عرضت على نفسي أن تحب للناس ما تحب لها، وتكره لهم ما تكره لها، فإذا هي من ذاك بعيدة، ثم عرضت عليها مرة أخرى ترك ذكرهم إلا من خير، فوجدت الصوم في اليوم الحار أيسر عليها من ذلك، هذا أمري يا أخي، والسلام.
قيل: إن يونس بن عبيد قال: إني لأعد مئة خصلة من خصال البر ما فيَّ منها خصلة واحدة.
عن جسر أبي جعفر قال: دخلت على يونس بن عبيد أيام الأضحى فقال: خذ لنا كذا وكذا من شاة، ثم قال: والله ما أراه يتقبل مني شيء، قد خشيت أن أكون من أهل النار.
قلت: كل من لم يخش أن يكون في النار فهو مغرور، قد أمن مكر الله به.
قال يونس بن عبيد: لا تجد من البر شيئًا واحدًا يتبعه البر كله غير اللسان، فإنك تجد الرجل يكثر الصيام، ويفطر على الحرام، ويقوم الليل ويشهد بالزور بالنهار، وذكر أشياء نحو هذا.
عن يونس: خصلتان إذا صلحتا من العبد، صلح ما سواهما: صلاته، ولسانه.
قال غسان بن المفضل الغلابي: حدثني بعض أصحابنا قال: جاء رجل إلى يونس بن عبيد فشكا إليه ضيقًا من حاله ومعاشه واغتمامًا بذلك،
فقال: أيسرك ببصرك مائة ألف؟
قال: لا.
قال: فبسمعك؟
قال: لا.
قال: فبلسانك؟
قال: لا.
قال: فبعقلك؟
قال: لا.
وذكره نعم الله عليه ثم قال يونس: أرى لك مئين ألوفًا، وأنت تشكو الحاجة!
عن حماد بن زيد: سمعت يونس بن عبيد يقول: عمدنا إلى ما يصلح الناس فكتبناه، وعمدنا إلى ما يصلحنا فتركناه.
قال حزم بن أبي حزم: مر بنا يونس بن عبيد على حمار، ونحن قعود على باب ابن لاحق، فوقف فقال: أصبح من إذا عرف السنة عرفها غريبًا، وأغرب منه الذي يعرفها.
عن يونس بن عبيد: ليس شيء أعز من شيئين: درهم طيب، ورجل يعمل على سنة.
قال سعيد بن عامر: حدثنا جسر أبو جعفر: قلت ليونس: مررت بقوم يختصمون في القدر.
فقال: لو همتهم ذنوبهم ما اختصموا في القدر.
عن خويل -يعني: ختن شعبة- قال:
كنت عند يونس، فجاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله تنهانا عن مجالسة عمرو بن عبيد، وقد دخل عليه ابنك.
قال: ابني؟!
قال: نعم.
فتغيظ الشيخ، فلم أبرح حتى جاء ابنه، فقال:
يا بني قد عرفت رأيي في عمرو ثم تدخل عليه؟! قال: كان معي فلان، وجعل يعتذر.
قال: أنهاك عن الزنى، والسرقة، وشرب الخمر، ولأن تلقى الله بهن، أحب إلي من أن تلقاه برأي عمرو، وأصحاب عمرو.
قال حماد بن زيد: سمعت يونس يقول: توشك عينك أن ترى ما لم ترَ، وأذنك أن تسمع ما لم تسمع، ثم لا تخرج من طبقة إلا دخلت فيما هو أشد منها، حتى يكون آخر ذلك الجواز على الصراط.
عن عامر بن أبي عامر الخراز: سمعت يونس بن عبيد وهو يرثي بهذه الأبيات:
من الموت لا ذو الصبر ينجيه صبره ... ولا لجزوع كاره الموت مجزع
أرى كل ذي نفس وإن طال عمرها ... وعاشت لها سم من الموت منقع
فكل امرىء لاق من الموت سكرة ... له ساعة فيها يذل ويضرع
وإنك من يعجبك لا تك مثله ... إذا أنت لم تصنع كما كان يصنع
قيل: إن يونس نظر إلى قدميه عند الموت، وبكى، فقيل: ما يبكيك أبا عبد الله؟
قال: قدماي لم تغبر في سبيل الله.
قال محمد بن سعد: مات يونس سنة أربعين ومائة.
____________________
📚 المصدر:
سير أعلام النبلاء للذهبي -رحمه الله-.
بتصرف.
💬
https://www.tgoop.com/Seiar_Al_Nubala
يونس بن عبيد
ابن دينار، الإمام، القدوة، الحجة، أبو عبد الله العبدي مولاهم، البصري. من صغار التابعين، وفضلائهم.
رأى أنس بن مالك، وحدث عن: الحسن، وابن سيرين، وعطاء، وعكرمة، ونافع مولى ابن عمر، وعدة.
حدث عنه خلق كثير.
قال علي بن المديني: له نحو مائتي حديث.
وقال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث.
وقال أحمد وابن معين: ثقة.
عن مؤمل بن إسماعيل قال: جاء رجل شامي إلى سوق الخزازين فقال: عندك مطرف بأربع مائة؟ فقال يونس بن عبيد: عندنا بمئتين.
فنادى المنادي: الصلاة.
فانطلق يونس إلى بني قشير ليصلي بهم، فجاء وقد باع ابن أخته المطرف من الشامي بأربع مائة.
فقال: ما هذه الدراهم؟
قال: ثمن ذاك المطرف.
فقال: يا عبد الله هذا المطرف الذي عرضته عليك بمئتي درهم، فإن شئت فخذه وخذ مئتين، وإن شئت فدعه.
قال: من أنت؟
قال: أنا رجل من المسلمين.
وعن جعفر بن برقان قال: بلغني عن يونس فضل وصلاح، فأحببت أن أكتب إليه أسأله، فكتب إلي: أتاني كتابك تسألني أن أكتب إليك بما أنا عليه. فأخبرك أني عرضت على نفسي أن تحب للناس ما تحب لها، وتكره لهم ما تكره لها، فإذا هي من ذاك بعيدة، ثم عرضت عليها مرة أخرى ترك ذكرهم إلا من خير، فوجدت الصوم في اليوم الحار أيسر عليها من ذلك، هذا أمري يا أخي، والسلام.
قيل: إن يونس بن عبيد قال: إني لأعد مئة خصلة من خصال البر ما فيَّ منها خصلة واحدة.
عن جسر أبي جعفر قال: دخلت على يونس بن عبيد أيام الأضحى فقال: خذ لنا كذا وكذا من شاة، ثم قال: والله ما أراه يتقبل مني شيء، قد خشيت أن أكون من أهل النار.
قلت: كل من لم يخش أن يكون في النار فهو مغرور، قد أمن مكر الله به.
قال يونس بن عبيد: لا تجد من البر شيئًا واحدًا يتبعه البر كله غير اللسان، فإنك تجد الرجل يكثر الصيام، ويفطر على الحرام، ويقوم الليل ويشهد بالزور بالنهار، وذكر أشياء نحو هذا.
عن يونس: خصلتان إذا صلحتا من العبد، صلح ما سواهما: صلاته، ولسانه.
قال غسان بن المفضل الغلابي: حدثني بعض أصحابنا قال: جاء رجل إلى يونس بن عبيد فشكا إليه ضيقًا من حاله ومعاشه واغتمامًا بذلك،
فقال: أيسرك ببصرك مائة ألف؟
قال: لا.
قال: فبسمعك؟
قال: لا.
قال: فبلسانك؟
قال: لا.
قال: فبعقلك؟
قال: لا.
وذكره نعم الله عليه ثم قال يونس: أرى لك مئين ألوفًا، وأنت تشكو الحاجة!
عن حماد بن زيد: سمعت يونس بن عبيد يقول: عمدنا إلى ما يصلح الناس فكتبناه، وعمدنا إلى ما يصلحنا فتركناه.
قال حزم بن أبي حزم: مر بنا يونس بن عبيد على حمار، ونحن قعود على باب ابن لاحق، فوقف فقال: أصبح من إذا عرف السنة عرفها غريبًا، وأغرب منه الذي يعرفها.
عن يونس بن عبيد: ليس شيء أعز من شيئين: درهم طيب، ورجل يعمل على سنة.
قال سعيد بن عامر: حدثنا جسر أبو جعفر: قلت ليونس: مررت بقوم يختصمون في القدر.
فقال: لو همتهم ذنوبهم ما اختصموا في القدر.
عن خويل -يعني: ختن شعبة- قال:
كنت عند يونس، فجاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله تنهانا عن مجالسة عمرو بن عبيد، وقد دخل عليه ابنك.
قال: ابني؟!
قال: نعم.
فتغيظ الشيخ، فلم أبرح حتى جاء ابنه، فقال:
يا بني قد عرفت رأيي في عمرو ثم تدخل عليه؟! قال: كان معي فلان، وجعل يعتذر.
قال: أنهاك عن الزنى، والسرقة، وشرب الخمر، ولأن تلقى الله بهن، أحب إلي من أن تلقاه برأي عمرو، وأصحاب عمرو.
قال حماد بن زيد: سمعت يونس يقول: توشك عينك أن ترى ما لم ترَ، وأذنك أن تسمع ما لم تسمع، ثم لا تخرج من طبقة إلا دخلت فيما هو أشد منها، حتى يكون آخر ذلك الجواز على الصراط.
عن عامر بن أبي عامر الخراز: سمعت يونس بن عبيد وهو يرثي بهذه الأبيات:
من الموت لا ذو الصبر ينجيه صبره ... ولا لجزوع كاره الموت مجزع
أرى كل ذي نفس وإن طال عمرها ... وعاشت لها سم من الموت منقع
فكل امرىء لاق من الموت سكرة ... له ساعة فيها يذل ويضرع
وإنك من يعجبك لا تك مثله ... إذا أنت لم تصنع كما كان يصنع
قيل: إن يونس نظر إلى قدميه عند الموت، وبكى، فقيل: ما يبكيك أبا عبد الله؟
قال: قدماي لم تغبر في سبيل الله.
قال محمد بن سعد: مات يونس سنة أربعين ومائة.
____________________
📚 المصدر:
سير أعلام النبلاء للذهبي -رحمه الله-.
بتصرف.
💬
https://www.tgoop.com/Seiar_Al_Nubala
(167)
معمر بن راشد
الإمام، الحافظ، شيخ الإسلام.
أبو عروة بن أبي عمرو الأزدي، البصري، نزيل اليمن.
مولده سنة خمس أو ست وتسعين.
شهد جنازة الحسن البصري، وطلب العلم وهو حدث.
كان من أوعية العلم، مع الصدق، والتحري، والورع، والجلالة، وحسن التصنيف.
عن معمر قال:
سمعت من قتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة، فما شيء سمعت في تلك السنين إلا وكأنه مكتوب في صدري.
قال أبو حفص الفلاس: معمر من أصدق الناس.
قال ابن جريج: إن معمرًا شرب من العلم بأنقع.
قال ابن قتيبة: الأنقع: جمع نقع، وهو ها هنا: ما يستنقع.
قال أحمد بن عبد الله العجلي: معمر ثقة، رجل صالح، بصري، سكن صنعاء، وتزوج بها، ورحل إليه سفيان الثوري.
قال أحمد العجلي: لما دخل معمر صنعاء، كرهوا أن يخرج من بين أظهرهم، فقال لهم رجل: قيدوه. قال: فزوجوه.
أكل معمر من عند أهله فاكهة ثم سأل فقيل: هدية من فلانة النواحة. فقام، فتقيأ.
وبعث إليه معن -والي اليمن- بذهب فرده، وقال لأهله: إن علم بهذا غيرنا لم يجتمع رأسي ورأسك أبدًا.
قال عبد الرزاق: ما نعلم أحدًا عف عن هذا المال إلا الثوري ومعمرًا.
عن معمر قال: كان يقال: إن الرجل يطلب العلم لغير الله، فيأبى عليه العلم حتى يكون لله.
قلت: نعم، يطلبه أولًا والحامل له حب العلم، وحب إزالة الجهل عنه، وحب الوظائف، ونحو ذلك، ولم يكن علم وجوب الإخلاص فيه، ولا صدق النية، فإذا علم حاسب نفسه، وخاف من وبال قصده، فتجيئه النية الصالحة كلها أو بعضها، وقد يتوب من نيته الفاسدة ويندم. وعلامة ذلك أنه يقصر من الدعاوى وحب المناظرة ومن قصد التكثر بعلمه، ويزري على نفسه، فإن تكثر بعلمه أو قال: أنا أعلم من فلان، فبعدًا له.
مات معمر في شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين ومائة.
قال أحمد بن حنبل: عاش ثمانيًا وخمسين سنة.
________________________
📚 المصدر:
سير أعلام النبلاء للذهبي -رحمه الله-.
بتصرف.
💬
https://www.tgoop.com/Seiar_Al_Nubala
معمر بن راشد
الإمام، الحافظ، شيخ الإسلام.
أبو عروة بن أبي عمرو الأزدي، البصري، نزيل اليمن.
مولده سنة خمس أو ست وتسعين.
شهد جنازة الحسن البصري، وطلب العلم وهو حدث.
كان من أوعية العلم، مع الصدق، والتحري، والورع، والجلالة، وحسن التصنيف.
عن معمر قال:
سمعت من قتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة، فما شيء سمعت في تلك السنين إلا وكأنه مكتوب في صدري.
قال أبو حفص الفلاس: معمر من أصدق الناس.
قال ابن جريج: إن معمرًا شرب من العلم بأنقع.
قال ابن قتيبة: الأنقع: جمع نقع، وهو ها هنا: ما يستنقع.
قال أحمد بن عبد الله العجلي: معمر ثقة، رجل صالح، بصري، سكن صنعاء، وتزوج بها، ورحل إليه سفيان الثوري.
قال أحمد العجلي: لما دخل معمر صنعاء، كرهوا أن يخرج من بين أظهرهم، فقال لهم رجل: قيدوه. قال: فزوجوه.
أكل معمر من عند أهله فاكهة ثم سأل فقيل: هدية من فلانة النواحة. فقام، فتقيأ.
وبعث إليه معن -والي اليمن- بذهب فرده، وقال لأهله: إن علم بهذا غيرنا لم يجتمع رأسي ورأسك أبدًا.
قال عبد الرزاق: ما نعلم أحدًا عف عن هذا المال إلا الثوري ومعمرًا.
عن معمر قال: كان يقال: إن الرجل يطلب العلم لغير الله، فيأبى عليه العلم حتى يكون لله.
قلت: نعم، يطلبه أولًا والحامل له حب العلم، وحب إزالة الجهل عنه، وحب الوظائف، ونحو ذلك، ولم يكن علم وجوب الإخلاص فيه، ولا صدق النية، فإذا علم حاسب نفسه، وخاف من وبال قصده، فتجيئه النية الصالحة كلها أو بعضها، وقد يتوب من نيته الفاسدة ويندم. وعلامة ذلك أنه يقصر من الدعاوى وحب المناظرة ومن قصد التكثر بعلمه، ويزري على نفسه، فإن تكثر بعلمه أو قال: أنا أعلم من فلان، فبعدًا له.
مات معمر في شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين ومائة.
قال أحمد بن حنبل: عاش ثمانيًا وخمسين سنة.
________________________
📚 المصدر:
سير أعلام النبلاء للذهبي -رحمه الله-.
بتصرف.
💬
https://www.tgoop.com/Seiar_Al_Nubala
(168)
الأوزاعــي
عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد.
شيخ الإسلام، وعالم أهل الشام، أبو عمرو الأوزاعي.
كان يسكن بمحلة الأوزاع، وهي العقيبة الصغيرة ظاهر باب الفراديس بدمشق، ثم تحول إلى بيروت مرابطًا بها إلى أن مات.
قال ضمرة بن ربيعة: الأوزاع: اسم وقع على موضع مشهور بربض دمشق، سمي بذلك لأنه سكنه بقايا من قبائل شتى، والأوزاع: الفرق تقول: وزعته أي: فرقته.
وقيل: كان مولده ببعلبك.
ولد سنة ثمان وثمانين.
كان خيرًا، فاضلًا، مأمونًا، كثير العلم والحديث والفقه، حجة، هو أول من دون العلم بالشام.
قال الخريبي: كان الأوزاعي أفضل أهل زمانه.
قال العباس بن الوليد: فما رأيت أبي يتعجب من شيء في الدنيا تعجبه من الأوزاعي. فكان يقول: سبحانك تفعل ما تشاء؛ كان الأوزاعي يتيمًا فقيرًا في حجر أمه، تنقله من بلد إلى بلد، وقد جرى حكمك فيه أن بلغته حيث رأيته، يا بني عجزت الملوك أن تؤدب أنفسها وأولادها أدب الأوزاعي في نفسه، ما سمعت منه كلمة قط فاضلة إلا احتاج مستمعها إلى إثباتها عنه، ولا رأيته ضاحكًا قط حتى يقهقه، ولقد كان إذا أخذ في ذكر المعاد أقول في نفسي: أترى في المجلس قلب لم يبكِ؟
قال الأوزاعي: مات أبي وأنا صغير، فذهبت ألعب مع الغلمان، فمر بنا فلان -وذكر شيخًا جليلًا من العرب- ففر الصبيان حين رأوه، وثبت أنا، فقال: ابن من أنت؟ فأخبرته. فقال: يا ابن أخي يرحم الله أباك. فذهب بي إلى بيته، فكنت معه حتى بلغت، فألحقني في الديوان، وضرب علينا بعثًا إلى اليمامة، فلما قدمناها ودخلنا مسجد الجامع وخرجنا، قال لي رجل من أصحابنا: رأيت يحيى بن أبي كثير معجبًا بك يقول: ما رأيت في هذا البعث أهدى من هذا الشاب. قال: فجالسته فكتبت عنه أربعة عشر كتابًا أو ثلاثة عشر فاحترق كله.
▪️زهده وعبادته:
قال الوليد بن مسلم: رأيت الأوزاعي يثبت في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس، ويخبرنا عن السلف: أن ذلك كان هديهم فإذا طلعت الشمس قام بعضهم إلى بعض فأفاضوا في ذكر الله، والتفقه في دينه.
قال الوليد بن مزيد: كان الأوزاعي من العبادة على شيء ما سمعنا بأحد قوي عليه، ما أتى عليه زوال قط إلا وهو قائم يصلي.
كان الوليد بن مسلم يقول: ما رأيت أكثر اجتهادًا في العبادة من الأوزاعي.
عن ضمرة بن ربيعة قال: حججنا مع الأوزاعي سنة خمسين ومائة، فما رأيته مضطجعًا في المحمل في ليل ولا نهار قط، كان يصلي فإذا غلبه النوم استند إلى القتب.
عن محمد بن عبد الوهاب قال: كنا عند أبي إسحاق الفزاري فذكر الأوزاعي فقال: ذاك رجل كان شأنه عجبًا، كان يسأل عن الشيء عندنا فيه الأثر فيرد، والله الجواب كما هو في الأثر، لا يقدم منه ولا يؤخر.
عن صدقة بن عبد الله يقول: ما رأيت أحدًا أحلم، ولا أكمل، ولا أحمل فيه حمل من الأوزاعي.
قدم أبو مرحوم من مكة على الأوزاعي فأهدى له طرائف، فقال له: إن شئت قبلت منك، ولم تسمع مني حرفًا، وإن شئت فضم هديتك، واسمع.
ولي الأوزاعي القضاء ليزيد بن الوليد، فجلس مجلسًا، ثم استعفى، فأعفي.
▪️من أقواله:
(كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله تعالى فوق عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته).
(عليك بآثار من سلف، وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول، فإن الأمر ينجلي وأنت على طريق مستقيم).
قال بقية بن الوليد: قال لي الأوزاعي: (يا بقية لا تذكر أحدًا من أصحاب نبيك إلا بخير. يا بقية العلم ما جاء عن أصحاب محمد -صلى الله عليه، وسلم-، وما لم يجئ عنهم فليس بعلم).
(لا يجتمع حب علي وعثمان -رضي الله عنهما-إلا في قلب مؤمن).
(من أخذ بنوادر العلماء، خرج من الإسلام).
(ما ابتدع رجل بدعة إلا سلب الورع).
(إن المؤمن يقول قليلًا، ويعمل كثيرًا، وإن المنافق يتكلم كثيرًا، ويعمل قليلًا).
(كان يقال: ويل للمتفقهين لغير العبادة، والمستحلين الحرمات بالشبهات).
(إذا أراد الله بقوم شرًا، فتح عليهم الجدل، ومنعهم العمل).
(لا ينبغي للإمام أن يخص نفسه بشيء من الدعاء، فإن فعل فقد خانهم).
عن محمد بن الأوزاعي قال: قال لي أبي: (يا بني! لو كنا نقبل من الناس كل ما يعرضون علينا لأوشك أن نهون عليهم).
(من أطال قيام الليل هون الله عليه وقوف يوم القيامة).
(من أكثر ذكر الموت كفاه اليسير، ومن عرف أن منطقه من عمله قل كلامه).
وعظ الأوزاعي فقال في موعظته:
أيها الناس! تقووا بهذه النعم التي أصبحتم فيها على الهرب من نار الله الموقدة، التي تطلع على الأفئدة، فإنكم في دارٍ الثواء فيها قليل، وأنتم مرتحلون وخلائف بعد القرون الذين استقالوا من الدنيا زهرتها، كانوا أطول منكم أعمارًا، وأجد أجسامًا، وأعظم آثارًا، فجددوا الجبال، وجابوا الصخور، ونقبوا في البلاد مؤيدين ببطش شديد، وأجسام كالعماد، فما لبثت الأيام والليالي أن طوت مدتهم، وعفت آثارهم، وأخوت منازلهم، وأنست ذكرهم: {هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا} [مريم: 98]
الأوزاعــي
عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد.
شيخ الإسلام، وعالم أهل الشام، أبو عمرو الأوزاعي.
كان يسكن بمحلة الأوزاع، وهي العقيبة الصغيرة ظاهر باب الفراديس بدمشق، ثم تحول إلى بيروت مرابطًا بها إلى أن مات.
قال ضمرة بن ربيعة: الأوزاع: اسم وقع على موضع مشهور بربض دمشق، سمي بذلك لأنه سكنه بقايا من قبائل شتى، والأوزاع: الفرق تقول: وزعته أي: فرقته.
وقيل: كان مولده ببعلبك.
ولد سنة ثمان وثمانين.
كان خيرًا، فاضلًا، مأمونًا، كثير العلم والحديث والفقه، حجة، هو أول من دون العلم بالشام.
قال الخريبي: كان الأوزاعي أفضل أهل زمانه.
قال العباس بن الوليد: فما رأيت أبي يتعجب من شيء في الدنيا تعجبه من الأوزاعي. فكان يقول: سبحانك تفعل ما تشاء؛ كان الأوزاعي يتيمًا فقيرًا في حجر أمه، تنقله من بلد إلى بلد، وقد جرى حكمك فيه أن بلغته حيث رأيته، يا بني عجزت الملوك أن تؤدب أنفسها وأولادها أدب الأوزاعي في نفسه، ما سمعت منه كلمة قط فاضلة إلا احتاج مستمعها إلى إثباتها عنه، ولا رأيته ضاحكًا قط حتى يقهقه، ولقد كان إذا أخذ في ذكر المعاد أقول في نفسي: أترى في المجلس قلب لم يبكِ؟
قال الأوزاعي: مات أبي وأنا صغير، فذهبت ألعب مع الغلمان، فمر بنا فلان -وذكر شيخًا جليلًا من العرب- ففر الصبيان حين رأوه، وثبت أنا، فقال: ابن من أنت؟ فأخبرته. فقال: يا ابن أخي يرحم الله أباك. فذهب بي إلى بيته، فكنت معه حتى بلغت، فألحقني في الديوان، وضرب علينا بعثًا إلى اليمامة، فلما قدمناها ودخلنا مسجد الجامع وخرجنا، قال لي رجل من أصحابنا: رأيت يحيى بن أبي كثير معجبًا بك يقول: ما رأيت في هذا البعث أهدى من هذا الشاب. قال: فجالسته فكتبت عنه أربعة عشر كتابًا أو ثلاثة عشر فاحترق كله.
▪️زهده وعبادته:
قال الوليد بن مسلم: رأيت الأوزاعي يثبت في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس، ويخبرنا عن السلف: أن ذلك كان هديهم فإذا طلعت الشمس قام بعضهم إلى بعض فأفاضوا في ذكر الله، والتفقه في دينه.
قال الوليد بن مزيد: كان الأوزاعي من العبادة على شيء ما سمعنا بأحد قوي عليه، ما أتى عليه زوال قط إلا وهو قائم يصلي.
كان الوليد بن مسلم يقول: ما رأيت أكثر اجتهادًا في العبادة من الأوزاعي.
عن ضمرة بن ربيعة قال: حججنا مع الأوزاعي سنة خمسين ومائة، فما رأيته مضطجعًا في المحمل في ليل ولا نهار قط، كان يصلي فإذا غلبه النوم استند إلى القتب.
عن محمد بن عبد الوهاب قال: كنا عند أبي إسحاق الفزاري فذكر الأوزاعي فقال: ذاك رجل كان شأنه عجبًا، كان يسأل عن الشيء عندنا فيه الأثر فيرد، والله الجواب كما هو في الأثر، لا يقدم منه ولا يؤخر.
عن صدقة بن عبد الله يقول: ما رأيت أحدًا أحلم، ولا أكمل، ولا أحمل فيه حمل من الأوزاعي.
قدم أبو مرحوم من مكة على الأوزاعي فأهدى له طرائف، فقال له: إن شئت قبلت منك، ولم تسمع مني حرفًا، وإن شئت فضم هديتك، واسمع.
ولي الأوزاعي القضاء ليزيد بن الوليد، فجلس مجلسًا، ثم استعفى، فأعفي.
▪️من أقواله:
(كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله تعالى فوق عرشه، ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته).
(عليك بآثار من سلف، وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول، فإن الأمر ينجلي وأنت على طريق مستقيم).
قال بقية بن الوليد: قال لي الأوزاعي: (يا بقية لا تذكر أحدًا من أصحاب نبيك إلا بخير. يا بقية العلم ما جاء عن أصحاب محمد -صلى الله عليه، وسلم-، وما لم يجئ عنهم فليس بعلم).
(لا يجتمع حب علي وعثمان -رضي الله عنهما-إلا في قلب مؤمن).
(من أخذ بنوادر العلماء، خرج من الإسلام).
(ما ابتدع رجل بدعة إلا سلب الورع).
(إن المؤمن يقول قليلًا، ويعمل كثيرًا، وإن المنافق يتكلم كثيرًا، ويعمل قليلًا).
(كان يقال: ويل للمتفقهين لغير العبادة، والمستحلين الحرمات بالشبهات).
(إذا أراد الله بقوم شرًا، فتح عليهم الجدل، ومنعهم العمل).
(لا ينبغي للإمام أن يخص نفسه بشيء من الدعاء، فإن فعل فقد خانهم).
عن محمد بن الأوزاعي قال: قال لي أبي: (يا بني! لو كنا نقبل من الناس كل ما يعرضون علينا لأوشك أن نهون عليهم).
(من أطال قيام الليل هون الله عليه وقوف يوم القيامة).
(من أكثر ذكر الموت كفاه اليسير، ومن عرف أن منطقه من عمله قل كلامه).
وعظ الأوزاعي فقال في موعظته:
أيها الناس! تقووا بهذه النعم التي أصبحتم فيها على الهرب من نار الله الموقدة، التي تطلع على الأفئدة، فإنكم في دارٍ الثواء فيها قليل، وأنتم مرتحلون وخلائف بعد القرون الذين استقالوا من الدنيا زهرتها، كانوا أطول منكم أعمارًا، وأجد أجسامًا، وأعظم آثارًا، فجددوا الجبال، وجابوا الصخور، ونقبوا في البلاد مؤيدين ببطش شديد، وأجسام كالعماد، فما لبثت الأيام والليالي أن طوت مدتهم، وعفت آثارهم، وأخوت منازلهم، وأنست ذكرهم: {هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا} [مريم: 98]
كانوا بلهو الأمل آمنين، ولميقات يومٍ غافلين، ولصباح قوم نادمين، ثم إنكم قد علمتم ما نزل بساحتهم بياتًا من عقوبة الله، فأصبح كثير منهم في ديارهم جاثمين، وأصبح الباقون ينظرون في آثار نقمه، وزوال نعمه، ومساكن خاوية فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم، وعبرة لمن يخشى.
▪️وفاته:
عن ابن أبي العشرين: سمعت أميرًا كان بالساحل يقول -وقد دفنا الأوزاعي- ونحن عند القبر:
رحمك الله أبا عمرو، فلقد كنت أخافك أكثر ممن ولاني.
عن سالم بن المنذر قال: لما سمعت الضجة بوفاة الأوزاعي، خرجت، فأول من رأيت نصرانيًا قد ذر على رأسه الرماد، فلم يزل المسلمون من أهل بيروت يعرفون له ذلك، وخرجنا في جنازته أربعة أمم: فحمله المسلمون، وخرجت اليهود في ناحية، والنصارى في ناحية، والقبط في ناحية.
________________________
📚 المصدر:
سير أعلام النبلاء للذهبي -رحمه الله-.
بتصرف.
💬
https://www.tgoop.com/Seiar_Al_Nubala
▪️وفاته:
عن ابن أبي العشرين: سمعت أميرًا كان بالساحل يقول -وقد دفنا الأوزاعي- ونحن عند القبر:
رحمك الله أبا عمرو، فلقد كنت أخافك أكثر ممن ولاني.
عن سالم بن المنذر قال: لما سمعت الضجة بوفاة الأوزاعي، خرجت، فأول من رأيت نصرانيًا قد ذر على رأسه الرماد، فلم يزل المسلمون من أهل بيروت يعرفون له ذلك، وخرجنا في جنازته أربعة أمم: فحمله المسلمون، وخرجت اليهود في ناحية، والنصارى في ناحية، والقبط في ناحية.
________________________
📚 المصدر:
سير أعلام النبلاء للذهبي -رحمه الله-.
بتصرف.
💬
https://www.tgoop.com/Seiar_Al_Nubala
(169)
شعبة بن الحجاج بن الورد الأزدي العتكي
الإمام، الحافظ، أمير المؤمنين في الحديث.
أبو بسطام الأزدي، عالم أهل البصرة، وشيخها.
ولد سنة ثمانين، في دولة عبد الملك بن مروان.
سكن البصرة من الصغر، ورأى الحسن، وأخذ عنه مسائل، ورأى: أنس بن مالك، وعمرو بن سلمة الجرمي -رضي الله عنهما-.
سمع من: أربع مائة شيخ من التابعين.
كان من أوعية العلم، لا يتقدمه أحد في الحديث في زمانه.
قال علي بن المديني: له نحو من ألفي حديث.
قلت: ما أظنه إلا يروي أكثر من ذلك بكثير.
قال شعبة:
رأيت ناجية الذي يروي عنه أبو إسحاق يلعب بالشطرنج، فتركته، فلم أكتب عنه.
وقال: كنت آتي قتادة، فأسأله عن
حديثين، فيحدثني،
ثم يقول: أزيدك؟
فأقول: لا، حتى أحفظهما، وأتقنهما.
روى عنه: عالم عظيم، وانتشر حديثه في الآفاق.
وكان أبو بسطام إمامًا، ثبتًا، حجةً، ناقدًا، جهبذًا، صالحًا، زاهدًا، قانعًا بالقوت، رأسًا في العلم والعمل، منقطع القرين، وهو أول من جرح وعدل.
وكان سفيان الثوري يخضع له، ويجله، ويقول: شعبة أمير المؤمنين في الحديث.
وقال الشافعي: لولا شعبة، لما عرف الحديث بالعراق.
وقال يحيى بن معين: شعبة إمام المتقين.
وقال أبو زيد الأنصاري: هل العلماء إلا شعبة من شعبة؟
كان شعبة من أرق الناس، يعطي السائل ما أمكنه. وكان كثير الصلاة، سخيًّا.
قال أبو داود الطيالسي: كنا عند شعبة، فجاء سليمان بن المغيرة يبكي، وقال: مات حماري، وذهبت مني الجمعة، وذهبت حوائجي.
قال: بكم أخذته؟
قال: بثلاثة دنانير.
قال شعبة: فعندي ثلاثة دنانير، والله ما أملك غيرها، ثم دفعها إليه.
قال النضر بن شميل: ما رأيت أرحم بمسكين من شعبة.
قال أبو قطن: سمعت شعبة بن الحجاج يقول:
ما شيء أخوف عندي من أن يدخلني النار من الحديث.
وعنه، قال: وددت أني وقاد حمام، وأني لم أعرف الحديث.
قلت: كل من حاقق نفسه في صحة نيته في طلب العلم، يخاف من مثل هذا، ويود أن ينجو كفافًا.
قال سعد بن شعبة: أوصى أبي إذا مات أن أغسل كتبه، فغسلتها.
قلت: وهذا قد فعله غير واحد بالغسل، وبالحرق، وبالدفن؛ خوفا من أن تقع في يد إنسان واه، يزيد فيها، أو يغيرها.
اتفقوا على وفاة شعبة سنة ستين ومائة، بالبصرة.
عن وكيع: إني لأرجو أن يرفع الله لشعبة درجات في الجنة؛ بذبه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
________________________
📚 المصدر:
سير أعلام النبلاء للذهبي -رحمه الله-.
بتصرف.
💬
https://www.tgoop.com/Seiar_Al_Nubala
شعبة بن الحجاج بن الورد الأزدي العتكي
الإمام، الحافظ، أمير المؤمنين في الحديث.
أبو بسطام الأزدي، عالم أهل البصرة، وشيخها.
ولد سنة ثمانين، في دولة عبد الملك بن مروان.
سكن البصرة من الصغر، ورأى الحسن، وأخذ عنه مسائل، ورأى: أنس بن مالك، وعمرو بن سلمة الجرمي -رضي الله عنهما-.
سمع من: أربع مائة شيخ من التابعين.
كان من أوعية العلم، لا يتقدمه أحد في الحديث في زمانه.
قال علي بن المديني: له نحو من ألفي حديث.
قلت: ما أظنه إلا يروي أكثر من ذلك بكثير.
قال شعبة:
رأيت ناجية الذي يروي عنه أبو إسحاق يلعب بالشطرنج، فتركته، فلم أكتب عنه.
وقال: كنت آتي قتادة، فأسأله عن
حديثين، فيحدثني،
ثم يقول: أزيدك؟
فأقول: لا، حتى أحفظهما، وأتقنهما.
روى عنه: عالم عظيم، وانتشر حديثه في الآفاق.
وكان أبو بسطام إمامًا، ثبتًا، حجةً، ناقدًا، جهبذًا، صالحًا، زاهدًا، قانعًا بالقوت، رأسًا في العلم والعمل، منقطع القرين، وهو أول من جرح وعدل.
وكان سفيان الثوري يخضع له، ويجله، ويقول: شعبة أمير المؤمنين في الحديث.
وقال الشافعي: لولا شعبة، لما عرف الحديث بالعراق.
وقال يحيى بن معين: شعبة إمام المتقين.
وقال أبو زيد الأنصاري: هل العلماء إلا شعبة من شعبة؟
كان شعبة من أرق الناس، يعطي السائل ما أمكنه. وكان كثير الصلاة، سخيًّا.
قال أبو داود الطيالسي: كنا عند شعبة، فجاء سليمان بن المغيرة يبكي، وقال: مات حماري، وذهبت مني الجمعة، وذهبت حوائجي.
قال: بكم أخذته؟
قال: بثلاثة دنانير.
قال شعبة: فعندي ثلاثة دنانير، والله ما أملك غيرها، ثم دفعها إليه.
قال النضر بن شميل: ما رأيت أرحم بمسكين من شعبة.
قال أبو قطن: سمعت شعبة بن الحجاج يقول:
ما شيء أخوف عندي من أن يدخلني النار من الحديث.
وعنه، قال: وددت أني وقاد حمام، وأني لم أعرف الحديث.
قلت: كل من حاقق نفسه في صحة نيته في طلب العلم، يخاف من مثل هذا، ويود أن ينجو كفافًا.
قال سعد بن شعبة: أوصى أبي إذا مات أن أغسل كتبه، فغسلتها.
قلت: وهذا قد فعله غير واحد بالغسل، وبالحرق، وبالدفن؛ خوفا من أن تقع في يد إنسان واه، يزيد فيها، أو يغيرها.
اتفقوا على وفاة شعبة سنة ستين ومائة، بالبصرة.
عن وكيع: إني لأرجو أن يرفع الله لشعبة درجات في الجنة؛ بذبه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
________________________
📚 المصدر:
سير أعلام النبلاء للذهبي -رحمه الله-.
بتصرف.
💬
https://www.tgoop.com/Seiar_Al_Nubala
سِيَر أعلام النُّبلاء pinned « (أبو عبيدة بن الجراح) 📜 اسمه ونسبه: 🖋 هو عامر بن عبد الله بن الجراح القرشي الفهري المكي، يجتمع في النسب هو والنبي - ﷺ - في فهر. 📜 فضله: 🔺 أحد السابقين الأولين ومن عزم الصَّديق على توليته الخلافة، وأشار به يوم السقيفة لكمال أهليته عنده،…»
(170)
حماد بن سلمة بن دينار البصري.
الإمام، القدوة، شيخ الإسلام، أبو سلمة البصري، النحوي.
كان بحرًا من بحور العلم، وهو صدوق، حجة - إن شاء الله -، وكان مع إمامته في الحديث إمامًا كبيرًا في العربية، فقيهًا، فصيحًا، رأسًا في السنة، صاحب تصانيف.
قال عبد الرحمن بن مهدي: لو قيل لحماد بن سلمة: إنك تموت غدًا، ما قدر أن يزيد في العمل شيئًا.
قلت: كانت أوقاته معمورة بالتعبد والأوراد.
وقال عفان: قد رأيت من هو أعبد من حماد بن سلمة، لكن ما رأيت أشد مواظبة على الخير، وقراءة القرآن، والعمل لله -تعالى- منه.
قال موسى بن إسماعيل التبوذكي: لو قلت لكم: إني ما رأيت حماد بن سلمة ضاحكًا، لصدقت، كان مشغولًا، إما أن يحدث، أو يقرأ، أو يسبح، أو يصلي، قد قسم النهار على ذلك.
قال أحمد بن عبد الله العجلي: حدثني أبي، قال:
كان حماد بن سلمة لا يحدث حتى يقرأ مائة آية، نظرًا في المصحف.
قال إسحاق بن الطباع: سمعت حماد بن سلمة يقول:
من طلب الحديث لغير الله -تعالى- مكر به.
قال أبو الشيخ: حدثنا الحسن بن محمد التاجر، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، قال:
سمعت بعض أصحابنا يقول: عاد حماد بن سلمة سفيان الثوري، فقال سفيان: يا أبا سلمة! أترى الله يغفر لمثلي؟
فقال حماد: والله لو خيرت بين محاسبة الله إياي، وبين محاسبة أبوي، لاخترت محاسبة الله، وذلك لأن الله أرحم بي من أبوي.
قال أبو الحسن المدائني: مات حماد بن سلمة يوم الثلاثاء، في ذي الحجة، سنة سبع وستين ومائة.
قال يونس بن محمد المؤدب: مات حماد بن سلمة في الصلاة في المسجد.
________________________
📚 المصدر:
سير أعلام النبلاء للذهبي -رحمه الله-.
بتصرف.
💬
https://www.tgoop.com/Seiar_Al_Nubala
حماد بن سلمة بن دينار البصري.
الإمام، القدوة، شيخ الإسلام، أبو سلمة البصري، النحوي.
كان بحرًا من بحور العلم، وهو صدوق، حجة - إن شاء الله -، وكان مع إمامته في الحديث إمامًا كبيرًا في العربية، فقيهًا، فصيحًا، رأسًا في السنة، صاحب تصانيف.
قال عبد الرحمن بن مهدي: لو قيل لحماد بن سلمة: إنك تموت غدًا، ما قدر أن يزيد في العمل شيئًا.
قلت: كانت أوقاته معمورة بالتعبد والأوراد.
وقال عفان: قد رأيت من هو أعبد من حماد بن سلمة، لكن ما رأيت أشد مواظبة على الخير، وقراءة القرآن، والعمل لله -تعالى- منه.
قال موسى بن إسماعيل التبوذكي: لو قلت لكم: إني ما رأيت حماد بن سلمة ضاحكًا، لصدقت، كان مشغولًا، إما أن يحدث، أو يقرأ، أو يسبح، أو يصلي، قد قسم النهار على ذلك.
قال أحمد بن عبد الله العجلي: حدثني أبي، قال:
كان حماد بن سلمة لا يحدث حتى يقرأ مائة آية، نظرًا في المصحف.
قال إسحاق بن الطباع: سمعت حماد بن سلمة يقول:
من طلب الحديث لغير الله -تعالى- مكر به.
قال أبو الشيخ: حدثنا الحسن بن محمد التاجر، حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، قال:
سمعت بعض أصحابنا يقول: عاد حماد بن سلمة سفيان الثوري، فقال سفيان: يا أبا سلمة! أترى الله يغفر لمثلي؟
فقال حماد: والله لو خيرت بين محاسبة الله إياي، وبين محاسبة أبوي، لاخترت محاسبة الله، وذلك لأن الله أرحم بي من أبوي.
قال أبو الحسن المدائني: مات حماد بن سلمة يوم الثلاثاء، في ذي الحجة، سنة سبع وستين ومائة.
قال يونس بن محمد المؤدب: مات حماد بن سلمة في الصلاة في المسجد.
________________________
📚 المصدر:
سير أعلام النبلاء للذهبي -رحمه الله-.
بتصرف.
💬
https://www.tgoop.com/Seiar_Al_Nubala
أبو بكر الصديق خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
📜اسمه ونسبه
عبد الله -ويقال: عتيق- بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي -رضي الله عنه-.
عن عائشة، قالت: اسمه الذي سماه أهله به "عبد الله" ولكن غلب عليه "عتيق".
قال ابن معين: لقبه عتيق لأن وجهه كان جميلًا.
وقال ابن الأعرابي: العرب تقول للشيء قد بلغ النهاية في الجودة: عتيق.
قيل: كان أبيض نحيفًا، خفيف العارضين، معروق الوجه، غائر العينين، ناتئ الجبهة، يخضب شيبه بالحناء والكتم.
عن الزهري، قال: كان أبو بكر أبيض، أصفر، لطيفًا، جعدًا، مسترق الوركين، لا يثبت إزاره على وركيه.
📜 مناقبه وفضائله
كان أول من آمن من الرجال.
عن عائشة، قالت: ما أسلم أبو أحد من المهاجرين إلا أبو بكر.
أنفق أمواله على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي سبيل الله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما نفعني مال، ما نفعني مال أبي بكر".
قال عمرو بن العاص: يا رسول الله أي الرجال أحب إليك؟ قال: "أبو بكر".
وقال أبو سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يبغض أبا بكر وعمر مؤمن، ولا يحبهما منافق".
وقال الشعبي، عن الحارث، عن علي، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نظر إلى أبي بكر وعمر، فقال:
"هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين".
قال ابن مسعود: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "لو كنت متخذا خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا".
روى مثله ابن عباس، فزاد: "ولكن أخي وصاحبي في الله، سدوا كل خوخة في المسجد غير خوخة أبي بكر".
عن عمر أنه قال: أبو بكر سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. صححه الترمذي.
وصحح من حديث الجريري، عن عبد الله بن شقيق، قال: قلت لعائشة: أي أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أحب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟
قالت: أبو بكر،
قلت: ثم من؟
قالت: عمر،
قلت: ثم من؟ قالت: أبو عبيدة،
قلت: ثم من؟ فسكتت.
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جلس على المنبر، فقال: "عبدًا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده، فاختار ما عنده"،
فقال أبو بكر: فديناك يا رسول الله بآبائنا وأمهاتنا، قال: فعجبنا.
فقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ يخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن عبد خيره الله، وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا،
قال: فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو المخير، وكان أبو بكر أعلمنا به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا، ولكن أخوة الإسلام، لا تبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر". متفق على صحته.
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه ما خلا أبا بكر، فإن له عندنا يدًا يكافئه الله بها يوم القيامة، وما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلًا، ألا وإن صاحبكم خليل الله". قال الترمذي: حديث حسن غريب.
عن ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأبي بكر: "أنت صاحبي على الحوض، وصاحبي في الغار".
وقال محمد بن جبير بن مطعم: أخبرني أبي أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمته في شيء، فأمرها بأمر فقالت: أرأيت يا رسول الله إن لم أجدك؟ قال: "إن لم تجديني فأتى أبا بكر".
متفق على صحته.
عن علي، قال: لقد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر أن يصلي بالناس، وإني لشاهد وما بي مرض، فرضين لدنيانا من رضي به النبي -صلى الله عليه وسلم- لديننا.
وعن عائشة قالت: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مرضه: "ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب كتابًا، فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر". هذا حديث صحيح.
وأخرج البخاري من حديث أبي إدريس الخولاني، قال: سمعت أبا الدرداء يقول: كان بين أبي بكر وعمر محاورة، فأغضب أبو بكر عمر، فانصرف عنه عمر مغضبًا، فاتبعه أبو بكر يسأله أن يستغفر له، فلم يفعل حتى أغلق بابه في وجهه، فأقبل أبو بكر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال أبو الدرداء: ونحن عنده، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أما صاحبكم هذا فقد غامر". قال: وندم عمر على ما كان منه، فأقبل حتى سلم وجلس إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقص على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخبر، قال أبو الدرداء: وغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجعل أبو بكر يقول: والله يا رسول الله لأنا كنت أظلم. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هل أنتم تاركو لي صاحبي؟ إني قلت: يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعًا، فقلتم: كذبت وقال أبو بكر: صدقت".
وقال محمد بن سيرين: كان أبو بكر أعبر هذه الأمة بالرؤيا بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-.
📜اسمه ونسبه
عبد الله -ويقال: عتيق- بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي التيمي -رضي الله عنه-.
عن عائشة، قالت: اسمه الذي سماه أهله به "عبد الله" ولكن غلب عليه "عتيق".
قال ابن معين: لقبه عتيق لأن وجهه كان جميلًا.
وقال ابن الأعرابي: العرب تقول للشيء قد بلغ النهاية في الجودة: عتيق.
قيل: كان أبيض نحيفًا، خفيف العارضين، معروق الوجه، غائر العينين، ناتئ الجبهة، يخضب شيبه بالحناء والكتم.
عن الزهري، قال: كان أبو بكر أبيض، أصفر، لطيفًا، جعدًا، مسترق الوركين، لا يثبت إزاره على وركيه.
📜 مناقبه وفضائله
كان أول من آمن من الرجال.
عن عائشة، قالت: ما أسلم أبو أحد من المهاجرين إلا أبو بكر.
أنفق أمواله على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي سبيل الله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما نفعني مال، ما نفعني مال أبي بكر".
قال عمرو بن العاص: يا رسول الله أي الرجال أحب إليك؟ قال: "أبو بكر".
وقال أبو سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يبغض أبا بكر وعمر مؤمن، ولا يحبهما منافق".
وقال الشعبي، عن الحارث، عن علي، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نظر إلى أبي بكر وعمر، فقال:
"هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين".
قال ابن مسعود: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "لو كنت متخذا خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا".
روى مثله ابن عباس، فزاد: "ولكن أخي وصاحبي في الله، سدوا كل خوخة في المسجد غير خوخة أبي بكر".
عن عمر أنه قال: أبو بكر سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. صححه الترمذي.
وصحح من حديث الجريري، عن عبد الله بن شقيق، قال: قلت لعائشة: أي أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كان أحب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟
قالت: أبو بكر،
قلت: ثم من؟
قالت: عمر،
قلت: ثم من؟ قالت: أبو عبيدة،
قلت: ثم من؟ فسكتت.
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جلس على المنبر، فقال: "عبدًا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده، فاختار ما عنده"،
فقال أبو بكر: فديناك يا رسول الله بآبائنا وأمهاتنا، قال: فعجبنا.
فقال الناس: انظروا إلى هذا الشيخ يخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن عبد خيره الله، وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا،
قال: فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو المخير، وكان أبو بكر أعلمنا به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذًا خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا، ولكن أخوة الإسلام، لا تبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر". متفق على صحته.
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه ما خلا أبا بكر، فإن له عندنا يدًا يكافئه الله بها يوم القيامة، وما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلًا، ألا وإن صاحبكم خليل الله". قال الترمذي: حديث حسن غريب.
عن ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأبي بكر: "أنت صاحبي على الحوض، وصاحبي في الغار".
وقال محمد بن جبير بن مطعم: أخبرني أبي أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمته في شيء، فأمرها بأمر فقالت: أرأيت يا رسول الله إن لم أجدك؟ قال: "إن لم تجديني فأتى أبا بكر".
متفق على صحته.
عن علي، قال: لقد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر أن يصلي بالناس، وإني لشاهد وما بي مرض، فرضين لدنيانا من رضي به النبي -صلى الله عليه وسلم- لديننا.
وعن عائشة قالت: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مرضه: "ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب كتابًا، فإني أخاف أن يتمنى متمن ويقول قائل، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر". هذا حديث صحيح.
وأخرج البخاري من حديث أبي إدريس الخولاني، قال: سمعت أبا الدرداء يقول: كان بين أبي بكر وعمر محاورة، فأغضب أبو بكر عمر، فانصرف عنه عمر مغضبًا، فاتبعه أبو بكر يسأله أن يستغفر له، فلم يفعل حتى أغلق بابه في وجهه، فأقبل أبو بكر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال أبو الدرداء: ونحن عنده، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أما صاحبكم هذا فقد غامر". قال: وندم عمر على ما كان منه، فأقبل حتى سلم وجلس إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقص على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخبر، قال أبو الدرداء: وغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجعل أبو بكر يقول: والله يا رسول الله لأنا كنت أظلم. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "هل أنتم تاركو لي صاحبي؟ إني قلت: يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعًا، فقلتم: كذبت وقال أبو بكر: صدقت".
وقال محمد بن سيرين: كان أبو بكر أعبر هذه الأمة بالرؤيا بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وقال الزبير بن بكار، عن بعض أشياخه، قال: خطباء الصحابة: أبو بكر، وعلي.
عن عائشة قالت: والله ما قال أبو بكر شعرًا في جاهلية ولا في إسلام، ولقد ترك هو وعثمان شرب الخمر في الجاهلية.
وقال حصين، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عمر صعد المنبر، ثم قال: ألا إن أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، فمن قال غير ذلك بعد مقامي هذا فهو مفتر، عليه ما على المفتري.
وقال أبو معاوية وجماعة: حدثنا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه عن ابن عمر قال: كنا نقول على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا ذهب أبو بكر وعمر، وعثمان استوى الناس، فيبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا ينكره.
وقال علي -رضي الله عنه- : خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، وعمر. هذا والله العظيم قاله علي وهو متواتر عنه؛ لأنه قاله على منبر الكوفة فلعن الله الرافضة ما أجهلهم؟
عن علي، قال: أعظم الناس أجرًا في المصاحف أبو بكر، كان أول من جمع القرآن بين اللوحين. إسناده حسن.
📜خلافته
قال هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- توفي وأبو بكر بالسنح، فقال عمر: والله ما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قال عمر: والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك، وليبعثنه الله فيقطع أيدي رجال وأرجلهم. فجاء أبو بكر الصديق فكشف عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقبله، وقال: بأبي أنت وأمي، طبت حيًّا وميتًا، والذي نفسي بيده لا يذيقك الله موتتين أبدًا. ثم خرج فقال: أيها الحالف على رسلك. فلما تكلم أبو بكر جلس عمر، فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه: من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌّ لا يموت، وقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُون} [الزمر: ٣٠] ، وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: ١٤٤] ، فنشج الناس يبكون،
عن أنس أنه سمع خطبة عمر الآخرة، قال: حين جلس أبو بكر على منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غدا من متوفى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتشهد عمر، ثم قال: أما بعد، فإني قلت لكم أمس مقالة، وإنها لم تكن كما قلت، وما وجدت في المقالة التي قلت لكم في كتاب الله ولا في عهد عهده رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن رجوت أنه يعيش حتى يدبرنا -يقول حتى يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم— آخرنا -فاختار الله لرسوله ما عنده على الذي عندكم، فإن يكن رسول الله قد مات، فإن الله قد جعل بين أظهركم كتابه الذي هدى به محمدًا، فاعتصموا به تهتدوا بما هدى به محمدًا -صلى الله عليه وسلم-. ثم ذكر أبا بكر صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وثاني اثنين، وأنه أحق الناس بأمرهم، فقوموا فبايعوه، وكان طائفة منهم قد بايعوه قبل ذلك في سقيفة بني ساعدة، وكانت البيعة على المنبر بيعة العامة. صحيح غريب.
قالت عائشة: لما استخلف أبو بكر ألقى كل دينار ودرهم عنده في بيت المال، وقال: قد كنت أتجر فيه وألتمس به، فلما وليتهم شغلوني.
📜مرضه ووفاته
عن عائشة قالت: أول ما بدئ مرض أبي بكر أنه اغتسل، وكان يومًا باردًا، فحم خمسة عشر يومًا لا يخرج إلى صلاة، وكان يأمر عمر بالصلاة، وكانوا يعودونه، وكان عثمان ألزمهم له في مرضه.
لما ثقل أبو بكر، دعا عبد الرحمن بن عوف، فقال: أخبرني عن عمر، فقال: ما تسألني عن أمر إلا وأنت أعلم به مني، قال: وإن، فقال: هو والله أفضل من رأيك فيه. ثم دعا عثمان فسأله عن عمر، فقال: علمي فيه أن سريرته خير من علانيته وأنه ليس فينا مثله فقال: يرحمك الله، والله لو تركته ما عدوتك، وشاور معهما سعيد بن زيد، وأسيد بن الحضير وغيرهما، فقال قائل: ما تقول لربك إذا سألك عن استخلافك عمر وقد ترى غلظته؟ فقال: أجلسوني، أبالله تخوفوني! أقول: استخلفت عليهم خير أهلك.
ثم دعا عثمان، فقال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجًا منها، وعند أول عهده بالآخرة داخلًا فيها، حيث يؤمن الكافر، ويوقن الفاجر، ويصدق الكاذب إني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا، وإني لم آل الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيرًا، فإن عدل فذلك ظني به وعلمي فيه، وإن بدل فلكل امرئ ما اكتسب، والخير أردت ولا أعلم الغيب {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون} [الشعراء: ٢٢٧] .
وقال بعضهم في الحديث: لما أن كتب عثمان الكتاب أغمي على أبي بكر، فكتب عثمان من عنده اسم عمر، فلما أفاق أبو بكر قال: اقرأ ما كتبت، فقرأ، فلما ذكر "عمر" كبر أبو بكر وقال: أراك خفت إن افتلتت نفسي الاختلاف، فجزاك الله عن الإسلام خيرًا، والله إن كنت لها أهلًا.
قال الزهري: أوصى أبو بكر أن تغسله امرأته أسماء بنت عميس، فإن لم تستطع استعانت بابنه عبد الرحمن.
عن عائشة قالت: والله ما قال أبو بكر شعرًا في جاهلية ولا في إسلام، ولقد ترك هو وعثمان شرب الخمر في الجاهلية.
وقال حصين، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عمر صعد المنبر، ثم قال: ألا إن أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، فمن قال غير ذلك بعد مقامي هذا فهو مفتر، عليه ما على المفتري.
وقال أبو معاوية وجماعة: حدثنا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه عن ابن عمر قال: كنا نقول على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إذا ذهب أبو بكر وعمر، وعثمان استوى الناس، فيبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا ينكره.
وقال علي -رضي الله عنه- : خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، وعمر. هذا والله العظيم قاله علي وهو متواتر عنه؛ لأنه قاله على منبر الكوفة فلعن الله الرافضة ما أجهلهم؟
عن علي، قال: أعظم الناس أجرًا في المصاحف أبو بكر، كان أول من جمع القرآن بين اللوحين. إسناده حسن.
📜خلافته
قال هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- توفي وأبو بكر بالسنح، فقال عمر: والله ما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قال عمر: والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك، وليبعثنه الله فيقطع أيدي رجال وأرجلهم. فجاء أبو بكر الصديق فكشف عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقبله، وقال: بأبي أنت وأمي، طبت حيًّا وميتًا، والذي نفسي بيده لا يذيقك الله موتتين أبدًا. ثم خرج فقال: أيها الحالف على رسلك. فلما تكلم أبو بكر جلس عمر، فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه: من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌّ لا يموت، وقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُون} [الزمر: ٣٠] ، وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: ١٤٤] ، فنشج الناس يبكون،
عن أنس أنه سمع خطبة عمر الآخرة، قال: حين جلس أبو بكر على منبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غدا من متوفى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتشهد عمر، ثم قال: أما بعد، فإني قلت لكم أمس مقالة، وإنها لم تكن كما قلت، وما وجدت في المقالة التي قلت لكم في كتاب الله ولا في عهد عهده رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن رجوت أنه يعيش حتى يدبرنا -يقول حتى يكون رسول الله -صلى الله عليه وسلم— آخرنا -فاختار الله لرسوله ما عنده على الذي عندكم، فإن يكن رسول الله قد مات، فإن الله قد جعل بين أظهركم كتابه الذي هدى به محمدًا، فاعتصموا به تهتدوا بما هدى به محمدًا -صلى الله عليه وسلم-. ثم ذكر أبا بكر صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وثاني اثنين، وأنه أحق الناس بأمرهم، فقوموا فبايعوه، وكان طائفة منهم قد بايعوه قبل ذلك في سقيفة بني ساعدة، وكانت البيعة على المنبر بيعة العامة. صحيح غريب.
قالت عائشة: لما استخلف أبو بكر ألقى كل دينار ودرهم عنده في بيت المال، وقال: قد كنت أتجر فيه وألتمس به، فلما وليتهم شغلوني.
📜مرضه ووفاته
عن عائشة قالت: أول ما بدئ مرض أبي بكر أنه اغتسل، وكان يومًا باردًا، فحم خمسة عشر يومًا لا يخرج إلى صلاة، وكان يأمر عمر بالصلاة، وكانوا يعودونه، وكان عثمان ألزمهم له في مرضه.
لما ثقل أبو بكر، دعا عبد الرحمن بن عوف، فقال: أخبرني عن عمر، فقال: ما تسألني عن أمر إلا وأنت أعلم به مني، قال: وإن، فقال: هو والله أفضل من رأيك فيه. ثم دعا عثمان فسأله عن عمر، فقال: علمي فيه أن سريرته خير من علانيته وأنه ليس فينا مثله فقال: يرحمك الله، والله لو تركته ما عدوتك، وشاور معهما سعيد بن زيد، وأسيد بن الحضير وغيرهما، فقال قائل: ما تقول لربك إذا سألك عن استخلافك عمر وقد ترى غلظته؟ فقال: أجلسوني، أبالله تخوفوني! أقول: استخلفت عليهم خير أهلك.
ثم دعا عثمان، فقال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد أبو بكر بن أبي قحافة في آخر عهده بالدنيا خارجًا منها، وعند أول عهده بالآخرة داخلًا فيها، حيث يؤمن الكافر، ويوقن الفاجر، ويصدق الكاذب إني استخلفت عليكم بعدي عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا، وإني لم آل الله ورسوله ودينه ونفسي وإياكم خيرًا، فإن عدل فذلك ظني به وعلمي فيه، وإن بدل فلكل امرئ ما اكتسب، والخير أردت ولا أعلم الغيب {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون} [الشعراء: ٢٢٧] .
وقال بعضهم في الحديث: لما أن كتب عثمان الكتاب أغمي على أبي بكر، فكتب عثمان من عنده اسم عمر، فلما أفاق أبو بكر قال: اقرأ ما كتبت، فقرأ، فلما ذكر "عمر" كبر أبو بكر وقال: أراك خفت إن افتلتت نفسي الاختلاف، فجزاك الله عن الإسلام خيرًا، والله إن كنت لها أهلًا.
قال الزهري: أوصى أبو بكر أن تغسله امرأته أسماء بنت عميس، فإن لم تستطع استعانت بابنه عبد الرحمن.
وعن القاسم، قال: أوصى أبو بكر أن يدفن إلى جنب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحفر له، وجعل رأسه عند كتفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وعن عامر بن عبد الله بن الزبير قال: رأس أبي بكر عند كتفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ورأس عمر عند حقوي أبي بكر.
قالت عائشة: مات ليلة الثلاثاء، ودفن قبل أن يصبح.
توفي مساء ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة، وكانت خلافته سنتين ومائة يوم.
وقال أبو معشر: سنتين وأربعة أشهر إلا أربع ليال، عن ثلاث وستين سنة.
_________
📚المصدر:
سير أعلام النبلاء للذهبي -رحمه الله-.
💬
https://www.tgoop.com/Seiar_Al_Nubala
وعن عامر بن عبد الله بن الزبير قال: رأس أبي بكر عند كتفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ورأس عمر عند حقوي أبي بكر.
قالت عائشة: مات ليلة الثلاثاء، ودفن قبل أن يصبح.
توفي مساء ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة، وكانت خلافته سنتين ومائة يوم.
وقال أبو معشر: سنتين وأربعة أشهر إلا أربع ليال، عن ثلاث وستين سنة.
_________
📚المصدر:
سير أعلام النبلاء للذهبي -رحمه الله-.
💬
https://www.tgoop.com/Seiar_Al_Nubala