tgoop.com/Sidranovels/3103
Last Update:
الفصل التاني من رواية همس الجياد
كانت ثريا تقف خارج الغرفة وتضع يدها على فمها لتمنع نفسها من البكاء..
قدماها ال تقوى على حملها, فصراخ إيناس يمتد آلخر المشفى..
خرج الطبيب النفسي الهثاً دون أن ينظر نحوها وتتبعه الممرضة.. أمسكت ثريا
بذراعها بعنف قائلة:
ـ بنتي مالها؟.. عملتوا فيها إيه؟!
نظرت لها الممرضة بشفقة ثم انتظرت بعد أن ابتعد الطبيب:
ـ اهدي يا حاجة.
ثريا بنفس النبرة الغاضبة:
ـ أهدى إزاي!!.. البنت في حالة إنهيار.
الممرضة:
ـ معلش.. هي كانت بتاخد مهدئات جامدة وعايشة بره الواقع, والزم تواجهه.. ده
في األول بس, الدكتور إداها دوا مهدئ بس أبسط من األوالني, ومع الوقت
حتتحسن بس حنتعب في األول شوية.
ثريا:
ـ بس الدكتور خارج شكله ميطمنش.
الممرضة:
ـ ال.. ال.. أصله متنرفز من الدكتور الاولاني اللي استسهل بمهدئات قوية وشايف
إن ده مش صح.
ثريا:
ـ يعني إيه مش فاهمة؟
الممرضة: يا حاجة أقعدي جنبها وارقيها واقرئي قرآن.. خليها كده تهدى وترضى بقضاء
ربنا ومعلش أزمة وحتعدي.
تركت ثريا الممرضة وعادت مرة أخرى لغرفة إيناس وأهالها ما رأت على
وجهها من شحوب..
احتضنتها بقوة وما كان منها إال أنها انفجرت في البكاء قهراً على حال ابنتها
وظلت تدعو ربها تضرعاً أن تمر األيام وتخرج ابنتها من تلك الحالة.
***
مرت عدة أيام وبدأ العالج النفسي يُنبئ بتقدم مع إيناس..
بدأت تعود للواقع رويداً رويداً, خرجت من المشفى أخيراً بعد مرور شهر
وبضعة أيام وعادت للمنزل..
كانت والدتها سعيدة بتلك الخطوة فابنتها ستبتعد أخيراً عن جو المشفى بمرضه
وكآبته, ولكن كان القلق يستبد بوالدها..
فالمنزل كل ما فيه ينبض بذكرى شريف, والشقة المقابلة هي شقة عرسها التي
لما تقضي بها سوى عدة أيام..
وقد كان والدها على حق فلم يم ض على وجودها ساعة بمنزلها حتى انزوت في
غرفتها..
بعيدة.. وحيدة..
وعلى الرغم من هدوئها وخروجها من بؤرة اإلنهيار إال أن صمتها كان يذبحهم
جميعاً, وكأنها على شفا كارثة..
فهي ال تفعل شيئاً سوى النظر لتلك الشرفة التي اعتاد شريف مشاغلتها من
خاللها, واطالق العنان لدموعها التي يبدو أن منبعها لن ينبض أبداً.
ذكريات
كان ينتظرها يومياً..
يقف بالشرفة ممسكاً بهاتفه ونظراته موجهه نحوها دون انقطاع
شريف:
ـ بحبك..
تنظر له بابتسامة يشوبها الخجل, ثم تتلفت حولها والهاتف ما زال على أذنها..
شريف:
ـ سامعاني؟
إيناس:
ـ سامعاك.
شريف:
ـ بحبك.
تمكن االحمرار من وجنتيها وظلت صامتة..
شريف:
ـ بموت في كسوفك.. بس بجد نفسي أسمعها منك.
إيناس:
ـ هي إيه؟
شريف: كلمة بحبك.
إيناس تنظر لألرض وتهمس بصوت منخفض:
ـ بحبك.
يسقط شريف أرضاً بطريقة درامية وهو ممسك بقلبه..
إيناس:
ـ يا مجنون!
شريف:
ـ بيكي.
إيناس:
ـ طيب أنا الزم أدخل.
شريف:
ـ ال إله إال هللا.
إيناس:
ـ محمد رسول هللا.
عبراتها منهمرة كفيضان كاد أن يغرقها داخل ذكرى لحظات العشق بينها وبينه
بتلك الشرفة التي شهدت أجمل أيام عمرها.
*
كان الدكتور علي ما زال بعيادته يستقبل الحاالت المعتادة..شعر الطبيب األربعيني باإلنهاك وود أن يقوم بإلغاء جميع الكشوفات لوال أن
أخبره مساعده بأنها آخر حالة..
كان ما زال شارداً بأوراقه عندما دخل عليه الرجل صاحب الميعاد..
كبير السن, يرتدي نظارة طبية سميكة اإلطار, وله شعر رمادي وقد استرسل
بنعومة خلف أذنه, وشارب بنفس لون شعره أعطاه هيبة ووقاراً ملحوظاً..
تذكره الطبيب على الفور بمجرد رؤيته رغم مرور حوالي ستة أشهر على
خروج إيناس من المشفى.ز
استقبله بابتسامة ودهشة قائالً:
ـ أهال ً.. أستاذ عبد الرحمن.. إتفضل
عبد الرحمن:
ـ متشكر يا دكتور.
الطبيب:
ـ خير.. مدام إيناس عاملة إيه؟
تنهد عبد الرحمن بألم ثم تابع:
ـ ما هو ده السبب اللي أنا جايلك علشانه.
نظر له على بإهتمام..
كان يشعر بنوع من المسؤولية عن حالة إيناس فلقد إنهارت بالمشفى مباشرة
بعد وفاة زوجها, ولم يكن هو متواجد بتلك الفترة حيث كان قد سافر لحضور أحد
المؤتمرات بعد أن رشح طبيب شاب ليحل محله..
وعاد ليفاجئ بحالة إيناس التي زادت تدهوراً بعد أن اتخذ الطبيب الطريق السهل
وقام بحقنها بأقوى المهدئات لتعيش بعالم منفصل عن واقعها األليم وعانت..
وعانى معها في فترة العالج رفض هذا الواقع.
نظر علي لزائره بإمعان ثم تابع :
ـ خير.. قلقتني.
عبد الرحمن:
ـ إيناس رجعت حالتها اتدهورت تاني يا دكتور.. تقريباً مش عايشة معانا.. بتنام
كتير قوي, زي ما تكون عايزة تهرب من الدنيا.. ولما بتكون صاحية على طول
سرحانة وقاعدة في أوضتها تبص على شقته وتفكر فيه.
BY ديچاڤو 📒💛
Share with your friend now:
tgoop.com/Sidranovels/3103