tgoop.com/Sidranovels/3109
Last Update:
الفصل الثالث من رواية همس الجياد
كانت ثريا تقف بالمطبخ تقذف قطع البطاطس بغضب داخل الزيت الغزير..
فشلت كل السبل إلخراج ابنتها العنيدة من غرفتها أو ربما من غفوتها, فاجئها
مصطفى إبنها األصغر وهي شاردة وتزفر بغضب..
دخل متصنعاً المرح للسيطرة على غضب أمه:
ـ كفاية بطاطس محمرة بقى.. جسمنا إتهرى كوليسترول يا بطة!
ثريا:
ـ أسكت يا واد.. أنا مش فايقة لك.
مصطفى:
ـ كده.. طيب.. هو حد في البيت ده بيرفع معنوياتك وبياكل غيري!!.. المانيكان
طول عمرها أكلتها قليلة, والحاج ما بقاش له تقل على السمنة البلدي يا جميل
إنت.
ثريا:
ـ أسكت يا مصطفى.. أديك شايف أختك.. مانيكان إيه بقى!!.. دي يا عيني وشها
بقى أصفر من قلة األكل وكتر الهم.
مصطفى:
ـ معلش يا ماما.. حتاخد وقتها.
ثريا:
ـ إيناس دبلت يا مصطفى.. بقى هي دي إيناس اللي كانت مالية البيت ضحك
وهزار؟.. يا بني إحنا بقى لنا 6 شهور دلوقتي من ساعة الحادثة وما فيش
تحسن.. أهو أبوك راح للدكتور امبارح ورجع نزل الصبح وما عرفتش عمل إيه.
مصطفى:
ـ ما عرفتيش!
ثريا:
ـ بيقولي بالليل الدكتور حيجي يشوف إيناس ويتكلم معاها شوية.
مصطفى:
ـ خالص.. أكيد الدكتور عنده حل يا ماما, وهو شاطر.. فاكرة في المستشفى
اتحسنت على إيده.
ثريا: آه.. ولما رجعنا هنا يوم ورا التاني وحالتها اتدهورت تاني كأنها عايشة معانا
بنص عقل.
مصطفى:
ـ ما هي طول ما هي حابسة نفسها في األوضة وبتبص على الشباك, مش
حتنسى.. مش حتتقدم خطوة لقدام.
ثريا:
ـ خالص.. ننقل بقى وال تسافر ألخوها لو ينفع.
مصطفى:
ـ مش عارف.. أما نشوف الدكتور حيعمل إيه.. آه.. على فكرة...
ثريا:
ـ إيه؟!
مصطفى:
ـ الكوليسترول اتحرق!!
خرج مصطفى من المطبخ تاركاً أمه تخرج البطاطس المحترقة وهي تصب جام
غضبها على الطعام..
ثم نظر لغرفة أخته في حسرة واتجه لغرفته.
*****
اجتمعت األسرة كعادتها على مائدة الغداء..
مائدة الغداء هي شيء مقدس لدى ثريا..
ال يصح أن يتخلف أحد..
وقد كانت ثريا شديدة اإلنتقاء في كل ما يخص منزلها, على الرغم من أن زوجها
كان مجرد موظف ليس لديه دخل سوى عمله الحكومي, إال أنها كانت تهتم بشدة
بكل قطعة أثاث داخل مملكتها الصغيرة..
تقتصد األموال.. وتقوم بالحسابات من أجل سفرة أنيقة, أو بعض األطباق
المزخرفة, وربما سجادة فاخرة..
وقد كان الحال نفسه بالنسبة ألبنائها فهي تهتم بهم ألقصى درجة وموعد الطعام
مقدس في عائلتها الصغيرة, وقد وقفت لساعات تتفنن لتعد لهم أشهى الوجبات
وترتب لهم طاولة أنيقة..
وبالتالي فالغياب عذر غير مقبول.
نظر عبد الحمن إلبنته نظرة فاحصة وهي تعبث بطعامها دون أن تلمس منه
سوى القليل..
قال على حين غرة:
ـ إيناس..
انتفض جسدها فزعاً وكان هذا هو حالها دائماً, فقد كانت تشرد أغلب األوقات
لتنتبه بعدها بفزع على صوت محدثها..
قالت بطريقة ديناميكية دون أن تنظر نحوه وكأنها اعتادت:
ـ حاضر.. أنا بآكل أهو.
عبد الرحمن:
ـ بس أنا مش باكلمك علشان األكل.
إيناس:
ـ طيب علشان إيه؟
عبد الرحمن: الدكتور علي حيجي يزورنا النهارده, وعايز يتكلم معاكي شوية.
انتفضت وقامت منزعجة وهي تنظر نحوهم بعيون دامعة:
ـ أنا مش عايزة دكاترة.. ومش عايزة حد يتكلم معا ّي.. يا ناس افهموا بقى.. أنا
مرتاحة كده.. ليه عايزني أنساه؟.. أنا مش حانسى جوزي.. مش حسيبه..
تنهد عبد الرحمن بيأس ثم تابع:
ـ هو مش جاي يتكلم معاكي عن شريف هللا يرحمه, وما حدش مننا طلب إنك
تنسيه.
تابعت:
ـ طيب جاي ليه؟
عبد الرحمن:
ـ ما عرفش.. حنعرف لما يجي, هو كلمني وقال جاي النهارده.ز فجهزي نفسك.
قال عبد الرحمن جملته بصرامة شديدة منعت إيناس من اإلعتراض, ثم تركهم
وتوجه لغرفته دون أن يضيف شيئاً.
******
كانت إيناس تشعر باإلضطراب لتلك الزيارة المرتقبة..
تفكر في أسبابها..
هل زار أبيها الطبيب ليشكو حالها؟.. هل ستضطر لخوض تجربة العالج مرة
أخرى؟.. من انصات لنصائح طبيبها النفسي, والتحدث بأمور تفضل اإلحتفاظ بها
لنفسها..
انتبهت لجرس الباب وعبارات الترحيب واإلطراء بين أبيها والطبيب الزائر, ولم
تمر دقائق حتى طلبت منها والدتها موافاة أبيها بغرفة الصالون..
تقدمت بملل وتردد نحو الرجلين..
مالمحها ذات الضجر الشديد الحظها الطبيب المتمرس على الفور ليقابلها بوجه
بشوش وهو يقول:
ـ إزيك يا إيناس..
نظرت له دون أن تتبدل مالمحها الضجرة وكأنها تصرخ بمالمح غاضبة
"ارحل":
ـ الحمد هلل.
نظر لها أبيها بغضب ولكنه استدرك نفسه وتحدث بنبرة هادئة:
ـ اقعدي يا إيناس.. الدكتور علي عايزك في موضوع.
BY ديچاڤو 📒💛
Share with your friend now:
tgoop.com/Sidranovels/3109