tgoop.com/Sidranovels/3117
Last Update:
الفصل الرابع من رواية همس الجياد
"شفت يا شريف عايزين يبعدوني عنك.. طيب ده أنا الحاجة الوحيدة اللي
بتصبرني وقفتي هنا قدام شباكك وكالمي معاك.. مش حسيبك يا شريف مش
حسيبك"
كانت كلمات إيناس وقعها كصدمات متتالية بل ضربات قوية على رأس ثريا..
كيف صمتت على حال ابنتها كل تلك الفترة؟!!!... فاألمر تعدى بحر الذكريات
الذي تصر إيناس على السباحة به يومياً, لا بل إنها اقتربت من الغرق..
بدون أن تطرق الباب دخلت ثريا على الفور لتجد إبنتها تجلس في مكانها
المعهود بالشرفة واالبتسامة على شفتيها..
أخذت ثريا نفساً عميقاً في محاولة الستدعاء بعض الهدوء, ثم دخلت إلبنتها
التي كانت ال تزال شاردة ولم تشعر بحضور أمها..
ـ إيناس.. إيناس..
كانت ثريا تربت على كتف إبنتها حتى تخرجها من دوامة الشرود التي
اجتاحتها..
انتبهت إيناس أخيراً ونظرت ألمها بعيون حالمة:
ـ ماما.. إنتي جيتي إمتى؟
ثريا:
ـ حالا .. بس إنتي كنتي سرحانة.
إيناس:
ـ آه.. آسفة.
ثريا:
ـ كنتي سرحانة في كلام دكتور علي؟
إيناس:
ـ هه.. دكتور علي!!.. آااااااه.. لا عادي.
ثريا:
ـ طيب قررتي إيه؟ فكرت؟
إيناس:
ـ مش محتاجة أفكر, أنا مش حسافر.
ثريا:
ـ بس دي فرصة شغل كويسة, رأيي تفكري تاني.
إيناس:
ـ وأسافر!!! وأعيش في مكان بعيد عن هنا؟!
ثريا:
ـ دي ُسنة الحياة.. وبعدين أكيد ليكي أجازات, دي مش هجرة يا إيناس.
إيناس:
ـ لا.. لا.. مش حسيب هنا.. مش عايزة أشتغل.. أو ممكن أشتغل هنا في مكان
قريب, لكن مش حسافر.
كانت نبرتها أكثر حدة..
ابتسمت لها أمها..فقد كانت متأكدة من ردة فعل إبنتها, ولكنها على العكس الان تريد رحيلها
وبسرعة بعيداً عن تلك الذكريات التي حاصرتها فأصبحت تعيش بداخلها منفصلة
عن الواقع..
قامت ثريا وهمت بالمغادرة ولكنها استدارت في آخر لحظة وقالت إلبنتها:
ـ براحتك.. بس أنا نفسي تسافري وتشتغلي وتخلقى حياة ليكي.. نفسي ترجعي
تاني تعيشي يا بنتي علشان أنا كمان أقدر أعيش.
خرجت ثريا باكية فال تعرف ما فعلته خطأ أم صواب, هي من كانت ال تحتمل
مجرد التفكير في بعد إبنتها عنها. بل كانت تشعر بسعادة بالغة حين تزوجت
إيناس وقطنت بالشقة المقابلة لشقتها, ولكن الان انقلبت الموازين..
ربما يكون الحل في البُعد وشعرت أن اقتراح الطبيب هو حبل الإنقاذ الوحيد
*
مضت عدة أيام وإيناس تتحاشى الحديث مع الجميع..
وأصبحت تقضي في غرفتها كل وقتها تقريباً..
كانت ثريا تشعر بالأسى والعجز فبعد أن صارحت زوجها بما حدث في غرفة
إبنتها وهو يقضى ليله مستقيظاً يتفكر في حال إبنته..
مسحت دموعها بظهر يداها وعندها شعرت بيد زوجها تحيط كتفيها في حنان,
استدارت له وهي تبتسم لتخفي آثار بكائها وقالت:
ـ مهما مرت السنين برده تأثير البصل قوي!
مسح عبد الرحمن دموع زوجته في حنان ثم قال:
ـ الحاج متولي طلب مني أفضي الشقة.
ثريا:
ـ شقة!.. شقة إيه؟.
عبد الرحمن:
ـ شقة شريف.
ثريا:
ـ بس لسه ناقص سنتين على بال ما مدة العقد تخلص, وإحنا بندفع الايجار.
عبد الرحمن:
ـ ما هو ملوش الزمة بقى.. أنا اتفقت مع ناس بكرة حيجوا يشيلوا العفش كله.
ثريا:
ـ كده حنبيع حاجة بنتنا في يوم وبسهولة كده!
عبد الرحمن:
ـ أيوة يا ثريا.. كل حاجة.
أذعنت ثريا لرغبة زوجها وقد فهمت ما بداخله وقالت:
ـ أمرك.. بس حتقولها؟
عبد الرحمن:
ـ طبعاً.. السكان الجداد حيوصلوا كمان أسبوع, الزم تعرف.
بكت ثريا رغماً عنها وتابعت:
ـ يا حبيبتي يا بنتي.. كده كتير عليها قوي يا عبد الرحمن.. كتير قوي.
عبد الرحمن:
ـ لازم يا ثريا.. لازم تفوق بقى.. طول ما هي حابسة نفسها في الأوضة دي مش
حتفوق.
أنهى عبد الرحمن عبارته وخرج من المطبخ غاضباً دون أن ينتبه إلبنته التي
كانت تقف منزوية بأحد الأركان باكية بعد أن استمعت لحديثه..
*
لم تتوقع ثريا أن يكون رحيل إبنتها بتلك السرعة بعد قرار زوجها, ولكن يبدو أن
إيناس لن تحتمل رؤية شخص آخر بتلك الشرفة غير زوجها, فلم تجد حالً أمامها
سوى الهروب لتلك الوظيفة بعد أن أصر والدها على التخلص من الشقة ولم
يؤثر فيه بكاؤها تارة وعنادها تارة أخرى..
كانت إيناس ما زالت تحضر حقيبتها عندما جاء الدكتور علي ليقلهم بسيارته..
نظرت لها ثريا بحنان ثم أمسكت بوجهها وقبلته وهي تقول:
ـ متزعليش من أبوك يا إيناس, هو عمل كده علشان مصلحتك.
صمتت إيناس لوهلة وحاولت أن تمنع دموعها وهي تقول:
ـ خالص يا ماما أنا مش زعلانة.
ثريا:
ـ طيب خليني أساعدك في ترتيب الشنطة..
منعت إيناس أمها برفق من الاقتراب من محتويات الحقيبة وقالت بإرتباك:
BY ديچاڤو 📒💛
Share with your friend now:
tgoop.com/Sidranovels/3117