tgoop.com/TaherlovewithGod/62736
Last Update:
#خاطرة_الجمعة_الوليلي
العدد رقم ٤٧٩
*من خواطر الجمعة*
الجمعة ٢٧ ديسمبر ٢٠٢٤م
┓━━☘️🌹☘️━━┏
تحسبهم أغنياء
┛━━☘️🌹☘️━━┗
تحت عنوان "على باب الله: يدٌ تبني"، وفي جريدةٍ مصريةٍ رصينةٍ، كتب أحد الكُتّاب الرائعين عن حياة عُمّال اليومية قبل أكثر من عشر سنواتٍ؛ فقال: الملايين من المصريين ينتظرون رزقاً قد يأتي اليوم أو لا يأتي على الإطلاق، كالطيور ينطلقون في الصباح الباكر من منازلهم بحثاً عن رزقهم الذي يُخرجه الله لهم من السموات والأرض، داعينه سُبحانه وتعالى أن يُبارك في هذا الرزق، وأن يُتم نعمته عليهم بالصحة والعافية. أبسط تلك المهن وأكثرها انتشاراً، "الفواعلي" أو عامل البناء والهدم ومن يُطلق عليهم "عُمّال التراحيل". «صالح» واحدٌ من هؤلاء العُمّال جاء إلى «القاهرة» من «سوهاج» في أواخر الثمانينات بحثاً عن الرزق، ولكن مع غلاء المعيشة، وسوء الظروف أصبح «صالح» –على حد تعبيره- من معدومي الدخل وليس من محدوديه. وعلى الرغم من تواضع منزله يحرص «صالح» على تزيينه والحفاظ على نظافته وترتيبه قدر الإمكان.
┓━━🌴🌻🌴━━┏
*إذا لم تظهر الخاطرة كاملة*
أكمل قراءتها على هذا الرابط:
https://bit.ly/3P9UOsu
┛━━🌴🌻🌴━━┗
مع فجر كل يومٍ يستيقظ «صالح» على رائحة إفطارٍ من بقايا طعام الأمس تُعده له زوجته، ثم يتوجه إلى زاويةٍ بفناء البيت، يجمع أدوات العمل "مطرقةٌ، وشاكوش، وأجَنَةٌ وأزاميل"، كانت مُتناثرةً منذ الأمس، يربطهم بحزامٍ من الكاوتش، يُعلق عليه كيساً أسود بداخله ملابس العمل، ويرفعهم على كتفه ويمضي مودعاً زوجته وأطفاله الصغار. يقوم «صالح» بالمشي عدة كيلومتراتٍ يومياً لكي يصل إلى الشارع الرئيسي لمركز «أبو النُمرس» حيث يجد أقرب وسيلة مواصلات. يحسب المصاريف التى يصرفها هو وبيته بدقةٍ شديدةٍ، ويستخدم أقل المواصلات تكلفةً حتى يصل إلى مكانِ تَجَمُّعِه مع العمال الآخرين في انتظار عملٍ قد يأتي أو لا يأتي، لذا فإن أية زيادةٍ -حتى لو كانت بسيطةً- في أُجرة المواصلات قد تُخِل بشكلٍ كبيرٍ بالميزانية التي لا تتعدى جنيهاتٍ قليلة. يستقبل «صالح» وأصدقاؤه اليوم الجديد بابتسامةٍ رغم معرفتهم بلحظات الشقاء القادمة منذ بداية اليوم وحتى آخره. على أحد الأرصفة في تقاطع شارع «نصر الدين» بمنطقة «الهرم»، أحد الأماكن التي تحتوي تجمعات العُمّال منذ سنواتٍ عديدة، يقف «صالح»، وسط أصدقائه من عُمّال البناء، لا يُدرك بالتحديد متى بدأ تجمعهم في هذا المكان؛ يقول: "منذ أن جئتُ إلى «مصر» {يعني «القاهرة»} وأنا آتي كل يومٍ إلى هذا المكان، أنتظر زبوناً أذهب معه لتكسير حائطٍ أو تحميل مواد بِناء». يشرب الشاى ويبدأ في ترقب المارة يميناً ويساراً، انتظاراً لمجيء أحد الزبائن، وسط عشرات العُمّال الجالسين على الرصيف بجانبه. لا ينحصر شقاء العمل في مهنة البناء في الجهد المبذول فيها أو كم العرق والدماء التي يُقدمها العُمّال، لكن يُضاف إليها احتمالية الجلوس لأيامٍ دون عملٍ؛ يقول «صالح»: "كل شىءٍ يتوقف على السوق والرزق، أحياناً أشتغل يوماً وعشرة أيام لا أشتغل"، ويُضيف: "تتراوح اليومية بين 30 و60 جنيهاً {وقتها} حسب صاحب العمل، بالإضافة إلى أن تفضيل الزبائن والمقاولين لعامل البناء الشاب، أصبح يُمثل مشكلةً كبيرةً للعُمّال ذوي الأعمار الكبيرة الذين يصعب عليهم مواصلة عملٍ يتطلب بذل جهدٍ بدنيٍ شاق". ويقول «صالح»: "في بعض المرات نذهب إلى مكانٍ لمُعاينة العمل ثم لا يحدث اتفاقٌ؛ فما يكون من نصيبنا إلا تحمل تكاليف مواصلات العودة".
يعمل «صالح» وكُل عُمّال التراحيل في ظروفٍ صعبةٍ للغاية، وربما على ارتفاعاتٍ عاليةٍ دون وجود أدنى مُتطلبات السلامة؛ مما يُعرضهم للكثير من الحوادث التي تُعيقهم عن أداء عملهم بعد ذلك، ولا يجدون مَن يُعوضهم. أُصيب «صالح» بحادثٍ أثناء قيامه بتكسير حائطٍ من الطوب الأحمر في ڤيلا ب«التجمع الخامس» وسقط الحائط عليه، شعر «صالح» بألمٍ شديدٍ في رُكبته اليُسرى ولم يقوَ على النهوض؛ فانتظر مكانه حتى انتبه إليه صاحب الڤيلا بعد توقف صوت التكسير؛ فقام بمساعدته وذهب به إلى مُستشفى «قصر العيني» وتركه في طُرقاتها دون الانتظار حتى لمعرفة حالته! قام الطبيب المُعالج بالمُستشفى بتخييره بين إجراء عمليةٍ لتركيب شريحةٍ في رُكبته، ما يستلزم انتظاره لأسابيع قد تمتد لشهورٍ حتى يتوفر له سريرٌ في "مأوى الفقراء"، أو أن يرفض الانتظار ولا يُصبح أمامه غير إجراء العملية بمُستشفىً خاصٍ، لم يكن أمام «صالح» مِن خيارٍ إلا الانتظار، وبالفعل أجرى العملية بعد شهرٍ، ظلت رجله بعدها في الجبس شهراً آخر، ولولا مساعدة إخوته وأقاربه لكان أطفاله الثلاثة ماتوا جوعاً؛ يقول «صالح»: "كنتُ أدعو الله أن يتوفاني أهون عليّ من أن أظل في حالة العجز التي كنتُ فيها؛ فالمرض يذل الإنسان».
BY أفئدة تنبض في حب الله
Share with your friend now:
tgoop.com/TaherlovewithGod/62736