tgoop.com/TaherlovewithGod/62737
Last Update:
لم يتمكن «صالح» بعدها لشهورٍ من المشى على قدمه، يقول: "كنتُ أستخدم عصاً أتكأ عليها لأن الطبيب منعني من المشي برجلي على الأرض"، تخللت فترة ركوده جلساتٌ للعلاج الطبيعى أجراها بالمجان عن طريق أحد الأطباء.
يظل حال «صالح» وآلافٌ مثله مُعلقٌ حسب التساهيل، وسط تجاهلٍ تامٍ من الدولة، رغم أنهم لا يسعون إلا إلى الرزق الحلال، ولا يملكون أية مُهنةٍ أو حرفةٍ أخرى. في نهاية اليوم يُلملم «صالح» أغراضه مرةً أخرى ويعود ببضع جنيهاتٍ قليلةٍ ليُطعم أُسرته، ولكنه يعرف جيداً أنه قريباً لن يقوى على تحمل هذا العمل الشاق، ولا يعرف تحديداً ماذا سيفعل عندما يأتي هذا اليوم. يعود «صالح» إلى منزله بعد يوم عملٍ طويلٍ وشاقٍ ليقوم بفك حبل الغسيل الملتف حول جسده طول اليوم كحزامٍ لبنطاله المهترئ الشاهد على حياته الصعبة.
أحبتي في الله.. كانت هذه قصةً واقعيةً تحدث كل يومٍ لعشرات أو مئات الآلاف من هؤلاء العُمّال، الذين يعيشون بيننا، يُفضلون أن يكسبوا عيشهم بالعمل الشاق على أن يستجدوا الناس ويتحولوا إلى مُتسولين، إذا شاهدتهم (تحسبهم أغنياء)؛ تصفهم الآية الكريمة بقوله تعالى: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ۗ﴾، يقول المُفسرون إن الله سُبحانه وتعالى وصفهم بست صفاتٍ؛ أولها الفقر بقوله ﴿لِلْفُقَرَاءِ﴾، والثاني قوله: ﴿أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ أي: قصروها على طاعة الله من جهادٍ وغيره، فَهُم مُستعدون لذلك محبوسون له، الثالث عجزهم عن السفر لطلب الرزق فقال: ﴿لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ﴾ أي: سفراً للتكسب، الرابع قوله: ﴿يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ﴾ وهذا بيانٌ لصدق صبرهم وحُسن تعففهم.
الخامس: أنه قال: ﴿تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ﴾ أي: بالعلامة التي ذكرها الله في وصفهم، وهذا لا ينافي قوله: ﴿يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ﴾ فإن الجاهل بحالهم ليس له فطنةٌ يتفرس بها ما هُم عليه، وأما الفَطِن المتفرس فمجرد ما يراهم يعرفهم بعلامتهم، السادس قوله: ﴿لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا﴾ أي: لا يسألونهم سؤال إلحافٍ، أي: إلحاح، بل إنْ صَدَرَ منهم سؤالٌ إذا احتاجوا لذلك لم يُلِحّوا على مَن سألوا، فهؤلاء أولى الناس وأحقهم بالصدقات لما وصفهم به من جميل الصفات.
هذا هو حال كثيرٍ من العُمّال الذين لا يجدون أمامهم أية فرصةٍ للعمل بشرفٍ إلا أن يبيعوا جهدهم.. تراهم يُحسنون الظن بالله سُبحانه وتعالى؛ يوقنون بأنه هو الرزاق الكريم، وما عليهم سوى التوكل عليه عزَّ وجلَّ والأخذ بالأسباب، ولو كانت شاقةً وصعبةً.. قد تمر أيامٌ لا يطلبهم فيها أحدٌ للعمل، ومع ذلك فهم راضون بما قسمه الله لهم.. (تحسبهم أغنياء) من التعفف؛ لا يسألون الناس، ولا يستجدون، ورغم احتياجاهم يخرجون من بيوتهم للعمل الشاق ليعودوا إلى أُسرهم ببعض الطعام.. أما الثياب والعلاج والدواء ومصاريف دراسة الأبناء؛ فتلك وغيرها هي من الكماليات التي لا يستطيع مُعظمهم تحقيقها إلا في الأحلام!
أحبتي.. هؤلاء الناس من البشر هُم منا؛ إما أقارب أو جيرانٌ لنا، يسمع بعضنا عن معاناتهم، وربما عرف تفاصيل عن الصعوبات التي يُعاني منها أفراد أُسرهم، ثم يتجاهل الأمر كما لو أنه لا يخصه، بل ويُزين له الشيطان خذلانهم وعدم مُساعدتهم، ويُوسوس له أنهم غير مُحتاجين؛ فَهُم لم يطلبوا شيئاً!
هؤلاء إخوةٌ لنا، نحن مسئولون أمام الله سُبحانه وتعالى عن الاهتمام بشئونهم، ومُساعدتهم وتقديم العون لهم ولأُسرهم. فلو تدبرنا الآية الكريمة لعلمنا أن مَن يحسبهم أغنياء هو الجاهل؛ فهل نرضى لأنفسنا أن نكون من الجاهلين؟!
هؤلاء الناس الذين قال الله عنهم (تحسبهم أغنياء) هُم أمانةٌ في أعناقنا، علينا أن نتفقد أحوالهم، ونسأل عن أخبارهم، ونُبادر إلى إعانتهم ومُساعدتهم، لا ننتظر منهم السؤال؛ فَهُم أكرم من أن يسألوا، وأعزّ من أن يشكوا أو يُبدوا تبرماً وسُخطاً.
اللهم اجعلنا سبباً في سعادتهم، والتخفيف من معاناتهم، وإدخال السرور إلى نفوسهم وقلوبهم، وألهِمنا ربنا سُبل مُساعدتهم بما يحفظ لهم كرامتهم، واجعل اللهم سعينا هذا خالصاً لوجهك الكريم، وتقبله منا؛ إنك أنت سُبحانك العليم الخبير، وأنت على كل شيءٍ قدير.
┓━━ 🌿🌹🌿 ━━┏
نلتقي على خيرٍ
الجمعة القادمة
في خاطرةٍ جديدةٍ
إنْ أَذِنَ الله وأمَّدَ في أعمارنا
*حق إعادة النشر للجميع*
*مع التكرم بذكر المصدر*
┓━━ ≧◔◡◔≦
━━┏
*تابعونا:*
صفحتنا على "فيس بوك" https://bit.ly/3jZqXRw
مدونة "خواطر" https://bit.ly/2BlFztM
BY أفئدة تنبض في حب الله
Share with your friend now:
tgoop.com/TaherlovewithGod/62737