tgoop.com/aalqarni1/154
Last Update:
من الأصول التي لا تحتمل الخلاف أن موالاة الكفار بمحبتهم أو نصرتهم لأجل دينهم كفر مخرج من الملة، وأنه يستحيل ثبوت الإيمان وأصل البراءة من الكفار مع حصول الموالاة للكفار بهذا المعنى، إذ لا يتصور اجتماع الإيمان مع محبة دين الكفار أو نصرتهم لأجل دينهم، لكون ذلك من اجتماع النقيضين. وهذا الأصل لا إشكال فيه.
لكن حصل الإشكال في أصل آخر، وهو ما يتعلق بحكم موالاة الكفار لمجرد غرض دنيوي، حين ظن من ظن أنه يلزم أن يكون حكم موالاة الكفار لغرض دنيوي كحكم موالاتهم على دينهم، وأنه لا فرق بين الحالين.
وأصل الإشكال في عدم التفريق بين موالاة الكفار بهذين المعنيين هو ما يظن من دلالة الآيات الواردة في التكفير بموالاة الكفار على التكفير بمطلق الموالاة لهم، وأن النصرة إذا كانت داخلة في مطلق الموالاة فيلزم أن تكون تلك الآيات دالة على التكفير بمطلق مظاهرة الكفار على المسلمين، دون نظر إلى الحامل على نصرة الكفار، بحيث لا يفرق بين أن تكون نصرة الكفار لأجل دينهم أو لمجرد غرض دنيوي.
وقد ترتب على الخلط في هذا الباب الوقوع في الغلو، والتكفير بما تدل النصوص الشرعية على عدم التكفير به، وتأويل النصوص الدالة على عدم الكفر بمظاهرة الكفار لغرض دنيوي بما يناقض دلالتها الظاهرة، والتجاوز في ذلك بالحكم على دول وجماعات بالكفر بمجرد الظن واتباع المتشابه، مع وجود النصوص المحكمة الواضحة الدلالة في الفرق بين الحالين.
ويستند التفريق بين موالاة الكفار على دينهم وبين موالاتهم لغرض دنيوي إلى أساسين:
أحدهما: حقيقة أصل الولاء والبراء، وما يقتضيه بيان تلك الحقيقة من التفريق بين ما ينافي أصل الولاء والبراء وما ينافي كماله، وأنه كما لا يلزم من مطلق معاداة المؤمن للمؤمن انتفاء أصل الموالاة بينهما، فإنه لا يلزم من مطلق موالاة المؤمن للكفار انتفاء أصل البراءة منهم، وأنه إذا كانت موالاة المؤمن للمؤمنين لا تنتفي إلا بما ينافي أصلها، بحيث تكون عداوة المؤمن للمؤمن لأجل إيمانه، فإن البراءة من الكفار لا تنتفي أيضًا إلا بما ينافي أصلها، بحيث تكون موالاة المؤمن للكفار لأجل دينهم، وجميع الآيات الواردة في التكفير بموالاة الكفار فإنما تفهم وفق هذا الأصل، فلا يصح الاستناد إلى دعوى دلالة تلك الآيات على التكفير بمطلق الموالاة مع ذلك.
وأما الأساس الثاني للدلالة على التفريق بين موالاة الكفار على دينهم وموالاتهم لمجرد غرض دنيوي فيستند إلى دلالة النصوص على أن موالاة الكفار لغرض دنيوي ليست كفرًا لذاتها، ويكفي في الدلالة على ذلك ما جاء في قصة حاطب رضي الله عنه ، وما حصل منه من مكاتبة المشركين، ومظاهرتهم على رسول الله ﷺ، وعدم تكفير النبي ﷺ له، لما بيَّن أن الحامل له على مظاهرتهم كان هو حماية أهله وماله بمكة، لا رضا بالكفر وردة عن الإسلام.
من مقدمة : مناط الكفر بموالاة الكفار .
BY قناة / عبدالله القرني
Share with your friend now:
tgoop.com/aalqarni1/154