مراجعة رسالة التحفة العلاجية في التداوي بالقران وبما ثبت في السنة النبوية

لأبي إلياس ناصر الجزائري

الدرس الخامس :

ثالثا : تابع لشروط وضوابط التداوي

٤ - عدم اليأس والرضا والثقة واليقين برب العالمين :

إن اليقين، والرضا بقضاء الله وقدره من أعظم الأسباب المعينة على الثبات في أوقات الشدة والإبتلاء؛ ذلك أن اليقين هو جوهر الإيمان، فاليقين روح أعمال القلوب، التي هي روح أعمال الجوارح. ومتى وصل اليقين إلى القلب امتلأ نوراً وإشراقاً، وانتفى عنه كل ريب وشك، وكل سخط وحيرة، وكل همّ وغمّ. وإذا وصل اليقين إلى القلب امتلأ بمحبة الله.. والخوف منه.. والرضا به.. والشكر له.. والتوكل عليه.. والإنابة إليه.. والتوجه إليه.. والأنس به.. وعدم الالتفات إلى غيره. واليقين لا يساكن قلباً فيه سكون لغير الله. قال الله تعالى: { {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَـمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} } [السجدة: 24].  وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم اليقين، وحض عليه، ورفع من شأنه في كثير من الأحاديث، فجعل من أهم أسس صلاح الأفراد والأمة كلها حصول اليقين، فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ «صلاح أول هذه الأمة بالزهد واليقين، ويهلك آخرها بالبخل وطول الأمل» ”[1]. وقام أبو بكر أول خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم مذكراً الأمة بأهمية اليقين، فقد قام على المنبر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم بكى، فقال: «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عامه الأول على المنبر، ثم بكى، فقال: اسألوا الله العفو والعافية، فإن أحداً لم يعط بعد اليقين خيراً من العافية» ”[2]. وكان صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه باستصحاب اليقين في العمل، فكان يقول: “ «واعمل لله بالشكر في اليقين، واعلم أن الصبر على ما تكره خير كثير، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسراً» ”[3]. وكان صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يدعو ربه بصحة اليقين وسلامته ودوامه، فعن أبي جعفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: “ «اللهم إني أعوذ بك من الشك بعد اليقين» ”[4].   وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرشد أصحابه إلى سؤال الله اليقين، فاليقين بالله والثقة به تخفف المصائب، فعن ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - قَالَ: “ «قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ لِأَصْحَابِهِ: اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنْ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا» ...”[5]. والصبر على المصائب من مقامات اليقين، فأحسن الناس صبراً عند المصائب أكثرهم يقيناً، وأكثر الناس جزعاً وسخطاً في المصائب أقلّهم يقيناً. فشدة الغمّ على فوت الدنيا دليل على حبّها، وعلامة ضعف اليقين بمحبوبه، وسهولة الغمّ على فوتها دليل على الزهد فيها وقوة اليقين بربّه. وقد قال سفيان الثوري: “اليقين ألَّا تتهم مولاك في كل ما أصابك”[6].

٥- عليك بالدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى،

فإنه سبحانه هو الشافي وحده: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ}[النمل:62].
ولا تستعجل الإجابة: لحديث: (يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي)(7)، وعليك بالإلحاح بالدعاء، وكُن على يقينٍ بالإجابة


______
[1] أخرجه أحمد في الزهد (ص 10)، و الألباني في صحيح الجامع (٣٨٤٥) [2] أخرجه الترمذي (3558)،  وصححه الألباني.
[3] أخرجه أحمد (2804) 
. [4] أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (29144).
[5] أخرجه الترمذي (3502)، وحسنه الألباني
[6] حلية الأولياء 7/9.
[7] متفق عليه: رواه البخاري برقم (6340) واللفظ له، ومسلم برقم (2735).
(٥)

https://www.tgoop.com/abdenasr

مراجعة رسالة  التحفة العلاجية في التداوي بالقران وبما ثبت في السنة النبوية

لأبي إلياس ناصر الجزائري

الدرس السادس

رابعا : تفضيل التداوي على الصبر على المرض (١)

سئل فضيلة الشيخ يحيى بن علي الحجوري حفظه الله : هل الأفضل للمسلم التداوي أم الصبر على المرض؟

فأجاب حفظه الله

الأفضل التداوي؛ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «يا عباد الله! تداووا فإن الله لم يضع داءً إلا وضع له دواءً غير داء واحد: الهرم»(٢).
فتداوَ وتعالج بقدر ما تستطيع؛ لأن المرض يعيقك عن أمور كثيرة من واجبات ومندوبات، وعافية المسلم من الأمراض والأسقام القلبية والجسدية خير له، كما ثبت من حديث ابن بسر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «خير الناس من طال عمره وحسن عمله»(٣)، والذي هو في عافية وصحة يستزيد كل يوم من الأعمال الصالحة لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (فإن طول عمر المؤمن لا يزيده إلا خيرًا).
وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: «واسألوا الله العافية»(٤)، وإذا ابتليت بمرض فابذل ما تستطيع في العلاج، فإذا لم تجد سبيلًا إلى العلاج فاضرع إلى الله تعالى بالدعاء والثقة به سبحانه، وهو أحسن علاج لكل الأمراض الظاهرة والباطنة، حتى الأمراض المستعصية التي لا يرجى برؤها.
ثم إن لم يقدر لك الشفاء بعد بذل الأسباب المتقدمة؛ ففوض أمرك إلى الله تعالى واصبر على ما قدره الله عليك، وهناك يعلم ثباتك وصبرك على ذلك المرض والبلاء.
والصبر والدعاء والثقة بالله تعالى يكون من قبل ومن بعد مع الأخذ بالأسباب.. كما تقدم.
نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة.

____
(١) شذرات من أوائل الدروس العامة للشيخ يحيى حفظه الله تعالى (ج).
(٢) رواه أبو داود (١٠/٣٣٤)، وابن ماجة (٢/١٣٧)، والبخاري في الأدب المفرد (١٠٩)، وهو في الصحيح المسند رقم (٢٠) (١/٤٢).
(٣) رواه الترمذي (٢٣٣٠)، عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه.
(٤) رواه البخاري (٢٨١٨)، ومسلم (١٧٤٢)، عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه.

https://www.tgoop.com/abdenasr

مراجعة رسالة  التحفة العلاجية في التداوي بالقران وبما ثبت في السنة النبوية

لأبي إلياس ناصر الجزائري

الدرس السابع

القسم الثاني : التداوي بالقرآن الكريم

القرآن الكريم هو الأساس في علاج كل الأمراض
قال تعالى [ونُنزّلُ من القرآنِ ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين ..] سورة الإسراء (82) . وقال تعالى [قل هو للذين آمنوا هُدىً وشفاءٌ] سورة فصلت (44) وانظر إلى كلمة شفاء ، ولم يقل دواء لأنها نتيجةٌ ظاهرةٌ ، أما الدواء فيحتمل أن يشفى وقد لا يشفي .

يقول ابنُ القيّم رحمه الله (فالقرآن هو الشفاءُ التّامُّ من جميع الأدواءِ القلبيةِ والبدنيةِ وأدواءِ الدنيا والآخرة ، وما كلُّ أحدٍ يؤهَّلُ ولا يوفّقُ للاستشفاء به ، وإذا أحسنَ العليلُ التداوي به ، ووضعه على دائه بصدقٍ وإيمانٍ وقبولٍ تامٍ واعتقادٍ جازم واستيفاء شروطه لم يقاومه الداءُ أبداً ، وكيف تقاوم الأدواءُ كلام ربِّ الأرضِ والسماءِ الذي لو نزل على الجبال لصدَّعها أو على الأرضِ لقطَّعها؟ فما من مرضٍ من أمراضِ القلوبِ والأبدانِ إلاّ وفي القرآنِ سبيلُ الدلالةِ على دوائه وسببه ، فمن لم يشفهِ القرآنُ فلا شفاهُ الله ومن لم يكفِه فلا كفاهُ الله) (١)

فالقرآن علاجٌ للأمراضِ العضويةِ ، مثالُه أن الغالبَ في هذه الأمراض سببُها الشيطان لأنه له تحكّمٌ في جريانِ الدَّم لقول النبيِّ - ﷺ - ( إن الشيطانَ يجري من ابن آدم مجرى الدَّم) متفقٌ عليه (٢)، فمن ذلك: الغضب وهو أساسٌ لأمراضٍ كثيرةٍ كالسكّر والقرحة المعديةِ والقولون العصبي والصداع والجلطةِ والسكتةِ الدماغية والشلل المفاجئ والذبحة الصدريةِ وأمراض القلب وغيرها ، والغضبُ من الشيطان  قال تعالى [واذكر عبدنا أيُّوبَ إذْ نادى ربَّه أنِّي مسنيَ الشيطانُ بنُصب وعذاب]سورة ص (41) ، وكذلك مرض عدم انتظام الدورة (الحيض) والنزيف الشديد سببُه الشيطان لذلك قال رسول الله - ﷺ - لحمنة بنت جحش رضى الله عنها عندما سألته وقالت: كنتُ استحاضُ حيضةً شديدة فقال: (إنما هي ركضةٌ من ركضات الشيطان) (٣) وكذلك مرضُ الشلل ، فالجنُّ يمسكُ الأعضاءَ المصابة فيوقفُ حركتها ، فإذا قُرء عليه القرآن غادر الجسمَ وشُفيَ المريضُ بإذن الله تعالى .
وهكذا الأمراض النفسية كانفصام الشخصية والوسوسة والإكتئاب وغيرها ، فالقرآنُ شفاءٌ للناس لجميع الأمراض بأنواعها ولذلك لمّا دخل رسولُ الله - ﷺ - على عائشة وامرأةٌ تُعالجها ، فقال: (عالجيها بكتاب الله) (٤)
. وقد تمت معالجة كثيرٍ من الأمراض بالقرآن ، راجع تجارب ابن تيمية وابن القيِّم في زاد المعاد – كتاب الطب .

و لا يُفهم ممّا سبقَ تركُ الأسباب الدوائية كالذهاب إلى المستشفيات للعلاج ، ولكن الأساس في علاج أيِّ مرض هو القرآن الكريم ، ويُضمُّ إليه السبب الدوائي ولذلك قال رسول الله - ﷺ - (لكل داءٍ دواءٌ ، فإذا أصاب الدواءُ الداءَ برئ بإذن الله عز وجل )(٥)  وقال أيضاً (إن كان في شيء من أدويتكم خيرٌ ففي شرطةِ محجمٍ أو شربةِ عسل) رواه البخاري.

وترك الإستشفاء بالقرآن من هجر القرآن

قال ابنُ القيِّم رحمه الله :(٧) (أنواعُ هجر القرآنِ ، هجرُ سماعه والإيمان به والإصغاء إليه ، وهجرُ العملِ به والوقوفِ عند حلاله وحرامه ، وهجرُ تحكيمه والتحاكم إليه في أصولِ الدينِ وفروعِه ، وهجرُ تدبُّره وتفهَّمِه ومعرفةِ ما أراد المتكلِّم به منه ، وهجرُ الاستشفاء والتداوي به ، ثم قال رحمه الله : وكلُّ ذلك داخلٌ في قوله تعالى [وقال الرسولُ ياربِّ إنَّ قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً] سورة الفرقان (30) . وإن كانَ بعضُ الهجر أهون من بعضٍ) انتهى كلامه رحمه الله من كتابه



__

(١) زاد المعاد لابن القيّم (4/352) .
(٢)صحيح البخاري(3101) و مسلم (2174)
(٣) صحيح سنن الترمذي (128)
(٤) ،أخرجه ابنُ حبان في صحيحه (149) وهو في سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني رحمه الله برقم (1931)
(٥)رواه مسلم (١٤/١٩١)
(٦) رواه البخاري (٧/١٥٩)
(٧) الفوائد (١٠٧)

                          (٦)

https://t.me/abdenasr

مراجعة رسالة  التحفة العلاجية في التداوي بالقران وبما ثبت في السنة النبوية

لأبي إلياس ناصر الجزائري

الدرس الثامن

القسم الثاني : التداوي بالقرآن الكريم

أولا : الاستشفاء بسورة الفاتحة

   قال الله تعالى في كتابه : ( وننزل من القران ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) ( الإسراء ، 82)

والفاتحة التي هي أعظم سور القران أولى ما يصدق عليه أنه شفاء .

ففضل سورة الفاتحة في شفاء المرضى عظيم جليل من جربه بإخلاص ويقين ولم يستعجل الجواب رأى من ذلك الخير .
وذلك لما تضمنته هذه السورة العظيمة من إخلاص العبودية لله والثناء عليه وتفويض الأمر إليه والإستعانة به والتوكل عليه وسؤاله مجامع النعم وما ورد فيها من النصوص مثل رقية اللديغ الواردة في صحيح البخاري (١)

قال ابن القيم رحمه الله: « فاتحة الكتاب وأم القرآن والسبع المثاني والشفاء التام والدواء النافع والرقية التامة ومفتاح الغنى والفلاح وحافظة القوة ودافعة الهم والغم والخوف والحزن لمن عرف مقدارها وأعطاها حقها وأحسن تنزيلها على دائه وعرف وجه الاستشفاء والتداوي بها والسر الذي لأجله كانت كذلك. (٢)
وقال رحمه الله : (( و بالجملة ما تضمنته الفاتحة من إخلاص العبودية والثناء على الله، و تفويض الأمر كله إليه والاستعانة به والتوكل عليه، وسؤاله مجامع النعم كلها ، وهي الهداية التي تجلب النعم وتدفع النقم ، من أعظم الأدوية الشافية الكافية، وقد قيل أن موضع الرقية منها: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة : 5] ولا ريب أن هاتين الكلمتين من أقوى أجزاء هذا الدواء، فإن فيهما من عموم التفويض والتوكل والالتجاء والاستعانة والافتقار والطلب...)).(٣)
و قال رحمه الله: قال شيخ الإسلام ابن تيمية : تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال العون على مرضاته ثم رأيته في الفاتحة في: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} 
وكثيرا ما سمعت شيخ الإسلام  يقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} تدفع الرياء، و {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} تدفع الكبرياء (٤)

ومن تجارب ابن القيم رحمه الله في الاستشفاء بالفاتحة :

قال رحمه الله تعالى: "لقد مر بي وقت في مكة سقمت فيه، ولا أجد طبيباً ولا دواء فكنت أعالج نفسي بالفاتحة، فأرى لها تأثيراً عجيباً، آخذ شربة من ماء زمزم وأقرؤها عليه مراراً ثم أشربه فوجدت بذلك البرء التام، ثم صرت أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع فأنتفع به غاية الانتفاع، فكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألماً فكان كثير منهم يبرأ سريعاً" (٥)

    وأما عن طريقة الاستشفاء بسورة الفاتحة فتكون كالآتي :

- إما بكثرة تلاوتها بنية الاستشفاء
- أو تجمع كفيك وتنفث فيهما ثم تقرأ فيهما سورة الفاتحة سبع مرات ثم تمسح بهما جسدك أو مكان الألم بنية الاستشفاء
- أو تقرأ الفاتحة في ماء سبع مرات مع النفث ثم تشرب منه وتغتسل بنية الاستشفاء

فائدة :
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن النفث هل هو قبل أو بعد القراءة ؟

فأجاب: ".. ظاهر الحديث أن النفث يكون قبل؛ لكن الأمر واسع إن شاء الله" انتهى من "لقاء الباب المفتوح" لقاء رقم (139) .


_
( ١ ) أخرجه البخاري برقم ( ٢٢٧٦ ) ومسلم برقم ( ٢٢٠١ ) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
( ٢ )  «زاد المعاد» (4/318)
( ٣ ) زاد المعاد"(4/178)
( ٤ ) مستدرك مجموع الفتاوى (١٧٥/ ٤)
( ٥ ) انظر: زاد المعاد 4/178، والجواب الكافي ص21.

                          ( ٩ )

https://t.me/abdenasr

‏مراجعة رسالة التحفة العلاجية

الاستشفاء بسورة الفاتحة

مراجعة لرسالة  التحفة العلاجية في التداوي بالقران وبما ثبت في السنة النبوية

لأبي إلياس ناصر الجزائري

الدرس التاسع

القسم الثاني : التداوي بالقرآن الكريم

ثانيا : الاستشفاء بآية الكرسي

قال الشيخ السعدي -رحمه الله-:
"هذه الآية الكريمة أعظمُ آيات القرآنِ وأفضلُها وأجلها، وذلك لما اشتملت عليه من الأمور العظيمة والصفات الكريمة، فلهذا كثرت الأحاديث في الترغيب في قراءتها وجعلها ورداً للإنسان في أوقاته صباحاً ومساءً، وعند نومه، وأدبار الصلوات المكتوبات" أ. هـ.(١)

وهذه الآية العظيمة لها فضائل وخائص فمن خصائصها :

- أنها أعظم آية في كتاب الله (٢)
- أن فيها اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سأل به أعطى <<الحي القيوم>> (٣)
- أن من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حفظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح (٤)

     فتعتبر آية الكرسي من أهم الآيات التي يحصن بها العبد نفسه من شرور الأنس والجن وهي مطردة للشيطان خاصة لمن كان به سحر أو مس أو عين فلها تأثير عجيب عرف ذلك من جربها 

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : 
«فقد جرَّب المجربون الذين لا يُحْصَون كثرة أن لها من التأثير في دفع الشياطين وإبطال أحوالهم مالا ينضبط من كثرته وقوته فإنّ لها تأثيراً عظيماً في دفع الشيطان عن نفس الإنسان وعن المصروع وعن من تعينه الشياطين ... و إذا قرئت عليهم بصدق دفعت الشياطين وبطلت الأمور التي يخيلها الشيطان ويبطل ما عند إخوان الشياطين من مكاشفة شيطانية وتصرف شيطاني» (٥)

وقال ابن كثير رحمه الله : 
«وكذلك قراءة آية الكرسي فإنها مطردة للشيطان» (٦)

وقال ابن قيم الجوزية عن شيخه ابن تيمية :
 «وكان يعالج بآية الكرسي وكان يأمر بكثرة قراءتها المصروع ومن يعالجه بها» (٧)

وأما عن طريقة الاستشفاء بها فهي كالآتي :

- يحصن بها العبد نفسه ويكون ذلك بالمحافظة على قراءتها في دبر الصلوات وعند أذكار النوم
- الإكثار من تلاوتها بنية الاستشفاء مع وضع اليد على مكان الألم
- أن تجمع كفيك وتنفث فيهما ثم تقرأ فيهما آية الكرسي ثم تمسح بهما جسدك أو مكان الألم بنية الاستشفاء
- أن تقرأها في ماء وتنفث فيه ثم تشرب من الماء وتغتسل به بنية الاستشفاء



____
(١) انظر تفسير سورة البقرة السعدي الآية (٢٥٤)
(٢) حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أخرجه مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي، رقم (810).
(٣) من حديث أنس بن مالك رواه الترمذي (3544) وأبو داود (1495)  وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
(٤) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أخرجه البخاري (2311)
(٥) المجموع (19/ 55).
(٦) تفسير القرآن العظيم (1/ 149).
(٧)  زاد المعاد (4/ 69).

                          ( ١١ )

https://t.me/abdenasr

مراجعة رسالة التحفة العلاجية

الدرس التاسع

الاستشفاء بآية الكرسي

مراجعة لرسالة  التحفة العلاجية في التداوي بالقران وبما ثبت في السنة النبوية

لأبي إلياس ناصر الجزائري

الدرس العاشر

القسم الثاني : التداوي بالقرآن الكريم

ثالثا : الاستشفاء بالآيتين الأخيرتين من سورة البقرة

     القُرآنُ كلُّه كَلامُ اللهِ تعالَى، وهو الشفاء التام لكل الأدواء وقدْ فضَّلَ سُبحانَه، وخصَّ بعضَ سوَرِه وآياتِه بفَضلٍ خاصٍّ على باقي الآياتِ..

    جاء في الصحيحين من حديث  أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :  " الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأ بهما في ليلة كفتاه ".(١)

قال الإمام النووي رحمه الله (٢) :

معنى قوله كفتاه
قيل : معناه : كفتاه من قيام الليل ، وقيل : من الشيطان ، وقيل : من الآفات ، ويحتمل من الجميع .

   ففي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَظيمَ أجْرِ قارئِ آخِرِ آيَتَينِ من سُورةِ البَقَرةِ،  حيث أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن قَرَأ بهما في لَيلةٍ حَفِظَتاه مِن الشَّرِّ، ووَقَتاه مِن المَكْروهِ، وقيلَ: أغْنَتاه عن قيامِ اللَّيلِ؛ وذلك لِمَا فيهما مِن مَعاني الإيمانِ، والإسْلامِ، والالْتِجاءِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، والاسْتِعانةِ به، والتَّوكُّلِ عليه، وطلَبِ المَغفِرةِ والرَّحْمةِ منه.
فلهاتين الآيتين فضل عظيم في دفع السوء والشر والشيطان لمن قرأ بهما من الليل وصاحب العين أو المس أو السحر أكثر الناس تعرضا لأذى الشيطان فحري به أن يجتهد في القراءة والاستشفاء بهما

وأما عن طريقة الاستشفاء بهما تكون كالآتي :

- المحافظة على القراءة بهما عند قيام الليل
- المحافظة على قراءتهما مع أذكار النوم
- تقرآن مع غيرهما من الآيات عند الرقية

____
(١) أخرجه البخاري (4008)، ومسلم (807)
(٢) المنهاج (١٩٨/٢)

                        ( ١٢ )

https://www.tgoop.com/abdenasr

مراجعة لرسالة  التحفة العلاجية في التداوي بالقران وبما ثبت في السنة النبوية

لأبي إلياس ناصر الجزائري

الدرس الحادي عشر

القسم الثاني : التداوي بالقرآن الكريم

رابعا : الاستشفاء بسورة البقرة

    اعلم وفقك الله أن سورة البقرة وما فيها من آيات عظيمة تعتبر من أفضل الرقى والعلاجات للأمراض الروحية من مس وسحر وعين وطرد الشياطين بل ان الله خصها بفضائل وبركات عظيمة لهذا جاء الحث على قراءتها وتحصين البيوت بها

ففي صحيح مسلم، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقابِرَ، إنَّ الشَّيْطانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الذي تُقْرَأُ فيه سُورَةُ البَقَرَةِ) [١]

أي: لا تجعلوا بيوتكم «خاليةً عن الذِّكر والطَّاعة فتكون كالمقابر، وتكونون كالموتى فيها»[٢].

و قال صلّى الله عليه وسلّم: (اقرَؤوا سورةَ البقرةِ، فإنَّ أَخْذَها بركةٌ، وتركَها حسرةٌ، ولا يستطيعُها البَطَلَةُ)،[٣]

قال المناوي في فيض القدير: 

(فإن أخذها) يعني المواظبة على تلاوتها والعمل بها ، ( بركة ): أي زيادة ونماء (وتركها حسرة) أي تأسف على ما فات من الثواب. ( ولا تستطيعها البطلة ) أي السحرة تسمية لهم باسم فعلهم لأن ما يأتون به باطل اهــ[٤]

وفي مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للمباركفوري رحمه الله: 

(فإن أخذها) أي في المواظبة على تلاوتها، والتدبر في معانيها، والعمل بما فيها (بركة) أي زيادة ونماء، وقيل أي منفعة عظيمة. ( وتركها حسرة )  أي تلهف وتأسف على ما فات من الثواب  اهــ. [٥]

وأما عن طريقة الاستشفاء بها فهي كالآتي :

- الإكثار من تلاوتها في البيت فهي حصن للعبد وللبيت من الشيطان
- قراءتها كل يوم بنية الاستشفاء من المرض  وهكذا الذي يعاني من مس أو سحر أو عين فإن أخذها بركة في الصحة ومطردة للشيطان
_

__
[١] رواه مسلم، عن أبي هريرة،  برقم:  (٧٨٠)
[٢] تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي (٨ /١٤٦).
[٣] رواه الإمام مسلم عن أبي أمامة الباهلي،  برقم:( ٨٠٤)
[٤] فيض القدير ( ٢ ‏/ ٦٣)
[٥] مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للمباركفوري رحمه الله (٧ ‏/ ١٨٩)

                        ( ١٣ )

https://www.tgoop.com/abdenasr

مراجعة رسالة التحفة العلاجية

الدرس الحادي عشر

الاستشفاء بسورة البقرة