tgoop.com/aboreem2007/2524
Last Update:
لما سافر ابن عرفة رحمه الله إلى بغداد وكان رجلاً سميناً، وبسبب سمنه كان يلهث إذا درّس، فوقع له الإقبال العظيم في بغداد، فحسده العلماء، فطلبوا من أصحابه أن يأمروه أن يلقي درساً في التفسير، فقال لهم: عينوا لي الآيات التي تريدوني أدرس فيها حتى أطالعها، فعينوا له أوائل سورة الأنعام فجلس الشيخ يطالع في المكتبة ثلاثة أيام حتى حفظ كل ما يتعلق بتلك الآيات من كل ناحية، فلما كان يوم الدرس اجتمع العلماء واجتمع الناس، وجعلوا للشيخ دكة يجلس فوقها، فلما جلس ليدرس فوقها أمر علماء البلد القارئ أن يقرأ آيات أخرى غير الذي عينوها له، وهي قوله تعالى: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي اتَيْنَاهُ آيْاتنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْناهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ﴾
وفيها إشارة أنه يلهث مثل الكلب، فلما سمع الشيخ المقرئ قرأ الآيات غير المعينة له عرف أن علماء بغداد أرادوا أن ينكتوا عليه فلم يبال بذلك بل استعان بالله عز وجل، وشرع يفسر تلك الآيات، أولاً مما يتعلق بقصة ذلك المنسلخ المذكور فيها، وثانياً من جهة مناسبتها لما قبلها، وثالثاً من جهة مناسبتها لما بعدها، ورابعاً مما يتعلق بها من جهة العربية، وخامساً مما يتعلق من جهة البلاغة من التشبيه والمجاز والاستعارة والكناية وغير ذلك، وسادساً مما يتعلق بسبب نزولها، وسابعاً مما يتعلق بها من استنباط الأحكام الفقهية، وثامناً تكلم من جهة من أخذ من العلماء بهذا الحكم، ومن خالف، وما علّة المخالفة وما شابه ذلك، وتاسعاً من جهة ما يتعلق بالكلب وخواصه، فذكر خواص الكلب، وذكر فيه عشر خصال محمودة، ثم بعد أن فرغ منها قال: إلا أن فيه خصلة واحدة مذمومة أفسدت تلك العشر الخصال المحمودة، وهي أنه ينبح الضيف وقصد بذلك التبكيت على علماء بغداد وأهلها لما آذوه، ثم بعد ما انتهى من الدرس جاء إليه العلماء واعتذروا إليه وطلبوا منه المسامحة له وسلموا له، وقالوا له: إنك ابن عرفة حامل الشريعة المطهرة.
BY جِيد المعالي
Share with your friend now:
tgoop.com/aboreem2007/2524