يقول الشيخ سليمان الراجحي في مذكراته : في عام 1362 من الهجرة النبوية فكرت أن أعمل عاملاً وخادماً في البيوت التي كان يوزعها الملك عبد العزيز على الأمراء، وقلت لهم أريد شغلاً.
قالوا لي : ما فيه إلا طباخ
فقلت لهم: تم
قالوا: تضبط العمل؟
قلت: نعم، وكان المقابل ريالين في اليوم، وبقيت على هذا العمل حتى جاء رجل فاستأذن من أصحاب العمل وقال: أريد هذا عندي يصنع لي قهوتي ويطبخ لي.
فقلت: كم تعطيني ؟
فقال : ريالين أجرة، وخمسة عشر قرشاً مصروفاً
فوافقت وبقيت أعمل معه زمناً، وكنت في تلك الفترة إذا أردت العشاء أذهب لصاحب المخبز فيقول الخبزة بقرش ونصف، فإذا رأيت الخبز كثيراً انصرفت عنه حتى يمضي الوقت ويقول الخبزة بخمس هللات ،وأنتظر حتى يقول: الخبزة بأربع هللات، فأنتظر حتى يقول: الخبزة بثلاث هللات فأخذ خبزتين بقرش ونصف بدل ما أخذ واحدة بقرش ونصف، ثم أرجع إلى مقرّي وأغمسها في ماء وآكلها حتى أوفر كم قرش في النهاية.
قالوا لي : ما فيه إلا طباخ
فقلت لهم: تم
قالوا: تضبط العمل؟
قلت: نعم، وكان المقابل ريالين في اليوم، وبقيت على هذا العمل حتى جاء رجل فاستأذن من أصحاب العمل وقال: أريد هذا عندي يصنع لي قهوتي ويطبخ لي.
فقلت: كم تعطيني ؟
فقال : ريالين أجرة، وخمسة عشر قرشاً مصروفاً
فوافقت وبقيت أعمل معه زمناً، وكنت في تلك الفترة إذا أردت العشاء أذهب لصاحب المخبز فيقول الخبزة بقرش ونصف، فإذا رأيت الخبز كثيراً انصرفت عنه حتى يمضي الوقت ويقول الخبزة بخمس هللات ،وأنتظر حتى يقول: الخبزة بأربع هللات، فأنتظر حتى يقول: الخبزة بثلاث هللات فأخذ خبزتين بقرش ونصف بدل ما أخذ واحدة بقرش ونصف، ثم أرجع إلى مقرّي وأغمسها في ماء وآكلها حتى أوفر كم قرش في النهاية.
كسوة الكعبة بين أمراء مكة والسادن :
ذكر المؤرخ الفاسي أن أمراء مكة كانوا يأخذون من السدنة ستارة باب الكعبة في كل سنة مع جانب كبير من كسوتها ، أو ستة آلاف درهم كاملة عوضا عن ذلك، إلى أن رفع ذلك عنهم السيد عنان بن مغامس لما ولي أمر مكة في سنة ثمان وثمانين وسبعمائة ، وتبعه أمراء مكة في الغالب .
ثم أن السيد حسن عجلان بعد سنين من ولايته صار يأخذ منهم الستارة وكسوة المقام ، ويهديها لمن يريد من الملوك وغيرهم ، وقد استمر الأمر كذلك من أمراء مكة بعد السيد حسن عجلان مع الحجبة إلى يومنا هذا. انتهى كلامه.
أقول : إن كاتب هذا هو السيد تقي الدين الفاسي مؤرخ مكة المكرمة ، ومنه يفهم ما جرت عليه العادة في أمر الكسوة في زمنه
ونقل الغازي في تاريخه عن الشيخ حسن الشيبي في الإتمام : أن العادة التي تداولت في كسوة الكعبة المعظمة هو أن حجبة الكعبة المعظمة من بني شيبة يأخذون الكسوة العتيقة لأنفسهم ويقسمونها بينهم بالسوية ذكوراً وإناثاً وأطفالاً ، وأن المولود منهم في يومه يستحق كما يستحق الشيخ منهم ويجعلون لرأسهم أي شيخهم سهمين كما هي عادتهم في تقسيم الهدايا من الزوار بينهم .
ونقل الشيخ عبد الله الغازي رواية عن الأرزقي مؤرخ مكة قال :حدثني جدي عن مسلم بن خالد عن ابن أبي نجيح عن أبيه أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، كان ينزع كسوة البيت فيقسمها على الحُجاج .
وكساها معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه الديباج مع القباطي وأمر شيبة بن عثمان أن يجرد الكعبة عن الكساوي ويخلقها بالطيب ، ويلبسها ما جهزوا لها، فجردها وطيبها ، وطيب جدرانها بالخلوق وكساها تلك الكسوة التي بعث بها معاوية ، وقسم الثياب التي كانت عليها بين أهل مكة وكان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حاضراً في المسجد الحرام فما أنكر ذلك ولا کرهه .
وأخرج الأرزقي عن شيبة بن عثمان أنه دخل على عائشة رضي الله عنها فقال : يا أم المؤمنين : إن الكعبة تجتمع عليها الثياب الكثر فنعمد إلى بئر فنحفرها وندفن فيها ثياب الكعبة ، فلا يلمسها الجنب والحائض ، فقالت عائشة : ما أصبت ، وبئس ما إن ثياب الكعبة إذا نزعت عنها لا يضرها من لمسها من حائض أو جنب فبئس ما صنعت ،ولكن بعها ، واجعل ثمنها في سبيل الله تعالى ، وابن السبيل ، وتصدق بثمنها.
ذكر المؤرخ الفاسي أن أمراء مكة كانوا يأخذون من السدنة ستارة باب الكعبة في كل سنة مع جانب كبير من كسوتها ، أو ستة آلاف درهم كاملة عوضا عن ذلك، إلى أن رفع ذلك عنهم السيد عنان بن مغامس لما ولي أمر مكة في سنة ثمان وثمانين وسبعمائة ، وتبعه أمراء مكة في الغالب .
ثم أن السيد حسن عجلان بعد سنين من ولايته صار يأخذ منهم الستارة وكسوة المقام ، ويهديها لمن يريد من الملوك وغيرهم ، وقد استمر الأمر كذلك من أمراء مكة بعد السيد حسن عجلان مع الحجبة إلى يومنا هذا. انتهى كلامه.
أقول : إن كاتب هذا هو السيد تقي الدين الفاسي مؤرخ مكة المكرمة ، ومنه يفهم ما جرت عليه العادة في أمر الكسوة في زمنه
ونقل الغازي في تاريخه عن الشيخ حسن الشيبي في الإتمام : أن العادة التي تداولت في كسوة الكعبة المعظمة هو أن حجبة الكعبة المعظمة من بني شيبة يأخذون الكسوة العتيقة لأنفسهم ويقسمونها بينهم بالسوية ذكوراً وإناثاً وأطفالاً ، وأن المولود منهم في يومه يستحق كما يستحق الشيخ منهم ويجعلون لرأسهم أي شيخهم سهمين كما هي عادتهم في تقسيم الهدايا من الزوار بينهم .
ونقل الشيخ عبد الله الغازي رواية عن الأرزقي مؤرخ مكة قال :حدثني جدي عن مسلم بن خالد عن ابن أبي نجيح عن أبيه أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، كان ينزع كسوة البيت فيقسمها على الحُجاج .
وكساها معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه الديباج مع القباطي وأمر شيبة بن عثمان أن يجرد الكعبة عن الكساوي ويخلقها بالطيب ، ويلبسها ما جهزوا لها، فجردها وطيبها ، وطيب جدرانها بالخلوق وكساها تلك الكسوة التي بعث بها معاوية ، وقسم الثياب التي كانت عليها بين أهل مكة وكان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حاضراً في المسجد الحرام فما أنكر ذلك ولا کرهه .
وأخرج الأرزقي عن شيبة بن عثمان أنه دخل على عائشة رضي الله عنها فقال : يا أم المؤمنين : إن الكعبة تجتمع عليها الثياب الكثر فنعمد إلى بئر فنحفرها وندفن فيها ثياب الكعبة ، فلا يلمسها الجنب والحائض ، فقالت عائشة : ما أصبت ، وبئس ما إن ثياب الكعبة إذا نزعت عنها لا يضرها من لمسها من حائض أو جنب فبئس ما صنعت ،ولكن بعها ، واجعل ثمنها في سبيل الله تعالى ، وابن السبيل ، وتصدق بثمنها.
يقول الشيخ محمد بن إسماعيل العمراني رحمه الله : وقد هربت يوم حريق منى وليس لدي (شبشب) فاضطررت إلى عمل خِرَق لرجلي، ولففت الخرقة على رجلي، لكي أمنع عنها حر الطريق المسفلتة، لأن الوقت كان وقت أذان الظهر، والحر على أشده، والرمضاء في قمة حرارتها حتى كأنها جمر، لا يمكن للإنسان أن يمشي عليها في هذا الوقت، وحينها ذكرت غزوة ذات الرقاع ،وأنها سميت بهذا الاسم لأن أقدام الصحابة تمزقت أو تشققت من كثرة المشي، فلفوا على أرجلهم الخرق فأخذت المنديل الذي كنت التحف به، وربطت به إحدى رجلي، أما الرجل الأخرى فقد لقيت شبشب ضائع فلبسته على عجل، وهربت نحو الجبل ،وقدمت الأهم على المهم، ودفعت المفسدة الكبرى بالمفسدة الصغرى، ثم بقيت في الجبل أشاهد الحريق، وأشاهد الطيارات وسيارات الإطفاء، وسيارات الإسعاف، وأشاهد دبات الغاز، وهي تنفجر وتتطاير، وكأن الموقف من مواقف يوم القيامة، فالصياح صياح والموت موت، ودبات الغاز تنفجر تباعاً، والنار تلتهم الخيام والحريق يزداد، والدخان يتصاعد.
فقد بقيت أشاهد، وأنا هناك في الجبل حتى ضعت ثم بعد ذلك لما هدأت الدنيا، وقابلت أحدهم، أو شكوت على واحد منهم، وأخذت أقص عليه ما شاهدته من حال مروعة، ومناظر مخيفة، وأجواء مفزعة، ومواقف عصيبة، حتى كأنها من مشاهد يوم القيامة، لما أخذت أحكي له ما رأيت، وما الذي حصل لي جراء ذلك، قال متشفياً : تستاهل وأنت تستحق الذي وقع بك، لأنك أخذت تتكلم وتؤكد علينا السُنّة السُنّة! أما نحن فقد جلسنا في مكة، ولم نصب بأي أذى، وما طلعنا إلّا في اليوم التاسع إلى عرفة، فقد اهتبل هذه الفرصة، وأخذ يتشفى فيَّ لأنني طلعت إلى منى حرصاً منّي على السُنّة! فقد صار الذي ترك السُنّة يتشفى في الذي طلع إلى منى، وضاع فيها، لأنه عمل السُنّة! .
فقد بقيت أشاهد، وأنا هناك في الجبل حتى ضعت ثم بعد ذلك لما هدأت الدنيا، وقابلت أحدهم، أو شكوت على واحد منهم، وأخذت أقص عليه ما شاهدته من حال مروعة، ومناظر مخيفة، وأجواء مفزعة، ومواقف عصيبة، حتى كأنها من مشاهد يوم القيامة، لما أخذت أحكي له ما رأيت، وما الذي حصل لي جراء ذلك، قال متشفياً : تستاهل وأنت تستحق الذي وقع بك، لأنك أخذت تتكلم وتؤكد علينا السُنّة السُنّة! أما نحن فقد جلسنا في مكة، ولم نصب بأي أذى، وما طلعنا إلّا في اليوم التاسع إلى عرفة، فقد اهتبل هذه الفرصة، وأخذ يتشفى فيَّ لأنني طلعت إلى منى حرصاً منّي على السُنّة! فقد صار الذي ترك السُنّة يتشفى في الذي طلع إلى منى، وضاع فيها، لأنه عمل السُنّة! .
يقول الدكتور مصطفى الفقي في مذكراته : وفي ليلة العيد في آخر ثمانينيات القرن الماضي، اتصل بي الرئيس الأسبق حسني مبارك، وأنا أعمل سكرتيراً له للمعلومات، وقال لي: أين ستصلي العيد غداً ؟
فقلت له: سوف أصليه في المسجد القريب من المنزل ب مصر الجديدة.
فقال: لا.. ستصليه معي في مسجد الحسين، فقد تمت فيه تجديدات، شملت المقصورة وأجزاء من ذلك المسجد الكبير .
ولم يكن أمامي خيار، إلّا أن أكون في الخامسة والنصف صباحا أمام منزل الرئيس، حيث تحرك بنا الرِكاب الرسمي إلى مسجد سيدنا الحسين - رضي الله عنه - ووصلنا في السادسة صباحاً واستمتعنا بتراتيل دعاء العيد بعباراتها الرائعة في الصباح الباكر، وأدينا الصلاة، وألقى خطيب المسجد خطبة العيد، ثم دعا الرئيس ليتفقد المقصورة الجديدة، ويشاهد التجديدات التي جرت في ذلك المسجد الأثري الكبير، ووجدتها فرصة لكي أتجول في المسجد، مع تسلل أشعة الشمس الأولى في ذلك الصباح المبارك، واستغرقت في تأمل ساحة المسجد ومساحتها الفسيحة، فإذا بي أسمع صفير رِكاب السيارات إيذانا بتحرك الرئيس، الذي انتهى من تفقد المقصورة في دقائق قليلة، كنت أحسبها سوف تطول عن ذلك...
وقتها، كان أمامي خياران: إما أن أهرع إلى سيارتي في الركاب دون الحذاء، الذي تركته في أحد الرفوف قرب المدخل، أو أن أبحث عنه وأخرج إلى سيارتي بعد رحيل الركاب، واخترت الخيار الأول، لأنني أدركت أن الرئيس سوف يتمم على وجودي بعد العودة من الصلاة.. وفعلا قفزت إلى السيارة، وأنا ألبس الجورب فقط ،وتحركت السيارة مع الرِكاب، إلى أن وصلنا إلى بيت الرئيس، الذي اطمأن إلى وجودي من البداية إلى النهاية، في هذه المهمة الدينية، مع ذلك الصباح المشرق في يوم صيف لطيف الطقس..
بعد ذلك اتجهت إلى مكتبي في منشية البكري بمقر السكرتارية الخاصة حيث أرسلت السائق، ليحضر لي حذاء آخر من المنزل، واستعوضت الله في الحذاء الذي فقدته، مع العلم بأنه كان جديداً!
وعدت بعد انتهاء العمل إلى المنزل، وبعد ساعتين أو ثلاثا، اتصل التليفون الرئاسي الداخلي فإذا الرئيس يسألني: كيف كانت صلاة العيد؟
فقلت له: إنها كانت متعة روحية رائعة، وأنني قد سعدت بها كثيرا، فصمت قليلاً، ثم قال لي مداعبا : ولكن بلغني أن أحد المرافقين في الصلاة قد فقد حذاءه، وعاد من دونه.
فقلت له: يا سيادة الرئيس حتى هذه أبلغوك بها؟ ، وضحكنا فقد كان الرئيس الأسبق مبارك وهذه شهادة حق لطيفاً معنا في غير أوقات العمل، أما أثناء المقابلات الرسمية والعمل اليومي، فقد كان شديد الجدية حازماً، ولا تبدأ المداعبات والنوادر إلّا في المركز الرياضي بعد انتهاء العمل.
وقد عرفت أن الذي أخبره بهذه الدعابة، هو اللواء شريف عمر مدير أمن مقر رئيس الجمهورية، الذي كان في سيارة مجاورة ولاحظ الموقف من بدايته...
وما أكثر المرات التي كدت أن أفقد فيها حذائي أيضاً في المساجد، ففي أحد الاحتفالات بافتتاح مسجد جديد في مدينة دمنهور - وقد كنت نائبا لها في البرلمان - جمعوا منا الأحذية، بما في ذلك وزير الأوقاف والمحافظ وكبار المسئولين.. وبعد الصلاة اختلطت الأحذية ولم يعد كل منا يعرف أين حذاؤه، فالبعض وجد إحدى الفردتين ولم يجد الأخرى، وكان الأمر مثيراً للسخرية والتندر من جانب كل الحاضرين، لذلك تعلمت دائما أن يكون حذائي في أقرب مكان لي بالمسجد.
فقلت له: سوف أصليه في المسجد القريب من المنزل ب مصر الجديدة.
فقال: لا.. ستصليه معي في مسجد الحسين، فقد تمت فيه تجديدات، شملت المقصورة وأجزاء من ذلك المسجد الكبير .
ولم يكن أمامي خيار، إلّا أن أكون في الخامسة والنصف صباحا أمام منزل الرئيس، حيث تحرك بنا الرِكاب الرسمي إلى مسجد سيدنا الحسين - رضي الله عنه - ووصلنا في السادسة صباحاً واستمتعنا بتراتيل دعاء العيد بعباراتها الرائعة في الصباح الباكر، وأدينا الصلاة، وألقى خطيب المسجد خطبة العيد، ثم دعا الرئيس ليتفقد المقصورة الجديدة، ويشاهد التجديدات التي جرت في ذلك المسجد الأثري الكبير، ووجدتها فرصة لكي أتجول في المسجد، مع تسلل أشعة الشمس الأولى في ذلك الصباح المبارك، واستغرقت في تأمل ساحة المسجد ومساحتها الفسيحة، فإذا بي أسمع صفير رِكاب السيارات إيذانا بتحرك الرئيس، الذي انتهى من تفقد المقصورة في دقائق قليلة، كنت أحسبها سوف تطول عن ذلك...
وقتها، كان أمامي خياران: إما أن أهرع إلى سيارتي في الركاب دون الحذاء، الذي تركته في أحد الرفوف قرب المدخل، أو أن أبحث عنه وأخرج إلى سيارتي بعد رحيل الركاب، واخترت الخيار الأول، لأنني أدركت أن الرئيس سوف يتمم على وجودي بعد العودة من الصلاة.. وفعلا قفزت إلى السيارة، وأنا ألبس الجورب فقط ،وتحركت السيارة مع الرِكاب، إلى أن وصلنا إلى بيت الرئيس، الذي اطمأن إلى وجودي من البداية إلى النهاية، في هذه المهمة الدينية، مع ذلك الصباح المشرق في يوم صيف لطيف الطقس..
بعد ذلك اتجهت إلى مكتبي في منشية البكري بمقر السكرتارية الخاصة حيث أرسلت السائق، ليحضر لي حذاء آخر من المنزل، واستعوضت الله في الحذاء الذي فقدته، مع العلم بأنه كان جديداً!
وعدت بعد انتهاء العمل إلى المنزل، وبعد ساعتين أو ثلاثا، اتصل التليفون الرئاسي الداخلي فإذا الرئيس يسألني: كيف كانت صلاة العيد؟
فقلت له: إنها كانت متعة روحية رائعة، وأنني قد سعدت بها كثيرا، فصمت قليلاً، ثم قال لي مداعبا : ولكن بلغني أن أحد المرافقين في الصلاة قد فقد حذاءه، وعاد من دونه.
فقلت له: يا سيادة الرئيس حتى هذه أبلغوك بها؟ ، وضحكنا فقد كان الرئيس الأسبق مبارك وهذه شهادة حق لطيفاً معنا في غير أوقات العمل، أما أثناء المقابلات الرسمية والعمل اليومي، فقد كان شديد الجدية حازماً، ولا تبدأ المداعبات والنوادر إلّا في المركز الرياضي بعد انتهاء العمل.
وقد عرفت أن الذي أخبره بهذه الدعابة، هو اللواء شريف عمر مدير أمن مقر رئيس الجمهورية، الذي كان في سيارة مجاورة ولاحظ الموقف من بدايته...
وما أكثر المرات التي كدت أن أفقد فيها حذائي أيضاً في المساجد، ففي أحد الاحتفالات بافتتاح مسجد جديد في مدينة دمنهور - وقد كنت نائبا لها في البرلمان - جمعوا منا الأحذية، بما في ذلك وزير الأوقاف والمحافظ وكبار المسئولين.. وبعد الصلاة اختلطت الأحذية ولم يعد كل منا يعرف أين حذاؤه، فالبعض وجد إحدى الفردتين ولم يجد الأخرى، وكان الأمر مثيراً للسخرية والتندر من جانب كل الحاضرين، لذلك تعلمت دائما أن يكون حذائي في أقرب مكان لي بالمسجد.
خطب عبدالله بن عامر بن كريز في الناس يوم عيد الأضحى، وكان والياً على البصرة، وكان من فصحاء الناس فارتجَّ عليه ولم يُفتح عليه بكلمة واحدة، فبقي ساكتاً ساعة، ثم قال : يا أهل البصرة، لا يجمع عليكم عبدالله صمتاً ولؤماً ،ألا من أخذ شاة من السوق فهي له وثمنها عليّ .
قوموا رحمكم الله.
فبادر الناس إلى غنم كانت تباع قريباً من سوق بإزاء المسجد، فأخذ كل منهم شاة، ووزن عبدالله ثمنها فكانت القيمة عن ذلك أربعة آلاف دينار.
واعتلى عتاب بن ورقاء منبر أصفهان وهو أميرها يوم الأضحى فارتج عليه فقال: لا أجمع عليكم عيّاً وبخلاً، ادخلوا سوق الغنم فمن أخذ منكم شاة فهي له وعليّ ثمنها!
فتسابق الناس لسوق الغنم وهم يضحكون ويقولون: ليت كل الخطب والخطباء هكذا !!
قوموا رحمكم الله.
فبادر الناس إلى غنم كانت تباع قريباً من سوق بإزاء المسجد، فأخذ كل منهم شاة، ووزن عبدالله ثمنها فكانت القيمة عن ذلك أربعة آلاف دينار.
واعتلى عتاب بن ورقاء منبر أصفهان وهو أميرها يوم الأضحى فارتج عليه فقال: لا أجمع عليكم عيّاً وبخلاً، ادخلوا سوق الغنم فمن أخذ منكم شاة فهي له وعليّ ثمنها!
فتسابق الناس لسوق الغنم وهم يضحكون ويقولون: ليت كل الخطب والخطباء هكذا !!
يقول توفيق الحكيم في مذكراته :لم أكن من هواة كعك العيد أو من عشاقه المعاميد، وكنت إذا ذكر أمامى هذا الاسم المكون من ثلاثة حروف يخرج من بينها حرف حلقي أحس كأن شيئاً سيخرج من حلقي ! .. وكنت كلما قرأت فى حوادث الصحف عن تلك المشاجرات التي تقع بسبب هذا الكعك بين زوجين قلت : مجانين ! . . إلى أن ابتليت . . ومن عاب ابتلى .
بدأ حبي لهذا الكعك في بداية اشتغالي بالقضاء ،فقد كان العام الأول لتعييني يفرض على العمل دون حق في إجازة، وجاء العيد، فقام زملائي بإجازاتهم ، وتركوني أنهض بأعمالهم .
أذعنت واستسلمت وخفضت الرأس مكسور الجناح ، وقلت : سبحان الله ! كل الخلائق تعيد بين الأهل والآباء والأبناء .. وأنا أعيد بين ملفات الجُنح والعوارض والمخالفات ! .
ولكن الله لا ينسى المحرومين ، فقد أرسل إليّ زميلا متزوجاً في المدينة ، دعاني إلى زيارته قائلا : تعال أذقك كعكنا ! !
فكدت أصيح : كعك ، أعوذ بالله ! . .
ولكني تذكرت ما أنا فيه من وحدة وهم وغم . . فقلت :مهما يكن الكعك ليس هذا وقت البطر والتمنع والترفع، فلن يكون أثقل ولا أمرّ من ملفات الجُنح ،وذهبت وقدّم لي صاحبي فنجاناً من القهوة وطبقاً من كعك العيد بوجهه المنقوش ، وسكره المرشوش، فتناولت كعكة وقضمت و بلعت، عجباً ! .. يا له من استكشاف ! إنه لذيذ .. إنه ألذ شيء ذقته في حياتي ..
أتراني أبالغ ؟ أتراها مرارة حياتي جعلت كل شيء في فيّ لذيذاً ، لست أدري ولكن الذي أعرفه أنى أحببت الكعك ،وتناولت كعكة ثانية وثالثة .
وأفضيت إلى صاحبي بإعجابي فقال متواضعاً :
وكيف لو ذقت كعك قاضي البندر ؟ .
وكيف السبيل إلى ذلك ؟ .
هلم بنا نزره ونعيد عليه ،إنه هنا مع أسرته ولم يسافر، هلُم .
وذهبنا وقدم إلينا كعكه ،فإذا هو حقاً أتقن صنعاً وأمتع طعماً ، فأبديت عجبي وإعجابي.
فقال قاضي البندر : وكيف لو ذقت كعك قاضي المركز ؟
أهو هنا ؟ .
ولم أتم ، فقد عولت على زيارته فوراً .
وذهبت بالفعل إلى قاضي المركز وقدم إلي طبقه ، فذقت وقد أصبحت لى خبرة تمكننى من الحكم على دقة الصنعة وجودة الدقيق وامتياز السمن منذ القضمة الأولى فحكمت له .
فقال لي :إذا كنت تريد حقاً أن تذوق كعكاً فذق من كعك القاضي الشرعي !
فلم أجب ولم أراجع ، ويممت في صمت إلى منزل القاضي الشرعي، وقدّم إليّ كعكه ،فما كادت رائحته تبلغ أنفي حتى أدركت لطول مراني حقيقة أمره، فقلت في نشوة : نعم .. نعم ،هذا هو الكعك ! .
ومضى العيد هكذا وأنا أنتقل من طبق إلى طبق ،بعد أن كان مقدراً لى أن أنتقل من جنحة إلى جنحة .
وعاد زملائي ورؤسائي إلى أعمالهم يسألونني :
ماذا فعلت في العيد ؟
فقلت مزهواً كمن استكشف في نفسه موهبة :
اشتغلت مفتش .
مفتش قضائی ؟
مفتش كعك ! .
بدأ حبي لهذا الكعك في بداية اشتغالي بالقضاء ،فقد كان العام الأول لتعييني يفرض على العمل دون حق في إجازة، وجاء العيد، فقام زملائي بإجازاتهم ، وتركوني أنهض بأعمالهم .
أذعنت واستسلمت وخفضت الرأس مكسور الجناح ، وقلت : سبحان الله ! كل الخلائق تعيد بين الأهل والآباء والأبناء .. وأنا أعيد بين ملفات الجُنح والعوارض والمخالفات ! .
ولكن الله لا ينسى المحرومين ، فقد أرسل إليّ زميلا متزوجاً في المدينة ، دعاني إلى زيارته قائلا : تعال أذقك كعكنا ! !
فكدت أصيح : كعك ، أعوذ بالله ! . .
ولكني تذكرت ما أنا فيه من وحدة وهم وغم . . فقلت :مهما يكن الكعك ليس هذا وقت البطر والتمنع والترفع، فلن يكون أثقل ولا أمرّ من ملفات الجُنح ،وذهبت وقدّم لي صاحبي فنجاناً من القهوة وطبقاً من كعك العيد بوجهه المنقوش ، وسكره المرشوش، فتناولت كعكة وقضمت و بلعت، عجباً ! .. يا له من استكشاف ! إنه لذيذ .. إنه ألذ شيء ذقته في حياتي ..
أتراني أبالغ ؟ أتراها مرارة حياتي جعلت كل شيء في فيّ لذيذاً ، لست أدري ولكن الذي أعرفه أنى أحببت الكعك ،وتناولت كعكة ثانية وثالثة .
وأفضيت إلى صاحبي بإعجابي فقال متواضعاً :
وكيف لو ذقت كعك قاضي البندر ؟ .
وكيف السبيل إلى ذلك ؟ .
هلم بنا نزره ونعيد عليه ،إنه هنا مع أسرته ولم يسافر، هلُم .
وذهبنا وقدم إلينا كعكه ،فإذا هو حقاً أتقن صنعاً وأمتع طعماً ، فأبديت عجبي وإعجابي.
فقال قاضي البندر : وكيف لو ذقت كعك قاضي المركز ؟
أهو هنا ؟ .
ولم أتم ، فقد عولت على زيارته فوراً .
وذهبت بالفعل إلى قاضي المركز وقدم إلي طبقه ، فذقت وقد أصبحت لى خبرة تمكننى من الحكم على دقة الصنعة وجودة الدقيق وامتياز السمن منذ القضمة الأولى فحكمت له .
فقال لي :إذا كنت تريد حقاً أن تذوق كعكاً فذق من كعك القاضي الشرعي !
فلم أجب ولم أراجع ، ويممت في صمت إلى منزل القاضي الشرعي، وقدّم إليّ كعكه ،فما كادت رائحته تبلغ أنفي حتى أدركت لطول مراني حقيقة أمره، فقلت في نشوة : نعم .. نعم ،هذا هو الكعك ! .
ومضى العيد هكذا وأنا أنتقل من طبق إلى طبق ،بعد أن كان مقدراً لى أن أنتقل من جنحة إلى جنحة .
وعاد زملائي ورؤسائي إلى أعمالهم يسألونني :
ماذا فعلت في العيد ؟
فقلت مزهواً كمن استكشف في نفسه موهبة :
اشتغلت مفتش .
مفتش قضائی ؟
مفتش كعك ! .
يقول الشيخ محمد بن إسماعيل العمراني رحمه الله : ينبغي للحاج أن ينتقي الحصى التي سيرمي بها الجمرات، وأن تكون مثل حصى الخذف الصغيرة، لأن بعضهم يتصور أن الثواب سيكون أكثر إذا أخذ أحجاراً كبيرة، واللازم أن يكسرهن حتى يصرن مثل حبة الفول.
وبعض المصريين والمصريات يأخذ "الشيشب"، ويرمى بها.
ثم ذكر قصة الحاجة المصرية التي رآها في منى عند الجمرات، وقد ملأت كيساً كبيراً بالأحذية، ووضعته فوق رأسها تحمله، ثم جاءت إلى جانب إحدى الجمرات، وأخذت تلعن الشيطان كما تزعم، وتضرب تلك البقعة بالأحذية بشدة وحنق، وحقد وغيظ، والحجاج يقولون لها: تأخري يا حاجة، تأخري يا حاجة ،وهي مستمرة في الرجم بالأحذية، لا تلوي على شيء، ولا تلتفت إلى أحد، فقلنا لهم: اتركوها تشف صدرها ،يعلم الله ما الذي فعلته في المعصية، وقد أغواها الشيطان واستدرجها حتى أوقع بها في هذه المعصية، وصارت الآن حاقدة عليه إلى هذا الحد، حيث أنها لم تكتف بالحجارة أو الحصى، فأخذت هذه الشباشب ثم جاءت ترميه بها.
أما أحد الهنود المغفلين قبل الحرب العالمية الأولى فقد رمى الجمرة الكبرى بالمسدس، حيث كان الناس في أيام الأشراف يدخلون إلى مكة ببنادقهم ومسدساتهم، ولهذا استطاع هذا الهندي أن يدخل بسلاحه، أما الآن فلا يدخل أي شخص إلا وقد خضع للتفتيش والمراقبة والفحص، حيث لا تدخل جنبية، ولا يدخل مسدس، ولا تدخل بندق.
وبعض المصريين والمصريات يأخذ "الشيشب"، ويرمى بها.
ثم ذكر قصة الحاجة المصرية التي رآها في منى عند الجمرات، وقد ملأت كيساً كبيراً بالأحذية، ووضعته فوق رأسها تحمله، ثم جاءت إلى جانب إحدى الجمرات، وأخذت تلعن الشيطان كما تزعم، وتضرب تلك البقعة بالأحذية بشدة وحنق، وحقد وغيظ، والحجاج يقولون لها: تأخري يا حاجة، تأخري يا حاجة ،وهي مستمرة في الرجم بالأحذية، لا تلوي على شيء، ولا تلتفت إلى أحد، فقلنا لهم: اتركوها تشف صدرها ،يعلم الله ما الذي فعلته في المعصية، وقد أغواها الشيطان واستدرجها حتى أوقع بها في هذه المعصية، وصارت الآن حاقدة عليه إلى هذا الحد، حيث أنها لم تكتف بالحجارة أو الحصى، فأخذت هذه الشباشب ثم جاءت ترميه بها.
أما أحد الهنود المغفلين قبل الحرب العالمية الأولى فقد رمى الجمرة الكبرى بالمسدس، حيث كان الناس في أيام الأشراف يدخلون إلى مكة ببنادقهم ومسدساتهم، ولهذا استطاع هذا الهندي أن يدخل بسلاحه، أما الآن فلا يدخل أي شخص إلا وقد خضع للتفتيش والمراقبة والفحص، حيث لا تدخل جنبية، ولا يدخل مسدس، ولا تدخل بندق.
أفكر في إنشاء مجموعة محادثة خاصة جداً مع بعض الأعضاء ( المتفاعلين ) ، على أن لايزيد العدد عن 10 ولا يقل عن 5 ، وسأختار بعضهم في حال الرغبة لديهم بالإنضمام.
يقول الدكتور علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية ورئيس شركة أرامكو السابق في مذكراته : درستُ بعد ذلك في مدرسة الجبل، التي افتتحت في الحي السكني عام 1941وهي مدرسة خصصت في الأصل لتعليم خدم البيوت، ومساعدي الإداريين، وسرعان ما أدركت أن حياتي على وشك التغير، فقد أيقظني عبد الله ذات صباح قائلاً : إنهض يا علي، أريدك أن ترافقني .
أجبته بأني مرتاح هنا.
لكنه ألح بقوله : فلنذهب إلى المدرسة.
وعندما سألته ما المدرسة؟
أجابني : عندما نصل ستجد أولاداً مثلك.
كان عبد الله وزملاؤه يقضون في المدرسة أربعة ساعات في الصباح، بدءاً من السابعة، ويعملون لدى أرامكو أربع ساعات بعد الظهيرة، وها أنذا صرت أحذو حذوهم، من مسكننا كنا نمشي يومياً خمسة عشر كيلومترا إلى المدرسة سيراً عى الأقدام ، ومع أني اتخذت نعالاً في المدرسة كبقية الطلاب، لكني ظللت كأبناء البادية أسير حافياً حاملاً نعالي على كتفي حفاظاً عليها من التلف، كنا جميعاً طلاباً فقراء، ومع ذلك خيل إلى بأني أفقرهم حالاً، وأبلاهم اسماً، وأشعثهم شعراً، وأرثهم هيئة، وربما أقصرهم قامة أيضاً.
في أحد الأيام سألنا مدرسنا عما نريد أن نكون عندما نكبر، فجاء أغلبنا بإجابات نمطية من أمثال رجل إطفاء أو أستاذ، أو مشرف على الحفر، لكني فاجأت الجميع قائلاً : أريد أن أصبح رئيس شركة أرامكو! .
وعلى الرغم من حداثة سننا نحن الطلاب، إلا أننا أدركنا أهمية اقتناص فرصة التعليم، فلم يزغ بنا الطيش، أو يستبد بنا اللهو، بل كنا نمتص المعارف كالإسفنج.
لم يمكني صغر سني من تصور ما كان ينتظرني، وعلى الرغم من أن حياة البادية علمتني أن أكون دوماً على أهبة الاستعداد، لم أكن مستعداً لمواجهة موت أخي عبد الله، لم يتجاوز عبدالله السابعة عشرة من عمره عندما أصيب بالتهاب رئوي قضى عليه.
دعاني شخص من الشركة بعد دفن أخي وقال : علي، أنت تحسن القيام بهذا العمل، سنوظفك.
سألته ما معنى ذلك فأجاب بأنهم سيدفعون لي راتباً.
أصبحت موظفاً رسمياً في أرامكو إلى جانب دراستي التي كنت شغوفاً بها فصرت أدفع براتبي إليه شأني شأن كل الأولاد الآخرين الذين عملوا في أرامكو، فكان يعطيني عشرة ريالات، ويعطي أمي عشرين ريالاً، وعشرة ريالات لزوجته، ويبقى خمسين ريالاً لمصروف العائلة.
لكن دوام الحال من المحال، فقد طردت من أول وظيفة لي في أرامكو بعد تسعة أشهر دون ذنب، وذلك إثر إصدار الحكومة السعودية لوائح جديدة للعمل دون سن الثامنة عشرة.
طردت من أربع وظائف في غضون أربعة أشهر، ولكني في الوقت نفسه تعرفت على ذاتي عن قرب، فأدركت أني كنت فطناً سريع التكيف، وأني كلما اعتمدت على نفسي زاد احترام الناس لي.
عدت إلى أرامكو أخبرهم بأني قد سبق لي العمل عندهم تسعة أشهر، حاولت أن أمشق عودي وأبسط صدري ما استطعت أمام أحد مسؤوليها، واجتهدت في تغليظ صوتي آملاً في إقناعه : لست في الثانية عشرة ولا نحوها، بل أنا في العشرين من عمري، ولكني من البادية ونحن قوم قصار القامة، كما أن أبي أمرد، فلذلك لم ينبت شاربي ولم تظهر لحيتي وأنا أحتاج إلى العمل .
أجابني : يا علي، نحن نعرفك، أنت ولد طيب، ولكن لا بد لك من الحصول على إذن الحكومة.
رأيت في قوله بصيص أمل، فطلبت منه خطاباً يفيد بأنه سيوظفني إن سمحت الحكومة بذلك ففعل .
بدأ الحظ يحالفني، إذ وجدت أحد مدرسي اللغة العربية السابقين يعمل لدى أمير المنطقة الشرقية، ويدعى عبد الله ملحوق، الذي سيصبح لاحقاً سفيرنا في السودان ثم في اليونان، أخبرته بحاجتي ممتعضاً ممن افتروا على ابن العشرين فجعلوه في الثانية عشرة.
كان يعرف عمري الحقيقي بالطبع لكنه وافق مشكوراً على مساعدتي فأرسلني إلى الدكتور حسن، وهو طبيب عيون في الدمام، قال عبدالله ملحوق : إن قال الدكتور حسن إنك في السابعة عشرة، سأعطيك تصريح عمل.
فأجبته : السابعة عشرة أمرها هين، لأن عمري أصلاً عشرين، وسترى ذلك.
لهذا أرسلت إلى طبيب ليفيد بأني في السابعة عشرة التي كانت في بحر (يمكن 18) ، ولا سيما في وجود فرصة للتوظيف، حصلت أخيرا على موعد مع الدكتور حسن، فقام بفحص عيني نظرا لانتشار مرض التراخوما حينها الذي يسبب العمى، فحص الطبيب بعد ذلك أسناني، ثم أمرني بخلع ملابسي فاعترضت كي لا يفتضح أمري، فقال لي: اسمع، إن كنت تريدني أن أحدد سنك، فعلي فحصك، رجاء، وهذا ما كان، فكتب على النموذج في خانة العمر اثنتا عشرة سنة.
انفجرت باكياً بدموع القهر وخيبة الأمل، فلمست منه تعاطفاً شجعني أن أقول: صدقني لست في الثانية عشرة، بل أنا في العشرين، ولكني سأقبل بالثامنة عشرة.
فما كان منه إلا أن غير السن إلى ستة عشر عاماً فتماديت في استدرار عطفه: د.حسن :أسمع، لن أطلب ثمانية عشر، سأقبل بسبعة عشر.
وقد بدأ يلين أمام إلحاحي، فعجلت عليه بقولي : اتفقنا؟ وبالفعل اتفقنا.
أجبته بأني مرتاح هنا.
لكنه ألح بقوله : فلنذهب إلى المدرسة.
وعندما سألته ما المدرسة؟
أجابني : عندما نصل ستجد أولاداً مثلك.
كان عبد الله وزملاؤه يقضون في المدرسة أربعة ساعات في الصباح، بدءاً من السابعة، ويعملون لدى أرامكو أربع ساعات بعد الظهيرة، وها أنذا صرت أحذو حذوهم، من مسكننا كنا نمشي يومياً خمسة عشر كيلومترا إلى المدرسة سيراً عى الأقدام ، ومع أني اتخذت نعالاً في المدرسة كبقية الطلاب، لكني ظللت كأبناء البادية أسير حافياً حاملاً نعالي على كتفي حفاظاً عليها من التلف، كنا جميعاً طلاباً فقراء، ومع ذلك خيل إلى بأني أفقرهم حالاً، وأبلاهم اسماً، وأشعثهم شعراً، وأرثهم هيئة، وربما أقصرهم قامة أيضاً.
في أحد الأيام سألنا مدرسنا عما نريد أن نكون عندما نكبر، فجاء أغلبنا بإجابات نمطية من أمثال رجل إطفاء أو أستاذ، أو مشرف على الحفر، لكني فاجأت الجميع قائلاً : أريد أن أصبح رئيس شركة أرامكو! .
وعلى الرغم من حداثة سننا نحن الطلاب، إلا أننا أدركنا أهمية اقتناص فرصة التعليم، فلم يزغ بنا الطيش، أو يستبد بنا اللهو، بل كنا نمتص المعارف كالإسفنج.
لم يمكني صغر سني من تصور ما كان ينتظرني، وعلى الرغم من أن حياة البادية علمتني أن أكون دوماً على أهبة الاستعداد، لم أكن مستعداً لمواجهة موت أخي عبد الله، لم يتجاوز عبدالله السابعة عشرة من عمره عندما أصيب بالتهاب رئوي قضى عليه.
دعاني شخص من الشركة بعد دفن أخي وقال : علي، أنت تحسن القيام بهذا العمل، سنوظفك.
سألته ما معنى ذلك فأجاب بأنهم سيدفعون لي راتباً.
أصبحت موظفاً رسمياً في أرامكو إلى جانب دراستي التي كنت شغوفاً بها فصرت أدفع براتبي إليه شأني شأن كل الأولاد الآخرين الذين عملوا في أرامكو، فكان يعطيني عشرة ريالات، ويعطي أمي عشرين ريالاً، وعشرة ريالات لزوجته، ويبقى خمسين ريالاً لمصروف العائلة.
لكن دوام الحال من المحال، فقد طردت من أول وظيفة لي في أرامكو بعد تسعة أشهر دون ذنب، وذلك إثر إصدار الحكومة السعودية لوائح جديدة للعمل دون سن الثامنة عشرة.
طردت من أربع وظائف في غضون أربعة أشهر، ولكني في الوقت نفسه تعرفت على ذاتي عن قرب، فأدركت أني كنت فطناً سريع التكيف، وأني كلما اعتمدت على نفسي زاد احترام الناس لي.
عدت إلى أرامكو أخبرهم بأني قد سبق لي العمل عندهم تسعة أشهر، حاولت أن أمشق عودي وأبسط صدري ما استطعت أمام أحد مسؤوليها، واجتهدت في تغليظ صوتي آملاً في إقناعه : لست في الثانية عشرة ولا نحوها، بل أنا في العشرين من عمري، ولكني من البادية ونحن قوم قصار القامة، كما أن أبي أمرد، فلذلك لم ينبت شاربي ولم تظهر لحيتي وأنا أحتاج إلى العمل .
أجابني : يا علي، نحن نعرفك، أنت ولد طيب، ولكن لا بد لك من الحصول على إذن الحكومة.
رأيت في قوله بصيص أمل، فطلبت منه خطاباً يفيد بأنه سيوظفني إن سمحت الحكومة بذلك ففعل .
بدأ الحظ يحالفني، إذ وجدت أحد مدرسي اللغة العربية السابقين يعمل لدى أمير المنطقة الشرقية، ويدعى عبد الله ملحوق، الذي سيصبح لاحقاً سفيرنا في السودان ثم في اليونان، أخبرته بحاجتي ممتعضاً ممن افتروا على ابن العشرين فجعلوه في الثانية عشرة.
كان يعرف عمري الحقيقي بالطبع لكنه وافق مشكوراً على مساعدتي فأرسلني إلى الدكتور حسن، وهو طبيب عيون في الدمام، قال عبدالله ملحوق : إن قال الدكتور حسن إنك في السابعة عشرة، سأعطيك تصريح عمل.
فأجبته : السابعة عشرة أمرها هين، لأن عمري أصلاً عشرين، وسترى ذلك.
لهذا أرسلت إلى طبيب ليفيد بأني في السابعة عشرة التي كانت في بحر (يمكن 18) ، ولا سيما في وجود فرصة للتوظيف، حصلت أخيرا على موعد مع الدكتور حسن، فقام بفحص عيني نظرا لانتشار مرض التراخوما حينها الذي يسبب العمى، فحص الطبيب بعد ذلك أسناني، ثم أمرني بخلع ملابسي فاعترضت كي لا يفتضح أمري، فقال لي: اسمع، إن كنت تريدني أن أحدد سنك، فعلي فحصك، رجاء، وهذا ما كان، فكتب على النموذج في خانة العمر اثنتا عشرة سنة.
انفجرت باكياً بدموع القهر وخيبة الأمل، فلمست منه تعاطفاً شجعني أن أقول: صدقني لست في الثانية عشرة، بل أنا في العشرين، ولكني سأقبل بالثامنة عشرة.
فما كان منه إلا أن غير السن إلى ستة عشر عاماً فتماديت في استدرار عطفه: د.حسن :أسمع، لن أطلب ثمانية عشر، سأقبل بسبعة عشر.
وقد بدأ يلين أمام إلحاحي، فعجلت عليه بقولي : اتفقنا؟ وبالفعل اتفقنا.
أسرعت إلى مكتب شؤون الموظفين في أرامكو حاملاً الإفادة بأنّي في السابعة عشرة، وبما أن السابعة عشرة تصبح يمكن 18 فقد أعدت على قيد الوظيفة يوم 6 ديسمبر1947 لم أعد أعمل ساعياً، إذ ربما وجدت أرامكو في خبراتي السابقة، أو في مثابرتي في البحث عن عمل، ما أهلني لوظيفة كاتب مبتدئ، فالتحقت مجدداً بالمدرسة لأربع ساعات يومياً، بدءاً من السابعة صباحاً.
(فائدة) في عمدة القاري للإمام العيني :
اختلف العلماء في وقت الأضحية على أقوال:
أحدها: يوم النحر ويومان بعده، وهو قول مالك وأبي حنيفة وأصحابه والثوري وأحمد، وروي ذلك عن عمر وعلي وابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وأنس رضي الله عنهم.
الثاني: أربعة أيام، يوم النحر وثلاثة بعده، وهو قول عطاء والحسن البصري والأوزاعي والشافعي وأبي ثور وروى ذلك عن علي وابن عباس قالا: أيام النحر الأيام المعلومات يوم النحر وثلاثة أيام بعده.
الثالث: يوم النحر وستة أيام بعده وهو قول قتادة.
الرابع: عشرة أيام حكاه ابن التين.
الخامس: إلى آخر يوم من ذي الحجة يروى عن الحسن البصري، وقال ابن التين: ويروى عن عمر بن عبد العزيز، رضي الله تعالى عنه، أيضا ونقله ابن حزم عن سليمان بن يسار وأبي سلمة بن عبد الرحمن قالا: الأضحى إلى هلال المحرم.
السادس: يوم واحد في الأمصار، وفي منى ثلاثة أيام، وهو قول سعيد بن جبير وجابر بن زيد.
السابع: يوم واحد فقط، وعليه ترجم البخاري كما ذكرنا.
اختلف العلماء في وقت الأضحية على أقوال:
أحدها: يوم النحر ويومان بعده، وهو قول مالك وأبي حنيفة وأصحابه والثوري وأحمد، وروي ذلك عن عمر وعلي وابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وأنس رضي الله عنهم.
الثاني: أربعة أيام، يوم النحر وثلاثة بعده، وهو قول عطاء والحسن البصري والأوزاعي والشافعي وأبي ثور وروى ذلك عن علي وابن عباس قالا: أيام النحر الأيام المعلومات يوم النحر وثلاثة أيام بعده.
الثالث: يوم النحر وستة أيام بعده وهو قول قتادة.
الرابع: عشرة أيام حكاه ابن التين.
الخامس: إلى آخر يوم من ذي الحجة يروى عن الحسن البصري، وقال ابن التين: ويروى عن عمر بن عبد العزيز، رضي الله تعالى عنه، أيضا ونقله ابن حزم عن سليمان بن يسار وأبي سلمة بن عبد الرحمن قالا: الأضحى إلى هلال المحرم.
السادس: يوم واحد في الأمصار، وفي منى ثلاثة أيام، وهو قول سعيد بن جبير وجابر بن زيد.
السابع: يوم واحد فقط، وعليه ترجم البخاري كما ذكرنا.
في عام 1432 ورد بلاغ لشرطة دبي من مدير محل مجوهرات عالمي شهير في أحد الفنادق الكبرى يؤكد اختفاء سبعة أطقم ألماس تقدر قيمتها بتسعة ملايين وخمسمائة ألف درهم من المحل واختفاء الموظف المكلف بوضعها في أماكنها عند إغلاق المحل، وعند وصول رجال البحث إلى موقع البلاغ للمعاينة ، وأفادت مديرة المحل أنها قامت بالجرد كالمعتاد، وأمرت الموظف بوضعها في الخزينة وغادرت المحل، وعندما حضرت في اليوم نفسه، وفتحت المحل في الثامنة صباحا فوجئت باختفاء الأطقم واختفاء جواز الموظف، فحاولت الاتصال به، ولم يجب، ولم تصدق أنه السارق حيث يعمل منذ خمس سنوات ومشهود له بالأمانة، وقال المقدم أحمد حميد المري مدير إدارة البحث الجنائي بشرطة دبي : راجعنا سجلات المسافرين عبر مطار دبي فتأكدنا من أنه توجه إلى الإسكندرية وكاميرات المحل بينت أنه وضع الأطقم في حقيبة رياضية.
وقال: كنا منهمكين في المعاينة وأخذ البصمات في موقع الحادث ففوجئنا بدخول الموظف حاملا الحقيبة وبدا اخلها المجوهرات معتذرا للجميع عما صدر منه .
يقول المري: ذهلنا ، فلم نتوقع عودته، وعندما سألناه؟
قال: إنه أبلغ شقيقه من المطار أنه متوجه إلى الإسكندرية، وتوجه شقيقه لاستقباله بصالة الاستقبال، وعند وصوله سأله أخوه عن سبب رجوعه دون سابق إنذار؟ فأخبره بأنه لن يعود إلى دبي، وعندما سأله عن السبب أبلغه بما فعله.
فصفعه أخوه على وجهه، وحجز له تذكرة على الطائرة العائدة إلى دبي طالباً منه إعادة المسروقات كاملة إلى المكان الذي سرقت منه وتسليم نفسه للشرطة، فانصاع لأمر أخيه الكبير، ولم يخرج من المطار، وصعد بطائرة العودة حتى وصل إلى المحل، وسلم المسروقات متحملاً المسؤولية.
يقول المري: طلبنا هاتف شقيقه، وشكرناه، وحولنا المتهم إلى النيابة.
وقال: كنا منهمكين في المعاينة وأخذ البصمات في موقع الحادث ففوجئنا بدخول الموظف حاملا الحقيبة وبدا اخلها المجوهرات معتذرا للجميع عما صدر منه .
يقول المري: ذهلنا ، فلم نتوقع عودته، وعندما سألناه؟
قال: إنه أبلغ شقيقه من المطار أنه متوجه إلى الإسكندرية، وتوجه شقيقه لاستقباله بصالة الاستقبال، وعند وصوله سأله أخوه عن سبب رجوعه دون سابق إنذار؟ فأخبره بأنه لن يعود إلى دبي، وعندما سأله عن السبب أبلغه بما فعله.
فصفعه أخوه على وجهه، وحجز له تذكرة على الطائرة العائدة إلى دبي طالباً منه إعادة المسروقات كاملة إلى المكان الذي سرقت منه وتسليم نفسه للشرطة، فانصاع لأمر أخيه الكبير، ولم يخرج من المطار، وصعد بطائرة العودة حتى وصل إلى المحل، وسلم المسروقات متحملاً المسؤولية.
يقول المري: طلبنا هاتف شقيقه، وشكرناه، وحولنا المتهم إلى النيابة.
يقول الدكتور مصطفى الفقي في مذكراته : وأتذكر أن الإمام الأكبر الشيخ محمد سيد طنطاوي قد اتصل بي في أزمة السيدة "وفاء قسطنطين" ( والتي تركت النصرانية وأسلمت )، وقال لي: إنني أريد أن تذهبا معي، أنت و أسامة الباز، ونأخذ هذه السيدة لتعود إلى دارها ودينها فهي لم تضف إلى الإسلام ولن تنتقص من المسيحية، وتلك سماحة وحكمة أذكرهما لذلك الإمام الراحل.
قال حكمة قال!!
قال حكمة قال!!
يقول الكاتب سمير عطا الله :بعد ثورة القذافي على الملك العاقل إدريس السنوسي، زار لبنان بعد أسابيع، وفي المطار استقبله الرئيس شارل حلو، ونزل ببذلته العسكرية، وعلى صدره كومة أوسمة، وهو ملازم أول لم يخض أي معركة ولا سلَّم عند النزول، وعندما رافقه الرئيس الحلو إلى السيارة توقف بعنف، وقال: أين السيارة المكشوفة؟
وأجابه الحلو بدهشة: ليس لدى الرئاسة سيارات مكشوفة .
ورد القذافي: إما أن تحضروا سيارة الآن، أو أرجع.
وجلس ينتظر في المطار ساعتين حتى وجدوا سيارة مغبرّة، وراحوا يغسلونها ، وركبها القذافي، وأخذ يُحيّي الجماهير، والحلو يرتجف، لأن لضيفه الثقيل من الخصوم أكثر من الأصدقاء، ولبنان لم يوجه له الدعوة، بل هو الذي طلبها ، ورمى بأصول الضيافة عرض الحائط، وعقد مؤتمراً صحفيا في الفندق هاجم العالم كله.
وأجابه الحلو بدهشة: ليس لدى الرئاسة سيارات مكشوفة .
ورد القذافي: إما أن تحضروا سيارة الآن، أو أرجع.
وجلس ينتظر في المطار ساعتين حتى وجدوا سيارة مغبرّة، وراحوا يغسلونها ، وركبها القذافي، وأخذ يُحيّي الجماهير، والحلو يرتجف، لأن لضيفه الثقيل من الخصوم أكثر من الأصدقاء، ولبنان لم يوجه له الدعوة، بل هو الذي طلبها ، ورمى بأصول الضيافة عرض الحائط، وعقد مؤتمراً صحفيا في الفندق هاجم العالم كله.
مهندس كهرباء إيطالي عاش في المملكة 40 عاما مع العرب، وكان تابعا لشركة أرامكو السعودية الأمريكية كان حسن الخُلق فأحبه أصحابه من العرب ، وأسسوا معه شركة تجارة، وأسلم الرجل، وحسن إسلامه، سأله محرر جريدة الجزيرة بتاريخ 1418/8/5هـ : ما أغرب ما مر بك؟
قال: زعلت ذات مرة فضربت بيدي على الطاولة بشدة، وفجأة انتفخت يدي، وأصبحت كالقربة، وآلمتني كثيراً ، وبحثت عن علاج في كل مكان، وحتى عند أهلي في إيطاليا.
وكان الجواب واحدا : تحتاج إلى عملية في الأعصاب، والعملية أصعب من عملية القلب، وممكن تؤدي إلى الشلل.
قال: أخذت أولادي، وذهبت إلى مكة المكرمة، وأديت العمرة، ودعوت الله أن يشفيني، وبعد أداء المناسك خرجت في اتجاه الطائف، وتضارب الأولاد خلفي في السيارة، وأنا أهم بالركوب بعد استراحة، وغضبت عليهم ، وقلت: هيا اركبوا، وضربت على ( كبوت السيارة بغضب، فانتفخت اليد كالبالونة، وذهب الألم..) وعلمت أن الله استجاب دعائي، والله يجيب دعاء المضطر إذا دعاه، وذبحت ذبيحة في الطريق وتصدقت بها.
قال: زعلت ذات مرة فضربت بيدي على الطاولة بشدة، وفجأة انتفخت يدي، وأصبحت كالقربة، وآلمتني كثيراً ، وبحثت عن علاج في كل مكان، وحتى عند أهلي في إيطاليا.
وكان الجواب واحدا : تحتاج إلى عملية في الأعصاب، والعملية أصعب من عملية القلب، وممكن تؤدي إلى الشلل.
قال: أخذت أولادي، وذهبت إلى مكة المكرمة، وأديت العمرة، ودعوت الله أن يشفيني، وبعد أداء المناسك خرجت في اتجاه الطائف، وتضارب الأولاد خلفي في السيارة، وأنا أهم بالركوب بعد استراحة، وغضبت عليهم ، وقلت: هيا اركبوا، وضربت على ( كبوت السيارة بغضب، فانتفخت اليد كالبالونة، وذهب الألم..) وعلمت أن الله استجاب دعائي، والله يجيب دعاء المضطر إذا دعاه، وذبحت ذبيحة في الطريق وتصدقت بها.
يقول (حسب الله الكفراوي) وزير الإسكان المصري في عهد حسني مبارك عن تقلبات الزمان ببعض الوزراء ،عندما خرج وزير الدفاع المشير الجمصي من الخدمة العسكرية، طلب مني بشكل شخصي، وأنا في الوزارة أن أساعده على أمر ما ، واكتشفت أنه يريد مني أن أتوسط له في أن تقوم شركات المقاولات التي تتعامل معها الوزارة بإزالة بعض قوالب الطوب مقابل نسبة صغيرة من المال سيحصل عليها من هذه الواسطة، وقتها بكيت وقلت: يا خبر أسود، المشير الجمصي وصلت به الحاجة إلى أن يسمسر في بعض الطوب من أجل أن يعيش، ثم توجهت على الفور إلى الرئيس مبارك، وطلبت منه أن يعينه مستشاراً في أي جهة حكومية، ويكفل له راتباً محترماً بوصفه وزير دفاع سابق ، لكن النتيجة أنه بعد هذا اللقاء بثلاثة أيام كتبت الصحف أن مجموعة من البلطجية ذهبوا إلى شقة المشير الجمصي المتواضعة وأوسعوه ضرباً بهدف السرقة، ولما لم يجدوا شيئاً انصرفوا ، وقد كانت علقة تلقينية له حتى لا يتكلم مرة أخرى، لهذا أثر الصمت حتى وفاته رحمه الله .
والمشير كمال حسن علي عندما خرج من وزارة الدفاع بوصفه وزيراً عمل في بنك خليجي، وبعد أيام صدرت أوامر عليا بفصله من العمل، ثم مرض مرضاً صعباً جعل كل جسده منتفخاً بالمياه، ولم يجد ما يصرفه للعلاج حتى وفاته، بعدما رفض مبارك الرد على مهاتفاته .
و المشير أبوغزالة الذي أصفه بأنه وتد وقامة كبيرة، وكان مبارك دائماً يوقع بيننا، وكنت أحبه وأحترمه، لكن ما فعله مبارك ضد الإنسانية والشرف العسكري، والله شاهد على أنه بريء من كل ما نسب إليه، وقد رأيته آخر مرة، وهو على سرير الموت في مستشفى الجلاء قبل 24 ساعة من وفاته، وانهمرنا في بكاء مرير، والدليل على شرفه أنه كان في يده أن يحكم مصر مرتين، ولم يفعلها، مرة يوم حادث المنصة، ومرة يوم أحداث الأمن المركزي.
والمشير كمال حسن علي عندما خرج من وزارة الدفاع بوصفه وزيراً عمل في بنك خليجي، وبعد أيام صدرت أوامر عليا بفصله من العمل، ثم مرض مرضاً صعباً جعل كل جسده منتفخاً بالمياه، ولم يجد ما يصرفه للعلاج حتى وفاته، بعدما رفض مبارك الرد على مهاتفاته .
و المشير أبوغزالة الذي أصفه بأنه وتد وقامة كبيرة، وكان مبارك دائماً يوقع بيننا، وكنت أحبه وأحترمه، لكن ما فعله مبارك ضد الإنسانية والشرف العسكري، والله شاهد على أنه بريء من كل ما نسب إليه، وقد رأيته آخر مرة، وهو على سرير الموت في مستشفى الجلاء قبل 24 ساعة من وفاته، وانهمرنا في بكاء مرير، والدليل على شرفه أنه كان في يده أن يحكم مصر مرتين، ولم يفعلها، مرة يوم حادث المنصة، ومرة يوم أحداث الأمن المركزي.
لم يعرف أحد من سلاطين المماليك الله فيما ذكروا إلاّ في المآزق والخطوب ،فعندما يكون السلطان قويا ، فانه لا يهتم بصلاة أو بصوم ، ولا يعنى بالفقراء ولا بالشعب !
فعندما كان السلطان قلاوون قويا ، استخدم نفوذه ليضغط على أحد أمرائه، وهو الأمير ( كتبغا المنصورى ) ، لكى يطلق زوجته ، ذلك أن علي ابن السلطان كان قد رأها في أحدى الحفلات فاعجبه جمالها ، وكاد يهلك من الغم عندما اكتشف أنها متزوجة ، وعرف والده بالأمر فسعى لتطليقها من زوجها ، وتم له ما أراد ،وبعدها بسنوات فاجأ المرض علي بعد أكلة دسمة ، واشتد عليه الإسهال وانتشرت الشائعات بأن ( خليل ) الابن الآخر للسلطان ، هو الذي دس السم لشقيقه، وكان هذا من الأمور الطبيعية في ذلك العصر، واهتز قلاوون لما أصاب ابنه ، فدعا بعض الصوفيين المعروفين بالصلاح والتقوى ليلتمسوا له الشفاء من الله، ورفض الشيخ ( محمد المرجاني ) دعوته فبعث اليه بمبلغ من المال لكى يقيم حضرة ذكر ، يطلب فيها الفقراء والصوفيون ولد السلطان من الله ، فقال الشيخ المرجاني للرسول : سلم على السلطان وقل له أن أحدا لا يستطيع أن يطلب من الله انسانا اختاره لجواره، ورد إليه ماله
وكان الشيخ ( عمر أبو السعود ) أكثر صراحة مع السلطان ، فعندما وجه إليه نفس الطلب قال الشيخ : أنت رجل بخيل ،ما يهون عليك شيء ولو خرجت للفقراء والمتصوفة عن بعض مالك لعملوا وقتا وتوسلوا إلى الله أن يهبهم ولدك ، وبذلك يتعافى.
وبالفعل أعطاه السلطان مبلغاً كبيراً من المال وزعه على الصوفية ، ثم عاد للسلطان فقال : طيب خاطرك ، الفقراء كلهم سألوا الله ولدك وقد وهبه لهم.
وبرغم ذلك مات علي بعد اسبوعين ، ورأى السلطان الشيخ بعد الوفاة فقال له : يا شيخ عمر أنت قلت أن الفقراء طلبوا ولدي من الله وأنه وهبه لهم .
فأجاب على الفور : نعم الفقراء طلبوه ، ووهبهم إياه ألا يدخل جهنم، ويدخل الجنة،ولعل الشيخ كان يقول في نفسه أن السلطان ينصب علينا كل يوم فلماذا لا نستغله مرة واحدة في العمر ؟!
فعندما كان السلطان قلاوون قويا ، استخدم نفوذه ليضغط على أحد أمرائه، وهو الأمير ( كتبغا المنصورى ) ، لكى يطلق زوجته ، ذلك أن علي ابن السلطان كان قد رأها في أحدى الحفلات فاعجبه جمالها ، وكاد يهلك من الغم عندما اكتشف أنها متزوجة ، وعرف والده بالأمر فسعى لتطليقها من زوجها ، وتم له ما أراد ،وبعدها بسنوات فاجأ المرض علي بعد أكلة دسمة ، واشتد عليه الإسهال وانتشرت الشائعات بأن ( خليل ) الابن الآخر للسلطان ، هو الذي دس السم لشقيقه، وكان هذا من الأمور الطبيعية في ذلك العصر، واهتز قلاوون لما أصاب ابنه ، فدعا بعض الصوفيين المعروفين بالصلاح والتقوى ليلتمسوا له الشفاء من الله، ورفض الشيخ ( محمد المرجاني ) دعوته فبعث اليه بمبلغ من المال لكى يقيم حضرة ذكر ، يطلب فيها الفقراء والصوفيون ولد السلطان من الله ، فقال الشيخ المرجاني للرسول : سلم على السلطان وقل له أن أحدا لا يستطيع أن يطلب من الله انسانا اختاره لجواره، ورد إليه ماله
وكان الشيخ ( عمر أبو السعود ) أكثر صراحة مع السلطان ، فعندما وجه إليه نفس الطلب قال الشيخ : أنت رجل بخيل ،ما يهون عليك شيء ولو خرجت للفقراء والمتصوفة عن بعض مالك لعملوا وقتا وتوسلوا إلى الله أن يهبهم ولدك ، وبذلك يتعافى.
وبالفعل أعطاه السلطان مبلغاً كبيراً من المال وزعه على الصوفية ، ثم عاد للسلطان فقال : طيب خاطرك ، الفقراء كلهم سألوا الله ولدك وقد وهبه لهم.
وبرغم ذلك مات علي بعد اسبوعين ، ورأى السلطان الشيخ بعد الوفاة فقال له : يا شيخ عمر أنت قلت أن الفقراء طلبوا ولدي من الله وأنه وهبه لهم .
فأجاب على الفور : نعم الفقراء طلبوه ، ووهبهم إياه ألا يدخل جهنم، ويدخل الجنة،ولعل الشيخ كان يقول في نفسه أن السلطان ينصب علينا كل يوم فلماذا لا نستغله مرة واحدة في العمر ؟!
يقول الدكتور عبدالعزيز الخويطر رحمه الله : إن الكتاب هو الابن المُخلّد للمؤلف، أما المؤلف نفسه، وأولاده، وأسباطه، وأحفاده، ومن يأتي منهم بعدهم فلا يخلدون، وعمرهم قصير ومحدود، وهذا مصدر عتب مني لأساتذة الجامعة الذين يدخلون للتدريس ويخرجون، ولم يضعوا على رف المكتبة كتاباً واحداً، حتى رسالتهم للدكتوراه، إن كانت باللغة العربية لم يطبعوها، وإن كانت بلغة أخرى لم يترجموها، وقد جرّ الحديث مع أحدهم فقال : إن له بحوثاً موثقة أخذ عليها درجة
فقلت له: إنكم إذاً لا تسعون للعلم من أجل العلم، وإنما تسعون إليه لأمر ينفعكم، فأنتم تماماً مثل شخص يحج عن آخر بأجر، وليس له من الأجر إلا أجر الدنيا.
فقلت له: إنكم إذاً لا تسعون للعلم من أجل العلم، وإنما تسعون إليه لأمر ينفعكم، فأنتم تماماً مثل شخص يحج عن آخر بأجر، وليس له من الأجر إلا أجر الدنيا.