Warning: Undefined array key 0 in /var/www/tgoop/function.php on line 65

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /var/www/tgoop/function.php on line 65
- Telegram Web
Telegram Web
يقول الشيخ محمد بن ناصر العبودي رحمه الله :
وأما في الزمن الحاضر فقد سمعت عدداً من الثقات يحدثون عن جَمّال من أهل بريدة معروف، عاش قبل نحو مائة سنة أو تزيد قليلاً أنه قال : خرجت على بعيري ابتغي الحطب لأجلبه في سوق بريدة، وكان الوقت شتاء وقد هبت ريح شمالية شرقية شديدة البرد، فكان لابد من شجرة استتر بها عن هذه الريح الباردة التي تؤذيني وتؤذي بعيري، لأن البعير يبرد أيضاً كما يبرد الإنسان، فلم أجد إلا شجرة من شجر (العشر) وكنت أسمع بأنها من منازل الجن كما يسمع غيري، ولكنني كنت مضطراً لها فعقلت بعيري في ذراها، بمعنى أنه جعلها بينه وبين المريح الباردة، ثم سميت الله وتمت تحتها .

قال : ولما كنت بين النائم واليقظان شعرت بأن رجلاً كبير في السن وامرأة عجوز أقبلا على الشجر فقال (الشايب ) وهو ينبهني للجلوس (إهه) كالشيخ الذي لا يسهل عليه الجلوس : من رواق ظهرنا، وجلس.

فقالت العجوز : (إهه) كذلك وقالت تكمل البيت :
لين جينا النفود

فقال الشايب : بالشجيرة قعدنا
فقالت العجوز : عند راع القعود

قال الرجل : فقلت : أسمعوا، إن كان أنتم جن فأنا أبو الجن، والله ما همّيتموني، أنا بردان وأبي اتظلل بها الشجرة .

قال : فقال الشايب : أنا أعرف أنك أبو الجن وأُمهم أيضاً ،ونعرف أننا ما لنا قدرة على عقلك، لكن ترانا إن ما رحت عن شجرتنا نجفل بعيرك ولا تلقاه ولا عُقب ( بعد ) ثلاثة أيام .

قال : فتصورت بعيري قد هرب مني في هذا البرد والمشقة ،فتركت الشجرة لهما ! .

يقول العبودي : عندما صار ذلك الرجل يحدث بهذا، وأن الشايب (الجنّي) قال له : أنت أم الجن أيضاً، لقبه الناس (أم الجن) وهو لقب لحقه، ولحق ذريته وأدركتهم يلقبون به .
يقول الشيخ محمد الموسى رحمه الله : لا فرق عند سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله بين الفقير والغني ، والشريف والوضيع ، والسفير والوزير ، فهم يجتمعون جميعاً على المائدة ، وكل من أكل مع سماحته جعل يلتفت هنا وهناك ينظر في وجوه الناس على تباينهم ، واختلاف ألسنتهم ، ومراتبهم وألوانهم ، فهذا عربي ، وهذا أعجمي ، وهذا أسود وهذا أبيض ، وهذا من قريب وهذا من بعيد .
وفي أحد الأيام قال له أحد الحاضرين ممن يعرف سماحة الشيخ : يا شيخ بعض هؤلاء لا يعرفون أدب الأكل ، ولا يحسُن الجلوس معهم فلو انفردت عنهم ، وأرحت نفسك من هؤلاء .

فقال سماحة الشيخ رحمه الله : أنا الذي وضعت الطعام لهم ، وهم جاءوا إلي ، وراحتي بالأكل معهم ، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يأكل مع أصحابه ومع الفقراء حتى مات ، ولي فيه أسوة ، وسوف أستمر على هذا إلى أن أموت ، والذي لا يتحمل ولا يرغب الجلوس معهم نسامحه ، ويذهب إلى غيرنا .
قال أبو حيان في البحر بعد كلام ساقه عن الإمام الرازي: ولما حللت بديار مصر ورأيت كثيراً من أهلها يشتغلون بجهالات الفلاسفة ظاهراً من غير نكير أحد تعجبت من ذلك، إذ كنا نشأنا في جزيرة الأندلس على التبرئ من ذلك والإنكار له، وإذا بيع كتاب في المنطق، إنما يباع خفية ولا يتجاسر أن ينطق بلفظ " المنطق " إنما يسمونه " المفعل " ، حتى أن صاحبنا وزير الملك ابن الأحمر أبا عبد الله محمد بن عبد الرحمن المعروف بابن الحكيم كتب إلينا كتاباً من الأندلس يسألني أن أشتري أو أنتسخ كتاباً لبعض شيوخنا في المنطق، فلم يتجاسر أن ينطق بالمنطق وهو وزير وسماه لي بالمفعل.
يقال رجلا أنكر خَلْقَ الخُنفس وقال: لا فائدة فيها بوجه، فابتلاه الله بقرحة عجز عنها الحكماء وأيس من برئها، فسمع رجلا ينادي على أدوية لأمراض، ذكر منها: من به قرحة صعبة فدواها حاضر، فشكى له ما به، فقال: إئتني بخنفس! فرضّها وجعلها على قرحته، فبرئت بسرعة، فعجب من ذلك وتاب من اعتراضه، وعلم أن لله حكمة في كل شيء.
(خُرما ما ياكل)

يقول الشيخ محمد بن ناصر العبودي رحمه الله :
أصله أن درويشاً أعجميا نزل ضيفاً على أعراب في الصحراء ولم يكن عندهم ما يقدمونه له في طعام العشاء إلا التمر ، وكما يقول المثل الشعبي (خاطر الليل مجفي) والخاطر هنا : الضيف، يريدون أن الضيف الذي يأتيهم في الليل ويكونون قد فرغوا من عشائهم، يصعب عليهم أن يصنعوا له عشاء جديداً، وهذا ما جعله مجفواً.

المهم قال لهم الدرويش : (خُرما ما ياكل) .
يريد أن يوضح لهم أنه لا يأكل التمر في العشاء
فسألوه : ماذا يأكل؟
فأجاب : لحم ياكل .

فضحكوا منه واستسفهوا رأيه، إذ من أين لهم اللحم في البرّية وليس بقربهم جزّار .

فقال لهم : الله كريم يا بدوي!

وبعد قليل نزل عليهم ضيف كبير هو شيخ قبيلة ، فأسرعوا يذبحون له ذبيحة ويطبخونها، وعندما قدموها كان الأعجمي الدرويش يأكل معهم وهو يقول : ( الله كريم يا بدوي ) ،فذهبت هذه أيضاً مثلاً .
يقول الكُتبي قاسم الرجب في مذكراته : كنتُ قد استوردتُ كثيرًا من الكتب النفيسة النادرة ، ولكنني عجزت عن بيعها وتصريفها ، فبارت عندي وتكدست في مكتبتي ومخزني وحِرت فيما أفعل بها لأتخلص منها فقد تضايقت نفسياً منها ، وأصابني ضيق مادي من جراء ما تجمع لديَّ منها ، فأخذتُ أُسجِّل أسماءها ، وعرضت مشكلتي على أحد أصدقاء المكتبة وقلت له : ما رأيك لو كتبنا عن المكتبة العامة وانتقدناها لخلوها من هذه الكتب ؟

فاستحسن هذه الفكرة ورحّب بها ، وكانت له علاقة وثيقة بإحدى الجرائد ، وطلبتُ إلى صديقنا أن يلوم وزارة المعارف على إهمالها المكتبة العامة وعدم تزويدها بما تحتاج إليه مما يجدُّ من الكتب المهمة والصادرة حديثاً، وذكرنا عناوين تلك الكتب ، فصدرت الجريدة ذات صباح ، وإذا بمدير المكتبة العامة يأتي إلى مكتبتي المتواضعة ، ووقع نظره على معظم الكتب التي نشرت الجريدة أسماءها حسبما ذكرت ، فقال : إنني أُريد شراء هذه الكتب جميعًا ، وفعلا اشتراها ، فرزمتها ودفع لي ثمنها كاملاً .
روى أوسكار وايلد: أنه كان هناك رجل يجتمع حوله أهل القرية في المساء فيقص عليهم ما رآه في يومه ذاك، وكان أهل القرية يطربون لقصصه فكان يحدثهم حديث الخيال عن حورية البحر التي رآها والجنيات اللاتي يتراقصن، وذات يوم ذهب بعيدا على غير عادته، فرأى حورية على الشاطئ وجنيات يتراقصن فخاف، وحين اجتمعوا حوله في المساء وسألوه عما شاهده قال لهم: لم أر اليوم شيئًا .. يريد وايلد أن يقول: إن الحقيقة تخنق الخيال.
يقول الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله في يوم من الأيام كان عندي دائرة قهوة (دورية)، وكانت وقت الضحى دخل علينا الوالد، وجلس يشرب القهوة، وكان سليمان الصالح العليان رجل الأعمال المعروف رحمه الله معنا بالدائرة، فسأل سليمانُ الوالد، وقال له: الأمريكان يا شيخ يقولون: إنهم يحاولون يطلعون القمر، وش رأيك يا شيخ؟

فردَّ عليه الشيخ، وقال: هذا ممكن يا سليمان، وبواسطة آلة ترفعهم إلى القمر أو أي سلطان آخر، فقرأ رحمه الله الآية من سورة الرحمن: ﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ﴾ ، وكان في ذلك اليوم في الدائرة عشرةُ أشخاص حاضرين وسامعين كلام الوالد، فتعجبوا من كلامه لأن ذلك كان سنة 1360هـ تقريبًا، وفي 1418هـ لمَّا كنت في سويسرا ذهبت إلى فندق للسلام على الشيخ عبدالعزيز التويجري وهو يحبُّ الوالد كثيرًا جزاه الله خيرًا وكان يقول: ما عمري سافرت لعُنَيزة إلا وأروح للشيخ ابن سعدي للسلام عليه في بيته.

والمهم كان معنا في صالة الفندق 15 شخصًا من الجماعة، ومن أهل الخليج، ومن بين الحضور رجل أمريكي كان عضوًا سابقًا بالكونجرس الأمريكي، فتحدث الشيخ التويجري، وقال للأمريكي بواسطة المترجم وهو يشير عليَّ: هذا الرجل قد عَرَف أبوه أنكم أيها الأمريكان سوف تذهبون إلى القمر منذ 60 عامًا، فتعجَّب الأمريكي من مقالة الشيخ التويجري أشدَّ العجب، ثم قال الأمريكي: هو (يقصد الوالد) يعترف ويصدِّق وصولنا إلى القمر قبل 60 سنة! وعندنا في أمريكا أناس كثيرون يكذِّبون ذلك وينكرون طلوعنا ونزولنا على القمر...؟!
في ترجمة المبارك بن المبارك الضرير الوجيه النحوي أنه قد التزم سماحة الأخلاق ، وسعة الصدر ، فكان لا يغضب من شيء ، ولم يره أحد قط حردان ، وشاع ذلك عنه ، وبلغ ذلك بعض الحرفاء ، فقال: ليس له من يغضبه ، ولو أغضب لما غضب ، وخاطروه على أن يغضبه ، فجاءه ، فسلم عليه ، ثم سأله عن مسألة نحوية ، فأجابه الشيخ بأحسن جواب ، ودله على محجّة الصواب .
فقال له: أخطأت ، فأعاد الشيخ الجواب بألطف من ذلك الخطاب ، وسهل طريقته ، وبين له حقيقته .
فقال له: أخطأت أيها الشيخ ، والعجب ممن يزعم أنك تعرف النحو ، ويهتدي بك في العلوم ، وهذا مبلغ معرفتك ، فلاطفه ، وقال: له يا بني لعلّك لم تفهم الجواب ، وإن أحببت أن أعيد القول عليك بأبين من الأول فعلت .
قال له : كذبت ، لقد فهمتُ ما قلتَ ، ولكن لجهلك تحسب أنني لم أفهم .
فقال له الشيخ : وهو يضحك قد عرفت مرادك ، ووقفت على مقصودك ، وما أراك إلا وقد غُلبت ، فأد ما بايعت عليه ، فلست بالذي تغضبني أبدا ، وبعد يا بني : فقد قيل إن بقّة جلست على ظهر فيل ، فلما أرادت أن تطير قالت له: استمسك فإني أريد الطيران ، فقال لها الفيل: والله يا هذه ما أحسست بك لما جلست ، فكيف أستمسك إذا أنت طرت ، والله يا ولدي ما تحسن أن تسأل ، ولا تفهم الجواب ، فكيف أستاء منك؟! .
يقول الشيخ محمد بن ناصر العبودي رحمه الله:
الظربون ( الظربان ) : دويبة برية شبيهة بالقط إلّا أنها أصغر منه بكثير، منتنة الرائحة، لاسيما إذا أُفزعت وأُخيفت، أو تأثرت من شيء، وقد بلغ من نتن رائحتها ما حدثني به شيخ من أهل الشماسية قال : أذكر أننا في ليلة من ليالي الشتاء الشديدة البرد، وكانت الملابس قليلة في ذلك الوقت لغلبة الفقر على الناس في القديم وكنا نصلي في (الخلوة) وهي التي تحفر في الأرض تحت المسجد طلباً للدفء في الشتاء . قال : وعندما جئنا للصلاة في الخلوة وجدنا فيها رائحة خبيثة لا تطاق فلم نستطع الدخول إلى الخلوة وصلينا في البرد، وبعد ذلك وجدنا فيها (ظربونا) فأخرجه المؤذن إلّا أن رائحته المنتنة بقي أثرها في الخلوة أياماً ، ولذلك ضربت العامة المثل بالرائحة الخبيثة برائحة الظربون فقالت : ريحته ريحة ظربون .


يقول الجاحظ : الظربان دابة فسّاءة، لا يقاوم فسوها شيء يدخل على الضب جحره، وفيه بيضه فيأتي أضيق موضع في الجحر فيسده بيديه، ويُحوِّر استه إليه، فلا يفسو ثلاث فسوات حتى يدار بالضب، فيخرُّ سكرانَ مغشياً عليه، فيأكلُه، ثم يُقِيمُ في جُحرِه حتى يأتي على آخر حسوله (أي صغاره).
فائدة :

استنبط بعض أهل العلم من حديث بريرة رضي الله عنها المشهور ما يقرب من أربعمئة مسألة، وكانت بريرة لها فراسة، ومما يحكى أنها كانت تتفرس في عبد الملك بن مروان عندما كان يطلب العلم ، وكان محباً للعلم وأهله، فكانت تقول: ما أحسن ما أنت عليه من طلب العلم، لكن اتق الله في حق دماء المسلمين فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: ( إِنَّ الرَّجُلَ لِيُدْفَعُ عن باب الجنةِ أَنْ يَنْظُرَ إليها على محْجَمَة من دَم يُرِيقُهُ من مُسْلِمٍ بغير حَقٌّ ) .
فكأنها عرفت أنه سيكون أمير المؤمنين ويقع منه ما يقع.
كان بين العلامة المحقق الشيخ محمد عبدالحي اللكنوي (ت 1304هـ) وبين الأمير السيد صديق حسن خان القنوجي البهوبالي (ت 1307هـ) رحمهما الله خلاف وردود، بلغت من الشدة الى حد كبير، حتى وصفها العلامة السيد عبدالحي الحسني في ( نزهة الخواطر ) بأنها تأباها الفطرة السليمة!.
ومع ذلك فعندما بلغ الأمير صديق خان، وفاة الشيخ عبدالحي، حزن عليه حزنا شديداً، وما أكل الطعام في تلك الليلة، وصلى عليه صلاة الغيبة، وأعلن الحداد في عموم إمارة بهوبال، نظراً إلى سعة إطلاعه في العلوم والمسائل.
جاء رجل إلى الإمام مالك، وقال له: إني قلت لزوجتي كلما غرد القِمري فأنت طالق .
فقال له الإمام مالك: إذا سكت القمري تطلق.

وكان الإمام الشافعي حاضراً فتبع السائل وقال له: إن زوجتك لا تطلق.

فرجع السائل إلى الإمام مالك وأخبره بقول الشافعي، فقال الإمام مالك للشافعي: ما هو الدليل على ذلك؟

فقال: قوله ﷺ في أبي سفيان إنه لا يضع العصا عن عاتقه، فإنه يضعها تارة ويحملها أخرى، والجملة الفعلية تفيد الاستمرار التجددي، فقبل ذلك الإمام مالك.
يقول الشيخ محمد بن ناصر العبودي رحمه الله :
قبل أن تكون السكّرية هي تمرة القصيم كانت ( الشقرا ) ، وهي نخلة مشهورة وكان أكثر نخل القصيم منها في وقت من الأوقات، حتى أن الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبابطين رحمه الله عندما كان قاضيا لعنيزة بعد منتصف القرن الثالث عشر الهجري بقليل أفتى بأنه إذا أطلقت كلمة التمر في القصيم لم تنصرف إلاّ إلى (الشقراء) لأنها الغالبة على التمر ،فلا يلزم من طلب غيرها من مدينه أن يعطيه إلاّ هي، وكذلك إذا طلب المدين أن يوفي ما عليه من التمر لم يلزم إلّا الشقراء، إلّا إذا اتفقا على غيرها .

بتصرّف.
لما سافر ابن عرفة رحمه الله إلى بغداد وكان رجلاً سميناً، وبسبب سمنه كان يلهث إذا درّس، فوقع له الإقبال العظيم في بغداد، فحسده العلماء، فطلبوا من أصحابه أن يأمروه أن يلقي درساً في التفسير، فقال لهم: عينوا لي الآيات التي تريدوني أدرس فيها حتى أطالعها، فعينوا له أوائل سورة الأنعام فجلس الشيخ يطالع في المكتبة ثلاثة أيام حتى حفظ كل ما يتعلق بتلك الآيات من كل ناحية، فلما كان يوم الدرس اجتمع العلماء واجتمع الناس، وجعلوا للشيخ دكة يجلس فوقها، فلما جلس ليدرس فوقها أمر علماء البلد القارئ أن يقرأ آيات أخرى غير الذي عينوها له، وهي قوله تعالى: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي اتَيْنَاهُ آيْاتنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْناهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ﴾

وفيها إشارة أنه يلهث مثل الكلب، فلما سمع الشيخ المقرئ قرأ الآيات غير المعينة له عرف أن علماء بغداد أرادوا أن ينكتوا عليه فلم يبال بذلك بل استعان بالله عز وجل، وشرع يفسر تلك الآيات، أولاً مما يتعلق بقصة ذلك المنسلخ المذكور فيها، وثانياً من جهة مناسبتها لما قبلها، وثالثاً من جهة مناسبتها لما بعدها، ورابعاً مما يتعلق بها من جهة العربية، وخامساً مما يتعلق من جهة البلاغة من التشبيه والمجاز والاستعارة والكناية وغير ذلك، وسادساً مما يتعلق بسبب نزولها، وسابعاً مما يتعلق بها من استنباط الأحكام الفقهية، وثامناً تكلم من جهة من أخذ من العلماء بهذا الحكم، ومن خالف، وما علّة المخالفة وما شابه ذلك، وتاسعاً من جهة ما يتعلق بالكلب وخواصه، فذكر خواص الكلب، وذكر فيه عشر خصال محمودة، ثم بعد أن فرغ منها قال: إلا أن فيه خصلة واحدة مذمومة أفسدت تلك العشر الخصال المحمودة، وهي أنه ينبح الضيف وقصد بذلك التبكيت على علماء بغداد وأهلها لما آذوه، ثم بعد ما انتهى من الدرس جاء إليه العلماء واعتذروا إليه وطلبوا منه المسامحة له وسلموا له، وقالوا له: إنك ابن عرفة حامل الشريعة المطهرة.
سأل الإمام أبو يوسف، الإمام الشافعي بمجلس الرشيد رحمهم الله عن قول القائل:

ولي عمةٌ وأنا عمُّها
ولي خالةٌ وأنا خالها
فأما التي أنا عمٌّ لها
فإن أبي أمُّه أمّها
أبوها أخي وأخوها أبي
ولي خالة وكذا حكمها

فأجابه: إن التي هي عمتي وأنا عمّها صورتها أن أخي لأمي تزوج جدتي أم أبي فولدت له بنتاً، فأنا عم هذه البنت، لأني أخو أبيها لأمه، وهي أي هذه البنت عمتي، لأن أم أبي أمها هي أخت أبي لأمه، وأما التي هي خالتي وأنا خالها فإن أبا أمي تزوج بأختي لأبي، فأولدها بنتاً، فصارت هذه البنت أخت أمي لأبيها فهي خالتي، وهي بنت أختي لأبي فأنا خالها.
قيل أن ساقياً دخل إلى مجلس ليسقي الحاضرين، فلما دخل فإذا بأمير المؤمنين هارون الرشيد عن اليسار، وغيره عن اليمين، فبقي متحيراً، وقال إن بدأت بأمير المؤمنين فقد خالفت السنة، وإن بدأت باليمين ففيه استهانة بأمير المؤمنين، وكان في المجلس ابن عنين الشاعر، فأنشأ له هذين البيتين:

أدرها يسرة فلعل يسراً
من المولى الكريم يحل فينا
فبيت الله أيمن كل صوب
ولكن عن يسار الطائفينا
ذكروا أن أخوين شقيقين أتقن أحدهما علم الفرائض، وأتقن الآخر علم النحو، فسافرا حتى قدما على أهل بادية، فوافقوا موت سيد تلك القبيلة، فطلبوا منهما قسمة ماله، فقسمه الفرضي، فأعطوه دراهم وعباءة، فسافر هو وأخوه، فاشتد بهما البرد، فأما الفرضي فكانت له العباءة دفاء وغطاء منعت عنه البرد، فقال له أخوه النحوي: كيف ترى ما أنا فيه يا أخي، وماذا أصنع ؟
قال: اجعل زيداً فراشاً لك وعمراً غطاء.☺️
مما يحكى عن الشريف عون حاكم مكة سابقاً أنه دعا الشيخ السمنودي، وقال: أنت الذي تدّعي وتقول: أن جدي رسول الله ﷺ يعصب الحجر على بطنه من الجوع ؟، فلو سمع اليهود على ذلك لقالوا: إن نبيكم فقير، والله سبحانه وتعالى يقول: ( وَوَجَدَكَ عَائلًا فَأَغْنَى ) ، وكيف يتصور ذلك وهو بالنهار يقسم الذهب فيجيء عمه العباس ويملأ حجره ذهباً سبائك حتى لا يستطيع القيام، ثم يبيت بالليل طاوياً معصباً الحجر على بطنه؟

فلما قال له ذلك، قال له: هذا ثبت في الحديث.

فقال له الشريف: عادك تراجع وأمر بضربه، فضرب حتى تاب، وقال: لا أعود أقول هذه وكان في ذلك الوقت ممنوع أن يذكر أحد من العلماء في أي درس أنه كان ﷺ يعصب الحجر على بطنه من الجوع أو أنه يبيت طاوياً أو أنه تمضي الأيام والأسابيع ولا توقد في بيت آل محمد نار، ومن قال ذلك يضرب مئة جلدة ويحبس.


نقلوا ذلك عن الشريف عون الرفيق، وما أكثر القصص التي نقلوها عنه وعن غرائب أطواره، وما ندري من نُصدّق ومن نُكذّب.

ورحم الله الجميع
يقول الشيخ محمد بن ناصر العبودي رحمه الله:
(النُخْبة) - بضم النون وإسكان الخاء : داخل فرج الدابة وبخاصة دُبر البعير ،كانوا يقصدون أكلها في الأزمات إذا كانت المواشي هزلى، لكونها لينة، لا تكاد تخلو من الدسم .

حدثني والدي رحمه الله قال : كنت حاجاً حجة الفرض عام ١٣٣١ هـ فانكسر بعير لبعض الحجاج فذبحوه وتقاسموه، وكانوا جمعاً عظيماً وبحاجة إلى اللحم، فلما ذبحوه أسرع فلان وذكر لي اسمه فصار يدخل يده إلى (نُخْبة) البعير، ويخرج بأصابعه مما علق بها من الشحم ، لأن البعير كان سميناً، ويأكله نيئاً.

قال والدي رحمه الله : فاعتقدت أن هذا الرجل لابد من أن يصاب بمرض من فرط أكله ذلك اللحم الدسم نيئاً .

قال : ولكننا عندما أصبحنا من الغد كان يمشي خلف الحاج، وكان من المكلفين بالخدمة والعمل مع الحاج، وهو من الذين يعملون عملاً شاقاً معهم .
2024/11/25 02:43:46
Back to Top
HTML Embed Code: