tgoop.com/al_ghizzi/1990
Last Update:
تعليقًا على هذا المنشور:
https://www.tgoop.com/sami_27050/2088
لا يوجد شخص متخصص في تاريخ الفلسفة وعلم الكلام ينازع في منزلة فخر الدين الرازي في العلوم العقلية، فالاعتراض يصدر من أناس غير مطلعين على حركة هذه العلوم أصلًا، وهم الأشخاص أنفسهم الذي يظنون أن تقي الدين ابن تيمية أثر في حركة علوم الكلام والفلسفة والمنطق! فهم في الحقيقة (ينفون الواقع)، و(يثبتون المتخيل)!
الأثر الذي تركه فخر الدين الرازي كبير جدًا؛ لدرجة أنه غيّر مسار هذه الحركة؛ سواء في طريقة التصنيف، أم في طريقة التحرير. وأستطيع أقول -عن اطلاع لا بأس به- أن هذه العلوم قبل فخر الدين الرازي شيء، وبعده شيء آخر. حتى إني أفرح بصدور نصوص علم الكلام والفلسفة والمنطق والأصول التي كُتبت قبل عام (600هـ)؛ لأني سأضمن أنه ليس له أثر فيها! وهذا مهم في المقارنة التاريخية، من أجل ملاحظة تطور العلوم. كما أن هناك مؤشرات -بحسب إفادة أحد الباحثين لي- تدل على أن له تأثيرًا في علم النحو كذلك من جهة صبغه بالصبغة العقلية. لكن مع الأسف لم ينشر كتابه «عرائس المحصل من نفائس المفصل» (= مفصل الزمخشري). والكتاب محقق في إحدى الجامعات المصرية، وقد حرضت إحدى الدور العربية على تبني نشره؛ لكن حالت عوائق عن ذلك.
ومما يؤكد لك أثر فخر الدين الرازي عدة أمور، وهي:
1-انتشار مؤلفاته. ولاحظ أنه توفي في عام: (606هـ) في مدينة هرات الواقعة اليوم في أفغانستان، وبعدها بقرابة عشر سنوات وقع الغزو المغولي المدمر للمشرق الإسلامي. ومع ذلك؛ فكثير من كتبه وصلت إلينا، فماذا يدل عليه هذا الأمر؟ يدل على مزيد اهتمام بكتبه من قبل العلماء وأنها انتشرت في حياته. وهذا الأمر أشار له فخر الدين الرازي في أحد كتبه. وأيضًا ذكره محيي الدين ابن عربي في رسالة أرسلها له.
2-ظهور اتجاه في التصنيف الفلسفي اعتمد بشكل أساس على كتابيه «الملخص في المنطق والحكمة» و«المباحث المشرقية»؛ وما كتب متكلمي الأشعرية في علم الفلسفة إلا أثر من منهج فخر الدين الرازي في التصنيف الفلسفي.
3-ظهور اتجاه في التصنيف الكلامي اعتمد بشكل أساس على كتابه «محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من الحكماء والمتكلمين»، وما كتاب «تجريد الاعتقاد» لنصير الدين الطوسي -شائع الانتشار- إلا أحد آثار هذا التصنيف.
4-ظهور اتجاه في التصنيف الأصولي اعتمد بشكل أساس على كتابه «المحصول من علم الأصول»، فكتاب «منهاج الوصول إلى علم الأصول» لناصر الدين البيضاوي -ولا يخفى اهتمام العلماء به- ما هو إلا مختصر من كتاب «الحاصل» لتاج الدين الأرموي الذي هو مختصر لكتاب «المحصول»، بحسب ما ذكره أحد العلماء.
5-كثرة المعارضين له من وقت حياته إلى عصور متأخرة عن وفاته، والاشتغال بحل شكوكه. وهذه المعارضة لا تأتي من فراغ، وإنما هي نتيجة طبيعية للأثر الذي أحدثه هذا الرجل.
أما الأحكام القيمية على آرائه فهذا شيء آخر لا علاقة للمؤرخ به؛ فليس اعتراضنا على من يحكمون عليه بالخطأ أو البدعة. والحكم الثاني متفهم في ظل الاختلافات العقدية، بل ومقبول أيضًا. وإنما نحن ننكر على من يقللون من حجم أثره في هذه العلوم. فأرجو التفرقة بين الأمرين.
وعلى أي حال؛ فالنصيحة التي أقدمها لك يا أخي، ما دام أننا نعيش في مجتمع غارق في الأدلجة؛ هو أنك إذا أردت أن تكون مؤرخًا فيجب عليك أن تكون موضوعيًا؛ فالمتلبس بالتحيز "المؤثر" لا يمكن بحال أن يكون مؤرخًا.
https://www.tgoop.com/al_ghizzi/1216
https://www.tgoop.com/al_ghizzi/1847
BY عبد الله الـغِـزِّي
Share with your friend now:
tgoop.com/al_ghizzi/1990