tgoop.com/alddaewa2/29927
Last Update:
موعظةٌ في المقبرة:
بالأمس حضرتُ جنازة أحدَ أقاربي، الذي مات فجأة – رحمه الله -، وكان الدفنُ بعد صلاة العصر، فلما انتهينا من دفنِه سرعان ما تفرّق الناس عنه، وانشغل أقاربه باسْتقبال المعزّين، ولما قَرُبْتُ من الخروج من المقبرة جاءني شعور غريب لأول مرة أشعر به، حتى إني وقفت لمّا انتابني هذا الشعور المهيب المخيف..
وهو سؤالٌ خطر على ذهني: ما حالُه وما شعورُه في أوّل ليلة يبيتُ فيها بعيدًا عن الناس وعن أقاربه، وبعيدا عن الجوال..
فارْقتُ موضع مرْقدي يوماً ففارقني السكون … القبر أول ليلةٍ بالله قلْ لي ما يكون
سيبيتُ مع مخلوقات غريبة عليه، وهي ملائكة الله، فكيف سيكون شعوره معهم؟
كم سُؤال سيُطرح عليه؟
هل سيُجيب على كلّ سؤال إجابةً صحيحة؟
هل سيسْتوعب كلّ هذه الأحداث؟
هل سيتمنّى الرجوع إلى الدنيا ليعْمل صالحًا؟
نظرة واحدة بعين البصيرة في هذا القبر سوف تعطيك والله حقيقة هذه الدنيا، فبعد العزة وبعد الأموال وبعد الأوامر والنواهي وبعد الخدم والحشم وبعد القصور والدور، أهذه هي نهاية ابن آدم في هذه الحفرة الضيقة المظلمة؟
تاللَّهِ لو عاشَ الْفتَى فِي أهلهِ … ألْفًا منَ الْأعوامِ مالِكَ أمْرِه
مُتلَذِّذًا مَعَهُم بِكُلِّ لَذيذَةٍ … مُتنَعِّمًا بالعيشِ مُدَّةَ عُمْرِه
لَا يَعْتَريهِ النَّقْصُ فِي أحْوالِهِ … كلَّا ولَا تَجْرِي الْهُمومُ بِفكْره
ما كانَ ذلكَ كُلُّهُ مِمَّا يَفِي … بِنزولِ أوَّلِ ليلةٍ فِي قبْرِه
فإذا تفكرت فيما ستلقاه في قبرك وأنه إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار: ارْتدعت عن المعاصي ورقّ قلبك لخالقك.
والله إنه لموقف مهيب عظيم جليل، يحتّمُ علينا نحن – معاشر الأحياء – أنْ نستعد له، قبل أن نكون من عالم "الأموات"، وتفارق أرواحُنا أجسادَنا لتلقى عاَلَمًا أخر مختلفًا عن عالمنا من كلّ الوجوه، وسنلقى مخلوقات لم نلْتقِ بها من قبل..
وقلت في نفسي: سبحان الله، ما أتفه هذه الحياة الفانية..
البارحة كان يسْمر مع أصدقائه، واليوم تركهم وترك حياتنا كلها..
البارحة كان يعيش معنا، واليوم يعيش مع غيرنا..
البارحة كانت عند مواعيد وحاجات يستعدّ في الأيام القادمة لقضائها.. ولكن جاء الأجل الذي لم يكن في حسبانه، فأخذه ولم يُمْهله حتى يكملها ويقضيها..
إلى متى نرى ولا نتعلّم؟
إلى متى نسمع ولا نتّعظ؟
إلى متى ننشغل بحياةٍ فانية تافهة حقيرة، وننسى الحياة الباقية العظيمة الرهيبة؟
اللهم أيقظ قلوبنا من غفلتها، وارحمنا وأحسن ختامنا
🖋 الشيخ أحمد بن ناصر الطيار
BY ✍️ .. قناة رسائل دعوية
Share with your friend now:
tgoop.com/alddaewa2/29927