tgoop.com/alhashemi00/107
Last Update:
قال الحافظ البرزالي في تأريخه لحوادث سنة ٧٠٧ هـ :
"وفي شوال شكى شيخ الصوفية بالقاهرة كريم الدين الآملي وابن عطاء وجماعة نحو الخمس مئة ، من الشيخ تقيّ الدين ابن تيميّة وكلامه في ابن عربي وغيره إلى الدولة ، فردّوا الأمر في ذلك إلى الحاكم الشافعي.
وعُقِد له مجلس ، وادعى عليه ابن عطاء بأشياء ، فلم يثبت شيء منها ، لكنه اعترف أنه قال : لا يستغاث بالنبي ﷺ استغاثةً بمعنى العبادة ، ولكن يتوسّل به.
فبعض الحاضرين قال : (ليس في هذا شيء) ، ورأى قاضي القضاة بدر الدين أن هذا إساءة أدب ، وعنّفه على ذلك".
[المقتفي (٣/ ٣٧٩)]
وقد زعم بعض الناس أن في هذه الواقعة رجوعًا من أبي العباس عن الحكم بشركية الاستغاثة بغير الله ، وأنه عاد إلى موافقة مخالفيه ، وكونِ ما ذكروه = من الاستغاثة الجائزة ، لأنه قيد الاستغاثة الممنوعة بما كان عبادة (وهي عندهم ما صاحبه اعتقاد الربوبية).
وتأمل النقل دال على بطلان هذا الزعم ، فإن أبا العباس يقرر أنه لا يستغاث إلا بالله ، ومحل هذا هو الاستغاثة الخاصة ، لا ما كان على وجه التسبب العادي (كاستغاثة الإسرائيلي بموسى عليه السلام).
فلأجل هذا قيَّد كلامه منبها لذلك فقال : "استغاثة بمعنى العبادة" ، ليكون الكلام محترزا فيه عن صورة التسبب العادي ، لا سيما وأن من الشبه الشائعة في المسألة الاعتراضُ بجواز الاستغاثة العادية.
ولم يقصد أبو العباس بالقيد المذكور الرجوعَ إلى قول من يحصر الشرك فيما صاحبه اعتقاد الربوبية ، وذلك ظاهر من جواب كبير القضاة بدر الدين ابن جماعة في القصة ، فإنه لم يرض بكلامه وعده إساءة ، وهذا لا يعقل إن كان الشيخ قد رجع إلى قوله ، لأن النزاع عندئذ لا معنى له ، ولِم ينكر ابن جماعة كلامه وهو دال على ما ذكره الزاعم من رجوعه ؟!
إلا أن يقال : محل النزاع بين الشيخ ومعارضيه في كفر من استغاث بغير الله معتقدًا فيه الربوبية ، فهل يصح أن يكون معنى الكلام عند المخالفين يجوز أن يُعبَد النبي ﷺ (بالمعنى الذي لا يختلف فيه أحد في هذه المسألة ، وهو الوصف بالربوبية أو نية العبادة) ؟! هل يمكن هذا هو جواب ابن جماعة ، أو جواب أحد ممن يدعي الإسلام أصلا ؟!
ثم يدل على بطلان هذا الفهم أيضًا أن الشيخ لم يزل يقرر شركية الاستغاثة بغير الله بنفس عباراته المعروفة عنه في تصانيف كتبها بعد هذا العام (٧٠٧ هـ) ، ومن أشهر ما قرر فيه ذلك منها : رده على البكري ، وقاعدة جليلة في التوسل¹ ، ورده على الإخنائي.
وكذلك بقاء الشيخ بعد هذه المدة زمنًا طويلا دون أن يحكى ذلك عنه مع خطر التراجع في هذه المسألة ، وكذلك موافقة تلاميذه له في ذلك ، ومن أخصهم في هذا الحافظ ابن عبد الهادي الذي تتلمذ عليه بعد هذه الواقعة ، وقد كانت سنه وقتها دون الرابعة.
ـــ
¹ وفيه بين أبو العباس مراده بالتوسل والاستشفاع الذي جوزه في تتمة جوابه للقوم ، وبسط الكلام بسطا حسنا هو أدل على قوله من هذه الكلمة المجملة.
BY تقييدات أبي الحسن
Share with your friend now:
tgoop.com/alhashemi00/107