ALHASHEMI00 Telegram 131
للبوصيري ميمية ذائعة في مدح النبي ﷺ ، اعتنى الناس بها كثيرا ، وفيها أبيات بديعة حسنة ، غير أنه شانها بمواضع غلا فيها على طريقة جهلة الشعراء.

وأشنع ما فيها وأبعده عن التوجيه الممكن ، لاشتمال معناه على الكفر الذي لا يجدي فيه التأويل = قوله :

٤٦- لو ناسبت قدرَه آياتُه عظما ..
أحيا اسمه حين يتلى دارس الرمم

٨٠- ما سامني الدهر ضيمًا واستجرت به ..
إلا ونلت جوارًا منه لم يُضَم

ففي الأول امتناع مناسبة آيات النبي ﷺ لقدره ، وهذا إزراء بالقرآن أكبر الآيات ، وهو صفة الله الفائقة لأقدار الخلق جميعًا.

وقد ذكر الشراح في توجيه ذلك أن القرآن مخلوق ، وليس في ذلك ما يخرج معنى البيت من الكفر ، (فيتهاونون ويظنون أنه هين ، ولا يدرون ما فيه من الكفر) كما يقول الإمام أحمد.

على أن البوصيري ليس متكلما فيضبط القول ، ففي كلامه زيادة على القول بخلق القرآن ، إذ يقول :

آياتُ حق من الرحمن مُحدثةٌ
قديمةٌ صفة الموصوف بالقدمِ

فالآيات التي عناها تشمل ما يقوم بذات الرب سبحانه ، وهذا من أشد الكفر الذي لا يقوله أشعري ولا معتزلي !

وأما البيت الثاني فيقول فيه إنه لم يظلمه الدهر بمصيبة فطلب جوار رسول الله = إلا وأجاره ﷺ ، فهذا دعاء لغير الله ونسبة التصرف له ، وذلك إشراك في الإلهية والربوبية معا ، تنزه ربنا وتقدس ، فهو المستحق للاستجارة المطلقة ، المختص بالإجارة التامة ، والمنفرد بهذا الثناء الفخم وحده جل جلاله.

وقد احتمل بعض الشراح حمل البيت على توسل الدعاء ، وأن الباء فيه للسببية ، فمفعول الاستجارة هو الله ، أي استجرت الله بالنبي ﷺ ، وهذا التوجيه مخالف لمراد الناظم ، والكلام يفسر على مراد قائله ، لا على ما يذهب الشناعة عنه ، فالباء هنا زائدة للتعدية ، والمفعول هو النبي ﷺ ، وذلك من وجوه :

- ما يفيده السياق من مدح النبي ﷺ بكونه لا يضام جواره ، فذكر الجوار دليل على أن الجوار مطلوب منه ، فهو المطلوب الفاعل للإجارة ، وليس السبب المتوسل به ، فإن ذلك أقصر في المدح ، وإن كان أحسن في الدين.

- أن الحمل على الطلب نظير ما جاء بعده في البيت التالي : "ولا التمست غنى الدارين من يده" ، وما له نظير من الكلام أولى بالحمل من غيره.

- أن هذا المعنى كرره البوصيري في غير البردة ، ففي الهمزية :

وأبى الله أن يمسني السو ..
ء بحال ولي إليك التجاءُ
فأغثنا يا من هو الغوث والغيـ ..
ـث إذا أجهد الورى اللأواءُ

فكلام الرجل يفسر بعضه بعضًا ، وعلى ذلك أكثر الشراح كالجاديري وزكريا والهيتمي.

ومنه تعلم حرمة إذاعة هذه الميمية بين العامة ، والتعبد بما فيها من الباطل ، لا سيما في الموالد المحدثة لمحبة رسول الله ﷺ ، ففيها من الكفر المعارض لملته ما يوجب الارتداد عن دينه ، وعداوته ﷺ لصاحبه ، وكيف تقر شريعته هذا الغلو وقد خطب رجل عنده ، فقال : "من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد غوى ، فقال رسول الله ﷺ : بئس الخطيب أنت ، قل : ومن يعص الله ورسوله" ، فما حال من ينشد مثل هذه الأبيات ؟!

وفي الشعر تجوز واتساع تعرفه العرب ، ولا يحل للفقيه أن يقول فيه شيئا حتى يحصل معرفة ذلك ويعرف وجوهه ، لكن هذا لا يلقي حبل الباطل على غاربه ، فيصير حجة لكل مبطل يقول الباطل الذي تشهد طرائق الكلام بإرادته له ، ثم يرمي أهل الحق بالعجمة والجهل بالعربية ، ويجعل نكيرهم من جنس الغفلة عن مخصصات العام وأضراب هذا مما لا يغفل عنه الطلبة.



tgoop.com/alhashemi00/131
Create:
Last Update:

للبوصيري ميمية ذائعة في مدح النبي ﷺ ، اعتنى الناس بها كثيرا ، وفيها أبيات بديعة حسنة ، غير أنه شانها بمواضع غلا فيها على طريقة جهلة الشعراء.

وأشنع ما فيها وأبعده عن التوجيه الممكن ، لاشتمال معناه على الكفر الذي لا يجدي فيه التأويل = قوله :

٤٦- لو ناسبت قدرَه آياتُه عظما ..
أحيا اسمه حين يتلى دارس الرمم

٨٠- ما سامني الدهر ضيمًا واستجرت به ..
إلا ونلت جوارًا منه لم يُضَم

ففي الأول امتناع مناسبة آيات النبي ﷺ لقدره ، وهذا إزراء بالقرآن أكبر الآيات ، وهو صفة الله الفائقة لأقدار الخلق جميعًا.

وقد ذكر الشراح في توجيه ذلك أن القرآن مخلوق ، وليس في ذلك ما يخرج معنى البيت من الكفر ، (فيتهاونون ويظنون أنه هين ، ولا يدرون ما فيه من الكفر) كما يقول الإمام أحمد.

على أن البوصيري ليس متكلما فيضبط القول ، ففي كلامه زيادة على القول بخلق القرآن ، إذ يقول :

آياتُ حق من الرحمن مُحدثةٌ
قديمةٌ صفة الموصوف بالقدمِ

فالآيات التي عناها تشمل ما يقوم بذات الرب سبحانه ، وهذا من أشد الكفر الذي لا يقوله أشعري ولا معتزلي !

وأما البيت الثاني فيقول فيه إنه لم يظلمه الدهر بمصيبة فطلب جوار رسول الله = إلا وأجاره ﷺ ، فهذا دعاء لغير الله ونسبة التصرف له ، وذلك إشراك في الإلهية والربوبية معا ، تنزه ربنا وتقدس ، فهو المستحق للاستجارة المطلقة ، المختص بالإجارة التامة ، والمنفرد بهذا الثناء الفخم وحده جل جلاله.

وقد احتمل بعض الشراح حمل البيت على توسل الدعاء ، وأن الباء فيه للسببية ، فمفعول الاستجارة هو الله ، أي استجرت الله بالنبي ﷺ ، وهذا التوجيه مخالف لمراد الناظم ، والكلام يفسر على مراد قائله ، لا على ما يذهب الشناعة عنه ، فالباء هنا زائدة للتعدية ، والمفعول هو النبي ﷺ ، وذلك من وجوه :

- ما يفيده السياق من مدح النبي ﷺ بكونه لا يضام جواره ، فذكر الجوار دليل على أن الجوار مطلوب منه ، فهو المطلوب الفاعل للإجارة ، وليس السبب المتوسل به ، فإن ذلك أقصر في المدح ، وإن كان أحسن في الدين.

- أن الحمل على الطلب نظير ما جاء بعده في البيت التالي : "ولا التمست غنى الدارين من يده" ، وما له نظير من الكلام أولى بالحمل من غيره.

- أن هذا المعنى كرره البوصيري في غير البردة ، ففي الهمزية :

وأبى الله أن يمسني السو ..
ء بحال ولي إليك التجاءُ
فأغثنا يا من هو الغوث والغيـ ..
ـث إذا أجهد الورى اللأواءُ

فكلام الرجل يفسر بعضه بعضًا ، وعلى ذلك أكثر الشراح كالجاديري وزكريا والهيتمي.

ومنه تعلم حرمة إذاعة هذه الميمية بين العامة ، والتعبد بما فيها من الباطل ، لا سيما في الموالد المحدثة لمحبة رسول الله ﷺ ، ففيها من الكفر المعارض لملته ما يوجب الارتداد عن دينه ، وعداوته ﷺ لصاحبه ، وكيف تقر شريعته هذا الغلو وقد خطب رجل عنده ، فقال : "من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فقد غوى ، فقال رسول الله ﷺ : بئس الخطيب أنت ، قل : ومن يعص الله ورسوله" ، فما حال من ينشد مثل هذه الأبيات ؟!

وفي الشعر تجوز واتساع تعرفه العرب ، ولا يحل للفقيه أن يقول فيه شيئا حتى يحصل معرفة ذلك ويعرف وجوهه ، لكن هذا لا يلقي حبل الباطل على غاربه ، فيصير حجة لكل مبطل يقول الباطل الذي تشهد طرائق الكلام بإرادته له ، ثم يرمي أهل الحق بالعجمة والجهل بالعربية ، ويجعل نكيرهم من جنس الغفلة عن مخصصات العام وأضراب هذا مما لا يغفل عنه الطلبة.

BY تقييدات أبي الحسن


Share with your friend now:
tgoop.com/alhashemi00/131

View MORE
Open in Telegram


Telegram News

Date: |

How to Create a Private or Public Channel on Telegram? Image: Telegram. The court said the defendant had also incited people to commit public nuisance, with messages calling on them to take part in rallies and demonstrations including at Hong Kong International Airport, to block roads and to paralyse the public transportation system. Various forms of protest promoted on the messaging platform included general strikes, lunchtime protests and silent sit-ins. Step-by-step tutorial on desktop: Co-founder of NFT renting protocol Rentable World emiliano.eth shared the group Tuesday morning on Twitter, calling out the "degenerate" community, or crypto obsessives that engage in high-risk trading.
from us


Telegram تقييدات أبي الحسن
FROM American