tgoop.com/alhashemi00/146
Last Update:
العفة واستتار النساء عن الأجانب خصلة حسنة في ذاتها كالصدق والكرم والطهارة ، فلا يقتصر المراد منها على سد ذرائع الفتنة وقطع الشهوات كما يتوهم كثير من الناس ، بل هي كمالٌ محبوب في الدنيا والآخرة.
ومن شواهد ذلك في الدنيا أن الله جعل احتجاب النساء عن الرجال طهارة ، فقال : (فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن).
ولما رخص الله للقواعد من النساء كشف وجوههن = ندبهن إلى زيادة العفة بسترها ، فقال : (وأن يستعففن خير لهن) ، فكانت الفقيهة التابعية أم الهذيل حفصة بنت سيرين يدخل عليها أصحاب الحديث فتنتقب ، فيقولون لها رحمك الله ، ويقرؤون عليها الرخصة (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة) فتقول : أي شيء بعد ذلك ؟! (وأن يستعففن خير لهن) ، كما عند سعدان بن نصر في جزئه "٦٠".
وأما في الآخرة فمن شواهد ذلك ما صح عن علي رضي الله عنه من أن الولدان يستقبلون أهل الجنة بالبشارة عند دخولهم ، ثم ينطلقون إلى الحور ، قال : "ويسبق غلمان من غلمانه إلى أزواجه من الحور العين ، فيقولون لهن : هذا فلان - باسمه في الدنيا - قد أتاكن.
قال : فيقلن : أنتم رأيتموه ؟
فيقولون : نعم.
قال : فيستخفهن الفرح ، حتى يخرجن إلى أسكفة الباب" أخرجه ابن أبي شيبة "٣٥١٣٨".
فتأمل قوله "حتى يخرجن إلى أسكفة الباب" ، وما فيه من استتار الحور عن الأعين ومباعدة التكشف بالخروج ، مع استخفاف الفرح لهن وشوقهن لأزواجهن.
ثم في الجنة وصف الله الحور بأنهن (مقصورات في الخيام) ، والخيمة في الجنة عظيمة من لؤلؤ عرضها ستون ميلا - وهذه مسافة أكبر مما بين مكة وجدة - ، ولها أربعة آلاف باب من الذهب ، وهذا مكان عظيم الضخامة جدا لم يملكه بشر في الدنيا ، ومعنى هذا أن أهل الخيام لا يبصر بعضهم بعضا من سعة نعيم كل واحد منهم ، فالنساء بعيدات لا ينظر إليهن الرجال.
وهذا مما يبين لك أن العري والتبرج قبح نزه الله عنه أهل الجنة ، كما نزههم عن مستقذرات الأنوف والأفواه ونتن العرق والأحداث وغَول الخمر ، ونزه عنه من قبل المؤمنين في الدنيا ، جعلني الله وإياك من أهل الجنة ، وزيننا بسمة أهلها في الدارين.
BY تقييدات أبي الحسن
Share with your friend now:
tgoop.com/alhashemi00/146