tgoop.com/alkellawy/1184
Last Update:
في غالب الأحيان، رُب غريبٌ جدًا بعيدٌ جدًا يكون مُدعاةً للترقب والتقرب.
لذا يعجز المحبون أحيانًا عن فهم طبائعهم في رفض القريب السهل، في إبعاد من يستميت شراء خواطرهم وقلوبهم بالتودد والإحسان، وهم في المقابل أسرى لمن يشيح عنهم بناظريه.
والحياة بلا ترقب حياةٌ هشةٌ لا حماس فيها.
قد يعول هذا إلى صميم الفطرة، على طمع الإنسان ولهثه لما تعجز اليدُ عنه، عوضًا عما يأتيه طواعيةً بلا جهد وسعيٍ مضنٍ.
عجيبةٌ هي الحياة؛ صيادون وطرائد.
هكذا فعلت ميّ زيادة؛ فضّلت الترقب على الالتفات لمن يترقبها، فسلَّمت قلبها لجبران خليل جبران 20 عامًا لم يكلف خاطره أن يقابلها خلالها ولو مرة، بينا هو يتلذذ صفو الحياة بين أحضان شقراوات أمريكا إلى أن مات، ثم ماتت هي الأخرى وحيدةً مريضةً في مصحات إيطاليا النفسية.
فضَّلت مي أن تبادل طيفَ جبران حبًّا أدبيًّا لم يغادر أحبار الورق والرسائل، ولم يلحظ قلبها العقاد ولا الرافعي ولا غيرهم من أدباء الجيل الذين تقربوا وتوددوا ورأتهم ورأوها رأي العين؛ حتى وإن كان حبهم كذلك حبًّا أدبيًّا لا غاية له إلا استثارة القلم على الحبر وهم ينعمون بدفء زوجاتهم وعيالهم.
بين حبين أجوفين، بقي حب مي مشتعلًا صادقًا متوهجًا وبقيت معه العزباء الوحيدة بينهم إلى أن ماتت، ليس لأن حبها حقيقيًا ولكنه حبُّ البعيد للبعيد، والمترقب للمتجاهل، فكان هذا وقوده لا غير؛ ربما لو حظيت بجران حقيقة ولو يومًا لالتفتت لغيره.
لأن قلبها حينها قد فقد ما يتعبه وما يؤرقه وما يضنيه.
BY عبد الرحمن القلاوي
Share with your friend now:
tgoop.com/alkellawy/1184