Telegram Web
الكثير من الغضب يُهلكك، يتلف عينيك فلا ترى بهما إلا القبح والأذى، وكذا القليل منه يُشينك، يسقط عنك إنسانيتك، وينزع لباس المروءة الذي يستفزك لنصرة المظلوم ودفع الظالم ولو بشق كلمةٍ في موضعها. فاغضب بحزمٍ ولا تفرط، دع دمك يثور ولا ينفجر، وتتبع الجمال الكامن حولك في خلق الله ولا تفقده في نبتةٍ تخرج أو قمرٍ ينير أو طيرٍ يطير بجناحيه في سماءٍ بلا عَمدٍ، واجعل ميزانك الحق حين يتفشى في الناس الضلالة.
‏وَاسْتفرغِ الدمعَ مِن عَينٍ قد امْتلات
مِنَ المَحارمِ والزَم حمْيَةَ النَّدمِ!

تصوير: عمر النعماني
حظ النساء من الجمال كحظ الخيل من الرشاقة؛ لا تفرُّد بينهن إلا من عقلت، والعقل ميزانه هنا الذكاء العاطفي وحسن المنطق والبصيرة في التصرف والبديهة في التعامل والتغاضي عن كثير مما يسيئ، أكثر من اكتساب العلوم والتهام الكتب وحصد الألقاب، وإن كانا متلازمين في بعض الأحيان. فإن هي نالت حظًا من هذا لم يعدلها شيءٌ في قلب الرجل البصير الصادق.
مساء الخير، نصيحة لي قبلكم يا أصدقاء:

لو بدأت النفس تتشتت والمعايير تختل والفتن تتكالب ويختلط الحق بالباطل، فهذا أنسب وقتٍ لتقليل "السوشل ميديا" وأخذ عزلة لتزكية النفس وتطهيرها وضبط بوصلتك الحياتية حول كل ما يحدث، فهنا مسرح للتظاهر والهروب من الواقع وتقليل الشعور بالذنب؛ صور وتغريدات وبوستات بـ viral وتنتشر وتعلي داخلك "الإيجو" وتشعرك بقيمة ووعي زائفين وبعض المديح من الغرباء، والإنسان على نفسه بصيرة.

الكل هنا يضحك على بعضه حرفيًا، ناس تموت وناس ترقص وناس تلعب وكل في وادٍ يهيمون، وأنت بين كل هؤلاء عينك ترى ضلالات وقذارة وتكــفير وسب وشتم وحقد وعنصــرية بين الشعوب وذنوب تجري كماء المطر، ولم تعد تعرف أين الصحيح من الخطأ؟ وأين الحـق من الباطـل؟

فارفق بنفسك؛ ميادين القـتال ليست هنا يا صاحبي.

كل المنشورات والصور والسجالات الافتراضية والنقاشات السـيـاسيــة والدينــية هنا مجرد محاولة تشعر الناس أنهم يقومون بواجبهم في التضامن أو وسيلة يهربون بها من عجزهم الشخصي تجاه حياتهم أو هموم الأمة والبلاد حولهم، لكن ميادين العمل والمواجهة هناك في واقعك وحياتك البائسة التعيسة المعدمة شئت أم أبيت.

صراع الحق والباطل لم ولن يتوقف فهذه سنة الحياة، فإن عجزت عن ضبط نفسك ودينك وتمنكت منك الهشاشة والضياع والعاطفة، فأنت عن الوقوف والقتال أعجز، فهذه الدنيا اختبار وابتلاء تحتاج لقلوب صلبة وبأس شديد لا يميل مع كل ريح، فتعلم واصطبر وخذ الكتاب بقوة وأعرض عن الجاهلين.

والله شهيدٌ بيني وبينكم، يغفر لي ما لا تعلمون.
كان حزينًا يواسي نفسه كل ليلة:
كُلَّما ضاقَت عليَّ الدنيا؛ آزرتني سِعةُ الإيمان.
كل مسارٍ تقطعه في هذه الحياة تفقد معه مسارًا آخر، وكل خيارٍ ضريبته فقدٌ محققٌ شئت أم أبيت، لا يمكنك خديعة المفقود ولا مرواغة الزمان فيما يسلبه منك. هذه سنتها، بهذه السهولة: الحياة سلسلةٌ متتاليةٌ من الفقد، ولحظةٌ مؤقتةٌ من الامتلاك.
كل أحزان الإنسان الشخصية تتلاشى إثر طلقةٍ واحدةٍ في سبيل الله.
إلى متى سنظل نردد:

ما تُفسده الخاذلات العربية، يُصلحه هذا الأنيق المُرتب!
مساء الخير، أما بعد:

من يستدعي نعمة الأمن والسلام ووفرة المأكل والملبس وسقف بيتٍ يؤويه، ويتباهى بقوة بلاده -المزعومة- بل ويتشفى بمصاب إخوته في الدين والعروبة ويزايد على الأحرار الوحيدين في هذا العالم الذين يدافعون عن شرفه المسلوب، في ظل المذابح والمجازر والدمار والتهجير وويلات الحرب الحالية، أشد حقارةً ودناءةً ممن له عزيز يصارع "السرطان" في سرير العناية؛ ثم يجهر بالصحة والعافية في وجهه!

والسلام.
السلام عليكم يا أصدقاء؛

لاحظت عدد لا بأس به من المتابعين الجدد، بعضكم جاء من "تويتر" ربما، والبعض من أماكن أخرى، فمرحبًا بكم وأهلًا وسهلًا في هذا الكهف الدافئ والعالم الخيالي الذي أبث فيه بعض خلجات صدري ومؤرقات عقلي.

الحقيقة أن هذه القناة نافذة أدبية في المقام الأول؛ هذا ما يجيده قلمي أو يحاول، وعهده أن يبحر في أنهار اللغة ويحلق فوق سماء الجمال والبيان والفن.

لكن نظرًا للأحداث الراهنة وهموم الأمة التي تصدعت وتثاقلت، فيحتم علينا ألا ننشغل بالدون عن العلي، وألا ندير ظهورنا عن إخوةٍ لنا في الدين والعروبة.

لذا فمعظم الكتابات الحالية محتواها وعظي أو عن أهلنا في غزة أو السودان أو سورية أو أي بلد مسلم يعاني ويلات الحرب والظلم، ويتخلل ذلك بعض الاستثناءات التي تروح عن النفس قليلًا بين الحين والحين.

وطبتم، تشربوا شاي؟
أعتقد أنه كُلما مضى بي العمرُ تأخذ أمي من قلبي مكانًا أكبر، بل يكاد لا ينازعها فيه إنسانٌ آخر. وهذا عجيب؛ إنما يفتح الصغير عينيه أول مرةٍ فلا يرى في الكون إلا وجه أمه، ثم إذا كَبُر وازداد الكون اتساعًا أمامه وبصرت عيناه آلاف الوجوه لا تزال أمه في عينيه هي الكون كله، كأن وجهها الشمس؛ يزداد إشراقًا أينما نظرت إليها وجدتها.
‏يا رب، يا واسع، رغم كل ما حدث وما يحدث وما سيحدث، أوقن أنك تسمع وترى، وتعرف بحكمتك كل أنين طفلٍ وصرخة أمٍ وقهر رجلٍ، إن أردت لهذه الأمة المكلومة أن تسود وتخرق الأرض من شرقها لغربها في لحظةٍ فلن يعجزك شيءٌ. لكنه اختبار الدنيا ليُعرف المؤمن من المنافق والصادق من الكاذب والصابر من القانط، والأيام دولٌ بين الناس؛ نغلب تارةً ونُغلب أخرى، فلا تشمت فينا أعداءنا ولا تخيب فيك رجاءنا واحفظ بلاد المسلمين بحفظك.

أنت القاهر فوق عبادك.
"كلما ساقه الأمل؛ قيدته المخاوف..
فحرره الإيمان!"

- عبد الرحمن القلاوي.
فتحت "تويتر" ليلة أمس فتعثرت بخطوبة اثنين -شاب وفتاة- من قائمة الأصدقاء الصغيرة الذين أتابعهم (30 شخصًا فقط)، لا أنكر عجبي واندهاشي كم هي صغيرةٌ هذه الدنيا أن أتابع شخصين لا صلة بينهما يخطبان في نفس التوقيت، ويضعان ذات البيت لقيس قيس بن الملوح، فعَلت وجهي ابتسامةٌ ودعوت لهما بالبركة ورجوت أن يكون ظني صحيحًا فيما يحاول طائرا الحب إخفائه. لهذه اللحظات قدسيتها وجمالها مهما تكررت وتحت أي ظرفٍ حدثت؛ قدسيةٌ تحيي الأمل في النفوس المُتعبة، وجمالٌ يخبر الوحيدين اليائسين: لم تنتهي الرحلة بعد!
جُل ما أريده في زواجي إن يسره الله لي، أن أكون على طبيعتي مع رفيقة دربي، أن تتقبل راكبي المظلم الذي لا ينفكُّ يلازمني، فلا أضطر أن أزيف من نفسي حقيقتها كي لا أرى عجبًا ينسلُّ من عينيها نحوي كلما وَجدَت غرابةً لم تعتدها، أو سمعت أذنها تلجلج لساني بحرف "الجيم" مثلًا حين يخرج معطشًا أحيانًا على غفلةٍ مني.

‏وإني لأرنو رباطًا يجمع بين الحب والتناغم والتغافل والإحسان، يقتنع كلٌّ فيه بما رُزقت يداه، لا يفاضل أحدنا بمن سوانا أيما ملك من العلم والمال، أو ذُيَّلَ اسمه بالألقاب والرتب أو بلغ من الإنجازات ما بلغ، لأن الإنسان بطبعه ملولٌ لا يقنع فإذا ما قنع رضي، فالتمس السَكينة والأمن والوفاق، ولم تعد عيناه ترى إلا الجمال الكامن فيما مَلك. ثم إني عليمٌ بأن الدنيا لا تصفو لأحدٍ، فكيف بنفسين تتشاركان الطريق بصفوها وكدرها، وصعودها وهبوطها، في السراء والضراء والصحة والسقم!

وإذ بي أطرح أمامي مناقصي وعيوبي، غضبي وتسرعي، قلة حكمتي وتجاربي التي لا تزال تصفعني بالحقائق حين أتعلم منها شيئًا جديدًا يكشف سَوءة جهلي وحماقتي، فأشعر حينها أنني لن أكون كافيًا أمام نفسي لإحداهن. لكني موقنٌ بأن الناس ليسوا سواء في جملة المعتقدات والأفكار والاهتمامات، ولن تتآلف الروح عنوةً إلا مع شبيهةٍ لها، فعليَّ نفسي وإصلاحها، وعلى الله ما تكفل لها به.

فهل يسعنا بيتٌ نتشارك بناء هيكله النفسي والفكري لبنةً لبنةً؟ وهل تسعني امرأةٌ أقومها وتقوِّمني عند الزلل، وأحمل عنها وتحمل عني عند الحاجة، وأتصبر بها وتتصبر بي عند البلاء؟ فلا تختارني لصفةٍ فيَّ قد تزول كزوال الدهر، أو لمالٍ يأتي ويذهب، أو لوجاهةٍ ألبسينها الناس فينفضوا عني إذا ما ذهب ريحها وانقشع بريقها. إنما يريد المرء اقتناعًا باطنيًا بما هو عليه، امرأةً تحسن العشير لا تكفره، وتحسن الظن لا تسيئه، وتقبل العفو عند الخطأ، وتقدم صلاح البَيْن على الكبرياء.
في غالب الأحيان، رُب غريبٌ جدًا بعيدٌ جدًا يكون مُدعاةً للترقب والتقرب.

لذا يعجز المحبون أحيانًا عن فهم طبائعهم في رفض القريب السهل، في إبعاد من يستميت شراء خواطرهم وقلوبهم بالتودد والإحسان، وهم في المقابل أسرى لمن يشيح عنهم بناظريه.

والحياة بلا ترقب حياةٌ هشةٌ لا حماس فيها.

قد يعول هذا إلى صميم الفطرة، على طمع الإنسان ولهثه لما تعجز اليدُ عنه، عوضًا عما يأتيه طواعيةً بلا جهد وسعيٍ مضنٍ.

عجيبةٌ هي الحياة؛ صيادون وطرائد.

هكذا فعلت ميّ زيادة؛ فضّلت الترقب على الالتفات لمن يترقبها، فسلَّمت قلبها لجبران خليل جبران 20 عامًا لم يكلف خاطره أن يقابلها خلالها ولو مرة، بينا هو يتلذذ صفو الحياة بين أحضان شقراوات أمريكا إلى أن مات، ثم ماتت هي الأخرى وحيدةً مريضةً في مصحات إيطاليا النفسية.

فضَّلت مي أن تبادل طيفَ جبران حبًّا أدبيًّا لم يغادر أحبار الورق والرسائل، ولم يلحظ قلبها العقاد ولا الرافعي ولا غيرهم من أدباء الجيل الذين تقربوا وتوددوا ورأتهم ورأوها رأي العين؛ حتى وإن كان حبهم كذلك حبًّا أدبيًّا لا غاية له إلا استثارة القلم على الحبر وهم ينعمون بدفء زوجاتهم وعيالهم.

بين حبين أجوفين، بقي حب مي مشتعلًا صادقًا متوهجًا وبقيت معه العزباء الوحيدة بينهم إلى أن ماتت، ليس لأن حبها حقيقيًا ولكنه حبُّ البعيد للبعيد، والمترقب للمتجاهل، فكان هذا وقوده لا غير؛ ربما لو حظيت بجران حقيقة ولو يومًا لالتفتت لغيره.

لأن قلبها حينها قد فقد ما يتعبه وما يؤرقه وما يضنيه.
أدعو الله بأشياء أغفل عنها بين زحام النعم ووطأة الأيام: أن يحفظ لقلبي لينَه في مواطن الرحمة، ولجسدي قوته في مواضع البأس، وللساني طلاقته في مواضع الكَلم، وألا تعجز عيني يومًا عن الاندهاش لما يستحق!
يُرعبنِي معنىٰ الخلود، قدرَ ما يُريحُني.
هل نظرت جيدًا إلى الصورتين؟

المهتم بفلسفة المعمار الإسلامي خصوصًا في أوج ازدهار الأندلس، يلاحظ أن معظم الأحياء الغربية تستوحي تصميمها من هذه الفلسفة العمرانية: توسع أفقي لا رأسي لدخول الضوء وإضفاء براح للمكان، حديقة وخلوة للاستجمام والتجمعات العائلية، أشجار ونبتات، وقديمًا نافورة ماء تتوسط المنزل بسقف مفتوح...وإلخ. في حين يتنافس الثري العربي-المصري المعاصر على شراء مقابر أسمنتية جماعية للأحياء بملايين الجنيهات.

هذه هي الطبقية التي نهى عنها الإسلام؛ ناطحات سحب وشقق سكنية يعلو الناس فيها بعضهم بعضًا، محشورين في علب وجدران ترى الشمس بشق الأنفس، وتبث فيهم الكآبة والضجر والتنافس الذميم، وكأنها تمثيل للمهن والألقاب والرتب التي يحملونها في حياتهم ولا يعرفون أنفسهم إلا بها.

حياة رأسمالية قذرة كلها تصنع ومظاهر خداعة وتدني للذائقة.

وأنا هنا لا أمجد في الغرب -يغور الرجل الأبيض في داهية- لكن أقارن بين حالنا قديمًا في أوج حضارتنا ومجدنا وعزنا وحالنا البائس الآن ومدى الانحدار التام في كل المناحي الثقافية والاجتماعية والعمران والاقتصاد، وكأنه انعدام ذوق وغباء متفشي في هذه الطبقات البرجوازية رغم الغنى ورغد العيش.
2024/12/22 07:06:56
Back to Top
HTML Embed Code: