التعليقات معظمها من نساء يثنين على حكمة الشيخ.
وفاتهم أمر، وهو أن الرجل لو طلقها وفقاً للقوانين الموجودة فغالباً ستأخذ منه نفقات وتأخذ حضانة الأولاد وسكناً وأموراً كثيرة، مع كونها هي الخائنة.
توجد آية معروفة في الموضوع لا يذكرونها البتة، قال تعالى: {ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبيِّنة} [النساء].
قال ابن كثير في تفسيره عند الكلام على الفاحشة المبيِّنة: "واختار ابن جرير أنه يعم ذلك كله: الزنا، والعصيان، والنشوز، وبذاء اللسان، وغير ذلك.
يعني: أن هذا كله يبيح مضاجرتها حتى تبرئه من حقها أو بعضه ويفارقها، وهذا جيد".
فهذه لا ينطبق عليها آية التسريح بإحسان، خصوصاً مع القوانين الحديثة، فالخيانة من أعظم النشوز.
فمضارة الخائنة للتنازل عن الأموال التي تجنيها من الزوج أمر مشروع، ومشار إليه في القرآن وتكلم عنه المفسرون، ومع ذلك هو مهمل، حتى إنه لا يعرفه إلا قلة من الناس.
التعليقات التي تثني على كلام هذا الشاب أكثر بكثير من تلك التي تواسي الزوج المسكين، ولا توجد أي تعليقات تقدم له حلولاً فيما يتعلق بمعضلة السكن والنفقات والحضانة.
هذا أمر فشا في زماننا وانتشر، وهو وجود شعور جمعي عند النساء بالمظلومية المشتركة، تتمثل بمشاركات في مواقع التواصل وتعليقات على كل موضوع يرينه يخدم هذه المظلومية، ثم تجاوز الأمر إلى تعليقات في كل ما يرينه مكاسب لجنس الأنثى، حتى ولو كانت على سلوك لا يرتضين أن يوصفن به.
وتفاعل مع ذلك عدد من المشاهير واستفادوا منه.
قد كنا في يوم من الأيام مع شبهات ملف المرأة، حتى إنه مرة كلمني نصراني يريد الإسلام وكان أكبر حاجز أمامه ملف المرأة (والحمد لله أسلم).
ثم صرنا في ملف الفتاوى الخادمة لما تريده المرأة العصرية، التي ترى الأنوثة هي أخص صفاتها، فلا الإسلام ولا غيره أخص من صفة الأنوثة (وأما الصالحات اللواتي يقدمن الدين على غيره فهن خارج هذا السياق).
وفي أحيان كثيرة يجتمع علينا الأمران، وأعاننا الله -إن فسح الله بالمدة- على جيل يتربى على يد نساء بهذه التوجهات الفكرية.
وفاتهم أمر، وهو أن الرجل لو طلقها وفقاً للقوانين الموجودة فغالباً ستأخذ منه نفقات وتأخذ حضانة الأولاد وسكناً وأموراً كثيرة، مع كونها هي الخائنة.
توجد آية معروفة في الموضوع لا يذكرونها البتة، قال تعالى: {ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبيِّنة} [النساء].
قال ابن كثير في تفسيره عند الكلام على الفاحشة المبيِّنة: "واختار ابن جرير أنه يعم ذلك كله: الزنا، والعصيان، والنشوز، وبذاء اللسان، وغير ذلك.
يعني: أن هذا كله يبيح مضاجرتها حتى تبرئه من حقها أو بعضه ويفارقها، وهذا جيد".
فهذه لا ينطبق عليها آية التسريح بإحسان، خصوصاً مع القوانين الحديثة، فالخيانة من أعظم النشوز.
فمضارة الخائنة للتنازل عن الأموال التي تجنيها من الزوج أمر مشروع، ومشار إليه في القرآن وتكلم عنه المفسرون، ومع ذلك هو مهمل، حتى إنه لا يعرفه إلا قلة من الناس.
التعليقات التي تثني على كلام هذا الشاب أكثر بكثير من تلك التي تواسي الزوج المسكين، ولا توجد أي تعليقات تقدم له حلولاً فيما يتعلق بمعضلة السكن والنفقات والحضانة.
هذا أمر فشا في زماننا وانتشر، وهو وجود شعور جمعي عند النساء بالمظلومية المشتركة، تتمثل بمشاركات في مواقع التواصل وتعليقات على كل موضوع يرينه يخدم هذه المظلومية، ثم تجاوز الأمر إلى تعليقات في كل ما يرينه مكاسب لجنس الأنثى، حتى ولو كانت على سلوك لا يرتضين أن يوصفن به.
وتفاعل مع ذلك عدد من المشاهير واستفادوا منه.
قد كنا في يوم من الأيام مع شبهات ملف المرأة، حتى إنه مرة كلمني نصراني يريد الإسلام وكان أكبر حاجز أمامه ملف المرأة (والحمد لله أسلم).
ثم صرنا في ملف الفتاوى الخادمة لما تريده المرأة العصرية، التي ترى الأنوثة هي أخص صفاتها، فلا الإسلام ولا غيره أخص من صفة الأنوثة (وأما الصالحات اللواتي يقدمن الدين على غيره فهن خارج هذا السياق).
وفي أحيان كثيرة يجتمع علينا الأمران، وأعاننا الله -إن فسح الله بالمدة- على جيل يتربى على يد نساء بهذه التوجهات الفكرية.
المعوذتان وعلاقتهما بقصة البداية (قصة آدم وإبليس)...
حين تقرأ سورة البقرة وهي أول سورة كتبت في المصحف، تجد أول قصة معك قصة آدم وإبليس، وذلك مناسب، فهي بداية قصتنا معاشر بني آدم.
وآخر سورتين كتبتا في المصحف سورة الفلق وسورة الناس، وقد بدا لي هذا العام أن بينهما علاقة.
فإبليس حمله على عدم السجود لآدم (الحسد).
قال ابن كثير في تفسيره: "وهذا بخلاف الحسد المذموم وهو تمني زوال نعمة المحسود عنه، سواء حصلت لذلك الحاسد أو لا، وهذا مذموم شرعا، مهلك، وهو أول معاصي إبليس حين حسد آدم -عليه السلام- على ما منحه الله تعالى من الكرامة والاحترام والإعظام".
وفي «العلل» لابن أبي حاتم ذُكر أثر عن أبي جحيفة: "إن المعصية في الحسد؛ إن الشيطان حسد آدم أن يسجد له فعصى ربه".
ونجد في سورة الفلق: {ومن شر حاسد إذا حسد}، وبعد الحسد وسوس لآدم بالشر ليُهلكه.
ونجد في سورة الناس الاستعاذة {من شر الوسواس الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس، من الجنة والناس}.
وقصتنا مع الحسد عظيمة، فما حصل بين ابني آدم وقتل أحدهما للآخر كان بابه الحسد، وكُفر أهل الكتاب بنبينا ﷺ كان بابه الحسد، وحالهم كان كحال إبليس، بدأوا بالكفر حسداً ثم بالوسوسة وإلقاء الشبهات، وكذلك كُفر كثير من أقوام الأنبياء بابه الحسد: {أأُلقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر}، وما حصل من إخوة يوسف بابه الحسد، وغيرها وغيرها.
والحسد والكبر يلتقيان، إذ سبق المستضعف إلى الخير، كما قال تعالى: {وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم} [الأحقاف].
وقال تعالى: {وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين} [الأنعام].
والكبر والحسد قد يجتمعان في بعض الناس، وقد ينفرد الكبر بأحدهم وهذا قد يقع للأعيان من الناس والأثرياء، وقد ينفرد بهم الحسد وهذا قد يقع للفقراء والمستضعفين، وغالباً تراهما متداخلين.
لذلك الصدقة على المساكين مع ترك المنِّ والأذى ومجالستهم ومحبة الخير لهم مبدأ ذهاب الكبر من النفوس.
وكذلك مشاهدة النعمة الدينية وتمني الخير للناس «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، فتصير محبتك الخير لهم عبادة تتعبد بها، فتنتفع بها وتجد ثوابها عند الله، فلا تتحسر على الخير الذي تراه عليهم، لأنك أثمرت من ورائه خيراً في الآخرة، فهذا علاج الحسد.
ولذلك توقير الأنبياء وتعزيرهم والصلاة عليهم من مذهبات الحسد من النفوس.
حين تقرأ سورة البقرة وهي أول سورة كتبت في المصحف، تجد أول قصة معك قصة آدم وإبليس، وذلك مناسب، فهي بداية قصتنا معاشر بني آدم.
وآخر سورتين كتبتا في المصحف سورة الفلق وسورة الناس، وقد بدا لي هذا العام أن بينهما علاقة.
فإبليس حمله على عدم السجود لآدم (الحسد).
قال ابن كثير في تفسيره: "وهذا بخلاف الحسد المذموم وهو تمني زوال نعمة المحسود عنه، سواء حصلت لذلك الحاسد أو لا، وهذا مذموم شرعا، مهلك، وهو أول معاصي إبليس حين حسد آدم -عليه السلام- على ما منحه الله تعالى من الكرامة والاحترام والإعظام".
وفي «العلل» لابن أبي حاتم ذُكر أثر عن أبي جحيفة: "إن المعصية في الحسد؛ إن الشيطان حسد آدم أن يسجد له فعصى ربه".
ونجد في سورة الفلق: {ومن شر حاسد إذا حسد}، وبعد الحسد وسوس لآدم بالشر ليُهلكه.
ونجد في سورة الناس الاستعاذة {من شر الوسواس الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس، من الجنة والناس}.
وقصتنا مع الحسد عظيمة، فما حصل بين ابني آدم وقتل أحدهما للآخر كان بابه الحسد، وكُفر أهل الكتاب بنبينا ﷺ كان بابه الحسد، وحالهم كان كحال إبليس، بدأوا بالكفر حسداً ثم بالوسوسة وإلقاء الشبهات، وكذلك كُفر كثير من أقوام الأنبياء بابه الحسد: {أأُلقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر}، وما حصل من إخوة يوسف بابه الحسد، وغيرها وغيرها.
والحسد والكبر يلتقيان، إذ سبق المستضعف إلى الخير، كما قال تعالى: {وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم} [الأحقاف].
وقال تعالى: {وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين} [الأنعام].
والكبر والحسد قد يجتمعان في بعض الناس، وقد ينفرد الكبر بأحدهم وهذا قد يقع للأعيان من الناس والأثرياء، وقد ينفرد بهم الحسد وهذا قد يقع للفقراء والمستضعفين، وغالباً تراهما متداخلين.
لذلك الصدقة على المساكين مع ترك المنِّ والأذى ومجالستهم ومحبة الخير لهم مبدأ ذهاب الكبر من النفوس.
وكذلك مشاهدة النعمة الدينية وتمني الخير للناس «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، فتصير محبتك الخير لهم عبادة تتعبد بها، فتنتفع بها وتجد ثوابها عند الله، فلا تتحسر على الخير الذي تراه عليهم، لأنك أثمرت من ورائه خيراً في الآخرة، فهذا علاج الحسد.
ولذلك توقير الأنبياء وتعزيرهم والصلاة عليهم من مذهبات الحسد من النفوس.
موضوع انتحار المراهقين وعلاقته بمواقع التواصل هذا فيه دراسات.
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون} [الأنفال].
هذه الآية يحملها الناس على حياة القلوب، وهي كذلك، غير أن الأمر يدخله حياة الأبدان أيضاً.
تأمل هذا الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي ﷺ: «انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛ فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم» رواه مسلم بهذا اللفظ.
هذا الحديث علاج لهؤلاء الشباب ولكثير من الناس الذي أصابهم الاكتئاب من مشاهدة مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي الذين يفاخرون بما عندهم.
وقد قال تعالى: {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى} [طه].
من هذا وغيره تعلم قيمة الوحي وما فيه من كنوز، ما أكثر ما ينظر الناس لغير المسلمين نظرة الإعجاب بما عندهم من دنيا، ولو فقهوا لرأوا كثيراً من أحوالهم عبرة تبيِّن ضياع الإنسان بعيداً عن الوحي.
وكم من مسلم بين يديه وحي الله وهو يهمله، فيصيبه ما أصابهم.
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون} [الأنفال].
هذه الآية يحملها الناس على حياة القلوب، وهي كذلك، غير أن الأمر يدخله حياة الأبدان أيضاً.
تأمل هذا الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي ﷺ: «انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛ فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم» رواه مسلم بهذا اللفظ.
هذا الحديث علاج لهؤلاء الشباب ولكثير من الناس الذي أصابهم الاكتئاب من مشاهدة مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي الذين يفاخرون بما عندهم.
وقد قال تعالى: {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى} [طه].
من هذا وغيره تعلم قيمة الوحي وما فيه من كنوز، ما أكثر ما ينظر الناس لغير المسلمين نظرة الإعجاب بما عندهم من دنيا، ولو فقهوا لرأوا كثيراً من أحوالهم عبرة تبيِّن ضياع الإنسان بعيداً عن الوحي.
وكم من مسلم بين يديه وحي الله وهو يهمله، فيصيبه ما أصابهم.
الاستمرارية بعد العيد وأصحاب المكتبات الكبيرة...
كثيراً ما ترى بعض المتحدثين يصور وخلفه مكتبة كبيرة، قد يبدو هذا مشهداً معتاداً، ولكنني أقف معه كثيراً، وأسال: في كم عام جمع هذه الكتب؟
كم أنفق عليها؟
كيف كوَّن هذه النهمة في القراءة؟
ما الذي ميزه عن غيره حتى اختص بهذا الأمر؟
كم قرأ منها؟
أجوبة هذه الأسئلة ستفيدنا جداً في جواب سؤال: ما علاج الفتور بعد رمضان؟!
فإن سألتني ما علاقة الموضوعين ببعضهما البعض؟
فأقول لك: عامتنا قرأ كثيراً في أيام الدراسة وصار عنده ملكة الانتفاع من الكتب، وأكثر أصحاب المكتبات علاقتهم مع الكتب بدأت في سياق إلزامي في أيام الدراسة.
ولكن كثيراً منا ترك القراءة بسبب ارتباطها بالالتزام في ذهنه، أو بسبب أنه لن يتمكن من حفظ كل كتاب سيشتريه كما كان يحفظ الكتب المدرسية.
أما أصحاب المكتبات فأخذوا هذه الملكة التي تعلموها في الدراسة وفعلوها، وصاروا يقرأون ما تيسر لهم، وإن لم يستطيعوا حفظ هذه الكتب أو دراستها تفصيلياً كما يفعلون في الكتب المدرسية.
وصاروا يجمعون اليسير منها فاليسير في كل مناسبة تعرض، حتى تكونت عندهم مكتبات كبيرة.
ولو حدثوا أنفسهم بوهم الكمال فقالوا: لا نشتري كتاباً إلا نقرأه كاملاً ونفهمه كاملاً أو لا نشتري إلا مكتبة ضخمة دفعة واحدة، لما تكوَّن عندهم هذا.
وهكذا العمل الصالح!
قال مسلم في صحيحه: "12- (2750) حدثنا يحيى بن يحيى التيمي، وقطن بن نسير -واللفظ ليحيى- أخبرنا جعفر بن سليمان، عن سعيد بن إياس الجريري، عن أبي عثمان النهدي، عن حنظلة الأسيدي، قال: -وكان من كُتَّاب رسول الله ﷺ- قال: لقيني أبو بكر، فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة، قال: سبحان الله ما تقول؟ قال: قلت: نكون عند رسول الله ﷺ يذكِّرنا بالنار والجنة، حتى كأنَّا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله ﷺ عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، فنسينا كثيرا، قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر، حتى دخلنا على رسول الله ﷺ قلت: نافق حنظلة يا رسول الله، فقال رسول الله ﷺ: «وما ذاك؟» قلت: يا رسول الله نكون عندك، تذكِّرنا بالنار والجنة، حتى كأنَّا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، نسينا كثيرا، فقال رسول الله ﷺ: «والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة»".
أقول: هذا الذي وقع في نفس حنظلة قد يقع في نفوس كثيرين بعد شهر رمضان، خصوصاً وأنهم يسمعون بعض المشايخ يقولون: من علامات القبول الاستمرار على حالك في رمضان بعد رمضان.
ويرون في أنفسهم نقصاً فيظنون أنهم لم يُقبَلوا ويقنطون، ولا يفكرون في الاستفادة من الملكات التي استفادوها من الشهر الفضيل.
والواقع من ظن أنه بعد رمضان سيكون كحاله في رمضان، فهو كمن ظن أنه في بيته مع أهله سيكون كحاله في مجلس الموعظة، كما ظن حنظلة رضي الله عنه.
غير أن الذي ينبغي أنك استفدت صبراً على الطاعة (في القيام) ونمَّيت علاقتك بكتاب الله وصبراً عن المعصية في الصيام.
فاعمل على هذه ولو بقدر يسير، فإنه يتراكم مع مرور الوقت، فالقيام ولو بركعات يسيرة والنظر في كتاب الله عز وجل والتدبر فيه ولو بقدر يسير يومياً، وتعويد النفس على البعد عما يخدش الحياء -خصوصاً في مواقع التواصل- ومعاصي البصر واللسان، وما أكثرها، ما استطعت ولو تلطخت قليلاً، فهذا هو المطلوب.
ويتراكم الأمر حتى تجد نفسك قد قطعت مراحل ما كنت تتخيلها في تهذيب النفس والطريق إلى الله عز وجل.
كثيراً ما ترى بعض المتحدثين يصور وخلفه مكتبة كبيرة، قد يبدو هذا مشهداً معتاداً، ولكنني أقف معه كثيراً، وأسال: في كم عام جمع هذه الكتب؟
كم أنفق عليها؟
كيف كوَّن هذه النهمة في القراءة؟
ما الذي ميزه عن غيره حتى اختص بهذا الأمر؟
كم قرأ منها؟
أجوبة هذه الأسئلة ستفيدنا جداً في جواب سؤال: ما علاج الفتور بعد رمضان؟!
فإن سألتني ما علاقة الموضوعين ببعضهما البعض؟
فأقول لك: عامتنا قرأ كثيراً في أيام الدراسة وصار عنده ملكة الانتفاع من الكتب، وأكثر أصحاب المكتبات علاقتهم مع الكتب بدأت في سياق إلزامي في أيام الدراسة.
ولكن كثيراً منا ترك القراءة بسبب ارتباطها بالالتزام في ذهنه، أو بسبب أنه لن يتمكن من حفظ كل كتاب سيشتريه كما كان يحفظ الكتب المدرسية.
أما أصحاب المكتبات فأخذوا هذه الملكة التي تعلموها في الدراسة وفعلوها، وصاروا يقرأون ما تيسر لهم، وإن لم يستطيعوا حفظ هذه الكتب أو دراستها تفصيلياً كما يفعلون في الكتب المدرسية.
وصاروا يجمعون اليسير منها فاليسير في كل مناسبة تعرض، حتى تكونت عندهم مكتبات كبيرة.
ولو حدثوا أنفسهم بوهم الكمال فقالوا: لا نشتري كتاباً إلا نقرأه كاملاً ونفهمه كاملاً أو لا نشتري إلا مكتبة ضخمة دفعة واحدة، لما تكوَّن عندهم هذا.
وهكذا العمل الصالح!
قال مسلم في صحيحه: "12- (2750) حدثنا يحيى بن يحيى التيمي، وقطن بن نسير -واللفظ ليحيى- أخبرنا جعفر بن سليمان، عن سعيد بن إياس الجريري، عن أبي عثمان النهدي، عن حنظلة الأسيدي، قال: -وكان من كُتَّاب رسول الله ﷺ- قال: لقيني أبو بكر، فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ قال: قلت: نافق حنظلة، قال: سبحان الله ما تقول؟ قال: قلت: نكون عند رسول الله ﷺ يذكِّرنا بالنار والجنة، حتى كأنَّا رأي عين، فإذا خرجنا من عند رسول الله ﷺ عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، فنسينا كثيرا، قال أبو بكر: فوالله إنا لنلقى مثل هذا، فانطلقت أنا وأبو بكر، حتى دخلنا على رسول الله ﷺ قلت: نافق حنظلة يا رسول الله، فقال رسول الله ﷺ: «وما ذاك؟» قلت: يا رسول الله نكون عندك، تذكِّرنا بالنار والجنة، حتى كأنَّا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات، نسينا كثيرا، فقال رسول الله ﷺ: «والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة»".
أقول: هذا الذي وقع في نفس حنظلة قد يقع في نفوس كثيرين بعد شهر رمضان، خصوصاً وأنهم يسمعون بعض المشايخ يقولون: من علامات القبول الاستمرار على حالك في رمضان بعد رمضان.
ويرون في أنفسهم نقصاً فيظنون أنهم لم يُقبَلوا ويقنطون، ولا يفكرون في الاستفادة من الملكات التي استفادوها من الشهر الفضيل.
والواقع من ظن أنه بعد رمضان سيكون كحاله في رمضان، فهو كمن ظن أنه في بيته مع أهله سيكون كحاله في مجلس الموعظة، كما ظن حنظلة رضي الله عنه.
غير أن الذي ينبغي أنك استفدت صبراً على الطاعة (في القيام) ونمَّيت علاقتك بكتاب الله وصبراً عن المعصية في الصيام.
فاعمل على هذه ولو بقدر يسير، فإنه يتراكم مع مرور الوقت، فالقيام ولو بركعات يسيرة والنظر في كتاب الله عز وجل والتدبر فيه ولو بقدر يسير يومياً، وتعويد النفس على البعد عما يخدش الحياء -خصوصاً في مواقع التواصل- ومعاصي البصر واللسان، وما أكثرها، ما استطعت ولو تلطخت قليلاً، فهذا هو المطلوب.
ويتراكم الأمر حتى تجد نفسك قد قطعت مراحل ما كنت تتخيلها في تهذيب النفس والطريق إلى الله عز وجل.