Telegram Web
هكذا يُؤدّب إمامُنا الصادق أشياعَهُ المُخلصين رواية جميلة.. جديرة بالتفكّر
:
❂ أحدُ أصحاب إمامِنا صادق العترة عليه السلام وهو يونس بن يعقوب يقول للإمام عليه السلام: (لَوِلائي لكم وما عرّفني اللهُ مِن حقّكم أحبُّ إليَّ مِن الدُنيا بحذافيرها قال يونس: فتبينتُ الغضبَ فيه، ثمَّ قال عليه السلام يا يُونس قِستنا بغير قياس، ما الدنيا وما فيها؟! هل هي إلّا سَدُّ فورة أو سَتر عَورة؟ وأنت لكَ بمحبتنا الحياة الدائمة) [بحار الأنوار: ج78]

[توضيحات]
معنى حذافيرُ الدُنيا: أي كُلُّ شيءٍ في الدنيا بما فيها ما ينفعُ الإنسان وما يضرُّه فيونس يقول للإمام: أنّ ولايتَكم أهل البيتِ أحبُّ إليَّ مِن الدنيا وما فيها

فماذا كانت ردّةُ فِعل الإمام؟
الرواية تُخبرنا بأنّ الإمام غضِبَ مِن كلام يونس! وقد يتعجّب الكثيرون هُنا ويتساءلون: ماذا قال يونس؟ وأين الخطأ في كلامه حتّى يغضب الإمام؟! لرُبّما الكثير مِن الناس لا يحلمونَ أن يكونَ أهلُ البيت عندهم بهذه المنزلة فهذا المعنى بالنسبةِ لنا معنىً في غاية الكمال: أن تكونَ ولايةُ أهلِ البيت أحبَّ إلينا مِن الدنيا بكُل ما فيها نحنُ نرى هذا الأمرَ عينَ الكمال أمّا الإمام فقد غَضِبَ مِن هذا الكلام، واعتبَرَهُ  إساءةَ أدب! عِلماً أنّنا إذا أردنا أن نقيسَ واقعنا، فحتّى مقامُ إساءةِ الأدب هذا أي حينما يكونُ أهلُ البيتِ أحبَّ إلينا مِن الدنيا وما فيها حتّى هذا المقام نحنُ أساساً ما بلغناهُ في حُبِّ أهل البيت هذه هي الحقيقة

أمّا سبب غضب الإمام وقولهِ ليونس: (ما أنصفتنـا.. قِسْتَنا بِغير قياس) فالإمام يُريد أن يقول: أيُّ قياسٍ هذا أن تُقايس بين ولايتنا وبين الدُنيا؟! ما قيمةُ الدنيا أساساً حتّى تقولَ أنَّ ولايتَنا أحبُّ إليك منها؟! هل للدنيا مِن قيمة؟! وكأنّكَ يا يونس بهذه العبارة تقول: أنّ ولايتي لكم يا آل مُحمّد وما عرّفني اللهُ مِن حقّكم أحبُّ إليّ مِن التوافه! لأنّ الدُنيا في حقيقتُها هي توافه في توافه ولِهذا الإمام اعتبرَ هذا سُوء أدب، وغَضِبَ مِن كلام يُونس وقال لهُ: (يا يُونس قِسْتنا بغيرِ قياس، ما الدنيا وما فيها، هل هِي إلّا سَدُّ فَورة، أو سترُ عورة)

معنى سدُّ فورة: إمّا فورة جُوع، أو فورة عطش، أو فورة سُلطان، أو فورةُ مُلك وهي حُبُّ الإنسان للزعامة والمُلك أو فورة نُعاس تُصيبُ الإنسان فتجعلهُ يريدُ أن ينام ويرتاح، أو فورة غضب هذه هي حقيقةُ الدنيا وهذا وصفُها في كلماتِ صادق العترة: إنّها مُجرّد فورات (سَدُّ فورة، أو سَتْرُ عورة)

والمُراد مِن سَتْر عَورة: يعني أنّ الدنيا ليستْ إلّا هذا الّلباس الذي تلبسهُ والبيت الَّذي تسكنُه وتستُر به عورَتك فما قيمةُ الدُنيا وما فيها في القِياس إلى ولاية أهل البيتِ؟!

ومِن هُنا كان مِن الظُلْم الشديد لأهل البيت أن يَرى الإنسانُ نعمةً في الوجود أعظمُ مِن نعمة ولايتهم صلوات الله عليهم ولايةُ أهل البيت أعظمُ نعمةٍ في الوجود، وهي الغنى الحقيقي بتمام معناه كما يُبيّن ذلكَ إمامنا الكاظم في هذه الرواية التي يقول فيها: (أنَّ رجلاً جاء إلى إمامنا الصادق فشكا إليه الفقر، فقال له الإمام: ليس الأمرُ كما ذكرت وما أعرفكَ فقيراً. فقال الرجل: واللهِ يا سيّدي ما استبيت -أي ليس عندي قوتُ ليلة- وذكَرَ مِن الفَقْر قطعة، والصادق يُكذّبه، إلى أن قال لهُ الإمام: أخبرني لو أُعطيتَ بالبراءةِ منّا مائةَ دينار، كنتَ تأخذ؟ قال الرجل: لا إلى أن ذكرَ له الإمام ألوفَ الدنانير والرجل يَحلف أنّه لا يفعل، فقال الإمام: مَن معهُ سلعة يُعطى بها هذا المال لا يبيعها أهو فقير؟!) [آمال الطوسي]

[لفتــة]
واقعاً إذاً لم ننظُر إلى هذهِ النعمة العُظمى نعمة الولاية لِمحمّدٍ وأهلِ بيتهِ الأطهار التي أنعمَ بها علينا نبيّنا الأعظم إذا لم ننظر إليها بِهذه العظَمة حينئذ لن نتمكّنُ مِن شُكرِها وإذا لم نَتمكّن مِن شُكرِها، فإنّ النعمةَ ستُسلَب مِنّا وإذا لم تُسلب فإنّها لا تزداد! فالنعمةُ بنصِّ القُرآن تَزدادُ مع الشُكْر والإنسانُ إذا لم يعرفْ قَدْرَ النعمةِ فكيف يتمكَّنُ مِن شُكرها وأداء حقّها؟!

●➼‌┅═❧═┅┅───┄
🔘 @alwilaya
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
وقفة عند أبزرِ صفاتِ المُنتظرينَ حقّاً لإمامِ زمانِنا في حديثِ إمامِنا العسكري
:
❂ يقولُ إمامُنا العسكريُّ وهو يُحدّثُ إمامَ زمانِنا عن أبرزِ أوصافِ المخلصينَ مِن الشيعة، يقول: (واعلم أنّ قلوبَ أهلِ الطاعةِ والإخلاصِ نُزّعٌ إليك مثل الطير إذا أمّتْ أوكارَها) [كمال الدين]

[توضيحات]
عبارةٌ جميلةٌ وبليغة، بل في غايةِ البلاغة، سنقفُ عند بعضِ مُفرداتِها لتوضيح المعنى

• قوله: (أنّ قلوبَ أهلِ الطاعة والإخلاصِ نُزّعٌ إليك) معنى "نُزّعٌ إليك" أي مُتوجّهةٌ بتمامِها إليك، كما يتوجّهُ السهمُ إلى هدفه، فقلوبُ أهلِ الإخلاصِ تشتاقُ إلى الإمامِ شديدَ الشوق، فهي في غايةِ الإسراع، بل في حالةِ فِرارٍ إلى إمامِ زمانِنا ونحنُ مأمورونَ بالفرارِ إلى اللهِ كما يقولُ القرآن: {ففِرُّوا إلى الله إنّي لكم مِنه نذيرٌ مُبين} والفرارُ إلى اللهِ لا يُترجَمُ على أرضِ الواقع إلّا بالفِرارِ إلى أهلِ البيت عليهم السلام لأنّ اللهَ تعالى ليس في جهةٍ مُعيّنةٍ حتّى نَفِرَّ إلى تلك الجهة، إذا أردنا أن نَفِرَّ إلى اللهِ فلابُدّ أن نتوجّهَ إلى وجهِه، ووجهُ الله هم أهلُ البيت عليهم السلام وفي زمانِنا هذا وجهُ هو إمامُ زمانِنا كما نُخاطبهُ في دعاء الندبة: (أين وجهُ اللهِ الذي إليه يتوجّهُ الأولياء) فجهةُ الفرارِ إلى اللهِ هي: وجهُ اللهِ الذي إليه يتوجّه الأولياء جهةُ الفرارِ هي إمامُ زمانِنا كما نقرأ في الزيارة الجامعة الكبيرة: (مَن أراد اللهَ بدأ بكم)

فإمامُنا العسكريُّ عليه السلام يقول أنّ قلوبَ أهلِ الطاعةِ والإخلاص تشتاقُ شديدَ الشوقِ إلى إمامِ زمانِنا كما تشتاقُ الطيورُ إلى أوكارها فتعود لأوكارِها مساءً، وهو تشبيهٌ جميلٌ ولطيفٌ ودقيق

فمعنى أوكار الطيور: هي الأعشاشُ والبيوتُ والأوطانُ التي تأوي إليها الطيور، فالطيورُ تشتاقُ إلى أعشاشِها ولذا تعودُ إليها في وقتٍ دقيقٍ ومُحدّد مساءً إذا حلَّ الظلام، وليس كالإنسانِ الذي لا يلتزمُ بوقتٍ مُعيّن في رجوعهِ إلى بيتهِ الطيورُ تعودُ إلى أعشاشِها في وقتٍ ثابتٍ ومُحدّد حتّى في أيّامِ المطرِ الشديد والأعاصير وكذلك في الأيّامِ الشديدةِ الحرارة، لذا قال الإمام أنّ قلوبَ أهلِ الطاعةِ والإخلاصِ نُزّعٌ إلى إمامِ زمانِهم مثلَ الطيور إذا رجعت لِأوكارِها، لأنّ الإمامَ بالنسبةِ للشيعة المُخلصين هو وطنُهم وهو عُشُّهم ووكرُهم، فهُم لا يجدونَ الاطمئنان ولا يجدون الرحمة والحنان والرأفةَ ولا يجدون الكرامةَ والعِزّة ولا يجدون الحقَّ إلّا في الفناء الأقدسِ لإمامِ زمانِنا، ويُشيرُ إلى هذا المعنى إمامُنا الكاظم عليه السلام وهو يُبيّن معنى قولِهِ: {وأسبغ عليكم نِعَمَهُ ظاهرةً وباطنة} إذ يقول (النعمةُ الظاهرة الإمامُ الظاهر، والباطنة: الإمامُ الغائب، فحين سألوه ويكون في الأئمّةِ مَن يغيب؟ قال: نعم يغيبُ عن أبصارِ الناسِ شخصُه ولا يغيبُ عن قلوبِ المؤمنين ذِكرُه)

لماذا لا يغيبُ ذكرهُ عن قلوبِ المؤمنين؟
الجواب واضح، لأنّ قلوبَ المُؤمنين المخلصين نُزّعٌ إلى الإمامِ مثل الطيرِ إلى أوكارِها فالإمامُ يغيبُ شخصُهُ فقط عن أبصارِ الناس، ولكنّه في حقيقتِهِ ليس غائباً الإمامُ هو الغائبُ الشاهد، هو غائبٌ عن أنظارنا ولكنّه شاهدٌ على أنظارِنا وعلى كلِّ جارحةٍ مِن جوارِحنا، بل على كلِّ نَفَسٍ وكلِّ خَلَجةٍ مِن خَلَجاتِ أنفُسِنا فلا يغيبُ عن قلوبِ المؤمنين المُخلصين ذِكره

وأمّا مَن هم أهلُ الإخلاص وما أوصافُهم؟
فيُجيبُنا إمامُنا السجّاد عليه السلام في هذه الرواية التي يُحدّثُنا فيها عن أوصافِ المُنتظرين حقّاً لإمام زمانِهم، فيقول: (إنّ أهلَ زمانِ غيبتهِ، القائلينَ بإمامتِهِ، المُنتظرينَ لظهوره، أفضلُ أهل كلِّ زمان؛ لأنّ اللهَ تعالى ذِكرهُ أعطاهم مِن العقولِ والأفهامِ والمعرفة ما صارت به الغيبةُ عندهم بمنزلةِ المُشاهدة، وجعلَهم في ذلك الزمانِ بمنزلةِ المجاهدينَ بين يدي رسول الله بالسيف، أولئك المُخلصونَ حقّاً، وشيعتُنا صِدقاً، والدُعاةِ إلى دينِ الله سِرّاً وجهراً) [غيبة النعماني]

هذه الرواية يجب على الشيعي في كلِّ لحظةٍ أن يُدقّقَ النظر فيها، فهي تُحدّثُنا عن زمانِ الغَيبة وتُخبِرُنا بأنّه في زمانِ الغَيبة قد يتمكّنُ الناسُ مِن أن تكون الغَيبةُ عندهم بمنزلةِ المُشاهدة وذلك حينما يملكون عقيدةً سليمةً بإمامِ زمانِهم وهذا أعظمُ توفيقٍ وأعظمُ تسديدٍ ينالُهُ العبدُ مِن الله ومِن إمام زمانه وإنّما يبلغُ العبدُ إلى هذه المرتبة: (أن تكونَ الغَيبةُ عندهُ بمنزلة المُشاهدة) بهذه الأوصاف التي ذكرها إمامُنا السجّاد عليه السلام فأصحابُ هذه الأوصاف هم المُخلصون حقّاً كما يقولُ الإمام: (أولئك المُخلصونَ حقّاً وشيعتُنا صِدقاً) فصِفةُ الإخلاصِ هي التي تكونُ سَبَباً للبلوغ إلى هذه المرتبة، والإخلاصُ إنّما يكونُ في قلبِ الإنسان

●➼‌┅═❧═┅┅───┄
🔘 @alwilaya
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
سبيلُ الخلاص مِن كُلّ شدّةٍ ومِحنة هو الّلجوء إلى إمام زماننا
:
✸ يقول إمامُنا الثامِن ووليّنا الضامِن الإمام الرضا صلوات الله عليه: (إذا نزلتْ بكم شدّة فاستعينوا بنا على الله، وهُو قول الله عزّ وجلَّ {وللهِ الأسماءُ الحُسنى فادعوه بها} قال أبوعبدالله الصادق عليه السلام نَحنُ واللهِ الأسماء الحسنى التي لا يُقبل مِن أحدٍ إلّا بمَعرفتنا، قال: {فادعوه بها}) [تفسير البرهان: ج2]

[توضيحات]
الإمام الرضا في الحديثِ أعلاه يُوصي أشياع أهل البيت أن إذا نزلتْ بِكُم نازلة ووقعتم في مِحنةٍ وشدّةٍ فاستعينوا بمُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ لِحلّها وكشف الكرب عنكم ويُؤكّد على هذا الأمر نبيّنا الأعظم في حديثٍ لهُ يقول فيه: (يا عباد الله، إنَّ آدم لمّا رأى النُورَ ساطعاً مِن صُلْبه، إذْ كان تعالى قد نقَلَ أشباحنا مِن ذُروة العَرش إلى ظَهره -أي إلى ظهر آدم- رأى -آدمُ- النورَ ولم يتبيّن الأشباح فقال: يا ربّ، ما هذهِ الأنوار؟ قال الله عزّ وجلّ أنوارُ أشباحٍ نقلتُهم مِن أشرف بقاع عَرشي إلى ظهرك، ولذلكَ أمرتُ الملائكةَ بالسُجود لك، إذْ كُنتَ وعاءً لتلكَ الأشباح فقال آدم: يا رب، لو بيّنتها لي؟ فقال اللهُ عزَّ وجلَّ: انظرْ -يا آدم- إلى ذُروة العَرش، فنظر آدم ووقعَ نُور أشباحنا مِن ظَهْر آدم على ذُروة العَرش، فانطبعَ فيه صُوَرُ أنوار أشباحنا التي في ظَهره كما ينطبعُ وجهُ الإنسانِ في المِرآة الصافية، فرأى أشباحنا فقال آدم: ما هذهِ الأشباح،يا ربّ؟ قال اللهُ تعالى: يا آدم، هذهِ أشباحُ أفضلِ خلائقي وبريّاتي، هذا مُحمّدٌ، وأنا المحمود الحميد في أفعالي، شققتُ لهُ اسْماً مِن اسْمي، وهذا عليّ، وأنا العليُّ العظيم، شققتُ لهُ اسْماً مِن اسِمي، وهذهِ فاطمة وأنا فاطرُ السماواتِ والأرض، فاطمُ أعدائي مِن رحمتي يوم فصْل القضاء، وفاطمُ أوليائي ممّا يعتريهم ويشينهم، فشققتُ لها اسْماً مِن اسمي، وهذانِ الحسنُ والحسين وأنا المُحسن المُجمل، شققتُ اسْمهما مِن اسْمي، هؤلاء خيارُ خليقتي وكرامُ بريتي، بهم آخذُ وبهم أُعطي، وبهم أعاقب وبهم أثيب، فتوسَّل بهم إليَّ - يا آدم - وإذا دهتكَ داهيةٌ فاجْعَلهُم إليَّ شُفعاءك، فإنَّي آليتُ على نفسي قَسَماً حقّاً أن لا أخيّب لهم آملاً، و لا أرُدَّ لهم سائلاً، فلذلكَ حين زلَّتْ منهُ الخطيئة دعا الله عزّ وجلّ بهم، فتاب عليه وغفر له)[تفسير الإمام العسكري]

• لاحظوا هذهِ العبارة من الحديث: (فتوسّل بهم إليّ -يا آدم- وإذا دَهَتْكَ داهيةٌ فاجعَلهُم إليَّ شُفعاءك، فإنّي آليتُ على نفسي قَسَماً حقّاً أن لا أخيّب لهم آملاً، ولا أرُدّ لهم سائلاً) هذا قَسَمٌ مِن الله تعالى بأن لا يردّ أحداً سألهُ ودعاهُ صادقاً مُخلصاً مِن خلال مُحمّدٍ آل مُحمّدٍ صلواتُ الله عليهم فيا أشياع أهل  البيت في شرق الأرض وغربها توجّهوا إلى سبيلِ النجاةِ الوحيد الذي تُخاطبونَهُ في زيارتهِ الشريفة: (السلام عليك يا سفينة النجاة) توجّهوا إلى إمامِ زمانكم ولا تُعلّقوا آمالاً بأنّ الفرج يُمكن أن يأتي مِن بابٍ آخر غير بابِ الحجّة بن الحسن.

لا تُعلّقوا آمالاً حتّى على سعيكم وجُهدكم الشخصي لِرفع المحنةِ عنكم فإنّ سَعي العَبد بِمُفردهِ مِن دُون الّلجوءِ إلى إمام زمانهِ سَيٌ خائب كما يقول نبيّنا الأعظم صلّى الله عليه وآله (أوحى اللهُ إلى بَعْضِ أنبيائهِ في بعْض وحيه إليه، فقال: وعزّتي وجلالي، لأقطعنَّ أملَ كُلِّ مُؤمّلٍ غيري بالإياس، ولأكسونّه ثوبَ المذلّة في الناس، ولأُبعدنه مِن فَرَجي وفَضْلي أيؤمّل عبدي في الشدائد غيري، أو يرجو سوايَ، وأنا الغنيُّ الجواد؟! بيدي مفاتيحُ الأبواب وهي مُغلّقة، وبابي مفتوحٌ لِمَن دعاني ألم يعلم أنّه ما أوهنتهُ نائبةٌ -أي ما أضعفتهُ مُصيبةٌ- لم يملكْ كشفها عنهُ غيري؟ فما لي أراهُ بأملِهِ مُعرضاً عنّي؟!
قد أعطيتهُ بجُودي وكرمي ما لم يسألني، فأعرضَ عنّي ولم يسألني وسألَ في نائبته غيري، وأنا اللهُ أبتدئُ بالعَطيّة قبلَ المسألة، أفأُسَألُ فلا أُجيب؟ كلّا، أو ليسَ الجُود والكرمُ لي؟ أو ليستْ الدُنيا والآخرة بيدي؟ فلو أنَّ أهْل سبع سماواتٍ وأرضين سألوني جميعاً فأعطيتُ كُلّ واحدٍ منهم مَسألته، ما نقَصَ ذلك مِن مُلكي مثلُ جناح بعوضة، وكيف ينقصُ مُلْك أنا قَيّمُهُ؟ فيا بؤساً لِمَن عصاني ولم يُراقبني..)
[عدّة الداعي]

●➼‌┅═❧═┅┅───┄
🔘 @alwilaya
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
في ثقافةِ العِترة: الدعاءُ بتعجيلِ الفرج وبالانتقامِ للزهراء حقٌّ واجبٌ لأهلِ البيتِ في أعناقِنا بعد كُلِّ فريضة
:
❂ يقولُ إمامُنا الصادق صلواتُ اللهِ عليه: (إنّ مِن حُقوقِنا على شيعتِنا أن يضعوا بعد كُلِّ فريضةٍ أيديهِم على أذقانِهم -تضرُّعاً- ويقولوا ثلاثَ مرّات: يا ربَّ محمّدٍ عجّل فرجَ آلِ محمّد، يا ربَّ محمّدٍ احفظ غَيبةَ محمّد، يا ربَّ محمّدٍ انتقم لابنةِ محمّد) [مكيال المكارم: ج2]

[توضيحات]
✦ الدعاءُ بتعجيلِ فرجِ إمامِ زمانِنا صلواتُ اللهِ عليه وبالانتقام للصدّيقةِ الكبرى صلواتُ الله عليها مِن قتَلَتِها وظالميها حقٌّ واجبٌ لأهلِ البيتِ صلواتُ اللهِ عليهم في أعناقِنا في دُبرِ كلِّ فريضة، وليس أمراً مُستحب، لأنّ الإمامَ يقول: (إنّ مِن حُقوقِنا على شيعتِنا) وأداءُ حُقوقِ أهلِ البيتِ أمرٌ واجبٌ وليس مُستحَب

✦ أمّا تخصيصُ الإمام للزهراء صلواتُ الله عليها بالذِكرِ لها والدعاء بالانتقام مِن قتَلَتِها مِن بين سائرِ الأئمّة صلواتُ اللهِ عليهم فلأنّ الزهراء صلواتُ الله عليها هي القيّمةُ على دينِنا، وهي القربانُ الأوّلُ مِن قرابين آلِ محمّدٍ لتحقيقِ مشروع اللهِ في الأرض، ومُصيبةُ الزهراء صلواتُ الله عليها هي فاتحةُ الرزايا والمصائبِ الّتي صُبّت على آلِ محمّد، فالذين ظلموا الزهراء صلواتُ اللهِ عليها وقتلوها مِن رموزِ السقيفةِ المشؤومةِ هم الّذين أسّسوا ومهّدوا لِظلمِ آلِ محمّد، وصاروا أساسَ كُلِّ بليّةٍ جرت وتجري على أهلِ البيتِ إلى يومِك هذا ولذا جاء تأكيدُ الأئمّةِ على مسألةِ الدعاء بالانتقامِ للزهراء صلواتُ اللهِ عليها والأخذِ لها بحقّها في مواطن عديدة، مِنها ما جاء في زيارتِها، حيثُ نقرأ فيها: (السلامُ على البتولةِ الطاهرة، والصدّيقةِ المعصومة، والبرّةِ التقية، سليلةِ المصطفى، وحليلةِ المرتضى، وأمُّ الأئمةِ النُجباء، الّلهُمّ إنّها خرجت مِن دُنياها مظلومةً مغشومة، قد مُلِئت داءً وحسرة، وكمَداً وغصّة، تشكو إليك وإلى أبيها ما فُعِل بها، الّلهُمّ انتقم لها وخُذ لها بحقّها..) [البحار-ج100]

❂ أيضاً ورد نفس هذا المضمون في كلماتِ إمامِنا الهادي، إذ يقول: (الّلهُمّ وصلّ على الزهراء البتول، ابنةِ الرسول، أمّ الأئمّةِ الهادين، سيّدةِ نساء العالمين، وارثةِ خيرِ الأنبياء، وقرينةِ خير الأوصياء، القادمةِ عليك مُتألّمةً مِن مُصابِها بأبيها، مُتظلّمةً ممّا حلَّ بِها من غاصبيها، ساخطةً على أمّةٍ لم ترعَ حقّكَ في نُصرَتِها، بدليلِ دفنِها ليلاً في حُفرتِها،
المُغتصَبةِ حقَّها، والمُغصّصةِ برِيقِها، صلاةً لا غايةَ لأمَدِها ولا نهايةَ لمدَدِها ولا انقضاءَ لعددِها، الّلهُمّ فتكفّل لها عن مكارهِ دارِ الفناءِ في دارِ البقاءِ بأنفسِ الأعواض، وأنلْها ممَن عاندها نهايةَ الآمالِ وغايةَ الأغراض، حتّى لا يبقى لها وليٌّ ساخِطٌ لسخَطِها إلّا وهو راضٍ، إنّك أعزُّ مَن أجار المظلومين وأعدلُ قاضٍ. الّلهُمّ ألحِقها في الأكرام ببعلها وأبيها وخُذ لها الحقَّ مِن ظالميها
) [مصباح الزائر]

✦ وهذا الانتقامُ الإلهيُّ للزهراء صلواتُ الله عليها إنّما يتحقّقُ على يدِ إمامِ زمانِنا صلواتُ اللهِ عليه، فإنّ اللهَ ينتقِمُ به لفاطمةَ وآلِها الأطهار مِن أعدائهم، كما يقولُ إمامُنا الصادق صلواتُ اللهِ عليه في معنى قولِهِ تعالى: {إنّهم يكيدونَ كيدا*وأكيدُ كيدا} قال: (كادوا رسولَ اللهِ وكادوا عليّاً وكادوا فاطمة، فقال الله: يا محمّد، إنّهم يكيدون كيداً وأكيدُ كيدا، فمَهِّل الكافرينَ يا محمّدُ أمهِلهُم رُويداً لوقتِ بعثِ القائم، فينتقمُ لي مِن الجبابرةِ والطواغيتِ مِن قريشِ وبني أُميّةَ وسائرِ الناس) [تفسير القمّي]

✦ فإمامُ زمانِنا صلواتُ اللهِ عليه هو المُنتقِم مِن أعداءِ فاطمةَ صلواتُ الله عليها وهو الّذي يُخرِجُ قتَلَتَها أبي بكرٍ وعمر ويُحرِقُهما، كما يقولُ رسولُ اللهِ في حديثٍ مُفصّلٍ له ليلة الإسراء، جاء فيه: فقال اللهُ تعالى لرسولِهِ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم: (وهذا القائمُ الّذي يُحلّل حلالي ويُحرِّمُ حرامي، وبه أنتقِمُ مِن أعدائي، وهو راحةٌ لأوليائي، وهو الّذي يشفي قُلُوبَ شيعتِك مِن الظالمينَ والجاحدين والكافرين، فيُخرجُ الّلاتَ والعُزَى طريّين فيُحرِقُهُما) [كمال الدين]

✦ ويُؤكّد هذا المعنى إمامُنا الباقر صلواتُ اللهِ عليه إذ يقولُ لأحدِ أصحابِهِ: (أما لو قام قائمُنا، لقد رُدّت إليه الحُميراء حتّى يجلِدَها الحد، وحتّى ينتقمَ لابنةِ محمّدٍ فاطمة صلواتُ الله عليها مِنها)

●➼‌┅═❧═┅┅───┄
🔘 @alwilaya
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
أوّلُ مَن وقع عليه الظُلمُ والقَهرُ وأُخرِجَ مِن ديارِهِ بغَيرِ حقٍّ؛ فاطِمةُ الزهراء!
:
❂ يقولُ إمامُنا الصادق صلواتُ الله عليه في قولِهِ تعالى: {الّذين أُخرجوا مِن دِيارِهم بغيرِ حقّ} قال: (نزلت فينا خاصّة؛ في أميرِ المؤمنين وذُريّتِهِ وما ارتُكِب مِن أمرِ فاطِمة صلواتُ اللهِ عليهم) [تأويل الآيات]

[توضيحات]
مِن الظُلاماتِ المُوجعةِ الّتي جرت على الصدّيقةِ الكبرى صلواتُ الله عليها بعد شهادةِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم هو منعُ القومِ لها مِن البُكاء، والسعي لإخراجِها مِن مدينةِ أبيها سيّدِ الكائنات! فلم يكفِ القومَ انتهاكُ حُرمتِها والهُجومُ على دارِها وعصْرُها بين الحائطِ والبابِ وكسْرُ ضِلعِها وإسقاطُ جنينِها، وركلُها وإنهاكُها مِن الضربِ ووكزُها بنعْلِ السيفِ في خاصرتِها وتعذيبُها وشتْمُها وقذفُها! لم يكتفوا بكُلِّ هذا الظُلْم الفظيع بل منعوها حتّى مِن البكاءِ على أبيها رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم،
كما يذكرُ ذلك الشيخُ المجلسي في البحار، إذ يقول: (واجتمع شيوخُ أهلِ المدينةِ وأقبلوا إلى أميرِ المؤمنين فقالوا له: يا أبا الحسن، إنّ فاطِمةَ تبكي الّليل والنهارَ فلا أحدٌ مِنّا يتهنّا بالنومِ في الّليلِ على فُرُشِنا ولا بالنهارِ لنا قرارٌ على أشغالِنا وطَلَبِ معايشِنا، وإنّا نُخبِرك أن تسألَها إمّا أن تبكي ليلاً أو نهاراً فأقبل أميرُ المؤمنين حتّى دخل على فاطمةَ وهي لا تفيقُ مِن البكاءِ ولا ينفعُ فيها العزاء،
فلمّا رأتهُ سكنت هُنيئةً له، فقال لها سيّدُ الأوصياء: يا بنتَ رسولِ الله، إنّ شُيوخَ المدينة
 -أي رؤوسُ القوم وكِبارُهم وزعماؤهم- يسألوني أن أسألكِ إمّا أن تبكين أباكِ ليلاً وإمّا نهاراً، فقالت الزهراء: يا أبا الحسن، ما أقلَّ مكثي بينهم -أي ما أقلَّ بقائي- وما أقربَ مَغيبي مِن بين أظهُرِهم، فو اللهِ لا أسكتُ ليلاً ولا نهاراً أو ألحقَ بأبي رسولِ الله، فقال لها أميرُ المؤمنين: افعلي يا بنتَ رسولِ اللهِ ما بدا لكِ. ثمّ إنّه بنى لها بيتاً في البقيعِ نازحاً عن المدينةِ يُسمّى بيتَ الأحزان وكانت إذا أصبحت صلواتُ اللهِ عليها قدّمت الحسنَ والحُسينَ أمامَها وخرجت إلى البقيعِ باكية فلا تزالُ بين القُبورِ باكيةً، فإذا جاء الّليل أقبل أميرُ المؤمنين إليها وساقها بين يديه إلى منزلِها) [البحار: ج43]

✦ قولُ شُيوخ المدينة للأمير صلواتُ الله عليه: (وإنّا نُخبرُك أن تسألَها إمّا أن تبكي ليلاً أو نهارا) كان هذا الطلَبُ مِنهم فقط في بادئ الأمر أمّا بعد ذلك فقد طلبوا مِن الأمير أن لا تبكي الزهراء صلواتُ الله عليها في بيتِها أبداً، يعني إخراجٌ للزهراء صلواتُ الله عليها مِن بيتِها قسراً وهذه مسألةٌ سياسيّة؛ فهُم طلبوا ذلك لأنّهم لا يُريدون أن تبقى الزهراء صلواتُ الله عليها في بيتِها تستقبِلُ نساءَ المُهاجرين والأنصار الّلاتي يأتينَ لتعزيتِها ولمُشاركتِها مُصابِها برسولِ الله لذلك طلبوا مِن أميرِ المؤمنين صلواتُ الله عليه بعد ذلك أن لا تبكي الزهراء صلواتُ الله عليها في بيتِها أصلاً وأن لا تُقيمَ أحزانَها،
والسبب: لأنّ بيتَها مُلاصِقٌ للمسجد، والقوم كانوا يتجسّسون على بيتِ الزهراء صلواتُ الله عليها فيسمعون بُكاءها وتصِلُ إليهم الأخبارُ بأنّ نساءَ المهاجرين والأنصار يزُرنَها والقوم لا يُريدون هذا الوضع: أنّ نساءَ الصحابةِ ونساءَ المُسلمين ما بين خارجاتٍ و داخلاتٍ على الزهراء صلواتُ الله عليها وهي تتحدّثُ إليهِنَّ عن ظُلامتِها وظُلامةِ سيّدِ الأوصياء لأنّها ستُؤثّرُ على النساءِ والنساءُ يُؤثِّرنَ على الرجال وقد يُسبِّبُ ذلك هياجاً في المدينةِ ويُؤدّي لانفلاتِ الأمرِ مِن أيديهم وينقلبُ الأمرُ عليهم، لذلك تذرّعوا بهذه الذريعةِ وقالوا لأميرِ المؤمنين إمّا أن تسكُتَ فاطمةُ صلواتُ الله عليها أو أنّها إذا أرادت أن تبكي فعليها أن تخرجَ مِن البيت!

✦ قولُ الزهراء صلواتُ الله عليها: (يا أبا الحسن ما أقلَّ مَكثي بينهم وما أقرب مَغيبي مِن بين أظهُرِهم) عبارةٌ في غايةِ الوجع إنّها تنعى نفسَها هنا، فهي تعلمُ أنّها أوّلُ مَن يلحقُ برسولِ اللهِ مِن أهلِ بيتِه!

✦ النقطةُ الأخرى الّتي لابُدّ مِن بيانِها هي: أنّ الزهراء صلواتُ الله عليها قبل أن يبني لها سيّدُ الأوصياء بيتَ الأحزان كانت تخرجُ لمنطقةٍ قريبةٍ مِن البقيعِ وتجلسُ عند شجرةِ أراكٍ هناك، فكانت تستظِلُّ بهذه الشجرةِ مع الحسن والحسين وزينب صلواتُ الله عليهم وتبكي عندها تُجدّدُ أحزانَها على رسولِ الله،
ولكن الّذي حصل هو أنّ عُمرَ بن الخطّاب قام بقطْع هذه الشجرةِ نصْباً وعداءً للزهراء صلواتُ الله عليها وإغراقاً في ظُلمِها ومَنْعها مِن البُكاء على أبيها ومنعِها مِن نشرِ ظُلامتِها، وسعياً في إخراجِها مِن ديارِها بغَيرِ حقّ! كما يُشير القرآنُ لذلك في قولِهِ تعالى: {الّذين أُخرجِوا مِن دِيارِهم بغَيرِ حقّ} كما تقدّم

●➼‌┅═❧═┅┅───┄
🔘 @alwilaya
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
أَسَاسُ التَّطَهُّر وَالتَّطْهِير هُوَ وِلَايَةُ عَلِيِّ.
:
❂ يقولُ إمامُنا الصدق صلواتُ الله عليه: (لو أنّ عدوَّ عليٍّ جاء إلى الفُرات، وهو يزخُّ زخيخا، قد أشرفَ ماؤُهُ على جنبتَيهِ، فتناولَ منهُ شربةً وقال: بسم الله، فإذا شربها قال: الحمد لله، ما كان ذلك إلّا مِيتةً أو دَماً مَسْفُوحاً أو لحْمَ خنزير)! [بحار الأنوار: ج27]

[توضيحات]
✦ الإمام اختار (الفُرات) في حَديثهِ لِما في نهر الفرات مِن خُصوصيّةٍ في ثقافة أهل البيت مِن جهةِ طهارتِهِ، ومِن جهةِ بركتِهِ، ومِن جهةِ فَضْلِ الغُسل فيه، وفَضْلِ الشُربِ مِنه، وفَضْلِ مائهِ، وفَضْل التطهُّر فيه، والروايات كثيرةٌ في فضل ماء الفرات

✦ معنى (يزخُّ زخيخا) أي يتدافعُ ويجري جرياناً سريعاً بحيث تكادُ أمواجهُ أن تخرجَ عن جانبيه فهو ماءٌ كثيرٌ جاري، ويُفترض بالماءِ الكثير الجاري أن يُطهّر كلَّ شيءٍ يُلامِسهُ ولكنّهُ هُنا في هذا المشهد الذي وَصَفهُ الإمام لا يُطهّر أعداء عليّ صلواتُ الله عليه، بل يَزيدهم نجاسةً ورِجساً إلى رِجْسهم ونجاستهم!

✦ قوله (فتناول بكفّهِ وقال: بسم الله، فلمّا فرغ قال: الحمد لله،) يعني أنّ هذا المُخالف لِعليّ وآلِ عليٍّ حتّى لو جاءَ بالطُقوس والمُستحبّات (مِن التسميّة، والتحميد) وهذهِ إشارة إلى أنّ هذا الشخص يدّعي أنّه على الإسلام، لقولهِ بسم الله قبل الشُرب وإتيانهِ بالتحميد بعد الشرب ولكن رُغم ذلك الإمام يقول: (ما كان ذلكَ -أي الماء الذي لامسهُ بيدهِ لِيشرب- إلّا دَماً مسفوحاً أو لحمَ خنزير) وهذا ليسَ تعبيراً مجازياً هذا الماء فِعلاً يكون دَماً مسفوحاً؛ لأنّ حقائق الأعمال مَوجودة في هذهِ الحياة.

فلو أنّ هذا المُعاند لعليٍّ صلواتُ الله عليه تطهّر بهذا الماء وتوضّأ ما كان ذلك الماء طهوراً لهُ، بل كان تَنجُّساً وزيادةً لهُ في النجاسة لأنَّ الذي يُعرِض عن عليٍّ صلواتُ الله عليه فإنّه يذهب إلى جهة أعداء علي صلواتُ الله عليه إلى {المِيتة والدَمَ ولَحمَ الخِنزيرِ وما أُهلَّ به لِغير الله} الاتّجاه يكون بهذهِ الجهة، لأنّ هذهِ العناوين في ثقافة الكتاب والعترة هي عناوين أعداءِ عليٍّ وآل عليّ صحيح أنّ الوجه الأوّل والأُفُق الظاهر للآية هو الحديث عن مُحرّمات معروفة ومذكورة في كُتُبنا الفِقهية والشرعيّة لكنّ آيات القُرآن آفاقُها عديدة

في أفقِ الحقيقة هذهِ العناوين هي عناوينُ أعداءُ عليٍّ وآل علي، كما وردَ في كلماتهم الشريفة صلواتُ الله عليهم إذ يقول إمامُنا الصادق صلواتُ الله عليه: (ونحنُ الآيات ونحن البيّنات، وعدوُّنا في كتابِ الله عزّ وجلّ: الفحشاء، والمُنكر، والبغي، والخَمْر، والمَيسر، والأنصاب والأزلام، والأصنام، والأوثان، والجبت والطاغوت، والمِيتة والدم ولحم الخنزير..) فهذه العناوين (المِيتةُ والدم ولحم الخنزير) هي عناوينٌ لِعداء عليّ وآل عليّ والرواية هُنا تُريد أن تُؤكّد هذا القانون: أنّ أساسَ كُلِّ شيءٍ وأساسَ التطهُّرِ والتطهير هُو: ولايةُ عليّ.

فالماءُ الكثيرُ الجاري المُعتصم لا يملكُ قُدرةً ذاتيّةً على التطهيرِ مِن تلقاءِ نفسهِ، وإنّما يَستمدُّ قُدرتَهُ على التطهيرِ مِن (ولايةِ عليٍّ) التي تُمثّلُ الطهورَ الأعظم كما يُشيرُ إلى ذلك رسول الله صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم حين يقول: (وإنّ أعظمَ طَهور الصلاةِ التي لا تُقبَلُ الصلاةُ إلّا بهِ، ولا شيئاً مِن الطاعاتِ مع فقدهِ: مُوالاة محمّدٍ صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله وأنّهُ سيّدُ المرسلين، وموالاةُ عليٍّ وأنّهُ سيّدُ الوصيّين، وموالاةُ أوليائهما، ومعاداة أعدائهما..) [تفسير الإمام العسكري]

مِن دُون الولاء لعليٍّ وآلِ عليٍّ فإنّ هذا الماءَ النظيفَ الكثيرَ الجاري ليس فقط لا يُطهّر، بل إنَّه يتحوّلُ إلى نجاساتٍ تُنجّسنا أكثر فأكثر! لأنّ نجاسةَ العداوة لعليٍّ صلواتُ الله عليه ونجاسةَ البُغض لِعليٍّ صلواتُ الله عليه تسري إلى المـاء فتُحِيلُهُ إلى مِيتةٍ ودمٍ مسفوحٍ ولحمَ خنزير يعني نجاسات فوق نجاسات!

●➼‌┅═❧═┅┅───┄
🔘 @alwilaya
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
أَعْظَمُ الطَّهُورُ هُوَ وِلَايَةُ أَهْلِ الْبَيْتِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ
:
❂ يقول إمامُنا الحسن العسكري وهو يُحدّثُنا عن جدّهِ سيّد الأنبياء، يقول: (قال رسولُ الله صلّى الله عليه وآله: مِفتاحُ الصلاةِ الطَهور، وتحريمُها التكبير، وتحليلها التسليم، ولا يقبلُ اللهُ صلاةً بغيرِ طَهور، ولا صَدَقةً مِن غلول -الغلول: الخيانة أو السرقة- وإنّ أعظمَ طَهورِ الصلاة التي لا تُقبلُ الصلاةُ إلّا بهِ ولا شيئاً مِن الطاعات مع فقدِه: مُوالاةُ محمّدٍ صلّى‌ الله‌ُ عليه‌ وآله وأنّه سيّدُ المُرسلين، ومُوالاةُ عليٍّ وأنّهُ سيّد الوصيّين، وموالاةُ أوليائهما ومعاداةُ أعدائهما) [تفسير الإمام العسكري]

[توضيحات]
✦ قوله: (مِفتاحُ الصلاة الطَهور، وتحريمُها التكبير، وتحليلها التسليم) المُراد مِن تحريمها: يعني موضعَ تقديسها وموضعَ إبتدائها وموضعَ إحترامِها يكونُ مِن التكبير، أي مِن تكبيرة الإحرام، وأمّا المُراد مِن تحليلها التسليم أي أنّ حُدودَ قُدسيّتِها الواجبة تنتهي بنهاية التسليم

هناك طَهوران في هذه الصلاة:
الطهورُ الأوّل: الطَهور الأصغر وهو "الوضوء" الذي لهُ شرائط فنحنُ بحاجةٍ إلى الطَهور الأصغر وهو الوضوء لأجل أن نشرعَ بأفعال الصلاة، لأنّنا مِن دُون هذا الوضوء لا نستطيعُ أن نشرعَ بأفعالِ الصلاة ستكونُ الأفعالُ ناقصةً مِن دُون طَهور وهذا هو الجانبُ الجَسَدي المادّي مِن الصلاة والجَسَد مِن دُون رُوح ميّت يتحوّلُ إلى جُثّةٍ هامدة وإلى جيفةٍ نتنة!

فحتّى هذا الوضوء المحسوس بالماء لا يصحُّ مِن العبد إلّا بعد أن يمتلئَ قلبُهُ بولاية عليٍّ أمّا الذي يتوضّأ وقلبُهُ خالٍ مِن ولايةِ عليٍّ فإنّ وُضوءَهُ باطل فلا معنى للوضوء الأصغر أيضاً إلّا بولاية عليٍّ ولهذا يقول إمامُنا الصادق: (سواءٌ لِمَن خالفَ هذا الأمر صلّى أو زنى) يعني أنّ مَن خالفَ عليّاً وآلَ عليٍّ فالأمرُ سيّان عند اللهِ صلّى هذا الشخصُ أم زنا، لا يُوجد فارقٌ بين صلاتهِ و زناه!

وفي رواية أُخرى يقولُ صادق العترة: (لا يُبالي الناصبُ صلّى أم زنى، وهذه الآيةُ نزلت فيهم: {عامِلَةٌ ناصِبةٌ تصلى ناراً حامية}) فحين تقول الرواية: (وإنّ أعظمَ طَهُور الصلاة) فهي تُشير إلى أنّ الطهارة على مَراتب الطهارةُ الحسيّةُ الماديّة على مَراتب، والطهارةُ المعنويةُ على مَراتب أيضاً فهناك طهورٌ عظيم وهناك أعظم والطَهور الحسِّي يكونُ شرطاً في أداءِ الصلاة أي شرطاً في سلامةِ في جَسَد الصلاة وأفعالها من ركوعٍ وسجود

أمّا المعنى الحقيقي للصلاة فيحتاجُ إلى "الطَهور الأعظم" الّذي يتحدّثُ عنه رسولُ الله هنا فيقول: (وإنّ أعظمَ طَهُور الصلاة الّتي لا تُقبَلُ الصلاةُ إلّا بهِ ولا شيءٌ مِن الطاعاتِ مع فَقدِه: مُوالاةُ محمّدٍ وأنّهُ سيّدُ المُرسلين ومُوالاةُ عليٍّ وأنّه سيّدُ الوصيّين ومُوالاةُ أوليائهما ومُعاداةُ أعدائهما) هذا هو أعظمُ طَهورُ الصلاة، أيُّها الباحثون عن الطهارةِ والتطهُّر

الطَهورُ الأعظم هو ولايةُ محمّدٍ وآلِ محمّد صلواتُ اللهِ عليهم أمّا هذا الوضوء والتيمم والغُسل فهذا طَهورٌ أصغر، وعلينا أن نتذكّرَ هذه الحقيقة إذا ما وقفنا لوضوء الصلاة فنحنُ حين نقول في مُستحبّاتِ الوضوء: (الحمدُ للهِ الذي أنزلَ مِن السماءِ ماءاً طَهوراً) الماءُ الطَهورُ الحقيقي الذي أُنزِل مِن السماء هو الحقيقة المُحمّديّة وبعبارةٍ أدق: الماءُ الحقيقي والطَهور الحقيقي هو إمامُ زمانِنا كما يقولُ إمامُنا الباقر حين سُئِل عن قوله تعالى: {قُل أرأيتُم إنْ أصبحَ ماؤُكم غَوراً فمن يأتيكم بماءٍ مَعين} قال: (نَزَلت في الإمامِ القائم، ثُمّ ثقال: {إنْ أصبحَ ماؤُكم غَوراً} أي إنْ أصبحَ إمامُكم غائباً عنكم لا تدرون أين هو، فمن يأتيكم بإمامٍ ظاهرٍ يأتيكم بأخبارِ السماواتِ والأرض، وحلالِ الله وحرامه؟! ثُمّ قال: واللهِ ما جاء تأويلُ هذه الآية ولابُدّ أن يجيء تأويلُها) [كمال الدين]

سيّدي يا بقيّة الله:
نشهدُ أنّك الطَهورُ الأعظم، أنت طَهورُ صلاتِنا وطَهورُ صيامنا، كما نُخاطبُك في زيارتِك الشريفة: (أشهدُ أنّ بولايتكَ تُقبَلُ الأعمال وتُزكّى الأفعال وتُضاعَفُ الحَسَنات، وتُمحى السيّئات، فمَن جاء بِولايتِكَ واعترفَ بإمامتِكَ قُبِلَتْ أعمالُهُ وصُدِّقتْ أقوالُهُ وتضاعفتْ حَسَناتُهُ ومُحيَتْ سيّئاته، ومَن عَدَلَ عن ولايتِكَ وجَهِلَ معرفتكَ واستبدلَ بك غيركَ كبّهُ اللهُ على منخرهِ في النار، ولم يقبل اللهُ له عَمَلاً ولم يُقِم له يوم القيامةِ وزناً)

وولايةُ إمامِ زمانِنا هي ولايةُ محمّدٍ وعليٍّ وآلهما الأطهار والتي مظهرُها الفعلي بمُوالاة أوليائهم ومُعاداة أعدائهم ومَظهرُها القولي هو الصدعُ بالشهادة الثالثة المقدّسة بعد الشهادة الثانية المُشرّفة هذا هو الطهور الحقيقي فطهارةُ الدين، وطهارةُ القلب وطهارةُ العقل إنّما تتحقّقُ بعليٍّ وآل عليّ صلواتُ الله عليهم

●➼‌┅═❧═┅┅───┄
🔘 @alwilaya
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
هَلَكَ المُسْتَعْجِلُونَ، وَنَجَا المُسَلِّمُونَ
:
❂ يُحدّثنا إبراهيم بن هلال، يقول: (قلتُ لأبي الحسن الإمام الكاظم عليه السلام: جُعلتُ فداك، مات أبي على هذا الأمر -أي على التشيّع والولاء لأهل البيت- وقد بلغتُ مِن السنين ما قد ترى -أي كبُرَ سنّي كثيراً- أفأموتُ ولا تُخبرني بشيء؟! فقال الإمام: يا أبا إسحاق أنت تعجل. فقلتُ: إي واللهِ أعجل، ومالي لا أعجل وقد كَبُرَ سِنّي وبلغتُ أنا مِن السِنِّ ما قد ترى! فقال الإمام: أما واللهِ يا أبا إسحاق ما يكونُ ذلك حتّى تُميّزوا وتُمحَّصُوا، وحتّى لا يبقى منكم إلّا الأقل، ثمّ صعّر كفّه -إشارة لقلّة الناجين-) [غيبة النعماني]

[توضيحات]
✦ قول السائل: (أفأموتُ ولا تخبرني بشيء؟!) يعني ألا تُخبرني عن وقتِ رجوعِ الأمرِ إلى أهلِ البيت؟! باعتبار أنّ الشيعةَ كانوا يعيشونَ حالةً مِن الضيقِ والضنك، فمُراد السائل أن يفتحَ له الإمام شيئاً مِن الأملِ ويُخبِرُهُ عن الوقتِ الذي يعودُ فيه الأمرُ لأهلِ البيتِ عليهم السلام

أمّا قول الإمام: (أنت تعجل) فالاستعجالُ على نحوين:
١- مرّةً الإنسان يدعو بتعجيلِ الفرج، أو يتشوّقُ إلى إمامِ زمانهِ، أو يستغيثُ بإمام زمانهِ، ولكن مِن دون الاقتراحِ على الله وعلى الإمام المعصوم، بمعنى: مِن دون أن يُثيرَ الاعتراضَ والتساؤلاتِ فيقول: لماذا لا يظهرُ الإمامُ لحدِّ الآن وهذا هو الوقتُ المناسبُ لظهوره؟ فهذا النوع مِن التفكير ومِن التساؤلات هو استعجال، وهو ردٌّ على الحكمةِ المعصوميّة فالإمامُ عالمٌ بالوقتِ الذي يظهرُ فيه، فحِكمةُ المعصوم هي التي تُحدّدُ هذا المعنى وتُحدّدُ ميعادَ الفرجِ المُناسب، وليس حكمتُنا وليس فهمُنا وليست مداركُنا نحنُ هي التي تُحدّدُ الوقتَ المناسب لظهورِ الإمام

فحين يرى البعض في نفسهِ هذا المعنى أنّ الإمامَ الحُجّةَ قد تأخّرَ في ظُهورِهِ وأنّ هذا هو الوقتُ المُناسبُ لظهورِهِ فيتساءل ويقول: لماذا لا يظهر الآن؟! سواء يقولُ ذلك بلسانِهِ أو يُضمِرُ ذلك في نفسِهِ على نحو الاعتراضِ أو الاقتراح على إمامِهِ فهذا ردٌّ على الإمام، وهو نوع مِن الاستعجال! والاستعجالُ مذمومٌ في حديثِ العِترة، كما ورد في رواياتِهم الشريفة: وهَلَك المُستعجلون

٢- أمّا إذا كان الإنسانُ يتشوّقُ إلى إمامِ زمانِهِ يعني شوقاً يقول: متى يظهرُ إمامُ زمانِنا؟! ويدعو بتعجيلِ الفرج وكان قادراً على التمهيدِ لإمامِ زمانِهِ سواء التمهيد في نفسِه؛ بأن يُصحِّح عيوبَهُ ويسعى في تحصيلِ معرفةِ إمامِهِ، أو التمهيدِ في الناس بأن يُعرِّفَ الناسَ إمامَ زمانِهم بعد تحصيلِهِ لمعرفةِ إمامِهِ فهُنا يجبُ عليه أن يُمهِّدَ لإمامِ زمانِهِ، فهذا السعيُ الحثيثُ والعملُ الجادُّ في ساحةِ التمهيد لا يدخلُ في دائرةِ الاستعجالِ المذموم بل هو مِن مصاديقِ وصورِ الانتظار لإمامِ زمانِنا الذي هو أفضلُ العبادة بعد المعرفة كما يقولُ إمامُنا الكاظم، فهو سعيٌ عمليٌّ لتعجيلِ الفرج وليس الاستعجال

الاستعجالُ المذمومُ هو أن يكونَ الإنسانُ مُقترِحاً على الله وعلى الإمام المعصوم، فيُحدّدَ الوقتَ المناسبَ لظهورِ الإمام، فهذا استعجالٌ، وهو مذمومٌ في كلماتِ أهلِ البيت كما نقرأ في دعاء زمن الغَيبة: (وأنت العالمُ غيرُ المُعلَّم بالوقتِ الذي فيه صلاحُ أمر وليّك في الإذن له بإظهار أمره وكشف ستره فصبّرني على ذلك حتّى لا أُحبَّ تعجيل ما أخّرتَ ولا تأخير ما عجّلتَ ولا كشف ما سترتَ ولا البحث عمّا كتمتَ، ولا أُنازعك في تدبيرك ولا أقول: لِمَ وكيف وما بالُ وليّ الأمر لا يظهر وقد امتلأت الأرضُ مِن الجور؟! وأُفوّض أُموري كلّها إليك)

فإمامُنا الكاظم فهِمَ مِن كلامِ هذا السائل أنّه يستعجلُ أمرَ فرجِ الإمام الحجّة، ولذا قال للإمام: (وقد بلغتُ مِن السنين ما قد ترى، أفأموتُ ولا تُخبرني بشيء؟) فقال له الإمام: أنت تعجل

✦ قول الإمام: (أما والله يا أبا إسحاق ما يكونُ ذلك حتّى تُميَّزوا وتُمحَّصوا) هذا التعبير (أما والله) مع القَسَم يُرادُ مِنه تنبيهُ المُستمع للكلام الذي سيأتي لأنّه كلامٌ مهم جدّاً

• وقوله: (حتّى تُميّزوا وتُمحّصوا وحتّى لا يبقى منكم إلّا الأقل) هذه إشارة إلى شِدّة التمحيص وشدّة التمييز والغربلة وشدّةِ الابتلاءات والاختبارات الدقيقة والفتن التي تمرُّ بالشيعةِ في زمان الغَيبة!

وعليه يجب على الإنسان أن يتّهِم نفسَه في كلّ حال، لأنّ الإنسان وفقاً لهذه الروايات هو دائماً في حالِ تمييزٍ وحالِ تمحيص، وحينئذٍ يجبُ عليه أن يرى نفسه؛ هل نجا في هذا التمييز أم سقط فيه؟ هل كان في صفِّ الذين آمنوا بآياتِ اللهِ يعني آمن بأهلِ البيتِ وكان في صفِّ مَن تمسّك بحبلِهم وثبت على ولايتِهم وأمرِهم وأطاعهم؟ أم كان في صفِّ الذين خسروا فشكّوا في أهلِ البيتِ وانحرفوا عن منهجهم القويم؟

●➼‌┅═❧═┅┅───┄
🔘 @alwilaya
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
الرَّخَاءُ وَالِانْتِعاش بَعْدَ الظُّهُورِ الْمَقْدِس
:
❂ يقولُ إمامُنا الباقر عليه السلام: (كأنّي بدينكُم هذا لا يزال مُتخضخِضاً -أي مُتحرّكاً مُرتجفاً- يفحصُ بدمِه، ثمّ لا يردّهُ عليكم إلّا رجلٌ مِنّا أهلَ البيت -وهو إمامُ زمانِنا- فيُعطيكم في السنةِ عطاءينِ ويرزقُكم في الشهرِ رِزقين، وتُؤتونَ الحكمةِ في زمانِه، حتّى أنّ المرأةَ لتقضي في بيتِها بكتابِ اللهِ تعالى وسنّةِ رسولِ الله) [الغيبة للنعماني]

[توضيحات]
الإمام هنا يُشبّهُ دِينَ أهلِ البيتِ برجلٍ جُرِحَ جراحةً عميقة، وصار ينزفُ كثيراً، وهو يفحص، أي ينوء برأسِهِ ويُحرّكُ يديهِ ورِجليهِ في هذه البركة الدمويّة! هذا حالُ دينِ أهلِ البيتِ منذُ اليومِ الذي فيه نبت المسمارُ في صدرِ الزهراء! لازال هذا الدينُ يسبحُ في بحرٍ مِن دماءِ صدرِها الشريف ودماءِ مُحسنِها الذي وقع بين البابِ والجدار! ولازال هذا الدينُ يغطُّ في تلك الدماءِ التي سالت في محرابِ مسجدِ الكوفة! ولازال يسبحُ في بحرٍ مِن دماءِ حسينٍ وآلِ حسين! فمُنذ اليومِ الذي سُفكت فيه دماءُ العترةِ وإلى يومنا هذا ودينُ أهلِ البيتِ لايزالُ موليّاً مُبعَداً عن الساحةِ يفحصُ بدمِهِ!

✦ قولِهِ: (ثمّ لا يردّهُ عليكم إلّا رجلٌ مِنّا أهلَ البيت) أي لا يُعيدُ الحياةَ لهذا الدين المذبوح إلّا إمامُ زمانِنا، كما نُخاطبِهُ في دعاءِ الندبة: (أين مُحيي معالم الدينِ وأهلِه) فمَعالمُ الدينِ ميّتة، وأهلُ الدينِ أمواتٌ أيضاً، أمواتٌ بجهلِهم وإن كانت الناسُ تُسمّيهم علماء فالجهلُ موتٌ كما يقولُ سيّدُ الأوصياء: (الجاهلُ ميّتٌ وإن كان حيّاً) يعني وإن كان هذا الشخصُ حيّاً بجسدِهِ يمشي على الأرض بين الناس لكنّه في حقيقتِهِ ميّتٌ بسببِ جهلِهِ بمعرفةِ إمامِ زمانِهِ، ولذا يقولُ إمامُنا الصادق: (مَن بات ليلةً لا يعرفُ فيها إمامَ زمانِهِ مات ميتة جاهليّة)

وهذا الحديثُ أخطرُ مِن الحديثِ النبوي الذي يقول: (مَن مات ولم يعرف إمامَ زمانِهِ مات مِيتةً جاهليّة) لأنّ الإمامَ الصادق يقول: مَن بات ليلةً واحدة وليس مَن مات، يعني حتّى لو كان الشخصُ شِيعيّاً وبات ليلةً واحدةً لم يزدد فيها معرفةً بإمامِ زمانِه، فإنّه يزدادُ جاهليّةً ويموتُ مِيتةً بعد مِيتة وهو لا يشعر! وهذا معنى قولِ إمامِنا الكاظم: (مَن استوى يوماهُ فهو مغبون) أي مَن استوى يوماهُ في حُبِّ أهلِ البيتِ وفي معرفتِهم ولم يزدد معرفةً بهم فهو مغبون، يعني خائب وغيرُ مُوفّق، فما بالُك بمَن يكونُ يومُ أمسِهِ في معرفةِ أهلِ البيتِ أفضلَ مِن يومِه!

فكما أنّ هناك درجاتٌ كثيرة للمعرفة، فهناك تُقابلُها أيضاً درجاتٌ كثيرة للمِيتةِ الجاهليّة، فالموتُ الحقيقيّ هو عدمُ معرفةِ إمامِ زمانِنا، كما يقولُ إمامُنا الباقر في معنى قوله: {أو مَن كان ميتاً فأحييناهُ وجعلنا له نُوراً يمشي به في الناس} قال: (الميّت الذي لا يعرفُ هذا الشأن -أي أمرَ الولاية- وقوله: {فأحييناهُ وجعلنا له نُوراً} قال: جعلنا له إماماً يأتمُّ به، وقوله: {كمَن مَثَلُهُ في الظُلماتِ ليس بخارجٍ منها} قال: الذي لا يعرفُ الإمام) [تفسير البرهان]

فالمِيتةُ الجاهليّة هي مِيتةُ هذا الشخص الذي لا يعرفُ إمامَ زمانِه، وأمّا الحياةُ الحقيقيّة فهي حياةُ القُلوبِ والعقولِ واستنارتُها بنُورِ معرفةِ إِمام زمانِنا والمشكلّة الكبرى هي أنّ الأمّةَ بكاملِها عند ظُهورِ إمامِ زمانِنا تكونُ في جاهليّة، كما يقولُ سيّدُ الأوصياء: (اعلموا عِلماً يقيناً أنّ الذي يستقبلُ قائمَنا مِن أمرِ جاهليّتِكم، وذلك أنّ الأمّةَ كلّها يومئذٍ جاهليّة، إلّا مَن رَحِم الله) وهذا نفس المضمون الوارد في دعاء الندبة: (أين مُحيي معالمِ الدينِ وأهلِه) فمعالمُ الدينِ ميّتة لأنّها هُجِرت، وأهلُ الدينِ أمواتٌ أيضاً بجهلِهم وجهالتِهم

✦ قولِهِ: (فيُعطيكم في السنةِ عطاءينِ ويرزقُكم في الشهرِ رِزقين) في الأزمنةِ القديمة كان الملوكُ في بعض الدول يُعطونَ الناسَ مؤونةً سنويّةً مرّةً في السنة، ويُعطون راتباً شهريّاً مرّةً في الشهر، أمّا إمامُ زمانِنا فإنّه لا يفعلُ هكذا، وإنّما يُعطي راتبينِ كاملينِ في الشهرِ الواحد، ويُعطي في السنةِ عطاءين واسعين،

✦ قولِهِ: (وتُؤتونَ الحكمةَ في زمانِه) إذا كانت رواياتُ العترة تُخبرنا بأنّ أولياءَ الإمامِ الحجّة المخلصين تصلِهم الحكمةُ مِن إمامِ زمانِهم صباحاً ومساء في زمان الغَيبة، فتتفجّرُ ينابيعُ الحكمةِ مِن قلوبِهم على ألسنتِهم، فما بالكم في زمانِ الظهورِ وزمنِ ارتقاءِ العقولِ والمعارف وانتشارِ العلمِ الواسع!

✦ أمّا قوله: (حتّى أنّ المرأةَ لتقضي في بيتِها بكتابِ اللهِ تعالى وسُنّةِ رسولِ الله) أُشيرَ للمرأةِ هنا لأنّ المرأة في زمانِ إمامِنا الباقر ما كانت تُشاركُ في مجالِ العِلمِ بشكلٍ واسع، وإنّما تُشارك بنحوٍ محدود، لذا جاء الإمام بالمرأة مثالاً

●➼‌┅═❧═┅┅───┄
🔘 @alwilaya
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
أيُّهما أهمُّ طعامُ الأبدانِ أم طعامُ العقول؟
:
❂ يقول إمامُنا المُجتبى صلواتُ اللهِ عليه: (عجبتُ لمَن يتفكّرُ في مأكولِهِ كيف لا يتفكّرُ في معقولِهِ -أي في طعام عقله- فيُجنِّبُ بطنَهُ ما يُؤذيه، ويُودِعُ صَدْرَهُ ما يُرديه) [البحار: ج١]

[توضيحات]
معنى "يُودِعُ صدرهُ ما يُرديه": أي يُودِعُ صدرَهُ مِن الفِكرِ المُخالفِ لأهلِ البيتِ ما يكونُ سَبَباً لهلاكِهِ! وهذا المضمونُ هو نفسُهُ الذي أشار إليه إمامُنا الباقرُ حين سُئل عن معنى قولِهِ تعالى: {فلينظر الإنسانُ إلى طعامِهِ} إذ يقول: (أي فلينظر الإنسانُ إلى عِلْمهِ عمّن يأخذُهُ) [الاختصاص]

وهو نفسُ المضمون أيضاً الموجودِ في حديثٍ لسيّدِ الأوصياء يقولُ فيه: (مالي أرى الناسَ إذا قُرِّبَ إليهم الطعامُ ليلاً تكلّفوا إنارةَ المصابيحِ ليُبصروا ما يُدخلونَ بُطونَهم، ولا يهتمُّون بغذاءِ النفسِ بأن يُنيروا مصابيحَ ألبابِهِم بالعِلْمِ ليَسْلموا مِن لواحقِ الجهالةِ والذنوبِ في إعتقاداتِهم وأعمالِهم!) [مستدرك سفينة البحار]

هذا المضمونُ الذي تحدّث عنه إمامُنا المُجتبى وسائرُ أئمتِنا الأطهار بخُصوصِ طعامِ العقول يقودُنا للتفكّرِ في هذه السطورِ التي وردت في دعاءِ إمامِنا الجواد لدخولِ شهرِ رمضان، حين يقول: (اللّهُمّ ارزقنا الإفطارَ مِن رزقِك الحلال، الّلهُمّ سهّل لنا فيه ما قسمتَهُ مِن رزقِك، ويسّر ما قدّرتَهُ مِن أمرِك، واجعلَهُ حلالاً طيّباً نقيّاً مِن الآثامِ خالصاً مِن الآصارِ والأجرام، الّلهُمّ لا تُطعِمنا إلاّ طيّباً غير خبيثٍ ولا حرامٍ واجعل رزقَك لنا حلالاً لايشوبُهُ دنسٌ ولا أسقام..)

لاحظوا مقدارَ التركيزِ على الطعامِ النقي الحلالِ في هذا المقطعِ القصيرِ مِن دعاءِ الإمام فإذا كان أهلُ البيتِ يشترطونَ هذا القدرَ مِن الطُهرِ والنقاءِ في "طعامُ البطون" وأن يكونَ مِن مصدرٍ معصوم، كالطعامِ الذي يأتي مِن ثمارِ الأرض أو مِن الأنعامِ المُباحة، فما بالكم بطعامِ العقول! قطعاً سيكونُ التشديدُ على ضرورةِ حِليّةِ طعامِ العقولِ أكبر، لأنّ طعامَ العقولِ إن لم يكن طاهراً حلالاً مِن مصدرٍ معصوم فإنّه سيُهلِكُ صاحبَه قطعاً كما يُقولُ إمامُنا المُجتبى، ولا يُوجد مصدرٌ نقيٌّ طاهرٌ حلالٌ طيّبٌ لطعامِ عُقولِنا سوى ما جاء عن أئمتِنا الأطهار عليهم السلام كما يقولُ إمامُنا الباقرُ صلواتُ اللهِ عليه: (كلُّ ما لم يخرج مِن هذا البيتِ فهو باطل) [البحار: ج2]

ولذا قال إمامُنا الباقرُ لسَلَمةَ بن كُهيل وللحَكَم بن عتُيبة وهما مِن مصاديقِ المُنحرفينَ عن أهلِ البيت قال لهما: (شرِّقا وغرِّبا، فلا تجدانِ عِلْماً صحيحاً إلّا شيئاً خرج مِن عِندنا أهلِ البيت) [الكافي الشريف: ج1]

ونفس هذا المعنى قالهُ أيضاً إمامُنا الباقرُ حينما ذكروا عندهُ الحسَنَ البصري، قال:  (فليذهب الحسنُ -البصريُّ - يميناً وشِمالاً، لا يوجدُ العِلمُ إلاّ عِند أهلِ بيتٍ نزل عليهم جبرئيل) [البحار: ج2]

فأحرَمُ الحرامِ في ثقافةِ أهلِ البيتِ هو العِلْمُ الحرام وهو العِلمُ المأخوذُ مِن كُتُبِ المُخالفين لأهلِ البيت سواء كانت المعلوماتُ قليلةً أو كثيرة، لا فرق لأنّها ستُدمِّرُ عقيدةَ الإنسان والأشدُّ خُطورةً في الطعامِ الحرام: "الطعامُ المغشوش" وهو الطعامُ الذي خُلِطُ فيه الحلالُ الطيّبُ بالطعامِ الخبيثِ الحرام! وحديثُنا هنا عن طعامِ العقول وهذه هي مُشكلتُنا الكبرى في الواقعِ الشيعي!

فما يُطرَحُ في ساحةِ الثقافةِ الشيعيّة إن كان في المكتبةِ الشيعيّة، أو ما يُطرَحُ في أكثرِ الفضائيّاتِ الشيعيّة أو على المنابر هذا الفِكرُ الذي يُطرَحُ فِكرٌ هجينٌ مِسْخ، عبارة عن خليط بين شيءٍ يسيرٍ جدّاً مِن حديثِ أهلِ البيت وبين الكثيرِ والكثيرِ مِن الفِكرِ المخالفِ لأهلِ البيت!
ولكن يُقدَّمُ هذا الخليطُ الهجينُ للناسِ على أنّه فِكرُ أهلِ البيت والحال أنّه فِكرٌ هجينٌ مِسْخ لا علاقةَ له بأهلِ البيت! وتلك هي أُمُّ الفِتنِ وأساسُها، كما يقولُ سيّدُ الأوصياء: (أيُّها الناس، إنّما بِدءُ وقوعِ الفِتنِ أهواءٌ تُتَّبعُ، وأحكامٌ تُبتَدعُ، يُخالَفُ فيها كتابُ الله يتولّى فيها رِجالٌ رِجالاً، فلو أنّ الباطلَ خَلُصَ لم يَخْفَ على ذِي حِجى -أي لم يخفَ على أصحابِ العقول- ولو أنَّ الحقَّ خَلُصَ لم يكُن إختلاف، ولكن يُؤخذُ مِن هذا ضِغْثٌ ومِن هذا ضِغثٌ -أي يؤخذُ جزءٌ مِن الحقِّ وجزءٌ من الباطل- فيُمزجانِ فيجيِئانِ معاً! فهنالك استحوذ الشيطانُ على أوليائِهِ، ونجا الذين سبقت لهم مِن اللهِ الحسنى) [الكافي: ج1]

فطعامُ العقولِ المغشوشِ أخطرُ بكثيرٍ وكثيرٍ جدّاً مِن طعامِ البطونِ المغشوش لأنّ فيه هلاكُ الإنسان فلنتأمّل!

●➼‌┅═❧═┅┅───┄
🔘 @alwilaya
2024/12/24 16:37:20
Back to Top
HTML Embed Code: